لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق (الجزء الثالث)

لقد نظرت شركتنا الآن بصفة أساسية في سبب وجوب أن يسعى الإنسان إلى الحق، من منظور خطة تدبير الله، ومن منظور الله. وعند رؤية الأمر من الناحية الأخرى، فإنَّه يكون أبسط إلى حدٍ ما. فيما يتعلق بالإنسان نفسه – من منظور الإنسان – لماذا على الإنسان أن يسعى إلى الحق؟ على نحو بسيط للغاية، إذا كان سعي الإنسان هو أن يعيش بموجب الناموس، دون أن يفهم الحق، ولم يسعَ سوى إلى الالتزام بالناموس، فماذا سينتج عن ذلك في نهاية المطاف؟ الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينتج عن ذلك في النهاية هو إدانة الناموس للإنسان، لعدم قدرته على حفظ الناموس. ومرورًا بذلك وحتى عصر النعمة؛ في ذلك العصر، فهمَ الإنسان الكثير، وربحَ من الله الكثير من المعلومات الجديدة عن الإنسان – إرشادات ووصايا للتصرف الإنساني – لقد ربح الإنسان جيدًا من حيث التعاليم. ومع ذلك، كان الإنسان يرجو أن ينتفع بالمزيد من حماية الله وإحسانه وبرَكاته ونعمته، دون أن يفهم الحق. كانت وجهة نظر الإنسان لا تزال تتمثل في تقديم الطلبات إلى الله، وبينما كان الإنسان يقدم تلك الطلبات، ظل سعيه لا يزال يهدف ويوجه نحو حياة الجسد، وراحة الجسد، وحياة جسدية أفضل، وكان موجَّهًا نحو ذلك. كان هدف سعيه ما يزال يتعارض مع الحق ويخالفه. كان الإنسان ما يزال عاجزًا عن استطاعة السعي إلى الحق، ولم يمكنه الدخول في حياة واقعية مثل تلك التي يكون الحق فيها أساسًا لوجود المرء. هذه هي وقائع حياة الإنسان، كما عاشها على أساس فهم جميع النواميس أو الوصايا والقيود في عصر النعمة، وعلى أساس عدم فهم الحق بعد. عندما تكون هذه هي وقائع حياة الإنسان، فغالبًا ما سيفقد اتجاهه دون أن يدرك ذلك. إنه كما يقول الناس: "أنا حائر وضائع". في مثل هذه الظروف من الحيرة المستمرة، غالبًا ما يغرق الإنسان في فراغ، ويبلغ حافة الانهيار، لا يَعرف لماذا يعيش الإنسان أو ما سيؤول إليه المستقبل، ناهيك عن أن يعرف كيفية مواجهة مختلف الناس والأحداث والأشياء الذين يحتك بهم في الحياة الواقعية، أو ما الطريقة الصحيحة التي ينبغي عليه مواجهتهم بها. هناك أيضًا العديد من أتباع الله، المؤمنين، الذين، حتى وهم يحافظون على الوصايا ويتمتعون بقدر كبير من نعمة الله وبركاته، يسعون إلى المكانة والثروة ومستقبل واعد والتميز بين أقرانهم والزيجات الوردية والإشباع العائلي والثروة، حتى وهم يتمسكون بالوصايا ويتمتعون بقدر كبير من نعمة الله وبَركاته. وفي مجتمع اليوم، يسعون إلى المتع الجسديَّة والحياة والراحة؛ يسعون وراء القصور والسيارات الفارهة؛ ويسعون للسفر حول العالَم، واستكشاف أسرار البشريَّة ومستقبلها. إن البشريَّة، في قبولها للأنظمة والقيود التي تفرضها مجموعة كبيرة من النواميس والمعايير السلوكية، تظل غير قادرة على التخلص من ميلها لاستكشاف المستقبل، وأسرار البشريَّة، وكل مسألة خارج نطاق إدراك البشريَّة. وإذ يفعل الناس ذلك، غالبًا ما يشعرون بالفراغ والاكتئاب والظلم والانزعاج وعدم الاستقرار والخوف، لدرجة أنهم يواجهون صعوبة شديدة في السيطرة على تهورهم وعواطفهم، في ظل كثرة الأشياء التي تحلُّ بهم. ثمة بعض الناس الذين تنخفض معنوياتهم، ويصابون باكتئاب، وكبت، وما إلى ذلك، عندما يواجهون أي ظروف مثيرة للقلق، مثل ظروف قاسية في العمل، أو تفكُّك أسري، أو اضطرابات أسريَّة، أو اضطرابات زوجية، أو تمييز في المجتمع. يوجد حتى بعض الناس الذين ينغمسون في الحدود القصوى للمشاعر؛ يوجد حتى مَن يختارون إنهاء حياتهم بوسائل متطرفة. هناك – بالطبع – آخرون يختارون الانسحاب والوحدة. وما الذي ظهر نتيجة لذلك في المجتمع؟ المنعزلون من الذكور والإناث، والاكتئاب السريري، وما إلى ذلك. حياة المسيحيين ليست مستثناة من هذه الظواهر أيضًا؛ بل إنها كثيرة الحدوث. في نهاية المطاف، السبب الجذري لهذا هو أنَّ البشريَّة لا تفهم ماهية الحق، ولا من أين يأتي الإنسان وإلى أين يذهب، ولا السبب في أنَّ الإنسان حيٌّ، وكيف ينبغي له أنْ يحيا. عند مواجهة أي نوع من أنواع الناس والأحداث والأشياء المتعددة التي يقابلونها، فإنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع كل هذه الأشياء أو علاجها أو التخلُّص منها أو النظر فيها أو سبر أغوارها، لكي يتسنى لهم أن يعيشوا بسعادة وراحة، تحت سيادة الخالق وترتيباته. لا تملك البشريَّة هذه القدرة. من دون تعبير الله عن الحق، ومن دون أن يُخبر الله الإنسان كيف ينبغي له أن يرى الناس والأشياء، ويتصرَّف ويفعل، فإن البشر يتكلون على جهودهم الخاصة، والمعرفة التي اكتسبوها، والمهارات الحياتية التي استوعبوها، وقواعد اللعبة التي فهموها، إضافة إلى قواعد السلوك أو فلسفات التعاملات الدنيوية. إنهم يتكلون على اختبارهم للحياة البشريَّة وتعرُّضهم إليها، ويعتمدون حتى على ما تعلَّموه من الكتب، لكنهم يظلون عاجزين أمام كل الصعوبات التي يواجهونها في الحياة الواقعية. بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون حياتهم في مثل هذه الظروف، فلا طائل من قراءة الكتاب المقدَّس، وحتى الصلاة إلى الرب يسوع لا فائدة منها، ناهيك عن الصلاة إلى يهوه. ولا يمكن لقراءة ما تنبأ به الأنبياء القدامى أنْ يحلَّ أيًّا من مشكلاتهم أيضًا. لذا، يسافِر بعض الناس حول العالم، ويذهبون لاستكشاف القمر والمريخ، أو يبحثون عن أنبياء يمكنهم التنبؤ بالمستقبل والتحدُّث معهم لكن قلوب الناس تظل مضطربة، خالية من الفرح، وغير مطمئنة، بعد قيامهم بهذه الأشياء. لا يزال اتجاه تقدمهم وهدفه بعيدَي المنال بالنسبة إليهم، وفارغين جدًا. تظل حياة البشريَّة، في مجملها، جوفاء جدًّا. نظرًا لأن هذا هو الوضع الراهن لحياة البشريَّة، فقد ابتكروا طرقًا عديدة للترفيه عن أنفسهم: على سبيل المثال، ألعاب الفيديو الحديثة، والقفز بالحبال، وركوب الأمواج، وتسلُّق الجبال، والقفز بالمظلات الذي يستمتع به الغربيون، ومختلف الأعمال الدرامية والأغاني والرقصات التي يحبها الصينيون، وعروض المتحولين جنسيًّا الموجودة في جنوب شرق آسيا. يشاهد الناس حتى الأشياء التي تُرضي عوالمهم الروحية وشهواتهم الجسديَّة. ورغم ذلك، مهما كانت تسليتهم، ومهما كان ما يشاهدونه، فإن أعماق قلوب الناس تظل حائرة بشأن المستقبل. ومهما بلغ عدد مرات تجول شخص ما حول العالم، أو حتى إذا ذهب إلى القمر والمريخ، فإنه بمجرد عودته واستقراره قليلًا، يكون في حالة من الوهن الشديد كليًّا كما كان من قبل، بل إنه سيكون حتى حزينًا وقلقًا لارتحاله، بدرجة أكبر مما كان سيكون عليه لو لم يرتحل. تظن البشريَّة أنَّ السبب في خوائها الشديد وكذلك عجزها الشديد وحيرتها وتخبُّطها، لدرجة أنها ترغب في استشراف ما سيأتي وما هو غير معروف، هو أنَّ الناس لا يعرفون كيف يرفِّهون عن أنفسهم، ولا يعرفون كيف يعيشون. تظن البشريَّة أنَّ السبب في ذلك هو أنَّ الناس لا يعرفون كيف يستمتعون بالحياة أو يستمتعون باللحظة؛ ظانين أنَّ اهتماماتهم وهواياتهم بسيطة؛ ليست واسعة بما يكفي. رغم ذلك، مهما بلغ عدد الاهتمامات التي يتبناها الناس، ومهما بلغ عدد وسائل الترفيه التي شاركوا فيها، ومهما بلغ عدد الأماكن التي زاروها حول العالم، لا تزل البشريَّة تشعر بأن طريقة عيشها واتجاهها والهدف من وجودها ليست كما تتمنى. باختصار، ما يشعر به الناس عمومًا هو الفراغ والملل. يتمنى بعض الناس تذوُّق كلِّ أطايب الطعام الفاخرة في العالم بسبب هذا الفراغ والمَلل؛ إنهم عازمون، أينما حلوا، على تناول الطعام. وثمة آخرون، أينما حلوا، عازمين على الاستمتاع، وهم يستمتعون ويأكلون ويسلُّون أنفسهم، إلى أن يشبعوا تمامًا. ولكن بمجرَّد أنْ يأكلوا ويشربوا ويسعَدوا، يصيرون أكثر خواءً من ذي قبل. ما العمل حيال ذلك؟ لماذا يستحيل التخلُّص من هذا الشعور؟ عندما يكون الناس في طريق مسدود، يبدأ بعضهم في تعاطي المخدرات، وتعاطي الأفيون، وتعاطي حبوب النشوة، وتحفيز أنفسهم بكل صنوف الأمور المادية. وما النتيجة؟ هل لأي من هذه الأساليب أي تأثير عندما يتعلق الأمر بعلاج خواء الإنسان؟ أيمكن لأيٍ منها حلَّ المشكلات من جذورها؟ (كلا). لمَ لا يمكنها؟ ذلك لأن البشر يعيشون بمشاعرهم. إنهم لا يفهمون الحق ولا يعرفون ما الذي يسبّب مشكلات البشريَّة من فراغ، وعدم ارتياح، وحيرة، وما إلى ذلك، ولا يعرفون أي وسائل لحلها. إنهم يظنون أنه إذا جرى الاعتناء بالمتعة الجسدية وأُشبعَ عالم روحهم الشهوانيَّ وامتلأ، فسوف يختفي شعور الخواء الموجود في روحهم. أهكذا يجري الأمر؟ الحقيقة أنه ليس كذلك. إذا خرجت من هذه العظات وقد قبلتها كتعاليم، لكنك لم تسع إليها أو تمارسها إطلاقًا، وإذا لم تتخذ كلمات الله أساسًا ومعيارًا لرؤيتك للناس والأشياء، وتصرفك وأفعالك، فلن يتغير نمط وجودك ورؤيتك للحياة أبدًا. وإذا لم تتغيَّر تلك الأشياء، فهذا يعني أنَّ حياتك بأسلوبها وقيمة وجودها لن يتغيرا أبدًا. وماذا يعني إذا لم يتغير أسلوب حياتك وقيمة وجودها أبدًا؟ هذا يعني أنه ذات يوم، عاجلًا أم آجلًا، ستبدو لك التعاليم التي تفهمها كركائز للروح؛ عاجلًا أم آجلًا، ستكون بالنسبة إليك شعارات ونظريات، وأشياء ستسد بها هذا الشعور بالخواء في عالمك الداخلي، عندما يستدعي الموقف ذلك. إذا لم يتغير اتجاه سعيك وهدفه، فستكون مثل هؤلاء الأناس الذين لم يسمعوا أيًّا من كلمات الله. سيظل اتجاه سعيك وهدفه هو البحث عن الترفيه، وعن السلوان الجسدي. ستظل تحاول علاج الفراغ والحيرة بالسفر حول العالم وسبر أغوار الأسرار. ليس مِن شك في أنك ستكون حينئذٍ سائرًا على الطريق نفسه الذي سلكه أولئك الناس. إنهم يشعرون بالفراغ بعد أن تذوقوا أطايب العالم واستمتعوا بأعظم رفاهياته، وكذلك أنت. قد تتمسَّك بالطريق الحق وكلمات الله، ولكن إذا لم تتبعها أو تمارسها، فسوف ينتهي بك المطاف مثلهم؛ كثيرًا ما تشعر بالخواء، والتخبُّط، والاستياء، والكبت، من دون سعادة حقيقية، ومن دون فرح حقيقي، ومن دون حريَّة حقيقية، وأكثر من ذلك، من دون سلام حقيقي. وبعد ذلك، في النهاية، ستكون عاقبتك هي عاقبتهم نفسها.

إلامَ ينظر الله عندما يتعلق الأمر بعاقبة الإنسان؟ إنه لا ينظر إلى عدد كلمات الله التي قرأتَها أو عدد العظات التي استمعتَ إليها. لا ينظر الله إلى هذه الأشياء، بل ينظر إلى عدد الحقائق التي ربحتها في سعيك، وكم عدد الحقائق التي يمكنك ممارستها؛ إنه ينظر إلى ما إذا كنتَ تتخذ كلماته بوصفها الأساس، والحق بوصفه المعيار لرؤيتك للناس والأشياء، وتصرفك وأفعالك، في حياتك، وينظر إلى ما إذا كان لديك مثل هذا الاختبار والشهادة. ما لم تكن هناك شهادة من هذا القبيل في حياتك اليومية وفي سياق اتباعك لله، ولم تَثبُتْ أي من هذه الأشياء على الإطلاق، فسوف ينظر إليك الله كما ينظر إلى غير المؤمنين. وهل مثل هذه النظرة هي نهاية القصة؟ لا؛ الأمر بعيد كل البعد عن أنَّ الله سينظر إليك على هذا النحو ويترك الأمر عند هذا الحد، بل إنه سيقرِّر عاقبتك بناءً على ذلك. إن الله يحدد عاقبتك بناءً على الطريق الذي تسلكه؛ إنه يحدِّد عاقبتك بناءً على كيفية أدائك في نطاق سعيك وهدفك، وموقفك تجاه الحق، وما إذا كنتَ قد شرعتَ في طريق السعي إلى الحق. لماذا يحدِّده هكذا؟ عندما يقرأ شخص ما كلمات الله ويسمع عددًا كبيرًا منها، لكنه ببساطة لا يسعى إلى الحق، ويظل غير قادر على اعتبار كلمات الله معيارًا لآرائه عن الناس والأشياء، وتصرفه وأفعاله، فليس الأمر فحسب أنَّ هذا الشخص لن يمكنه في النهاية أن يُخلَّص. إليك الشيء الأهم: ماذا يُحتمل حدوثه لمثل هذا الشخص لو أنه بقي؟ أيمكنه أنْ يصير سيِّد كل شيء؟ أيمكنه أنْ يكون وكيلًا على كل شيء، عوضًا عن الله؟ أيستحق الإرسالية؟ أيستحق الثقة؟ إذا سلَّمك الله كل شيء، فهل ستفعل كما تفعل البشريَّة الآن؛ تقتل دون تمييز الكائنات الحيَّة التي خلقها الله، وتبدِّد دون تمييز مخلوقات الله هائلة العدد، وتُدنّس دون تمييز الكثير مما منحه الله للبشريَّة؟ بالطبع ستفعل ذلك! إذًا، لو أنَّ الله سلَّمك هذا العالَم وكل شيء، فما الذي ستواجهه كل الأشياء في النهاية؟ لن يكون لديها وكيل حقيقي؛ ستُدنّس وتُبدّد إلى العدم على يد البشريّة التي أفسدها الشيطان. في نهاية المطاف، ستواجه كل الأشياء، والكائنات الحيَّة التي بين كل الأشياء، والبشريَّة التي أفسدها الشيطان، القَدَر نفسه: سيُهلكها الله. هذا شيء لا يأمل الله رؤياه. لذا، إذا كان مثل هذا الشخص قد سمعَ الكثير من كلمات الله ولم يفهم سوى الكثير جدًّا من التعاليم الموجودة في كلماته، لكنه لا يزال غير قادر على تولي مهمة سيِّد كل شيء أو رؤية الناس والأشياء، والتصرُّف والفعل بحسب كلام الله، فإنَّ الله لن يأتمنه بالطبع على أي شيء، لأنه غير مؤهَّل. لا يرغب الله في رؤية كل الأشياء التي خلقها بجهوده المضنية تُبدَّد وتُدنَّس إلى العدم – للمرة الثانية – من خلال البشريّة التي أفسدها الشيطان، ولا يرغب في رؤية البشريَّة – التي دبَّرها طوال ستة آلاف عام – تُدمَّر على أيدي مثل هؤلاء البشر. الشيء الوحيد الذي يريد رؤيته هو الوجود المستمر لجميع الأشياء التي خلقها بجهوده المضنية، تحت وكالة مجموعة الناس التي تنال خلاصه، وتحت رعاية الله وحمايته وقيادته، وهي تعيش وفقًا لترتيب كل الأشياء، والنواميس التي يأمر بها الله. أي نوع من الناس هم، إذًا، الذين بوسعهم تحمُّل مثل هذا العبء الثقيل؟ ثمة نوع واحد فحسب، وهذا النوع هو الذي أتحدث عنه؛ الذين يسعون إلى الحق، أولئك الذين يمكنهم رؤية الناس والأشياء، والتصرُّف والفعل، في توافق صارم مع كلام الله ومع الحق كمعيار لهم. مثل هؤلاء الناس يستحقون الثقة. لقد انبثق نمط وجودهم بالكامل من أنماط البشريَّة التي أفسدها الشيطان؛ هم في هدف سعيهم ونمطه، وفي آرائهم عن الناس والأشياء، وفي سلوكهم وأفعالهم، قادرون على التوافق كليًّا مع كلام الله، وقادرون تمامًا على اتخاذ الحق معيارًا لهم. مثل هؤلاء الناس هم المناسبون حقًّا للاستمرار في العيش، والذين يصلحون إلى أن ينقل الله كل شيء بين يديهم. هؤلاء الناس هم الذين يمكنهم تحمُّل عبء ثقيل للغاية مثل إرسالية الله. الله بالطبع لن يسلِّم كل شيء إلى الشخص الذي لا يسعى إلى الحق. وهو بالتأكيد لن يسلم كل شيء إلى أناس لا يستمعون إلى كلامه، ولن يأتمن هؤلاء الناس على أي مهمة بالطبع. هؤلاء لا يمكنهم حتى أن يؤدوا واجباتهم جيدًا، فضلًا عن إرسالية الله. لو أنَّ الله ائتمنهم على كل شيء، فلن يكون لديهم أي ولاء مطلقًا، ولن يتصرفوا بحسب كلامه. كانوا ليعملوا قليلًا وقت سعادتهم، وكانوا ليأكلوا ويشربوا ويمرحوا وقتما يفتقرون للسعادة. كثيرًا ما سيكونون خاوين ومضطربين وقلوبهم قَلِقة وحَيرى، دون أي ولاء لإرسالية الله. هؤلاء الناس ليسوا بالتأكيد أولئك الذين يريدهم الله. لذا، إذا فهمتَ مقاصد الله، وعرفتَ أوجه قصور البشريَّة الفاسدة، وكذلك نوع الطريق الذي على البشريَّة الفاسدة أنْ تسلكه، فعليك أن تبدأ بالسعي إلى الحق. أنصت إلى كلام الله، واشرع في اتجاه رؤية الناس والأشياء، والتصرف والفِعل بحسب كلام الله بحيث يكون الحق معيارًا لك. وجه نفسك نحو هذا الهدف، ونحو هذا الاتجاه، وعاجلا أم آجلا، سيأتي اليوم الذي يتذكر فيه الله ويقبل نفقاتك ومدفوعاتك. حينئذٍ، ستكون ثمة قيمة لبقائك حيًّا؛ سيستحسنك الله، ولن تكون شخصًا عاديًّا فيما بعد. لا تُطلب منك المثابرة بقدر ما ثابر نوح في بناء الفُلك، لكن عليك على الأقل المثابرة طوال هذه الحياة. هل ستعيش حتى تبلغ من العمر مئة وعشرين سنة؟ لا أحد يعرف، ولكن يكفي القول إنَّ هذا ليس هو معدل الأعمار للبشريَّة الحديثة. السعي إلى الحق الآن أيسر كثيرًا مما كان عليه بناء الفُلك. كم كان من الصعب بناء الفلك، ولم تكن هناك أدوات حديثة في ذلك الوقت؛ لقد بُني بالكامل بالقوة البشريَّة، في بيئة أقل ما يقال عنها إنها غير مواتية. استغرق وقتًا طويلًا مع القليل من المساعدة. إنَّ السعي إلى الحق الآن لهو أيسر كثيرًا لكم من بناء الفلك. إنَّ بيئتكم واسعة النطاق وظروف حياتكم ضيقة النطاق تمنحكم مثل هذه الميزة وتضمن لكم مثل هذا اليُسر، فيما يتعلق بالسعي إلى الحق.

كان عقد الشركة اليوم عن "لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق"، وقد غطت بصورة أساسية جانبين من الموضوع: أحدهما كان شركة بسيطة من منظور الله، حول خطة تدبيره، ومشيئته، وتوقه، والآخر كان تشريحًا للمشكلات الكائنة في الناس أنفسهم، من منظورهم الخاص، وهو ما فسَّر ضرورة السعي إلى الحق وأهميته. للسعي إلى الحق أهمية قصوى بالنسبة إلى الإنسان، وهو مُلِحٌّ للغاية، وذلك من جهة أي من تلك الزاويتين. إنَّ السعي إلى الحق، كما يُرى من أي جهة، هو الطريق والهدف في الحياة الذي ينبغي لكلِّ تابع لله وكلِّ مَن استمع إلى كلامه، أن يختاره. لا ينبغي اعتبار السعي إلى الحق نوعًا من تطلُّع أو مشيئة، ولا ينبغي اعتبار البيانات التي تُقال عنه نوعًا من التعزية الروحية؛ بالأحرى يجب على المرء اتخاذ الكلمات التي يتحدث بها الله ومتطلباته للإنسان، ويحولها – بطريقة عملية تمامًا – إلى مبادئ وأساس لممارسته في الحياة الواقعية، لكي يتسنى لهدف حياته ونمط وجوده أن يتغيرا، وهو ما يجعل حياة المرء، بالطبع، أكثر جدوى أيضًا. هكذا سيكون الطريق الذي تسلكه في أثناء سعيك إلى الحق وخيارك صحيحَين، على النطاق الأصغر. وعلى النطاق الأكبر، سيمكنك في النهاية الفكاك من شخصيتك الفاسدة، لأنك تسعى إلى الحق، وسوف تُخلَّص. أولئك الذين سيُخلّصون لا يراهم الله مجرد قُرَّة عينه أو كنوزًا في يده، فضلًا عن أن يكونوا مجرد ركائز بسيطة في ملكوته. البركة التي ستأتيك، بوصفك فردًا في الإنسانية المستقبلية، ستكون عظيمة حقًّا، ومن نوع لم يُرَ من قبل قط، ولن يُرى ثانيةً أبدًا؛ ستأتيك أشياء صالحة، واحدة تلو الأخرى، بطريقة لا يتصورها عقلك. على أي حال، ما عليك عمله الآن أولًا، هو وضع هدف السعي إلى الحق. إنَّ وضع هذا الهدف لا يُعنى بعلاج خواء عالمك الروحي، ولا هو يُعنى بعلاج ما يوجد في عُمق قلبك من الكبت والاستياء، أو عدم اليقين والحيرة. ليس ذلك ما يُعنى به. بدلًا من ذلك، يُعنى به أنْ يكون هدفًا حقيقيًا وأصيلًا يمكن للمرء التصرُّف والفِعل نحوه. الأمر بهذه البساطة. ذلك بسيط، أليس كذلك؟ أنتم لا تجرؤون على قول ذلك، لكن الحقيقة أنه بسيط إلى حد كبير؛ يتعلَّق الأمر بما إذا كان الشخص يمتلك العزم على السعي إلى الحق. إذا كنت تمتلك هذا العزم حقًّا، فما هو الحق الذي ليس له طريق محدَّد للممارسة؟ لكل حقٍ طريق، أليس كذلك؟ (بالفعل). امتلاك أساس محدَّد لممارسة الحق، في أي من نطاقاته، وامتلاك مبادئ ممارسة محددة لأي مشروع في العمل؛ هذه الغاية يمكن لأولئك الذين لديهم عزم حقيقي تحقيقها. قد يقول البعض: "لا أزال لا أعرف كيف أمارس عندما أواجه المشكلات". هذا لأنك تعجز عن الطلب. لو طلبت، لكان لديك طريق. ثمة قولٌ، أليس كذلك؟ إنه يقول: "اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ" (متى 7: 7). هل طلبت؟ هل قرعتَ؟ هل تأملتَ الحق بينما تقرأ كلام الله؟ سيمكنك فهم كل شيء إذا بذلتَ جهدًا في ذلك التأمل. الحق كله موجود في كلام الله. ليس عليك سوى قراءته والتأمل فيه. لا تكن خاملًا؛ اهتمَّ اهتمامًا جادًا، وعندما تواجه مشكلات لا يمكنك علاجها بنفسك، يجب عليك الصلاة إلى الله، وعليك بطلب الحق لفترة، وسوف تحتاج أحيانًا إلى التحلي بالصبر وانتظار الله في حينه. إذا رتَّب الله لك بيئة، وأعْلنَ فيها عن كل شيء، وأنار لك مقطعًا من كلماته، جالبًا الوضوح إلى قلبك، ولديك مبادئ محددة للممارسة، ألن تكون بذلك قد فهمتَ؟ لذا، فإن السعي إلى الحق ليس شيئًا مجردًا، كما أنه ليس صعبًا. يمكنك طلب الحق ليرشدك إلى اتجاه الممارسة ومعاييرها، سواء كان ذلك من حياتك اليومية، أو من واجبك، أو من عمل الكنيسة، أو من تفاعلاتك مع الآخرين، كما يُرى من أي زاوية. إنه ليس صعبًا أبدًا. الإيمان بالله الآن أسهل على الإنسان كثيرًا مما كان عليه في الماضي، لأن هناك الكثير من كلمات الله، وأنتم تستمعون إلى الكثير من العظات، وهناك الكثير من الشركة عن كل جانب من جوانب الحق. إذا كان شخص ما يفهم الأمور الروحية ولديه مستوى قدرات، فسيكون قد فهمَ بالفعل. وحدهم أولئك الذين يفتقرون إلى الفهم الروحي وذوو مستوى القدرات السيئ للغاية هم مَن يقولون دائمًا إنهم لا يفهمون هذا أو ذاك، ولا يمكنهم أبدًا إدراك الأشياء. إنهم يرتبكون بمجرد أن يحل بهم شيء ما؛ عقد الشركة عن الحق يوضِّح الأمر، لكن الارتباك يعاودهم بعد فترة. كل هذا لأنهم يضيِّعون وقتهم في العالم دون اكتراث؛ فهم كسالى للغاية ولا يطلبون. سيكون من اليسير فهم الأشياء إذا كنت تطلب المزيد من كلمات الله ذات الصلة وقراءتها، فهذه الكلمات كافة مكتوبة بلغة دارجة يسهل فهمها؛ يمكن لأي شخص عادي فهمها، باستثناء المتخلِّف عقليًّا. هذه الكلمات تذكر الكثير من الأمور بوضوح وتخبرك بكل شيء. ما لم تكن ترى أن السعي إلى الحق أمر كبير، وإذا كنت تتوق حقًّا من صميم قلبك لربح الحق والسعي إليه بوصفه الشيء الأهم في الحياة، فلا يمكن لأي شيء أن يعيقك أو يمنعك من فهم وممارسة الحق.

إنَّ المبدأ الأبسط في السعي إلى الحق هو أن عليك قبول كل الأشياء التي تأتي من الله، والخضوع في كل الأشياء. ذلك جانب منه. الجانب الآخر هو أنه فيما يتعلق بواجبك وما عليك عمله، والأهم من ذلك، ما يتعلق بالإرسالية التي أعطاها لك الله والتزامك، إضافة إلى العمل المهم الذي هو خارج واجبك ولكن عليك تنفيذه، والعمل المرتَّب لك، والذي تُدعى بالاسم لعمله، عليك دفع الثمن مهما تكن صعوبته. حتى وإن كان عليك أن تبذل أقصى ما تستطيع من جهد، ولو كان الاضطهاد يلوح في الأفق، ولو كان ذلك سيعرِّض حياتك للخطر، فعليك ألا تضن بالكلفة، بل أن تقدِّم ولاءك وتخضع حتى الموت. هذه هي الطريقة التي يتجلى بها السعي إلى الحق في الواقع، وهذا هو بذله وممارسته الحقيقيَّين. أهذا صعب؟ (لا). يعجبني الناس الذين يقولون إنه ليس صعبًا، لأن لهم قلوب تتوق للسعي إلى الحق، قلوب عازمة ومُخلِصة. ثمة قوة في قلوبهم، فلا شيء مما يحلُّ بهم صعب. ولكن إذا كان الناس يفتقرون إلى الثقة، ويُشككون في أنفسهم، كما يقول الناس كثيرًا، فقد انتهى الأمر بالنسبة إليهم. إذا كان الشخص عديم الفائدة مثل كومة من الوحل، وليس لديه أي دافع لعمل أي شيء مُثمِر، لكنه يبتهج عندما يتعلق الأمر بالطعام والشراب والاحتفال، ويصير سلبيًا عند مواجهة الصعوبات، ويفتقر إلى الحماس، دون حتى حد أدنى من الدافع، عندما يتعلق الأمر بعقد شركة حول الحق، فأي نوع من الأشخاص هو؟ إنه شخص لا يحب الحق. لو أنه طُلب من الإنسان السعي إلى الحق في عصر النعمة أو عصر الناموس، لكان ذلك بمثابة تحدٍ بالنسبة له. لم يكن الأمر ليسير بسهولة، لأن ظروف البشريَّة كانت مختلفة حينئذٍ، وكذلك كانت معايير متطلبات الله منهم. لذلك، في العصور الماضية، لم يكن هناك الكثير من الناس القادرين على الاستماع إلى كلام الله والخضوع له، باستثناء شخصيات بارزة، مثل نوح وإبراهيم وأيوب وبطرس. لكن الله لم يَلُم الناس في هذين العصرين، لأنه لم يُخبِر الناس كيف يَصلُون إلى معايير الخلاص. في هذه المرحلة من العمل في العصر الأخير، يُخبِر الله الناس بوضوح بكل جوانب الحقائق التي عليهم ممارستها. إذا ظل الناس لا يمارسونها وغير قادرين على تلبية متطلبات الله، فهذا ليس خطأ الله؛ إنها مسألة عدم محبة الإنسان للحق ونفوره منه. لذا، لجعل أناس يسعون إلى الحق في هذا، فإنَّ وقت السعي إلى الحق ليس تحديًا لهم؛ إنه في الواقع شيء يمكنهم القيام به. من جهة، لأن كل شيء يؤدي إلى ذلك؛ ومن أخرى، فإن ظروف الناس وأُسُسِهم كافية لهم لأن يسعوا إلى الحق. إذا فشلَ شخص ما في ربح الحق في النهاية، فذلك لأن مشكلاته شديدة جدًّا. مثل هذا الشخص يستحق أي عقاب يعانيه، مهما كانت العاقبة التي سيبلغها، ومهما كانت المَيْتة التي سيموتها. إنه لا يستحق الشفقة. بالنسبة إلى الله، ليست هناك مصطلحات مثل الشفقة أو التعاطف مع الناس. إنه يحدِّد العاقبة التي يستحقها شخص ما بناءً على متطلباته من الإنسان، وشخصياته، والنظام والقواعد التي وضعها؛ وبما أن أداءً معينًا يؤدي إلى عاقبة بعينها، فإن حياة الشخص الحالية وحياته المقبلة تُحدَّدان وفقًا لهذا. الأمر بهذه السهولة. لا يهم عدد الذين سينجون في النهاية، أو عدد الذين سيعاقبون. لا يهتم الله بذلك. ما الذي فهمتموه في هذه الكلمات؟ ما المعلومات التي توصلها إليكم؟ أتعرفون؟ دعوني أرى ما إنْ كنتم أذكياء وواسعي الحيلة بما يكفي للإجابة. إذا كنتم لا تستطيعون الإجابة، فسوف أقيِّمكم بكلمة واحدة؛ أغبياء. لماذا أقول إنكم أغبياء؟ سأخبركم. قلتُ إنَّ الله لا يهتم بعدد الناس الذين سيَنجون، أو بعدد الذين سيواجهون الدمار والعقاب في النهاية. بمَ يخبركم هذا؟ إنه يخبركم بأنَّ الله لم يعيِّن عددًا محددًا من الناس. يمكنك النضال من أجل ذلك، ولكن أيًّا كان مَن سينجو في النهاية أو يُعاقَب، سواء أكنت أنت أو غيرك أو أي مجموعة، فهو ليس جزءًا من عدد قد قرَّره الله بالفعل. الله يعمل ويتكلم كما يفعل الآن. إنه يعامِل كل شخص بإنصاف وَيمنح كل شخص فرصة وافرة. إنه يمنحك فرصة وافرة، ونعمة وافرة، وقدْرًا كبيرًا من كلماته وعمله ورحمته وتسامحه. إنه عادل مع جميع الأشخاص، إذا كان بوسعك السعي إلى الحق، وكنت على طريق اتباع الله؛ وإذا كنت تستطيع قبول الحق، وكانت شخصيتك الفاسدة تُطهَّر، فإنك ستُخلَّص مهما كانت المشاق التي تتحملها أو التحديات التي تواجهها. إذا استطعتَ أن تقدم الشهادة لله وأن تصبح كائنًا مخلوقًا يرقى إلى المعيار، وسيِّدًا لكل الأشياء يرقى إلى المعيار، فسوف تنجو. إذا نجوت، فلن يكون ذلك لأن لديك الكثير؛ بل سيكون من أجل بَذْلِك وجهودك وسعيك. سيكون هذا ما تستحقه وما يحق لك. لن تحتاج إلى أنْ يمنحك الله أي شيء إضافي. إنَّ الله لا يعطيك إرشادًا وتدريبًا تكميليين؛ إنه لا يقول لك كلمات تكميليَّة أو يقدم لك خدمات خاصة. إنه لا يفعل هذه الأشياء. إنه البقاء للأصلح، كما هو الحال في الطبيعة. كل حيوان يحمل نسله، مهما كان العدد الذي يولَد له ويموت، حسب النظام والقواعد التي وضعها الله. أولئك الذين بوسعهم النجاة ينجون، والذين لا يمكنهم العيش، يموتون، ثم يُلدون من جديد. مهما كان عدد الذين يستطيعون النجاة بعد ذلك، فذلك هو عددهم. في عام سيئ، لا ينجو أحد؛ وفي عام صالح، ينجو عدد أكبر. في نهاية المطاف، تبقى كل الأشياء في توازن. إذًا، كيف يعامل الله البشريَّة التي خَلقها؟ إنَّ موقف الله هو نفسه، وبالتالي فهو يمنح كل شخص فرصته بإنصاف، ومن ثمَّ يتحدَّث إلى كل شخص، علانية ودون مقابل. إنه ينعِم على كل شخص ويَرفع كل شخص. إنه يقود ويرعى ويحرس كل شخص. إذا نجوتَ في النهاية من خلال السعي إلى الحق، واستوفيتَ معايير متطلبات الله، فستكون قد نجحت. لكن إذا كنت دائمًا مشوَّش الذهن وتُهدر أيامك، وتظن أنك سيئ القَدَر، وعرضة دائما لأن تتجاوز الحدود، ولا تعرف ما عليك فعله، وتعيش دائمًا وفقًا لمشاعرك، دون سعي إلى الحق أو سَير على الطريق القويم، فلن تربح شيئًا في النهاية. إذا كنت ترغب دائمًا في التخبُّط في حياتك، متجاهلًا العمل الذي يعمله الله فيك، ولا تهتم إطلاقًا بأنه يقودك، أو بأنه يمنحك الفرص والتأديب، والاستنارة والمساندة، فسوف يرى أنك أحمق خَدِر، وسوف يتجاهلك. سيعمل الله عليك في اليوم الذي تسعى فيه إلى الحق. إنه لا يتذكَّر تعدياتك. إذا كنت لا تسعى إلى الحق، فلن يُجبرك الله أو يجرُّك. إنْ سعيتَ، فسوف تربح؛ وإنْ لم تسع، فلن تربح. يمكن للناس السعي أو عدم السعي إلى الحق، كما يحلو لهم. لهم أنْ يقرروا. عندما ينتهي عمل الله، سيطلب ورقة إجابتك، ويقيسك بمعايير الحق. إذا لم تكن لديك شهادة على الإطلاق، فلا بد من استبعادك؛ لن تكون قادرًا على النجاة. ستقول: "لقد أديتُ الكثير من الواجبات وعملتُ كثيرًا جدًا. لقد بذلتُ الكثير ودفعتُ الكثير!" وسيقول الله: "لكن هل سعيتَ إلى الحق؟" ستفكِّر في الأمر، وسيبدو أنك لم تسعَ إلى الحق خلال سنواتك العشرين من الإيمان بالله، أو الثلاثين، أو الأربعين، أو الخمسين. سيقول الله: "أنت نفسك تقول إنك لم تسعَ إلى الحق. اذهب عني إذًا. اذهب إلى حيثما تريد". وستقول: "ألا يعتقد الله أنّهُ مِن المؤسف أن يقل عدد مَن كان ينبغي خلاصهم واحدًا؟ أن يقل عدد السادة على كل الأشياء واحدًا؟" في هذه المرحلة، هل سيظل الله يظن أن هذا مؤسف؟ لقد صَبر الله طويلًا وانتظر طويلًا. ستكون توقعاته لك قد أخذت مجراها وتلاشت؛ وسيكون قد فقَدَ رجاءه فيك ولن يعود يهتم بك. لن يذرف دمعة واحدة من أجلك، ولن يتألم أو يعاني المزيد من أجلك. لمَ هذا؟ لأن عاقبة كل الأشياء ستكون قد أخذت مجراها، وسيصل عمل الله إلى نهايته، وستقترب خطة تدبيره من نهايتها، وسوف يستريح. لن يفرح الله من أجل أي شخص، ولن يتألم أو يبكي أو يصرخ من أجل أي شخص. بالطبع، لن يبتهج ولن يفرح لنجاة أي شخص، أو لِتَمَكُّنِ أي شخص من أن يصير سيدًا على كل شيء. لِمَ هذا؟ لقد أنفق الله الكثير، ولفترة طويلة، من أجل هذه البشريَّة، وهو بحاجة إلى الراحة. إنه يحتاج إلى إغلاق الكتاب على خطة تدبيره البالغة ستة آلاف سنة، ولن يعود يوليها أي اهتمام، أو يخطِّط لأي شيء، أو يقول أي كلمات أو يقوم بأي عمل على الإنسان. سوف يسلِّم العمل المستقبلي والأيام المقبلة لسادة العصر المقبل. ما الذي أقوله لكم إذًا؟ إنه هذا: إذ تعلمون الآن عدد الأناس الذين سيبقون في النهاية، ومن سيكون قادرًا على ذلك، يمكن لكل فرد منكم السعي نحو ذلك؛ والسبيل الوحيد لذلك هو السعي إلى الحق. لا تهدر أيامك؛ لن يجدي أن تكون مشوَّش الذهن. إذا جاء يوم لا يعود الله يتذكَّر فيه شيئًا مما دفعته، ولا يهتم بالطريق الذي تسلكه، ولا بما ستكون عليه عاقبتك، ففي ذلك اليوم، ستُحدد عاقبتك حقًا. ماذا عليكم فعله الآن؟ بينما لا يزال قلب الله يكدح من أجل البشريَّة، وبينما لا يزال يخطِّط للبشريَّة، وبينما لا يزال يَحزن ويَقلق على كل حركة وإيماءة بشريَّة، عليك أن تتخذ خيارك في أقرب وقت ممكن، وأن تحدِّد هدفك واتجاه سعيك. لا تنتظر حتى تأتي أيام راحة الله لتضع خططك. إذا لم تشعر حقًّا بالحسرة والندم والأسى والرثاء حتى ذلك الحين، فسيكون الأوان قد فات. لن يستطيع أحد أن يخلِّصك، ولا الله. هذا لأنه عندما يحين الوقت، واللحظة التي تنتهي فيها خطة الله حقًّا، ويكون قد وضع العلامة الأخيرة ويغلق كتاب خطته، فلن يعمل بعدئذٍ. يحتاج الله الراحة. إنه يحتاج إلى تذوُّق الثمار التي أثمرت من خطة تدبيره ذات الستة آلاف سنة، والتمتع بوكالة البشر الباقين على كل الأشياء من أجله. ما يريد الله أن يتمتع به هو رؤية البشر الذين يبقون يُدَبِّرونَ كل الأشياء وفقًا للقواعد والأنظمة التي أسسها، وبتوافق دقيق مع النظام الذي خلقه للمواسم، وكل الأشياء، والبشريَّة، دون انتهاك أي شيء يشاؤه أو أي شيء يرغبه. يريد الله التمتع براحته؛ يريد التمتع بتعزيته، دون مزيد من القلق بشأن البشريَّة أو العمل من أجلها. هل تفهم هذا؟ (نعم). سيأتي ذلك اليوم قريبًا. إذا كنا نتحدث عن طول عمر الإنسان في زمن آدم وحواء، فربما كان سيظل أمام الناس قرون، ولصار الوقت المتبقي طويلًا جدًّا. انظر إلى طول المدة التي استغرقها نوح في بناء الفُلك. أعتقد أنه لا يوجد سوى عدد قليل من الناس اليوم سيعيشون لأكثر من مئة سنة، وحتى إذا كنت ستعيش حتى التسعين أو المئة، فكم عدد العقود المتبقية لك؟ ليس هناك الكثير. حتى لو كان عمرك اليوم عشرين سنة، وربما تعيش تسعين سنة، ستعيش إذًا سبعين سنة أخرى، فهذا لا يزال أقل من الوقت الذي استغرقه نوح لبناء الفُلك. بالنسبة إلى الله، فإن ستة آلاف سنة هي غمضة عين، وما هو بالنسبة إلى الإنسان ستون سنة أو ثمانون أو مئة، يكون عند الله، بضع ثوانٍ؛ بضع دقائق على الأكثر؛ غمضة عين. حتى الناس الذين لا يتخذون الطريق الصحيح أو لا يسعون إلى الحق غالبًا ما يقولون: "الحياة قصيرة؛ لقد تقدمنا في السن في غمضة عين. صار المنزل مملوءًا بالأبناء والأحفاد في غمضة عين. لقد بلغت حياتنا منتهاها في غمضة عين". ماذا إذًا لو سعيتَ إلى الحق؟ الوقت بالنسبة إليك أكثر إلحاحًا. إنَّ الأناس الذين لا يسعون للحق ويعيشون في عالم من الخواء، يهدرون أيامهم، ويشعرون جميعًا أن الوقت يمر بسرعة كبيرة. ماذا لو سعيتَ إلى الحق؟ أي بيئة أو شخص أو حدث أو شيء من ترتيب الله هو شيء كافٍ لك لتختبره لبعض الوقت، وفقط بعد وقت طويل ستربح القليل من المعرفة والبصيرة والاختبار. ليس الأمر سهلًا. عندما تمتلك حقًّا تلك المعرفة والاختبار، سيخطر لك: "يا للعجب! لا يربح الإنسان الكثير من السعي إلى الحق طوال حياته!" هناك الكثير من الناس يكتبون الآن مقالات عن شهاداتهم الاختبارية، وأنا أرى أنَّ البعض ممن آمنوا بالله لعشرين أو ثلاثين سنة لا يكتبون سوى عن إخفاقاتهم وسقطاتهم منذ عشر أو عشرين سنة. إنهم يتمنون الكتابة عن شيء حديث وعن دخولهم الحالي إلى الحياة، لكنهم لا يملكون شيئًا. اختبارهم شحيح للغاية. يتعين على بعض الناس، عند كتابة مقالات عن الشهادات الاختبارية، أن ينظروا إلى الوراء إلى إخفاقاتهم وسقطاتهم في الماضي، ويحتاج ذوو الذاكرة الضعيفة منهم إلى مساعدة الآخرين لتذكيرهم. هذا القدر القليل هو كل ما ربحوه في عشر أو عشرين أو حتى ثلاثين سنة من الإيمان بالله، وتدوينه مهمة شاقة. توجد حتى مقالات مفككة، وقد دُمِجَت أجزاءها المفككة قسرًا على نحو غير واقعي. هذه لا تُعد حتى من الاختبارات الحياتية، في الواقع أنها لا علاقة لها بالحياة. إلى هذا الحد يكون الإنسان مثيرًا للشفقة عندما لا يسعى إلى الحق. أليس كذلك؟ (إنه كذلك). هكذا هو الأمر. آمل ألا يصل أي منكم إلى ذلك اليوم الذي ينتهي فيه عمل الله، وأنت تسقط على ركبتيك تائبًا وتقول: "أعرف نفسي الآن! الآن أعرف كيف أسعى إلى الحق!". فات الأوان! لن يكترث لك الله. لن يعود يهتم بما إنْ كنت شخصًا يسعى إلى الحق، أو ما نوع الشخصية الفاسدة لديك، أو ما نوع الموقف الذي لديك تجاهه، ولن يهتم بمدى عمق إفساد الشيطان لك، أو أي نوع من الأشخاص أنت. ألن تتجمد حتى النخاع عندما يحدث ذلك؟ (نعم). تخيَّل الأمر الآن: إذا جاءت تلك اللحظة حقًّا، فهل ستحزن؟ (نعم). لماذا تحزن؟ العواقب هي أنك لن تنال فرصة أخرى أبدًا. لن تسمع كلام الله ثانيةً أبدًا ولن يقلق الله بشأنك ثانيةً؛ لن تكون أبدًا شخصًا ذا شأن عنده أو كائنه المخلوق. لن تكون لك علاقة به على الإطلاق. كم هو مخيف التفكير في ذلك. إذا كان بإمكانك تصوُّر ذلك الآن، ومع ذلك سيأتي اليوم الذي تصل فيه حقًّا إلى مثل هذه النقطة، ألن تصاب بالذهول؟ سيكون الأمر كما يقول الكتاب المقدَّس: حينما يحين ذلك الوقت، سيقرع الناس صدورهم وظهورهم، وينوحون، ويصرُّون على أسنانهم، وبمثل هذا الصراخ قد يكون موتهم. وسيكون البكاء حتى الموت عديم الجدوى؛ سيكون الأوان قد فات! لن يكون الله إلهك بعدئذٍ، ولن تعود كائن الله المخلوق. لن تعود لك علاقة معه، ولن يريدك. لن يعود لله أي صلة بأحوالك، ولن تكون بعدئذٍ في قلبه ولن يقلق عليك بعد ذلك. ألن تكون حينئذٍ قد وصلت إلى نهاية طريق إيمانك بالله؟ (نعم). لهذا السبب، إذا كنتَ قادرًا على تخيُّل أنه قد يأتي الوقت الذي يزدريك فيه الله، فعليك أن تعتز بالحاضر. قد يوبِّخك الله، أو يدينك، أو يهذبك؛ هو حتى قد يلعنك ويقرِّعك بشدة. كل هذا يستحق الاعتزاز به: الله لا يزال على الأقل يعترف بك بوصفك كائنه المخلوق، ولا يزال على الأقل لديه توقعات لك، وأنت لا تزال في قلبه على الأقل، ولا يزال على استعداد لأن يقرِّعك ويلعنك، هذا يعني أنه – في قلبه – لا يزال يقلق بشأنك. هذا القلق ليس شيئًا يمكن لأي شخص أن يقايض حياته من أجله. الآن، لا تكن غبيًّا! هل تفهم؟ (نعم). إذا كنتم تفهمون ذلك، فأنتم لستم أغبياء حقًّا؛ أنتم تزيِّفون الأمر، أليس كذلك؟ أتمنى ألا تكونوا أغبياء حقًّا. إذا كنتم قد فهمتم هذه الأشياء، فلا تهدروا أيامكم. إن السعي إلى الحق لهو أمر عظيم في حياة الإنسان. ليست هناك مسألة أخرى تضاهي في أهميتها السعي إلى الحق، ولا مِن مسألة أخرى تفوق ربح الحق من حيث القيمة. هل كان من اليسير اتباع الله حتى اليوم؟ أسرع، واجعل سعيك إلى الحق أمرًا ذا أهمية! هذه المرحلة من العمل في الأيام الأخيرة هي أهم مرحلة من العمل الذي يقوم به الله على الناس في خطة تدبيره ذات الستة آلاف سنة. إن السعي إلى الحق لهو أعلى توقُّع يتوقعه الله من شعبه المختار. إنه يأمل أن يسير الناس على الطريق الصحيح، وهو السعي إلى الحق. لا تخذل الله، ولا تخيِّب أمله، ولا تجعله يُزيلك من قلبه عندما تأتي اللحظة الأخيرة، ولا يعود يقلق بشأنك؛ أو تكون لديه حتى أي كراهية متبقية تجاهك. لا تدع الأمر يصل إلى هذا الحد. هل تفهم؟ (نعم).

ماذا كان موضوع شركتنا اليوم؟ (لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق). لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق. إنه موضوع صعب بعض الشيء، أليس كذلك؟ لماذا صعب؟ لأنه مهم. إنه بالغ الأهمية لمستقبل كل شخص، ولحياة كل شخص، وللطريقة التي سيوجد بها كل شخص في العصر التالي. لذا، آمل أن تسمعوا إلى حديث اليوم حول هذا الموضوع مرات عدة، لتعميق تأثيره فيك قليلًا. بصرف النظر عما إذا كنت قد سعيتَ إلى الحق في الماضي، وعما إذا كنت مستعدًا للسعي إلى الحق، فلتسعَ جاهدًا، بدءًا من شركة اليوم حول موضوع "لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق" فصاعدًا، إلى أن تثبت عزمك وتوجِّه إرادتك نحو اختيار السعي إلى الحق. إنه الخيار الأفضل. هل في وسعك عمل ذلك؟ (نعم). عظيم. لقد عقدنا الشركة اليوم عن لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق. موضوعنا التالي للشركة هو كيفية السعي إلى الحق. الآن بعد أن أخبرتكم ماهيته، تأملوا فيه قليلًا ولتروا ما المعرفة التي لديكم حول الموضوع في قلوبكم. راجعوه قليلًا أولًا. بهذا نختتم شركة اليوم.

3 سبتمبر 2022

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.