ليس للواجبات رتبة

2022 ديسمبر 16

قبل أن أؤمن بالله القدير، اعتاد المعلمون أن يمدحوني. لطالما أردت أن أكون مركز الاهتمام. واستمتعتُ بتقدير الآخرين لي. في مايو 2020، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. في الواقع أكلتُ وشربتُ كلام الله، وحضرتُ الاجتماعات، وأثناء الاجتماعات، كنت دائمًا أول من يقدم شركة عن فهمي. ولطالما امتدحني إخوتي وأخواتي على شركتي، مما كان يشعرني بالسعادة. اعتقدت أن لدي مقدرة جيدة وفهم أفضل من الآخرين. فيما بعد، انتُخِبْتُ كقائدة مجموعة. فشعرت بسعادة غامرة – ومن بين الكثير من الناس، اختِرْتُ لأكون قائدة للمجموعة. كان هذا يعني أن لدي مقدرة جيدة وكنت مختلفًا عن الآخرين. بعد ذلك، بدأت العمل كمضيف في الاجتماعات الجماعية. أولى الإخوة والأخوات اهتمامًا وثيقًا لي وأُعجِبوا بي. كنتُ أيضًا أتفاعل معهم خلال الاجتماعات، وأسألهم عن حالاتهم وصعوباتهم وأرسل كلام الله إليهم. إذا لاحظت أن شخصًا ما لم يكن يقدم شركة أو يحضر الاجتماعات، فكنت أشجعه على انفراد. كانت لي علاقة وثيقة مع الإخوة والأخوات، وكلما تجاذبنا أطراف الحديث، كانوا دائمًا في أَوْج سعادتهم. اعتقدت أنني كنت مناسبة تمامًا لسقاية الوافدين الجدد ويمكنني حتى أن أصبح شماسة سقاية. أردت منصبًا أعلى حتى أتمكن من تفحص عمل قادة المجموعات الأخرى. وبهذه الطريقة سأنال إعجاب وثناء المزيد من الناس. لكنني اندهشتُ جدًا عندما ذات يوم، أخبرتني إحدى القائدات أنني كنت الأنسب لنشر الإنجيل، لذلك أرادت مني التركيز على عمل الإنجيل. ولكن حينها لم أستطع أن أتحمس لذلك. ففكرتُ: "أنا ساقية. أعرف كل جوانب عمل السقاية. لِمَ لا تتركوني أواصل السقابة؟ لماذا تجعلوني أبشر بالإنجيل؟ باعتباري ساقية، يمكنني استخدام كل مواهبي للعب، ولكن، إذا اضطررت إلى التبشير بالإنجيل، فسأبدأ من الصفر. كل ما يستتبعه ذلك هو مطالبة الناس بتحرّي طريق الحق ليأتوا للاستماع إلى العِظات. يمكن لأي شخص القيام بواجب بسيط من هذا القبيل، فكيف يفترض بي أن أميز نفسي؟ أيضا، أنا قائدة مجموعة الآن. إذا نقلوني إلى مشاركة الإنجيل، فسأكون مجرد مشاركة في الإنجيل. من سيقدرني حينها؟" كنت أشعر بالإحباط الشديد ولم أرغب حقًا في الوعظ بالإنجيل. لم أستطع أن أحمل نفسي على الخضوع. لكن آنذاك، لم أدرك هذا وشعرت بالارتباك. ذات يوم، سألت القائد: "لماذا تجعلوني أنشر الإنجيل؟ لماذا لا أستطيع الاستمرار في سقاية الوافدين الجدد؟ يمكنني تنفيذ كلا الواجبين في وقت واحد، ويمكنني اتخاذ الترتيبات اللازمة لتلائم كل شيء". قالت لي القائدة: "أنت شخص متحدث وأنتِ موهوبة في نشر الإنجيل. أنتِ أكثر ملاءمة للقيام بذلك". عند سماع هذا، كل ما أمكنني فعله هو محاولة قبوله، لكنني ظللتُ أشعر أنه لن يقدرني أحد اذا ذهبت لأعظ بالإنجيل. شعرتُ بالاكتئاب والظلم. لقد عملت كساقية لفترة طويلة، وكنت فعّالة جدًا في عملي، وكان الآخرون يقدرونني. إذا نُقِلتُ للتبشير بالإنجيل، فسأفقد كل ذلك. إذا لم أكن فعّالة في مشاركة الإنجيل، فماذا سيظن القائد بي؟ شعرت بالإحباط حقًا ولم يكن لدي الدافع لنشر الإنجيل. عندما دعوت الناس للاستماع إلى العِظات، فعلتُ الأمور بطريقة آلية ولم أولِها كل مجهودي. قضيتُ معظم وقتي أتحدث مع الإخوة والأخوات وأمزح، على أمل إبعاد كل تلك المشاعر السلبية. غالبًا ما تساءلت أيضًا متى سأتمكن من العودة إلى سقاية الوافدين الجدد. نتيجة لذلك، لم يكن لدي ما أظهره لمدة شهر من مشاركة الإنجيل. عندها فقط صليت إلى الله: "إلهي الحبيب، أواجه مشكلة في الخضوع لهذا الموقف ولا تفارقني الرغبة في العودة إلى السقاية. أطلب منك أن ترشدني في فهم مقصِدك، حتى أتمكن من الخضوع".

بعد ذلك، قرأتُ هذا المقطع من كلام الله: "ما السلوك الذي يتعيَّن عليك اتخاذه تجاه واجبك، والذي يمكن وصفه بالصحيح ويتماشى مع مشيئة الله؟ أولًا، لا يمكنك التدقيق حول من الذي رتبه، وما مستوى القيادة التي قامت بالتكليف به – عليك أن تقبله من الله. لا يمكنك تحليل ذلك، بل عليك قبوله من الله. هذا شرط. أضف إلى ذلك أنه مهما كان واجبك، لا تُميِّز بين الأعلى والأدنى. لنفترض أنك تقول: "على الرغم من أن هذه المُهمَّة تكليفٌ من الله وعمل بيت الله، قد ينظر الناس لي باحتقارٍ إذا فعلتها. يُؤدِّي آخرون عملًا يجعلهم يتميزون. لقد أُوكلت إليّ هذه المُهمَّة التي لا تدعني أتميز بل تجعلني أُجهد نفسي خلف الكواليس، هذا غير منصف! لن أؤدي هذا الواجب. يجب أن يكون واجبي من النوع الذي يجعلني أتميز أمام الآخرين ويسمح لي بأن أصبح مشهورًا – وحتَّى إذا لم أصبح مشهورًا أو إذا لم أتميز، فما زال يتعيَّن أن أستفيد من ذلك وأشعر بالراحة الجسدية". هل هذا موقفٌ مقبول؟ كثرة التدقيق تعني عدم قبول ما يأتي من الله، أي اتّخاذ الخيارات وفقًا لتفضيلاتك الخاصَّة. وهذا يعتبر عدم قبول لواجبك بل هو رفضٌ له، ومظهر من مظاهر العصيان. فالانتقائية هذه مشوبةٌ بتفضيلاتك وبرغباتك الفرديَّة. وعندما تُفكِّر في مصلحتك الشخصيَّة وسُمعتك وما إلى ذلك، فإن موقفك تجاه واجبك لا يعتبر خضوعًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما هو الأداء المناسب للواجب؟). بعد قراءة هذا، تفكّرتُ في أفعالي. اخترت واجباتي بحسب تفضيلاتي. في عمل السقاية، كان بإمكاني استخدام موهبتي، كنت قائدة مجموعة، ومسؤولة عن أشخاص آخرين، حققتُ نتائج جيدة في سقاية الوافدين الجدد، واحترمني الآخرون وأشادوا بي كلهم، لذلك كنت سعيدة دائمًا. حتى لو كان لدي الكثير من العمل لأقوم به، لم أكن أشكو أبدًا. لكن عندما كلفني القائد بمشاركة الإنجيل شعرت أنني كنت أدعو الناس فقط للاستماع إلى العِظات، وهي وظيفة يمكن لأي شخص القيام بها. وفقدت منصبي كقائدة للمجموعة، ولم يعد أحد معجبًا بي. شعرت بالتعاسة، واشتكيت لنفسي وحاولت أن أجادل الله. على الرغم من أنني وافقت على نشر الإنجيل، إلا أنني لم أشعر بالدافع للقيام بذلك. فضلت الدردشة مع الآخرين، بدلاً من التفكير في كيفية القيام بواجبي بشكل أفضل. نتيجة لذلك، لم يكن لدي ما أظهره لمدة شهر كامل من مشاركة الإنجيل. أوليتُ أهمية للسمعة والمكانة في واجبي. إذا كان الأمر يرضيني ويمنحني السمعة والمكانة، فكان مرجحًا أن أخضع. لكن إذا لم يعجبني ذلك، ولم يعزز اسمي ومكانتي، فسأشعر بالإحباط وسأشتكي إلى الله. لم أكن أخضع بحق. بل كنت أقرر ما إذا كنت سأطيع الله بناءً على ما إذا كان الواجب قد وضعني في دائرة الضوء ومنحني مكانة. لم يكن لدي سلوك صادق في واجبي، إذا واصلت السعي للمكانة بهذه الطريقة، حتى لو قمت بالكثير من العمل، وأديت بشكل جيد في واجباتي، ونلتُ إعجاب إخوتي وأخواتي، فما الفائدة إذا لم يعجب الله ويحتفل بما فعلته؟ بعد أن أدركت ذلك، كنت مستعدة لتغيير موقفي تجاه واجبي. لأن أتوقف عن القلق من رأي الآخرين بي وأركز فقط على القيام بعمل جيد.

بعد ذلك، تفانيتُ في مشاركة الإنجيل. وبعد فترة، قبل بعض الاشخاص الذين كانوا يتحرون الطريق الحق عمل الله. قالت لى القائدة إنني قمت بعمل رائع وشعرت بالسعادة حقًا. لم أبشر بالإنجيل لكل هذا الوقت، لكنني كنت بالفعل أبلي بلاء حسنًا عن الآخرين. حتى أنني حصلت على الثناء من القائدة. كنتُ أمتلك حقًا الكثير من الإمكانات! بدأت أفكر أن مشاركة الإنجيل لم تكن بالأمر السيئ. لعلّي أتمكّن من استعراض مواهبي هناك واكتساب المزيد من المعجبين. بعد ذلك، عملت بجد أكبر في مشاركة الإنجيل وحققت نتائج أفضل وأفضل. في مارس من عام 2021، انْتُخِبتُ لأكون قائدة كنيسة. شعرت بسعادة غامرة وشكرت الله. سأقود جميع الإخوة والأخوات في الكنيسة في هذا الواجب وأترأس كل مشروع عمل. كانت هذه فرصة عظيمة لي للتميز. كان عليَّ أن أبذل قصارى جهدي في هذا الواجب. خلال ذلك الوقت، عملت بجد. كنت أرسل دائمًا رسائل إلى كل شخص يسأل عن المشاكل التي يواجهونها في واجباتهم. إذا لاحظت أن شخصًا ما سيقصر في عمله، فأعطيه مؤشرات عملية. كنت أتحقق كثيرًا من كل مشروع نميّتُ الإخوة والأخوات جيدي المقدرة. اعتنيت بالإخوة والأخوات، وشعرت وكأنني أخت كبيرة. كانوا يعتمدون عليّ جميعًا حقًا وكانوا على استعداد تام لمصارحتي بمشاكلهم. حتى أن إحدى الأخوات مدحتني لسرعتي في إيجاد مقاطع من كلام الله لحل مشاكلها. جعلني كسبي لاحترامهم وإعجابهم سعيدة جدًا وعملتُ بجد أكبر في واجبي.

بعد حوالي شهر من ذلك، كان المزيد والمزيد من الناس يقبلون عمل الله في الأيام الأخيرة وانقسمت الكنيسة. ومع ذلك، هذه المرة، اخُتِرْتُ لأكون شماسة وليس قائدة. شعرت بخيبة أمل حقًا. إذا كنت قائدة، كان سيمكنني كسب المزيد من الاحترام من ذلك. يمكن أن أكون قائدة جيدة، لماذا لم اخْتِيرَ؟ عندما طلب مني القائد الجديد القيام ببعض الأعمال، لم أرغب في الرد. شعرت بالحزن الشديد وكنت أواجه صعوبة في الخضوع لتلك البيئة. ولكن بعد ذلك تذكرت كلام الله الذي يقول: "عند قيامك بواجباتك، لا يمكنك بالتأكيد أن تتبع تفضيلاتك الشخصية، من خلال عمل كل ما تريد القيام به، وكل ما يمكن أن يسعدك فعله، أو فعل أي شيء قد يجعلك تبدو بصورة جيدة. يعد هذا بمثابة العمل وفقًا لإرادتك الشخصية. فإذا اعتمدت على تفضيلاتك الشخصية، معتقدًا أن هذا هو ما يطلبه الله، وأن هذا هو ما يُسعد الله، وإذا فرضت تفضيلاتك الشخصية على الله عنوة، أو مارستها كما لو كانت الحق، والتزمت بها كما لو كانت مبادئ الحق، أفلا يكون ذلك خطأً عندئذ؟ فهذا ليس تأدية لواجبك، ولن يتذكر الله تأديتك لواجبك بهذا الأسلوب" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أداء واجبه بشكل جيد إلّا من خلال السعي لمبادئ الحق). من خلال هذا المقطع من كلام الله، أدركت أن عدم انتخابي كقائدة كان اختبارًا بالنسبة لي لمعرفة ما إذا كان بإمكاني ممارسة الحق والخضوع له. إذا لم أخضع لله لأن الواجب لم يكن يرضيني، فلن يثني عليَّ الله. لذلك حتى لو واجهت مشكلة في قبول كل هذا، كنت أعرف أنه يجب علي الخضوع. بعد شهرين، أعيد تعييني مرة أخرى في كنيسة أخرى لمشاركة الإنجيل. كلفتني القائدة بالكثير من العمل وكانت وكثيرا ما تطلب رأيي عند مناقشة العمل. حتى إنها قالت إنني مناسبة جدًا لهذا الواجب. قلت لنفسي: "كلفتني القائدة بكل هذا العمل لأنها تثق بي. لا أستطيع أن أخذلها. يجب أن أثبت أن لدي مقدرة وكفاءة جيدين". في ذلك الوقت، أدركت أنني أسعى وراء السمعة والمكانة مرة أخرى. شعرت بالإحباط والسلبية حقًا. لم أستطع معرفة سبب تصرفي دائمًا بهذه الطريقة. ما هو مصدر شخصيتي الفاسدة؟ صليت إلى الله ساعيةً. فيما بعد، وجدتُ هذا المقطع من كلام الله: "بعض الناس يؤلِّهون بولس على وجه الخصوص. إنهم يحبّون الخروج وإلقاء الخُطَب والقيام بالعمل، ويُحبّون حضور الاجتماعات والوعظ؛ ويُحبّون أن يستمع الناس إليهم، وأن يتعبّدوا لهم ويحيطوا بهم. إنَّهم يُحِبّون أن يحتلّوا مكانة في أذهان الآخرين، ويستحسنون تفخيم الآخرين للصورة التي يمثلونها. فلنحلل طبيعتهم من خلال هذه التصرفات: ما هي طبيعتهم؟ إذا تصرَّفوا حقًا على هذا النحو، فهذا يكفي لإظهار أنهم متكبّرون ومغرورون. إنهم لا يعبدون الله على الإطلاق؛ بل يسعون للحصول على مكانة أعلى، ويرغبون في أن يتسلَّطوا على الآخرين، وأن يمتلكونهم، وأن يحتلّوا مكانة في أذهانهم. هذه صورة كلاسيكية للشيطان. ما يميز طبيعتهم هو التكبر والغرور وعدم الرغبة في عبادة الله والرغبة في عبادة الآخرين لهم. يمكن لهذه السلوكيات أن تعطيك صورة واضحة للغاية عن طبيعتهم" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان). "إن اعتزاز أضداد المسيح بمكانتهم وهيبتهم يتخطى مكانة وهيبة الأشخاص العاديين، وهو شيء في داخل شخصيتهم وجوهرهم؛ إنها ليست مصلحة مؤقتة، أو تأثيرًا عابرًا لمحيطهم – إنه شيء في حياتهم، وعظامهم، ومن ثمَّ فهو جوهرهم. أي إنه في كل ما يفعله ضد المسيح، فإن الاعتبار الأول عنده هو مكانته وهيبته، ولا شيء آخر. المكانة والهيبة بالنسبة إلى أضداد المسيح هما حياتهم وهدفهم مدى الحياة. الاعتبار الأول لديهم في كل ما يفعلونه هو: "ماذا سيحدث لمكانتي؟ ولهيبتي؟ هل القيام بهذا يمنحني هيبة؟ هل سيرفع مكانتي في أذهان الناس؟" هذا هو أول ما يفكرون فيه، وهو دليل كافٍ على أن لديهم شخصية أضداد المسيح وجوهرهم؛ فلن ينظروا إلى هذه المشكلات خلافًا لذلك. يمكن القول إن المكانة والهيبة بالنسبة إلى ضد المسيح ليستا بعض المتطلبات الإضافية، كما أنهما ليستا شيئًا غريبًا يمكنهم الاستغناء عنه. إنهما جزء من طبيعة أضداد المسيح، إنهما في عظامهم، وفي دمائهم، إنهما فطرة لديهم. أضداد المسيح ليسوا غير مبالين تجاه تمتعهم بالمكانة والهيبة، هذا ليس سلوكهم. ما هو سلوكهم إذن؟ ترتبط المكانة والهيبة ارتباطًا وثيقًا بحياتهم اليومية، وحالتهم اليومية، وما يسعون من أجله يوميًا. وهكذا فإن المكانة والهيبة هما حياة أضداد المسيح. بغض النظر عن الطريقة التي يعيشون بها، وبغض النظر عن البيئة التي يعيشون فيها، وبغض النظر عن العمل الذي يقومون به، وبغض النظر عمَّا يسعون لتحقيقه، وما هي أهدافهم، وما هو اتجاه حياتهم، كل ذلك يدور حول كونهم يتمتعون بسمعة طيبة ومكانة عالية. وهذا الهدف لا يتغير، ولا يمكنهم أبدًا تنحية مثل هذه الأشياء جانبًا. هذا هو الوجه الحقيقي لأضداد المسيح وجوهرهم" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثالث)). أدركتُ من خلال كلام الله أن أضداد المسيح يعتزون بالسمعة والمكانة أكثر بكثير من الأشخاص العاديين، إنه جانب جوهري من وجودهم. بغض النظر عما يفعلونه، فإن اهتمامهم الأساسي دائمًا هو السمعة والمكانة، وسواء كان الآخرون يحترمونهم ويعجبون بهم أم لا. إنهم يريدون مكانًا في قلوب الناس، للتحكم بهم والسيطرة عليهم. هذا بسبب جوهرهم كأضداد للمسيح. تفكّرتُ في مدى اشتهائي للسمعة والمكانة. قبل أن أضع إيماني بالله لطالما سعيتُ لإعجاب الآخرين، وسعيت للحصول على مكان في قلوبهم. وحتى بعد أن بدأت في الإيمان بالله، ما زلت أسعى إلى الاحترام والإعجاب كما كان من قبل. أحببت استضافة الاجتماعات والشركة وآراء الآخرين الجيدة عني. لقد استمتعت بشعور التقدير. عندما انتقلت من كوني قائدة إلى شماسة، انطفأت جذوة حماسي تمامًا. شعرت أنني فقدت سمعتي ومكانتي وقلقت من فقدات تقدير الآخرين لي. عندما أعيد تعييني في كنيسة أخرى لمشاركة الإنجيل، أردت مرة أخرى أن أثبت نفسي لكسب احترام الجميع. لم يكن سعيي مختلفًا عن سعي بولس. كان بولس يحب إلقاء الخطب العامة. واستمتع بكونه محاطًا بالجماهير، ويحظى بالاحترام والإعجاب. أراد أن يكون له مكان في قلوب الناس وفي النهاية أطلق على نفسه اسم المسيح. كانت طبيعته متعجرفة للغاية. بينما كنت أقوم بواجباتي، كل ما فكرت فيه كان كسب احترام وإعجاب الآخرين. أردت أن يكون لي مكان عالٍ في قلوب الناس. كم كنت متعجرفة بشدة! على الرغم من أنني آمنت بالله، لم يكن لدي قلب يخشى الله. كنت أقوم بواجباتي فقط من أجل الشهرة والمكانة، وليس لإرضاء الله. لقد وضعت قدمي بالفعل على طريق ضد المسيح. كنت حقًا في خطر! أدركت أن الله كان يحميني بعدم السماح لي بأن أُنتَخب كقائدة. من دون هذا الوضع الذي كشفني، لم أكن لأدرك أبدًا كم كنت متعجرفة ومدى خطورة وضعي. شعرت بالرعب والذنب والحزن لمساعيَّ غير اللائقة. صليت إلى الله: "يا الله القدير، لقد سلكت الطريق الخطأ سعيًا وراء السمعة والمكانة وأشعر بالسوء. شكرا لك على كشفي بكلماتك. لن أبحث بعد الآن عن السمعة والمكانة وسأخضع لجميع ترتيباتك. بغض النظر عن طريقة تفكير أي شخص آخر بي، سأؤدي واجبي بأفضل ما أستطيع".

فيما بعد، صادفتُ مقطعًا من كلام الله. "على الإنسان – كأحد مخلوقات الله – أن ينشد القيام بواجبه كخليقة الله، وأن يسعى نحو محبة الله دون أن يتخذ أي خيارات أخرى، فالله يستحق محبة الإنسان. ينبغي على الساعين نحو محبة الله ألا ينشدوا أي منافع شخصية أو أي منافع يشتاقون إليها بصفة شخصية؛ فهذا أصح وسائل السعي. إذا كان ما تنشده هو الحق، وما تمارسه هو الحق، وما تحرزه هو تغيير في شخصيتك، فإن الطريق الذي تسلكه هو الطريق الصحيح. أما إذا كان ما تنشده هو بركات الجسد، وما تمارسه هو الحق وفقًا لتصوراتك، وإن لم يطرأ أي تغيير على شخصيتك، وكنتَ غير مطيعٍ لله في الجسد مطلقًا، وكنت لا تزال تعيش في حالة من الغموض، فإن ما تنشده سوف يأخذك لا محالة إلى الجحيم، لأن الطريق الذي تسلكه هو طريق الفشل. ما إذا كنتَ ستُكمَّل أم تُستبعد، فإن الأمر يتوقَّف على سعيك، وهذا أيضًا يعني أن النجاح أو الفشل يتوقف على الطريق الذي يسلكه الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه). كان هذا المقطع من كلام الله مفيدًا جدًا بالنسبة لي. أدركت أنني يجب أن أسعى إلى الحق والتحول في شخصيتي. هذا هو المسلك الصحيح. فالسعي وراء السمعة والمكانة هما طريق للفشل. من قبل، كنت دائمًا أسعى وراء السمعة والمكانة. عندما كنت أسقي الوافدين الجدد، اكتسبت الإعجاب والثناء، وبعد ذلك تَرَقّيتُ إلى قائدة. وازدادت مكانتي في نظر الآخرين، ولكن تزايد أيضًا غروري. كنت أعتز كثيرًا بذاتي ولم تتغير شخصيتي. إذا واصلت السعي بهذه الطريقة، فسأُسْتَبعدُ في النهاية. كنت مثل بولس الذي ربح الكثير من الناس من نشر الإنجيل. يمكن العثور على العديد من رسائله في الكتاب المقدس وهو يحظى بالعبادة والإعجاب في العالم الديني. لكن بولس لم يفهم نفسه إطلاقًا، ولم يغير شخصيته الفاسدة أبدًا وأُلْقِي في الجحيم. أدركت أن أهم جانب في الإيمان هو السير في طريق السعي وراء الحق. وإلا، سأندم عاجلاً أم آجلاً.

في وقت لاحق، أثناء مشاهدة فيديو لشهادة اختبار، رأيت المقطع التالي من كلام الله: "إذا كنت ترغب في أن تكون متفانيًا في كل ما تفعله لتحقيق مشيئة الله، فلا يمكنك عندئذ أداء واجب واحد فحسب؛ بل عليك أن تقبل أي تفويض يطلبه الله منك. وسواء أعجبك ذلك أم لا، وسواء كان يقع ضمن نطاق اهتماماتك أم كان أمرًا لا تستمتع به أو لم تقم به من قبل، أو كان صعبًا، يظلّ عليك مع ذلك أن تقبل به وتخضع. ولا يتعيّن عليك أن تقبل به فحسب، بل يجب عليك أن تتعاون بصورة استباقية، وأن تتعرَّف عليه وتختبره وتحظى بالدخول. حتى وإن عانيت ولم تظهر وأُذللت وأصبحت منبوذًا، عليك مع ذلك أن تكون متفانيًا في التزامك. عليك أن تنظر إلى ذلك بوصفه واجبًا يتعيّن عليك القيام به، لا بوصفه عملاً شخصيًا. كيف ينبغي على الناس أن يفهموا واجباتهم؟ تنشأ واجبات الناس كشيء منحه الخالق – الله – لهم ليفعلوه. فالتكليف الذي يمنحك الله إياه هو واجبك، وقد فرضت السماء وأقرت الأرض بأن تؤدي واجبك كما يطلب الله منك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يحيا كإنسان حقيقي إلا بالصدق). كان علي أن أتذكر أن الواجبات هي إرسالية الله للناس. بغض النظر عما إذا كان الناس يقدرونني أم لا، كان علي أن أكرس حياتي للوفاء بمسؤوليتي، وألا تصبح موضع إعجاب الآخرين. في الماضي، لم أقبل واجبي على أنه قادم من الله، دائمًا وفقًا لتفضيلاتي. كنت أصنف الواجبات على أنها مهمة أو غير مهمة، أعلى أو أقل. كنت أؤدي بحماس ونشاط الواجبات التي تسمح لي بتمييز نفسي، وكان سلوكي شِكاءً وسلبيًا ومقاومًا تجاه الواجبات التي تسمح لي بذلك ولم أقبلها. أدركت أنني لا أستطيع أن أكون كثيرة التدقيق في واجباتي أو أتبع تفضيلاتي. في الواقع، سواء كانت الواجبات التي وضعتني في نظر الجمهور أو تمت خلف الكواليس، كانت كلها عمل الكنيسة، ولم يكن هناك فرق في رتبتها. كل الواجبات متساوية في نظر الله. توكل لنا الكنيسة واجبات مختلفة بناءً على مواهبنا، حتى نتمكن جميعًا من استخدام نقاط قوتنا بالكامل. هذا مفيد لكل من عمل الكنيسة ودخولنا إلى الحياة. يجب أن أخضع لترتيبات الله وأقوم بواجبي بشكل جيد. لذا، صليت إلى الله: "يا الله القدير، لم أعد أريد أن أقوم بواجبي على أساس تفضيلاتي. حتى لو لم أستطع تمييز نفسي، فما زلت مستعدة لبذل قصارى جهدي في واجبي لإرضاء الله".

ذات يوم، كنا نعقد اجتماعًا وكنت آمل أن تسمح لي القائدة بأن أكون المضيفة، لكن عندما وصلت إلى الاجتماع، رأيت أن أخت أخرى تستضيفه. قلت لنفسي: "اعتدت أن أكون قائدة هذه الأخت والآن أصبحت قائدة مجموعتي. أيضًا، كنت دائمًا أستضيف الاجتماعات. الآن لا أفعل ولا أستطيع تمييز نفسي – هل سيفقد الإخوة والأخوات تقديرهم لي؟" شعرت بالخجل والحرج الشديدين. أردت تجاهل رسائل المجموعة والذهاب لحضور اجتماع مجموعة أخرى. ولكن بعد ذلك أدركت أن سلوكي خاطئ، ولذا، صليت إلى الله، طالبة منه إرشادي لأتخلص من غروري. بعد الصلاة، شعرت بالهدوء النسبي. يجب أن أركز على أداء واجبي بشكل جيد وأن أتوقف عن القلق بشأن تمييز نفسي. وعند إدراكي لهذا، لم أشعر بالاستياء بهذا القدر. في وقت لاحق، انفتحتُ للجميع حول تجربتي خلال تلك الفترة، وكيف غيرني كلام الله. شعرت بالسعادة والتحرر الشديدين. والآن، مازلتُ مشارِكة إنجيل لا أكثر، لكني لم أعد أهتم بكيفية تصنيف واجبي. حتى لو لم أعد قائدة مجموعة أو شماسة أو قائدة كنيسة فما زلت على استعداد لمواصلة أداء واجبي. الشكر لله. لقد حوّلني كلام الله.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

تقويم دوافعي في واجبي

انتخبتُ قائدة للكنيسة في يونيو الماضي. في ذلك الوقت، شعرت بسعادة غامرة وشعرت أن الإخوة والأخوات لا بد أنهم يظنون بي حسنًا، وأن تصويت الكثير...

عواطفي شوَّشت حكمي على الأمور

مرحبًا هويجوان، وصلني خطابكِ. قلتِ في خطابك إن ابنينا استُبعدا من الكنيسة. لم أستطع تقبل هذا في البداية. أتذكر منذ سنوات قليلة عندما عدت...

الشهادة على معجزة في خضم اليأس

يتعرَّض زوج البطلة لحادث سيارة خطير ويظل في حالة خطيرة. في ذلك الحين هي لا تواجه ألم فقدان زوجها فحسب، بل عليها أن تتحمّل ضغط اقتراض المال والإضطرار لدفع ديونها. تصلي لله وتعتمد عليه بينما تتطور الكارثة، وتحت إرشاد كلام الله تجد الإيمان والقوة وتشهد معجزة في خضم يأسها.

اترك رد