18. لماذا سِرتُ في طريق الفريسيين؟
إنني إنسانة مغرورة ومُتكبِّرة، ولطالما كان المنصب هو نقطة ضعفي. وقد كنت لسنوات عديدة في إيماني مُقيدةً بأغلال السمعة والمنصب، ولم أستطع تحرير نفسي منها. لقد تم ترقيتي واستبدالي مرارًا وتكرارًا؛ وقد مررت بالعديد من الإخفاقات في منصبي، وواجهت العديد من الصدمات على طول الطريق. وبعد سنوات عديدة من التعامل معي والتنقية، شعرت بأنني لم أكن آخذ منصبي على محمل الجد. لم أكن أريد أن أكون كما كنت في الماضي معتقدةً أنه طالما كنت قائدةً، فمن الممكن أن يكمّلني الله، وأنه إن لم أكن قائدةً، فليس لي رجاء. لقد أدركت أنه مهما كان الواجب الذي كنت أقوم به، فكل ما كنت أحتاجه هو أن أسعى إلى الحق وسيكمّلني الله. إن السعي وراء السمعة والمنصب هو طريق ضد المسيح. الآن أشعر أنه مهما كان الواجب الذي أقوم به، يمكنني القبول بعدم حصولي على منصبٍ. إنه قانون السماء والأرض أن تقوم الخليقة بدورهِا. وبغض النظر عن المكان الذي وُضِعت فيه، ينبغي عليك أن تقبل ترتيبات الله. عندما يكشف فساد الصيت والمنصب عن نفسه، يمكن حلّه من خلال السعي إلى الحق. وبغض النظر عمَّا أواجهه أثناء القيام بواجبي، طالما أنني أُدرك الحق فسأكون على استعداد لدفع الثمن. في ضوء ذلك، اعتقدت أنني قد سلكت بالفعل طريق السعي إلى الحق. ظننت أنني قد استعدتُ الإنسانية والتعقّل. الله هو الذي يُفتّش القلب ويفحص العقل. لقد عَلِمَ أنني لم أكن طاهرةً في سعيي إلى الحق، وأنني لم أكن حقًا أسير في طريق السعي إلى الحق. لقد عَرِف الله الطريقة التي سيستخدمها ليطهرني ويخلّصني.
في نهاية يونيو 2013، تم استبدال القائدة هنا. بعد ذلك، اختارني الإخوة والأخوات لأكون القائدة الجديدة. سمحت لي عائلة الله بالنهوض والقيام بالعمل. عندما سمعت أنني سأضطلع بمسؤولية كبيرة كهذه، شعرت بأنني لم يكن لدي يقين الحق وأنني لن أتمكن من القيام بالعمل. كان نطاق العمل كبيرًا جدًا وكان هناك عدد كبير للغاية من الإخوة والأخوات. كيف يمكن أن أقودهم؟ كان هناك عدد كبير جدًا من الأشخاص ممن لديهم مُميّزات داخليَّة أكثر من التي لي وقد تم استبدالهم. كيف يمكن أن أُحرز أي تَحسُّن؟ ألن يكشفني هذا؟ لم أكن على استعداد لاجتياز تقلّبات الصعود والهبوط. طالما استطعت القيام بواجباتي، سأبذل قصارى جهدي أينما تطلّب العمل ذلك. وبالتالي، رفضت على الفور: "لا، لست أهلًا لهذا العمل". لقد أوجدت كل أنواع الأسباب والأعذار. وكنت أعتقد تمام الاعتقاد بأنني كنت متعقّلةً في القيام بذلك، وأن هذا كان الحق. غير أنني استطعت أن أدرك في وقت لاحق، من خلال شركة إخوتي وأخواتي أنني كنت أحمل في داخلي سُمّ التنين العظيم الأحمر؛ أي "ما طار طير وارتفع، إلّا كما طار وقع" و"كلَما تسلّقت لأعلى، زاد الجو صقيعًا". لم أكن أُريد أن يُعذّبني المَنصِب مرةَ أخرى. وبالرغم من أنني كنت أعلم بالمنطق أن السبب وراء عزل هؤلاء الأشخاص هو أنهم لم يسعوا وراء الحق، وأن طبيعتهم كانت شريرة للغاية، وقد فعلوا كل أنواع الشر، ومع ذلك، في أعماق عقلي، كنت أعتقد أنه إذا لم أكن قائدةً عظيمةً، فلن تكون هناك فرص لعمل الشر؛ فقد أردت من ذلك حماية نفسي. ثم فكرت أنه بسبب إيماني ونشري للإنجيل، أن الحزب الشيوعي الصيني يطاردني وأنني لن أستطيع العودة إلى منزلي. لم يكن لديّ مخرج. إذا أصبحت قائدةً عظيمةً وفي النهاية أسأت إلى شخص الله وطُرِدْتُ لأنني لم أقتنِ الحق، فعندئذٍ لن أستطيع حقًا مواصلة العيش. ولأنني كنت مقيّدة بهذه الأفكار والسموم، فقد عشت في الظلمة والعذاب. وفي خضم آلامي، اضطررتُ أن أصرخ إلى الله: "آه يا إلهي، في مواجهة هذه المسؤولية، أعلم أنك رفعتني. أعلم أن رفض هذه المسؤولية هو خيانة لله، لكنني الآن أعيش مُقيَّدةٌ بسُمّ الشيطان، وأنا غير قادرة على الهروب منه. إنني أخشى بشدة من تحمّل هذه المسؤولية الكبيرة، وأخشى أن تكون طبيعتي خطيرة، وأنني لا أقتني الحق، وأخشى كذلك أن أُعاقب لأنني فعلت شرًا عظيمًا. آه يا إلهي، إنني أتألم وأنا مُتحيِّرة جدًا. لا أعرف كيفية الخضوع لله. أطلب منك يا إلهي أن تساعدني وتخلّصني". وكان الله أثناء صلاتي قد وهبني استنارةً لأفكر في هذه الفقرة من كلام الله: "ومعرفتكم عني لا تتوقف عند سوء الفهم هذا؛ بل والأسوأ من ذلك هو تجديفكم على روح الله وتحقيركم للسماء. هذا هو سبب قولي إن مثل هذا النوع من الإيمان الذي يشبه إيمانكم سيجعلكم تضلّون عني أكثر وتتبنون موقفًا أشد معارضة تجاهي. عبر سنوات كثيرة من العمل، رأيتم حقائق كثيرة، لكن هل تعلمون ماذا سمعت أذناي؟ كم واحد بينكم يرغب في قبول الحق؟ جميعكم تعتقدون بأنكم راغبون في دفع الثمن من أجل الحق، لكن كم واحد منكم تألم حقًا من أجل الحق؟ إن كل ما هو في قلوبكم هو ظلم، ومن ثمَّ، تعتقدون أن أي شخص، أيًا كان، هو مُخادع وملتوٍ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيفية معرفة الإله الذي على الأرض). جعلت كلمات الله التي تحمل الدينونة حيرتي وألمي يتحوَّلان إلى خوفٍ ورعدةٍ. وخصوصًا هذا القول: "بل والأسوأ من ذلك هو تجديفكم على روح الله وتحقيركم للسماء". و "إن كل ما هو في قلوبكم هو ظلم،" كانت هذه الكلمات بمثابة سيف يخترق قلبي، ممّا جعلني أشعر ببِر شخص الله وجلاله، وسخطه. رأيت أن وضعي الحالي كان يقاوم الله حقًا ويُجدِّف على الله، وأنه كان خطيرًا جدًا! ولهذا السبب استطاع قلبي المتمرّد أن يتحوّل وطرحت نفسي أمام الله طالبةً الخضوع له. لقد فحصت ما كَشَفَتْ عنه ذاتي. اختبرت دينونة الله وتوبيخه مرات كثيرة، لكنني ليس فقط أنني لم أكن أعرف محبة الله وخلاصه، بل قد أسأت فهمه فعلًا واحترست منه، مما زاد الأمر سوءًا. وقد لُمْتُ الله على كل ما كان ظُلمًا وكأن عمل الله كان ثقيل للغاية على الإنسان. وبعد سنوات عديدة من اختبار عمل الله، لم تصبح علاقتي مع الله أوثق أو أكثر انتظامًا. بل بالأحرى أصبحت أكثر اغترابًا وبُعدًا عن الله. كانت هناك هُوّة كبيرة لم أستطع أجتيازها بين الله وبيني. هل هذا ما جنيته بعد كل هذه السنوات؟ لقد استطعت في ذلك الحين أن أُدرِك أن طبيعتي الأنانيَّة البائسة كانت تدفعني إلى خيانة ضميري. كنت قد نسيت الثمن الذي دفعه الله لأجلي؛ كنت قد نسيت خلاصه وتربيته لي. صلّيت في ذلك الوقت إلى الله مرةً أخرى: "آه يا إلهي، لن أعيش بسُمّ الشيطان بعد الآن، لن أجرح قلبك مرةً أخرى. إنني على استعداد لقبول دينونة الله وتوبيخه والتحوّل عن وجهات نظري الخاطئة ". بناءً على ذلك، قرأت العظة التي صدرت في 15 يونيو 2013 مما سبق ذِكره: "كلّ من لا يحبّ الله يسير في طريق ضدّ المسيح وسوف ينكشف في النهاية ويُزال. فعمل الله في الأيَّام الأخيرة هو خلاص الناس وتكميلهم، وسوف ينكشف كلّ شخصٍ شرِّير لم ينل الخلاص ويُستبعد. ولذلك، فإن كلّ شخصٍ سوف يتبع ما شابهه. لماذا يُكشف قيام الكثير من الناس بكل أنواع الشر مستعينين في ذلك بمناصبهم وسلطتهم؟ ليس لأن منصبهم يؤذيهم. المشكلة الأساسية هي جوهر طبيعة الإنسان. يمكن للمنصب بالتأكيد أن يكشف الناس، ولكن إذا شغل شخص صالح القلب منصبًا مرموقًا، فعندئذ لن يرتكب مختلف الشرور. لن يرتكب بعض الناس الشرّ عندما لا تكون لهم مكانةٌ ويبدو من الخارج أنهم صالحون، ولكن بمُجرَّد حصولهم على مكانةٍ سوف يرتكبون كلّ أنواع الشر" (من "شركة القائد الأعلى للكنائس"). لقد استطعت أن أرى من خلال هذه الشركة كيف كانت الأفكار التي تشغل قلبي سخيفةً وغير معقولة. إن قدرة كل واحدٍ على السير في طريق السعي إلى الحق من عدمها لا شأن لها بكونه يشغل منصبًا أم لا، وليس من شأن وجود المرء في منصبٍ أن يُصعِّبُ عليه السير في طريق السعي إلى الحق. ولكن المهم هنا هو ما إذا كانت طبيعة الإنسان تهوى الحق وما إذا كان الإنسان يحب الله أم لا. ظننت أنه من خلال السنوات العديدة التي قضيتها في "التطويع الذاتي"، لم أعطِ أهمية لموضوع منصبي، واعتقدت أنني كنت مثل الحشائش التي لا يمكن أن تسعى لأن تصبح شجرة كبيرة، وأنني استطعت أن أكون أمينةً في السعي إلى الحق والوفاء بواجباتي. لن أكون كما كنت من قبل، أشعر بالألم والضعف والسلبية واليأس عندما كنت أرى عائلة الله تُرقّي الآخرين بدلًا مني. وبسبب هذه التعبيرات، اعتقدت أن شخصيتي قد تغيّرت إلى حدٍ ما وأنني كنت بالفعل أسير في طريق بطرس. واليوم، في ضوء الوقائع والحق، استطعت أن أرى بوضوح ألواني الحقيقية: لم أكن حقًا أتخلّى عن منصبي، بل كنت أكثر حُنكةً ودهاءً. بعد عدة مرات من التعامل مع هذا، لم أكن أعطي قلبي لله وأسعى بأمانةٍ إلى محبة الله. بل بالأحرى كنت أحافظ على نفسي. لطالما كانت تطلعاتي المستقبلية تلوح في ذهني. لقد زرعت هذه الفكرة السخيفة في قلبي: أن "المناصب العُليا ليست آمنة". كيف كنت بذلك أقدّم المحبة لله وكيف كنت أسير على درب بطرس؟
فيما يتعلق بآرائي الخاطئة، قرأت "مبادئ التحقق من واجباتك ومركزك" بالإضافة إلى "مبادئ الإنفاق على الله" في "تدريبات وممارسات السلوك بحسب المبدأ". ومن بين ما قرأت في هذه المبادئ كانت كلمات صلاة بطرس: "إنّك تعرف تمامًا ماذا يمكن أن أفعل، وتعرف أيضًا الدور الذي يمكنني أن أقوم به. أتمنى أن أخضع لترتيباتك، وسوف أُكرّس لك كل ما أملكه. أنت وحدك تعلم ما يمكنني أن أفعله لأجلك. ومع أن إبليس قد خدعني كثيرًا جدًا، وقد تمرّدت عليكَ، إلا أنّي أؤمن أنك لا تتذَكّرني بهذه التعدّيات، ولا تتعامل معي على أساسها. أتمنى أن أُكرّس لك حياتي بأكملها. لا أطلب شيئًا، كما أنّه ليس لي أي آمال أو خطط؛ وكل ما أتمنّاه هو أن أعمل وفق مقاصدك، وأن أفعل مشيئتك. سوف أشرب من كأسك المُرّة، وأنا مِلكُكَ، فقُدني كما تشاء" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيفية تَعرّف بطرس على يسوع). "لا توجد علاقة بين واجب الإنسان وما إذا كان مباركًا أو ملعونًا. على الإنسان أن يؤدي واجبه. إنه واجبه الملزم ويجب ألا يعتمد على التعويض أو الظروف أو الأسباب. عندها فقط يكون عاملاً بواجبه. يتمتع الإنسان المبارَك بالخير عندما يُكمَّل بعد الدينونة. يتلقى الإنسان الملعون العقاب عندما تبقى شخصيته من دون تغيير بعد التوبيخ والدينونة، بمعنى أنه لن يُكَمَّل. يجب على الإنسان ككائن مخلوق أن يقوم بواجبه، وأن يفعل ما يجب عليه فعله، وأن يفعل ما يستطيع فعله، بغض النظر عما إذا كان سيُلعَن أو سيُبَارَك. هذا هو الشرط الأساسي للإنسان الذي يبحث عن الله. يجب ألا تقوم بواجبك لتتبارك فحسب، وعليك ألا ترفض إتمامه خوفًا من أن تُلعَن. اسمحوا لي أن أقول لكم هذا الأمر: إذا كان الإنسان قادرًا على إتمام واجبه، فهذا يعني أنه يقوم بما عليه القيامُ به. وإذا كان الإنسان غير قادر على القيام بواجبه، فهذا يُظهِرُ عصيانه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسِّد وواجب الإنسان). من خلال كلمات الله يتّضح أن بطرس أراد أن يكون حقًا قادرًا على محبة الله طوال حياته، وأنه أطاع ترتيبات الله في كل شيءٍ. لم يحدد اختياراته أو متطلباته الخاصة. ومهما كانت الطريقة التي رتَّب الله بها الأمور، كان يخضع دائمًا. وقد قام أخيرًا بواجبه كمخلوقٍ وقدّم لله حياته وحبه الشديد له. نجاح بطرس في إيمانه بالله لم يكن له علاقة بوضعه. بناء على منظوري الخاص، كان بطرس رسولًا، وقد أسند إليه الرب يسوع مُهمّةً كبيرة وهي رعاية الكنائس. ولكنه لم يكن يعمل في منصبه كرسولٍ، وكان مغمورًا ومجهولًا، وكان دؤوبًا ويقظ الضمير في أداء واجباته كمخلوقٍ، حتى يقدّم لله حبًا صادقًا ويخضع له. لقد حصل على رضا الله بأن بذل قصارى جهده في أداء واجباته. كان هذا سر نجاحه. وبعد المقارنة في ضوء صلاة بطرس ودينونة كلمة الله وتوبيخها، شعرت بالخزي. لقد طرقت كلمة الله قلبي وسمحت لي بأن أرى أنني لم أكن خاضعةً، بل كنت معارضة لله. كنت في إيماني بالله دائمًا أُحافظ على آمالي وخططي الخاصة. كنت طيلة هذه السنوات مشغولةً بالإسراع هنا وهناك، أبحث عن جهة الوصول النهائية، عن آفاق مستقبلي، عن الصيت والربح والمَنصِب. وعندما حققت فقط بعض واجباتي، حاولت أن أعقد صفقة مع الله وأجعل الله يضع ختمه بالموافقة عليها حتى أضمن خلاصي. إن مطالباتي من الله بأن يقوم بهذا لي تكشف عن طبيعة الشيطان التي في داخلي، والتي كانت تتسم بقدرٍ هائل من الأنانيَّة والدناءة والشر. لم يكن لدي أدنى درجة من التعقّل والضمير، وهما ما ينبغي أن يتحلى بهما المخلوق. لقد رفضت المُهمّة بسبب طبيعتي الشريرة. لقد رفضت دعوة الله من أجل الحفاظ على نفسي؛ وفي المقابل، استخدمت حجّة غير منطقيَّة وبحثت عن أعذارٍ. لقد تحدَّثت بعقلانيَّة إلى الله. لم أكن عقلانية. وقد قرأت في هذا الحين كلمة الله: "إذا كان الإنسان قادرًا على إتمام واجبه، فهذا يعني أنه يقوم بما عليه القيامُ به. وإذا كان الإنسان غير قادر على القيام بواجبه، فهذا يُظهِرُ عصيانه". لقد شعر ضميري بلومٍ عميق للنفس؛ وتأمَّلت فيما مضى كيف كان كل ما لديّ هو عطية من الله، وكل ما استطعت أن أفعل وكل ما اختبرته كان بحسب ترتيب الله لكل شيءٍ. وقد حلّ بيّ توبيخ الله ودينونته مرارًا وتكرارًا حتى أسترد عقلي وضميري، وحتى يجعلني قادرةً حقًا على القيام بواجباتي كمخلوقةٍ. وبغض النظر عن الكيفية التي طلب بها الله مني ذلك، كان يتعيَّن عليّ أن أقدَّم نفسي وأوفي لله محبته. وبخلاف ذلك ستكون هناك خيانة وينبغي مُعاقبتي! واليوم فإن القضية ليست هي ما إذا كانت مُهمّة الله قد رتبها أي شخص، وإنَّما هي اختبار الله للمسار الذي كنت أسلكه طوال هذه السنوات، وما كنت أسعى إليه بعد كل هذه الأعوام. واليوم فإنني لا أقتني يقين الحق، وها أنا ذات قامة صغيرة. لم يعطني الله هذه المسؤولية لأنني أهلًا لها حاليًا، بل قد قصد منها بالأحرى السماح لي بتحسين سعيي إلى الحق وقبول التدريب. إنها تضطرَّني أن أقدّم نفسي بالكامل لله وأن أدخل إلى حقيقة محبة الله بكل قلبي وروحي وقوتي وعقلي. لقد كنت أحيا في الماضي بأفكارٍ سخيفة. كنت أظن أنني تأكّدتُ من واجباتي ومركزي. وبينما كنت أؤدي واجباتي في ظل هذا الاتّجاه وهذه الخلفيَّة، لم أكن أتلقّى قدرًا كبيرًا من التنقية أو الضغط. ومع ذلك فقد كشف ذلك عن شخصيتي الحقيرة من خلال رضاي عن نفسي وقناعتي بوضعي الحالي، كما كشف عن آرائي الأنانيَّة والدنيئة: فقد كنت أسعى إلى القيام بواجباتي مع الإيمان بالله دون أن أبذل قصارى جهدي لإرضاء الله ومحبته. وقد استطعت في هذا الحين أن أعود إلى نفسي: بعد كل هذه السنوات، ظننت أنني كنت أسير بالفعل على درب بطرس ساعيةً إلى الحق. ولكن اليوم، تكشف الحقائق أنني أوليت أكبر قدر من الأهمية لتطلّعاتي المستقبلية. لم يكن لدي أدنى درجة من المحبة لله، ولم أكن على استعدادٍ لتحمّل عبء ثقيل أو أن أقدّم نفسي بالكامل لله. كيف عسى أن يتفق هذا مع ما كان يسعى إليه بطرس؟
في بحثي قرأت كلمات الله: "على الإنسان – كأحد مخلوقات الله – أن ينشد القيام بواجبه كخليقة الله، وأن يسعى نحو محبة الله دون أن يتخذ أي خيارات أخرى، فالله يستحق محبة الإنسان. ينبغي على الساعين نحو محبة الله ألا ينشدوا أي منافع شخصية أو أي منافع يشتاقون إليها بصفة شخصية؛ فهذا أصح وسائل السعي. إذا كان ما تنشده هو الحق، وما تمارسه هو الحق، وما تحرزه هو تغيير في شخصيتك، فإن الطريق الذي تسلكه هو الطريق الصحيح. أما إذا كان ما تنشده هو بركات الجسد، وما تمارسه هو الحق وفقًا لتصوراتك، وإن لم يطرأ أي تغيير على شخصيتك، وكنتَ غير مطيعٍ لله في الجسد مطلقًا، وكنت لا تزال تعيش في حالة من الغموض، فإن ما تنشده سوف يأخذك لا محال إلى الجحيم، لأن الطريق الذي تسلكه هو طريق الفشل. ما إذا كنتَ ستُكمَّل أم ستهلك، فإن الأمر يتوقَّف على سعيك، وهذا أيضًا يعني أن النجاح أو الفشل يتوقف على الطريق الذي يسلكه الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه).
كلمة الله هي الطريق والحق والحياة، وفي هذا الحين أعدت النظر في وضعي الفعلي في ضوء مقطعين من كلمة الله مجددًا. لقد أدركت أن كلمة الله قد أوضحت بالفعل طريق بطرس إلى النجاح، وكذلك التعبير عن الطريق إلى النجاح. لم يشر طريق بطرس للنجاح إلى عدم السعي إلى منصبٍ أو إلى انتقاء واختيار الواجبات. لم يكن الأمر يتعلق فقط بالتغلّب على الجوانب السلبية، بل كان بالأحرى يشير إلى السعي بإيجابية إلى محبة الله والوفاء بواجبك كمخلوقٍ. وعلاوةً على ذلك فإن السير في الطريق الصحيح سيؤدي إلى العديد من النتائج الإيجابية والحقيقية مثل معرفة الله بصورةٍ أفضل، والخضوع المتزايد لله من خلال السعي إلى الحق ووضعه في حيّز التنفيذ، وألّا يكون لك متطلباتك وآمالك وأدناسِك؛ وأن تتغيَّر شخصيتك، والأهم من ذلك كله هو دخول الناس على نحو أفضل إلى الحق، وأن يكون لهم محبة حقيقية متزايدة لله، حتى يُقدِّموا أنفسهم بالكامل إلى الله من دون أي طلباتٍ أخرى، وأن يكونوا مجتهدين في تقديم المحبة لله طوال حياتهم. كنت أظن أنني أسير في الطريق الصحيح، وأنني قد دخلت بالفعل إلى يقين بعض الحق. ولكن في ضوء الحقائق التي تم الكشف عنها، أين كان تعبيري عن اقتنائي الحق وتغيير شخصيتي؟ أين كان تعبيري عن محبتي الحقيقية لله؟ لو كنت حقًا قد دخلت إلى الحق، لاستطعت أن أكون في موضع اختبار. ومهما كانت الترتيبات التي يقوم بها الله، سأكون قادرةً على الخضوع. لو كنت قد دخلت فعلًا إلى الحق، لاستطعت أن أدرك حقيقة جوهر طبيعة الشيطان في داخلي ولرأيت حقًا خلاص الله. سأكون أكثر استعدادًا لتقديم نفسي إلى الله وأن أرد له محبته. في ضوء حقائق كلمة الله هذه ودينونتها وتوبيخها، استطعت أن أرى أنني كنت أسير في الطريق الخاطئ. لم أكن أسير في طريق القيام بواجباتي كمخلوقٍ، ولم أسعَ إلى محبة الله. بل سرت في طريق السعي إلى مصالحي الخاصة وآمالي الشخصية. كان طريقًا لخداع الله من خلال الاضطرار إلى الاتّباع ودفع ثمن محدود من أجل الحفاظ على نفسي وضمان أن يكون لي جهة وصول نهائية. لطالما سعيت إلى ملذَّات الجسد. ومن أجل التمتّع براحة مؤقتة، لم أكن على استعداد لقبول دينونة الله وتوبيخه واقتناء الحق. لم أكن أرغب في السعي إلى محبة الله، وتقديم كل شيء إلى الله، أو بذل كل شيء من أجل الله، من خلال دينونته وتوبيخه واختباراته وتنقيته لي. كانت وجهة نظري من أعماق قلبي هي: اسْعَيْ فقط إلى الوفاء بالواجبات في سلامٍ، ولا تُسيئي إلى شخص الله. وفي النهاية سأحصل على وجهة جيدة، وسيكون هذا كافيًا. لقد أظهرت كلمة الله مرارًا وتكرارًا أن السبب الأساسي في إخفاق بولس يكمن في تعاملاته مع الله. لقد كان يعمل من أجل مكافئته وتاجه في المستقبل، ولم يكن لديه أدنى قدر من الخضوع والمحبة لرب الخليقة. وقد أدّى ذلك في النهاية إلى إخفاقه ونيل عقاب الله. إن كلمة الله تُنذِرنا بوضوحٍ: "فإن أولئك الذين لا يعملون إلاّ من أجل مصيرهم ستخيب آمالهم في النهاية؛ إذ إن الفشل في إيمان الناس بالله يحدث بسبب الخداع" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. حول المصير). هذا النوع من الاستثمار لا يتم بإخلاصٍ؛ فإن له مظهر زائف وهو مخادع. لقد غلَّظتُ رقبتي بالفعل وتجنَّبت دينونة كلمات الله عن طريق السير في طريقي الخاص. ولمّا كانت طبيعتي تهيمن عليّ، كنت دائمًا أنحدر في الطريق وراء الأشخاص الذين فشلوا. وعندما حلّ عليّ عمل الله الخلاصي، لم أكن قادرةً على التمييز بين ما هو حسن وما هو سيئ، وكنت أعضّ اليد التي أطعمتني. لم أكن أعطي لله سوى مفاهيم خاطئة، ومقاومة، وخيانة. استطعت في ذلك الحين أن أرى بوضوح كم كانت طبيعتي أنانيَّة، وبائسة. لقد آمنت بالله كل هذه السنوات واستمتعت بالله، ومع ذلك كنت لا أزال أُدبّر خططًا ضد الله، وكنت أنتظر باستمرار عقد صفقات عمل مع الله. لم يكن لدي أدنى درجة من المحبة لله في قلبي. هذا بالضبط هو السبب الذي جعلني أسير في الطريق الخاطئ، وهذا هو، على وجه التحديد، ما كان يتحدَّث عنه الله: "وحيث إن الإنسان لا يجيد تكريس نفسه بالكلية لله، ولأن ليست لديه الرغبة في أن يؤدي واجبه نحو الخالق، ولأن الإنسان يرى الحق لكنه يتحاشاه ويمشي في طريقه الخاص، ولأن الإنسان يسعى دائمًا من خلال اتباع طريق الذين فشلوا، ولأن الإنسان يتحدى السماء دائمًا، لذلك يفشل الإنسان دائمًا ويقع في حيل الشيطان دائمًا ويُقتَنَص بشباك نفسه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه). بعد ذلك، قرأت الشركة ممَّا سبق ذِكرَه، والتي كانت تقول: "يوجد أشخاصٌ لديهم هذه المخاوف حتمًا: "إنني أؤدِّي واجبي، ولكنني أخشى السير في طريق ضدّ المسيح؛ وأخشى أن أفعل شيئًا خاطئًا وأقاوم الله". هل يوجد كثيرٌ من الأشخاص يعانون من هذه المخاوف؟ أولئك الذين يخدمون كعاملين وكقادةٍ خصوصًا رأوا أن مثل هذا الشخص الذي سعى بكلّ جدٍّ في الماضي وكانت له مواهب وعقلٌ سديد قد سقط. كان مثل هذا الشخص جيِّدًا نوعًا ما في الوعظ، ولكنه في النهاية سقط أيضًا بشكلٍ غير مُتوقَّع. يقولون: "إذا فعلت تلك الأشياء، فهل ستكون نهايتي مثلهم وأسقط أيضًا؟" إذا كنت شخصًا يحبّ الله، فهل ستظلّ خائفًا من هذه الأشياء؟ إذا كانت لك محبَّةٌ حقيقيَّة لله، فهل ستظلّ مخاوفك تسيطر عليك؟ الناس الذين يحبّون الله يراعون مشيئته دائمًا ولن يفعلوا الشيء الخطأ. ... إذا كان لك تمييزٌ حقيقيّ لمعنى السير في طريق ضدّ المسيح والسير في طريق طلب الحقّ والكمال، فلماذا تخاف من السير في طريق ضدّ المسيح؟ ألا يثبت ذلك الخوف أنك لا تزال ترغب في السير فيه وأنك غير مُستعدٍّ للتخلّي عن المسار الخطأ؟ أليست هذه هي المشكلة؟" (من "عظات وشركات عن الدخول إلى الحياة"). من خلال إعلان الشركة فيما سبق ذِكره، استطعت أن أرى بوضوحٍ أكثر أن الأشخاص الذين لا يحبون الله يسيرون على درب ضد المسيح؛ وأن الأشخاص الذين لا يحبّون الله هم مصدر الفشل؛ ورأيت أيضًا بشكل أوضح الأسباب والأعذار التي أخذتها من الشيطان التي هي مخفيةً في داخلي. لقد استطعت أن أكتشف حيل الشيطان. إن عدم استعدادي لقبول مسؤوليات أكبر وخوفي من السير في طريق الفشل قد كشفا أن طبيعتي كانت أنانيَّة وبائسة وشريرة. لقد كشف ذلك أنني كنت أحب نفسي والشيطان كثيرًا جدًا، وأنني لم أكن أحتقر طريق ضد المسيح، الذي كان سعيًا وراء المنصِب والصيت، وكذلك التطلّع والنهاية المستقبلية. لم أكنز الحق ولم أكن أقتني أدنى قدر من المحبة لله. وقد استطعت كذلك أن أفهم حقًا ما سبق ذِكره أن الأشخاص الذين آمنوا بالله لسنوات عديدة، وكانوا مع ذلك لا يحبون الله، لم يكن لديهم طبيعة إنسانية. يمكنك القول بأنهم جميعًا لهم طبائع شريرة. كانوا جميعًا أشخاصًا أنانيين وبؤساء وأشرارًا. وبذلك أصبح لديّ معرفة حقيقية بجوهر طبيعتي. وفي الوقت نفسه أدّى ذلك إلى تحوّلٍ حقيقي في وجهات نظري الخاطئة، وإلى تحرّري، واتخاذ الاتّجاه والمسار الصحيحين في التطبيق، بحيث لم أعُد أعيش بشكل أناني وبائس؛ يقوم الله بترتيب كل شيءٍ، وكل ما أحتاج إليه هو السعي إلى الحق وممارسة محبة الله أثناء القيام بواجباتي.
ليتمجد الله من أجل دينونته وتوبيخه اللذين غيّرا الغرض من سعيي وأعاداني من الطريق الخطأ. كما سمح لي ذلك بأن أُدرك حقًا جوهر طبيعة الشيطان التي كانت بداخلي، وأكتشف مصدر إخفاقي. لقد آمنت بالله كل هذه السنوات ولم أكن أحبه قَط. شعرت بالخزي ولوم النفس. لقد خذلت الله حقًا وجرحته كثيرًا. يتوق قلبي لأن يكون له محبة صادقة لله. لقد نال بطرس الكمال لأنه أحب الله حقًا، ولأنه كان يتحلّى بالإرادة والمثابرة في السعي إلى الحق. وبالرغم من أنني بعيدة عن ذلك، إلّا أنني لن أعيش بعد الآن بهذه الطريقة الحقيرة البغيضة من أجل الحفاظ على نفسي. إنني على استعداد لأن أجعل محبة الله هي غرضي في السعي، ولن أدّخر جُهدًا وسوف أدفع الثمن في أداء واجباتي. سوف أتحمّل حقًا أعباء مسؤولياتي وسوف أمارس الحق أثناء قيامي بواجباتي، وأدخل إلى واقع محبة الله.