المنعطف الأول: الميلاد
مكان ميلاد الشخص والعائلة التي يولد فيها وجنسه ومظهره ووقت ميلاده – هذه هي تفاصيل المنعطف الأول من حياة الشخص. لا أحد يختار تفاصيل معينة في...
نرحّب بكل الساعين المشتاقين إلى ظهور الله!
يبدأ المرء بعد الزواج في تربية الجيل التالي. لا خيار للمرء في عدد أطفاله أو جنسهم؛ فهذا أيضًا يُحدّده مصير الشخص الذي سبق الخالق فعيّنه. هذا هو المنعطف الخامس الذي ينبغي أن يمرّ به الشخص.
إذا وُلِدَ شخصٌ ما ليؤدي دور طفل لشخصٍ ما، فإن ذلك المرء يُربّي الجيل التالي ليؤدي دور والد طفلٍ ما. هذا التحوّل في الأدوار يجعل المرء يختبر مراحل مختلفة من الحياة من وجهات نظرٍ مختلفة. كما أنه يُقدّم للمرء مجموعات مختلفة من الخبرة الحياتيّة يتعرّف المرء من خلالها على سيادة الخالق، وهذا يتم دومًا بالطريقة نفسها، ومن خلاله يواجه المرء حقيقة أنه لا يمكن لأحدٍ أن يتخطّى ما قدره الخالق أو يُغيّره.

يجلب كل من الميلاد والنموّ والزواج أنواعًا متنوّعة ودرجات مختلفة من خيبة الأمل. بعض الناس غير راضين عن عائلاتهم أو مظهرهم الجسديّ؛ والبعض يكرهون والديهم؛ البعض يستاؤون من البيئة التي نشأوا فيها أو يتذمرون عليها. يعتبر معظم الناس، من بين جميع خيبات الأمل هذه أن الزواج هو خيبة الأمل الأكثر تسبّبًا في عدم الرضا. مهما كان مدى عدم رضا المرء عن ميلاده أو نضجه أو زواجه، فإن كل من مرّ بهذه الأشياء يُدرِك أنه لا يمكن للمرء أن يختار مكان وزمان ميلاده، أو مظهره، أو والديه، أو شريك حياته، ولكن يتعيّن عليه ببساطةٍ قبول إرادة السماء. ولكن عندما يحين الوقت لتربية الجيل التالي، فإن الناس سوف يسقطون جميع رغباتهم التي أخفقوا في تحقيقها في النصف الأول من حياتهم على ذريتهم، على أمل أن يُعوّض نسلهم عن جميع خيبات الأمل التي مرّوا بها في النصف الأول من حياتهم الشخصية. ولذلك تراود الناس جميع أنواع التخيّلات بخصوص أطفالهم: أن تكبر بناتهم فيصبحن ملكات جمالٍ وأبناؤهم سادة الأناقة؛ أن تكون بناتهم مثقّفات وموهوبات وأبناؤهم طلّابًا لامعين ورياضيّين مشهورين؛ أن تكون بناتهم لطيفات وفضليات وعاقلات وأبناؤهم أذكياء وأقوياء ومرهفي الحسّ. يأملون من نسلهم، سواء بناتهم أو أبنائهم، أن يحترموا كبار السنّ ويراعوا والديهم ويصبحوا موضع محبّةٍ وتقدير الجميع...في هذه المرحلة، تنتعش آمال الحياة وتتأجّج مشاعرٌ جديدةٌ في قلوب الناس. يعرف الناس أنهم عاجزون ويائسون في هذه الحياة، وأنه لن تُتاح لهم فرصة أخرى أو أملٌ آخر للتميّز عن الحشود، وأنه ليس لديهم خيار سوى قبول مصائرهم. ولذا يعملون على إسقاط جميع آمالهم ورغباتهم غير المُحقّقة وأهدافهم على الجيل التالي على أمل أن يساعدهم نسلهم على تحقيق أحلامهم ورغباتهم وأن تجلب بناتهم وأبناؤهم الفخر لاسم العائلة أو يصبحوا بارزين أو أثرياء أو مشهورين؛ وباختصارٍ، يريدون أن يشهدوا بزوغ نجم أطفالهم. إن خطط الناس وخيالاتهم مثاليّة؛ ألا يعلمون أن عدد أطفالهم، ومظهر أطفالهم، وقدراتهم، وما إلى ذلك، ليس لهم أن يُقرّروها، وأن أصغر جزء من مصائر أطفالهم لا يكمن بين يديهم على الإطلاق؟ البشر ليسوا سادة مصيرهم، لكنهم يأملون في تغيير مصائر الجيل الأصغر؛ إنهم عاجزون عن الإفلات من مصائرهم، لكنهم يحاولون السيطرة على مصائر أبنائهم وبناتهم. ألا يبالغون في تقدير أنفسهم؟ أليست هذه حماقةٌ بشريّة وجهالة؟ سوف يتمادى الناس إلى أبعد مدى من أجل نسلهم، ولكن في النهاية، لا يمكن لخطط المرء ورغباته أن تحدد كم عدد أطفاله وكيف يكون شكل أولئك الأطفال. بعض الناس مفلسون ولكنهم ينجبون الكثير من الأطفال؛ وبعض الناس أثرياء ولكن ليس لديهم ولا طفل واحد. يريد البعض ابنة لكنهم محرومون من تلك الرغبة، ويريد البعض ابنًا ولكنهم لا ينجبون طفلًا ذكرًا. يعتبر البعض أن الأطفال نعمة؛ ويعتبر البعض الآخر أنهم لعنة. بعض الأزواج أذكياء، ولكن أطفالهم محدودو الذكاء. بعض الوالدين مجتهدون وصادقون، ولكن أطفالهم متبلّدون. بعض الوالدين طيّبون ومستقيمون ولكن أطفالهم يلجأون إلى المكر والخبث. بعض الوالدين يتمتّعون بسلامة العقل والجسم ولكنهم ينجبون أطفالًا معاقين. بعض الوالدين عاديّين وغير ناجحين ولكن أطفالهم يُحقّقون إنجازات عظيمة. بعض الوالدين مكانتهم منخفضة ولكن أطفالهم يرتقون إلى مرتبةٍ عالية. ...
يدخل معظم الناس عش الزوجية في سن الثلاثين تقريبًا، وهو فترة في الحياة لا يكون للمرء فيها بعدُ أيّ فهمٍ لمصير الإنسان. ولكن عندما يبدأ الناس في تربية الأطفال، وحالما ينمو نسلهم، يشاهدون الجيل الجديد يُكرّر حياة وجميع تجارب الجيل السابق، وبعد أن يروا ماضيهم منعكسًا فيهم، يُدرِكون أن الطريق الذي يسلكه الجيل الأصغر، تمامًا مثل طريقهم، لا يمكن التخطيط له واختياره. وفي مواجهة هذه الحقيقة، لا يكون أمامهم خيار سوى الاعتراف بأن مصير كل شخصٍ مقدَّر قبلًا، وبدون أن يُدرِكوا تمامًا، يضعون رغباتهم جانبًا بالتدريج، وتذوي المشاعر في قلوبهم وتموت...وبعد أن يجتاز الناس في هذه الفترة جوهريًا المعالم المهمّة في الحياة، فقد أحرزوا فهمًا جديدًا للحياة، وأصبح لهم موقفٌ جديد. إلى أي مدى يمكن لشخصٍ في هذا السنّ أن يتوقّع من المستقبل وأية آفاق عليه أن يتطلع إليها؟ أيّة امرأةٍ تبلغ من العمر خمسين عامًا ما زالت تحلم بالأمير الساحر؟ وأيّ رجلٍ يبلغ من العمر خمسين عامًا ما زال يبحث عن ذات الرداء الأبيض الخاصة به؟ أيّة امرأةٍ في منتصف العمر ما زالت تأمل في التحوّل من بطّةٍ دميمة إلى بجعةٍ؟ هل معظم الرجال الأكبر سنًا لديهم نفس الدافع الوظيفيّ مثل الشباب؟ باختصارٍ، بغضّ النظر عمّا إذا كان المرء رجلًا أو امرأة، من المُرجّح أن يكون لأيّ شخصٍ يبلغ هذا السنّ موقف عقلانيّ عمليّ بدرجةٍ نسبيّة تجاه الزواج والأسرة والأطفال. في الأساس لا تكون لمثل هذا الشخص خياراتٌ متبقية، ولا رغبة في تحدّي المصير. بقدر مدى التجربة الإنسانيّة، بمُجرّد أن يبلغ المرء هذا السنّ فإنه يُطوّر بطبيعة الحال موقفًا معيّنًا: "يتعيّن على المرء أن يقبل المصير؛ فأطفاله لهم حظوظهم الخاصة ومصير الإنسان تُقرّره السماء". معظم الناس الذين لا يفهمون الحقيقة، بعد أن يجتازوا جميع التقلّبات والإحباطات والمصاعب في هذا العالم سوف يُلخّصون رؤاهم في حياة الإنسان بكلمتين: "إنه المصير!". على الرغم من أن هذه العبارة تُلخَّص إدراك الدنيويين لمصير الإنسان، والاستنتاج الذي توصلوا إليه، وعلى الرغم من أنها تُعبّر عن عجز البشريّة ويمكن وصفها بأنها ثاقبة ودقيقة، فإنها بعيدةٌ كل البعد عن فهم سيادة الخالق، كما أنها ببساطةٍ ليست بديلًا عن معرفة سلطان الخالق.
بعد اتباع الله لسنواتٍ عديدة، هل هناك فرقٌ جوهريّ بين معرفتكم عن المصير وتلك التي لدى الدنيويين؟ هل فهمتم حقًّا تقدير الخالق، وتعرّفتم حقًا إلى سيادة الخالق؟ بعض الناس لديهم فهمٌ عميق ومتأصّل لعبارة "إنه المصير"، ومع ذلك لا يؤمنون بسيادة الله على الإطلاق، ولا يؤمنون بأن مصير الإنسان رتبّه الله ونظمّه وهم غير راغبين في الخضوع لسيادة الله. مثل هؤلاء الناس يبدون وكأن المحيط يجرفهم والأمواج تلطمهم وينجرفون مع التيّار، ولا خيار أمامهم سوى الانتظار السلبيّ والاستسلام لمصيرهم. ومع ذلك فهم لا يُدركِون أن مصير البشر يخضع لسيادة الله؛ إنهم لا يستطيعون معرفة سيادة الله بمبادرة منهم، وبالتالي لا يبلغون معرفة سلطان الله أو يخضعون لتنظيمات الله وترتيباته أو يتوقّفون عن مقاومة المصير أو يعيشون في ظلّ رعاية الله وحمايته وتوجيهه. وهذا يعني أن قبول المصير ليس مماثلًا للخضوع لسيادة الخالق؛ الإيمان بالمصير لا يعني أن المرء يقبل سيادة الخالق ويُقرّ بها ويعرفها؛ الإيمان بالمصير هو مُجرّد الاعتراف بحقيقته ومظاهره السطحية. وهذه تختلف عن معرفة كيفيّة تحكّم الخالق بمصير البشريّة، وعن الاعتراف بأن الخالق هو مصدر السيادة على مصائر جميع الأشياء، ومختلف تمامًا بالتأكيد عن الخضوع لتنظيمات الخالق وترتيباته لمصير البشريّة. لنفترض أنَّ شخصً ما لا يؤمن سوى بالقَدَرِ، بل إن لديه شعور عميق بشأنه، لكنه لا يستطيع أن يعرف من خلال ذلك سيادة الخالق على قَدَرِ البشرية ويعترف بها، وأن يخضع لها ويقبلها. في تلك الحالة، ستكون حياته مأساة؛ وسيكون رغم ذلك قد عاشها سُدى، وستكون قد كانت فراغًا. سيكون ما يزال غير قادر على أن يستسلم لسيادة الخالق، وأن يصبح إنسانًا مخلوقًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، وأن يكسب اعتراف الخالق. يجب أن يكون الشخص الذي يعرف سيادة الخالق ويختبرها حقًا في حالة إيجابية، وليس في حالة سلبية أو مستسلمة. في حين يقر مثل هذا الشخص بأن كل شيء مقدَّر، فإنه سيمتلك في قلبه تعريفًا دقيقًا للحياة والقَدَر، وهو أن حياة الإنسان تحت سيادة الخالق بالكامل. عندما ينظر إلى الوراء إلى الطريق الذي ساره، وعندما يتذكر كل مرحلة من رحلة حياته، يرى أنه في كل خطوة، سواء كانت رحلته شاقة أم سلسة، كان الله يرشد طريقه، ويرتبه له. لقد كان تخطيط الله الدقيق وترتيباته الدقيقة هما ما قاده إلى اليوم دون معرفة منه. إنه يدرك أن قدرته على قبول سيادة الخالق وقبول خلاصه هما أعظم بركة في حياة الإنسان! إذا كان لدى الشخص موقف سلبي تجاه المصير، فهذا يثبت أنه يقاوم كل ما رتبه الله له، وأنه ليس لديه موقف خاضع. إذا كان لدى شخص ما موقف إيجابي تجاه سيادة الله على مصير الإنسان، فعندما يراجع رحلته، وعندما يختبر سيادة الله حقًا، سيرغب بصدق أكبر في الخضوع لكل ما رتبه الله، وسيكون لديه المزيد من التصميم والإيمان للسماح لله بترتيب قَدَرِهِ ولن يعود يتمرد على الله. هذا لأنهم يرون أنه عندما لا يعرف الناس ما هو القدر أو يفهموا سيادة الله، فإنهم يشقون طريقهم بجهد ويتعثرون في الضباب بناءً على إرادتهم الخاصة، وهذه الرحلة شاقة للغاية، وتسبِّب الكثير جدًا من وجع القلب. لذلك عندما يدرك الناس أن الله له السيادة على قدر الإنسان، يختار الأذكياء أن يعرفوا سيادة الله ويقبلوها، ويودِّعوا الأيام المؤلمة التي "يحاولون فيها بناء حياة جيدة بأيديهم"، بدلاً من الاستمرار في الجهاد ضد القدر والسعي وراء ما يُسمى بأهدافهم في الحياة بطريقتهم الخاصة. عندما يكون الإنسان بدون الله، وعندما لا يستطيع رؤيته، وعندما لا يستطيع معرفة سيادة الله على نحو واضح وحقيقي، يصبح كل يوم بلا معنى، وبلا قيمة، ومؤلمًا بشكل لا يوصف. أيًا كان مكان وجود الشخص، وأيًا تكن وظيفته، فإن وسائل بقائه على قيد الحياة والأهداف التي يسعى إليها لا تجلب له سوى وجع قلب لا نهاية له وألم يصعب تجاوزه، لدرجة أنه لا يستطيع تحمل الالتفات إلى ماضيه. لا يمكن للإنسان أن يتحرر تدريجيًا من كل وجع القلب والألم، ويتخلص تدريجيًا من كل خواء الحياة البشرية سوى من خلال قبول سيادة الخالق، والخضوع لترتيباته وتنظيماته، والسعي إلى نيل الحياة البشرية الحقيقية.
نظرًا لأن الناس لا يعرفون تنظيمات الله وسيادته، فإنهم دائمًا يواجهون القدر بالتحدّي وبموقف التمرّد، ويريدون دائمًا التخلّص من سلطان الله وسيادته والأشياء التي يُخبئها القدر آملين عبثًا في تغيير ظروفهم الحاليّة وتبديل قدرهم. لكنهم لا يمكن أن ينجحوا أبدًا، بل يُحبطون عند كل منعطف. هذا الصراع، الذي يحدث في أعماق نفوسهم، يسبب لهم ألمًا عميقًا يتغلغل في عظامهم، ويتسبب في الوقت نفسه في أن يبددوا حياتهم. ما سبب هذا الألم؟ هل هو بسبب سيادة الله أم لأن المرء وُلِدَ سيئ الحظ؟ من الواضح أن كلا السبيين غير صحيح. في الأصل، يكمن السبب في المسارات التي يسلكها الناس والطرق التي يختارون أن يعيشوا بها حياتهم. بعض الناس ربما لم يختبروا هذه الأشياء. ولكن عندما تعرف حقًّا، وعندما تُدرِك حقًّا أن لله سيادة على قدر الإنسان، وعندما تفهم حقًّا أن كل ما تجلبه لك سيادة الله وترتيباته لك يوفر لك فائدةٌ وحماية عظيمتين، فسوف تشعر أن ألمك يخفّ تدريجيًا وأن كيانك بأكمله يصبح تدريجيًا مسترخيًا، وحرًا ومتحررًا. انطلاقًا من حالة غالبية الناس، لا يمكنهم موضوعيًا تقبل القيمة والمعنى العمليين لسيادة الله على مصير الإنسان، على الرغم من أنهم على المستوى الذاتي، لا يريدون الإبقاء على المعيشة كما كانوا يفعلون من قبل ويريدون التخفيف من ألمهم. لا يمكنهم موضوعيًا أن يعترفوا حقًّا بسيادة الخالق ويخضعوا لها، فضلًا عن أن يعرفوا كيفيّة طلب تنظيمات الخالق وترتيباته وقبولها. ولذلك، إذا كان الناس لا يستطيعون إدراك حقيقة أن الخالق له السيادة على مصير الإنسان وعلى جميع أمور البشر، وإذا لم يتمكّنوا من الخضوع حقًّا لسيادة الخالق، فعندئذٍ سوف يكون من الصعب عليهم ألا تدفعهم وتُقيّدهم الفكرة القائلة بأن "مصير المرء في يديه". سيكون من الصعب عليهم التخلّص من آلام صراعهم الشديد ضد المصير وسلطان الخالق، وغنيٌ عن القول، إنه سوف يكون من الصعب عليهم أن يصبحوا مُعتقين ومُحرّرين حقًّا وأن يصبحوا أشخاصًا يعبدون الله. ولكن توجد طريقة بسيطة للغاية لتحرير الذات من هذه الحالة؛ وهي توديع المرء طريقة عيشه السابقة وتوديع أهدافه السابقة في الحياة، وتلخيص وتشريح نمط حياته السابق ونظرته إلى الحياة، ومساعيه ورغباته ومثله العليا، ثم مقارنتها بإرادة الله ومطالبه للإنسان، ومعرفة ما إذا كان أيٌ منها يتّفق مع إرادة الله ومطالبه، وما إذا كان أيٌ منها يُنتِج القيم الصحيحة للحياة ويقود المرء إلى فهمٍ أكبر للحقّ ويسمح له بالعيش بإنسانية وبصورة إنسان. عندما تفحص مرارًا وتحلل بعنايةٍ الأهداف المختلفة التي يسعى إليها الناس في الحياة وطرق عيشهم التي لا تحصى، ستجد أنه ليس من بينها ما يناسب المقصد الأصليّ الذي أوجد الخالق به البشر. جميعها تجرّ الناس بعيدًا عن سيادة الخالق ورعايته؛ وجميعها أفخاخ تسبب إفساد الناس وتقودهم إلى الجحيم. بعد أن تعرف هذا، تكون مهمّتك هي أن تضع جانبًا وجهة نظرك القديمة عن الحياة وتبتعد عن الفخاخ المختلفة، وتسمح لله بأن يتولّى حياتك ويضع ترتيبات لك. وهي أيضًا أن تحاول فقط الخضوع لتنظيمات الله وإرشاده، وأن تعيش يبدون خيار فردي، وأن تصبح شخصًا يعبد الله. يبدو هذا سهلًا، ولكن من الصعب عمله. بعض الناس يمكن أن يحتملوا الألم المصاحب له، والبعض الآخر لا يمكنهم ذلك. البعض على استعدادٍ للخضوع، والبعض الآخر لا يرغبون في ذلك. أولئك الذين لا يرغبون في ذلك يفتقرون إلى الرغبة والإصرار على عمل ذلك؛ إنهم يُدرِكون بوضوحٍ سيادة الله، ويعرفون تمامًا أن الله هو الذي يُخطّط مصير الإنسان ويُرتّبه، ومع ذلك لا يزالون يعترضون ويقاومون ويبقون غير قابلين لوضع مصائرهم بين يديّ الله والخضوع لسيادة الله، وعلاوة على ذلك يتضايقون من تنظيمات الله وترتيباته. ولذلك سوف يكون هناك دائمًا بعض الأشخاص الذين يريدون أن يروا بأنفسهم ما يمكنهم عمله؛ إنهم يريدون تغيير مصائرهم بأيديهم، أو تحقيق السعادة من خلال قوّتهم أو معرفة ما إذا كان بإمكانهم تجاوز حدود سلطان الله والارتفاع فوق سيادة الله. ليست مأساة الإنسان أنه يسعى إلى حياة سعيدة، ولا أنه يسعى إلى الشهرة والربح أو الصراع ضد قدره عبر الضباب، ولكن في أنه بعد أن رأى وجود الخالق، وبعد أن تعلّم حقيقة أن الخالق له سيادةٌ على قدر الإنسان، لا يزال غير قادرٍ على الرجوع عن الطريق الخطأ، ولا يستطيع إخراج قدميه من الوحل، بل يُقسّي قلبه ويستمرّ في أخطائه. يُفضّل أن يواصل الخوض في الوحل، والتنافس بعنادٍ ضد سيادة الخالق ومقاومتها حتّى النهاية المريرة، دون أدنى قدرٍ من الندم. وهو لا يقرر الاستسلام والعودة أخيرًا إلّا عندما يرقد كسيرًا ونازفًا. هذه هي مأساة الإنسان الحقيقيّة. ولذلك أقول إن من يختارون الخضوع حكماء، ومن يختارون الصراع والهروب حمقى وعنيدون.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.
مكان ميلاد الشخص والعائلة التي يولد فيها وجنسه ومظهره ووقت ميلاده – هذه هي تفاصيل المنعطف الأول من حياة الشخص. لا أحد يختار تفاصيل معينة في...
عندما يكبر المرء وينضج، يصبح أكثر بعدًا عن والديه والبيئة التي وُلِدَ ونشأ فيها، فيبدأ بدلًا من ذلك في البحث عن اتّجاهٍ في الحياة ومتابعة...
بعد الاستماع إلى كل شيءٍ قلته للتوّ، هل تغيّرت فكرتكم عن المصير؟ كيف تفهمون حقيقة سيادة الله على مصير الإنسان؟ وبصراحة، في ظلّ سلطان الله،...
بأيّ موقفٍ يجب أن يعرف الإنسان الآن سلطان الله، وحقيقة سيادة الله على مصيره ويضعهما موضع تقديرٍ؟ هذه مشكلةٌ حقيقيّة تعترض كل شخصٍ. عند...