وحدهم الذين يفهمون الحق يفهمون المسائل الروحية (الجزء الثاني)
انظروا حولكم، هل يمكنكم معرفة ما إذا كان العديد من الحاضرين في الكنيسة لديهم فهم روحي ويمكنهم فهم الحق؟ (كنت أعتقد أن الأشخاص الذين يفتقرون إلى الفهم الروحي هم أصحاب الفهم الباطل أو متبلدو الشعور عديمو الفهم، في حين أن معظم الناس الذين أدّوا واجبهم لديهم فهم روحي. والآن، بعد الاستماع إلى شركة الله، صرت أدرك أنه لا يستطيع فهم الحق إلّا من كان لديه فهم روحي حقيقي. إنهم أقلية، في حين أن أغلب الناس يفتقرون إلى الفهم الروحي). قليلون هم من يمتلكون فهمًا روحيًا ويفهمون الحق في الوقت الحالي، ومن ليس لديهم فهم روحي أو فهم للحق هم الأغلبية. على سبيل المثال، كيف ينبغي للناس أن يفهموا ويعرفوا حقيقة الخضوع؟ يظن معظم الناس أن الخضوع يعني القيام بما يُقال لهم وعدم المقاومة أو التمرد عند مواجهة قضية ما. هذا هو الخضوع بالنسبة إليهم. لا يفهم الناس أيًا من التفاصيل حول سبب خضوع الناس لله، وما معنى الخضوع، وما هو مبدأ الخضوع، وكيف يجب على الشخص أن يخضع، وما هي المفاسد التي ينبغي للإنسان أن يعالجها حين يمارس الخضوع؛ إنّهم يتبعون اللوائح فحسب. هم يعتقدون أن "الخضوع يعني أنه إذا طُلب منك الطهي، فلا تكنس الأرضية، وإذا طُلب منك أن تكنس الأرضية، فلا تنظّف الزجاج. إذا طُلب منك أن تفعل شيئًا ما، فافعله فحسب. الأمر بهذه البساطة. لا تهتم بما في قلبك، لأن الله لا ينظر إلى هذه الأشياء". في الواقع، يجعل الله الناس يعالجون تمردهم وفسادهم في الوقت نفسه الذي يخضعون فيه له حتى يتمكنوا من الوصول إلى الخضوع الحقيقي. هذه هي حقيقة الخضوع. إلى أي مدى يصل الناس في النهاية إلى الفهم والمعرفة؟ هم يفهمون أن كل ما يطلب الله من الناس فعله هو شيء يجب عليهم فعله. هنا تكمن مقاصد الله، وينبغي على الناس أن يخضعوا له دون قيد أو شرط. إذا استطاع الإنسان أن يصل إلى هذا القدر من المعرفة، فإنه يفهم حقيقة الخضوع ويستطيع أن يمارس الخضوع لله ويرضيه. لكن أغلب الناس لا يعرفون ما هو الخضوع لله؛ بل يعرفون فقط كيفية اتباع اللوائح. ونتيجة لذلك، فإنهم لا يستطيعون تحقيق الخضوع لله، لأنهم لا يفهمون مقاصد الله أو حقيقة الخضوع. هؤلاء أناس ليس لديهم فهمًا روحيًا. إن الأشخاص الذين يفتقرون إلى الفهم الروحي لا يستطيعون فهم حقيقة الخضوع، لذلك يصعب عليهم ممارسته. لا يستطيعون العثور على طريقة الممارسة أو مبادئ الممارسة. الأشخاص الذين ليس لديهم فهم روحي لا يتمتعون بالاستنارة الروحية. وبغض النظر عن كيفية عقد شركة عن الحق معهم، فإنهم لا يفهمونه. هم لا يعلمون أن ممارسة حقيقة الخضوع هي عملية دخول الحياة. ودخول الحياة هو عندما يقوم الشخص بتحليل ومعرفة المقاصد، والمفاهيم، والتفضيلات، والاختيارات التي يكشف عنها في عملية قبول الحق وممارسته، لكي يفهم حالته المتمردة، ويدرك أنه شخص يتمرد على الله ويقاومه، وأنه لا يستطيع مطلقًا تحقيق التوافق معه. وعندما يفهم الناس هذا، يصبح من السهل عليهم ممارسة الحق. هذه ليست سوى البداية لممارسة حقيقة الخضوع. في العملية التي تبدأ بالتأمل في شخصيتك الفاسدة وفهمها حتى النقطة التي تبدد فيها شخصيتك الفاسدة، وتمردك، ورغباتك المفرطة من الله، وتفضيلاتك، واعتباراتك، وطموحاتك، ستكتشف فسادك مرارًا وتكرارًا، وستعرف النواحي التي لا تتوافق فيها مع الله، وستفهم جوهر طبيعتك. وسوف تدرك أيضًا أنه ليس من السهل على الناس الخضوع لله، قد يكون من السهل فهم تعاليم الخضوع لله والقول بأنك سوف تخضع لله، ولكن ليس من السهل تنفيذ ذلك. وما هو هدف الله من طلب الخضوع؟ هل هو لكشف الناس فحسب؟ ما هي الحقيقة وراء طلب الله الخضوع؟ إن العملية التي يخضع فيها الناس لله هي العملية التي يطّهر الله بها الناس. أي أن الله يستخدم حقيقة الخضوع لتطهير الناس وتقييدهم وتوجيههم للحضور أمام الله ومعرفة أنفسهم، لكي يفهموا تمردهم، وشخصياتهم الفاسدة، وطبيعتهم المقاومة لله. هذا هو ما يعنيه أن يفهم المرء جوهر نفسه. وما النتيجة النهائية التي تتحقق من ذلك؟ يستطيع الناس أن يفهموا قبح أعماق فسادهم، ويعرفوا حقيقتهم، ويدركوا ما يجب عليهم فعله، ويعرفوا موقفهم ككائنات مخلوقة، ويخضعوا لله خضوعًا حقيقيًا، ولا يطالبون بعد الآن بمطالب غير معقولة. وهذه هي النتيجة المقصودة التي تتحقق. وهذا هو معنى الدخول في واقع الحق. أليست هذه هي تفاصيل ما تعنيه معرفة الذات؟ أليست هذه هي الأمور التفصيلية المتعلقة بالخضوع لله؟ هل يفكر الناس في هذه التفاصيل عندما يسمعون حقيقة الخضوع لله؟ كلا، لا يستطيع الناس فعل ذلك. هل يستطيعون أن يصلوا إلى الخضوع الحقيقي لله إذا لم يفهموا هذه التفاصيل بشكل كامل؟ إذا لم يتمكن الناس من تحقيق الخضوع لله، فهل يستطيعون أداء واجباتهم ككائنات مخلوقة على أكمل وجه؟ هذا مستحيل. إن إدراك المرء هذه التفاصيل عن نفسه أمر بالغ الأهمية؛ فهو الدرس الأساسي لتحقيق الخلاص. عندما تخضع خضوعًا تامًا لله، لا تعود تتفحّص كلام الله، ولا يكون لديك آراؤك الشخصية، ولا تقول "أعتقد"، أو "أتساءل"، أو "أخطط للقيام بهذا وذاك"، أو "يجب أن أفعل هذا وذاك". لن توجد لديك كل هذه الاعتبارات، والرغبات، والطموحات التي تبدأ بكلمة "أنا". ستتمكن من قبول ما يقوله الله حرفيًا وممارسته وفقًا لكلامه. هذا هو معنى طاعة أوامر الله واتباع طريقه. وبهذه الطريقة، تكون عملية تطهير الله لك قد وصلت إلى نهايتها. لقد تطهرت من فسادك، واستعدت هويتك الحقيقية بوصفك كائنًا مخلوقًا. هذا ما يعنيه أن تجد موقعك وتقف بثبات فيه. دون هذه الاعتبارات، والقرارات، والرغبات المزعجة التي تبدأ بكلمة "أنا"، من السهل عليك أن تمارس الخضوع. يقول البعض: "إن الله يطلب منا الخضوع دائمًا، ولكن هذا غير منطقي! ألا يجب عليّ أن أدافع عن نفسي؟ أليست شكواي صائبة ومعقولة؟". هل هذا خضوع؟ هل يفهم مثل هذا الشخص حقيقة الخضوع؟ إنهم لا يفهمون حقيقة الخضوع، ولا يعرفون معنى الخضوع، وما هي التزاماتهم ومسؤولياتهم، ولا يعرفون واجبهم أو أين يكون موقعهم. أحيانًا يكون كلام الله الذي يكشف الناس قاسيًا جدًا. عندما يستمع الناس إليه، يشعرون بالضيق وعدم الارتياح، ويشعرون بالألم في داخلهم، بل حتى أن كرامتهم واستقامتهم قد تضررا. هم يفكرون قائلين: "إن الله لا يحب الناس، ولا يرحمهم، ولا يرفق بهم، ولا يشفق عليهم، ولا يتسامح معهم، ولا يغفر لهم. إنه قاسٍ للغاية!" يقدّر جميع الناس كرامتهم واستقامتهم، ويجدون صعوبة شديدة في تقبل المساس بهما. ونتيجة لذلك، فإنهم لا يستطيعون الخضوع حتى لو أرادوا ذلك. هم يظنون في قرارة قلوبهم: "إنّ الله يطلب من الناس الكثير. إنه يجعلني أبدو أحمقًا ويعذّبني، أليس كذلك؟". ولكن هذا ليس صحيحًا، فطلب خضوع الناس لله ليس المقصود منه إرغام أحد على الخضوع له، فضلًا عن إجبار أحد على الخضوع له. يأتي طلب الله بشروط، فهو موجه إلى أولئك الذين لديهم ضمير وعقل ويستطيعون قبول الحق، وإلى أولئك الذين يفهمون الحق. إن كنت لا تفهم الحق وليس لديك ضمير وعقل، فلن تكون قادرًا على تلبية متطلبات الله. في الواقع، إن كل الحقائق التي يعبّر عنها الله تصدر لأولئك الذين يحبون الحق ويستطيعون قبوله. لا يطلب الله شيئًا من الذين لا يحبون الحق ولا يقبلونه. هل ترى أن أحدًا لا يمارس الحق يتلقى التأديب أو العقاب الفوري؟ هذا لا يحدث لأي شخص. إن مقصد الله هو الأمل بأن يتمكن جميع الناس من قبول الحق وفهمه والوصول إليه. هذا هو مقصده. إذا رأى الإنسان كلام الله وشعر أن الله يطلب منه أن يفعل ما يقوله هذا الكلام، فهذا يعني أنه أساء الفهم. لذلك، عندما تقرأ كلام الله، يجب أن تفهم مقاصده، والجمهور المستهدف، ومعناه. لا تعلّق على كلامه بتهور. إذا كنت دائمًا تقدم أعذارك الخاصة وتفتقر إلى الخضوع، فماذا سيكون رأي الله بك؟ سيقول الله إنك لست مُطهّرًا، ولست شخصًا خاضعًا لله، وإنك لم تعش واقع الخضوع لله. لذا فإن الخضوع الذي تتحدث عنه هو مجرد تعليم، وسيظل نظرية إلى الأبد. إذا كان لدى الناس في كثير من الأحيان مفاهيم في قلوبهم عندما يواجهون أشخاصًا وأحداثًا وأشياء وبيئات مختلفة من تدبير الله، فمن المرجح أن يجادلوا الله ويقاوموه. هذا النوع من الأشخاص لا يمتلك واقع الحق، والخضوع بالنسبة لهؤلاء هو مجرد تعليم وكلام فارغ. في أي سياق يمكن لأشخاص مثل هؤلاء أن يكونوا خاضعين بدرجة صغيرة؟ يجب أن يكونوا في بيئة مناسبة تتوافق مع مفاهيمهم، كما يجب أن يكونوا في مزاج جيد. حينها فقط يمكنهم ممارسة حقيقة الخضوع. فهل يعني هذا أنهم يملكون واقع الخضوع لله؟ كلا، لأن خضوعهم محدود للغاية، إذ يجب أن يتوافق مع تصوراتهم ويلبي شروطهم حتى يكونوا خاضعين. ومثل هذه المواقف قليلة ومتباعدة. كيف يبدو الخضوع الحقيقي إذًا؟ ما دام الشخص يقر بأن هذا هو الحق، فإنه لا يطرح أعذارًا أو يضع شروطًا ويستطيع أن يكون خاضعًا بغض النظر عما إذا كان هذا يناسب أذواق البشر أو مفاهيمهم أم لا. سوف يخضع من دون جدال حتى إذا كلّفه هذا حياته. هذا ما يُسمّى أن تكون خاضعًا حتى الموت. هذا هو خضوع بطرس. كم عدد الأشخاص الذين يمكنهم الخضوع هكذا؟ لا أحد تقريبًا. يجب أن يفهم المؤمنون بالله ما هو الحق. إنّ الحق هو الطريق الذي يجب أن يتّبعه الناس في كل مكان وفي كل عصر. هذا هو الطريق الذي يجب أن يتّبعه الجميع. بغض النظر عن قدرة الناس أو رغبتهم في هذا، فإنّ الحق هو الطريق الذي يجب أن تتبعه البشرية جمعاء، سواءً كانت البشرية فاسدة أو لم يفسدها الشيطان، وسواءً كانت البشرية المعاصرة أو المستقبلية. وما سبب ذلك؟ لأن الحق هو الطريق الصحيح، وهو واقع كل الأشياء الإيجابية – إنه واقع كل الأشياء الإيجابية الذي يجب أن تتبعه جميع الكائنات المخلوقة. ماذا يجب أن تفعل عندما تتعارض الحقيقة مع أفكارك، أو وجهات نظرك، أو شخصيتك؟ يجب أن تختار الخضوع. هذه هي حقيقة الخضوع. ما هي حقيقة الخضوع؟ وما هو الجانب العملي من هذه الحقيقة من الخضوع لله؟ بغض النظر عما إذا كنت تريد ممارسة الحق أم لا، وسواءً كنت تعتقد أن هذا صحيح أو خطأ، ومهما كانت وجهة نظرك، وبغض النظر عن كيف ترى كلام الله ومطالبه فيجب عليك قبولها والخضوع لها وممارستها. هذا هو الخضوع، وكذلك هذه هي حقيقة الخضوع. لا يستطيع الناس ممارسة الحق لأن لديهم شخصيات فاسدة. ليس الأمر أنه إذا لم يتمكن شخص ما من ممارسة الحق، فهذا يعني أنّه ليس الحق وهو يصبح كلامًا فارغًا. هذا الاعتقاد خاطئ وسخيف. يتساءل البعض: "إذا كان شخص ما لا يستطيع ممارسة الحق، فقد يكون هذا هو الحق، ولكن إذا لم يكن أي أحد قادرًا على ممارسته، ألا يعني هذا أنّه ليس الحق إذًا؟" هل هذا السؤال صحيح؟ (كلا). هذا تفكير منطقي. والحقيقة هي أن جوهر الحق لا يتغير أبدًا. حتى لو لم تتمكن من ممارسته، فلا يزال الحق هو الطريق الذي يجب أن يتّبعه الناس وهو الطريق الصحيح. لا يمكنك أن تقول إن الحق ليس صحيحًا إذا لم يتمكن شخص ما من تطبيقه مهما حاول جاهدًا. يظل الحق صحيحًا إن لم يستطع عشرة آلاف شخص من ممارسته. ويظل صحيحًا حتى لو لم يستطع أي أحد ممارسته. لا يتغير الحق أبدًا. الحق وحده هو من يستطيع أن يمكّن البشرية من العيش بشكل طبيعي، والعيش أمام الله، ونيل استحسانه وبركته. هذا هو الحق وهذه هي النتيجة التي يمكن تحقيقها من خلال قبول الحق. من أين يأتي الحق؟ يأتي الحق من الله، ويعبّر عنه الله. كلام الله هو الحق. الحق هو كلمة الله وكلمة الله هي الحق. إذا فهم الناس الحق وكانوا على استعداد لقبوله، فما هي المشكلات التي يجب أن يحلّها الناس من أجل أن يكونوا خاضعين؟ يجب عليهم معالجة جميع شخصياتهم الفاسدة، وكذلك خياراتهم الشخصية واعتباراتهم وخططهم وما إلى ذلك. هل يمكن وضع هذه الأشياء جانبًا فورًا بعد التعرف عليها؟ (كلا). يعالج الناس هذه الأشياء تدريجيًا ويُطهّرون أثناء عملية طلب حقيقة الخضوع أو ممارستها، من خلال الصلاة لله لكي يرتّب البيئات، ويُعد الناس، والأحداث، والأشياء، ومن خلال الدعاء من أجل نيل تأنيبه، وتأديبه، وتوبيخه، ودينونته، وتجربته، وتنقيته، ولا يمكن للإنسان أن يصل إلى الخضوع المطلق إلا عندما يُطهّر. إذا كنت خاضعًا أثناء محاولة حل هذه المشاكل، فسوف يمكن حلها. وإن لم تكن خاضعًا، فلن يتم حلّها أبدًا. وفي نهاية المطاف، عندما تُحلّ كل هذه المشكلات ويتم تطهيرك، سوف تكون شخصًا خاضعًا لله. لماذا أقول هذا؟ هل تفهمون العلاقة هنا؟ عندما تمتلك الخضوع، فإن هذا الجانب من الحق يمكن أن يتجسد فيك ويصبح واقعك. عندما تعيش هذا الجانب من الواقع، فإن مشاكلك في هذا النطاق سوف تُحَل. هذا هو الأمر.
ما الطريقة الدقيقة لتحديد ما إذا كان لدى المرء فهم روحي أم لا؟ هل يكفي أن تنظر فقط إلى مدى قدرته على فهم المعنى الحرفي لكلام الله؟ (كلا). ماذا يعني بالضبط أن يكون لدى المرء فهم روحي؟ يعني أن الشخص يستطيع فهم كلام الله، ويستطيع فهم واستيعاب العظات والشركة ضمنيًا، ويستطيع فهم كلمات العظات والشركة، دون مزيد من الشرح، حتى لو لم يكن هناك ارتباط واضح بينها. حتى لو لم يكن معنى العظات والشركة موضحًا تمامًا، يمكن لهذا الشخص أن يفهمه ويعرف ما يعنيه. هذا النوع من الأشخاص هو من لديه فهم روحي. أولئك الذين لا يفهمون كلام الله أو لا يفهمون العظات والشركة، ويسيئون فهم هذه الأشياء دائمًا، ويشعرون أن ثمة تناقضات بين هذه الأشياء؛ هؤلاء الأشخاص ليس لديهم فهم روحي. إن الأشخاص الذين يفتقرون إلى الفهم الروحي لن يتمكنوا من فهم الحق بشكل كامل، حتى لو عقدت شركة معهم حول هذا الأمر بوضوح. هم يظنون أن القدرة على فهم التعاليم واتّباع اللوائح أمر كافٍ. لذا، ليس من السهل على الشخص الذي ليس لديه فهم روحي أن يفهم الحق. ومع ذلك، إذا كان الشخص الذي يمتلك فهمًا روحيًا لا يسعى إلى الحق أو يفهمه، فهو في الأساس لا يختلف عن الشخص الذي يفتقر إلى الفهم الروحي. ولذلك، فإن فهم الحق أمر بالغ الأهمية. فسواء كان لدى المرء فهم روحي أم لا، فيجب عليه أن يصل إلى الحق. وكلّما فهم الحق على نحو أكثر شمولًا، زادت استفادته. لن يتمكن من رؤية الأمور بوضوح فحسب، بل سيتمكن أيضًا من اختيار الطريق الصحيح. لذلك، إذا أراد المرء السعي وراء الحق، فمن ناحية، يجب عليه أن يتوق إلى كلام الله، وأن يبذل جهدًا في كلامه، وأن يتعلم التأمل فيه، ويقرأه مصليًا، ويعقد شركة حوله، ويبحث فيه. وما هو الأمر الأكثر أهمية؟ يجب عليه ممارسة كلام الله واختباره. فقط عندما تمارس هذا الكلام وتختبره، ويصبح كلام الله واقعك، حينها فقط يمكنك حقًا فهم ما يشير إليه كلامه وما هي الحقائق التي يحتويها بالضبط. عندما تفهم الحق، سيكون لديك فهم روحي بطبيعة الحال. لكن الوصول إلى الفهم الروحي ليس هو الهدف، فما هو الهدف؟ الهدف هو ممارسة الحق وفهم الحق. إذا كان لدى شخص ما طريق للمضي قدمًا عندما يمارس كلام الله، ويعرف ما يجب فعله، وبعد أن يمارس كلام الله، يمكنه فهم الحقائق فيه، ويعرف علاقات الممارسة ومبادئها فيه، فهذا شخص لديه فهم روحي وتمكن من تحقيق تأثيرات فهم الحق. ولتحديد ما إذا كان لدى الشخص فهم روحي أم لا، فهذا مرتبط بما إذا كان بإمكانه فهم الحق واكتسابه، لذا بالنسبة إلى المؤمنين بالله، فإن امتلاك الشخص للفهم الروحي هو مسألة ذات مغزى كبير، وتؤثر مباشرةً على قدرته على فهم الحق. على سبيل المثال، يطلب الله من الإنسان الخضوع، ولكن ما الذي يجب على الإنسان أن يخضع له بالضبط؟ ما هو الهدف من الخضوع؟ (الحق وكلمة الله). اخضع للحق ولكلمة الله. بمعنى أكثر واقعية، يعني ذلك الخضوع لمتطلبات الله من الناس؛ والخضوع للبيئات الحياتية الحقيقية، والأشخاص، والأحداث، والأشياء التي يرتّبها الله للناس؛ والخضوع لمتطلبات الله من الناس في واجباتهم المختلفة. ولنذهب إلى أبعد من ذلك: ما الذي يتضمنه واقع الخضوع أيضًا؟ (الخضوع لترتيبات عمل الأعلى). هذا جزء منه. وماذا أيضًا؟ (الخضوع في كل واجب يرتّبه لنا بيت الله). إن الواجبات مهمة جدًا بالنسبة للمؤمنين بالله، وما إذا كان المرء قادرًا على أداء واجبه جيدًا مرتبط بما إذا كان يمتلك واقع الحق. ثمة جزء آخر: معيار السلوك الذي يطلبه الله من الناس. هذا مهم جدًا أيضًا. ماذا يشمل سلوك المرء؟ يشمل كيفية معاملة المرء لإخوته وأخواته، وكيفية تعامله مع الثروة، وكيفية تعامله مع آفاقه المستقبلية، وزواجه، ومشاعره، ومتعته الجسدية. إن طلب الحق في جميع هذه الأمور المختلفة، والعمل وفقًا لمتطلبات الله، وفعل الأمور وفقًا لمبادئ الحق، والالتزام بمبادئ الحق في كيفية ممارسة المرء لحياته وعيشه؛ كل هذا هو الخضوع. كل هذا هو واقع الخضوع. على سبيل المثال، يعتقد بعض الناس أن كيفية معاملة المرء لإخوته وأخواته لا علاقة لها بحقيقة الخضوع. هل هذا الرأي صحيح؟ يتعلق الأمر بسلوك المرء. هل من مبادئ السلوك البشري التنمر دائمًا على أخ أو أخت لا تحبهما، والتحدث إليهما دائمًا بقسوة؟ (كلا). كيف يطلب الله من الناس أن يعاملوا الآخرين؟ (يطلب منّا أن نعامل الناس بإنصاف). ماذا يعني الإنصاف؟ يعني معاملة الناس وفقًا لمبادئ الحق، وليس وفقًا لمظهرهم، أو هويتهم، أو مكانتهم، أو مدى معرفتهم، أو تفضيلات المرء، أو مشاعره تجاههم. فلماذا يكون من الإنصاف معاملة الناس وفقًا لمبادئ الحق؟ لا يفهم الكثيرون ذلك، وهم بحاجة إلى فهم الحق لكي يفعلوا ذلك. هل الإنصاف كما يفهمه غير المؤمنين هو الإنصاف الحقيقي؟ قطعًا لا. لا يمكن أن يكون هناك بر وإنصاف إلا مع الله. لا يوجد إنصاف إلا في متطلبات الله من كائناته المخلوقة، وفيها فقط يمكن أن يظهر بر الله. لذلك، لا يمكن أن يتحقق الإنصاف إلا من خلال معاملة الناس وفقًا لمبادئ الحق. ماذا يجب أن تطلب من الناس في الكنيسة وكيف يجب أن تعاملهم؟ يجب ترتيب الواجبات لهم وفقًا لما يستطيعون أداءه، وإذا كانوا غير قادرين على أداء الواجب، بل ويسببون اضطرابات، فيجب إخراجهم إذا استحقوا ذلك، حتى إن كانت علاقتهم بك جيدة. هذا هو الإنصاف، وهذا ما تتضمنه مبادئ معاملة الآخرين بإنصاف. وهذا له علاقة بمبادئ السلوك. أحد جوانب حقيقة الخضوع يتضمن أداء المرء لواجبه. وثمة جانب آخر يتعلق بكيفية طاعة الناس والتعامل مع الأمر عندما تحل الكوارث والأمراض، وكيف يتمسّكون بشهادتهم بحزم. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة جانب يتعلق بسلوك الناس. والأهم من ذلك، يجب أن يسعوا ليكونوا أشخاصًا صادقين، ويجب أن يكون لديهم ضمير وعقل. كما يجب عليهم أن يعيشوا، ويتغذوا، ويلبسوا، ويأووا أنفسهم، ويتنقلوا كأشخاص طبيعيين. وما هو مطلب الله من الناس فيما يتعلق بجودة الحياة؟ (يجب علينا الاكتفاء بالطعام والملابس). كان ذلك هو مطلب الله من الناس في عصر النعمة. فما هي مطالب الله من الناس في العصر الحالي؟ لدى الله متطلبات من الناس فيما يتعلق بطعامهم، وملابسهم، ومأواهم، ووسائل تنقلهم؛ وكذلك في حديثهم وسلوكهم، وطريقة لبسهم. هو لا يطلب منك أن تكون زاهدًا، ولا يريدك أن تنغمس في الدعة الجسدية. إن الكسل، والانغماس في الدعة الجسدية، والسعي وراء الملذّات ليست من متطلبات الله. فما هي معايير متطلبات الله؟ هو يطلب منك أن تكون مخلصًا تمامًا، ويقظ الضمير، وأن تتحلى بالمسؤلية في أداء واجباتك، وأن تعاني وتدفع الثمن، وأن تعمل بجد دون كسل. كما أن لله معايير لمتطلباته فيما يتعلق بمواقفك تجاه المال، والعالم، والنزعات الشريرة، والموقف الذي يجب أن تعامل به غير المؤمنين من ذوي القربى منك، ويجب إيجاد الحق في كل هذه المتطلبات. كل فئة من هذه الفئات الكبيرة تحمل في داخلها حقائق يجب على الناس ممارستها والخضوع لها. بعض الناس ينغمسون في الراحة، ويستمتعون بالأكل والشرب والمرح. يحبون إرضاء رغباتهم الجسدية واتباع التوجهات. عندما يرون كيف يستمتع الناس في المجتمع، يرغبون في الانضمام إليهم، وقلوبهم دائمًا مع العالم الخارجي. هل يمكنهم أداء واجبهم بشكل جيد؟ (كلا). بعض الناس عندما يرون غير المؤمنين بملابسهم الجميلة، يجدون أنهم كمؤمنين بالله يرتدون ثيابًا بسيطةً جدًا، ويقلقون دائمًا من أن يُنظر إليهم باحتقار، فينزعجون ويقلقون بشدة. ويرى آخرون أزواجًا شبان آخرين يعيشون في عوالمهم الصغيرة الخاصة، فيشعرون بالوحدة والعزلة عن الآخرين. إنهم يتألمون دائمًا بسبب هذه الأمور، ولا يطلبون الحق، ولا يمثلون أمام الله. فهل يستطيعون أداء واجبهم على أكمل وجه؟ (كلا). رغم أن هذه الأمور ليست ذات أهمية كبيرة، ورغم أنه لا يبدو أنها تنطوي على حقائق واضحة، إلا أنها مرتبطة بالحقائق الأساسية لمتطلبات الله من الإنسان. إذا لم يتمكن المرء من التغلب على هذه المشكلات وقهرها، وإذا كانت تلك الأمور دائمًا مصدر إزعاج في أعماقه وموهنة لإيمانه بالله وأداء واجبه، فسيكون من الصعب جدًا عليه أن يسلك الطريق الصحيح للإيمان بالله.
إن كل جانب من جوانب الحق، بدءًا من أبسطها إلى تلك الأعمق قليلًا، هو الحق. لا يوجد تمييز بين الحق السطحي والحق العميق؛ التمييز هو في الحقائق التي يجب على الناس ممارستها وتحت أي ظروف. بعض الحقائق تتعلق بواجبات الناس، وبعضها يتعلق بحياتهم اليومية، مثل عاداتهم اليومية وقواعدهم وتفضيلاتهم، وبعضها يتعلق بالبيئات، والأشخاص، والأحداث، والأشياء التي يرتّبها الله للإنسان. ومهما كانت المشكلة، وبغض النظر عما إذا كانت لها علاقة بالحياة اليومية أو الواجب، ومهما كان الأمر الذي تتعلق به المشكلة كبيرًا أو صغيرًا، إذا استطعت أن تتعامل معها بجدية، وتطلب الحق، وتتصرف وفقًا لمبادئ الحق، وتمارس وفقًا لمبادئ الحق، فأنت تسعى إلى الحق. بعض الناس يستمعون إلى العظات لبضع سنوات، وبدلًا من التركيز على ممارسة الحق، يركزون فقط على الاستماع إلى العظات التي لم يسمعوها من قبل. يريدون دائمًا أن يسمعوا بعضًا من لغة وأسرار السماء الثالثة، ودائمًا ما يعظون الآخرين بعظات سامية. وعندما يرون أن هؤلاء الناس لا يفهمونها، فإنهم يشعرون بالرضا التام عن أنفسهم. هذا غير منطقي. ما فائدة الحديث عن تلك الأمور الفارغة؟ إذا كان ما تعظون به لا يتصل بواجب الإنسان وبالحالات والشخصيات الفاسدة التي تظهر في حياة الإنسان اليومية، وإذا كان لا يتصل بحياة الناس ودخولهم وواجبهم، وإذا لم يكن له علاقة بالحالات التي تظهر وتتجلى في حياتهم اليومية، فإن ما تعظون به ليس سوى تعاليم وكلام فارغ، وليس الحق. يعتقد الكثير من الناس أنهم يفهمون الحق بعد الاستماع إلى عدد كبير من العظات. ويلخّصون من هذه المواعظ بعض التعاليم واللوائح، وكثيرًا ما يعظون الناس ويعقدون شركة معهم، ولكنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع المشاكل والصعوبات عندما تطرأ. فلماذا إذن لا تستطيع التعاليم التي يفهموها حل أي مشكلة حقيقية؟ هذا يثبت أنهم ما زالوا لا يفهمون الحق. لقد وعظ بعض الناس بالكلام والتعاليم لسنوات عديدة، ولكن عندما يُطلب منهم عقد شركة حول الحق وحل المشاكل، لا يستطيعون فعل ذلك. وعندما يُطلب منهم أن يكتبوا عن شهاداتهم الاختبارية، لا يستطيعون فعل ذلك. وعندما يواجه شخص ما شيئًا ويَطلب منهم المساعدة، لا يستطيعون تقديمها. أي نوع من الأشخاص هؤلاء؟ مثل هؤلاء الناس لا يفهمون الحق، وليس لديهم فهم روحي. يا له من أمر مؤسف! الحديث المتعالي والأناشيد الصاخبة؛ التركيز على المعرفة والتعاليم واللاهوت، وعلى تزويد النفس بما لا يملكه الآخرون، وعلى تعلم ما لم يسمع به الآخرون من قبل؛ أو التركيز على حفظ الأشياء وكسب تبجيل الآخرين وإعجابهم؛ هل يمكن تحقيق الفهم الروحي بهذه الأشياء؟ (كلا). وهل يمكن لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى الفهم الروحي أن يفهموا الحق؟ (كلا). لذلك، يرتبط الفهم الروحي بفهم الحق. فبغض النظر عن عدد السنوات التي آمن فيها شخص ما بالله، فلا يوجد ما يكشف ما إذا كان لديه فهم روحي أفضل من فهمه للحق. يمكن لأولئك الذين يملكون فهمًا روحيًا أن يفهموا كلمة الله بسهولة، ويمكنهم بسهولة فهم الحق عندما يسمعون العظات. إن الأشخاص الذين يمكنهم فهم الحق هم أشخاص ذوو فهم روحي، وطالما أن أولئك الذين لديهم فهم روحي يسعون وراء الحق، فسوف يدخلون بسهولة إلى واقع الحق.
5 أكتوبر 2020
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.