كلمات حول موضوعات أخرى
اقتباس 80
يقر الجميع بأنَّ الله يسود على مصير البشرية، وأنَّ حياة الشخص بأكملها في يدي الله، لكن إذا استطعت أن تختبر حقًا كيف أنّ كل حدث كبير في كل وقت وفترة من حياة الشخص يُحكَم يُرتَّب من قِبل الله وليس وفقًا لخططه هو وترتيباته، وإذا تمكنت من إدراك أنَّ الناس لا يستطيعون التغلب على مصيرهم ولا على أي معاناة لا بد لهم من مواجهتها؛ وعندما تتمكن من اختبار هذه الأمور، فهذا معناه أنَّ إيمانك حقيقي. يصبح إيمانك عمليًا بدرجة أكبر كثيرًا عندما تقول: "الله يسود على مصير البشرية، وكل شيء بيدَيِ الله". إنَّ اختبار سيادة الله وترتيباته وتنظيماته أمر دقيق؛ أي إنه شيء تختبره ولا تستطيع تفسيره إن لم تمر به. ولكن كلما زاد اختبارك له وتعرضك له، تمكنت من تفسيره على نحو أفضل. ثمة تعبير يقول: "ببلوغك سن الخمسين، تدرك مصيرك". فما معنى القول إنك تدرك مصيرك؟ في العشرينيات من العمر، يكون الناس قد واجهوا العالم للتو؛ فهم في سن الشباب ومتهورون ولا يعرفون شيئًا، ولا يستطيعون إدراك أنَّ هذه الحياة البشرية كلها بيدَي الله. وتظل لديهم الرغبة في مجاهدة قَدَرهم، ويظلّون يعتقدون أنهم ذوو موهبة ومهارة، ويسعون جاهدين بمفردهم ليصنعوا لأنفسهم اسمًا ويكسبوا الثروة والمنصب. إنهم يستمرون في المحاولة حتى عندما يفشلون، ساعين على الدوام للحصول على فرصة أخرى، ثم تراهم يسترجعون ماضيهم وهم في الخمسينات من عمرهم، ويفكرون في أنفسهم: "يا إلهي! من المؤكد أن الركض هنا وهناك في الأرض على مدى هذه الثلاثين عامًا ونيّف، والقيام بكل هذا التدافع، كان أمرًا شاقًا! وما من خطوة واحدة في زواجي، أو بناء مسيرتي المهنية، أو إنجاب أطفال، قد حدثت وفقًا لخططي وحساباتي، إنما كانت كلها قدرًا!" وهذا هو معنى أن تفهم مصيرك؛ ألّا تعود تحاربه. إنَّ إدراك المرء لمصيره في سن الخمسين، إنما هو في الواقع عبارة عن بلوغ الناس سن الخمسين وتعلمهم التصالح مع قدرهم بعد الاصطدام بالكثير جدًا من النكسات ليس إلّا. وعندما يدرك الناس مصيرهم، يكفّون عن محاربته. لكن بخصوص أمور مثل مغزى الحياة البشرية، ومعنى سيادة الله على البشر، وما الذي ينبغي أن يعيش الناس لأجله تحديدًا، وكيف ينبغي لهم أن يحيَوا، فهل يفهمها الناس فهمًا تامًّا؟ لا يستطيع غير المؤمنين فهم هذه الأمور؛ لأنهم لا يؤمنون بالله، وأقصى ما يمكنهم فعله هو أن يقبلوا مصيرهم ويفهموا أنه لا جدوى من مقاومته. ثم يرون أبناءهم وأحفادهم يحاربون القدر فيقولون: "لتأخذ الطبيعة مجراها؛ فلكل جيل بركاته. فليكن، سيتوقفون عن محاربة القدر عندما يبلغون سن الخمسين. هكذا تسير الأمور جيلًا بعد جيل. جميعهم يحاربون القدر إلى أن يكبروا ولا يعودوا يقدرون على ذلك. سوف يقبلون مصيرهم ويتعلمون درسهم. لن يعودوا بهذا الصلف والعجرفة، وسوف يزدادون هدوءًا". هذا أقصى ما يمكن لغير المؤمنين إدراكه، لكن هل يستطيعون فهم الحق؟ لا يستطيعون ذلك بكلّ تأكيد؛ لأنهم لا يؤمنون بالله ولا يقرأون كلماته، فكيف يمكنهم فهم الحق؟ هل معرفتك لمصيرك وأنت في سن الخمسين تعني أنك تفهم الحق؟ يعتقد الناس أنَّ "السماء تحدد مصير الإنسان"، فهل معنى هذا أنهم يخضعون لإرادة السماء؟ (كلا.) مجرد الاعتقاد بذلك لا ينفع، ومعرفة هذه الأمور تعني ببساطة عدم محاربة القدر، لكن هذا ليس فهمًا للحقّ بعدُ. لا بد للناس أن يأتوا إلى أمام الله ويقبلوا خلاصه لفهم الحق. لا بد أن يقبلوا دينونة كلماته، وأن يتلقوا إمداد الحق والحياة لكي يفهموا سر هذا كلّه. وإلّا، فلن يفهم الناس بعدُ معنى حياة الإنسان، ولا لماذا يحيا الناس ولماذا يموتون، وإن عاشوا حتى سن السبعين أو الثمانين أو حتى المائة. يقطع الناس مشوارًا قصيرًا في الأرض، ويعيشون عدة عقود دون أن يدركوا معنى الحياة البشرية قبل أن تنقضي. وعند الموت، يشعرون بالاستياء ويستغرقون في التفكير بشأن هذا وذاك، تاركين هذا العالم بندم في نهاية المطاف دون أن يربحوا أي شيء. ألن يكون أمرًا محزنًا إن ولِدوا من جديد في الحياة التالية وواصلوا العيش بهذه الطريقة؟ (بلى). يأتي كل جيل من الناس ويذهبون على نحو مأساوي واحدًا بعد الآخر؛ فالأحياء يودِّعون الأمواتِ، ليودعهم بدورهم الجيل التالي. ويواصلون الدورة على هذا النحو، حيث يعيشون في حالة من الذهول ولا يفهمون أي شيء. لكنَّ الأمر يختلف معكم يا مَن قبلتم عمل الله في الأيام الأخيرة. لقد لحقتم بهذه الفرصة الثمينة والنادرة المتمثلة في تجسد الله ليخلص البشرية في الأيام الأخيرة. يمكنكم تلقي دينونة كلمات الله وتوبيخها، وربح رعايته الشخصية وقيادته. أنتم تفهمون العديد من الأسرار، وقدرًا كبيرًا من الحق، ويمكنكم أداء واجبكم بصفتكم كائنات مخلوقة. شخصياتكم الفاسدة يمكن أن تُطهَّر وتُغيَّر. لقد ربحتم الكثير للغاية؛ أكثر مما ربح قديسو الأجيال الماضية. أليس هذا أكثر الأشياء بركةً؟ إنكم الأكثر بركةً على الإطلاق.
بعد قراءة كلمات الله واختبار سنوات من دينونتها وتوبيخها، بدأتم تدريجيًا في فهم هدف الله من تدبير البشرية وسر تدبيره وتخليصه إياها. لقد فهمتم مقاصد الله، وصرتم تعرفون سيادته. وغدوتم راغبين في قلوبكم في الخضوع لله، وأنتم قادرون على الخضوع لله. يبدو العيش آمنًا ومُرضيًا. يمنحك الله الحياة، فتحيا من أجل الله، وتعيش لتقوم بواجبك بصفتك كائنًا مخلوقًا؛ وبهذا تحيا حياة ذات مغزى. إذا عاش الناس بدون قبول الحق أو فهمه، ولم يعيشوا إلا للجسد، فلا قيمة في ذلك على الإطلاق. إنكم جميعًا تسعون الآن إلى الحق، وتعيشون متحلّين بالمزيد والمزيد من الضمير والعقل. كما تتحلون أكثر فأكثر بما ينبغي أن يكونه أي إنسان، وتفهمون الحق أكثر فأكثر. وتعرفون أكثر فأكثر لتخضعوا لله، ويمكنكم أن تؤدوا واجبكم بصفتكم كائنات مخلوقة وأن تشهدوا لله. ستملأ حياتكم على هذا النحو قلوبكم بالسلام والفرح، وهذه هي الحياة ذات أقصى درجات المعنى. هذه بركة لم يربحها من البشرية سواكم. ففي هذا العالم الشاسع ومن بين كل البشر، لم يختر الله سوى الفئة القليلة منكم، وجعلكم تولدون في هذا العصر الأخير وفي أمة التنين العظيم الأحمر. يمكنكم استقبال إرسالية الله والقيام بواجبكم، وأن تبذلوا من أجل الله؛ فأنتم مَن فضَّلكم الله واختاركم. أليس هذا أكثر الأشياء بركةً؟ (بلى). هذا أمر مبارك جدًا. ثمة أناس يؤمنون بالله لكنهم لا يستطيعون التخلي عن كل شيء للقيام بواجبهم، وهذا مؤسف. ثمة أناس لا يفهمون الحق وحتى عندما يقومون بواجبهم، فإنَّ ذلك لا يكون أكثر من أنهم يعملون من أجل الله. إنهم يقدمون ما يملكون من قوة بينما يعقدون صفقات مع الله في قلوبهم، آملين أن يربحوا البركات. عندما يفهمون الحق ذات يوم، سيكونون قادرين على الاستقرار وأداء واجبهم طواعية. إنَّ حياتكم الآن وعيشكم كل يوم، لتؤدوا الشهادة لله وتنشروا إنجيل ملكوت الله، هي طريقة العيش التي يستحسنها الله. ببسيط العبارة، يسمح الله لكم بالعيش بهذه الطريقة، وهو مَن منحكم هذه الفرصة. منحك الله هذه الفرصة، وجعلك تعيش لتقوم بواجبك وتبذل من أجله، وهذا أكثر شيء ذي معنى. ينبغي أن تشعروا بالفخر والتكريم، وأن تثمّنوا الفرصة. أنتم في ريعان الشباب. يا لها من فرصة نادرة لكم أن تقوموا بواجبكم وأن تتبعوا الله، وتؤدوا الشهادة له في خضمّ الكوارث، وفي مثل هذه الأجواء المحيطة والظروف العدائية! إنَّ تجسد الله في الأيام الأخيرة وتعبيره عن قدر كبير من الحق لِيخلص البشرية تمامًا عساها تربح الحق وتُطهَّر لَهو أندر الفرص. لم يبق كثير من الوقت، وهي فرصة تضيع في لمح البصر. عليكم أن تغتنموا هذه الفرصة وتربحوا من الحق كل ما ينبغي لكم ربحه. هذه هي البركة الأعظم على الإطلاق؛ وهي أعظم من بركات كل قديسي العصور الماضية.
اقتباس 83
يواجه جميع أولئك الذين آمنوا بالله منذ عدة سنوات، على الرغم من أنهم قد وضعوا أساسًا، مشكلة حقيقية يجب حلها؛ حيث يكون لدى معظم الأشخاص بعض الفهم لكافة جوانب الحق ويمكنهم التكلم والوعظ بالكلمات والتعاليم الصحيحة، لكنهم لم يختبروا صحة تلك الكلمات في حياتهم الحقيقية؛ فهم لم يختبروا حقًا ماهية المعنى الحقيقي والجانب العملي للحقائق التي تتضمنها تلك الكلمات. إنك تحتاج - للدخول في واقع الحق - إلى بيئة مناسبة ووجود الأشخاص المناسبين إلى جانبك، والناس والأمور والأشياء المناسبة التي تمكنك من النمو في الحياة. وبهذه الطريقة، ستتأكد هذه الحقائق والتعاليم التي تفهمها على حد سواء، وستكسبك خبرة. فإن أُسقطت بذرة حية في تربة خصبة، لكن ليس لديها أشعة الشمس ورطوبة مياه الأمطار، ألن يذبل البرعم الذي ينمو منها؟ (بلى سيذبل). ومن ثم، إذا سمعت العديد من العظات والحقائق وكلمات الله وتأكدت بالفعل أن هذا الطريق هو الطريق الصحيح وسبيل الاستقامة في الحياة، فماذا تحتاج حينها؟ إنك تحتاج إلى أن تطلب من الله أن يُعِدَّ لك بيئة مناسبة بناءة ومفيدة لحياتك، ويمكنها أن تجعلك تنمو في الحياة. قد لا تكون هذه البيئة مريحة للغاية؛ حيث يجب أن يحتمل الجسد المشقات، وأن يرفض الإنسان الكثير من الأشياء ويتخلى عنها، وهذا هو ما قد اختبرتموه جميعًا الآن. لنفترض، على سبيل المثال، أنك كنت مُضطَهَدًا ولا تستطيع العودة إلى المنزل لكي ترى أطفالك أو زوجك أو تتواصل معهم، أو تلتقي أقاربك أو أصدقاءك، أو تتلقى أي أخبار منهم، وفي جوف الليل تبدأ في التفكير في المنزل، قائلًا: "كيف حال أبي؟ إنه عجوز ولا سبيل لديّ لإكرامه. وأمي في حالة صحية سيئة، وأنا لا أعرف كيف حالها الآن". ألن تفكر في تلك الأمور دائمًا؟ إن كان قلبك مقيدًا دائمًا بمثل هذه الأشياء، فما عواقب ذلك على أداء واجبك؟ إن ذلك مفيدٌ لتقدم حياتك إن لم يختلط عليك الأمر أو تشغل نفسك للغاية بأمور جسدية دنيوية؛ فتفكيرك وانزعاجك لن يفيدا في شيء؛ حيث إن تلك الأمور جميعها في يدي الله، ولا يمكنك أن تغير أقدار أفراد عائلتك. يجب عليك أن تفهم أن أهم أولوياتك بصفتك مؤمنًا بالله تتمثل في أن تكون مراعيًا لمشيئته، وأن تؤدي واجبك وتكتسب إيمانًا حقًا، وتدخل في واقع كلمات الله، وتنمو في الحياة، وتكتسب الحق، وهذا هو ما يهم في المقام الأول. فظاهريًا، يبدو كما لو أن الأشخاص قد تخلوا فعليًا عن العالم وعن عوائلهم، لكن ماذا يحدث حقًا؟ (إن الله هو الذي يسود ويرتب هذا). فالله رتب هذا؛ وهو الذي يمنعك من رؤية عائلتك. أو بالأحرى، الله يحرمك منهم. أليست هذه أكثر الكلمات عملية؟ (بلى، إنها كذلك). دائمًا ما يقول الناس إن الله يسود ويرتب الأشياء، فكيف يسود على هذا الأمر؟ إنه يخرجك من منزلك، ولا يدع عائلتك تتحول إلى عبءٍ يثقل كاهلك. ومن ثم، إلى أين يأخذك؟ إنه يأخذك إلى بيئة لا يوجد فيها مُربكات الجسد، حيث لا يمكنك أن ترى أحباءك. وعندما تقلق بشأنهم، وتريد أن تفعل شيئًا من أجلهم، لا تستطيع، وعندما تريد أن تبر والديك، لا تستطيع. فلا يمكنهم إرباكك بعد الآن. لقد أبعدك الله عنهم، وحرمك من كافة هذه المربكات، وإلا كنت ستظل بارًّا بهم، وتقدم لهم الخدمة، وتكدح لأجلهم. هل إبعاد الله لك عن كافة هذه المربكات الخارجية أمرٌ جيدٌ أم سيّئ؟ (أمر جيد). إنه أمرٌ جيدٌ، وليس هناك حاجة للندم عليه. وبما أنه أمرٌ جيدٌ، ماذا يجب أن يفعل الناس؟ على الناس أن يشكروا الله قائلين: "إن الله يحبني كثيرًا جدًّا!" لا يستطيع المرء التغلب على عبودية الحب بمفرده؛ لأن قلوب الناس جميعها مقيدة بالمحبة، فجميعهم يرغبون في أن يتحدوا بعائلتهم، وأن تجتمع عائلتهم بأكملها معًا، وأن يكون الجميع بأمان وصحة وسعادة، وأن يقضوا كافة الأيام كذلك، دون أن ينفصلوا أبدًا. لكن هناك جانب سيّئ لهذا، وهو أنك ستُكرس لهم طاقة حياتك ومجهوداتها جميعًا، وشبابك وأروع سنوات عمرك، وزهرة حياتك كلها، وستبذل حياتك بأكملها من أجل جسدك وعائلتك وأحبائك وعملك وشهرتك وربحك وكافة أنواع العلاقات المعقدة، وبالتالي ستدمر نفسك بالكامل. إذًا، فكيف يحب الله الإنسان؟ الله يقول: "لا تدمر نفسك في هذه الحمأة. فإن علقت قدماك كلاهما، لن تصبح قادرًا على إخراج نفسك مهما أرهقت نفسك؛ فأنت لا تمتلك القامة أو الشجاعة، فضلًا عن الإيمان. سأخرجك أنا بنفسي". هذا هو ما يفعله الله، وهو لا يناقشه معك. لماذا لا يطلب الله آراء الناس؟ يقول بعض الناس: "الله هو الخالق، وهو يفعل ما يشاء. والبشر مثل النمل والحشرات، فهم لا شيء في نظر الله". هكذا هو الحال، لكن هل تلك هي الطريقة التي يعامل بها الله الناس؟ لا، ليست كذلك. إن الله يعبّر عن الكثير من الحقائق ويهبها للإنسان، ممكّنًا الناس من أن يتطهروا من فسادهم، وأن يربحوا حياة جديدة منه. إن محبة الله للإنسان عظيمة جدًا. وهذه جميعها أشياء يمكن للناس رؤيتها. فالله لديه مقاصد لك، وقصده من إحضارك إلى هنا هو جعلك تشرع في الطريق الصحيح في الحياة، لتحيا حياة ذات معنى، وهو طريق لن تكون قادرًا على اختياره بمفردك. تتمثل أمنية الناس الذاتية في قضاء حياتهم بأمن وسلام، وحتى إن لم يصنعوا ثروة، فهم يريدون على الأقل أن يتحدوا بعائلتهم إلى الأبد، ويتمتعوا بهذا النوع من السعادة العائلية. إنهم لا يفهمون كيف يكونون مراعين لمشيئة الله، كما لا يفهمون كيف يفكرون في غاياتهم المستقبلية أو في مشيئة الله ليخلص البشرية. لكن الله لا يثير ضجة حول نقص فهمهم، ولا يحتاج إلى أن يقول الكثير لهم، لأنهم لا يفهمون، وقامتهم ضئيلة للغاية، ولن تصل أي مناقشة معهم إلّا إلى طريق مسدود. ولِمَ ستصل إلى طريق مسدود؟ لأن الأمر العظيم في خطة تدبير الله لخلاص البشرية ليس بالشيء الذي يمكن للناس فهمه بجملة أو جملتين تفسيريتين فقط. ونظرًا إلى ذلك كله، يتخذ الله قراراتٍ ويتصرف مباشرة، حتى يأتي اليوم الذي يفهم فيه الناسُ في النهاية.
عندما يُخرج الله بعض شعبه المختار من بيئة بَرّ الصين الرئيسي المناوئة، تكمن مقاصده الجيدة في هذا، وهو ما يمكن للجميع رؤيته الآن. وفيما يتعلق بهذا الأمر، على الناس أن يُظهروا الامتنان غالبًا، ويشكروا الله على إظهار النعمة لهم. لقد خرجتَ من تلك البيئة الأسرية، وانفصلت عن كافة علاقات الجسد الشخصية المعقدة، وانتشلت نفسك من كافة المربكات الدنيوية والجسدية. لقد أخرجك الله من فخ معقد إلى حضرته وبيته. يقول الله: "المكان هادئ هنا، هذا المكان جيد جدًا، وهو مناسب للغاية لنموك. إنه المكان الذي توجد فيه كلمات الله وإرشاده، والذي يسود فيه الحق. هنا تكمن إرادة الله لخلاص البشرية، وهنا يرتكز عمل الخلاص. ولذلك، اُنْمُ بقدر ما يرضى به قلبك هنا". إن الله يُدخلك في هذا النوع من البيئة، وهي بيئة قد لا تحتوي على العزاء النابع من وجود أحبائك، حيث لا يوجد أبناؤك حولك لرعايتك عندما تمرض، وحيث لا يوجد أحد لتثق به. عندما تكون بمفردك، وتفكر في معاناة جسدك وصعوباته وكافة الأشياء التي ستواجهها في المستقبل، فإنك ستشعر في تلك الأوقات بالوحدة. لماذا ستشعر بالوحدة؟ يتمثل أحد الأسباب الموضوعية في أن الناس ضئيلو القامة للغاية. فما هو السبب الذاتي؟ (إن الناس لا يتخلون تمامًا عن أحبائهم الجسديين). هذا صحيح، يكمن السبب في أن الناس غير قادرين على التخلي عنهم. فالناس الذين يعيشون في الجسد يستمتعون بمختلف علاقات الجسد وروابطه الأسرية. وهم يعتقدون أن الناس لا يمكنهم العيش بدون أحبائهم. لماذا لا تفكر كيف أتيت إلى عالم الإنسان؟ لقد أتيت وحيدًا، في الأصل بدون علاقات مع الآخرين. إن الله يحضر الناس إلى هنا واحدًا تلو الآخر؛ وعندما أتيت، كنت، في الحقيقة، وحيدًا، ولكنك لم تشعر بالوحدة آنذاك، فلماذا تشعر بالوحدة عندما يُحضرك الله إلى هنا الآن؟ إنك تعتقد أنك تفتقد شريكًا يمكنك الثقة به، سواء أكان أبناءك أو والديك أو نصفك الآخر- زوجك أو زوجتك- ولذلك، تشعر بالوحدة. إذًا، عندما تشعر بالوحدة، لماذا لا تفكر في الله؟ أليس الله رفيق الإنسان؟ (بلى، هو كذلك). عندما تشعر بأكبر قدر من المعاناة والحزن، من يمكنه حقًا أن يعزيك؟ من يمكنه حقًا أن يعالج صعوباتك؟ (الله يستطيع). الله فقط يمكنه حقًا أن يعالج صعوبات الناس. إن كنت مريضًا، وكان أبناؤك بجانبك، يصبّون لك المشروبات، ويخدمونك، ستشعر بسعادة تامة، لكن بمرور الوقت سيصاب أبناؤك بالضجر، ولن يكون أحد على استعداد لخدمتك. في مثل تلك الأوقات ستشعر حقًا بالوحدة! والآن، في الوقت الذي تعتقد فيه أنه ليس لديك شريك، هل هذا صحيح حقًا؟ إنه في الواقع ليس كذلك؛ لأن الله دائمًا برفقتك! إن الله لا يترك الناس؛ فهو من يمكنهم التوكل عليه والالتجاء إليه في جميع الأوقات، وهو صديقهم الحميم الوحيد. لذلك، مهما كانت الصعوبات والمعاناة التي أصابتك، ومهما كانت المظالم، أو أمور السلبية والضعف التي تواجهك، إن أتيت أمام الله وصليت في آن واحد، ستمنحك كلماته تعزية وتحل صعوباتك وكافة مشكلاتك على اختلافها. في بيئة مثل هذه، ستصبح وحدتك الشرط الأساسي لاختبار كلمات الله وربح الحق. وبينما تختبر، ستفكر ببطء: "ما زلت أعيش حياة جيدة بعدما تركت والديَ، وحياة مُرضية بعدما تركت زوجي، وحياة آمنة وسعيدة بعدما تركت أبنائي. أنا لم أعد فارغًا. أنا لن أعتمد على الناس بعد الآن، سأعتمد على الله عوضًا عن ذلك. فهو سيعتني بي ويساعدني في جميع الأوقات. على الرغم من أنني لا أستطيع أن ألمسه أو أراه، فأنا أعلم أنه بجانبي في جميع الأوقات، وفي كافة الأماكن. ما دمت أصلّي إليه وأدعوه، فسيؤثر فيّ، ويجعلني أفهم إرادته وأرى الطريق القويم". في ذلك الوقت، سيصبح الله حقًا إلهك، وستُحلّ جميع مشكلاتك.
اقتباس 84
تايوان بلدٌ ديمقراطيٌ مجتمعه مستقر، يعيش فيه الناس في رخاء؛ فالنظام العام ونوعية الحياة والقيم الثقافية وما إلى ذلك جميعًا أفضل بكثير مما هي عليه في بَرِّ الصين الرئيسي. الناس هناك يعيشون حياة مريحة للغاية؛ وصحيحٌ أن العيش المريح أمرٌ جيدٌ، لكن الكثير ممن يعيشون في راحة من المؤمنين بالله لا يرغبون في اِتِّبَاعه، ناهيك عن أن يعانوا أو يدفعوا ثمنًا. فمن الصعب جدًّا أن يتخلوا عن جميع ما لديهم ويبذلوا أنفسهم من أجل الله. أليس هذا هو الحال حقًّا؟ عندما يعيش الناس في راحة، يفكِّرون دائمًا في الأكل والشرب والمرح، وفي كيفية إمتاع الجسد والاستمتاع بالحياة. ولهذا تأثير معين على الناس الذين يؤمنون بالله ويسعون إلى الحق. ونتيجةً لذلك، فإنَّ كثيرًا ممن يعيشون في هذه البيئة الاجتماعية المريحة يريدون أن يؤدوا واجباتهم لكنهم يواجهون صعوبة في فعل ذلك. إنهم غير مستعدين لتَحَمُّل حتى القدر القليل من المعاناة، ولا يعملون بكفاءة عندما يؤدون واجباتهم أو يقومون بأنواع مختلفة من العمل من أجل الكنيسة. وأحيانًا يتأثر التقدم المحرز في عملهم، ولهذا علاقة محددة ببيئتهم الاجتماعية. إنني أتأثر بأن أراكم – في كل مرة نجتمع فيها – قادرين على الجلوس هنا والاستماع إلى عظات من البداية إلى النهاية. من الممكن لبعض الناس في بَرِّ الصين الرئيسي أن يؤمِنوا بالله لأن بيئتهم تخنقهم، ويضطهدهم المجتمع ويميِّز ضدهم، وهم يعانون من اضطهاد شديد، بينما بعض الناس يؤمنون بالله لا لشيء إلا أنهم يبحثون عن العدالة والعقل، أو عن دعم روحي وشيء يمكن الاتكال عليه. وثمة آخرون قد أُثِيرَ حماسهم وإيمانهم وإخلاصهم بفعل الاضطهاد الوحشي للتنين العظيم الأحمر. فقد أُجْبِرَ البعض على الفرار خارج البلاد بدافع الضرورة، لأن الإيمان بالله في بَرِّ الصين الرئيسي صعبٌ للغاية، وقد جرت مطاردة الكثير من الأشخاص، فلم يعد لديهم مكان للاختباء. هذه هي أسباب فرارهم خارج البلاد. إن حياة الناس في تايوان سهلة جدًّا مقارنة ببيئة المعيشة القمعية والقاسية في بَرِّ الصين الرئيسي. وفي ظل حياة مريحة بهذه الدرجة، فإن هؤلاء الذين يؤمنون بالله غير مستعدين للمعاناة أو دفع الثمن، وعندما يواجهون أي اضطهاد أو ضيقة، فإنهم لا يعودون مستعدين لأداء واجباتهم. ذلك أنَّ الناس يستمتعون بالأكل والشرب والمرح فحسب عندما تكون الحياة مريحة إلى هذا الحد. ودائمًا ما تشغلهم أمورٌ مثل: "ماذا ينبغي أن آكُلُ؟ أين علىَّ أن أسافر؟ ما البلدان التي لم أذهب إليها بعد؟ إن عمْر الإنسان الواحد لا يتجاوز بضعة عقود. وإن لم أزر بلادًا في جميع أنحاء العالم وأُوَسِّعُ آفاقي، أفلا أكون حينها أعيش من أجل لا شيء؟" هكذا يصبح قلب الشخص جامحًا ولا يمكن كبحه. فهل يظل المرء قادرًا على أن يأكل كلمة الله ويشربها بهدوء أمامه، وهو على هذا النحو؟ يظل المرء قادرًا على الاستماع إلى العظات بانتباه في الاجتماعات؟ سيكون الأمر صعبًا بالتأكيد. ولهذا، عندما يُشَجَّعْ المرء على الإيمان بالله والسعي إلى الحق وأداء واجبه، يشعر بأنه يُعَامَلْ ظلمًا ويشعر بالقهر ويظل يشعر أنه يعيش من أجل لا شيء. ألا تمثل هذه البيئة المواتية غواية خطيرة للأشخاص وعقبة أمامهم؟ بلى. الناس جميعهم يشتهون وسائل الراحة الجسدية، لكن الراحة ليست بالضرورة أمرًا جيدًا لهؤلاء الذين يؤمنون بالله ويسعون إلى الحق، فيما يتعلق بنمو الحياة. يصبح معظم الأشخاص سلبيين عندما يعانون قليلًا ولا يملكون قوة الإرادة على الإطلاق؛ أليست هذه نتيجة بيئة مريحة؟ ثمة الكثير جدًا من مقاطع فيديو الشهادات الاختبارية يظهِر فيها إخوة وأخوات في بَرِّ الصين الرئيسي يُعَذَّبُونَ في السجن وتصدر ضدهم أحكام ويُعتَقلون. هل رأيتموها جميعًا؟ (نعم رأيناها). وكيف تشعرون حيال هؤلاء الإخوة والأخوات بعد رؤيتهم؟ (يا الله، أود أن أقول القليل عن شعوري تجاه ذلك. بعد رؤية الإخوة والأخوات في بَرِّ الصين الرئيسي يختبرون كل هذا الاضطهاد بالعذاب، ورؤية كيف أنهم قادرون على الصلاة إلى الله والتوكل عليه والتمسك بإيمانهم في مثل هذه البيئة الصعبة، وكيف أنهم يختبرون خطوة بخطوة تحت قيادة الله بينما يتمسكون بشهادتهم ولا يخونونه، أشعر أن لديهم إيمان أكثر وقامة أعظم مما لدينا. إن كنتُ في ذلك النوع من البيئات، فلن أتمكن بالضرورة من الصمود مثلهم، مما يجعلني أشعر أن قامتي ضئيلة جدًّا). يمكن للإخوة والأخوات في بَرِّ الصين الرئيسي أن يظلوا مستمرين في الإيمان بالله وحضور الاجتماعات وأداء واجباتهم في البيئة التي يعانون فيها الاضطهاد الوحشي من التنين العظيم الأحمر. وهذه شهادة، شهادة قوية. إنَّ قدرتهم على الصمود في مثل هذه البيئة المعادية شهادةٌ، فعلى مَن هم منكم في هذه البيئة المريحة أن يتأملوا بشأن كيفية تقديم نوع مختلف من الشهادة. أولًا، عليكم أن تعتزوا بكل شيء في هذه الحياة وتلك البيئات التي أعطاها الله لكم. عليكم أيضًا أن تتأملوا، كيف سيمكنكم في مثل هذه البيئة، أن تتمسكوا بشهادتكم ولا تَخْزَوْنَ الله، وأن تصبحوا غالبين. إنَّ إيمان المرء بالله في دولة ديمقراطية، قد لا يعرضه للقمع والاضطهاد بالتعذيب من الحكومة، لكن سيكون هناك اضطهاد من العائلة والأقارب، وسيظل المرء في حاجة إلى اختبار كلمات الله وربح الحق والتمسك بشهادته. مهما كانت البيئة التي يؤمن فيها المرء بالله، فإنَّ ربح الحق يظل أمرًا ليس سهلًا. لكي تفهم الحق وتدخل الواقع، عليك أن تعاني وتدفع الثمن. ولكي تشهد لله، عليك أن تحقق فهمًا للحق في جوانب الاختبار جميعها. وهذا لا يعني فقط نشر الإنجيل واسم الله؛ بل يشير ذلك أساسًا إلى شهادة الحياة الاختبارية. في أي مجموعة من الأشخاص أو في ظل النظام الاجتماعي لأي دولة، سيعاني الناس من بعض التمييز أو الاستبعاد أو الاضطهاد، إن هم عاشوا وفقًا للحق وسعوا لأن يكونوا أشخاصًا أمناء وحاولوا الخضوع لله. هذا لأن الدول الديمقراطية هي أيضًا لا تخضع لله. فهناك أحزاب سياسية ملحدة في السلطة، وهي أيضًا ترفض الحق وترفض الله. عند الإيمان بالله في مثل هذه الدول، ستكون هناك قيود معينة، وسيوجد أيضًا قدر من التمييز والقذف والحكم عليك والإدانة إن أردت أن تنشر الإنجيل وتشهد لله، حتى وإن لم يكن هناك اضطهاد أو ضيقة؛ وهذا كله واقع. إذا لم تستطع فَهْم تلك الأمور بوضوح، فلست شخصًا يفهم الحق. إنَّ قبول المسيح واِتِّبَاعه، يأتي في أي دولة مصحوبًا بمستوى معين من الاضطهاد والضيقة. فعليك دائمًا أن تتصرف بحذر وأن تصلي إلى الله وتتطلع إليه، كما عليك أن تتحلى بالحكمة والذكاء. أيًا كانت الدولة والبيئة الاجتماعية التي أنت فيها، فكلها بها بيئة مناسبة أَعَدَّها الله ورتبها لك. هذا كله يعتمد على ما إذا كان المرء يسعى إلى الحق أم لا. تجلب البيئة المريحة غوايات للأشخاص، وفي الوقت نفسه، فإنَّ الاضطهاد بالتعذيب هو أيضًا يجلب غوايات وتجارب. أثمة تجارب في البيئات المريحة إذًا؟ هناك تجارب الله أيضًا. لقد رتَّب الله لك هذه البيئة المريحة، وكل شيء يعتمد على كيفية اختبارك لها؛ هل ستقع في شراك الشيطان وفي غوايته كليًّا، أم ستكون قادرًا على الانتصار عليه من جميع النواحي، والشهادة لله متمسكًا بإخلاصك وواجبك. ويعتمد هذا كله على كيفية اختبارك لهذه البيئة والاختيارات التي تقوم بها. لدى الإخوة والأخوات في بَرِّ الصين الرئيسي بيئة أصعب بعض الشيء، وقد أعطاهم الله حملًا أثقل بعض الشيء وأعد لهم بيئة أقسى، لكنه أيضًا أعطاهم أكثر. فكلما قَست البيئة وعَظمت التجارب التي يعدها الله، ازداد ربح الناس. على الرغم من ذلك، ففي البيئة المريحة أيضًا يختبر الناس الغوايات والتجارب في كل مكان، وقد أعطاك الله كثيرًا جدًّا أيضًا. إذا استطعت الانتصار على الغواية كلما واجهتها، فلن تربح أقل من إخوتك وأخواتك الذين يختبرون الاضطهاد بالتعذيب. وهذا أيضًا يتطلب السعي إلى الحق وامتلاك قامة للغلبة. ذلك أنَّ أمورًا مثل الوجود مع عائلتك والأكل والشرب جيدًا والترفيه والاستمتاع وبعض الاتجاهات الاجتماعية التي تريح الجسد وتسبب الفساد، على سبيل المثال، كلها غوايات لك. وعندما تواجه تلك الغوايات، فإنها لن تجذب انتباهك فحسب، بل ستزعجك وتغريك أيضًا. عندما تتبع الأمور والاتجاهات الدنيوية، فحينها أيضًا ستظهر غوايات الشيطان، أو يمكن للمرء أيضًا أن يقول، تجارب الله. سيكون عليك اتخاذ قرار حول كيفية استجابتك لتلك الغوايات والتجارب، وهذا هو الوقت الذي يمتحِن فيه الله الناس ويُظْهِرُ لهم ما هم عليه. هذا هو الوقت الذي يجب أن يدخل فيه ما قاله الله لك والحقائق التي تفهمها حيز التنفيذ. إذا كنت شخصًا يسعى إلى الحق ولديك إيمان حق بالله في قلبك، فستكون قادرًا على التغلب على تلك الغوايات، والصمود والشهادة لله في التجارب التي أَعَدَّها الله لك. وإذا كنت، عوضًا عن أن تحب الحق، تحب العالم والاتجاهات، وتشتهي الراحة وتُشبع جسدك وتحب الحياة الفارغة، فستتبع تلك الأمور الدنيوية. ستُعجبك تلك الأمور وتنجذب إليها، وستستحوذ عليك. وشيئًا فشيئًا، سيفقد قلبك الاهتمام بالإيمان بالله، وستصبح نافرًا من الحق، وبعد ذلك، سيختطفك الشيطان وأنت في خضم الغواية. وفي مثل هذه التجربة، ستكون قد فقدتَ شهادتك. يوجد الكثير من الأشخاص الذين سمعوا العديد من العظات ويؤدون واجباتهم لكنهم لا يزالون يشعرون بالخواء داخلهم. إنهم لا يزالون يحبون متابعة نجوم موسيقى البوب والمشاهير ومواكبة الاتجاهات ومشاهدة البرامج الترفيهية في التلفاز وحتى مشاهدة البرامج بشراهة طيلة الليل، حتى إنهم أصبحوا ليليِّ النشاط، بل إنَّ بعض الشباب يلعبون ألعاب الفيديو. خلاصة القول إنهم لا يترددون في دفع أي ثمن والسعي وراء تلك الأمور الرائجة سعيًا محمومًا. ولماذا يفعلون ذلك؟ لأنهم لم يربحوا الحق؛ فالذين لم يربحوا الحق لديهم شعور معين، وهو أنه ما من فرق كبير يبدو لهم بين الإيمان بالله وعدم الإيمان به. إنهم لا يزالون يشعرون بالخواء في قلوبهم وأن لا معنى لحياتهم. فإن اتبعوا الاتجاهات شعروا أنهم أكثر إحساسًا بالرضا، وبأن هناك القليل من الثراء في حياتهم، وبأنهم أسعد قليلًا بشكل يومي. وإن آمنوا بالله ولم يتبعوا الاتجاهات، ظلوا يشعرون بأن الحياة فارغة لا معنى لها. وهذا لأنهم لا يحبون الحق. يمكن أيضًا القول بثقة إن أولئك الأشخاص لا يفهمون الحق بأي شكل من الأشكال وليس لديهم واقع الحق، ومن ثم لا يمكنهم العيش دون اِتِّبَاع الاتجاهات. بعض الأشخاص لم يسعوا إلى الحق قط وهم غير مستقرين حتى عندما يؤدون واجباتهم، وغير قادرين على الصمود عند مواجهة الغوايات ويتعين عليهم الانسحاب في نهاية المطاف. وبعض الأشخاص يكونون متحمسين وحازمين للغاية عندما يبدؤون أداء واجباتهم، لكن لا تعود لديهم الرغبة في أدائها عندما يواجهون الغوايات فيصبحون لا مبالين وينقصهم الإخلاص ولا توجد شهادة في ذلك. إذا كانوا يستطيعون التخلي عن واجباتهم فور أن يواجهوا غوايات، ويختارون أي أمر يفضلونه، فليس لديهم شهادة إذًا. وإن أتت غواية جديدة، فربما ينكرون الله ويرغبون في اِتِّبَاع الاتجاهات الدنيوية وترك الكنيسة. أو إذا أتت غواية أخرى، فربما يبدؤون الشك في الله ويصبحون غير متأكدين مما إذا كان الله موجودًا حتى، ويصلون حتى إلى الإيمان بأنهم قد تطوروا من القردة. لقد استولى الشيطان بالكامل على أولئك الأشخاص. ولأنهم منخرطون في كل هذه الغوايات، فإنهم لا يُصلُّون إلى الله أو يطلبون الحق؛ هم لا يفكرون إلا في مصير جسدهم، ونتيجة لذلك يفشلون في التمسك بشهادتهم. وخطوة بخطوة، يسحبهم الشيطان إلى الجحيم وهاوية الموت. لقد أسلَمَ الله هذا الشخص إلى الشيطان، ولم تعد لديه أي فرصة للخلاص. قُولُوا لي، أليس السعي إلى الحق أمرًا هامًا؟ (بلى، هو كذلك). إن الحق هامٌ للغاية. ما الوظيفة التي يمكن أن يؤديها الحق؟ على أقل تقدير، يمكنه مساعدتك على إدراك حقيقة مخططات الشيطان عندما تواجه غواية ما، ومعرفة ما ينبغي لك فعله وما لا ينبغي، وما عليك اختياره. سيجعلك على الأقل تعرف تلك الأمور. والأمر الأهم على الإطلاق هو أن الحق سيمكِّنك من الصمود في الغواية. ستكون قادرًا على الصمود والثبات وعدم التزعزع، بينما تتمسك بالواجب الذي أعطاه الله لك، وتكون مخلصًا لهذا الواجب، وقادرًا على رفض الشيطان. ستكون قادرًا على الثبات في شهادتك وسط التجارب مثلما فعل أيوب. وهذا ما ينبغي للناس ربحه على أقل تقدير.
اقتباس 85
هل ثمة مبادئ لصلواتكم للّه؟ ما هي المواقف التي تحت أي الظروف تتضرع فيها إلى الله؟ علام تنطوي صلواتك؟ معظم الناس يُصلُّون عندما يعانون: "اللهم إني أشكو لك ضيقي، أتوسل إليك، أعنّي". هذا هو أول شيء يقولونه. هل حسن أن تشكو ضيقك دائمًا كلما صليت؟ (لا) لمَ لا؟ وإذا لم يكن حسنًا، فلماذا لا تزال تصلي هكذا؟ هذا يدل على أنكم لا تعرفون كيف تُصلون، أو ماذا ينبغي للمرء قوله وطلبه عندما يَمثُل قدام الله. كل ما تعرفه هو أن تصلي للّه عندما تعاني قليلًا وتحزن، قائلًا: "يا إلهي، أشكو لك ضيقي! أشعر ببؤس شديد، أرجوك أعنّي". هذه صلاة من بدأ لتوه يؤمن باللّه. صلاة رضيع إذا آمن المرء بالله لسنين كثيرة ولا يزال يصلي هكذا، فهذه معضلة، تبيِّن أنه لا يزال رضيعًا لم ينضج بعد في الحياة. كل من يؤمن باللّه ولا يعرف كيف يختبر عمل اللّه هم أناس لم ينضجوا في الحياة ولم يدخلوا بعد المسار الصحيح للإيمان باللّه إذا كان المرء شخصًا مفكرًا حقًا، فيتعين عليه أن يفكر في كيفية اختبار عمل الله، وكذلك في كيفية أكل وشرب كلامه وكيفية اختبار ذلك وممارسته حيثما تتجه كلمات الله، كذلك ينبغي أن يتجه اختبار المرء؛ على المرء اتباع كلمات اللّه إلى ذلك الموضع إذا قدر المرء على ممارسة كلام الله واختباره هكذا، فسوف تعترضه مشكلات كثيرة، وسوف يطلب، بطبيعة الحال، الحق من الله لحلها إذا كان المرء يصلي دائمًا إلى الله ويطلب الحق هكذا لحل صعوباته، فإنه بذلك يختبر عمل الله. طالما يجد المرء حلولًا لمشكلاته، تتضاءل متاعبه شيئَا فشيئًا، وسوف يتوصل تدريجيًا لفهم الحق وربح معرفة عمل الله، وسيعرف كيف ينبغي له التعاون مع الله، وكذلك كيف يخضع لعمل اللّه. هذا ما يعنيه السير على المسار الصحيح للإيمان باللّه. بعض الناس الذين يؤمنون باللّه لا يعرفون كيف يختبرون عمله، فهم دائمًا مشوشو الذهن، يقرؤون كلام الله ولكنهم لا يتأملونه؛ يسمعون المواعظ ولكنهم لا يعقدون شركة؛ وعندما تحيق بهم الأمور، لا يعرفون كيف يطلبون الحق، ولا كيف يستوعبون مشيئة الله ولا يعرفون الموقف الذي ينبغي لهم أن يتبنوه أو كيف ينبغي لهم أن يتعاونوا. لا يفهمون هذه الأشياء. إنهم رعاع في هذه الأمور، ويفتقرون إلى الفهم الروحي. مهما ألمَّ بهم من مشكلات، لا يُصلون إلى الله أبدًا ولا يطلبون الحق، وفي قرارة أنفسهم لا يتوكلون حقًا على الله أو يتطلعون إليه. يقولون فحسب: "يا إلهي، أشكو إليك ضيقي. يا إلهي أشكو إليك ضيقي". يرددون هذه العبارة لدرجة أن يملَّ الناس ويشمئزون من سماعها. معظمكم يصلي هكذا أليس كذلك؟ (نفعل ذلك). يمكن للمرء أن يرى من صلاة الناس مدى بؤس حالهم! إنك لا تطلب الله إلا عندما تكون في ضائقة، أما عندما لا تعاني ضيقًا أو لا تواجه مشكلات، فتشعر أنك لست بحاجة إلى الله، ولا تبتغي التوكل عليه. تبتغي أن تكون سيد نفسك ليس إلَّا. أليس هذا هو الحال الذي أنت فيه؟ (هو كذلك). عندما يختبر معظم الناس دينونة وتوبيخ كلام الله، ويجري تهذيبهم والتعامل معهم بهما، ثم يتفكرون ويحاولون معرفة أنفسهم، كيف يصلون؟ يقولون جميعهم نفس الشيء: "يا إلهي، أشكو إليك ضيقي. يا إلهي أشكو إليك ضيقي" ألا تشعرك هذه الكلمات بالاشمئزاز؟ (نعم). إن الناس ذابلون جدًا داخلهم – يا لبؤس حالهم! في كل مرة يصلون للّه، يقولون العبارة البسيطة نفسها، دون كلمة واحدة نابعة من القلب. لا يطلبون الحق ولا يرغبون في إيجاد حلول لمشكلاتهم. ما هذه الصلاة؟ أين تكمن المشكلة عندما لا يستطيع المرء قول كلمات نابعة من قلبه في الصلاة ولا يعرف عيوبه؟ عندما تمثُل قدام الله، ألا تحتاج إليه لينيرك بشأن أي شيء؟ ألست بحاجة إلى الإيمان أو القوة أو الله ليسند ظهرك؟ ناهيك عن أن ينيرك الله ويهديك للسير في الطريق أمامك؟ ألست بحاجة إلى فهم الحق لإيجاد حلول للمشكلات الملمَّة بك؟ ألست بحاجة إلى تأديب الله وتطهيره أو إرشاده؟ هل الشيء الوحيد الذي تحتاجه من الله هو أن يفرِّج كربك؟ ألست حقًا قادرًا على الشعور في قلبك أن بك الكثير من العيوب؟ ألا تعرف كيف تصلي ليست مشكلة يُستهان بها؛ بل تشير إلى أنك لا تعرف كيف تختبر عمل الله، وإلى أنك لم تجلب كلمات الله إلى الحياة الحقيقية، وأنك نادرًا ما تُجري تفاعلًا صادقًا مع الله في حياتك. ببساطة، لم تُقم مع اللَّه تلك العلاقة التي تنبغي أن تكون بين الله وأتباعه أو بين المخلوقات وخالقها. عندما تواجه مشكلة ما، توجهك افتراضاتك ومفاهيمك وأفكارك ومعرفتك ومواهبك وملكاتك وشخصياتك الفاسدة. لا علاقة لك باللَّه، وبالتالي عندما تمثُل قدامه، غالبًا ما لا يكون لديك ما تقوله. هذا هي الحالة المحزنة لمن يؤمنون بالله! حال بائس جدًا! الناس ذابلون وخدرون في أرواحهم. لا يشعرون بأي شيء عندما يتعلق الأمر بالمسائل الروحية في الحياة ولا يفهمونها، وعندما يمثلون قدام الله، ليس لديهم ما يقولونه. مهما كان الموقف الذي تجد نفسك فيه ومهما كانت المحنة التي تواجهها، ومهما كانت المشاق التي تعترضك، إذا خرس لسانك قدام الله، أفلا تنبغي مساءلة إيمانك؟ أليس هذا هو الإنسان المثير للشفقة؟
لماذا يجب على الناس الصلاة إلى الله؟ إنَّ الصلاة إلى الله هي طريق الإنسان الوحيد للتطلُّع إلى الله والاتكال عليه. محالٌ أن يتحقق هذان الأمران من دون الصلاة، ذلك أنَّ الاتكال على الله والتطلُّع إليه إنما يتحققان بالصلاة. هل يمكن لشخص يؤمن بالله دون أن يصلي له أنْ يبلُغ استنارة الروح القدس وإضاءته؟ هل يمكنه نوال عمل الله وإرشاده؟ إذا كنت لا تَعْهَد إلى الله بصعوباتك ولا تصلِّ له وتطلُب الحق، فكيف سيعالجها؟ كيف سيرشدك لاتباعه على الطريق في المستقبل؟ كيف سيخلِّصك من شخصيتك الفاسدة؟ يمكن القول إنَّ الإيمان بالله من دون صلاة ليس إيمانًا حقيقيًا بالله. فلا بد أنْ تتأسس العلاقة الطبيعية بين الإنسان والله على الصلاة، ولا بد من الحفاظ عليها من خلال الصلاة. الصلاة هي علامة إيمان الإنسان بالله؛ والمعيار الوحيد لاختبار ما إذا كانت علاقة شخص ما مع الله طبيعية أم لا، هي ما إذا كان ذلك الشخص يصلي حقًّا. ما دام المرء يقول في الصلاة كلمات صادقة من القلب، وما دام يمكنه أن يَطلُب الحق في الصلاة، فيمكنه نوال عمل الروح القدس، وهذا يوضِّح أنَّ لديه علاقة طبيعية مع الله. إذا كان المرء نادرًا ما يصلِّي، ولا يستطيع أن يتحدث في الصلاة بكلمات صادقة من القلب، وكان دائمًا ما يحترس من الله، فهذا يدل على أن علاقته مع الله ليست طبيعية. وإذا كان الشخص لا يصلي إطلاقًا، فهذا يدل على أنه ليست له علاقة بالله. إذا صلَّى الشخص جيدًا وحسب مشيئة الله، فسيكون قادرًا على الخضوع له، وهو شخص يحبه الله؛ فأولئك الذين يُصلُّون بإخلاص في كثير من الأحيان هم أناس صادقون ولديهم محبة بسيطة لله. إذن، كل أولئك الذين يؤمنون بالله، لكنهم لا يصلُّون إليه، ليست لديهم علاقة طبيعية مع الله. إنهم جميعًا بعيدون عن الله، وهم متمردون ومقاومون له. معظم الناس الذين لا يُصلُّون إلى الله ليسوا محبين للحق أو طالبين له، وأولئك الذين لا يحبون الحق أو لا يطلبونه، لا يمكنهم الصلاة بإخلاص. إنهم لا يُصلُّون مهما كانت الصعوبات التي يواجهونها، وعندما يُصلُّون، لا يرغبون إلا في استغلال الله للتخلُّص من صعوباتهم ومعاناتهم فحسب. إنهم لا يهتمون بمشيئة الله، ولا يبحثون في صعوباتهم عن جوانب الحق التي ينبغي لهم فهمها والدخول فيها. مثل هؤلاء الناس لا يتوقون إلى الحق وليس لديهم إيمان حقيقي بالله، فهم في جوهرهم من عديمي الإيمان. عليك، بصفتك مؤمنًا بالله، أن تصلي إلى الله وتطلب الحق في كل شيء. ورغم أنك ربما لا تشعر بعد الصلاة فورًا أنَّ قلبك قد صار أكثر إشراقًا أو أنك قد نلتَ طريقًا للممارسة، فانتظر الله، واقرأ كلامه في أثناء انتظارك، واطلب الحق. عندما تأكل كلام الله وتشربه أو تستمع إلى العظات والشركة، ركِّز على أن تجلب مشكلاتك إلى تأملك وسعيك. إذا تعاونتَ عمليًّا بهذه الطرق، فقد تأتيك البصيرة في لمح البصر عندما تتأمل في كلام الله أو تستمع إلى العظات والشركة. أو ربما تواجه مشكلة ما، وتُلهمك، وتَجِد إجابة هذا السؤال بعينه الذي كنت تسعى إلى حله. أليس هذا إرشاد الله وتدبيره؟ يمكن إذن للصلاة الصادقة إلى الله أنْ تكون فعالة، لكن هذا التأثير ليس شيئًا يمكنك بلوغه بعد الصلاة فورًا، إنما يستغرق وقتًا، ويتطلب تعاون المرء وممارسته. لا يمكن لأحد أنْ يقول متى سينيرك الروح القدس ويعطيك الإجابة. هذه هي عملية طلب الحق وفهمه، وهي الطريق الذي ينمو عليه الإنسان في الحياة. بعد الإيمان بالله لسنوات كثيرة، لا يزال عليكم تعلُّم كيفية الصلاة من جديد. ما تزالون لا تَعرفون كيف تُصلُّون، وكلما واجهتم مشكلة، إما أن تصرخوا بعبارات جذابة وتتخذوا قرارات، أو تشتكوا إلى الله تبثون أحزانكم وتصفون معاناتكم، أو تفكروا بعقلانية وتجدوا لأنفسكم مبررات. هذه هي الأشياء المحفوظة في قلوبكم، ولا عجب أنكم كنتم بطيؤون جدًّا في دخول الحق. إنكم تنحرفون عن مساركم. أنتم لا تَعرفون كيف تسعون إلى الحق، ومن الصعب معرفة ما إذا كان الإيمان بالله بهذه الطريقة سيكون كافيًا لكم لبلوغ الخلاص، أم لا.
اقتباس 89
أثناء خلاص الله للإنسان ما الحد الأدنى الذي يمنحه للناس بغض النظر عن درجة تمردهم، أو مدى فداحة فساد شخصياتهم؟ أي تحت أي ظروف ينبذ الله الناس ويستبعدهم؟ ما أدنى معيار ينبغي أن تبلغه ليحتفظ الله بك ولا يستبعدك؟ هذا أمر ينبغي أن يكون واضحًا لشعب الله المختار جميعًا. أولًا، ألَّا تنكر وجود الله– هذا هو الشرط الأكثر أساسية، فهناك محتوى عملي في ثنايا ما يعنيه ألَّا تنكر وجود الله. فهو ليس فقط أن تقر بأن هناك رجلًا هرمًا في السماء، أو أن الله صار جسدًا، أو أن اسم الله هو الله القدير. هذا لا يكفي؛ هذا لا يفي بمعيار الإيمان بالله. على الأقل، يجب أن تُقر بأن الله المتجسِّد هو الإله العملي؛ يجب ألا يساورك الشك أو تصدر أحكامًا؛ بل يجب أن تكون قادرًا على الخضوع حتى إن كانت لديك تصورات خاصة – هذا هو معيار الإيمان بالله. فقط بالارتقاء إلى هذا المستوى سوف يعترف بك الله شخصًا يؤمن به. لدى الله ثلاثة أسس على الأقل للناس. أولًا، يجب أن يعترفوا به، وأن يؤمنوا به، وأن يتبعوه. يجب أن يكونوا مؤمنين بالله مخلصين، ويجب أن يقوموا بواجباتهم بأفضل ما لديهم من قدرات، ويجب ألا يقترفوا الشرور أو يسببوا الاضطرابات. هذا هو الأساس الأول. ثانيًا، أثناء اتباع الله يجب في الحد الأدنى ألا يتخلوا عن واجباتهم، ويجب أن يطيعوا ويخضعوا عند أداء واجباتهم، وأن يحققوا فيها نتائج متوسطة، وأن يعملوا – في الحد الأدنى – وفق معيار مقبول. هذا هو الأساس الثاني. ثالثًا، يجب أن ترقى إنسانيتهم إلى المستوى المطلوب؛ إذ يجب أن ينظر إليهم الآخرون كأناس صالحين، أو في الحد الأدنى كأناس ذوي ضمير وعقل. يجب أن يكونوا قادرين في الأساس على أن يكونوا على وفاق مع أغلب شعب الله المختار، وألَّا يكونوا كالتفاحة الفاسدة. الناس من هذا الصنف ليسوا على الأقل سيئين أو أشرار. هذا هو الأساس الثالث. إن كان هناك من لا يستطيع قبول الحق أو يرفض أداء واجب مهما كان، فهو إذن ليس صادقًا في إيمانه بالله – لا ترقى إنسانيته إلى المعيار المطلوب في الحد الأدنى. هذا يعني أنه قد انحدرَ إلى ما تحت الأساس، ويجب أن يُستبعَد. كل من فسدت إنسانيتهم، ولا يستطيعون قبول أدنى ذرة من الحق، والذين يثيرون الإزعاجات والاضطرابات، ولا يؤدون دورًا إيجابيًّا في الكنيسة يمكن تصنيفهم كأناس أشرار. إن من لا يستطيع أن يكون على وفاق مع معظم الناس الآخرين هو بمثابة تفاحة فاسدة– شخص شرير. وحتى أكثر من ذلك؛ فهو شخص هبط إلى ما دون الأساس، وينبغي أن يُستبعَد. هؤلاء الناس الأشرار وأضداد المسيح قد يؤدون الواجبات، ولكنهم لا يتسببون إلا في القلاقل والاضطرابات والدمار، ويرتكبون الشرور– فهل يمكن أن يرغب الله في بشر من هذه الشاكلة؟ هل يؤدي أمثال هؤلاء ما عليهم من واجبات؟ (لا– إنهم لا يؤدونها). إن أعمالهم في نظر الله قد انحدرت دون الخط الأساسي، فهم غير قادرين على أداء واجباتهم، وما يسببونه من ضرر ترجح كفته بأي واجبات يؤدونها، ومن ثمَّ يجب تطهير الكنيسة منهم. أو ليس هذا هو المبدأ الذي يتم التعامل مع الناس بموجبه في بيت الله؟ هل حدث أن طُرد شخص لأنه كان مؤقتًا في حالة سيئة وشعر بالسلبية والضعف؟ هل حُمل أي شخص على التوقف عن أداء واجبه لأنه كان بين تارة وأخرى لا مباليًا بعض الشيء ولم يؤدِّ واجبه على أفضل وجه؟ هل سبقَ وصُرف أي شخص لأنه حقق نتائج بائسة في واجبه، أو لأنه كشف عن بعض التأملات والأفكار السيئة؟ هل سبقَ وصُرف أي شخص لصغر المفاهيم والشكوك التي راودته حول الله؟ (لا). إذن ما مبدأ بيت الله في صَرف الناس؟ أي أشخاص يُصرَفون ويُجبرون على التوقف عن أداء واجباتهم؟ (أولئك الذين يسبب عملهم ضررًا أكثر من النفع، والذين يتسببون في العراقيل والإزعاجات باستمرار). هذا النوع من الأشخاص غير جدير بأداء واجب. هذا لا يعني أنَّ هناك من هو منحاز ضدهم، أو يقيدهم ويطردهم بسبب ضغينة شخصية؛ بل يعني أنهم لا يحققون أي نتائج في واجباتهم، ويتسببون في العراقيل والإزعاجات. إنهم يُصرفون لأنهم بحق غير جديرين بأداء أي واجب. هذا يتوافق كلية مع مبادئ الحق. إن المبادئ التي يتدبر بها بيت الله أمور الناس وبتعامل بها معهم عادلة كلها. إن بيت الله لا يحاول أن يمسك بالناس وهم يخطئون، ويصنع جبالًا من صغار التلال، أو يثير ضروبًا من الضجة على لا شيء. يجب أن تؤمنوا بأن بيت الله يحكمه الحق. بالطبع إن بعض الناس الذين طُردوا ربما لا يزال لديهم أمل في الخلاص إن كان في مقدورهم أن يَقبلوا الحق، وأن يتوبوا إلى الله بصدق. أما عديمو الإيمان والأناس الأشرار الذين لا يستطيعون أن يقبلوا حتى القليل من الحق، والذين يعوزهم الضمير والعقل فسوف يُستبعدون إلى الأبد بعد أن يُكشفوا. هذا هو برُّ الله.
اقتباس 90
لماذا يطلب الله أن يعرفه الناس؟ لماذا يطلب من الناس أن يعرفوا أنفسهم؟ ما الغرض من معرفة المرء لنفسه؟ ما هي النتيجة المنشودة؟ وما الغرض من معرفة الله؟ ما هو التأثير الذي ينبغي أن يتحقق في الناس بحملهم على معرفة الله؟ هل هذه أسئلة أخذتموها في الاعتبار؟ يستخدم الله العديد من الوسائل لكي يجعل الناس يعرفون أنفسهم. لقد أعد كافة أشكال البيئات للناس لكي يكشف فسادهم، وكي يحملهم على أن يعرفوا أنفسهم تدريجيًا من خلال التجربة. سواء كان كشف كلمات الله أو دينونته وتوبيخه، هل تفهمون ما الغرض النهائي من قيام الله بهذا العمل؟ إن الغرض النهائي لله من قيامه بعمله بهذه الطريقة هو السماح لكل شخص يختبر عمل الله بأن يعرف ماهية الإنسان. وماذا يستتبع هذه "المعرفة لماهية الإنسان"؟ يستتبعها لسماح للإنسان بأن يعرف هويته ومكانته، وواجبه، ومسؤوليته. إنه يعني السماح لك بأن تعرف ما يعنيه أن تكون إنساناً، والسماح لك بأن تفهم من أنت. هذا هو الهدف النهائي لله من حمل الناس على أن يعرفوا أنفسهم. إذن لماذا يحمل الله الناس على معرفته؟ هذه نعمة خاصة يجود بها على البشرية لأن الإنسان بمعرفته لله يمكن أن يفهم الكثير من الحقائق ويدرك الكثير من الأسرار. يربح الناس الكثير جدًا بمعرفة الله؛ فعندما يعرف الناس الله فإنهم يتعلمون كيف يعيشون بأكثر الطرق جدوى. ولذا فإن حمل الناس على السعي وراء معرفة الله هو محبة الله الكبيرة، وأعظم بركاته، ويستفيد الله من طرق كثيرة ليجعل الناس يعرفونه، وأهم هذه الطرق الدينونة، والتوبيخ، والإرشاد، والقوت في كلامه. وبالطبع فهو أيضًا يجعل الناس يعرفون شخصيته من خلال الدينونة والتوبيخ، فهذا طريق مختصر لمعرفة الله. ما هي النتيجة النهائية التي يحققها الناس بإبصار شخصية الله ومعرفتها؟ إنها حمل الناس على معرفة من هو الله، وما هو جوهره، وما هي هويته ومكانته، وماهي صفاته وماهيته، وما هي شخصيته. إنها جعل كل شخص يرى بوضوح أنهم كائنات مخلوقة، وأن الله وحده هو الخالق، والكيفية التي يجب أن تخضع بها الكائنات المخلوقة للخالق. بمعرفة كل ذلك يصبح مسار الإنسان في الحياة واضحًا تمامًا. عندما يعرف الناس أنفسهم حقًا، ألا يمكنهم عندئذ تدريجيًا التخلص من رغباتهم المفرطة ونواياهم المختلفة غير العادلة؟ (نعم). إذن هل يستطيعون وقتها الوصول إلى النقطة التي يكون في مقدورهم عندها التخلي عنها كليًا؟ هذا يعتمد على الفرد. يستطيع الشخص فقط أن يتخلى بصدق عن رغباته المفرطة وطلباته المختلفة من الله عندما يصل إلى معرفة الله من خلال عمله، ويكتسب معرفة وتعريفًا دقيقين لجوهره، وهويته، ومكانته. لا يستطيع سوى هذا النوع من الأشخاص مثل بطرس أن يعبر عن أمنيته ورغبته المخلصتين لأن يحب الله من أعماق قلبه، ويمارس محبة الله. هكذا فإن معرفة الله ومعرفة المرء لنفسه لا يمكن الاستغناء عن أي منهما. تقول إنك تريد أن تحب الله، ولكن هل تستطيع معرفة كيف تحبه إذا كنت لا تفهمه؟ أي جوانب منه تستحق المحبة؟ ما هي أكثر جوانبه المحببة؟ إذا كنت لا تعرف ذلك، فإنك لا تستطيع أن تحبه. ستكون غير قادر على محبته حتى إن كنت ترغب في ذلك، وربما تجد حتى مفاهيم عنه، ويشب فيك العصيان لاإرادياً، مما يفضي إلى السلبية. هل يجد مثل هذا الشخص قبولاً عند الله؟ لن يجد ذلك. عندما يكون شخص ما لا يعرف الله ويقول برغم ذلك أنه يحبه، فإن هذه "المحبة" المزعومة كلها نظرية فارغة يثيرها المنطق والاستدلال البشري؛ إنها لا تنشأ من معرفة بالله، ولا تصمد إطلاقًا مع الله. هل تدركون الآن ما أقوله عن هاتين المسألتين؟ (نعم). إذن لماذا لم تكونوا قادرين على قوله الآن للتو؟ هذا يثبت أن معرفتكم بأنفسكم في التجربة العملية مشوشة، وأنكم لا تملكون معرفة حقيقية بالله. هل تعرفون ما المشكلة هنا؟ (لم نجد المسار الصحيح للممارسة، ولا يمكننا الدخول بالتزامن من الجانبين المتمثلين في معرفة الله ومعرفة أنفسنا. إننا نركز فقط على الدخول من جانب واحد، وبذا نحد من نمو حياتنا). بما أن هذه هي الحالة التي أنتم فيها الآن فكيف هي قامتكم؟ أليست غير ناضجة؟ ألستم بعيدين جداً عن متطلبات الله ومعياره فيما يتعلق بمعرفة أنفسكم؟ في الحد الأدنى ما زلتم لا تستطيعون التخلي عن رغباتكم ونواياكم الشخصية. هل يمكن لخضوعكم لله أن يتوافق مع الحق؟ هل في استطاعتكم معرفة ما إذا كان لله أية مكانة في قلوبكم؟ هناك الكثير من الناس الذين ما زالوا حتى الآن يتشككون فيما إذا كان تجسد الله بشرًا أم الله؛ لهم قدم في كلا المعسكرين: في لحظة يؤمنون بالإله الذي على الأرض، وفي اللحظة التالية يؤمنون بإلهٍ مبهم في السماء. وهناك البعض الذين يتشككون حتى في جوهر الله، الذين يقولون "كيف يمكن أن يكون الله المتجسد والله الذي في السماء هو الله نفسه؟ إذا كان هو الله حقًا فلماذا لا يظهر معجزات وآيات؟" يبين ذلك أنكم تعانون من عوز حاد في الفهم الروحي. هكذا هي قامتكم، وعلى الرغم من أن الله يقول الكثير جداً فما زلتم لا تفهمون ما يقوله. الآن أنتم تقرون فقط بأن الله قد أصبح جسداً، إنكم تقرون فقط بالحق الذي عبر عنه الله المتجسد، ولكن ليس لكم الكثير من أي معرفة عندما يتعلق الأمر بجوهر الله، وهويته، ومكانته. في استطاعتكم أن تقولوا إن هذه المعرفة في قلوبكم ترقى إلى صفر، أليست كذلك؟ (إنها كذلك). ويمكن إثبات ذلك في الحقيقة: قبل أن أقدم شركة حول هذه الجوانب من الحق مثل جوهر الله أو مقاصد الله؛ اعتقدتَ أن معرفتك بالله كانت عميقة، واعتقدتَ أن إيمانك بالله كان راسخًا ولا يتزعزع. ولكن عندما قدمتُ لكم شركة حول هذه الحقائق مثل الله ذاته، وشخصية الله، وجوهر الله أثارت هذه الكلمات والمحتويات رد فعل قوي في قلوبكم. كان رد الفعل هذا حادًا، وجعل من الصعب بالنسبة إليكم أن تقبلوا، ما أدى إلى اختلاق نزاع كبير مع الله الذي تخيلتموه في قلوبكم. أليست هذه حقيقة؟ (إنها حقيقة). إذن عندما أقول بعض الأشياء التي لم تسمعوها من قبل فإنكم تجدون أنه من المستحيل قبولها أولاً، وكأنكم لا تستطيعون فهم ما أقوله. هذا يثبت أن قامتكم صغيرة جدًا لدرجة أنكم لا تستطيعون حتى أن تفهموا كلمات الله أو ترتقون إليها. ستحتاجون إلى العديد من السنوات الإضافية من الخبرة قبل أن تتمكنوا من الفهم.
اقتباس 91
إن تقييم الله لأيوب مسجّل في العهد القديم: "لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ" (أيُّوب 1: 8). في الأيام الأخيرة، لم يشهد الله فقط على حقيقة أن بطرس أحبه حقًا، بل شهد أيضًا على حقيقة أن أيوب كان شخصًا يملك إيمانًا حقيقيًا به، فالله يطلب من شعبه المختار أن يتمتعوا على الأقل بإيمانٍ مثل إيمان أيوب إن أرادوا اتباعه حتى النهاية. في تصوراتكم، وفي نطاق النصوص المحدودة التي تفهمونها، كيف كان أيوب؟ هل كان شخصًا صالحًا؟ (نعم). وكيف تجلى هذا في المقام الأول؟ أولاً، كان رجلاً يتقي الله ولم يفعل الشر قط، وهذا هو المظهر الأساسي للشخص الصالح وأهم ما يميزه. علاوة على ذلك، كان تمسكه بمبادئه ينعكس على سلوكه وأيضَا على كيفية تعامله مع أولاده وعائلته، فلم يحاول ستر عيوب أولاده، بل صلّى إلى الله وائتمنه على أولاده، وبذلك، تبيّن للناس أن موقفه تجاه أولاده كان صحيحًا تمامًا ومتوافقًا مع مقاصد الله. كيف سيكون الأمر، في رأيكم، إن كنتم أطفالًا ولديكم مثل هذا الأب؟ ألن يُشعرَكم ذلك بالسعادة؟ ولكن كيف كان أصدقاء أيوب؟ عندما واجهت أيوبَ التجاربُ والمحن، كيف عامله أصدقاؤه؟ لم يستطع أيُّ منهم أن يفهمه، بل حكموا عليه قائلين: "لقد أسأت إلى الله، وقد لعنك". انظر إلى أين أوصلك إيمانك بالله. يا له من أمر مثير للشفقة!" حتى إن زوجة أيوب قالت: "أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ ٱللهَ وَمُتْ!" (أيُّوب 2: 9). وفي خضّم معاناة أيوب الشديدة في هذا الوقت، عامله أصدقاؤه وزوجته على هذا المنوال، مما أوقع عليه ضررًا وألمًا هائلين. ولكن كانت هناك قلة قليلة من الناس الذين فهموا أيوب، وهذا صحيح. عندما نقرأ قصة أيوب الآن، نشعر أن أشخاصًا مثل أيوب هم، في الواقع، أكثر الناس أمانةً وأجدرهم بالثقة، وأن هذا النوع من الأشخاص هم صالحون حقًا، فهم لن يخدعوك أو يؤذوك أبدًا، وسيتمسكون دائمًا بالمبادئ في أسلوب تعاملهم معك. وإن كنت شخصًا سويًّا، فلن يدينوك أو يقولون عنك أشياء سيئة لمجرد فعلٍ سيّئ تقوم به، أو لأن الآخرين يتحدثون عنك بالسوء. لن يعارضوا الحقائق ويتحدثوا بطريقة ملتوية لاتهام الناس زورًا، ولن يتكلموا بناءً على مشاعرهم أو تفضيلاتهم. وبمرور الوقت، سترى: "في الواقع، هذا الشخص صالح. كلما واجهنا القليل من الصعوبات، فإننا نتخلى عن واجباتنا، لكنهم لا يتخلون أبدًا عن اسم الله، بغض النظر عن جسامة التجارب والمحن التي يواجهونها. فلا عجب أن الله يحب هذا النوع من الأشخاص. إن حظيتُ بشخص مثل هذا إلى جانبي، فسيكون قادرًا على الاستمرار في مساعدتي ودعمي ورعايتي والتسامح معي، مهما أصابني من مرض أو محن، تمامًا كما كان من قبل. هذا النوع من الأشخاص رائعون. حتى لو أثاروا انزعاجي في بعض الأحيان أو إذا لم نكن على وفاق دائمًا، فأنا أفضل كثيرًا أن يكون مثله إلى جانبي بدلاً من وجود أحد أولئك الشياطين والأبالسة!" عادةً ما سيقول الشياطين والأبالسة ظاهريًا"أنت عظيم جدًا. أنا أحبك وأهتم بك كثيرًا"، لكنهم سيتجاهلونك حالما تواجه مشكلة ما، وستدرك حينئذٍ من هو الشخص الصالح، ومن هو موضع الثقة. أولئك الجديرون بالثقة ومَن يتقون الله ويحيدون عن الشر، هم وحدهم الصالحون حقًا، وهؤلاء الصالحون لا يُقدرون بثمن. سيكون رائعًا لو حظيتَ بعشرات الأشخاص مثل أيوب إلى جانبك، لكنك الآن لا تحظى بأي أحد! في هذا الوقت، ستشعر بمدى ندرة الأشخاص الصالحين. كل شخص بحاجة امرئ صالح مثل أيوب، وكل شخص يحب البارّين والخيرين؛ ذوي القلوب الطيبة الذين يتصرفون وفقًا للمبادئ ويتمتعون بحسّ العدالة ويتقون الله ويحيدون عن الشر، ومَن هم جديرون بالثقة.
عندما تصيبك المحن والمرض، وعندما يعاني قلبك أشد المعاناة، فأي نوع من الأشخاص تحتاج إليه بجانبك؟ هل تحتاج إلى من يُطريك زيفًا بمعسول الكلام؟ هل تحتاج إلى من يحكم عليك ويدينك وينتقدك؟ (لا). وبالتالي، ما نوع الشخص الذي تحتاج إليه أكثر؟ تحتاج إلى شخص يمكنه أن يبدي تعاطفًا مع الصعوبات التي تواجهك ويواسيك، ويستطيع الإنصات إليك وأنت تتحدث عن الألم الذي يعتصر قلبك، ثم يساعدك للخروج من سلبيتك وضعفك ومعاناتك. هذا هو الشخص الذي يستطيع مساعدتك؛ لن يسخر منك أو يدفعك بعيدًا عنه عندما تكون مكتئبًا، ولن يغض الطرف عن الصعوبات التي تواجهك. بعبارة أخرى، إن كنت في حاجة إلى من يُواسيك؛ وإذا كنت تواجه صعوبات وأوقات من الضعف ومشاكل خاصة، فيمكنك مشاركة ما تعانيه مع مثل هذا الشخص، لأنه لن يذيعها على الملأ من وراء ظهرك، ولن يسخر منك، أو يستهزأ بك، أو يفسد شؤونك الخاصة. إنَّ مثل هذا الشخص يستطيع التعامل مع صعوباتك وضعفك وسلبيتك والجوانب الهشّة من إنسانيتك على النحو الصحيح. أليس التعامل مع مثل هذه الأمور بشكل صحيح تصرفٌ وفقًا للمبادئ؟ أليست هذه من مظاهر الشخص الصالح؟ إنَّ هذا النوع من الأشخاص يستطيع أن يفهمك، ويتسامح معك، ويرعاك، ويدعمك، ويعولك، ويساعدك على انتشال نفسك من الألم والضعف. هذا النوع من الأشخاص يقدم لك هذه المساعدة الكبيرة. إنَّ شخصًا على هذه الشاكلة لا يُقدر بثمن. هذا هو الشخص الصالح! لنفترض أن شخصًا ما يتجاهلك، بل يسخر منك أيضًا ويستهزئ بك عندما يرى أنك تواجه مشكلة، وأنت تريد أن تأتمنه على سرٍّ ما، لكنك بعد ذلك تقول لنفسك: "لا يمكنني إخباره، إن فعلت ذلك، فقد يكون لذلك تداعيات، ربما يذهب ويتحدث عن شؤوني الشخصية دون علمي. حينها سيسخر الجميع مني، ومَن يدري أي قصص سيختلقها لتشويه سمعتي". هل ستجرؤ على الحديث مع شخص مثل هذا؟ لن تكون لديك أدنى فكرة عما سيكون قادرًا على فعله بالضبط؛ ذلك أن الأمر لا يقتصر على أنه قد لا يساعدك أو لا يدعمك فحسب، وإنما قد يفسد شؤونك الشخصية ويخدعك ويؤذيك. هل ستجرؤ على أن تُسِّر إليه بشيء ما؟ عندئذ ستدرك مدى أهمية الأشخاص الصالحين وقيمتهم وأنهم لا يقدرون بثمن، وأن قيمة أن تكون شخصًا صالحًا أكبر من قيمة أن تكون أي نوع آخر من الأشخاص. حتى والديك قد لا يفهمان صعوباتك واحتياجاتك حق الفهم عندما تعاني وتتألم، ولن يتمكنا من مواساتك. ثمة أطفال يعملون بجد ويتولون وظائف خارج منازلهم، وثمة نساء – على وجه التحديد – يتحتّم عليهن كسب ود رؤسائهن أو حتى بيع أجسادهن لكسب القليل من المال؛ بينما لا يتساءل آباؤهم أبدًا عن مدى الصعوبة التي يواجهها أطفالهم في العمل خارج المنزل أو في كسب المال، حتى إنهم يشتكون إن لم يجلب أولادهم إلى المنزل كثيرًا من المال، ويقارنونهم بالآخرين. فبمَ يشعر أطفالهم في مثل هذه الحالة؟ (بالحزن والإحباط). تنفطر قلوبهم حزنًا، ويشعرون أن العالم مكان مظلم جدًا، وأن والديهم أنفسهم كذلك أيضًا، ويتساءلون كيف سيستمرون في العيش. ولهذا السبب يجب أن تكون شخصًا صالحًا، فالجميع في حاجة إلى شخص صالح. لكن كيف يأتي الناس الصالحون؟ هل يهبطون فجأة من السماء؟ هل ينبتون من الأرض؟ هل هم نتاج التطور من حيوان معين؟ هل هم نتاج تعليم المدارس رفيعة المستوى؟ أم نتاج تنمية الزهد الديني؟ لا، ما من تفسير صحيح في هذه التفسيرات، فكلها مستحيلة تمامًا. لا يمكن للمرء أن يصبح شخصًا صالحًا إلا عن طريق اتباع الله، وممارسة الحق، وقبول خلاص الله. إنَّ الأشخاص الصالحين لا يظهرون فجأة عن طريق التحول المفاجئ لبشر فاسدين، إنما يجب على الناس أن يؤمنوا بالله ويتلقوا خلاصه، ويجب عليهم أن يسعوا إلى الحق، وأن يربحوا عمل الروح القدس، وأن يُكمَّلوا حتى يصبحوا أناسًا صالحين. كل واحد يحتاج إلى شخص صالح بجانبه صديقًا مؤتمنًا على السر. قل لي، هل يحتاج الله إليهم أيضًا؟ (نعم). يحتاج الله إلى الصالحين، والناس أيضًا بحاجة إلى الصالحين. ما تأثير فهم هذه المسألة عليك؟ يجب أن يكون لديك هذا العزم وهذه الرغبة في السعي لأن تصبح شخصًا صالحًا. إذا قلت: "إنَّ كون المرء شخصًا صالحًا هو صعب ومرهق، لكن يجب أن أتحلّى بالعزم على السعي لكي أصبح واحدًا منهم، لأنَّ الناس بحاجة ماسة إلى الأشخاص الصالحين، وأنا أيضًا بحاجة إليهم، لذلك سأصبح أنا نفسي شخصًا صالحًا أولًا، وسأساعد الآخرين وأدعمهم، وأسعى لمساعدة الله في ربح المزيد من الأشخاص الصالحين"، فهذا قول سديد. إذا سعى الجميع لأن يكونوا أشخاصًا صالحين، فسيكون هناك رجاء للبشرية. وربما تقول: "إن البشرية فاسدة للغاية وشريرة، ولا جدوى من وجود بضعة أشخاص فقط صالحين مؤمنين بالله، فحتى هؤلاء سيتم الضغط عليهم لأن هناك الكثير جدًا من الأشرار". إن قول ذلك حماقة. أنت تؤمن بالله لنيل الخلاص، إذا أصبحت إنسانًا صالحًا وبارًا، فسيباركك الله. مهما كان البشر أشرارًا وفاسدين، فإن لله طُرقًا في التعامل معهم، ولا داعي لأن يقلق الناس بشأن هذا الأمر. ما عليك سوى التركيز على السعي نحو الحق ونيل خلاص الله؛ وهذا ما يتوافق مع مقاصده. عندما صنع نوح الفُلك، لم يتم في نهاية المطاف تخليص سوى ثمانية أشخاص. كل أولئك الذين لم يؤمنوا بكلمات الله ولم يسلكوا الطريق الصحيح، هلكوا بطوفان الله في النهاية؛ وهذه حقيقة معترف بها. لماذا لا تستطيع أن تدرك قدرة الله؟ لماذا لا تستطيع أن تدرك أن الله إله بار؟ عندما يُنهي الله عمله، فلا بد لهذا العصر أن ينتهي بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين ينالون الخلاص. لابد أن تنزل الكوارث الكبرى، وسيعالج الله كل هذه المشاكل. عندما تسعى إلى الحق وتصبح شخصًا بارًا فذلك من أجل مصلحتك، لأن هذا يفيدك ويفيد الآخرين. يقول بعض الناس: "لا ينال الصالحون ما يستحقونه"، لكن هذا غير صحيح. أولئك الذين يسعون إلى الحق سيحصلون في النهاية على مكانهم في ملكوت السماوات، ومهما بلغ ازدهار الأشرار على الأرض، فسوف يَهلَكون جميعًا في النهاية ويُلقون في الجحيم. إذًا، يحصل كلّ من الصالحين والأشرار على ما يستحقونه، أليس كذلك؟ ماذا جاء في الكتاب المقدس "َأُجْرَتِي مَعِي لِأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ" (رؤيا 22: 12)
ما قام به أيوب من أفعال، كما هي مسجلة في سفر أيوب، لا تشغل في الواقع سوى مساحة ضئيلة جدًا، فهي أفعال بسيطة جدًا، وليست كثيرة. على الرغم من ذلك، يجب أن تكون قادرًا على أن تنشد التلميحات من بين تصرفات أيوب وأن تعثر على مبادئه وطريق ممارسته ليصبح شخصًا صالحًا. أولًا وقبل كل شيء، ما المبدأ الذي اتبعه أيوب في معاملته لأبنائه والمقربين منه؟ كان هذا المبدأ هو عدم الاعتماد على عواطفه، بل الالتزام بالمبادئ. لم يكن ينوي أن يخطئ أمام الله بسبب الأشياء التي حدثت. كان هذا هو معياره الأول ليتقي الله ويحيد عن الشر؛ وقد بدأ بمعاملته لأفراد عائلته. ثانيًا، وفيما يتعلق بتعامله مع الأصول التي يمتلكها. كان أيوب يعلم أن أصوله، وإن كانت محض ممتلكات دنيوية، فقد جاءت من الله وهي ما منحه الله إياه وباركه به. ويجب على الناس إدارة هذه الممتلكات والاعتناء بها جيدًا وبحرص. إن حسن الاعتناء بها لا يعني الجشع لامتلاكها أو الاستمتاع بها، ولا يعني العيش من أجلها، بل يعني شكر الله عليها، ورؤية ترتيبات يدي الله وسيادته فيها، ومعرفة الله من خلال هذه الأشياء. عندما يَعرِف الناس الله، يصبحون قادرين على الخضوع لسيادته، وهذا حقًا هو أهم معيار لكي يكون المرء شخصًا صالحًا. إذا كان بإمكانك الالتزام بالمبادئ عند التعامل مع الآخرين، لكنك غير قادر على الخضوع لله، فهل أنت حقًا شخص صالح؟ لا، أنت لست كذلك. علاوةً على ذلك، عند تعامل أيوب مع سيادة الله وترتيباته، كان قادرًا على الخضوع لسيادة الله وترتيباته كلها. إنَّ ترتيبات الله تتضمن الحرمان والتجربة. أحيانًا يحرمك الله، وأحيانًا يجرِّبك. علامَ تشتمل تجاربه؟ في بعض الأحيان قد يجعلك مريضًا، أو يتسبب في حدوث بعض الظروف السلبية لدى عائلتك، أو قد يجعلك تواجه بعض الصعوبات، أو قد يتم تهذيبك وتأنيبك وتأديبك ودينونتك وتوبيخك من قِبله في أثناء أداء واجبك. هذه كلها ترتيبات الله؛ كيف يجب عليك أن تتعامل معها؟ إذا كنت لا تستطيع الخضوع لها، ودائمًا ما ترغب في الهروب منها، فأنت لا تختبر عمل الله. إضافةً إلى ذلك، يجب أن يكون الناس مخلصين في كيفية تعاملهم مع واجباتهم، ويجب عليهم إظهار إخلاصهم. ما معنى الإخلاص هنا؟ يعني تقديم كل ما هم قادرون عليه وكل ما يملكونه. هذا هو الإخلاص! وهذا هو معيار أن يكون المرء شخصًا صالحًا. لو كان بينكم الآن شخص واحد فقط مثل أيوب – لا داعي للمزيد، بل شخص واحد فقط – لكانت لديكم ركيزة داعمة بينكم. إذا ما أصابكم شيء ما، فسيكون هذا الشخص بمثابة قدوة لكم في جميع الأوقات. لن يكون عليكم سوى أن تفعلوا ما يفعله، وبمرور الوقت ستتغيرون، وستستمرون في التحسن، بدءًا من أفكاركم وصولًا إلى أفعالكم، ومن طلب الحق حتى ممارسته. ستتحسن حالتكم نحو الأفضل، وستتحركون في اتجاه إيجابي، مما يتيح لكم الشروع في الطريق الصحيح للإيمان بالله. بعد اختبار عمل الله لعدد من السنوات بهذه الطريقة، ستتمكنون أنتم أيضًا من أن تتقوا الله وأن تحيدوا عن الشر مثل أيوب، لتصبحوا أشخاصًا كاملين.
اقتباس 92
تعيشون في هذا العصر الأخير. حيث يحيا معظم أفراد عائلاتكم في رخاءٍ غير مسبوق، وتتمتعون بوفرة ماديَّة في كل جانب من جوانب حياتكم. ما نوع الشعور الذي تشعرون به؟ إنه مجرَّد شعور بسيط بالسعادة الجسديَّة، ولكن ما الفرق بينها وبين السعادة القلبية؟ لقد مررتم جميعًا باختبارات وشهدتم بعض الأحداث، وصار سعيكم للإيمان بالله سعيًا أكثر عملية من ذي قبل، وبات بإمكانكم جميعًا الشعور بأن السعي وراء الشهوات الجسدية أجوف، وصِرتم جميعًا على استعداد للسعي بجِد نحو الحق. هل اختبرتم جميعًا هذا الاختبار؟ هل يمكن لشهوات الناس الجسدية في مختلف الأشياء المادية أن تجلب لهم الراحة الروحية؟ ما الذي تجلبه رفاهية المعيشة وحياة الوفرة الماديَّة للناس؟ لن يجلب هذا للناس إلا الفساد، ويُفقدهم اتجاههم. وبهذه الطريقة يسهُل على الناس فقدان حِسهم، ويصيرون غير قادرين على التمييز بين الخير والشر، ويصبحون غير عقلانيين، ويخسرون إنسانيتهم شيئًا فشيء؛ ويتوقون إلى الراحة أكثر فأكثر، ويزدادون جهلًا بمنزلتهم في الكون. وسيكون هناك أيضًا أناس فاقدين القدرة على رعاية أنفسهم. لن يمكنهم العيش باستقلالية تامة، ولن يستطيعوا كسب قوتهم، وسيصبحون متكلين على والدَيهم. وسيصبحون أيضًا أكثر جشعًا ووقاحة على نحو متزايد. خُلاصة القول، لا تجلب رفاهية المعيشة وحياة الوفرة الماديَّة للناس إلا الفساد، ومحبة الكسل، واحتقار العمل. كما تغرس فيهم جشعًا لا يشبع، وعدم شعور بالخزي. ولن تكون لهم أي منفعة للناس على الإطلاق. فمن جِهة الجسد، كلما عملتُ على راحته، زاد جشعه. حسنًا أن يحتمل الجسد بعضًا من المعاناة. فمَن يتحملون بعض المعاناة يسلكون السبيل القويم وينغمسون في العمل اللائق. لو لم يحتمل الجسد المعاناة، بل تاق إلى الراحة، وترعرع في كنف الراحة، فلن يحقق الناس أي شيء، ومن المحتمل ألا ينالوا الحق. وإذا واجه الناس الكوارث الطبيعية وتلك التي يتسبب فيها الإنسان، فإنهم يفتقرون إلى الحس والعقلانيَّة. وبمرور الوقت لا يُصبحون إلا فاسدين أكثر فأكثر. هل ثمة بعض الأمثلة على ذلك؟ يمكنك رؤية هذا بين غير المؤمنين، فهناك العديد من المغنين ونجوم السينما الذين كانوا على استعداد تام لتحمُّل المشقات وتكريس أنفسهم لعملهم قبل أن يحظوا بالشهرة. ولكن بمجرد أن يُصبحوا مشهورين، ويبدؤون جني الكثير من المال، ينحرفون عن السبيل القويم، فيتعاطى بعضهم المخدرات، وبعضهم يلجأ إلى الانتحار، وتقصُر حياتهم. ما الذي يُسبب هذا؟ إنها شهواتهم المادية المفرطة، وهُم ينعمون براحة أكثر من اللازم، ولا يعرفون كيف يحصلون على متعة أكبر أو إثارة أكبر. فيعود بعض منهم إلى تعاطي المُخدرات بحثًا عن المزيد من المتعة والإثارة. وبمرور الوقت لا يتمكنون من الإقلاع عنها. ويموت البعض جراء تناول جرعات زائدة من المخدرات، وآخرون لا يعرفون كيف يتحررون من قيودها، وهذا بكل بساطة يؤول بهم إلى الانتحار. وثمة العديد من الأمثلة على ذلك. فمهما بلغت جودة طعامك، أو رفاهية ملابسك، أو رَغَد حياتك، أو إمتاع ذاتك، أو الراحة التي تنعم بها في الحياة، ومهما أُشبعت شهواتك إلى الحد الأقصى، في النهاية كل هذا سراب من بعد سراب ونهايته الدمار. هل السعادة التي يسعى إليها غير المؤمنين هي السعادة الحقيقية؟ في الواقع، هي ليست سعادة. إنما تخيُّل بشري، أو لون من ألوان الفساد، إنها سبيل يصير الناس من خلاله فاسدين. فالسعادة المزعومة التي يسعى إليها الناس سعادة زائفة، في حقيقة الأمر هي معاناة. إنها ليست غاية يسعى إليها الناس، ولا تكمن فيها قيمة الحياة. ومن الطرائق والوسائل التي يُفسِد بها الشيطان الناس إغوائهم للسعي وراء إشباع الجسد والانغماس في الشهوات باعتبارها غاية. وبهذه الطريقة، يُغيِّبُ الشيطان وعي الناس ويغويهم ويُفسدهم، ويجعلهم يشعرون وكأن تلك هي السعادة المرجوَّة، وبعد بلوغهم تلك الغاية يقودهم إلى الاضطراب. ويعتقد الناس أنَّ امتلاك السعادة يكمن في امتلاك تلك الأشياء، لذا يسعون بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق تلك الغاية. وبعدما يمتلكونها بالفعل يكتشفون أنها ليست السعادة التي يبتغونها، إنما سراب وألم. وهذا ما يُبرهن على أن ذاك ليس السبيل القويم؛ بل سبيل عاقبته الموت. لماذا لا يسلك المؤمنون بالله السبيل الذي يسلكه غير المؤمنين؟ وما السعادة التي يشعر بها المؤمنون بالله؟ وكيف تختلف عن تلك التي يسعى إليها غير المؤمنين؟ لا يسعى معظم الناس بعد إيمانهم بالله إلى الثروة الطائلة. ولا يسعون إلى الازدهار على الأرض، أو إلى الإنجازات المهنيَّة، أو أنْ يصيروا من المشاهير. بل يسلكوا بسلام نحو تتميم واجبهم، والعيش ببساطة، ولا تكون لديهم مطالب عالية جدًّا لجودة حياتهم. وبعض الناس يشعرون بالاكتفاء بامتلاكهم قليل من الطعام والثياب. لماذا لا يزال بإمكانهم اختيار سبيل كهذا في عالم تسوده الظُلمة والشر؟ هل يُمكنك القول إنَّ الإخوة والأخوات المؤمنين بالله يفتقرون إلى القدرة على كسب أموال طائلة؟ قطعًا لا، وهذا لأن بعدما يؤمن هؤلاء الناس بالله يشعرون بالفعل بدرجة أو أخرى في أعماق قلوبهم، أنَّ اتباع الله هو السعادة الأعظم، ولا يمكن لأي شيء مادي في العالم أنْ يحلَّ محل هذه السعادة. حتى أن بعض الناس حاولوا؛ فمروا بشدائد في الحياة لسنوات عديدة، وتبيَّن لهم أنها مُرهِقة وصعبة. ومع أنهم ربحوا بعض الأموال، واختبروا الملذات الجسديَّة، وعاشوا بلا كرامة، وباتت حياتهم جوفاء ومريرة على نحو متزايد. وشعروا أن الموت أفضل من عيش حياة كهذه. لقد اختبر هؤلاء بالفعل تلك الأمور. ولم يؤمنوا بالله فقط لأن ليس أمامهم خيار آخر، ولكن لأنهم شعروا حقًا: إن اتباع الله والسلوك في سبيل السعي نحو الحق، بالإضافة إلى بذل حياتهم وتكريسها بالكامل لله هي أعظم تعزية لقلوبهم، وأعظم ما في حياتهم برمتها؛ أي أن معرفة الله وامتلاك الحق هما السعادة الأعظم، وما يجعل قلوب الناس أكثر سلامًا، وفرحًا، وثباتًا. وقد شعروا بالفعل أيضًا أن هذه السعادة؛ ليست دربًا من الخيال. يُمكن القول إنَّ بعض من مُختاري الله اختبروا بعض الضيقات والتجارب، وعرفوا الحق، وشهدوا أمورًا عديدة. وأكدوا أنَّ الإيمان بالله والسعي نحو الحق هو السبيل القويم، الذي لا ينبغي أن يُسلك سواه في هذا العالم، وأنَّ كلمة الله هي الحق – وقد استقروا على هذا السبيل. شخص كهذا لديه إيمان حقيقي، وسنوات الألم تلك لم تضِع هَبَاءً. وبصرف النظر عن مدى عمق أو سطحيَّة الشهادات الاختبارية التي يتحدثون عنها، ثمة شيء واحد مؤكد: وهو أنك مهما حاولت ثنيهم عن الإيمان بالله، وجعلهم يعودون إلى العالم، لن يسلكوا ذاك السبيل بأي حال من الأحوال. حتى ولو كان بالعالم جبل من الذهب يُغري النفوس، ربما يغويهم في ذلك الوقت، ولكنهم سيفكرون قائلين: "إن امتلاك جبل من الذهب أو جبل من الفِضة لن يجعلني سعيد مثل سعادتي ببذل نفسي لله وتتميم واجبي. فإن جنيت ثروة من الذهب أو الفِضة، سأشعر بسعادة بالغة في تلك اللحظة، ولكنني سأعاني العذاب والألم في قلبي. لهذا لا يمكنني أنْ أسلك ذلك السبيل، مهما كان. لم تكن معرفة الله بالأمر اليسير؛ فإن ضللتُ مجددًا، فإلى أين أذهب لأجد الله؟ إن فرصة اتباع الله يصعُب تكرارها! فلا يوجد متسع من الوقت، والوقت في حد ذاته يمرُ سريعًا – إنها بالحقيقة فرصة لن تتكرر" فقد شهدوا ظهور الله وعمله، وأدركوا أنَّ التشبُّث بالله يُشبه تمامًا التعلُّق بقشة لإنقاذ الحياة. أخبرني، بماذا يشعر به الغريق حينما يتشبَّث بالمنقذ؟ (يشعر أن ثمة رجاء في النجاة، لذا يتشبَّث به بقوة ولا يدعه يفلت من يديه). وهذا بالضبط ما يشعرون به. وعندما يتشبث الغريق بالمنقذ، ماذا يدور في ذهنه؟ "لا يجب أنْ أموت الآن، ثمة رجاء في النجاة! ما دام هناك بصيص رجاء في البقاء على قيد الحياة عند اقتراب الموت، لا يُمكنني تركه حتى ولو بذلت كل ما أوتيت من قوة. ولن أدعه يفلت من يدي مهما بلغت صعوبة الأمر أو ألمه. حتى وإن كنت ألتقط أنفاسي الأخيرة، لا بد من أن أتشبّث بهذا المنقذ". عندما يشعُر شخص ما أنَّ لديه رجاء في البقاء على قيد الحياة، هل يشعر حينها بالسعادة؟ والآن حينما تُفكرون في صمت، وتتأملون، وتُصلون، أو تُشاركون في عبادات روحيَّة، وأنتم تُدركون مقدار ما نلتم من اتباع الله، ألا يُثير هذا شعورًا بالسعادة في قلوبكم؟ عبِّروا عن مشاعركم الحقيقية. (إنْ لم نكن نتبع المسيح، لكُنا وقعنا بالفعل في كوارث لم يكن يتصور عواقبها عقل. أما الآن، فصرنا نفهم حقائق هذا مقدارها من خلال معرفة كلام الله حق المعرفة، وتتميم واجبنا. لقد ربحنا إيمانًا حقيقيًّا، ويمكننا أيضًا أنْ نخاف الله من قلوبنا؛ وتعلمنا طاعة الله. لقد ربحنا الكثير جدًّا، وكلنا امتنان لإرشاد الله). هذا صحيح. لقد ربحتم الكثير من اتباع الله وتتميم واجبكم. وهذا ما أعده الله للإنسان. لذا يجدر بكم الامتنان لله وتسبيحه.
عندما يواجه ذوو الإيمان الحقيقي بالله مشكلات، يستطيعون طلب الحق، وبعدما يمرون ببعض الاختبارات، يُصبحون قادرين على امتلاك بعض الحقائق، ومعرفة أنَّ ما تجلبه تلك الحقائق من سعادة يكفي للحلول مح الملذات ووسائل الراحة التي تجلبها الماديات. وبالنسبة للماديات تلك، كلما امتلكتم المزيد منها، صرتم أقل شبعًا، وأقل قدرة على تمييز الصالح من الطالح. ولكن كلما عرف الناس الحق وفهموه فهمًا عميقًا، وكلما عرفوا أنه يقتضي عليهم الواجب أن يُعربوا عن شكرهم وامتنانهم لله، عطشت قلوبهم لمحبة الله وصاروا أكثر قدرة على طاعة الله ومخافته. وتلك هي السعادة الحقة. ماذا يجلب السعي وراء الملذات المادية للناس؟ الخواء والفساد؛ إنها لا طائل منهما سوي زيادة سعيهم للماديات ورغبتهم فيها. من الصعب على الناس الابتعاد عن إغواء المكانة الاجتماعية والشهرة والثروة. إذن، كيف يتسنى للمؤمنين بالله التخلي عن الملذات المادية؟ وهل يتحقق هذا بالصلاة اليومية وممارسة ضبط النفس؟ (كلا. باختبارنا هذه الأمور) كيف يختبر المرء تلك الأمور؟ (من جهة، بكلمة الله الموحى بها. ومن جِهة أخرى، باختبارات المرء الشخصية وإدراكه وفهمه المتأني لبعض الحقائق التي يعلمها من خلال تلك الأمور). أنت تفهم الحق، إذن يُمكنك التخلي عن تلك الأشياء، وهذا يعني أنك قبلتَ الحق. وفي أعماقك، قد قبلتَ كلمة الله – ما قاله الله للإنسان وما يُريده منه – وأصبحت واقعًا تعيشه. هل هذا واقع حياتك؟ لقد أصبح بالفعل حياتك. وفي تتميم واجبك، تكون قد امتلكتَ الحق على أنه حياتك دون أنْ تشعر. من المحتمل أنك لم تشعر بهذا بعد، وتعتقد أنَّ قامتك تبدو صغيرة جدًا، وأن ثمة الكثير مما لا تفهمه – ولكن لديك قلبًا يخاف الله، وهذا يدل على أن حياة الله متأصلة فيك بالفعل. إنَّ النمو في الحياة أمر طبيعي، ولست بحاجة إلى الشعور به بطريقة بعينها. وحتى إنْ لم تستطع التعبير عنه بكلمات واضحة، لكنك بالحقيقة قطعت شوطًا كبيرًا وتغيَّرت. لذلك، في الوقت ذاته الذي تقبَل فيه حياة حق الله، ينجذب قلبك لا شعوريًّا نحو الله، فطوال الوقت كان الله ولا يزال يختبرك ويفحص قلبك. فكِّر مليًّا الآن – أليست هذه العملية عملية سعيدة؟ إنها عملية سعيدة للغاية! أنتم محظوظون جدًا؛ لأنكم تعيشون في الأيام الأخيرة، وتحظون بامتياز قبول عمل الله في الأيام الأخيرة، واتباع الله، وتتميم واجبكم. فكلام الله متأصل فيكم بطريقة مباشرة، مما يتيح لكم امتلاك الحق بصفته حياتكم. باعتبار أن كلام الله حياة مُعاشة، والحق حياة مُعاشة، أليس الوجود البشري ذا قيمة حقًا؟ ألم يُصبح نبيلًا دون حتى أنْ تُدركوا ذلك؟ ألم يَحيَ لكي يصير أكثر كرامة رويدًا رويدًا؟ في هذا الوقت فقط يشعر الناس أنهم ربحوا الكثير من خلال الإيمان بالله. ففهم بعض الحقائق يُمكن أن يؤدي إلى إحداث تغيير كبير في الناس؛ لم يدركوا هذا سابقًا، أما الآن فيرون كل شيء بوضوح. وكما يتضح لنا، صار حق كلام الله بالفعل حياتهم بداخلهم. وترسَّخ الحق في قلوبهم وأزدهر ليؤتي ثماره – وتلك حياة؛ الثمر الذي يُفرزه فهم الحق، والذي لا يُمكن لأي شيء أن يحلَّ محله. فعندما تختبرون بعض التأديب، أو التأنيب، أو الدينونة، أو التوبيخ وتقبلونه وتخضعون له، ستعرفون حينها الله، دون أن تشعروا، بعد فهم العديد من الحقائق، وستُحرز حياتكم تقدمًا متزايدًا. أليس هذا نموًا شيئًا فشيئًا؟ ألا تتطلعون أنتم أيضًا إلى ذاك اليوم؟ (بلى) إذن عليكم أن تسعوا جاهدين نحو الحق.
اقتباس 93
علام يتكل أولئك الذين لا يفهمون الحق عندما يقومون بأي فعل؟ إنهم يتكلون على الأساليب البشرية، والفكر البشري، والقليل من المهارة البشرية. وعندما تُنجز الأمور وتكتمل باستخدام هذه الأساليب، يُصبح الناس متعجرفين، ويشعرون أنهم يمتلكون رأسمال وقد حان وقت التباهي والتفاخر بأسبقيتهم؛ وهذا يُسمى افتقار إلى العقل، فهم لا يعرفون في الواقع ما إذا كان ما فعلوه يتوافق بالفعل مع مشيئة الله أم لا. إنهم لا يفهمون، ويفتقرون إلى البصيرة؛ لذلك يميل هؤلاء الناس إلى الجدال في أتفه الأمور عندما يصيبهم شيء ما، وعندما يخطئون في أداء واجبهم ويجري تهذيبهم، يبحثون عن أسباب خارجية، فيلومون هذا ويلومون ذاك، ويلومون الظروف السيئة، ويلومون أنفسهم لعدم تفكيرهم في الأمور آنذاك. لا يبحثون إلا عن الأسباب الخارجية؛ ولا يعترفون بأنهم لا يفهمون الحق، أو أنهم لم يستوعبوا مبادئ الحق، قلوبهم سلبية ومملوءة بفهم خاطئ عن الله، ويعتقدون أن الله قد كشفهم. هل هذا هو الحال فعلًا؟ إنهم عند قيامهم بواجبهم يكشفون عن شخصياتهم الفاسدة؛ فهم يقومون بالأشياء دون أي مبادئ على الإطلاق ودونما أي صلة بالحق. كم هم مثيرون للشفقة! مثل هؤلاء الأشخاص يقومون بواجبهم دون خضوع؛ فلا يمكن القول إنهم يتحلون بأي قدر من الولاء أو التفاني، واحتمالية أن يتقوا الله ويحيدوا عن الشر أقل حتى من ذلك. إنهم يعتمدون على الأساليب البشرية باستمرار عندقيامهم بالأشياء، ولا يتصرفون ويبذلون جهدًا إلا خارجيًّا، لكنهم في جوهرهم لايزالون عاجزين عن فهم الحق. هل توجد تغييرات في الشخصيات الحياتية لهؤلاء الأشخاص؟ هل تكون علاقاتهم مع الله طبيعية؟ أثمة تحسُّن في خضوعهم لله واتقائهم له؟ (كلا). لا تحسن في حياتهم، ولا تغيير في شخصياتهم الفاسدة. هم يصبحون أكثر دهاءً ومكرًا فحسب، ويستخدمون وسائل أكثر خداعًا، بل إنهم يغدون أكثر غطرسة. ومهما كان ما يواجهونه، فهم يعيشون وفقًا لفلسفة الشيطان، ودائمًا ما يلخِّصون اختباراتهم والدروس التي تعلموها، مع ملاحظة مواضع سقوطهم وفشلهم، والدروس التي يجب أن يتعلموها لتجنب السقوط والفشل مرة أخرى. دائمًا ما يلخِّصون اختباراتهم ودروسهم على هذا النحو، ولا يطلبون الحق على الإطلاق. هل يمكن للمرء أن يتخلص من شخصيته الفاسدة بينما يعيش وفقًا لفلسفة الشيطان؟ وهل يمكنه بلوغ الخلاص إذا لم يتمكن من التخلص من شخصيته الفاسدة؟ إن عدم فهم مثل هذه الأمور مسألة خطيرة، ولا سبيل معها للدخول في الطريق الصحيح للإيمان بالله. هل يمكن للشخص أن ينال الحق بعد سنوات كثيرة من الإيمان بالله بهذه الطريقة المشوَّشة؟ هل يمكن أن يتحسن ضميره وعقله تدريجيًا إلى أن يصبحا طبيعيَّين؟ هل يمكنه أن يعيش بحسب إنسانية طبيعية؟ (لا). إن تلخيص الاختبارات والدروس على هذا النحو وتغيير سلوك المرء قد يقلل من الأخطاء، ولكن هل يُعَد هذا بمثابة ممارسة للحق؟ (لا). هل بوسع هذا الشخص الدخول إلى واقع الحق؟ (لا). أيوجد في قلب مثل هذا الشخص مكانٌ لله؟ (لا). أولئك الذين يتصرفون دون أي اعتبار للحق أو لله، هم منعديمي الإيمان ولا يمكنهم بلوغ خلاص الله! فهل تستطيعون تمييز مثل هؤلاء الأشخاص؟
عندما يقوم شخص بفعل شيء ما، بغض النظر عما إذا كان يقوم بواجبه أو يهتم بأمور شخصية، عليك أن تولي اهتمامًا إلى حيث يتجه تركيزه، إذا كان يركِّز على فلسفات التعاملات الدنيوية، فهذا يدل على أنه لا يحب الحق ولايسعى إليه. وإذا كان يسعى جاهدًا نحو الحق مهما حدث له، ويتجه إلىا لحق في تأملاته، ويفكر: "هل فعل هذا يتوافق مع مقاصد الله؟ ما متطلبات الله؟ هل فعل هذا خطية في حق الله؟ هل سيُغضب ذلك شخصيته؟ هل سيؤذي الله؟ هل سيمقته الله؟ هل ثمة معنى من القيام بذلك؟ هل سيؤدي ذلك إلى عرقلة عمل الكنيسة أو تعطيله؟ وهل سيضر بمصالح بيت الله؟ هل سيجلب هذا عارًا على اسم الله؟ أهو ممارسةٌ للحق؟ أهو فعل للشر؟ ما سيكون رأي الله فيه؟ "إذا كانوا يتأملون دائمًا في هذه الأسئلة، فعلامَ يدل ذلك؟ (يدل على أنهم يطلبون الحق ويسعون إليه). هذا صحيح، إنه يدل على أنهم يطلبون الحق، وأن الله في قلوبهم. كيف يتعامل من لا وجود لله في قلوبهم مع ما يصيبهم من أحداث؟ (إنهم يتصرفون بناءً على قدرتهم على الفهم وعلى مواهبهم، دون أن يكون لذلك علاقة بالله على الإطلاق، كما أنَّ أفعالهم تتداخل على نحو خاص مع نواياهم). إنها لا تتداخل مع نواياهم فحسب، بل إنهم – عندما يتصرفون وفقًا لنواياهم – لا يفحصون أنفسهم أو يتأملون فيها على الإطلاق. إنهم لا يقدمون أي تنازلات، ويتمسكون بعناد بسُبلهم الخاصة، ويفعلون الأشياء كما يحلو لهم، ولا يُصلُّون إلى الله، ولا يطلبون الحق، وليست لديهم أي صلة بالله. أليس من السهل على هؤلاء الناس أن يخطئوا ويُغضبوا شخصية الله؟ أليس هذا أمرًا خطيرًا للغاية؟ ما الخصائص التي يظهرها الأشخاص الذين لا يسعون إلى الحق في حياتهم اليومية، من حيث الكيفية التي يتصرفون بها والشخصيات التي يكشفون عنها؟ (يتصرفون بتهور ودون ضبط نفس، ويزدرون الآخرين، وهم متعجرفون ومنحلون أخلاقيًا على وجه الخصوص، ويتخذون القرارات على نحو منفرد). وهي هذه الأمور التالية بصفة أساسية: متعجرفون، ومغرورون، ومتهورون على نحو غير مبرر، ومنحلون أخلاقيًّا، ولا يتسمون بضبط النفس؛ يتصرفون على نحو غير عقلاني، ويقومون بما يحلو لهم، ودائمًا ما يكونون جامحين وأوغاد. إذا لم يُهذَّبوا، فإنهم يكشرون عن أنيابهم، وحينما يواجهون التهذيب، يصبحون سلبيين، وعدوانيين، وميالين إلى التحدّي، ومتمردين، فتنكشف طبيعتهم الشيطانية تمامًا. عندما لا يقوم هؤلاء الأشخاص، الذين لا يسعون إلى الحق، بفعل أي شيء أو قول أي شيء، يَظهرون كأشخاص عاديين، لكنهم حالما يفعلون شيئًا ما، تظهر شخصيتهم الفاسدة، وهي همجية ووحشية. كيف يُوصف مثل هؤلاء الأشخاص في كلمات الله؟ ("إنما ينكشف فيكم ليست شقاوة أطفال ضلوا عن آبائهم، لكنها بهيمية تنبعث من الحيوانات حينما تكون بعيدة عن سياط أسيادها" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مامدى فهمك لله؟).) يمكن وَصف الشخصيات التي يكشف عنها مثل هؤلاء الأشخاص بأنها وحشية، وخالية من الإنسانية الطبيعية، إذا كان هناك مثل هؤلاء الأشخاص بين حشد من الناس، فهل سيكون بوسعكم تمييزهم؟ (قليلًا). إنَّ مَن يطلبون الحق يختلفون تمامًا عمَن لا يطلبونه، وذلك في كيفية تصرفهم وفيما يكشفون عنه. ومن المظاهر الجلية لمن لا يطلبون الحق افتقارهم إلى العقل والضمير، والتصرف دون مراعاة لمبادئ الحق، فهم يتصرفون بطيش وتهوُّر ويتسمون بجرأة مُفرطة. أولئك الذين لا يسعون إلى الحق مثيرون للشفقة والاشمئزاز في الوقت نفسه. إنهم يَخدعون أنفسهم دون أن يجلبوا أي فائدة للآخرين. ألن يبغضهم الله إذا كانوا لا يجلبون أي نفع للآخرين؟ (بلى). هل لديهم أي وعي بهذا الأمر؟ (لا). لماذا أقول إنهم مثيرون للشفقة؟ لأنهم هكذا فعلًا لكنهم أنفسهم لا يُدركون ذلك. إنهم لايَحملون أي مظهر من مظاهر شَبه الإنسان، ورغم ذلك ما زالوا يظنون أنهم على ما يرام، ولايزالون يجرؤون على التصرُّف بتهور مندفع. أليست هذه مسـألة مثيرة للشفقة فعلًا؟ عند تمييز الناس، فإنَّ الشيءالأساسي هو تمييز ما إذا كانوا يمارسون الحق ويطلبونه ويَقبَلونه أم لا، هكذا تستطيع تمييزهم بدقة، ورؤية جميع فئات الناس بوضوح.
هل أنتم ممن يسعون إلى الحق؟ (لم نسعَ إليه من قبل، لكننا الآن نسعى إليه جاهدين). في السنوات القليلة الماضية، هل بدرت منكم سلوكيات كتلك التي ذكرتها للتو عندما لم تسعوا إلى الحق؟ (نعم، لقد فعلنا ذلك). عندما بدرت منكم تلك السلوكيات، ألم يؤلم قلوبكم العيش في حالة كهذه؟ (نعم، كنا نعاني، لكننا لم ندرك ذلك). من المؤسف جدًّاعدم إدراك هذا! عندما لا يَفهم المرء الحق ولايكون لديه واقع الحق، فهذا أمر مثير للشفقة ومؤسف للغاية. إنك تتمسك بهذه الحقائق، وكثيرًا ما تستمع إلى العظات، لكنك لا تحصل على أي شيء ولا تزال تعيش بين قيود الشيطان، وتتصرف وتتحدث بدون عقلانية، ومن الجلي أنك خالٍ من الإنسانية؛ كم إنَّ هذا مؤسف للغاية! لذلك، فإن السعي إلى الحق أمر بالغ الأهمية! أنتم تدركون هذا الآن، أليس كذلك؟ (بلى، ندركه). من الجيد أنكم تدركون هذا، ما يقلق هو عندما يكون الناس غير مبالين متبلدي الحس وغير قادرين على إدراك الأمر. إذا كان المرء لا يسعى إلى الحق وكان على غير دراية بذلك، فليست تلك بالمشكلة الكبرى. إنَّ أكثر ما يقلق هو أن يدرك المرء أنه لايسعى إلى الحق، لكنه رغم ذلك لا يسعى إليه، ودون توبة. هذا ذنب متعمد. أولئك الذين يذنبون عن علم ويرفضون قبول الحق رفضًا مطلقًا، عنيدون في صميم قلوبهم وخبثاء وينفرون من الحق. هل يمكن لأولئك العنيدين أن يتقوا الله؟ إذا كانوا لا يتقون الله، فهل يمكنهم بلوغ التوافق معه؟ (لا). ما مواقف أصحاب القلوب العنيدة هؤلاء تجاه الله؟ إنهم مقاومون ومتمردون وغير نادمين، ولا يعترفون مطلقًا بأن الله هو الحق. إنهم لا يَقبلون الحق ويعارضون الله حتى النهاية! فما عاقبة مثل هؤلاء الناس؟ (سيعاقبهم الله ويدمرهم). لا يخلِّص الله هؤلاء الناس. هل كان القادة المئتان والخمسون المذكورون في الكتاب المقدس، أشخاصًا عنيدين ومتمردين؟ ماذا حدث لهم في النهاية؟ (لقد ابتلعتهم الأرض). تلك هي العاقبة. مهما طالت مدة إيمان شخص ما بالله، فماذا ستكون عاقبته إذا ظل لا يعرف أهمية السعي إلى الحق ولم يفهم بُغض النفور من الحق وعواقبه؟ بالتأكيد سيُستبعَد. المؤمنون الجدد أغبياء وجهَّال، ولم يدركوا بعد كيفية تنفيذ المهام الملائمة لهم أو الطريق الصحيح الذي يتعين عليهم اتباعه. وهذا هو الجانب المثير للشفقة لدى الناس. إذا كنت تؤمن بالله منذ عدة سنوات وتستطيع القيام بواجبك، لكنك لم تسعَ إلى الحق، فليس ما تفعله سوى تقديم خدمة فحسب، وإذا كنت تؤدي واجبك بإخلاص، وتقدِّم الخدمة عن طيب خاطر، ولاترتكب الشر، ولا تتسبب في أي عرقلة أو إزعاج، حتى إذكنت لم تسعَ إلى الحق بعد، فلن يدينك الله رغم ذلك لأنك تستطيع أن تؤدي واجبك بإخلاص، لكن إذا فهمَ المرء بعضًا من الحق، وأدرك أهمية السعي إلى الحق، ولم يسعَ إليه رغم ذلك، فلن يكون الخلاص سهلًا بالنسبة له. يمكن أن يظل – في أفضل الأحوال – عامل خدمة مُخلِص. أما أولئك الذين لا يرغبون في تقديم الخدمة، ويتنافسون على السلطة والربح، ويُربكون حياة الكنيسة وعملها، فإن عاقبتهم مختومة. لقد وقعوا بالفعل في كارثة وينتظرون الموت، وعليهم الاستعداد لما هو قادم!
اقتباس 95
لا يكفي أن تعمل بجدٍ عند أداء واجبك، بل عليك أيضًا أن تؤديه من صميم قلبك؛ فالسبيل الوحيد لكي تبذل أقصى جهد عندك هو أن يكون من صميم قلبك. إذا لم يكن من صميم قلبك، فلن تكون قد بذلت أقصى جهد لديك. إذا بذلت أقصى قدرة لديك فحسب ولم يكن ذلك نابعًا من قلبك، فستكون مجرد شخص يبذل جهدًا كبيرًا لكن ليس من صميم قلبه. والله لا يقبل هذه الطريقة في أداء الواجب. عندما تؤدي واجبك، عليك أن تبذل أقصى جهدك في كل وقت لإرضاء الله من صميم قلبك وقدرتك وفكرك. إذا بذلت نصف قدرتك فحسب وأبقيتَ النصف الثاني، قائلاً في نفسك: "لا أريد أن أشعر بالتعب؛ فمَن الذي سيُعولني بعد أن أُجهد نفسي تمامًا؟" هل هذا هو التوجه الصحيح؟ (كلا). هل ستتكبد خسارة إذا أديت واجبك بمثل هذه العقلية؟ (نعم). ما نوع الخسارة؟ (سيبغضني الله، وسأبدأ تدريجيًا في خسارة عمل الروح القدس). لأن فقدان عمل الروح القدس خسارة. إذا آمن الناس بالله لسنوات عديدة دون عمل الروح القدس، فستكون خسارتهم عظيمة جدًا لدرجة أنهم لن يربحوا أي شيء، وكأنما ضاع إيمانهم سُدى. هناك أناس كثيرون لا يسعون إلى الحق، ويُستبعدون بعد سنوات قليلة من الإيمان. أي أنك مهما بذلت من جهد عند أداء واجبك، إن لم يكن ذلك نابعًا من صميم قلبك، فلن تستطيع أن تربح الحق. هل هذه خسارة؟ هل تدركون أنها خسارة؟ إذا كنت شخصًا يفهم بالفعل الحق، فسترى أنها خسارة فادحة. من بين أولئك الناس الذين آمنوا بالله لخمس أو عشر سنوات، نال البعض واقع الحق؛ في حين لا يزال البعض الآخر يعظ بالكلمات والتعاليم. هل الفرق كبير؟ (نعم). ماذا فعل هؤلاء الذين نالوا واقع الحق ليحققوا ذلك؟ ينبع ذلك من الاختبار والممارسة. هل هي هبة من الله؟ (نعم). ما بال هؤلاء الذين لم ينالوا واقع الحق ولا يزالون يعظون بالكلمات والتعاليم؟ يؤمنون بالله لسنوات عديدة، ومع ذلك لا ينالون الحق لأنهم لا يسعون إليه، بل يؤدون واجبهم ببذل الجهد فحسب، دون أن يكون ذلك نابعًا من صميم قلبهم. هل الإيمان بالله دون نيل الحق بَرَكة أم نقمة؟ (إنها نقمة). لماذا هي نقمة؟ هل تدرك حقيقة الأمر؟ هل عدم نيلك الحق مشكلة كبيرة أم صغيرة؟ (مشكلة كبيرة). بماذا ترتبط هذه المشكلة الكبيرة؟ هل لها أي علاقة بالخلاص؟ (نعم). ما معنى أن تعظ بالكلمات والتعاليم طوال الوقت؟ يثير ذلك التساؤلات حول خلاصك، ويصعِّب تحقيقه. ظل بعض الناس يؤمنون بالله لمدة عشر سنوات ولا يزالون يعظون بالكلمات والتعاليم، وظل آخرون يؤمنون لمدة عشرين سنة ولم يدخلوا في واقع الحق بعد ولا يعرفون حتى الآن معنى واقع الحق. هل هؤلاء الأشخاص في خطر؟ هل من غير الواضح إن كان من الممكن خلاصهم؟ (نعم). أخبروني، من بين الذين آمنوا بعدد السنوات نفسها، أيّ نمط من الأشخاص لديه فرصة أكبر وأمل أكثر للخلاص؟ هل هم الذين يعظون بالكلمات والتعاليم أم أولئك الذين لديهم واقع الحق؟ (أولئك الذين لديهم واقع الحق). هذا واضح. إذن، أيّ نوع من الناس تريدون أن تكونوا؟ (الناس الذين لديهم واقع الحق). كيف يمكن للمرء أن يصبح شخصًا لديه واقع الحق؟ (من خلال الممارسة بالفعل وفقًا لكلمة الله). (بأن يؤدي المرء واجبه من كلِّ قلبه وقدرته وفكره وفقًا لمتطلبات الله، وعدم ادخار أي جهد لإرضائه). هذا صحيح. إذا قمت بما يطلبه الله منك، فستنال الحق. بماذا يرتبط ذلك؟ يرتبط بآخرة المرء وغايته. بعض الناس جاهلون ومتعجرفون، ولا حتى يعرفون مقدار خسارتهم، أو نوع الضرر الذي قاسوه. فيظلون يتبجّحون ويعظون كلمات وتعاليم، دون أن يعرفوا أنهم على حافة الخطر! ما عاقبة هؤلاء الذين لا يمكن خلاصهم؟ أولًا، سيستبعدهم الله، وبالنظر إلى المستقبل، ما عاقبتهم؟ (الهلاك والدمار). هذه آخرتهم وغايتهم. إذا آمن الناس بالله وكانت هذه عاقبتهم، فهل كان هذا مقصدهم منذ البداية من الإيمان به؟ (كلا) لا أحد يريد أن تكون عاقبته كهذه. إذا لم ترغب في عاقبة كهذه، فلا تتبع ذلك الطريق. بل يجب أن تتبع طريق السعي إلى الحق، وحينها فقط ستتمكن من تحقيق الخلاص.
إن كان الناس عاجزين عن نوال العمل في الأيام الأخيرة، فسينتهي أمرهم تمامًا ولن يحصلوا على فرصة أخرى. لا يشبه الأمر العمل في عصر النعمة، حيث إذا لم ينله شخص ما، بغض النظر عن البلد الذي ولِد فيه، فلا يزال بإمكانه انتظار فرصة لتلقّي عمل الله في الأيام الأخيرة. إن نهاية عمل الله في الأيام الأخيرة هي نهاية خطة تدبيره، وما معنى النهاية؟ معناها أنه سيقرر نهاية كل شخص، وأن نهاية كل الأشياء والبشر وشيكة. لقد وصل عمل الله إلى هذه المرحلة، وإذا لم يحمل البشرُ هذه الرؤيا في قلوبهم، وإذا كانوا مشوّشين دائمًا ويؤدون واجبهم بلا مبالاة، وإذا أخفقوا في أخذ السعي إلى الحق على محمل الجد وظنوا أنه طالما هم مؤمنون فسيُخلَّصون، عندها سيخسرون فرصتهم الأخيرة في الخلاص. ويومًا ما عندما تحل الكوارث الكبرى، وينتهي العمل تمامًا، سيتوقف الله عن أداء عمل السقاية وتزويد الناس بالحق. بأي شخصية سيواجه الله البشر في ذلك الوقت، هل تعرفون؟ سيكون غضبه عظيمًا وستعلن شخصيته البارّة لكل البشر بطريقة لم تحدث من قبل. ستكون هذه الفاجعة الكبرى الأخيرة للبشر. الآن هو الوقت الذي يعمل فيه الله ليُخلِّص الناسَ. إذ كان صبورًا ومتسامحًا ومنتظرًا. منتظرًا ماذا؟ منتظرًا أناسه الذين سبَقَ فعيَّنهم وشعبه المختار وأولئك الذين يريد أن يُخلِّصهم إلى أن يمثلوا أمامه ويقبلوا دينونته وتوبيخه ويقبلوا خلاصه. حينما يصبح هؤلاء الناس كاملين، فسيكتمل عمل الله العظيم، ولن يقوم الله بعدها بعمل خلاص البشر. ليس هذا وقت نُوحَ، أو وقت هلاك سدوم، أو وقت خلق العالَم، بل إنه وقت نهاية العالَم. لا يزال بعض الناس يحلمون، ولا يعرفون المرحلة التي وصلها عمل خلاص الله. ومع أنهم نالوا ظهور الله وعمله، لا يزالون متباطئين، ويظلون مشوّشين ولا يأخذون الأمر بجدية. بمجرد انتهاء هذه المرحلة من العمل، ستكون عاقبة كل شخص كما هي ولن تتغير. الإنسان أحمق ولا يزال يظن أن "كل شيء على ما يرام، سيمنحنا الله فرصة أخرى!" تُمنح الفرص في وقت عمل الله. كيف تكون هناك فرصة أخرى عند انتهاء هذا العصر؟ أليس هذا مجرد حلم؟