لا يمكن للمرء نيل الخلاص بالإيمان بالدين أو المشاركة في الطقوس الدينية (الجزء الأول)

لقد هرب معظم الناس بينكم من الدين وقبلوا عمل الله في الأيام الأخيرة. أنتم تأكلون وتشربون من كلام الله الحالي يوميًا، وتَحضِرُون عشاء عُرس الخروف، وقد أَرسيتم أساسًا على الطريق الحق. أنتم تبذلون أنفسكم بصدق من أجل الله ونلتم استحسانه. والآن، ماذا لديكم من معرفة بمفهوم الإيمان بالله ومن تقدير له؟ كيف يختلفان عن فهمكم للإيمان بالله من خلال الدين؟ في الوقت الحالي، هل تفهمون حقًّا معنى الإيمان بالدين والإيمان بالله فعليًا؟ هل يوجد فرقٌ بين الإيمان بالدين والإيمان بالله؟ أين يكمن الاختلاف؟ هل توصلتم إلى إجابات هذه الأسئلة؟ ما نوعية الشخص المؤمن بالدين في العادة؟ وما هي نقطة تركيزه؟ كيف ينبغي تعريف الإيمان بالدين؟ الإيمان بالدين هو اعتراف بوجود إله، والمؤمنون بالدين يَجْرُون تغييرات مُعيَّنة في سلوكهم: لا يضربون الناس ولا يشتمونهم، ولا يفعلون سيِّئات تضرّ بالناس، ولا يرتكبون مختلف الجرائم أو يخالفون الناموس. وفي أيَّام الأحد يذهبون إلى الكنيسة. هؤلاء مؤمنون بالدين. هذا يعني أن حسن التصرُّف والذهاب غالبًا للاجتماع هما دليل على أن شخصًا ما يؤمن بالدين. عندما يؤمن شخصٌ ما بالدين، فإنه يعترف بوجود إله ويعتقد أن الإيمان بالله معناه أن يكون إنسانًا صالحًا. فما دام لا يخطئ ولا يرتكب سيئات فسيتمكن من الذهاب إلى السماء عند موته، وسوف تكون آخرته صالحة، فإيمانه يمنحه القوت على المستوى الروحيّ. وهكذا، يمكن أيضًا تعريف الإيمان بالدين على النحو التالي: الإيمان بالدين هو الاعتراف في قلب المرء بوجود إله، والإيمان بأنه يمكن أن يذهب إلى السماء بعد موته، وأن يكون في قلبه سند روحي، وأن يتغير قليلًا في سلوكيَّاته وأن يكون شخصًا صالحًا. هذا كل ما في الأمر. ولكن ما إذا كان الإله الذي يؤمنون به موجودًا، وما إذا كان قادرًا على التعبير عن الحق، وما الذي يطلبه منهم، فليس لديهم أدنى فكرة. إنهم يستنتجون هذا كلّه ويتخيَّلونه بناءً على تعاليم الكتاب المُقدَّس. هذا هو الإيمان بالدين. الإيمان بالدين هو في المقام الأوَّل السعي وراء التغييرات السلوكيَّة والقوت الروحيّ. لكن الطريق الذي يسلكه مثل هؤلاء الناس – أي طريق السعي وراء البركات – لم يتغيَّر. لم تتغير وجهات نظرهم ومفاهيمهم وتصوُّراتهم الخاطئة عن الإيمان بالله. يستند أساس وجودهم والأهداف والاتّجاه الذي يسلكونه في حياتهم إلى أفكار وآراء الثقافة التقليديَّة ولم يتغيَّر على الإطلاق. هذه هي حالة كلّ من يؤمن بالدين. ما هو الإيمان بالله إذًا؟ ما تعريف الله للإيمان بالله؟ (الإيمان بسيادة الله). إنه الإيمان بوجود الله وسيادته – وهما أهم الأمور الأساسية. الإيمان بالله هو الاستماع إلى كلام الله، وأن يكون وجودك وعيشك وأداؤك للواجب، ومشاركتك في جميع أنشطة الإنسانية الطبيعية بموجب ما يتطلبه كلام الله. والمعنى الضمنيّ هو أن الإيمان بالله هو اتّباع الله، وعمل ما يطلبه الله، والعيش كما يطلب؛ فالإيمان بالله هو اتّباع طريق الله. ألا تختلف أهداف واتّجاه حياة الناس الذين يؤمنون بالله اختلافًا تامًّا عن تلك الخاصة بالناس الذين يؤمنون بالدين؟ ما الذي ينطوي عليه الإيمان بالله؟ إنه ينطوي على ما إذا كان الناس قادرين أم لا على الاستماع إلى كلام الله، وقبول الحق، والتخلص من الشخصيات الفاسدة، والتخلي عن كل شيء لاتباع الله، والإخلاص في واجباتهم. هذه الأشياء لها علاقة مباشرة بإمكانية خلاصهم من عدمه. أنتم تعرفون الآن تعريف الإيمان بالله، فكيف ينبغي إذن أن يُمارس الإيمان بالله؟ ماذا يتطلب الله ممن يؤمنون به؟ (أن يكونوا أناسًا صادقين، وأن يسعوا إلى الحق، وأن تتحوّل شخصياتهم ويعرفوا الله). ما هي متطلبات الله الخاصة بسلوك الناس الظاهري؟ (إنه يتطلب أن يكون الناس ورعين، وألّا يكونوا فاسدين، وأن يعيشوا الإنسانية الطبيعية). يجب أن يتمتع الناس بسلوك القديسين الأساسي، وأن يعيشوا إنسانية طبيعية. ماذا يجب أن يمتلك المرء إذن لكي تكون لديه إنسانية طبيعية؟ هذا يتعلق بالعديد من الحقائق التي يجب على المرء أن يمارسها كمؤمن. لا تكون لدى المرء إنسانية طبيعية إلّا إذا امتلك كل وقائع الحق هذه. هل يكون الشخص الذي لا يمارس الحق مؤمنًا بالله؟ ما عواقب عدم ممارسة الحق؟ كيف ينبغي تحديدًا أن يؤمن الناس بالله من أجل تحقيق الخلاص والخضوع لله وعبادته؟ تتعلق كل هذه الأشياء بممارسة كلام الله وممارسة العديد من الحقائق. لذلك يجب على المرء أن يؤمن بالله وفقًا لكلام الله ومتطلباته، وأن يمارس وفقًا لمتطلباته؛ وهذا وحده هو الإيمان الحقيقي بالله. هذا هو جوهر الموضوع. ممارسة الحقّ واتّباع كلام الله والعيش حسب كلام الله: هذا هو الطريق الصحيح للحياة البشريَّة؛ فالإيمان بالله يرتبط بمسار الحياة البشريَّة. والإيمان بالله يرتبط بالعديد من الحقائق، وينبغي أن يفهم أتباع الله هذه الحقائق. فكيف كان بإمكانهم أن يتبعوا الله إذا كانوا لم يفهموا الحق أو يقبلوه؟ الناس الذين يؤمنون بالدين لا يفعلون ما هو أكثر من الاعتراف بوجود إله والثقة بوجود إله، لكنهم لا يفهمون هذه الحقائق ولا يقبلونها؛ وبالتالي فإن الناس الذين يؤمنون بالدين ليسوا أتباعًا لله. لتؤمن بالدين، لا بأس أن تتصرف فحسب بشكل جيد ظاهريًا، وأن تكون مقيدًا وملتزمًا باللوائح، وأن يكون لديك قوت روحي. إن تصرّف المرء بشكل جيد ولديه سند وقوت لروحه، فهل يتغير مساره في الحياة؟ (لا). يقول بعض الناس إن الإيمان بالدين والإيمان بالله هما الشيء نفسه. هل يتبع هؤلاء الناس الله إذن؟ هل يؤمنون بالله وفقًا لمتطلباته؟ هل قبلوا الحق؟ إذا لم يفعل المرء أيًّا من هذه الأمور، فهو ليس مؤمنًا بالله أو تابعًا له. إن أوضح طريقة يتجلّى بها الإيمان بالدين لدى المرء هي عدم قبول عمل الله الحالي والحق الذي يعبر عنه. هذه هي السمة التي تميز المؤمنين بالدين؛ فهم ليسوا من أتباع الله على الإطلاق. ليس الإيمان بالدين سوى سعي وراء التغيير السلوكي والقوت الروحي؛ وهو لا ينطوي على أي حق. لذلك لن يتغير المؤمنون بالدين في شخصيتهم الحياتية، ولن يمارسوا الحق أو يكونوا قادرين على الاستماع إلى كلام الله والخضوع له. هذا يحدد أنه لن يكون لديهم معرفة حقيقية بالله كذلك. عندما يؤمن شخص ما بالدين، فمهما كان سلوكه جيدًا، ومهما كان اعترافه بالله راسخًا، ومهما كانت نظريته عن الإيمان به سامية، فهو ليس من أتباع الله. من يتبع إذن؟ لا يزال يتبع الشيطان. ما أساس ما يعيشه ويسعى إليه ويتوق له ويمارسه؟ علام يعتمد وجوده؟ بالتأكيد ليس كلام الله أو الحق. إنه يستمر في العيش بشخصية الشيطان الفاسدة، متصرفًا وفقًا لمنطق الشيطان وفلسفته. كل ما يقوله أكاذيب، بدون حتى القليل من الحق. لم تخضع شخصيته الشيطانية لأي تغيير، ولا يزال يتبع الشيطان. نظرته إلى الحياة والقيم وطريقة التعامل مع العالم ومبادئ السلوك كلها إظهارات لطبيعة الشيطان. لم يتغير سوى سلوكهم الخارجي قليلًا، لكن مسار حياتهم وطريقة معيشتهم ووجهة نظرهم حول الأشياء لم تتغير على الإطلاق. إذا كان شخص ما مؤمنًا حقيقيًا بالله، فما الذي قد يتغير فيه على مدار بضع سنوات؟ (ستتغير نظرته إلى الحياة والقيم). سيتغير أساس وجود ذلك الشخص ذاته. إذا تغيّر أساس وجوده، فماذا سيكون أساس حياته؟ (ستستند حياته على كلام الله والحق). إذن، هل تعيشون الآن كل يوم وفقًا لكلام الله في أحاديثكم وأفعالكم؟ أنت لم تعد تكذب على سبيل المثال، فما السبب؟ ما أساس ذلك لديك؟ (مطلب الله بأن يكون المرء صادقًا). عندما تكف عن الكذب والانخراط في الخداع، فهذا يعتمد على كلام الله، ومطلب أن تكون شخصا صادقًا، والحق. أوليس المسار الذي تسلكه في الحياة إذن مسارًا مختلفًا؟

الآن باختصار: ما هو الإيمان بالدين؟ ما هو الإيمان بالله؟ ما الاختلافات الرئيسية بين الاثنين؟ الإيمان بالدين هو أن يكون لديك قناعة بدين ما، وأن تتبع لوائحه، وأن تتبع أناسًا آخرين والشيطان، وأن تعيش تحت سطوة الشيطان. إن الإيمان بالله يعني قبول كلامه، وقبول الحق، والخضوع لعمله، وأداء المرء لواجبه وفقًا لمبادئ الحق. هذا ما يعنيه اتباع الله. هذه هي الاختلافات الرئيسية بين الإيمان بالدين والإيمان بالله. أثناء قيامكم بواجباتكم في بيت الله، يقبل البعض منكم الحق ويتغيرون قليلًا، بينما لا يقبل الآخرون الحق ولا يتغيرون. وبالتالي، هل يمكنكم التمييز بين هذين النوعين من الناس: الذين يؤمنون بالدين والذين يؤمنون بالله؟ الأساس هو النظر فيما إذا كان الشخص يسعى إلى الحق وأي مسار يختاره للسير فيه. إذا اتّبعت السلوك الحسن والقوت الروحي والالتزام باللوائح، وإذا كنت تستهدف تحقيق مكاسب شخصية في سعيك بدون السعي إلى الحق على الإطلاق، بل إلى المظهر الخارجي لشخص صالح يمتلك بعض السلوك الجيد فحسب، ولكن ليس إلى واقع الحق – إلى أي مدى يمكن لشخص مثلك أن يكون صالحًا في الواقع؟ لم تتغير الشخصية الفاسدة لمثل هذا الشخص وجوهر طبيعته على الإطلاق. قد يتحدث بلطف، لكنه عندما يواجه التجارب لا يمكنه الصمود. بل ربما يتذمر من الله ويخونه. هؤلاء هم المؤمنون بالدين. أما من لديهم إيمان بالله فيمكنهم قبول كل الحقائق التي يعبر عنها. يمكنهم التفكر ومعرفة أنفسهم وفقًا للحق، والتوبة بصدق، وممارسة الحق في النهاية، والخضوع لله، والعيش بحسب كلام الله. عندما تواجههم التجارب والمحن، يمكنهم الصمود وإعطاء شهادة رائعة واتباع الله بإخلاص حتى النهاية. هؤلاء هم المؤمنون الحقيقيون بالله. هذا هو الفرق بين أولئك الذين يؤمنون بالدين وأولئك الذين يؤمنون بالله.

هل من بينكم من يؤمنون في قلوبهم فقط بإله مبهم في السماء، ورغم ذلك يكون لديهم دائمًا مفاهيم عن الله المتجسد؟ إذا كان هناك حقًا مثل هؤلاء الناس، فهم مؤمنون بالدين. لا يعترف المؤمنون بالدين في قلوبهم بالله المتجسد، وحتى لو فعلوا ذلك، تكون لديهم دائمًا مفاهيم عنه ولا يستطيعون الخضوع أبدًا. أليس كذلك؟ بالمعنى الدقيق للكلمة، أمثال هؤلاء الناس ليسوا مؤمنين بالله. على الرغم من أنهم قد يدّعون أنهم يؤمنون بالله، فهم في الواقع لا يختلفون كثيرًا عن المؤمنين بالدين. ففي قلوبهم لا يؤمنون إلّا بإله مبهم؛ ويلتزمون بالمفاهيم واللوائح الدينية. ولذلك، فإن ما يفعله أي شخص لا يسعى إلى الحق، ولا يركز إلّا على السلوك الجيد والالتزام باللوائح، ولا يمارس الحق، ولا تتغير شخصيته على الإطلاق، إنما هو الإيمان بالدين. بأي شيء يتميز أولئك الذين يؤمنون بالدين؟ (يركزون فقط على الممارسات الخارجية وحسن السلوك الظاهري). ما المبادئ والأساس لأفعالهم؟ (الفلسفات الشيطانية للمعاملات الدنيوية). أي فلسفات شيطانية للمعاملات الدنيوية وشخصيات شيطانية فاسدة هناك؟ الاعوجاج والخداع؛ وأن تتصرف بحسب قوانينك الخاصة، والغطرسة والغرور، وامتلاك الكلمة الأخيرة في كل شيء، وعدم البحث أبدًا عن الحق أو عقد شركة مع الإخوة والأخوات، وعند اتخاذ إجراء، التفكير دائمًا في مصالح المرء الخاصة، وكبريائه، ومكانته؛ تُعد كل هذه تصرفات على أساس شخصية شيطانية. إنها اتباع للشيطان. إذا كان المرء يؤمن بالله ولكن لا يراعي كلامه، أو يقبل الحق، أو يخضع لترتيباته وتنظيماته؛ وإذا أظهر فقط بعض السلوكيات الجيدة، ولكنه لم يكن قادرًا على التمرد على الجسد، أو التخلي عن أي شيء من كبريائه أو اهتماماته؛ ومع أنه يؤدي واجبه ظاهريًا، فهو ما زال يعيش وفقًا لشخصياته الشيطانية، ولم يتخل بأي شكل عن فلسفاته وأنماط معيشته الشيطانية أو يغيرها، فكيف يمكنه إذًا أن يؤمن بالله؟ هذا إيمان بالدين. هؤلاء الناس يتخلون عن الأشياء ويبذلون أنفسهم بشكل سطحي، لكن بالنظر إلى الطريق الذي يسلكونه ومصدر كل شيء يفعلونه ونقطة انطلاقه فهم لا يؤسسون هذه الأمور على كلام الله أو الحق؛ بل يستمرون في التصرف وفقًا لمفاهيمهم وتخيلاتهم وافتراضاتهم الذاتية، وطموحاتهم ورغباتهم. ولا تزال فلسفات الشيطان وشخصياته تعمل كأساس لوجودهم وأفعالهم. إنهم لا يطلبون الحق في الأمور التي لا يفهمونه فيها، والأمور التي يفهمون الحق فيها لا يمارسونها، أو يبجلون الله بوصفه عظيمًا، أو يقدِّرون الحق. على الرغم من أنهم يؤمنون بالله اسميًا ولفظيًا ويعترفون به، وعلى الرغم من أنهم قد يبدون قادرين على أداء واجب واتباع الله، فهم يعيشون بشخصيتهم الشيطانية في كل ما يقولونه ويفعلونه. كل ما يقولونه ويفعلونه هو إظهارات للشخصية الفاسدة. لن تراهم يمارسون كلام الله أو يختبرونه، فضلًا عن إظهار سعيهم وخضوعهم للحق في كل شيء. في أفعالهم يفكرون في مصالحهم الشخصية أولًا ويشبعون رغباتهم ومقاصدهم أولاً. هل هؤلاء ناس يتبعون الله؟ (كلا). وهل يمكن للأشخاص الذين لا يتبعون الله إحداث تغيير في شخصياتهم؟ (كلا). وإذا لم يتمكنوا من إحداث تغيير شخصياتهم، أفلا يكونون مثيرين للشفقة؟ لقد سمعوا كلام الله وفهموه، ولكن عندما يفعلون الأمور تكون رغباتهم قوية للغاية ولا يقدرون على الممارسة وفقًا لكلام الله أو وفقًا للحق، فضلًا عن المبادئ. وبعد عدة سنوات من الإيمان بالله، يبدون أسهل انقيادًا وأفضل أخلاقًا. لديهم الكثير من السلوكيات الجيدة، وتبدو حياتهم الروحية طبيعية تمامًا. لا توجد أي مشكلة كبيرة في كيفية تفاعلهم مع الآخرين، ويؤدون بعض الواجبات، مع بعض التأثير – لكن لديهم مشكلة واحدة، وهي الأخطر على الإطلاق. أين تكمن هذه المشكلة؟ في أذهانهم. مهما طالت سنوات إيمانهم، فهم لم يقيموا علاقة طبيعية مع الله، ومهما فعلوا أو حدث لهم، فإن أول شيء يفكرون فيه هو: "ماذا أريد أن أفعل؛ ما الذي سيكون في مصلحتي وما الذي لن يكون في مصلحتي؛ ماذا يمكن أن يحدث إذا فعلت كذا وكذا" هذه هي الأمور التي يفكرون فيها أولًا. إنهم لا يعطون أي اعتبار على الإطلاق لنوع الممارسة التي تمجّد الله وتشهد له، أو ترضي مقاصد الله، ولا يصلون لطلب معرفة ما هي متطلبات الله وماذا يقول كلامه. إنهم لا يهتمون أبدًا بمقاصد الله أو متطلباته، وكيف يجب أن يمارس الناس من أجل إرضاء الله. على الرغم من أنهم قد يصلّون أحيانًا أمام الله ويقدمون شركة معه، فهم يتحدثون فقط مع أنفسهم، ولا يطلبون الصدق بحق. عندما يصلّون إلى الله ويقرؤون كلامه، فإنهم لا يربطونه بالأمور التي يواجهونها في الحياة الواقعية. ومن ثم، في البيئة التي رتبها الله، كيف يعاملون سيادته وترتيباته وتنظيماته؟ وعندما تواجههم أشياء لا ترضي رغباتهم، يتجنبونها ويقاومونها في قلوبهم. عندما يواجهون أشياء تسبب خسارة لمصالحهم أو تمنع تلبيتها، فإنهم يحاولون بكل الوسائل البحث عن مخرج والسعي لتحقيق أقصى قدر من الفوائد لأنفسهم والكفاح لتجنب أي خسائر. إنهم لا يسعون إلى إرضاء مقاصد الله، بل مجرد رغباتهم الخاصة. هل هذا إيمان بالله؟ هل لهؤلاء الناس علاقة مع الله؟ لا، ليست لديهم. إنهم يعيشون بطريقة حقيرة ودنيئة ومتعنتة وقبيحة. لا يقتصر الأمر على عدم وجود علاقة لهم مع الله، بل يعارضون أيضا سيادة الله وترتيباته في كل مناسبة. وغالبًا ما يقولون: "ليسود الله على كل شيء في حياتي ويحكمه. أنا على استعداد لترك الله يعتلي العرش ويملك ويحكم في قلبي. أنا على استعداد للخضوع لترتيبات الله وتنظيماته". ومع ذلك، عندما تضر الأشياء التي يواجهونها بمصالحهم الخاصة، لا يمكنهم الخضوع. وبدلًا من البحث عن الحق في بيئة رتبها الله، يسعون إلى التحول عن تلك البيئة والهروب منها. إنهم لا يريدون الخضوع لترتيبات الله وتنظيماته، بل أن يفعلوا الأشياء وفقا لإرادتهم، ما دامت مصالحهم لا تتعرض للضرر. إنهم يتجاهلون مقاصد الله تمامًا، ولا يهتمون إلّا بمصالحهم وظروفهم ومزاجهم ومشاعرهم. هل هذا هو الإيمان بالله؟ (لا). ماذا يمثل لهم الله في قلوبهم؟ أليس أسطورة من نوع ما؟ أليس هو نوعًا من القوت الروحي؟ الله دخيل وغريب بالنسبة إليهم. عندما يكون كل شيء على ما يرام، فإن الله هو صاحب السيادة، وهو كل شيء لديهم. ولكن إذا كان ما يفعله الله لا يعود عليهم بربح، أو كان يضر بمصالحهم أو بكرامتهم، ويتسبب في أن يتم تهذيبهم أو تعريضهم للتجارب والمعاناة، فكيف سيستجيبون؟ سيهربون ويقاومون ويرفضون وحتى يتذمرون. قد لا يقول بعض الناس ذلك بصوت عال، لكنهم يشعرون بالألم وعدم الراحة والسلبية في قلوبهم. ماذا يعني أن تكون سلبيًا؟ إنه يعني أنهم لا يقبلون الحق في قلوبهم وهم دائمًا مقاومون لله ومتمردون عليه. بعض الناس لا يقبلون التجارب والتنقية، معتقدين أنه ليس من حق الله أن يفعل مثل هذه الأمور. عند مواجهة أي من مشقات الاعتقال والاضطهاد على يد التنين العظيم الأحمر، يشتكي بعض الناس في قرارة أنفسهم من أن الله غير عادل معهم. ما رأيك في هذه العقلية؟ إذا كان بإمكانهم التعبير بصراحة عن تذمرهم من الله عندما يجعلهم ما يفعله يتألمون، فهل يمكن أن يظل الإلهَ الذي يؤمنون به؟ إذا لم يتمكنوا من الخضوع، فهو عندئذ ليس إلههم، ومن ثم يجرؤون على مقاومته. إنهم يتمنون أن لو كان هناك إله آخر غير الله، ويفكرون: "لو أن الله يحقق ما أفكر فيه وأفعله، وفقًا لتفضيلاتي بالضبط؛ عندها فقط سيكون هو الله، وسيكون ذلك ترتيبه وتنظيمه. ما لم يتماش الله مع إرادتي، وتصرف دائمًا بما يتعارض مع رغبتي وتصوراتي، فلا يمكنني الخضوع له، وهو ليس إلهي. إن كان هو الله، فعليه أن يرضي الناس. وبما أن الناس هم قرة عين الله، فيجب على الله أن يفعل كل شيء لحمايتهم وإعزازهم. كيف أمكنه السماح لهم بمعاناة الشدائد والتجارب والنكسات؟" أليس هذا هو موقف معظم الناس تجاه الله في قلوبهم؟ هذا هو الحال بالفعل. معظم الناس عندما لا يعانون من مشكلات، وعندما يسير كل شيء بسلاسة معهم، يشعرون أن الله قوي وبار وجميل. وعندما يمتحنهم الله ويهذبهم ويؤنبهم ويؤدبهم، وعندما يطلب منهم تنحية مصالحهم الخاصة جانبًا وتمردهم على الجسد، وممارسة الحق، وعندما يعمل الله فيهم، وينظم مصائرهم وحياتهم ويسود عليها، يظهر تمردهم ويحدث شقاق بينهم وبين الله، مما يخلق بينهم وبينه صراعًا وهوّة. في مثل هذه الأوقات، يشعرون في قلوبهم بأن الله ليس جميلًا بأي حال؛ وأنه ليس قويًا على الإطلاق؛ لأن ما يفعله لا يحقق رغباتهم. الله يحزنهم ويجعلهم مستائين ويجلب لهم الألم والمعاناة، ولا يجعلهم يشعرون بالراحة. ولذلك لا يخضعون لله على الإطلاق، بل يتمردون عليه ويُعرضون عنه. هل يمارسون الحق عندما يفعلون ذلك؟ هل يتبعون طريق الله؟ هل يتبعون الله؟ لا. مهما كان عدد مفاهيمك وتصوراتك حول عمل الله، ومهما كانت الطريقة التي تصرفت بها سابقًا وفقًا لإرادتك الخاصة وتمردت على الله، إن كنت تسعى حقًا إلى الحق، وتقبل دينونة كلام الله وتوبيخه، وتهذيب كلامه لك، وإذا كنت قادرًا في كل ما يرتبه الله على اتباع طريقه، والاستماع إلى كلامه، وتعلم استيعاب مقاصده، والممارسة وفقًا لكلامه ورغباته، وكنت قادرًا على الخضوع من خلال الطلب؛ وإذا استطعت التخلي عن إرادتك ورغباتك واعتباراتك ونواياك بالكامل، وألّا تكون في مواجهة مع الله، فأنت تتبع الله. ربما تقول إنك تتبع الله، ولكن إذا كنت تفعل كل شيء وفقًا لإرادتك وأهدافك وخططك دون أن تترك الأمر لله، فهل سيظل الله عندئذ إلهك؟ لا، إنه ليس كذلك. إن لم يكن الله إلهك، فإنك عندما تقول إنك تتبع الله، ألن تكون هذه كلمات فارغة؟ أليست هذه الكلمات محاولة لخداع الناس؟ لعلك تقول إنك تتبع الله، ولكن إن كانت كل أفعالك وأعمالك، ونظرتك إلى الحياة وقيمك، والموقف والمبادئ التي تنتهجها وتتعامل بها مع الأمور كلها، تأتي من الشيطان، وإذا كنت تتعامل مع كل هذا بالكامل وفقًا لقوانين الشيطان ومنطقه، فهل تكون تابعًا لله إذن؟ (لا). كما ترى، عندما أبلغ الرب يسوع تلاميذه أنه سيعاني الكثير من الضيقات ويُقتل ويقوم في اليوم الثالث، قال بطرس للرب يسوع: "حَاشَاكَ يَارَبُّ! لَا يَكُونُ لَكَ هَذَا!" (متى 16: 22). كيف أجاب الرب يسوع بطرس؟ ("ٱذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ!" (متى 16: 23).) ماذا كان تعريف الرب يسوع لما فعله بطرس في ذلك الوقت؟ (عمل الشيطان). لماذا قال إن هذا كان عمل الشيطان؟ هل بطرس شيطان؟ لم يفهم بطرس أهمية أفعال الرب يسوع، ولم يدرك هويته؛ لذلك، أصبح لسان حال الشيطان، متحدثًا بالنيابة عنه، ساعيًا لمنع الرب يسوع من اتباع مشيئة الله. من منظور الله، أصبح بطرس لسان حال الشيطان. إذا بدا شخص ظاهريًا فقط بأنه قد تخلى عن كل شيء وأدى واجبه، باديًا أنه يتبع الله، لكن كل أفكاره وأعماله تتفق مع منطق الشيطان وفلسفته، فهل يكون حقًا من أتباع الله؟ (لا). إنه ليس كذلك؛ لأنه يتمرد باستمرار على الله ولا يمارس الحق ولا يخضع لله. لماذا يؤمن بالله إذن؟ ما الذي يرغب حقًا في ربحه؟ هذا ينافي العقل. هل هو مؤمن حقيقي بالله؟ لا. لصياغة الأمر بشكل ألطف قليلاً، هو مؤمن بالدين. قد يدّعي أنه يؤمن بالله، لكن الله لا يعترف به. سيعتبره الله شريرًا، ولن يخلص مثل هؤلاء الأشخاص.

من بين هذه الإنسانية الشريرة والفاسدة، أولئك المؤمنون بالدين هم أناس يعترفون بوجود الله، ويرغبون في أن يكونوا أشخاصًا صالحين، وأن يكون لديهم سلوك حسن، وأن يتجنبوا فعل الأشياء السيئة. إنهم يخشون العقاب إذا تورطوا في الكثير من الإساءات، وأن يذهبوا إلى الجحيم، ويُعاقبوا ويُحكم عليهم بالهلاك إلى الأبد. إنهم يعتقدون أن كونك شخصًا صالحًا يجلب لك السلام، كما يقول المثل بين غير المؤمنين: "الأخيار ينعمون بحياة السلام". وبسبب تأثرهم بمثل هذا التفكير وسيطرة هذه التيارات الفكرية عليهم، يعتبرون إيمانهم بالدين أمرًا جيدًا، ويعتقدون أنهم أفضل من أولئك الذين لا يؤمنون والذين ليس لديهم حتى القوت الروحي، فضلًا عن القيود. من لا يؤمنون يفعلون أي شيء يحلو لهم، وهم قادرون على ارتكاب كل عمل شرير من أجل تحقيق أهدافهم. هؤلاء الناس ليس لديهم غاية للحديث عنها، وستكون آخرتهم بعد الموت هي الجحيم. أولئك الذين يؤمنون بالدين يفكرون أيضًا: "لا يؤمن غير المؤمنين بدورة الحياة والموت أو بأن هناك عقابًا على فعل الشر؛ أي أن أولئك الذين يرتكبون الشر سيذهبون إلى الجحيم ويُعاقبون. إنهم لا يؤمنون بأن الله هو صاحب السيادة على كل شيء. ولكننا نحن الذين نؤمن بالدين مُباركون من الله، وسننال الحياة الأبدية بعد الموت". إنهم يعتبرون أنفسهم نبلاء، ويفصلهم عن غيرهم من البشر أنهم شعب مقدس. وعلى الرغم من أن سلوكياتهم وأنماط تفكيرهم قد تخضع لبعض التغييرات، فهم ببساطة لا يقبلون الحق. هذا ما يعنيه الإيمان بالدين. كيف يمكن للمرء الانتقال من الإيمان بالدين إلى الإيمان بالله؟ هذه ليست مسألة بسيطة. أولئك الذين أمنوا بالله لتوّهم فحسب لا يفهمون الحقائق. إنهم لا يعرفون سوى أن الإيمان بالدين أمر جيد، وأنه يعني أن تكون شخصًا صالحًا. لا يمكنهم التمييز على الإطلاق بين الإيمان بالدين والإيمان بالله. لذلك يتطلب الانتقال من الإيمان بالدين إلى الإيمان بالله المرور بمرحلة حتى يتم فهم بعض الحقائق، مما يسمح ببعض التمييز. إذا كنت بعد خمس أو ست سنوات من الإيمان بالله، أو حتى سبع أو ثماني سنوات، لا تزال تعيش وفقًا لشخصيتك الشيطانية، ولا تزال تتبع الشيطان، ولا تقبل الحق على الإطلاق، وتفشل في ممارسة حتى الحق الذي تفهمه بالفعل، وترفض عمل الله، وترفض قبول تهذيبه ودينونته وتوبيخه، وكذلك سيادته وترتيباته، فهذا يعني أن إيمانك بالله قد فقد المعنى والقيمة. الطريقة الأبسط لوصف الإيمان بالله هي الثقة بوجود إله، وعلى هذا الأساس، اتباع الله، والخضوع له، وقبول سيادته وتنظيماته وترتيباته، والاستماع إلى كلامه، والعيش وفقًا لكلامه، وعمل كل شيء بحسب كلامه، وأن يكون المرء كائنًا مخلوقًا صادقًا، وأن يتقي الله، ويحيد عن الشر. هذا وحده هو الإيمان الحقيقي بالله. وهذا هو معنى اتباع الله. إذا قلت إنك تتبع الله، ولكنك في قلبك لا تقبل كلام الله، ويظل موقفك تجاهه متشككًا، ولا تقبل سيادته وتنظيماته وترتيباته، ويكون لديك دائمًا مفاهيم وسوء فهم حول ما يفعله، وتتذمر منه، وتكون دائمًا غير راض؛ وإذا كنت دائمًا تقيس وتقارب ما يفعله بحسب مفاهيمك وتصوراتك، وإذا كان لديك دائمًا أفكارك وفُهومك، فهذا سيسبب المتاعب. هذا ليس اختبار عمل الله، وليس طريقة لاتباعه حقًا. هذا ليس الإيمان بالله.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.