كيفية السعي إلى الحق (3) الجزء الرابع
إلى جانب عديمي الإيمان، يوجد أيضًا بين الإخوة والأخوات كبار سن تتراوح أعمارهم من ستين سنة إلى حوالي ثمانين أو تسعين سنة، والذين يختبرون أيضًا بعض الصعوبات بسبب سنهم المتقدمة. ورغم سنهم، فليس تفكيرهم بالضرورة قويمًا أو عقلانيًّا، كما أن أفكارهم ووجهات نظرهم لا تتوافق بالضرورة مع الحق. لدى كبار السن هؤلاء مشكلات على النحو نفسه تمامًا، ودائمًا ما يكونون مهمومين: "صحتي لم تعد على ما يرام والواجبات التي يمكنني أداؤها محدودة. فهل سيتذكرني الله إذا أديتُ هذا الواجب الضئيل فحسب؟ إنني أمرَض أحيانًا وأحتاج إلى مَن يعتني بي؛ وحينما لا يوجَد مَن يعتني بي أعجَز عن أداء واجبي، فماذا بوسعي أنْ أفعل؟ أنا عجوز ولا أتذكر كلام الله عندما أقرأه، وفهم الحق صعبٌ عليَّ. عند عقد شركة عن الحق، أتكلم بطريقة مشوشة وغير منطقية، وليس لديَّ أي اختبارات تستحق المشاركة. أنا عجوز وليس لدي ما يكفي من الطاقة، ونظري ليس بخير حال ولم أعد قويًّا. كل شيء صعب عليَّ. ليس الأمر أنني لا أستطيع أداء واجبي فحسب، بل إنني أنسى الأشياء بسهولة وأخطئ في فهم الأمور. أحيانًا ما تختلط عليَّ الأمور وأتسبَّب في مشكلات للكنيسة ولإخوتي وأخواتي. أريد بلوغ الخلاص والسعي إلى الحق، لكن الأمر صعب جدًا. ماذا يمكنني أن أفعل؟" عندما يفكرون في هذه الأشياء، يبدؤون في الاضطراب، ويفكرون: "لماذا بدأتُ الإيمان بالله في هذا العمر فحسب؟ لماذا أنا لست مثل أولئك الذين هم في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، أو حتى أولئك الذين هم في الأربعينيات والخمسينيات من العمر؟ لماذا لم أتعرَّف على عمل الله إلا الآن عندما صرت عجوزًا؟ ليس الأمر أن قدَري سيئ؛ فالآن على الأقل قد قابلتُ عملَ الله. إن قدَري جيد، وقد أحسنَ الله إليَّ! ثمة شيء واحد فحسب لست سعيدًا بشأنه، وهو أنني عجوز جدًا. ذاكرتي ليست بخير حال، وصحتي ليست على ما يرام، لكن لديَّ قوة داخلية لا تتزعزع. الأمر فحسب أن جسدي لا يطيعني، وأشعر بالنعاس بعد الاستماع لفترة في الاجتماعات. أحيانًا أغمض عينيَّ للصلاة فأنام، ويتشتت ذهني عندما أقرأ كلام الله. بعد القراءة لفترة قصيرة، أشعر بالنعاس وأغفو ولا تستقر الكلمات في ذهني. ماذا يمكنني أن أفعل؟ هل أنا لا أزال قادرًا على السعي إلى الحق وفهمه في ظل هذه الصعوبات العملية؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، وإذا كنت غير قادر على الممارسة بما يتماشى مع مبادئ الحق، أفلن يكون إيماني كله سُدى؟ ألن أفشل في بلوغ الخلاص؟ ماذا يمكنني أن أفعل؟ أنا مهموم للغاية! في هذه السن، لم يعد هناك ما يهم. الآن وقد صرت أومن بالله، لم يعد لديَّ أي هموم أخرى أو أي شيء أشعر بالقلق حياله، وقد كبر أبنائي ولم يعودوا بحاجة إلي لرعايتهم أو تربيتهم، وأعظم أمنياتي في الحياة هي السعي إلى الحق وأداء واجب كائن مخلوق، وفي نهاية المطاف بلوغ الخلاص في السنوات المتبقية لي. على الرغم من ذلك، فبالنظر الآن إلى وضعي الفعلي، وقد وهن نظري لتقدمي في السن وصرت مشوَّش الذهن ومعتل الصحة، وغير قادر على أداء واجبي جيدًا، وأحيانًا ما أخلق مشكلات عندما أحاول القيام بأقصى ما في وسعي، يبدو أنَّ بلوغ الخلاص لن يكون يسيرًا لي". إنهم يفكرون في هذه الأشياء مرارًا وتكرارًا ويغدون قلقين، ثم يفكرون: "يبدو كما لو أن حِسان الأمور لا تحدث إلا للشباب وليس للعجائز. يبدو كما لو أنني لن يمكنني الاستمتاع بالأشياء بعد الآن، مهما كانت حسنة". كلما فكروا في هذه الأمور أكثر، زاد اضطرابهم وقلقهم. هم ليسوا مهمومين بشأن أنفسهم فحسب، بل يشعرون أيضًا بالتأذي. إذا بكوا، فإنهم يشعرون أن الأمر لا يستحق البكاء عليه حقًّا، وإذا لم يبكوا، فإن ذلك الألم: ذلك التأذي، يكون معهم دائمًا. ماذا عليهم إذًا أن يفعلوا؟ على وجه الخصوص، ثمة بعض كبار السن الذين يرغبون في قضاء كل وقتهم في بذل أنفسهم من أجل الله وأداء واجبهم، لكنهم ليسوا على ما يرام جسديًّا. بعضهم لديه ارتفاع في ضغط الدم، وبعضهم لديه ارتفاع في سكر الدم، والبعض لديه مشكلات في الجهاز الهضمي، ولا يمكن لقوتهم البدنية مجاراة متطلبات واجبهم، ولذلك يضطربون. إنهم يَرون شبابًا بوسعهم الأكل والشرب والجري والقفز، فيشعرون بالحسد. كلما رأوا الشباب يفعلون مثل هذه الأشياء، يزيد شعورهم بالضيق، ويفكرون: "أريد القيام بواجبي جيدًا والسعي إلى الحق وفهمه، وأريد ممارسة الحق أيضًا، فلماذا هذا صعب للغاية؟ أنا عجوز جدًا وعديم الفائدة! ألا يريد الله كبار السن؟ هل كبار السن عديمو الفائدة حقًّا؟ ألا نستطيع بلوغ الخلاص؟" إنهم حزانى وغير قادرين على الشعور بالسعادة مهما كانت طريقة تفكيرهم في الأمر. إنهم لا يريدون تفويت مثل هذا الوقت الرائع وهذه الفرصة العظيمة، لكنهم غير قادرين على بذل أنفسهم وأداء واجبهم من كل قلوبهم ونفوسهم كما يفعل الشباب. يقَع كبار السن هؤلاء في أعماق الضيق والقلق والهم بسبب سنهم. في كل مرة يواجهون صعوبة أو انتكاسة أو مشقة أو عقبة، فإنهم يلقون باللائمة على سنهم، وهم حتى يكرهون أنفسهم ولا يُحبُّون أنفسهم. لكن ذلك بلا طائل على أية حال، وليس ثمة حل، وليس أمامهم أي طريق للمضي قُدمًا. أيمكن حقًّا ألا يكون لديهم أي طريق للمضي قُدمًا؟ هل ثمة أي حل؟ (ينبغي لكبار السن أيضًا أداء واجباتهم بقدر استطاعتهم). من المقبول أن يؤدي كبار السن واجباتهم قدر استطاعتهم، أليس كذلك؟ هل يمكن لكبار السن ألا يسعوا إلى الحق بعد الآن بسبب أعمارهم؟ أليسوا قادرين على فهم الحق؟ (بلى، قادرون). هل يمكن لكبار السن فهم الحق؟ يمكنهم فهم بعضه، وحتى الشباب أيضًا لا يمكنهم فهمه كله. دائمًا ما يكون لدى كبار السن فكرة خاطئة، إذ يعتقدون أنهم مشوشون، وأن ذاكرتهم سيئة، ولهذا لا يمكنهم فهم الحق. أهم محقون؟ (كلا). رغم أنَّ الشباب لديهم طاقة أكبر بكثير من كبار السن، وهم أقوى بدنيًا، فإن قدرتهم على الفهم والاستيعاب والمعرفة مماثلة تمامًا لقدرة كبار السن على ذلك في واقع الأمر. ألم يكن كبار السن أيضًا صغارًا ذات يوم؟ لم يولدوا كبارًا، والشباب جميعًا سيكبرون ذات يوم كذلك. يجب على كبار السن ألا يفكروا دائمًا في أنهم مختلفون عن الشباب لأنهم عجائز، وضعفاء جسديًّا، ومعتلون، ولديهم ذاكرة سيئة. ليس ثمة اختلاف في الواقع. ماذا أعني بقولي إنه ما من اختلاف؟ سواء كان الشخص عجوزًا أو شابًا، فإن شخصياته الفاسدة هي نفسها، ومواقفه وآراءه حيال الأشياء كافة هي نفسها، ومنظوراته ووجهات نظره حيال الأشياء كافة هي نفسها. لذا، يجب على كبار السن ألا يعتقدوا أنهم نظرًا لكبر سنهم، وأنَّ رغباتهم المفرطة أقل مما لدى الشباب، ولأنهم قادرون على أن يكونوا مستقرين، فليست لديهم طموحات أو رغبات جامحة، وأن لديهم شخصيات فاسدة أقل؛ هذه فكرة خاطئة. يمكن للشباب التنافس على المنصب، أفلا يمكن لكبار السن التنافس على المنصب؟ يمكن للشباب أن يفعلوا أشياء تتعارض مع المبادئ ويتصرفوا تعسفيًّا، أفلا يمكن لكبار السن أن يفعلوا الشيء نفسه؟ (بلى، يمكنهم ذلك). يمكن للشباب أن يكونوا متعجرفين، أفلا يمكن لكبار السن أن يكونوا متعجرفين أيضًا؟ على الرغم من ذلك، عندما يكون كبار السن متعجرفين، لا يكونون عدوانيين جدًّا نظرًا لتقدمهم في السن، ولا تكون مثل تلك العجرفة متعالية. تَظهر لدى الشباب مظاهر أكثر وضوحًا للعجرفة بسبب مرونة أطرافهم وعقولهم، بينما تَظهر عند كبار السن مظاهر أقل وضوحًا بسبب تصلُّب أطرافهم وجمود عقولهم. على الرغم من ذلك، فإن جوهر عجرفتهم وجوهر شخصياتهم الفاسدة هما الشيء نفسه. مهما طالت المدة التي آمن فيها الشخص المسن بالله، أو كثُر عدد السنوات التي قضاها في أداء واجبه، فإنَّ شخصياته الفاسدة سوف تبقى ما لم يكن في سعيٍ إلى الحق. على سبيل المثال، بعض كبار السن الذين يعيشون بمفردهم معتادين على العيش وحدهم ولديهم عادات محددة للغاية: لقد حددوا أوقاتًا وترتيبات خاصة بهم لتناول الطعام والنوم والراحة، وهم غير راغبين في تعطيل ترتيب الأشياء في حياتهم. يبدو كبار السن هؤلاء أناسًا رائعين من الخارج، لكن لا تزال لديهم شخصيات فاسدة، وأنت تعرف هذا بعد أن تخالطهم لفترة طويلة. بعض كبار السن متقلبون ومتعجرفون بشكل مذهل؛ إذ لا بد أن يحصلوا قطعًا على ما يريدون تناوله، ولا يمكن لأحد أن يوقفهم عندما يريدون الذهاب إلى مكان ما لقضاء وقت الفراغ. عندما يعقدون العزم على فعل شيء ما، حتى فحول الخيل الجامحة لا تستطيع إثناءهم عن ذلك. لا يمكن لأحد تغييرهم، وهم متقلبون طوال حياتهم. مثل كبار السن العنيدين هؤلاء أكثر إزعاجًا من الشباب المنفلتين! لذلك، عندما يقول بعض الناس: "كبار السن ليسوا فاسدين بعمق فساد الشباب. لقد عاش كبار السن في زمن كان أكثر تحفظًا وانغلاقًا، ولهذا فإن هذا الجيل من كبار السن ليسوا فاسدين بعمق"؛ فهل هذا القول صحيح؟ (لا). هذه مجرد مراوغة لمصلحتهم الشخصية. الشباب لا يحبون العمل مع الآخرين، أليس كبار السن أيضًا يمكن أن يكونوا مثلهم تمامًا؟ (يمكنهم ذلك). بعض كبار السن لديهم شخصيات فاسدة أخطر من تلك التي لدى الشباب، ودائمًا ما يتباهون بشيخوختهم ويفتخرون بما لديهم من سنوات التمرس، قائلين: "أنا متقدم في السنوات. كم عمرك؟ هل أنا الأكبر أم أنت؟ لن تحب سماع هذا، لكن لدي من الخبرات أكثر بكثير مما لديك، وعليك الاستماع لي. أنا صاحب خبرة ومعرفة. ماذا تفهمون أنتم أيها الصغار؟ لقد كنت أؤمن بالله حتى قبل أن تولد!" أليس هذا متعبًا بدرجة أكبر؟ (إنه كذلك). قد يصبح كبار السن متعبين بدرجة أكبر فور حصولهم على لقب "كبار السن". لذا، ليس الأمر أن كبار السن ليس لديهم ما يفعلونه، ولا أنهم غير قادرين على أداء واجباتهم، ناهيك عن أن يكونوا غير قادرين على السعي إلى الحق؛ فثمة أشياء كثيرة لديهم للقيام بها. إن مختلف الهرطقات والمغالطات التي تراكمت لديك خلال حياتك، إضافةً إلى مختلف الأفكار والمفاهيم التقليدية، والأشياء الجاهلة والعنيدة، والأشياء المحافظة، والأشياء غير العقلانية، والأشياء المحرَّفة التي تراكمت لديك، قد تكدَّست كلها في قلبك، وعليك قضاء وقت أطول مما يقضيه الشباب، من أجل إخراج هذه الأشياء وتشريحها وتمييزها. ليس الحال أنَّ ليس لديك ما تفعله، أو أنَّ عليك الشعور بالضيق والقلق والهم عندما لا تعرف تحديدًا ما ستفعله – ليست هذه مهمَّتك ولا مسؤوليتك. بادئ ذي بدء، ينبغي أن يكون لدى كبار السن العقلية الصحيحة. رغم أنك ربما تتقدم في العمر وأنك كبرت نسبيًّا من الناحية الجسديَّة، فينبغي أن يكون لديك عقلية شابة. على الرغم من أنك تتقدم في السن، وتفكيرك يتباطأ وذاكرتك ضعيفة، إذا كنت لا تزال قادرًا على معرفة نفسك، ولا تزال تفهم الكلمات التي أقولها، ولا تزال تفهم الحق، فهذا يثبت أنك لست عجوزًا وأن مستوى قدراتك ليس ناقصًا. إذا كان شخص ما في السبعينيات من عمره لكنه غير قادر على فهم الحق، فهذا يدل على أن قامته صغيرة جدًّا ولا ترقى إلى مستوى المهمة. لذلك، فإنَّ العمر غير ذي صلة عندما يتعلَّق الأمر بالحق؛ وعلاوةً على ذلك، فإنَّ العمر غير ذي صلة عندما يتعلق الأمر بالشخصيات الفاسدة. لقد كان الشيطان موجودًا منذ عشرات الآلاف من السنين، بل مئات الملايين من السنين، وهو لا يزال الشيطان، لكن لا يزال علينا إضافة صفة إسناد قبل كلمة "الشيطان"، وهي "الشيطان القديم"، مما يعني أنه شرٌ إلى أقصى درجة، أليس كذلك؟ (بلى). كيف ينبغي إذًا أن يمارس كبار السن؟ أحد الجوانب هو أنَّ عليك التمتع بعقلية الشباب نفسها، وأن تسعى إلى الحق وتعرِف نفسك؛ وحالما تعرف نفسك، يجب أن تتوب. جانب آخر هو أن عليك أن تطلب المبادئ في أداء واجبك وتمارس وفقًا لمبادئ الحق. لا ينبغي أن تعفي نفسك من السعي إلى الحق، قائلًا إنك عجوز، ومتقدم في السنوات، وإنك لا تملك الأفكار النشطة التي لدى الشباب، وإنك لا تملك الشخصيات الفاسدة التي لدى الشباب، وإنك اختبرت كل شيء في هذه الحياة، وربحت نظرة ثاقبة لكل ذلك، ومن ثمَّ ليس لديك طموحات جامحة أو رغبات. ما تعنيه فعلًا بقولك هذا هو: "شخصياتي الفاسدة ليست بتلك الخطورة، لذا فإن السعي إلى الحق لكم أنتم أيها الشباب. وليس لنا نحن كبار السن أي علاقة به. نحن كبار السن نقوم في بيت الله بأي عمل نقدر عليه فحسب ونبذل أي جهد، وسنكون قد قمنا بواجبنا جيدًا وسنخلَّص. أما بخصوص كشف الله عن شخصيات الناس الفاسدة، وشخصيات ضد المسيح، وجوهر ضد المسيح، فذلك ما ينبغي لكم أنتم أن تفهموه أيها الشباب. يمكنكم الاستماع إليه بعناية، ويكفي أننا نُحسِن ضيافتكم ونراقب المناطق المحيطة حفاظًا على سلامتكم. نحن كبار السن ليست لدينا طموحات جامحة. إننا نتقدم في السن، وأدمغتنا تستجيب ببطء، ولهذا فإنَّ جميع استجاباتنا إيجابية. قبل أن نموت، نصبح طيبي القلب. عندما يكبر الناس، يصبحون حسني السلوك، لذلك نحن أناس حسنو السلوك". ما يقصدونه حقًّا هو أنه ليست لديهم أي شخصيات فاسدة. متى قلنا من قبل إنَّ كبار السن ليس عليهم السعي إلى الحق أو إن السعي إلى الحق يختلف حسب عمرك؟ هل قلنا هذا من قبل؟ لا، لم نقل ذلك. في بيت الله وعندما يتعلق الأمر بالحق، هل كبار السن مجموعة خاصة؟ لا، ليسوا كذلك. عندما يتعلق الأمر بالحق فالعمر غير ذي صلة، مثلما هو الحال عندما يتعلق الأمر بشخصياتك الفاسدة، أو عمق فسادك، أو ما إذا كنت مؤهلًا للسعي إلى الحق، أو ما إذا كان بإمكانك بلوغ الخلاص، أو ما احتمال أن تخلُص. أليس كذلك؟ (إنه كذلك). لقد عقدنا شركة حول الحق لسنوات كثيرة حتى الآن، لكننا لم نعقد قط شركة حول أنواع مختلفة من الحقائق حسب الأعمار المختلفة للناس. لم تُعقد قَط شركة عن الحق ولم تُكشف الشخصيات الفاسدة للشباب حصرًا أو لكبار السن، ولم يُقَل إنَّ شخصياتهم الفاسدة تتناقص وتتغير طبيعيًا، بسبب كبر سنهم، وتفكيرهم المتصلب، وعدم قدرتهم على قبول أشياء جديدة – هذه الأشياء لم تُقل قط. لم تُعقد قَط شركة حول حق واحد حسب أعمار الأشخاص على وجه التحديد مع استبعاد كبار السن. كبار السن ليسوا مجموعة خاصة في الكنيسة، أو في بيت الله، أو أمام الله، بل هم مثل أي فئة عمرية أخرى. ما من شيء خاص بشأنهم، كل ما في الأمر أنهم عاشوا لفترة أطول قليلًا من الآخرين، وأنهم وصلوا هذا العالم قَبل الآخرين ببضع سنوات، وأنَّ شعرهم أصبح أشيب بعض الشيء من شعر الآخرين، وأن أجسادهم قد شاخت في وقت سابق قليلًا عن الآخرين؛ وبخلاف هذه الأشياء، ليس ثمة اختلاف. ولهذا، إذا كان كبار السن دائمًا ما يفكرون: "أنا كبير السن، فهذا يعني أنني شخص حسن السلوك، وأنه ليست لدي شخصيات فاسدة، وليس لدي سوى قدر ضئيل من الفساد"، أليس هذا فهمًا مغلوطًا؟ (إنه كذلك). أليست هذه وقاحة إلى حدٍ ما؟ بعض كبار السن هم أوغاد عجائز ماكرون ومخادعون إلى أقصى درجة. إنهم يقولون إنه ليست لديهم شخصيات فاسدة، وحتى إن شخصياتهم الفاسدة قد تآكلت، في حين أن تدفقات شخصياتهم الفاسدة ليست أقل في الواقع من تدفقات الشخصيات الفاسدة لدى الناس الآخرين. في الواقع، ثمة الكثير من الطرق التي يمكننا بها وصف الشخصية الفاسدة ونوعية الإنسانية لهذا النوع من الأشخاص المسنين. على سبيل المثال، "أوغاد عجائز ماكرون" و"كلما زاد قِدم الزنجبيل، صار حرِّيفًا بدرجة أكبر؛ الخبرة تهزم الشباب"؛ كلاهما يستخدم صفة "قديم"، أليس كذلك؟ (صحيح). ما الأوصاف الأخرى الموجودة التي تستخدم كلمة "قدامى"؟ (متآمرون قدامى). نعم، ذلك مثال جيد، "متآمرون قدامى". كما ترى، جميعها يستخدم صفة "قديم". ثم هناك "الشيطان القديم" و"الأبالسة القدامى"؛ النموذج الأمثل القدامى! ماذا يعتقد الناس عندما يكونون جزءًا من مجموعة من كبار السن؟ إنهم يؤمنون: "شخصياتنا الفاسدة كلها قد تآكلت. الشخصيات الفاسدة أمر يخصكم أنتم أيها الشباب. أنتم فاسدون بدرجة أعمق منا". أليس هذا تحريفًا متعمدًا؟ إنهم يريدون أن يرسموا صورة أنفسهم بطريقة حسنة وأن يتفاخروا بأنفسهم، لكن ليس ذلك هو الحال في الواقع، والأشياء ليست كذلك. "الأبالسة القدامى"، و"الشيطان القديم"، و"متآمرون قدامى"، و"أوغاد عجائز ماكرون"، و"التباهي بكبر السن"؛ هذه الأوصاف التي تستخدِم صفة "قديم" ليست أشياء جيدة، ولا إيجابية.
إننا نعقد شركة بشأن هذا الآن لنحذر كبار السن وننصحهم ونرشدهم، وأيضًا لكي نعطي الشباب جرعة وقاية. ما المشكلة التي نقول هذه الأشياء في المقام الأول بغرض علاجها؟ الغرض هو علاج مشكلة ضيق كبار السن وقلقهم وهمهم، والتأكد من أنهم يفهمون أن مشاعر الضيق والقلق والهم هذه لا لزوم لها وغير ضرورية. إذا كنت راغبًا في أداء واجب وكنت مناسبًا لأداء واجب، فهل سيرفضك بيت الله؟ (كلا). سيمنحك بيت الله فرصة بالتأكيد لأداء واجب ما. من المؤكد أنه لن يقول: "لا يمكنك أداء واجب ما لأنك كبير في السن. اخرج. لن نمنحك فرصة". كلا، بيت الله يعامل جميع الناس بإنصاف. ما دمتَ مناسبًا لأداء واجب وليس من خطر خفي، فإن بيت الله سيمنحك الفرصة ويسمح لك بأداء واجبٍ بقدر ما لديك من طاقة. إضافةً إلى ذلك، إذا كنت ترغب في معرفة نفسك والسعي إلى الحق، فهل سيسخر منك أي أحد ويقول: "هل عجوز مثلك مؤهل للسعي إلى الحق؟" هل سيسخر منك أي أحد؟ (كلا). هل سيقول أي أحد: "أنت كبير في السن ومرتبك. ما الفائدة من سعيك إلى الحق؟ لن يُخلِّص الله شخصًا في مثل سنك الكبيرة؟" (كلا). لا، لن يفعل أحد ذلك. الجميع سيان أمام الحق، ويجري التعامل مع الجميع بإنصاف. كل ما في الأمر أنك قد لا تسعى إلى الحق، ودائمًا ما سيأتي الجندي العجوز، ويفكر دائمًا: "أنا مُسن ولا يمكنني أداء أي واجب". في الواقع، ثمة واجبات كثيرة يمكنك أداءها في نطاق قدرتك. إذا لم تؤدِ أي واجب بل تتباهى بكبر سنك وترغب في إلقاء المحاضرات على الآخرين، فمن سيود الاستماع إليك؟ لا أحد. إنك تقول دائمًا: "أواه، أنتم أيها الشباب لا تفهمون الأشياء!" و"أواه، أنتم أيها الشباب أنانيون فحسب!" و"أواه، أنتم أيها الشباب متعجرفون فحسب!" و"أواه، أنتم أيها الشباب كسالى فحسب. نحن كبار السن نعمل بجد، وفي أيامي كنا كذا وكذا". ما فائدة قول مثل هذه الأشياء؟ لا تستمر في الحديث عن تاريخك "الرائع"؛ لا أحد يريد سماعه. من غير المجدي الحديث عن تلك الأشياء العتيقة؛ إنها لا تمثل الحق. إذا كنت تريد التحدث عن شيء ما، فابذل بعض الجهد مع الحق، وافهم الحق أكثر قليلًا، واعرف نفسك، وانظر إلى نفسك بصفتك شخصًا عاديًّا آخر فحسب وليس بوصفك عضوًا في مجموعة خاصة على الآخرين احترامها وتبجيلها وتقديرها كثيرًا، بينما يحتشد أناس آخرون من حولك. هذه رغبة مفرطة، وتفكير خاطئ. العمر ليس رمزًا لهويتك، لا يمثل الأهلية، ولا يمثل الأقدمية، ناهيك عن أنه لا يمثل أنك تملك الحق أو الإنسانية، والعمر لا يمكن أن يُضعِف شخصياتك الفاسدة. أنت إذًا مثل الآخرين تمامًا. لا تصنف نفسك دائمًا على أنك "مُسِن" لفصل نفسك عن الآخرين، وحتى لتمييز نفسك كقديس. هذا يظهر أنك لا تعرف نفسك إطلاقًا! في أثناء حياتهم، ينبغي لكبار السن الاجتهاد بدرجة أكبر في السعي إلى الحق، والسعي إلى دخول الحياة، والعمل بانسجام مع الإخوة والأخوات لأداء واجبهم؛ بهذه الطريقة وحدها يمكن لقامتهم النمو. على كبار السن ألا يستغلوا أقدميتهم وألا يتباهوا بكبر سنهم. من الممكن أن يكشف الشباب عن جميع أنواع الشخصيات الفاسدة، وكذلك أنت؛ من الممكن أن يرتكب الشباب جميع أنواع الحماقات، وكذلك أنت؛ لدى الشباب مفاهيم، وكذلك كبار السن؛ يمكن للشباب أن يكونوا متمردين، وكذلك كبار السن؛ يمكن للشباب الكشف عن شخصية ضد المسيح، وكذلك كبار السن؛ لدى الشباب طموحات جامحة ورغبات، وكذلك كبار السن دون أدنى فرق؛ من الممكن أن يتسبب الشباب في اضطرابات وإزعاجات وأن يُخرجوا من الكنيسة، وكذلك الأمر بالنسبة لكبار السن. لذلك، إلى جانب قدرتهم على أداء واجبهم جيدًا على أفضل نحو ممكن في حدود قدراتهم، ثمة العديد من الأشياء التي يمكنهم عملها. ما لم تكن غبيًّا وخرفًا ولا يمكنك فهم الحق، وما لم تكن غير قادر على الاعتناء بنفسك، فثمة أشياء كثيرة يجب عليك عملها. تمامًا مثل الشباب، يمكنك السعي إلى الحق، ويمكنك طلب الحق، وينبغي أن تأتي كثيرًا أمام الله للصلاة، ويمكنك أن تطلب مبادئ الحق، وأن تسعى جاهدًا لرؤية الناس والأشياء، وتتصرَّف وتفعل وفقًا لكلام الله كليًّا، بحيث يكون الحق معيارًا لك. هذا هو السبيل الذي ينبغي لك اتباعه، وينبغي ألا تشعر بالضيق أو القلق أو الهم بسبب تقدمك في السن أو إصابتك بكثير من الاعتلالات أو بسبب شيخوخة جسدك. ليس الشعور بالضيق والقلق والهم بالشيء الصحيح فعله – فهي مظاهر غير عقلانية. على كبار السن التخلي عن لقب "كبير"، والاندماج مع الشباب والجلوس معهم كأنداد. عليك ألا تتباهى بكبر سنك، معتقدًا على الدوام أنَّ لك فضيلة سامية جديرة بالاحترام، وأنك مؤهل للغاية، وأنك تستطيع إدارة الشباب، وأنك كبير السن ولك الأقدمية على الشباب، ولديك دائمًا الطموح للسيطرة على الشباب، ولديك دائمًا الرغبة في إدارة الشباب – هذه شخصية فاسدة كليًا. بما أن كبار السن لديهم شخصيات فاسدة، تمامًا مثل الشباب، وغالبًا ما يكشفون عن شخصياتهم الفاسدة في الحياة وعند أداء واجباتهم، تمامًا كما يفعل الشباب، فلماذا لا يفعل كبار السن ما هو لائق، وعوضًا عن ذلك يَشعرون دائمًا بالضيق والقلق والهم حيال كِبر سنهم وما يحدث لهم بعد الموت؟ لماذا لا يؤدون واجباتهم كما يفعل الشباب؟ لماذا لا يسعون إلى الحق كما يفعل الشباب؟ لقد أتيحت لك هذه الفرصة، لذا إذا لم تغتنمها، وصرتَ كبير السن لدرجة ألا يمكنك أن تسمع أو ترى أو تعتني بنفسك، فسوف تندم عليها، وسوف تمضي حياتك بهذه الطريقة. هل تفهم؟ (نعم).
هل عولِجَت الآن مشكلة المشاعر السلبية لكبار السن؟ هل ستتباهون بكبر سنكم عندما تتقدمون في السن؟ هل ستصبحون الأوغاد العجائز الماكرون والمتآمرون القدامى؟ عندما ترون شخصًا كبير السن، هل ستنادونه بـ "الأخ الكبير" أو "الأخت الكبيرة"؟ لديهم أسماء لكنكم لا تدعونهم بها، بل تضيفون كلمة "كبير". إذا كنت دائمًا ما تضيف كلمة "كبير" عند التحدث إلى كبار السن، ألن يضرهم ذلك؟ إنهم يعتقدون بالفعل أنهم كبار في السن ولديهم بعض المشاعر السلبية، لذلك إذا كنت تدعوهم بكلمة "كبير"، فهذا كما لو كنت تقول للواحد منهم: "أنت كبير في السن، أكبر مني سنًّا، ولم تعُد لك أي فائدة" هل سيشعر بالراحة عندما يسمعك تقول هذا؟ بالتأكيد سيشعر بالتعاسة. ألن يتأذى إذا خاطبته على هذا النحو؟ سيُسَر بعض كبار السن عندما يسمعونك تخاطبهم هكذا، وسيفكرون: "انظر، لدي فضيلة سامية تستحق الاحترام وسمعة قيِّمة. عندما يراني الإخوة والأخوات، لا يدعونني باسمي. في بيت الله، لا يدعو الناس كبار السن عمًّا، أو جدًّا، أو جدة. بدلًا من ذلك، عندما يخاطبني الإخوة والأخوات، يضيفون كلمة "كبير"، ويطلقون عليَّ "الأخ الكبير" (أو "الأخت الكبيرة"). انظروا كم أنا مُكرَّم، وانظروا كم أنا محتَرَم أمام الآخرين. بيت الله صالح، والناس يحترمون كبار السن ويرعون الصغار!" هل تستحق الاحترام؟ ما الاستنارة التي قدمتها لإخوتك وأخواتك؟ ما المنفعة التي جلبتها لهم؟ ما مساهمتك إلى بيت الله؟ ما مقدار الحق الذي تفهمه؟ ما مقدار الحق الذي تطبقه؟ أنت تعتقد أنك ذو فضيلة سامية تستحق الاحترام لكنك لم تقدم أي مساهمة على الإطلاق، فهل تستحق أن يطلق عليك إخوتك وأخواتك لقب "الأخ الكبير" أو "الأخت الكبيرة"؟ بالطبع لا! إنك لتتباهى بكبر سنك ودائمًا ما تريد أن يحترمك الآخرون! هل من الجيد أن تُخاطَب بلقب "الأخ الكبير" أو "الأخت الكبيرة"؟ (كلا). لا، ليس جيدًا، لكني أسمع ذلك كثيرًا. إنه أمر شديد السوء، ومع ذلك لا يزال الناس في كثير من الأحيان يخاطبون كبار السن بهذه الطريقة. أي جوٍ يخلقه هذا؟ إنه أمر مثير للاشمئزاز، أليس كذلك؟ كلما خاطبتَ المسنين بـ "الأخ الكبير" أو "الأخت الكبيرة"، زاد اعتقادهم بأنهم مؤهلون، وأنهم يتمتعون بفضيلة سامية تستحق الاحترام؛ وكلما خاطبتهم بلقب "الكبير فلان"، زاد اعتقادهم بأنهم متميزون وأكثر أهمية من الآخرين وأفضل منهم، وتميل قلوبهم لقيادة الآخرين، وابتعدوا أكثر عن السعي إلى الحق. إنهم دائمًا ما يريدون قيادة الآخرين وإدارة الآخرين، ويعتبرون أنفسهم دائمًا أفضل من الآخرين، ويجدون الآخرين دائمًا غير مقبولين، ويرون دائمًا المشكلات التي لدى الآخرين ولا يرون أيًّا منها في أنفسهم. أخبرني، هل لا يزال بوسع شخص كهذا أن يسعى إلى الحق؟ لا، لا يمكنه ذلك. لذا، فمخاطبة الناس بـ "الأخ الكبير" أو "الأخت الكبيرة" لا تنفعهم، وكل ما يمكن أن تفعله هو أذيتهم وضررهم. إذا دعوتهم ببساطة بأسمائهم وأسقطت لقب "كبير"، وإذا نظرت إليهم على النحو الصحيح، وعاملتهم كأنداد، فإن حالتهم وعقليتهم ستصبحان طبيعيتان، ولن يعودوا يفخرون بسنوات تمرسهم بينما ينظرون إلى الآخرين بازدراء. هكذا سيصبح من اليسير عليهم اعتبار أنفسهم متساوين مع الآخرين، وسيكونون قادرين على النظر إلى أنفسهم والآخرين على نحو صحيح، وقادرين على رؤية أنفسهم على أنهم مثل الآخرين تمامًا، مثل الأناس العاديين تمامًا، وليسوا أفضل من غيرهم من الناس إطلاقًا. بهذه الطريقة، ستصغر الصعوبات التي يواجهونها، ولن يختبروا المشاعر السلبية التي يمكن أن تنشأ بسبب كبر سنهم وعدم ربحهم للحق، وسيكون لديهم عندئذٍ أمل في السعي إلى الحق. عندما لا تنشأ هذه المشاعر السلبية، سينظرون إلى مشكلاتهم الخاصة، ولا سيما شخصياتهم الفاسدة، بالعقلية الصحيحة. ولهذا تأثير إيجابي ونافع في سعيهم إلى الحق، ومعرفتهم بالذات، وقدرتهم على اتباع طريق السعي إلى الحق. ألن تُعالج حينئذٍ مشكلات المشاعر السلبية لدى كبار السن؟ (سوف تُعالَج). سوف تُعالَج، ولن يكون ثمة المزيد من الصعوبات. ما هي إذًا العقلية التي على كبار السن تبنيها أولًا؟ عليهم تبني عقلية إيجابية؛ عليهم ألا يكونوا متعقلين فحسب، بل أن يكونوا سمحاء. عليهم ألا يثيروا ضجة بشأن الأشياء مع الشباب، بل أن يكونوا قدوة ويرشدوا الشباب، ولا يكونوا قساة جدًا عليهم. الشباب سريعو الغضب ويتكلمون بإلحاح، فلا تثر معهم ضجة بشأن الأشياء. إنهم صغار، وغير ناضجين، وعديمي الخبرة، وسوف تساعدهم بضع سنوات من الصقل. هذا ما ينبغي أن تكون عليه الأمور، وعلى كبار السن أن يفهموا هذا. ما هي إذًا العقلية التي على كبار السن تبنيها والتي تكون في توافق مع الحق؟ عليهم بمعاملة الشباب بصورة صحيحة، وعليهم في الوقت نفسه، ألا يكونوا متغطرسين ومغرورين معتقدِّين أنهم يتمتعون بخبرة عظيمة وبصيرة. ينبغي عليهم اعتبار أنفسهم أشخاصًا عاديين مثل أي شخص آخر، وهذا هو الشيء الصحيح فعله. على كبار السن ألا يُقيَّدوا بعمرهم، ولا أن يتحولوا إلى أن تكون لديهم عقلية الشباب. فليس التحول إلى أن تكون لديك عقلية شاب أمرًا طبيعيًّا أيضًا، فلا يقيدك عمرك فحسب. لا تفكر دائمًا: "أواه، أنا كبير السن، لا يمكنني فعل هذا، لا يمكنني قول هذا، لا يمكنني عمل ذاك. لأنني كبير السن للغاية فعليَّ أن أفعل هذا، وعليَّ أن أفعل ذاك، لا بد أن أجلس بطريقة معينة وأقف بطريقة معينة، ولا بد حتى أن أتناول الطعام بصورة جيدة معينة، وكل ذلك لكي يراه الشباب فلا يزدرون كبار السن". هذه العقلية خاطئة، ومن خلال التفكير في هذا، يتحكم فيك نوع من التفكير الخاطئ ويقيدك، وأنت تصير مصطنعًا بعض الشيء ومزيفًا وكاذبًا. لا يقيدك عمرك، وكُن مثل أي شخص آخر، وافعل كل ما أنت قادر على عمله، وافعل ما يتعين عليك فعله. هكذا، ستكون لديك عقلية طبيعية. هل تفهم؟ (نعم). إذًا، عندما يتمتع شخص كبير السن بعقلية طبيعية، فإن مختلف المشاعر السلبية التي يمكن أن تنشأ لديه بسبب تقدمه في السن تختفي دون أن يكون على وعي بذلك؛ فلا يعود بإمكان هذه المشاعر السلبية أن توقعهم في الشَرَك، ويختفي أيضًا الضرر الذي تسببه هذه المشاعر لهم، ومن ثم فإنَّ إنسانيتهم وعقلهم وضميرهم كلها تصير طبيعية نسبيًّا. وفي ظل فرضية وجود ضمير وعقلانية طبيعيين، تصبح نقطة انطلاق الناس صحيحة نسبيًّا للسعي إلى الحق، وأداء واجبهم، والانخراط في أي نشاط وأي عمل، والنتائج التي تتحقق هي أيضًا تكون صحيحة نسبيًّا. أولًا، لن يعود كبار السن مقيدين بأعمارهم، بل سيكونوا قادرين على اتخاذ تدابيرهم الخاصة بصورة موضوعية وعملية، وعمل ما يتعين عليهم عمله، وسيكونوا مثل الآخرين، ويؤدوا الواجب الذي يتعين عليهم تأديته على أفضل نحو ممكن في نطاق قدرتهم. ولا ينبغي للشباب أن يفكروا: "أنت كبير للغاية، أنت لا تفسح لي الطريق أبدًا، ولا تعتني بي. أنت كبير للغاية، ولا بد أن لديك خبرة، لكنك لا تقدم لي نصائح حول كيفية القيام بالأشياء وليس ثمة منفعة من الوجود معك. أنت كبير في السن، فكيف أنك لا تعرف كيف تكون متفهمًا تجاه الشباب؟" هل هذا قول يصح؟ (كلا). من غير الملائم مطالبة كبار السن بهذه المطالب. ولذلك فإن جميع الناس متساوون أمام الحق. إذا كان كل تفكيرك عمليًّا وموضوعيًّا ودقيقًا وعقلانيًّا، فمن المؤكد أنه سيتوافق مع مبادئ الحق. إذا كنت غير متأثر بأي حالة موضوعية أو سبب أو بيئة أو حتى أي عامل على الإطلاق؛ وإذا كنت لا تفعل سوى ما ينبغي للناس فعله، وسوى ما يعلِّم الله الناس أن يفعلوه، فإن ما تفعله سيكون ملائمًا على وجه اليقين ومناسبًا وفي توافق مع الحق على نحو أساسي. أنت أيضًا لن تصير غارقًا في المشاعر السلبية من ضيق وقلق وهمٍّ بسبب كِبر سنك، وستُحل هذه المشكلة.
رائع، سأختتم شركة اليوم هنا. مع السلامة!
22 أكتوبر 2022
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.