معرفة شخصية المرء هي أساس تغييرها (الجزء الثاني)
كان بعض الناس على اتصال بي لفترة طويلة وهم أكثر دراية بي، وعلى الرغم من أنهم لا يعاملونني كصديق لهم أو كشخص مساو لهم، فهم لا يشعرون بأي تقييد على الإطلاق، وبمرور الوقت يصبحون أكثر جرأة، وتختفي الحدود في قلوبهم تدريجيًّا. إنهم يظنون دائمًا أنهم يفهمون كل شيء وكثيرًا ما يخبرونني بالأشياء التي يفهمونها، معتقدين أنَّ لا أحد غيرهم يفهم أي شيء. ما هذه الشخصية؟ (الغطرسة). هذه غطرسة. يمكن فَهم هذه الأشياء الظاهرية بلمحة واحدة، ومع ذلك يظن هؤلاء الأشخاص أنهم أذكياء للغاية، وهو أمر مقزز. إذا وصلت شخصية الشخص المتغطرسة إلى نقطة يفقِد فيها كل عقل، فقد يؤدي ذلك به إلى فعل الشر، وعندئذ تصبح شخصيته المتغطرسة شخصية خبيثة. إذا كان شخص ما ذكيًا، وكانت كلماته وأفعاله مليئة دائمًا بالمخططات، وإن كان شخصًا جبارًا، وعندما تكون معه، يريد دائمًا التحكُّم فيك والسيطرة عليك، فهل تشعر أن هذا الشخص طيب القلب أم خبيث؟ (خبيث). تخاف منه، وتفكر في نفسك: "هذا الشخص يريد دائمًا التحكُّم بي. لا بد لي من الابتعاد عنه بأسرع ما يمكن. إذا لم أفعل ما يقول، فسيفكِّر في طريقة ما للانتقام مني، ومن يدري أي الوسائل سيستخدم لمعاقبتي". يمكنك الشعور بأن شخصيته خبيثة، أليس كذلك؟ (بلى). كيف يمكنك الشعور بهذا؟ (إنه دائمًا ما يجعل الناس يفعلون الأشياء وفقًا لمطالبه وأفكاره). هل من الخطأ أن يطلب من الآخرين القيام بالأشياء بطريقة معينة؟ هل طلب الآخرون منك أن تفعل شيئًا هو بالضرورة خطأ؟ هل هذا المنطق صحيح؟ هل يتوافق هذا مع الحق؟ (لا يتوافق). هل تجعلك أساليبه أم شخصيته تشعر بعدم الارتياح؟ (شخصيته). هذا صحيح، إن شخصيته تجعلك تشعر بعدم الارتياح. إنها تجعلك تشعر أن هذه الشخصية تنبع من الشيطان، وأنها لا تتفق مع الحق، وأنها مزعِجة وتسيطر عليك وتطوِّعك. إنها لا تجعلك تشعر بعدم الارتياح فحسب، بل تجعلك تشعر بالخوف في قلبك، وتجعلك تظن أنك إذا لم تفعل ما يقوله، فهناك احتمال أن يتمكَّن من عقابك. إن شخصية هذا النوع من الأشخاص خبيثة جدًا! إنهم لا يقولون شيئًا اعتباطًا، بل يريدون السيطرة عليك. إنهم يطالبونك بمثل هذه المطالب القوية للقيام بالأشياء، ويطالبونك بتنفيذها بطريقة معينة، ويحتوي هذا على نوع معين من الشخصية. إنهم لا يطالبونك بفعل شيء ما فحسب، بل يريدون أيضًا التحكُّم فيك. إذا تحكموا فيك، فستصبح ألعوبتهم ودمية في يدهم. سيبتهجون إن أطعتهم طاعة تامة في كل ما تقوله وتفعله والكيفية التي تفعله بها. عندما تحس بهذه الشخصية، كيف تشعر في قلبك؟ (أشعر بالخوف). وعندما تشعر بالخوف، كيف تحدد شخصيتهم هذه؟ هل هي مسؤولة أم طيبة القلب أم خبيثة؟ ستشعر أنها خبيثة. عندما تدرك أن شخصية شخص ما خبيثة، هل تشعر بالسعادة، أم أنك تشعر بالازدراء والنفور والخوف؟ (الازدراء والنفور والخوف). تنشأ هذه المشاعر السيئة بداخلك. عندما تشعر بالازدراء والنفور والخوف، هل تشعر بالعتق والحرية، أم تشعر بأنك مقيَّد؟ (مقيَّد). من أين تنبع هذه الأنواع من الأحاسيس والمشاعر؟ إنها تنبع من الشيطان. وما المشاعر التي يستمتع الناس بها من الأشياء التي تأتي من الله؟ (العتق والحرية). أنْ يُعتق قلبك ويتحرر للغاية. حتى لو تم تهذيبك ولومك وتأديبك أو إدانتك وتوبيخك، فما تلك العاطفة والشعور؟ (هناك شعور بأنني مدين لله وبالندم في قلبي، والشعور بأنني فعلت شيئًا خطأ، وبعد ذلك أكون قادرًا على التوبة حقًا والتوجه في الاتجاه الصحيح. تتمتع روحي بمحبة الله وسلامه وفرحه رغم شعوري ببعض الألم في قلبي). النتيجة التي تحققت إيجابية، وهذا عمل الله. ما عواقب أفعال الشيطان؟ (إنها تجعل الناس في عبودية، ولا يمكنهم الانعتاق. إنهم يعانون في قلوبهم ولا يعرفون كيف يحررون أنفسهم). إنها تقيِّد الناس، وتغرس فيهم خوفًا غريبًا لا يمكن تفسيره، وتربُط قلوبهم وتقيدها. بمجرد أن يحاولوا التصرف، يُحكِم قيدهم، ويخيفهم أيما خوف. هذا عمل الشيطان، وهذا يأتي من الشيطان. أي شخصية يُكشف عنها عندما يتصرف الشيطان وأضداد المسيح بهذه الطريقة؟ إنها شخصية خبيثة.
يريد أصحاب الشخصية الخبيثة دائمًا السيطرة على الآخرين. ما معنى السيطرة على الناس؟ هل هو مجرد نهيك عن قول كلمات معينة؟ هل هو مجرد نهيك عن التفكير بطريقة معينة؟ بالتأكيد لا. إنها ليست مشكلة كلمة أو فكرة، المشكلة أن شخصيتهم خبيثة. بناءً على كلمة "خبيثة" ما الأشياء التي قد يفعلها الشخص عندما يكشف عن هذه الشخصية؟ بادئ ذي بدء، سيرغب في التلاعب بالناس. ما معنى التلاعب؟ معناه أنه سيرغب في التدخل في أي شيء يحدث في الكنيسة والتوسط فيه واتخاذ التدابير. وسيضع لك قاعدة وسيكون عليك حينئذ الالتزام بها، وسيغضب إن لم تفعل. إنه يريد التلاعب بك: إذا قال لك أن تذهب شرقًا، فعليك بالذهاب شرقًا، وإذا قال لك أن تذهب غربًا، فعليك بالذهاب غربًا. لديه هذه الرغبة، ثم يتصرف بهذه الطريقة، وهذا ما يسمى بالتلاعب. يريد هؤلاء الأشخاص أن يتحكموا في مصير الشخص، أن يتحكموا في حياة الشخص وذهنه وسلوكه وتفضيلاته ويسيطروا عليها، بحيث يتوافق عقل هذا الشخص وأفكاره وتفضيلاته ورغباته مع ما يقولونه وما يريدونه، بدلًا من أن تتوافق مع ما يقوله الله، وهذا ما يسمى بالتلاعب. إنهم يريدون دائمًا الترتيب لأن يقوم الناس بهذا أو ذاك وفقًا لإرادتهم، وهم لا يتصرفون بناء على المبادئ، ولكن بناء على مقاصدهم وتفضيلاتهم. إنهم لا يهتمون بما تشعر به، فهم يأمرونك بالقوة، وعليك أن تفعل ما يملونه عليك؛ وإن لم تتصرف وفقًا لإرادتهم، فسيتعاملون معك ويجعلونك تشعر أنه ليس لديك خيار حقًا وأنه لا يمكنك عمل أي شيء. أنت تعرف في قلبك أنك يجري خداعك والسيطرة عليك، ولكنك لا زلت لا تعرف كيفية تمييز ذلك، فضلًا عن أن تجرؤ على المقاومة. أليست أفعالهم من سلوك الشيطان؟ (بلى). هذا هو سلوك الشيطان. يخدَع الشيطان الناس بهذه الطريقة ويتحكَّم في الناس بهذه الطريقة، لذلك تتجلى الشخصية الشيطانية في الناس في صورة المحاولة الدائمة للسيطرة على الآخرين والتلاعب بهم. يملك كل الناس هذا النوع من الشخصية، بغض النظر عما إذا كان بإمكانهم تحقيق هذا الهدف المتمثل في السيطرة على الآخرين والتلاعب بهم أم لا. ما هذه الشخصية؟ (خبث). إنها خبث. لماذا يطلق عليها خبث؟ ما الإظهار الواضحة لهذه الشخصية؟ هل تحمل الشعور بالإكراه؟ (نعم). إنها تحمل الشعور بالإكراه، ما يعني أنه بغض النظر عما إذا كنت تسمع أم لا، ومهما كان شعورك، سواء كنت تستمتع به أو تفهمه، يطلبون قسرًا أن تستمع إليهم وأن تفعل ما يقولونه، دون أي نقاش، دون أن يعطوك الفرصة للتحدث، ودون أن يعطوك أي حرية – ألا يحمل هذه الطبقة من المعنى؟ (بلى). وهذا ما يسمى "الشراسة"، وهو أحد جوانب الخبث(أ). الجانب الآخر من الخبث هو "الشر"(ب)، إلام يشير "الشر"؟ يشير إلى الأشخاص الذين يَستخدمون أساليب التلقين والقمع القسري لتحقيق غاية السيطرة عليك وجعلك تستسلم لتلاعبهم، وبالتالي إرضاء أنفسهم. وهذا ما يسمى "الشر". يريد الشيطان في أفعاله أن يمنعك من امتلاك الإرادة الحرة، ومن تعلم التأمل والتمييز، ومن فَهم الحق حتى تنضج حياتك. لا يَسمح لك الشيطان بأن تفعل تلك الأشياء، وهو يريد السيطرة عليك. لا يَسمح لك الشيطان بطلب الحق وفهم مقاصد الله، ولا يجلبك أمام الله، بل يجلبك أمام نفسه ويجعلك تستمع إليه، كما لو كان هو الحق، وكل ما يقوله صحيح، وكما لو كان مَركَز كل شيء، لذلك عليك أن تستمع إليه ولا تحاول تحليل ما إذا كانت كلماته صحيحة أم خاطئة. تسمى شخصية التلاعب والسيطرة على سلوك الناس وعقولهم قسرًا وبعنف شخصية خبيثة. ألا ترون هذه المظاهر في كثير من الأحيان في حياتكم اليومية؟ (بلى). عندما تتواصلون معهم، هل تدركون أنه إظهار لشخصية خبيثة؟ (لم أكن أدرك ذلك من قبل، لكنني الآن أفهم). إذا فعل الآخرين بكم مثل هذه الأشياء وكشفوا عن مثل هذه الشخصية يمكنكم الشعور بها وتمييزها، ولكن إذا فعلتم أنتم أنفسكم مثل هذه الأشياء وكشفتم عن مثل هذه الشخصية، هل ستدركون أن هذه مشكلة؟ هل ستدركون أن "هذا النوع من الشخصيات خبيث! إنَّ التصرف بهذه الطريقة شديد الخطورة! إنَّ امتلاك الرغبة والطموح دائمًا للسيطرة على الناس، والتحكُّم في الناس بالقوة أمر خطأ، وهو مِن الشيطان، وهذه شخصية شيطانية. لا أستطيع أن أتصرف على هذا النحو، لا بد لي من البحث عن طريقة للتعامل مع الناس والتفاعل معهم بشكل يتوافق مع الحق"؟ هل ستصل إلى هذا الإدراك؟ (لا). إذا كنت غير قادر على إدراك هذا، وكنت كثيرًا ما تكشف عن هذه الشخصية، فماذا ستكون العواقب؟ هل تعلمون؟ (لن يرغب الإخوة والأخوات في قضاء الوقت معي، وسيرفضونني). هذه واحدة من العواقب. لا يمكن لشخص مثل هذا أن ينسجم مع الآخرين، وسينفر الناس منه بشدة. إنه مثل الطاعون؛ بمجرد وصوله يجب أن يغادر الجميع، ولماذا هذا؟ لا أحد يريده أن يسيطر عليه. يؤمِن الناس بالله وهم على استعداد لاتباع الله، وهم غير مستعدين لاتباع الشيطان، ومع ذلك فإن هذا النوع من الأشخاص يريد دائمًا السيطرة على الآخرين، فكيف لا يرفضه الناس؟ أولًا وقبل كل شيء، غالبًا ما سيرفضه الإخوة والأخوات وسيجعل الناس تبغضه. إذا لم يتمكن هذا الشخص من التوبة، فقد لا يتمكن حتى من أداء واجبه بشكل سليم، أو لفترة طويلة من الزمن، لأنه لا يستطيع العمل بانسجام مع الآخرين، لذلك يجب استبعاده. ما العواقب الأخرى إلى جانب ذلك؟ (إزعاج حياة الكنيسة). هذه عاقبة أخرى. سيصبح هذا الشخص مصدر أذى بين الإخوة والأخوات، وسيزعج حياة الكنيسة. ماذا سيخسر شخصيًا بسبب هذا؟ (لن يتمكن من النمو في الحياة). بالتأكيد لن يتمكن من النمو في الحياة، فماذا ستكون النتيجة النهائية؟ سيُعاقب ويُستبعد بالتأكيد. كيف سيتعامل الله مع الشخص المرفوض دائمًا من إخوته وأخواته، ولا ينمو أبدًا في الحياة، ويريد دائمًا السيطرة على الناس وجعلهم ينصاعون له، وأن يتخذ مكانة الله في قلوبهم، وفي النهاية يُعزل، ولا يزال لا يتوب ولا يتغير أبدًا؟ أخبرني، هل يخلِّص الله البشر أم غير البشر؟ (البشر). فكيف يعرِّف الله مثل هذا الشخص؟ (بصفته ليس بشرًا). يعرِّف الله مثل هذا الشخص بأنه ليس بشرًا، ولا يخلِّصه الله. ألم تتحدد عندئذ آخرته إذن؟ مثل هذا الشخص ليس لديه رجاء ولا قيمة في الحياة. إن تعريف الله بأنه ليس بشرًا لهو أمر مثير للشفقة للغاية!
يتطلب السعي إلى دخول الحياة فحص كلمات المرء وأفعاله وأفكاره وخواطره في جميع أمور الحياة اليومية، واستيعابه لحالته، ثم مقارنتها مقابل كلام الله وطلب الحق وتنفيذ القدر الذي يفهمه منه المرء. يحتاج المرء أيضًا في عملية الممارسة والاختبار إلى الفحص المستمرِّ لحالته، والبحث لمعرفة الحالات السلبية والأشياء الأخرى التي تبقى في قلبه وتعيقه عن ممارسة الحق، وبعد أن يستخرجها، يحتاج إلى الصلاة والتوسل إلى الله لعلاج هذه الحالات الشاذة؛ وهذا سيضمن قدرته على ممارسة الحقائق التي يفهمها. إن السبيل الوحيد لضمان إمكانية ممارسة المرء للحق هو علاج الحالات والمفاهيم والتصورات السلبية باستمرار. ستكون هناك صعوبات معينة مهما كان جانب الحق الذي يُمارس، وعندما تتغير البيئة والسياق ستظهر صعوبات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمفاهيم الناس وتصوراتهم ومقاصدهم المغشوشة المختلفة أن تمنعهم من ممارسة الحق، لذلك يجب عليهم في كثير من الأحيان الانفتاح والشركة مع أولئك الذين يفهمون الحق، وطلب سبيل للدخول في واقع الحق، وطلب مبادئ الحق، وذلك لضمان أن يتمكنوا من ممارسة الحق وفقًا لمبادئ الحق في بيئات وسياقات مختلفة، وفي كافة أنواع الأمور. لا يمكن أن يتحقق الدخول إلى واقع الحق سوى عن طريق طلب الدخول وممارسته بهذه الطريقة. إن لم يتأمل الناس في أنفسهم كثيرًا، فلن يتمكنوا من استيعاب حالاتهم، ولن يعرفوا أين تكمن الصعوبات في ممارسة الحق ومدى فداحة العوائق التي تعترضهم، لذلك لن يستطيعوا ضمان أن باستطاعتهم ممارسة الحق. لا يمكن سوى لأولئك الذين يعرفون أنفسهم ولديهم استيعاب لحالاتهم الخاصة الاتكال على الله والتطلع إليه، وممارسة الحق بسهولة. أولئك الذين لا يعرفون أنفسهم يتبعون على الدوام الأنظمة بناء على مفاهيمهم وتصوراتهم، لذا تكون العقبات التي يواجهونها عديدةً وصعوباتهم شديدة. في الواقع، تكمن الصعوبة الأكبر التي يواجهها الناس في شخصيتهم الفاسدة، يتبعها عدم فهم مبادئ الممارسة. وبمجرد حل هاتين المشكلتين، يصبح من السهل على الناس ممارسة الحق. لكي يصبح المرء شخصًا خاضعًا لله، وللدخول في واقع الحق، على المرء أولًا أن يعمل على ممارسة الحق؛ وإذا استطاع ممارسة جوانب عدَّة من الحق في الأمور المختلفة التي يواجهها كل يوم، سيكون قد دخل بالفعل في واقع الحق. إن تدرَّبت باستمرار على هذه الطريقة، وتأمَّلت ذاتك ووجدت سبيل الممارسة في كلمة الله، ستستطيع تدريجيًا علاج حالتك الفاسدة، وسيكون لديك سبيل لممارسة الحق والدخول فيه. في الوقت نفسه، ستنال استيعابًا أساسيًا لمبادئ ممارسة جميع جوانب الحق. عندما يكون لدى الشخص فهم حقيقي لهذه الحالات ولجميع جوانب الحق، يشعر قلبه بالرضا، ويزداد غنى؛ ولا يعد يبدو فاقد الحس أو غبيًا، أو فقيرًا أو مثيرًا للشفقة. يمكن لمعظم الناس في الوقت الحاضر التحدث قليلًا عن الأمور الظاهريَّة، ولكن عندما يُطلب منهم التعبير عن وجهات النظر الصحيحة حول مسائل الصواب والخطأ، والتحدث عن فهمهم لهذه الأمور وكذلك أساليبهم في التعامل معها وسبل الممارسة، فإن معظم الناس يفتقرون إلى فهم واضح وبداخلهم خواء تام. قد يقول بعض الناس: "أنت مخطئ، نحن لسنا خاويين تمامًا من الداخل. نعلم أن الله له السيادة على المطر، وأن الله يرتب للأشجار أن تتبرعم في الربيع، وأن قوانين الله المرسومة تحدد متى تبني الطيور أعشاشها، ولماذا تختلف الأزهار المتعددة وتأتي بألوان كثيرة، ولماذا أوراق الأشجار خضراء – هذه هي قوانين خلق الله لجميع الأشياء، وهي مرسومة من الله. نعلم أن علينا العيش وفقًا للقوانين التي رسمها الله، ونستيقظ في الصباح، وننام في الليل، ونتناول ثلاث وجبات في اليوم، ونعلم أيضًا أن هناك قوانين للميلاد والشيخوخة والمرض والموت للبشر، وأنه لا يمكن لأحد مخالفتها. علاوة على ذلك، نحن لا نتذمر من الله، بل نشكر الله على أننا قادرين على العيش اليوم، وسنشكر الله بالمثل إذا كنا سنموت غدًا. نحن لسنا فقراء أو فاقدي الحس أو أغبياء". هل مجرد فهم هذه التعاليم يماثل فهم الحق؟ هل هو الدخول إلى واقع الحق؟ (لا). إن فهم هذه الأشياء ليس سوى الخطوة الأولى، وهي أيضًا أشياء يجب أن يفهمها الناس، ولكن أكثر ما يحتاجون إلى فهمه هو كيف يجب أن يعيشوا، وما يجب أن يعيشوا بحسبه، وما الواجبات التي يجب عليهم تأديتها. إذا كنت لا تستطيع طلب الحق لعلاج شخصياتك الفاسدة، فلن يكون لك دخول إلى الحياة، ولن تربح الحق والحياة، أوليس هذا النوع من الإيمان بالله فارغًا؟ هذا يعني أنك خاوٍ تمامًا من الداخل. يقول آخرون: "كنت في الماضي صغير القامة ولم أكن أعرف أن كل ما يصيبني هو من ترتيب الله، ولم أكن أعرف كيف أنظر إلى هذه الأشياء أو أتعامل معها، وعندما حدثت هذه الأشياء، شعرت بالحيرة وتعاملت معها باستخدام الأساليب البشرية. الآن أفهم أن الأشياء التي تحدث كل يوم، مهما كانت صغيرة، كلها من ترتيب الله، وأن كل شيء مرسوم من الله، وسأقول: "يا الله، أشكرك على سيادتك، وأنا على استعداد لوضع مصيري بين يديك وتحت رحمة تنظيمك؛ أنا لا أريد أن أتمرد، بل أريد أن أسمع كلامك، وأنا بالتأكيد سأقوم بواجبي جيدًا وأكرس ولائي وكل جهدي له!" أنا أفهم كل هذا، فكيف يمكن أن أظل فقيرًا ومثيرًا للشفقة؟" في الواقع، هم فقراء ومثيرون للشفقة. لماذا أقول هذا؟ (لأنهم يفتقرون إلى المعرفة بشخصيتهم الشيطانية وجوهر طبيعتهم؛ ويمكنهم التحدث عن العديد من التعاليم الروحية، ولكن عندما يحدث شيء ما، فإنهم ما زالوا يعيشون بحسب شخصيتهم الشيطانية، وبعد سنوات من الإيمان بالله، لم تتغير شخصيتهم الحياتية على الإطلاق). ما يفهمونه هو مجرد عباءة روحية زائفة يرتدونها؛ إذ يبدون أنَّ لديهم شبه المؤمن بالله وتهذيب القديس، ويبدون كأنهم أتقنوا بعض النظريات اللاهوتية العميقة والروحية، ولكن ما يفهمونه ليس الحق، بل مجرد نوع من النظرية اللاهوتية، لا يمكنها أن تغيّر اتجاه حياة الشخص، أو وجهات نظر الشخص حول الأشياء أو مبادئ التعاملات الدنيوية، فضلًا عن إمكانها تغيير شخصية المرء الفاسدة. لا يمكن على الإطلاق لهذه النظريات اللاهوتية وهذه التعاليم الروحية أن تجعل علاقة الشخص بالله طبيعية، أو تمكنه من التعرف على شخصياته الفاسدة، أو جعله يتخلص من هذه الشخصيات الفاسدة، وبالأكثر تمكينه من الوصول إلى نقطة معرفة الله والخضوع له بواسطة اختبار عمل الله. لذلك لا تجلب هذه الكلمات والتعاليم الروحية المزعومة أدنى فائدة للناس، بل تجعلهم متغطرسين ومغرورين فحسب، ومتمردين على الله ومقاومين له بنحو متزايد، لأن هذه الأشياء التالفة لا علاقة لها بالحق وكلها مرائية يجب التخلي عنها وتركها منها تمامًا.
ما الأمر المهم حاليًا الذي يحتاج المؤمنين بالله للسعي إليه؟ (التغيير في شخصيتهم). هل يمكن للحديث عن الكثير من التعاليم تغيير شخصية المرء؟ (كلا). ما هو التغيير في الشخصية بدقة؟ هل يعني التغيير في الشخصية أن طابع المرء تتغير، وأنه يصبح لين العريكة بنحو مذهل، ويسهل مرافقته والجميع يحبُّونه؟ هل يعني التغيير في الشخصية أن يصبح الشخص صامتًا وغير راغب في الكلام أو الضحك؟ هل يعني التغيير في الشخصية أن يصبح الشخص أكثر قوة وحنكة ونضجًا؟ (كلا). فما هو التغيير في الشخصية؟ ما أول شيء يجب فهمه من أجل تغيير شخصية المرء؟ أوَّلًا، يجب على المرء أن يفهم ما هو الأساس لتحقيق تغيير في الشخصية، أي بمعنى آخر أن عليه أولًا أن يدرك ما أصبح عليه جوهر طبيعة الإنسان وما أصبحت عليه شخصية الإنسان بعد أن أفسده الشيطان. سيمكنه ذلك من التعرف على حقيقة فساده. على سبيل المثال، بعض الناس مخادعون بالأخص، وهذا الخداع هو طبيعتهم وكذلك شخصيتهم؛ وبعض الناس متغطرسون بالأخص، وهذه الغطرسة هي طبيعتهم وأيضًا شخصيتهم. وسوف أعطي مثالًا على ذلك. هب أنه عندما يصيبك شيء ما، تكون لديك مقاصدك الخاصة. عندما تظهر هذه المقاصد، ما الذي يكون مسيطرًا؟ أولًا، من المؤكد أن طابعك ليس هو المسيطر، وليست خلفيتك العائلية أيضًا، وبالأكثر ليس أي شخص آخر. إن مقاصدك تخضع لسيطرة شخصيتك. لذا، أولًا وقبل كل شيء، يجب أن تفحص نفسك لتكتشف أي شخصية هي، سواء كانت غطرسة أو شرًا أو خبثًا أو عنادًا. عندما تكون قد فهمتها، افحص نفسك أكثر لاكتشاف الحالات التي ستتسبب فيها هذه الشخصية. هب أنه الخداع على سبيل المثال. عندما ينخرط الناس في الخداع، من أي المقاصد ينبع ذلك؟ وما الهدف الذي يحاولون تحقيقه؟ إنه – ودون استثناء – للحصول على الشهرة والربح والمكانة، باختصار، هو من أجل مصالحهم الخاصة. وما أصل السعي إلى المصالح الذاتية؟ هو أن الناس يعتبرون مصالحهم الخاصة أهم من كل شيء آخر. ينخرطون في الخداع في سبيل تحقيق الفائدة لأنفسهم، وبذلك تنكشف شخصيتهم المخادعة. كيف ينبغي حل هذه المشكلة؟ أولًا، عليك تمييز المصالح ومعرفة ماهيَّتها، وما الذي تجلبه للناس تحديدًا، وما تبعات السعي وراءها. إذا لم تتمكن من اكتشاف ذلك، عندها سوف يصبح التخلي عنها أمرًا يسهل قوله ويصعب فعله. إذا لم يفهم الناس الحق، فلن يكون هناك ما هو أصعب عليهم من تخليهم عن مصالحهم الشخصية. وهذا لأن فلسفات حياتهم هي: "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط"، و"الإنسان يموت سعيًا للثروة كما تموت الطيور سعيًا للطعام". من الواضح أنهم يعيشون من أجل مصالحهم. يظن الناس أنه بدون مصالحهم – بمعنى إن كانوا سيخسرون مصالحهم – لن يكونوا قادرين على البقاء. وكأن بقاءهم لا ينفصل عن مصالحهم الشخصية، ولذلك لا يرى أغلبُ الناس إلَّا مصالحهم. يعتبرون مصالحهم الخاصة أهم من أي شيء آخر، ويعيشون من أجل مصالحهم الخاصة، ودفعهم إلى التخلي عن مصالحهم الخاصة يشبه أن يُطلب منهم التخلي عن حياتهم. إذن ما الذي يجب عمله في ظروف كهذه؟ يجب أن يقبل الناس الحق. ما لم يفهموا الحق، لن يستطيعوا رؤية جوهر مصالحهم الخاصة وعندها فقط يمكنهم أن يبدأوا في التنازل عنها والتمرد عليها، ويتمكنوا من تحمل ألم التخلي عما يحبونه بشدّة. وعندما تستطيع القيام بذلك، وتتخلّى عن مصالحك الخاصة، ستشعر بمزيد من الراحة والسلام في قلبك، وبفعلك ذلك ستكون قد تغلبت على الجسد. إذا تشبثت بمصالحك ورفضت التخلي عنها، وإن كنت لا تقبل الحق بأي شكل من الأشكال، ربما تقول في قلبك: "ما الخطأ في محاولتي أن أنتفع ورفضي تحمل أي خسائر؟ لم يعاقبني الله، فماذا بإمكان الناس أن يفعلوا بي؟" لا أحد يستطيع أن يفعل بك أي شيء، لكن مع هذا الإيمان بالله، ستفشل في النهاية في ربح الحق والحياة. ستكون تلك خسارة كبرى لك؛ إذْ لن تتمكن من نيل الخلاص. هل هناك ندمٌ أعظم من هذا؟ هذا ما يأتي في النهاية من السعي وراء مصالحك الخاصة. إذا سعى الناس إلى الشهرة والربح والمكانة فحسب، وإذا سعوا وراء مصالحهم الخاصة فحسب، فعندها لن يربحوا الحق والحياة أبدًا، وفي النهاية سيكونون هم الخاسرون. يخلص الله أولئك الذين يسعون إلى الحق. إذا لم تقبل الحق، وكنت غير قادر على التفكير في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها، فلن تتوب حقًا، ولن يكون لك دخول إلى الحياة. إن قبول الحق ومعرفة نفسك هو الطريق إلى النمو في الحياة ونيل الخلاص، وهو فرصتك للمثول أمام الله وقبول تمحيصه ودينونته وتوبيخه لك وربح الحق والحياة. إذا تخليت عن السعي إلى الحق من أجل السعي وراء الشهرة والربح والمكانة ومصالحك الخاصة، فهذا يعادل التخلي عن فرصة قبول دينونة الله وتوبيخه ونيل الخلاص. أنت تختار الشهرة والربح والمكانة ومصالحك الخاصة، ولكن ما تتخلى عنه هو الحق، وما تخسره هو الحياة وفرصة الخلاص. أيهما أهمُّ؟ أليس من الحماقة أن تختار مصالحك الخاصة وتتخلى عن الحق؟ بتعبير أبسط، هذه خسارة كبيرة لقاء الحصول على ميزة صغيرة. إن الشهرة والربح والمكانة والمال والمصلحة كلها مؤقتة، وكلها سريعة الزوال، في حين أن الحق والحياة أبديان وثابتان. إذا عالج الناس شخصياتهم الفاسدة التي تدفعهم إلى السعي وراء الشهرة والربح والمكانة، فعندئذ يكون لديهم أمل في نيل الخلاص. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحقائق التي يربحها الناس أبديّة؛ ولا يستطيع الشيطان أن يسلب الناس هذه الحقائق، ولا يستطيع أيّ شخصٍ آخر فعل ذلك. أنت تتخلى عن مصالحك ولكن ما تربحه هو الحقّ والخلاص؛ وهذه النتائج تخصّك، وأنت تربحها لنفسك. إن اختار الناس ممارسة الحق، فحتى لو خسروا مصالحهم، فهم يربحون خلاص الله والحياة الأبدية. هؤلاء هم أذكى الناس. إن تنازل الناس عن الحق من أجل مصالحهم، سيخسرون الحياة وخلاص الله؛ وهؤلاء الناس هم الأشد حماقة. ما يختاره الشخص – مصلحته أو الحق – يعلن عن أمر إعلانًا هائلًا. فمن يحبّون الحق سيختارون الحق؛ سيختارون الخضوع لله واتّباعه. إنهم يفضّلون التخلي عن مصالحهم الخاصة للسعي إلى الحق، ومهما كانت درجة ما عليهم أن يعانوه، فهُم مصممون على التمسك بشهادتهم لإرضاء الله. هذا هو السبيل الأساسيُّ لممارسة الحق ودخول واقع الحق.
إن الشخصيات الفاسدة متجذرة بعمق في جميع الناس، ولا أحد يزيد في فساده عن غيره من الناس. لا تختلف آراء الناس حول الأشياء والمفاهيم والتصورات ودرجة التمرد اختلافًا كبيرًا وهي إلى حد كبير متماثلة. يعيش كل الناس تحت سطوة الشيطان، وجميعهم يعيشون بشخصيات شيطانية. توجد المساواة في أن الله يعطي كل شخص الفرصة ذاتها، ويتعامل الله بالموقف ذاته مع الجميع، وأن تزويد الله بالحق والحياة هو نفسه للجميع، ومن ثم فإن معايير الله ومتطلباته من كل شخص هي نفسها أيضًا. إذا كنت تعتقد أنه لا يمكن فدائك، وأنك أكثر فسادًا من غيرك، وأن الله لن يخلصك لأنك قد كشفت عن بعض الشخصيات الفاسدة التي شهدها الآخرون ونفروا منها، ويأست من ذاتك ولا يمكنك استحضار أي حماس، ولا تملك الرغبة في عمل أي شيء، وتعتقد أنه لا جدوى من الحياة، وأنه سيكون من الأفضل لك أن تموت، فأي نوع من المواقف هذا؟ هذا ليس مظهرًا من مظاهر النضج وليس ما يريد الله أن يراه؛ فالله لا يحب هذا النوع من الأشخاص أو هذا النوع من المواقف. يحتاج الناس في عملية السعي إلى الحق إلى عكس العديد من الحالات غير الصحيحة، ويحتاجون إلى تصحيح وجهات نظرهم باستمرار حول سعيهم، وأن يأتوا باستمرار أمام الله ويطلبوا منه أن يمحِّصهم، ويطلبوا منه تنويرهم وإرشادهم. سيسبغ عليهم الله العون والنعمة، وسيقود كل شخص بقدر هائل من الصبر، والصلاح، والرحمة والمغفرة. لذلك، يجب ألا تشك في مواقف الناس الصحيحة ورغبتهم في السعي إلى الحق والتوق إلى العدالة والنور، ويجب ألا تشك أيضًا في جواهر الله في خلاص البشرية والرحمة والمغفرة تجاه البشرية. يجب أن تتذكروا هذه الكلمات! ما معنى إخبار الناس بهذه الكلمات؟ معناه أنه ينبغي لهم ألا يتخلوا عن السعي إلى الحق أبدًا، وألَّا ييأسوا من أنفسهم، أو أن يكونوا سلبيين. عندما تقع في السلبية، يجب أن تفكر في هذا بينك وبين نفسك: لماذا عبّر الله عن الكثير من الحقائق؟ هو لتزويد المزيد من الناس بفهم الحق، ولحل مشكلاتهم الحقيقية. إلى جانب أنك ستربح مباشرةً الكثير من كلام الله، ستربح أيضًا الكثير عند شركتك عن الحق مع إخوتك وأخواتك؛ ألا يعادل هذا تزويد الله لك حينئذ؟ إذا كنت تعتقد ذلك، ويمكنك الشعور بهذا، فلماذا تريد أن تستسلم؟ لماذا ينشأ التذمر في قلبك؟ لماذا تشك في صدق الله في خلاصك؟ يمكن أن يكون الناس حمقى وصغارًا في القامة وضعفاء، لكن لا يمكنهم أن يفقدوا الإيمان عندما يتعلق الأمر بالخلاص. آمل أنه في يوم من الأيام عندما أتحدث إليكم وأتفاعل معكم مرة أخرى، أن أرى أنكم لا تبدون فقراء ومثيرين للشفقة، أو فاقدي الحس أو أغبياء، بل أن تكونوا قد حصلتم على شيء وربحتموه. لقد سمعتم الكثير، ورأيتم الكثير، وفهمتم الكثير، ولكن يعتمد على سعيكم ما إذا كنتم قد حصلتم على الحق أم لا، وما إذا كان يمكن تكميلكم أم لا. إنها حقيقة إذا سعى إليها شخص ما، فيمكنه الحصول عليها، ولكن إذا لم يصغِ ولم يسع، فلن ينالها أبدًا. ما دمتم تسعون حقًا إلى الحق، وتسعون إلى أن تحبوا الله وأن تتغير شخصيتكم كما فعل بطرس، فسوف تكسبون استحسان الله؛ هذا مؤكد.
6 فبراير 2018
الحواشي:
(أ) لا يحتوي النص الأصلي على عبارة "وهو أحد جوانب الخبث".
(ب) لا يحتوي النص الأصلي على عبارة "الوجه الآخر من الخبث هو "الشر".
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.