صحوة مسيحي روحيًا
إنني طفل من جيل الثمانينيات، وولِدت في أسرة مزارعين عادية. كان أخي الأكبر دائمًا معتل الصحة ومريضًا منذ أن كان صغيرًا. وأُصيب والدي في حادث عندما كنت في العاشرة من عمري؛ وبعد عامين أُصيب بالشلل. كان وضع عائلتنا المالي بادئ ذي بدء ضعيفًا، وغرقنا في ديون ثقيلة بسبب تكاليف علاج أبي. كان أصدقاؤنا وأقاربنا يخشون أننا لن نتمكّن أبدًا من سداد الديون، ولم يكن لديهم رغبةً في إقراضنا المال. اضطررت مغلوبًا على أمري أن أترك المدرسة في سن السادسة عشرة للعمل بعيدًا عن المنزل. وفي سكون الليل وهدوئه، كنت في أحيان كثيرة أفكر في هذا: في الصغر، كان الأطفال الذين في نفس عمري يلعبون بحرية بعد المدرسة، بينما كان عليّ أن أكون في الحقل أقوم بأعمال الزراعة؛ والآن كبروا مثلي، وما زالوا يذهبون إلى المدرسة، ويتصرّفون كأطفالٍ مُدللين مع والديهم، لكني مضطر أن أبدأ العمل في سن مبكرة، وأن أعاني كل أنواع المشقّات لدعم عائلتي. ... شكوت حينها لوالديّ وسألتهما لماذا أنجباني، وسألت لماذا جئت إلى هذا العالم لأعاني وأكدح. لكن لم يكن هناك شيء يمكنني القيام به حيال ذلك، ولم يكن بوسعي سوى أن أقبل هذا الواقع. كانت أعظم أمنياتي في ذلك الحين هي العمل بجد، وكسب المال، وجعل والديّ يعيشان بشكل مريح، وألّا يزدري بي أحد بعد الآن.
عملت في البداية في مصنع خاص لصناعة سبائك الألومنيوم. ولأنني كنت طفلاً عاملاً، كان رئيسي في العمل يعتني دومًا بطعامي وسكني عناية كبيرة. بعد عام، شعرت أن أجري كان منخفضًا للغاية، وآثرت الانتقال للقيام بأعمال رش طلاء الورنيش في مصنع للأثاث، وهو العمل الذي لم يرغب أشخاص آخرون في القيام به. في ذلك الوقت، وبغض النظر عن نوع العمل الذي كنت أؤديه، طالما لم أخالف القانون، كنت أنتقل لأقوم به إن كان بإمكاني من خلاله كسب مال أكثر. كان هدفي الوحيد أن أصبح شخصًا لديه المال، حتى لا أضطر إلى أن أحيا حياة شخص فقير مرةً أخرى. بعد ذلك، قدّمني أقاربي إلى شركة أتاحت لي الفرصة لمغادرة البلاد للعمل. لم أكن أظن أبدًا أنه بعد بضع سنوات سأسافر إلى الخارج.
في ربيع عام 2012، تحققت أمنيتي عندما جئت إلى اليابان، حيث بدأت حياتي الجديدة. انخرطت في صناعة بناء السفن، وخلال فترة التدريب المهني، وقَّعت عقدًا مدته ثلاث سنوات مع الشركة. عندما بدأت العمل، ولأنني لم أكن أعرف كيف أطبخ، أخذت آكل الشعرية سريعة التحضير لمدة شهر، حتى لم أعد أستطيع أن آكلها بسبب شعوري بالميل للتقيؤ، فاضطررت أن أتعلَّم الطبخ. لا أعرف عدد الأيام التي أكلت فيها الأرز نصف المطبوخ. كنا أجانب في اليابان، لذا كان من المحتم أن يعاملنا أرباب العمل المحليين معاملةً غير عادلة بعض الشيء. فقد جعلونا نُنفّذ مهامًا كثيرةً قذرة ومتعبة وخطِرة. وخصوصًا عندما كنت أرشّ طلاء الورنيش، كنت خائفًا إلى حد ما، لأن الغاز إذا لامس النار، فسوف يشتعل، وإذا توقفت عن الانتباه للحظة، فقد تتعرَّض حياتي للخطر. لكن لم تكن تهمّني المعاناة في حياتي أو الخطر في عملي، طالما كنت أفكر في كسب المزيد من المال لإرساله إلى عائلتي، وكذلك تَمَكّني من شراء سيارة ومنزل بعد أن أعود إلى الوطن، وأن أرفع من منزلتي لأكون أعلى شأنًا من الآخرين، وألّا أعود أعيش حياة الفقراء ولا يزدري بيّ الآخرون، فشعرت أن معاناتي في ذلك الوقت لم تكن سيئة للغاية. مَّرت ثلاث سنوات من حياتي في غمضة عين وأنا أعمل هناك، وقاربت مُدَّة تأشيرتي على الانتهاء. كانت الشركة تعمل بسياسة تجديد العقود، لذلك من أجل كسب المزيد من المال، اخترت تجديد عقدي ومواصلة العمل في اليابان. لم تمر إلّا فترة وجيزة من تجديد عقدي حتى صادفتني مفاجأة سارة، حيث تقابلت مع بشارة ملكوت الله القدير.
في سبتمبر عام 2015، أخبرتني صديقة كنت قد التقيت بها في اليابان عن عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. عندما كانت تخبرني عن الإيمان بالله، لم أكن أعتقد أن الأمر كان مثيرًا للاهتمام، واعتقدت أن هذا كان مجرد نوع من الاعتقاد. شعرت أن الإيمان بالله لن يكون قادرًا على تغيير مصيري. بعد ذلك بقليل، أخبرت صديقتي عن طريقة تفكيري، ثم سألتها: "هل يمكن أن يغير الإيمان بالله مصيري؟ إنني مجرَّد شخص سيئ الطالع، لقد عانيت كثيرًا منذ أن كنت صغيرًا. لو كنت أملك المال، لم أكن لأعاني. أعتقد الآن أن الشيء الأكثر واقعية بالنسبة لي هو كسب المال. والإيمان بالله بالنسبة لي شيء بعيد". عندما سمعتني صديقتي أتحدَّث بهذه الطريقة، قرأت لي فِقرة من كلمة الله: "مكان ذهابك كل يومٍ، وما سوف تفعله، ومن سوف تقابله وما سوف تواجهه، وما سوف تقوله، وما سوف يحدث لك: هل يمكن توقّع أيٌّ من هذا؟ لا يستطيع الناس التنبؤ بجميع هذه الحوادث، ناهيك عن التحكّم بكيفيّة تطوّرها. تحدث هذه الأحداث غير المتوقّعة في الحياة طوال الوقت، وهي حوادث يوميّة. هذه التقلّبات اليوميّة والطرق التي تكشف عنها أو الأنماط التي تظهر بها هي تذكيراتٌ دائمة للبشر بأنه لا شيء يحدث بشكلٍ عشوائيّ، وأن المسار الذي تتخذه هذه الأشياء وحتميّتها لا يمكن تغييرها بواسطة الإرادة البشريّة. كل حدثٍ ينقل إشارة من الخالق للبشر، كما يرسل الرسالة التي مفادها أن البشر لا يستطيعون التحكّم بمصائرهم. وفي الوقت نفسه، يُمثّل كل حدثٍ دحضًا لطموح البشرية الجامح الباطل ورغبتها في أن تضع مصيرها بين أيديها. ... من هذه التقلّبات اليوميّة إلى مصائر حياة البشر جميعًا، لا يوجد شيءٌ لا يكشف عن خطط الخالق وسيادته. لا يوجد شيءٌ لا يرسل الرسالة التي مفادها أن "سلطان الخالق لا يمكن تجاوزه" أو لا ينقل الحقيقة الأبديّة التي تقول إن "سلطان الخالق هو الأسمى" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)). بعدما سمعت هذا، شعرت أن هذه الكلمات منطقية للغاية، ولم يسعني إلا أن أفكّر في أن القدرة على تجديد عقدي بدت أيضًا وكأنها شيء رتَّبته السماء. كما جعلني الأمر أفكّر في الوطن الذي وُلِدت فيه، وحياتي مع عائلتي، وكل ما حدث حولي أنها أمور لم يكن لي فيها اختيار ولم أستطع توقُّعها. كان لدي شعور بأنه في مكان في الخارج هناك ملك يتحكّم في الأمور.
وقد جعلتني ّصديقتي أيضًا أقرأ هذه الفِقرة من كلمة الله: الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3) والتي تتحدَّث عن ست مراحل حاسمة يجب على الشخص المرور بها في الحياة: الميلاد: المرحلة الحاسمة الأولى؛ النمو: المرحلة الحاسمة الثانية؛ الاستقلال: المرحلة الحاسمة الثالثة؛ الزواج: المرحلة الحاسمة الرابعة، الإنجاب: المرحلة الحاسمة الخامسة؛ الموت: المرحلة الحاسمة السادسة. عندما قرأت كلمة الله، دُهشت. لم أتخيَّل أبدًا أن الله كان قد تكلم بمنتهى الوضوح عن مصير الإنسان، والحقائق هي بالفعل كما وصفها.لا يختار المرء الأسرة التي يولد فيها ولا يختار أبويه. وبعد أن يكبر، لا يرجع إليه اختيار نوعية الزوج أو الزوجة. ... كلّما تأمَّلت في هذا الكلمات، شعرت بالأكثر أنها كانت عملية للغاية، ثم بدأت في قلبي أُصدِّق ما قاله الله القدير. ليس المصير شيئًا يمكن للمرء أن يُغيّره بنفسه. ومنذ ذلك الحين، بدأت أهتم أكثر فأكثر بالإيمان بالله، وآمنت أن الله موجود، كما آمنت أن الشخص لا يتحكَّم في مصيره. لكن لأنني لم أكن أعرف الكثير عن الله، شعرت أن الله كان بعيدًا جدًا عني. ومع ذلك، لم تمر فترة طويلة بعد ذلك حتى مررت باختبار شعرت فيه بصدقٍ أن: الله بجانبي، يحرسني ويحميني.
كانت السماء تمطر في ذلك اليوم، ووصلت إلى العمل في الوقت المحدد كالمعتاد. وفي حوالي الساعة 10:00 صباحًا، كنت في موقع العمل، عندما سمعت فجأةً صوت دويّ. لم أعرف ما الذي كان قد ارتطم بالأرض، وأصابتني رعشة رعب باردةً جدًا. عندما أدرت رأسي لأنظر، صُدمت، إذ رأيت أنبوبًا حديديًا قطره 40 سم، وطوله 4 أمتار، ووزنه حوالي نصف طن، قد سقط من رافعة. لقد ارتطم بالأرض على مسافة أقل من نصف متر من حيث كنت أقف. شعرت بالرعب في تلك اللحظة لدرجة أنني عجزت تمامًا عن الكلام، واستغرقت بعض الوقت لأستعيد رباطة جأشي من هول الصدمة. كنت أصرخ في قلبي بدون توقف: "أشكرك يا الله! أشكرك يا الله!" لولا وجود الله يحرسني ويحميني، لكان الأنبوب الحديدي قد ارتطم مباشرةً بيّ، وانتهت حياتي التافهة.
بعد أن خرجت من العمل، عندما كنت أتحدَّث مع الأخوة والأخوات حول ما حدث في ذلك اليوم، شاركوني في أنها كانت حماية الله. وقرأوا لي أيضًا من كلمة الله القدير: "واجه كلّ فردٍ في الأساس على مدى حياتكم الطويلة العديد من المواقف الخطيرة ومرَّ بالعديد من التجارب. هذا لأن الشيطان يوجد بجانبك وعيونه مُثبّتةٌ عليك باستمرارٍ. إنه يُحِبُّك عندما تُصيبك الكارثة، وعندما تداهمك الشدائد، وعندما تسوء أمورك، ويُحبّ أن تسقط في شَرَكِ الشيطان. أمَّا بالنسبة إلى الله، فهو يحميك باستمرارٍ، ويحفظك من بليَّةٍ تلو الأخرى ومن كارثةٍ تلو الأخرى. ولهذا أقول إن كلّ شيءٍ يملكه الإنسان – السلام والفرح والبركات والسلامة الشخصيَّة – كلّه في الواقع تحت سيطرة الله، وهو يُرشِد ويُقرِّر مصير كلّ فردٍ" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)). بعد قراءة كلمة الله، فهمت أن الناس يعيشون كل يوم في شرك الشيطان. في أي لحظة، يمكن أن يتعرّضوا لجميع أنواع الغواية الخطِرة من الشيطان، ويمكنهم مواجهة الكوارث، والمحن، وأي قدر من الأمور المؤسفة. لولا مراقبة الله للناس وحراسته لهم، لكان الشيطان قد ابتلعهم منذ زمن بعيد. عندما أفكّر في الخطر الذي صادفته في عملي، سقوط أنبوب حديديّ وزنه نصف طن وارتطامه بالأرض على بعد نصف متر فقط مني، أعلم أن هذا لم يكن مجرَّد حظ. كان الله يحرسني ويحميني، وهو الذي أنقذني من هذه الكارثة. كل هذه السنين مرّت، ولا أعرف كم مرة تمتّعت بحراسة الله وحمايته ليّ، لكن طوال ذلك الوقت لم أعرف الله أو أعبده؛ حقًا لم يكن لدي ضمير. وابتداءً من تلك اللحظة، فهمت نعمة خلاص الله على نحو أفضل. إن قدرتي على العيش حتى الوقت الحاضر هو كله بفضل يد الله المُحِبّة التي تحرسني، وأشكر الله من صميم قلبي. قررت أيضًا أن أفعل كل ما في وسعي لاتّباع الله في المستقبل. في الأيام التي تلت ذلك، كنت في كثير من الأحيان أحضر الاجتماعات مع الأخوة والأخوات، وكنّا نقرأ كلمة الله معًا، وكنّا نتواصل ونتبادل خبرتنا ومعرفتنا بكلمات الله، وكنّا نرتّل الترانيم تسبيحًا لله. كنَّا أحرارًا ومُحرّرين في قلوبنا، نساعد بعضنا، ونعين بعضنا بعضًا في الحياة الروحية. لم ينظر إليّ أي منهم نظرةً دونيّة، ولم يكن هناك أي شخص يزدري بالفقراء ويتودد إلى الأثرياء، وشعرت أنني قادر على العيش بكرامةٍ. عندما عشت بين هذه العائلة الكبيرة، والدافئة والمباركة لكنيسة الله القدير، حدثت تغيرات تدريجيَّة في حياتي. لم أعُد أشعر بالقلق والمعاناة والفراغ كما كنت في السابق. بل شعرت أنني أكثر سعادةً ورضا مما كنت عليه في الماضي.
ذات يوم، وقع شيء لموظف قديم في شركتنا. كان يابانيًا، وكانت خبرته في الشركة تتجاوز بالفعل عشر سنوات. كان قويًا سواء من ناحية الوعي بالسلامة أو من ناحية التكنولوجيا. في ذلك اليوم، عندما كان في العمل، كان يقود شاحنة رفع، وكان يقوم ببعض الأعمال بينما كان مرفوعًا على مسافة 20 مترًا في الهواء. أثناء تشغيل الشاحنة، وبسبب عدم الانتباه، تسرَّب منها الغاز المُسال. تزامن ذلك مع وجود عامل آخر فوقه يقوم ببعض أعمال اللحام، وفجأةً سقطت شرارة واستقرَّت على ملابسه. عندما اتصل الغاز المُتسرب بالشرارة، اشتعل لهبٌ بسرعة، واندلع حريقٌ. كان العديد من الأفراد الموجودين يحدّقون بتبلّدٍ إلى هذا العامل القديم الذي أحاطت به النيران، لكنهم كانوا عاجزين تمامًا ولم يكن بإمكانهم فعل أي شيء. كان الأوان قد فات بالفعل للإتيان بشخصٍ لإنقاذه، وفي بضع دقائق مات محروقًا. عندما رأينا وقوع هذه المأساة، شعر الكثيرون بالأسف عليه، ولم يسعنا إلا أن نفكّر في حياتنا: في النهاية، ما الذي يعيش الناس من أجله؟ وبسبب شيء من هذا القبيل يحدث بالقرب مني مباشرةً، أدركت إدراكًا حقيقيًا أنه إذا ابتعد شخص عن الله، ولم يعُد يتمتع بحراسة الله وحمايته، فإن حياته تبقى غير محميَّة طوال الوقت. إن الحياة البشرية هشة للغاية وغير منيعة في مواجهة الكوارث. شعرت شعورًا عميقًا أنه بغض النظر عن مدى خبرة شخص، أو مقدار ما يملكه من مال، فهو عاجز عن تحمل مسؤولية مصيره، ناهيك عن عدم قدرته عن إنقاذ نفسه من الكوارث والموت.
بعد ذلك، قرأت فِقرةً من كلمة الله: "نظرًا لسيادة الخالق وسبق تعيينه، فإن النفس الوحيدة التي بدأت خالية الوفاض تكتسب الوالدين والعائلة، وفرصة العضويّة في الجنس البشريّ، وفرصة تجربة الحياة البشريّة ورؤية العالم؛ كما تكتسب فرصة اختبار سيادة الخالق ومعرفة عظمة الخلق الذي أبدعه الخالق، والأهمّ من ذلك كله، معرفة سلطان الخالق والخضوع له. لكن معظم الناس لا ينتهزون حقًا هذه الفرصة النادرة العابرة. يستنفد المرء عمره بأكمله متصارعًا ضد المصير، ويقضي وقته كله منهمكًا في السعي لإطعام عائلته والتنقّل ذهابًا وإيابًا بين الثروة والمكانة. الأشياء التي يُقدّرها الناس هي العائلة والمال والشهرة؛ إنهم يعتبرون أنها الأشياء الأكثر قيمةً في الحياة. يشتكي جميع الناس من مصائرهم، ومع ذلك يتجنبون التفكير في الأسئلة التي يكون من الأكثر أهمّيةً فحصها وفهمها: عن سبب حياة الإنسان، والكيفية التي يجب أن يعيش بها، وقيمة الحياة ومعناها. إنهم يُسرِعون طوال حياتهم، مهما امتدّت إلى سنواتٍ عديدة، في البحث عن الشهرة والثروة إلى أن يهرب منهم شبابهم، إلى أن يبيّض شعرهم ويتجعّد جلدهم، إلى أن يروا أن الشهرة والثروة لا يمكنهما منع المرء من الانزلاق نحو الشيخوخة، وأن المال لا يمكنه ملء فراغ القلب، إلى أن يفهموا أن أحدًا غير معفي من قانون الميلاد والشيخوخة والمرض والموت، وأن أحدًا لا يمكنه الإفلات من المصير المحفوظ له. فقط عندما يُجبرون على مواجهة المنعطف الأخير من منعطفات الحياة يُدرِكون حينها حقًّا أنه حتّى إذا كان أحدهم يمتلك الملايين، وحتّى إذا كان يتمتّع بامتيازٍ وصاحب مرتبة عالية، فإن أحدًا لا يمكنه أن يفلت من الموت وكل شخصٍ سوف يعود إلى وضعه الأصليّ: نفسٌ وحيدة خالية الوفاض" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)). بعد أن انتهيت من قراءة كلمات الله، تحرَّكت بداخلي مشاعر عميقة: أرواح الناس مصدرها الله، ويقدّر لها الله أن تجيء بين عالم البشر. لكن الناس ما زالوا لا يريدون الإيمان بالله وعبادته، ولا يقدّرون فرصة اختبار سلطان الخالق، لكنهم يعرفون فقط العيش من أجل المال، والشهرة، والأقارب. كلّهم مشغولون، يهرولون هنا وهناك في نشاط دؤوب، يحاولون التخلّص من ترتيب مصيرهم، ولكن ما الذي يمكن أن يحصل عليه الناس بالسعي وراء هذه الأمور؟ أي من هذه الأمور – الأقارب، أو الشهرة، أو الثروة – يمكن أن يُخلّص حياتهم عندما يكون الموت وشيكًا؟ انظروا إلى موت زميلي القديم – أوليس ذلك أفضل دليل على هذه الحقيقة؟ بالتفكير في الأشياء التي سعيت ورائها في الماضي، أليست هي نفس الأشياء؟ عندما ذهبت إلى الخارج لأعمل، كنت على استعداد لتأدية أي عمل قذر، أو مُتعِب، أو خطِر، فقط لأكسب مالاً أكثر، وأجعل الناس ينظرون إليّ باحترام، حتى لا أُعاني من ذُل الفقر. ومع أنني مررت بكل أنواع المعاناة، لم أفكّر أبداً في تغيير طريقة حياتي؛ ولم أتّبع سوى نفس الطريق طوال الوقت. لم أعرف في قلبي ما إذا كان هناك إله، ولم أعرف أن مصير الإنسان في يديّ الله. لقد اتّكلت على نفسي في تغيير مصيري، وسعيت إلى الهروب من تدبير الله وترتيبه الذي قدّره في حياتي. ألم يكن هذا الطريق الذي أتبعه مؤديًا إلى الهلاك؟ أخشى أنه لولا خلاص الله، أو حراسة الله وحمايته لي، لكان الشيطان قد سلبني حياتي الهزيلة منذ فترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، كيف كانت ستصبح حياتي ناجزة وذات معنى كما هي الآن؟ في تلك اللحظة، رأيت أخيرًا أن معنى الحياة ليس السعي وراء الثروة أو الشهرة، وليس السعي للتفوّق على الآخرين حتى نكون محطّ تقديرهم، بل أن ندخل في حضرة الله، وأن ننال خلاصه. لا يمكننا التحرر من أذى الشيطان، والعيش في سلام وسعادة إلا بعبادة الله وطاعته. كلّما فكّرت بهذه الطريقة، تتحرّك مشاعري أكثر. أرى أنني قادر على الإيمان بالله، وأن الله يعاملني بنعمة خاصة. أشكر الله القدير على خلاصي!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.