كيفية السعي إلى الحق (5) الجزء الأول
خلال هذه الفترة عقدنا شركة عن الجانب الأول من كيفية السعي إلى الحق، وهو "التخلص". وتحدثنا في الأساس عن الجزء الأول من هذا الموضوع، وهو التخلص من المشاعر السلبية المختلفة. كم مرَّة ناقشنا موضوع التخلص من المشاعر السلبية المختلفة؟ (أربع مرات). هل لديكم طرق للتخلص من المشاعر السلبية؟ إن المشاعر السلبية المختلفة التي عقدنا شركة عنها وشرحناها تبدو من الناحية الظاهرية أنواعًا من المشاعر أو الأفكار، لكنها في الواقع، تنشأ في جذرها من توقعات الناس الخاطئة عن الحياة ومنظومة القيم، وأفكار الناس ووجهات نظرهم الخاطئة. بالطبع، فإن الشخصيات الفاسدة المتعددة للناس تؤدي إلى نشوء العديد من الأفكار ووجهات النظر المغلوطة، والتي تؤدي بدورها إلى العديد من المشاعر السلبية. لذلك، فإن ظهور العديد من المشاعر السلبية له أصله وأسبابه. إن المشاعر السلبية التي ناقشناها ليست أفكارًا لحظية أو متهورة، ولا هي أفكارًا ووجهات نظر بالمعنى البسيط لهذه الكلمات، أو حالات مزاجية عابرة. هذه المشاعر لديها القدرة على التأثير على أسلوب حياة الناس، وعلى ما يمارسونه، وعلى أفكارهم وآراءهم، بالإضافة إلى وجهات نظرهم ومواقفهم التي ينظرون بها إلى الناس والأشياء. هذه المشاعر السلبية مخفية في أعماق قلوب الناس وعقولهم، وترافقهم باستمرار في حياتهم اليومية وتؤثر على وجهات نظرهم ومواقفهم التي يتخذوها تجاه مختلف الناس والأحداث والأشياء. هذه المشاعر السلبية لها تأثير سلبي كبير على حياة الناس اليومية، وعلى سلوكهم، وعلى المسارات التي يختارونها في الحياة. إنها تؤدي بشكل خفي إلى العديد من العواقب الضارة للناس. لذلك، يجب على الناس أن يفهموا هذه المشاعر السلبية ويعالجوها شيئًا فشيئًا من خلال السعي إلى الحق، وأن يتخلصوا منها تدريجيًا. إن التخلص من هذه المشاعر السلبية لا يشبه التخلص من شيء مادي، لم تعد تفكر به، ولم يعد يسيطر عليك؛ إنه ليس مسألة التقاط شيء وتركه بالمعنى البسيط لهذه الكلمات. إذًا، ما معنى كلمة "التخلص" في هذا السياق؟ في المقام الأول يعني هذا، أنه يجب عليك أن تكشف وتُشرح أفكارك وآراءك الخاطئة، ووجهات نظرك ومواقفك الخاطئة التي تنظر بها إلى الناس والأشياء، إلى أن تصل إلى فهم الحق. عندئذ سوف تتمكن فعليًا من التخلص من مشاعرك السلبية. مهما كانت المشاعر السلبية التي تنشأ في داخلك، يجب أن تعالجها من خلال السعي إلى الحقائق المرتبطة بها، إلى أن تصل لأن تملك مبادئ وطرق ممارسة الحق. حينها فقط يمكنك أن تتحرر تمامًا من عذاب المشاعر السلبية واستعبادها وتأثيرها، وفي النهاية تكتسب المقدرة على الخضوع للحق وللظروف التي رتبها الله، وبالتالي التمسك بشهادتك. يجب أن تنظر إلى الناس والأشياء وتتصرف وتعمل وفقًا لكلام الله، وتتخذ الحق معيارًا لك. لا يمكنك التخلص تمامًا من مشاعرك السلبية وأفكارك ووجهات نظرك الخاطئة إلا من خلال القيام بذلك. لماذا نحتاج إلى مثل هذه العملية المعقدة للتخلص من تلك المشاعر تمامًا؟ لأن هذه المشاعر السلبية ليست أشياءً ملموسة. إنها ليست مشاعر تسيطر على عقل المرء أو تُعذبه بشكل مؤقت. إنها أفكار ووجهات نظر راسخة أو موجودة مسبقًا أو حتى متأصلة بعمق، وهي تتشكل داخل الناس ويكون تأثيرها على الناس شديدًا للغاية. لذلك، هناك حاجة للعديد من الطرق والخطوات للتخلص من هذه المشاعر السلبية. إن عملية "التخلص" هذه هي أيضًا عملية السعي إلى الحق، أليس كذلك؟ (إنها كذلك). إن عملية التخلص من هذه المشاعر السلبية هي في الواقع عملية السعي إلى الحق. لذا، فإن الطريقة الوحيدة لمواجهة المشاعر السلبية هي من خلال السعي إلى الحق وعلاجها يستند إلى كلام الله. هل تفهم معنى هذه العبارة؟ (نعم).
عندما بدأنا الشركة حول المشاعر السلبية للمرة الأولى، لم تتناول الحقائق المتنوعة التي عقدنا عنها شركة عمومًا هذا الموضوع، لذلك كان موضوعًا غير مألوف تمامًا بالنسبة لكم جميعًا. يعتقد الناس أنه من الطبيعي أن تكون لديهم مشاعر سلبية، ويفكرون فيها على أنها أمر منفصل عن الشخصيات الفاسدة؛ إنهم يعتقدون أن المشاعر السلبية ليست شخصيات فاسدة، ولا يوجد ارتباط بينهما. هذا غير صحيح. يعتقد بعض الناس أن المشاعر السلبية هي مجرد خواطر أو أفكار مؤقتة لا تأثير لها على الإنسان، ولذلك يعتقدون أنه ليس مهمًا إذا تخلصوا منها أو لا. والآن، من خلال عدة جلسات من الشركة والتشريح، ثبت أن المشاعر السلبية لها بالفعل تأثير حقيقي على الناس. في الماضي، كنا دائمًا نعقد شركة عن فهم الشخصيات الفاسدة وتشريحها، وتناولنا فقط القليل من المشاعر السلبية خلال كشفنا للشخصيات الفاسدة، ولكن لم نعقد شركة مفصلة عنها. والآن، بعد عدة مناقشات واضحة وواقعية، آمل أن تتمكنوا من التركيز على هذا الموضوع وتبدأوا في تعلُّم تشريح هذه المشاعر السلبية في حياتكم اليومية وفهمها. عندما تفهم جوهرها، يمكنك رفضها، والتمرد عليها، والتخلص منها تدريجيًا. لا يمكنك أن تسلك المسار الصحيح في السعي إلى الحق وتنطلق في طريق السعي إلى الحق إلا بعد التخلص من هذه المشاعر السلبية. هذه هي الخطوات التي يجب أن تتخذها، هل هذا واضح؟ (نعم). رغم أن المشاعر السلبية قد لا تسيطر على الناس وتتحكم فيهم بالقدر نفسه الذي تفعله الشخصيات الفاسدة بالنسبة لحياة الناس، ووجودهم، والمسارات التي يسلكوها، إلا أن هذه المشاعر السلبية لا يمكن تجنبها. في بعض الحالات، وبقدر معين، لا تقل أهمية الآثار السلبية لتلك المشاعر، مثل تقييد أفكار الناس، والتأثير على قبولهم الحق وعلى سيرهم أو عدم سيرهم في الطريق الصحيح، عن الآثار السلبية لشخصياتهم الفاسدة. سوف تبدؤون تدريجيًا في إدراك ذلك في مساعيكم، واختباركم، وممارستكم المستقبلية. ونظرًا لتطرقنا لهذا الموضوع الآن، فقد لا يكون لدى البعض منكم أي وعي به أو معرفة، فضلًا عن أن يكون لديه إدراك له. عندما تختبر هذا الموضوع في المستقبل، ستشعر أن المشاعر السلبية ليست بسيطة كما تبدو. إنها تشغل مكانًا ومساحة كبيرة في أفكار الناس، وفي أعماق قلوبهم، وحتى في عقلهم اللاواعي. يمكن القول إن هذه المشاعر السلبية تدفع الأفراد وتقودهم إلى التصرف وفق شخصياتهم الفاسدة إلى حد كبير، كما أنها تدعم وتقوي من القيود والأغلال التي تضعها الشخصيات الفاسدة على الناس. إنها تجعل الناس يتصرفون بعناد وفق شخصياتهم الفاسدة فيما يتعلق بطريقة نظرتهم إلى الأشخاص والأشياء، وسلوكهم وتصرفهم، لذا لا ينبغي الاستهانة بهذه المشاعر السلبية. في الواقع، من ناحية، هناك العديد من الأفكار ووجهات النظر السلبية المخفية داخل المشاعر السلبية، ومن ناحية أخرى، هناك مشاعر سلبية مختلفة مخفية داخل شخصيات الناس الفاسدة بدرجات متفاوتة. باختصار، هذه المشاعر السلبية تحتل قلوب الناس، وهي من نفس جوهر شخصيات الناس الفاسدة. فكلاهما وجهان للسلبية، وهما أشياء سلبية. ماذا تعني عبارة "أشياء سلبية" هنا؟ ما الذي تشير إليه؟ أحد الجوانب هو أن هذه المشاعر السلبية لا تؤدي دورًا إيجابيًا في دخول الناس في الحياة. إنها لا ترشدك أو تساعدك على أن تأتي أمام الله، أو تجتهد في السعي لمعرفة مقاصده، ومن ثم تحقيق الخضوع له. عندما تكون هذه المشاعر السلبية مخفية داخل الناس، تكون قلوبهم بعيدة عن الله، ويحذرون منه ويتجنبونه، بل وربما يشكون في الله في قرارة أنفسهم، وينكرونه، ويحكمون عليه بسهولة وبشكل لا إرادي. ومن هذا المنظور، هل هذه المشاعر السلبية أشياء إيجابية؟ (كلا، ليست كذلك). هذا من جانب. ومن جانب آخر، هذه المشاعر السلبية لا تؤدي لأن يأتي الناس أمام الله أو أن يخضعوا للحق. إنها تقود الناس في مسارات ونحو أهداف واتجاهات تتناقض مع الحق وتعارضه. لا شك في هذا. إن الدور الذي تقوم به هذه المشاعر السلبية داخل الشخص هي أنها تجعله يحمي نفسه، ويحمي مصالح جسده، ويحافظ على غروره، وكبريائه، ومكانته. إنها تُقيدك وتعيقك باستمرار، وتمنعك من الاستماع إلى كلام الله، ومن أن تكون شخصًا صادقًا، وتمنعك من ممارسة الحق. إنها تجعلك تعتقد أنك سوف تخسر إذا مارست الحق، وأنك سوف تفقد وجاهتك ومكانتك، وأن الآخرين سوف يسخرون منك، وأن ذاتك الحقيقية سوف تنكشف أمام العالم. تسيطر هذه المشاعر السلبية على الناس، وتهيمن على أفكارهم وتجعلهم لا يفكرون إلا في هذه الأشياء السلبية. والآن، هل جوهر هذه الأشياء السلبية يخالف الحق؟ (نعم). إذًا، بينما المشاعر السلبية تذكرك بهذه الأشياء باستمرار، فإنها في الوقت نفسه تعيقك دائمًا عن ممارسة الحق والسعي إليه. إنها بمثابة جدران أمام سعيك إلى الحق وعقبات في طريق دخولك في واقع الحق. عندما ترغب في ممارسة الحق، والتحدث بصدق، والخضوع لسيادة الله وترتيباته، والتصرف وفقًا للمبادئ، أو بذل نفسك بإخلاص من أجل الله، ودفع الثمن، وإظهار إخلاصك لله، تتدفق هذه المشاعر السلبية فورًا وتمنعك من ممارسة الحق. إنها تظهر باستمرار في أفكارك وتومض في ذهنك، وتخبرك بما ستخسره إذا تصرفت بهذه الطريقة، ماذا ستكون نهايتك، ماذا ستكون العواقب، وما الذي ستكسبه. إنها تُذكرك وتُحذِّرك مرارًا وتكرارًا، مما يمنعك من قبول الحق وممارسته، ومن الخضوع لله. وبدلًا من ذلك، تجعلك تفكر في نفسك، وتراعي اهتماماتك الخاصة، ونتيجة لذلك، لا تتمكن من ممارسة الحق أو ببساطة الخضوع لله. وعلى الفور، تصبح أفكارك مقيدة ومحكومة بهذه المشاعر السلبية. وعلى الرغم من أنك تريد ممارسة الحق في البداية، وعلى استعداد للخضوع لله، وتريد إرضائه، فعندما تنشأ بداخلك مشاعر سلبية، فإنك تتبعها بشكل لا إرادي وتصبح خاضعًا لسيطرتها. إنها تغلق فمك، وتقيد يديك وقدميك، وتمنعك من فعل ما يجب عليك فعله ومن التحدث بالكلام الذي يجب أن تقوله. وبدلًا من ذلك، ينتهي بك الأمر إلى التحدث بكلمات كاذبة، خادعة، وناقدة، والانخراط في أفعال تتعارض مع الحق. يصبح قلبك مظلمًا على الفور ومحاصرًا بالعذاب. إن أفكارك وخططك الأساسية جيدة، فأنت ترغب في ممارسة الحق، والإخلاص في أداء واجبك على أكمل وجه، ولديك الدافع، والرغبة، والإرادة لممارسة الحق. لكن في اللحظات الحرجة تسيطر عليك هذه المشاعر السلبية. إنك لا تملك القدرة على التمرد عليها أو رفضها، وفي النهاية، لا يسعك إلا الاستسلام لهذه المشاعر السلبية. عندما تطارد المشاعر السلبية الناس وتعيقهم، وعندما تسيطر على أفكارهم وتمنعهم من ممارسة الحق، يبدو الناس عاجزين و ضعفاء و بائسين. عندما لا تحدث مشكلات كبيرة وعندما لا تنطوي على مبادئ، يعتقد الناس أنهم يملكون قوة لا حدود لها، وأنهم أقوياء في التصميم والإيمان، ويشعرون أنهم مفعمون بالدافع. يعتقدون أنه ليس بوسعهم أن يحبوا الله بالقدر الكافي، ويعتقدون أنهم يملكون قلبًا يتقي الله، وأنهم لا يستطيعون فعل أي خطأ، أو التسبب في تعطيل أو إزعاج، وأنهم بالتأكيد لا يقدرون على فعل الشر عن قصد. لكن عندما يحدث شيء، لماذا لا يستطيعون السيطرة على رد فعلهم؟ هذه الأفعال اللاإرادية التي يقومون بها ليست مخططة أو مرغوبة، لكنها لا تزال تحدث وتصبح واقع، وهي بعيدة كل البعد عن الطريقة التي أراد هؤلاء الناس التصرف بها. يجدر القول إن حدوث هذه الأشياء وتكرار ظهور مثل هذه الظواهر ناتج عن المشاعر السلبية. من الواضح أن تأثير المشاعر السلبية على الناس وسيطرتها عليهم ليس بالبساطة المُتصورة، ولا يمكن علاجها بسهولة، وبالتأكيد ليس من السهل التخلص منها أو التمرد عليها. مهما ارتفعت شعارات الناس في العادة، ومهما كانت قوة تصميمهم في العادة، أو علو طموحاتهم، أو عظمة قلوبهم المحبة لله وإيمانهم به، لماذا لا يكون لهذا التصميم والإيمان والتطلعات والآمال أي تأثير عندما يواجهون الواقع؟ كيف يتأثرون وتخنقهم المشاعر السلبية العابرة؟ من الواضح أن هذه المشاعر السلبية ترسخت في حياة الناس؛ إنها تتواجد مع شخصيات الناس الفاسدة ويمكن أن تؤثر على أفكار الناس ووجهات نظرهم وتتحكم فيها، تمامًا كما تفعل الشخصيات الفاسدة. وفي الوقت ذاته، والأكثر خطورة، فإنها تتحكم في كلام الناس وأفعالهم، وأكثر من ذلك أنها تتحكم في كل خاطرة وفكرة لديهم، وكل عمل وسلوك يقومون به في مواجهة جميع أنواع المواقف. إذًا، أليس من المهم للغاية معالجة هذه المشاعر السلبية؟ (نعم). إن المشاعر السلبية ليست أشياء إيجابية، ويمكن توضيح ذلك بطريقتين: أولًا، لا يمكن للمشاعر السلبية أن تؤدي بالشخص لأن يأتي بشغف أمام الله؛ ثانيًا، لا يمكن لها تمكين الشخص من أن ينجح في ممارسة الحق في مواجهة الواقع، وأن يدخل في الحق، على النحو الذي يريده. إنها عوائق أمام سعي الناس إلى الحق، وهي تعيق الناس عن السعي إلى الحق وممارسته. لذا، يتعين معالجة المشاعر السلبية. بالنظر إلى تأثير المشاعر السلبية وجوهرها، يمكن للمرء أن يرى أنها ليست أشياء إيجابية. يمكن القول أيضًا أنها في جوهرها لديها قدرة أكبر، إلى حد ما، على تقييد الناس والسيطرة عليهم مقارنة بالشخصيات الفاسدة. هل تقولون إذًا إن وجود هذه المشاعر السلبية يُمثِّل مشكلة خطيرة؟ (نعم). إذا لم يتم معالجة هذه المشاعر السلبية، فما العواقب التي يمكن توقُعها؟ من المؤكد أن هذه المشاعر سوف تجعل الشخص يعيش في السلبية لفترة طويلة، فهي تتمتع بقدرة أكبر على تقييد الناس وتكبيلهم مما يعوقهم عن السعي إلى الحق. هل يجب علاج هذه المشكلة الخطيرة؟ ينبغي علاجها. في ذات الوقت الذي يعالج فيه الناس شخصياتهم الفاسدة، يتعين عليهم أيضًا علاج مشاعرهم السلبية. إذا عالج الناس مشاعرهم السلبية وشخصياتهم الفاسدة، فإن سعيهم إلى الحق سوف يسير بسلاسة أكبر، ولن تكون هناك أي عقبات كبيرة أمامهم.
تتوارى الشخصيات الفاسدة في بعض تدفقات الناس على المستوى السطحي ونُهُجهم، وكذلك في حالات محددة، فكيف تُميز المشاعر السلبية؟ كيف تُفرِّق بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة؟ هل فكرتم في هذا من قبل؟ (لا). الشخصيات والمشاعر هما شيئان مختلفان. إذا تحدثنا عن الشخصيات والمشاعر فحسب، فهل من السهل التمييز بين معانيها الحرفية؟ تشير الشخصيات إلى الأشياء التي تتدفق من جوهر طبيعة الإنسان، بينما المشاعر هي في الأساس نوع من الحالة النفسية التي تكون لدى الناس بينما يقومون بشيء ما. بغض النظر عن كيفية تفسيرنا لهذه المصطلحات حرفيًا، على أي حال، تنطوي مشاعر الناس، وخاصة مشاعرهم السلبية، على العديد من الأفكار السلبية. عندما يحمل شخص ما هذه المشاعر السلبية، فإن ذلك قد يؤدي به إلى العيش في حالة سلبية وتحت هيمنة مختلف الأفكار والآراء غير الصحيحة، أليس كذلك؟ (صحيح). هذه المشاعر السلبية يمكن أن تظل مخفية في قلوب الناس لفترة طويلة، وإذا لم يفهم الناس الحق، فلن يدركوا هذه المشاعر أبدًا أو يشعروا بوجودها؛ إنها تلازمهم في جميع الأوقات تمامًا مثل شخصياتهم الفاسدة. في كثير من الأحيان، تتوارى هذه المشاعر السلبية في مختلف أفكار الناس وآرائهم غير الصحيحة، وهذه الأفكار والآراء غير الصحيحة تتسبب في أن يشك الناس في الله، ويفقدوا إيمانهم الحقيقي به، بل إنها تتسبب حتى في أن يطلبوا من الله جميع أنواع المطالب غير المعقولة، وأن يفقدوا عقلهم الطبيعي. تحت غطاء من الأسباب والأفكار والآراء المختلفة، تتوارى هذه المشاعر السلبية في شخصية المرء الفاسدة وفي مختلف أفكاره وآرائه الخاطئة، مُمثِّلة جوهر طبيعة ذلك الشخص كليًّا. تظهر الشخصيات الفاسدة في مختلف الحالات التي يُكشَف عنها عبر تصرف الناس وأفعالهم؛ هذه الحالات المختلفة تحمل في طياتها شخصيات الناس الفاسدة. بالرغم من أن المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة مختلفة بعضها عن بعض، فثمة رابط أساسي بينهما في بعض النواحي، وربما يصبحان متشابكان حتى ولا يمكن فصلهما. في بعض النواحي، يمكنها دعم بعضها بعضًا وتقوية بعضها بعضًا، والاعتماد بعضها على بعض وأن يوجدا معًا. على سبيل المثال، مشاعر الضيق والهم والقلق التي عقدنا عنها شركة في المرة السابقة هي نوع من أنواع المشاعر السلبية. هذا النوع من المشاعر السلبية هو الذي يجعل الناس يعيشون في ضيق وهم وقلق. عندما يُحتَبَس الناس في هذه المشاعر، يُكوّنِون بشكل طبيعي أفكارًا وآراءً معينة، تؤدي بهم إلى الشك في الله والتكهن بشأنه والاحتراز منه، وإساءة فهمه، بل حتى الحكم عليه ومهاجمته، وقد يطالبون الله أيضًا بمطالب غير معقولة وقائمة على المصلحة. في هذه المرحلة، تكون هذه المشاعر السلبية قد تصاعدت بالفعل وأصبحت شخصية فاسدة. ماذا فهمتم إذًا من هذا المثال؟ هل يمكنك التمييز بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة؟ أخبرني. (المشاعر السلبية تؤدي إلى ظهور بعض الأفكار ووجهات النظر الخاطئة، في حين أن الشخصيات الفاسدة أكثر عمقًا وتتسبب في سوء فهم الناس لله واحترازهم منه). إليك هذا المثال. المشاعر السلبية مثل الضيق والهم والقلق. لنفترض أن شخصًا أصابه مرض، وهو يفكر في مرضه، ويشعر بالضيق والهم والقلق نتيجةً لذلك. هذه الأشياء تسيطر على قلبه، وتجعله خائفًا من أن يصبح مرضه خطيرًا ومن العواقب المختلفة للموت. يبدأ بعد ذلك في أن يخاف الموت ويرفضه ويتمنى الهرب منه. هذا التسلسل من الخواطر والأفكار ينشأ بسبب مرضه. في سياق هذا المرض، يصدر عن هذا الشخص العديد من الأفكار النشطة. يعتمد مصدر هذه الأفكار النشطة على مصالح جسده، ومن الواضح أنها لا تستند إلى حقيقة أن الله يحكم كل شيء، ولا تستند إلى الحق. لهذا السبب، فإننا نصنف هذه المشاعر على أنها مشاعر سلبية. هذا الشخص يشعر بحالة سيئة بسبب مرضه، ولكن المرض أصابه بالفعل وعليه أن يواجهه؛ لا يمكنه الهروب منه، لذلك يفكر: "يا للهول، كيف ينبغي أن أواجه هذا المرض؟ هل ينبغي أن أعالجه أم لا؟ ماذا سيحدث إذا لم أعالجه؟ ماذا سيحدث إذا عالجته؟". وفيما يواصل تفكيره، يُصاب بالضيق. إن مختلف الأفكار ووجهات النظر التي يملكها عن مرضه تحتبسه في الضيق والهم والقلق. ألم يبدأ هذا الشعور السلبي إذًا في التأثير عليه بالفعل؟ (بلى). عندما يبدأ في اختبار مرضه أول الأمر، فإنه ينوي محاولة علاجه، لكنه يشعر بعد ذلك أن القيام بهذا غير ملائم، وبدلًا من ذلك يخطط للعيش وفقًا لإيمانه، ويقوم بواجبه بشكل طبيعي، بينما يظل قلقًا من أن يصبح المرض خطيرًا. ما الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذا؟ إنه لا يملك مسارًا. في ظل هيمنة مشاعره السلبية، يشعر دائمًا بالضيق والهم والقلق تجاه هذا الأمر، وبمجرد أن ينشأ الضيق والهم والقلق بداخله، لا يمكنه التخلص منه. إنه يشعر أنه مُبتَلى بمرضه؛ فماذا عليه أن يفعل؟ يبدأ في أن يفكر: "لا بأس، إنني أؤمن بالله. والله سوف يشفيني. لديَّ إيمان". لكن بعد فترة من الوقت، لا يتحسن المرض ولا يشفيه الله. يظل المرء يشعر بالضيق والهم والقلق من الأمر، ويقول: "هل سيشفيني الله أم لا؟ عليَّ الانتظار فحسب، سوف يشفيني الله. لديَّ إيمان". يقول إنَّ لديه إيمان، لكن في أعماقه، يعيش في خضم مشاعره السلبية ويفكر: "ماذا لو لم يشفني الله، واشتد مرضي ومُت؟ هل سأكون بذلك قد أديت واجبي سُدى؟ ألن يمكنني أن أتلقى أي بركات؟ يجب أن أطلب من الله أن يشفيني". فيصلي إلى الله قائلًا: "يا الله، بناءً على الأعوام الكثيرة التي كنت أؤدي فيها واجبي، هل يُمكن أن تُذهبَ مرضي؟" وبعد أن يفكر أكثر، يُدرك: "ليس من الصواب أن أطلب ذلك من الله. لا ينبغي أن أطلب هذه المطالب المبالغ فيها من الله. يجب أن يكون لدي إيمان". عندما يكون لديه إيمان، يشعر أن مرضه قد تحسَّن قليلًا، لكنه بعد فترة يقول: "لا أشعر أن مرضي تحسَّن حقًا. في الواقع، يبدو أنه تفاقم. ماذا عليَّ أن أفعل؟ سوف أحاول بجهد أكبر وأبذل المزيد من الجهد في واجبي، وسأتحمل المزيد من المعاناة، وأدفع ثمنًا أكبر، وأسعى جاهدًا كي يشفيني الله. سوف أُظهِر لله إخلاصي وإيماني، وأُريه أنني أستطيع قبول هذه التجربة". بعد مرور بعض الوقت، لا يقتصر الأمر على أن مرضه لا يتحسن فحسب، بل إنه يزداد سوءًا، ويصبح على غير ما يرام بدرجة متزايدة، ويفكر: "لم يشفني الله. ماذا عليَّ أن أفعل؟ هل سيشفيني الله أم لا؟". يشتد ضيقه وهمه وقلقه. في هذا السياق، يعيش باستمرار في خضم مشاعر سلبية مثل الضيق والهم والقلق بسبب مرضه. ومن وقت لآخر، يتطور لديه قدر من "الإيمان" بالله ويقدِّم أحيانًا القليل من إخلاصه وتصميمه. أيًا كان ما يفعله أو النهج الذي يتبعه، فإنه في كل الأحوال، مُحاصَر باستمرار بمشاعر الضيق والهم والقلق. إنه مكبَّل للغاية بمرضه، وكل ما يفعله هو لتحسين مرضه وعلاجه والتحرر منه. عندما يعيش الشخص في خضم مثل هذه المشاعر السلبية، فإنه لا يفكر في مرضه لفترة وجيزة فحسب، بل إنه تحت هيمنة هذه المشاعر السلبية غالبًا ما يكون تفكيره نشطًا للغاية في كثير من الأوقات. عندما لا تتحقق هذه الأفكار النشطة أو عندما لا يتوافق الواقع مع ما يريده، تنبثق من ذهنه – لا إراديًّا – بين الحين والآخر العديد من الأفكار أو حتى النُهُج. يقول: "إذا لم يشفني الله، فسأظل أقوم بواجبي، لكن إذا لم يشفني الله حقًا، فإن إيماني به لا طائل منه، وسيتعين عليَّ علاج مرضي بنفسي". كما ترى، فإنه يفكر بينه وبين نفسه: "إذا لم يشفني الله، فسأظل أقوم بواجبي جيدًا؛ هذه تجربة الله لي"، لكنه في الوقت نفسه يفكر أيضًا: "إذا كان الله لن يشفيني حقًا، فسيتعين عليَّ علاج المرض بنفسي. إذا كان عليَّ أن أعالجه بنفسي، فلن أقوم بواجبي. إن كان إيماني بالله لا يستطيع حتى أن يشفي مرضي، فلماذا عليَّ أن أؤمن بالله؟ لماذا يشفي الله أناس آخرين ولا يشفيني؟". إنه محاصَر باستمرار في شَرَك مشاعره السلبية، ولا يقتصر الأمر على أنه غير قادر على أن يعكس مسار أفكاره ووجهات نظره الخاطئة أو تحويلها، بل إنَّ هذه المشاعر السلبية تقوده تدريجيًا إلى إساءة فهم الله، والشكوى من الله، والشك في الله أثناء عملية اختبار مرضه. هذه العملية هي عملية التحول التدريجي لمشاعره السلبية، ولدخوله في التصرف وفقًا لشخصيته الفاسدة. حالما تسيطر شخصية فاسدة على أفعال شخص ما، فإن ذلك الشخص لن تعود لديه مشاعر سلبية فحسب، بل ستنشأ داخله أفكار ووجهات نظر معينة أو أحكام وقرارات، وسوف ينتج عنها أفعال معينة. عندما يتحول نوع من المشاعر إلى حالة ما، لا تعود المسألة مجرد مشاعر سلبية فحسب، أو مسألة التفكير في شيء ما أو العيش في حالة معينة، بل إن المسألة تتعلق بأن هذه الحالة تنتج أفكارًا ووجهات نظر وقرارات وأنها تنتج حركة وأفعالًا. إذًا، ما الذي يهيمن على هذه الأفكار ووجهات النظر والتحركات والأفعال؟ إنها شخصية فاسدة هي التي تهيمن عليها. أليست عملية التحول هذه قد وضِّحَت تمامًا الآن؟ (نعم). في البداية، تصدر عن الناس مشاعر سلبية في سياق معين، وهذه المشاعر السلبية ليست سوى بضع خواطر، ووجهات نظر، وأفكار بسيطة، لكن هذه الأفكار جميعها سلبية. هذه الأفكار السلبية خاملة داخل مشاعر الناس وتتسبب في أن يُظهروا العديد من الحالات الخاطئة. عندما يعيش الناس في حالات خاطئة، ويقررون ما يجب عمله، وطريقة عمله، والطرق التي يجب اعتمادها، تتشكل في داخلهم العديد من وجهات النظر والنظريات الخاطئة، وهذا ما تنطوي عليه بعد ذلك شخصياتهم الفاسدة. الأمر بهذه البساطة. هل هذا واضح الآن؟ (نعم، إنه واضح). أخبرني عن ذلك إذًا. (في سياقات معينة، يُصدِر الناس بعض المشاعر السلبية. في البداية، لا تتجاوز هذه المشاعر السلبية بضعة أفكار سلبية. عندما تستمر هذه الأفكار السلبية في إثارة حالات مختلفة غير صحيحة ويبدأ الناس في اتخاذ قرار بشأن ما يجب عليهم فعله وانتهاج طرق معينة، فإنهم يصبحون خاضعين لهيمنة أفكار ونظريات معينة. وهذا ما تنطوي عليه شخصيتهم الفاسدة). تأمل هذا وانظر إذا كنت تفهمه. أليس الأمر بسيطًا؟ (إنه كذلك). إنه يبدو بسيطًا، لكن هل يمكنك التمييز بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة؟ بصرف النظر عما إذا كان من السهل التمييز بينها نظريًا أم لا، على أي حال، هل فهمتم الفرق بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة؟ (نعم).
إذا كانت المشاعر السلبية المختلفة التي عقدنا عنها الشركة موجودة في قلوبكم، فهل يمكنكم تمييزها وتشريحها؟ (يمكننا تمييزها إلى حد ما). إذا كانت لديك هذه المشاعر، فيجب أن يكون لديك المقدرة على تمييزها. الغرض من تمييز المشاعر السلبية ليس مجرد اكتساب فهم نظري عام لها أو إدراك معناها فحسب. بل التحرر مما تسببه المشاعر السلبية من عذاب بعد اكتساب المقدرة على تمييزها بشكل عملي، والتخلص من تلك المشاعر السلبية المختلفة التي ينبغي ألا توجد داخل الناس، مثل المشاعر السلبية التي عقدنا شركة عنها سابقًا. والآن، استنادًا إلى الفرق بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة التي عقدنا عنها شركة للتو، هل يمكننا القول إن المشاعر السلبية هي السبب الجذري أو السياق الذي يؤدي بالناس إلى كشف شخصياتهم الفاسدة؟ مثال على ذلك، في حالة المرض، إذا لم تتطور لديك مشاعر سلبية مثل الضيق والهم والقلق بسبب المرض، فهذا يثبت أن لديك معرفة بالأمر واختبار له، وأنك تملك أفكار ووجهات نظر صحيحة وخضوع حقيقي. نتيجة لذلك، ينبغي أن تتوافق خواطرك وأفعالك في هذا الأمر مع الحق. وعلى العكس، إذا كنت تختبر باستمرار مشاعر سلبية في أمر معين، وتظل دائمًا محاصرًا في المشاعر السلبية بسببه، فمن الطبيعي أن تنشأ داخلك حالات سلبية مختلفة بسبب هذه المشاعر السلبية. هذه الحالات السلبية ستؤدي بك إلى إظهار شخصيتك الفاسدة بشكل طبيعي عند وجودك في هذه الحالات الخاطئة. حينها ستتصرف وفقًا لفلسفات شيطانية، وتنتهك الحق من جميع النواحي، وتعيش وفق شخصيتك الفاسدة. لذلك، بغض النظر عن كيف نفرق بين المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة، فإن هذين الأمرين، في المجمل، مرتبطان ولا يمكن الفصل بينهما. إنهما يشتركان على وجه الخصوص في جوهرٍ واحد وهو أن كل من المشاعر السلبية والشخصيات الفاسدة هي أشياء سلبية؛ فهم يشتركان في نفس الجوهر والأفكار ووجهات النظر الرئيسية. إن الأفكار ووجهات النظر التي تؤدي إلى ظهور المشاعر السلبية جميعها سلبية، وجميعها فلسفات شيطانية، وهذه الأشياء السلبية تؤدي بالناس إلى الكشف عن شخصياتهم الفاسدة والتصرف بناءً على شخصياتهم الفاسدة. أليس كذلك؟ (إنه كذلك).
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.