لا يدل السلوك الحسن على تغير الشخصية (الجزء الأول)

يوجد الآن بعض الناس الذين يعملون من الفجر إلى الغسق وينسون الأكل أو النوم عندما يؤدون واجبهم، ويمكنهم إخضاع الجسد والتمرد على المشقة الجسدية، بل والعمل عندما يمرضون. وعلى الرغم من أنهم يتمتعون بهذه المزايا المحمودة، ومن أنهم أناس أخيار وصالحون، لا تزال توجد أشياء في قلوبهم لا يستطيعون تنحيتها جانبًا: الشهرة والربح والمكانة والغرور. إن لم يضعوا هذه الأشياء جانبًا أبدًا، فهل هم أناس يطلبون الحق؟ الجواب بديهي. أصعب جزء من الإيمان بالله هو إجراء تغييرات في الشخصية. ربما تبقى بلا زواج طوال حياتك، أو قد لا تتناول طعامًا دسمًا أو لا ترتدي ملابس أنيقة مطلقًا، بل وقد يقول بعض الناس: "لا يهم ما إذا كنت أعاني طوال حياتي، أو إذا كنت وحيدًا طوال حياتي، سوف أتحمَّل هذا – فهذه الأشياء لا تعني شيئًا ما دام الله إلى جانبي". من السهل التغلب على هذا النوع من آلام الجسد ومشقاته والتعامل معه. ما الذي يصعب التغلب عليه؟ شخصيات الإنسان الفاسدة. لا يمكن حل مشكلة الشخصيات الفاسدة بمجرد كبح جماحها؛ إذ يستطيع الناس تحمُّل آلام الجسد لأداء واجبهم أداءً صحيحًا، وإرضاء مقاصد الله، والدخول إلى الملكوت في المستقبل، ولكن هل القدرة على المعاناة ودفع الثمن تعني حدوث تغيير في شخصياتهم؟ لا تعني ذلك. لقياس ما إذا كان يوجد تغيير في شخصية المرء، لا تنظر إلى مقدار المعاناة التي يستطيع تحملها، أو مدى حُسن تصرفه في الظاهر. السبيل الوحيد للقياس الدقيق لما إذا تغيرت شخصية امرئ ما يكون بالنظر إلى الأهداف، والدوافع، والمقاصد من وراء أفعاله، والمبادئ الكامنة وراء سلوكه وتعامله مع الأمور، وموقفه تجاه الحق.

بعد أن يؤمن بعض الناس بالله، يتوقفون عن اتباع الاتجاهات الدنيوية أو الاهتمام بملابسهم ومظهرهم، ويكونون قادرين على المعاناة والعمل بجد، وعلى إخضاع الجسد والتمرد عليه. ولكنهم نادرًا ما يكونون صادقين في تأدية واجباتهم وتفاعلهم مع الآخرين وتعامُلِهم مع الأمور، إذ لا يحبون أن يكونوا صادقين؛ فهم يريدون دائمًا أن يبرُزوا أنفسهم ويميزوها، وهناك مقصدٌ وراء كل ما يقولونه ويفعلونه. إنهم يقومون بحسابات مضنية ودقيقة من أجل إظهار مدى طيبتهم للناس، وليكسبوا قلوبهم، فيفضلهم الناس ويعبدونهم لدرجة أن يأتوا ويطلبوا منهم كلما أصابهم شيء. وهم يقومون بذلك بقصد التباهي. ما الشخصية التي يكشفون عنها؟ إنها شخصية شيطانية. هل يوجد كثير من الناس هكذا؟ الجميع هكذا. في الظاهر، هم ملتزمون بجميع اللوائح، وقادرون على المعاناة قليلًا، ومستعدون إلى بذل أنفسهم إلى حد ما، بل إنهم قادرون على التخلي عن بعض الأشياء الدنيوية، كما يتحلون ببعض العزيمة والرغبة في السعي إلى الحق، وقد أرسَوا لأنفسهم أساسًا على طريق الإيمان بالله، إلا أن شخصيتهم الفاسدة تبقى كما هي؛ فهم لم يتغيروا على الإطلاق؛ إذ حتى لو فهموا الحق، فلن يتمكنوا من ممارسته. هذا هو ما يعنيه عدم التغير على الإطلاق. مَن يعيشون في شخصيات شيطانية يتصرفون وفقًا لرغباتهم في كل الأشياء، وعندما يكون المَقْصَد من وراء أفعالهم خاطئًا، فإنهم لا يُصَلُّون إلى الله، ولا يهملون رغباتهم، ولا يسعون إلى مبادئ الحق، ولا يلجؤون إلى الآخرين أو يقومون بالشركة معهم. إنهم يفعلون كل ما يريدون، وكل ما يرغبون فيه؛ ويتصرفون بتهور وبلا ضابط أو رادع. قد لا يفعلون الشر ظاهريًا، لكنهم أيضًا لا يمارسون الحق. إنهم يتبعون رغباتهم فيما يفعلونه، ويعيشون في شخصية شيطانية، مما يعني أنه ليس لديهم حب للحقِّ ولا قلوب تتقي الله، ولا يعيشون أمامه. حتى إن البعض منهم قد يفهم كلام الله والحق، ولكنهم يعجزون عن ممارستهما؛ وذلك لأنهم لا يستطيعون التغلب على رغباتهم وطموحاتهم. إنهم يعرفون بوضوح أن ما يفعلونه خطأ، وأنه يمثّل عرقلة واضطرابًا، وأن الله يمقته، ومع ذلك يفعلونه مرارًا وتكرارًا، قائلين لأنفسهم: "أليس الهدف من الإيمان بالله هو ربح البركات؟ ما العيب في سعيي لربح البركات؟ لقد عانيت كثيرًا خلال سنوات إيماني بالله، وتخليتُ عن وظيفتي وفُرَصي في العالم من أجل ربح استحسان الله وبركاته، وبناءً على كل المعاناة التي تحملتها، ينبغي أن يتذكرني الله ويباركني ويمنحني الحظ السعيد". هذه الكلمات تناسب أذواق البشر؛ فكل من يؤمن بالله يفكر بهذه الطريقة، حيث يشعر بأنه إن تلوث قليلًا بمَقْصَدِ ربح البركات فتلك ليست مشكلة كبيرة، لكن إن تأملتم هذا الكلام بعناية، فهل يتوافق أي منه مع الحق أو يشكل جزءًا من واقع الحق؟ كل ذلك الإهمال والمعاناة ما هو إلا نوع من أنواع السلوكيات البشرية الحسنة؛ فتلك الأفعال يحكمها مقصد نيل البركات، وهي ليست ممارسة للحق. إن كان لأحد أن يستخدم معايير الإنسان الأخلاقية لقياس سلوك هؤلاء الأشخاص، فسيعتبرهم كادحين ومقتصدين ومجتهدين وأشدَّاء؛ إذ إنهم في بعض الأحيان ينشغلون بعملهم لدرجة أنهم ينسون تناول الطعام والنوم، بل إن بعضهم يكون مستعدًا لإعادة الأشياء المفقودة إلى أصحابها، ولفعل الخير وتقديم المساعدة إلى الآخرين ومعاملتهم بتفهم وكرم، وألّا يكون بخيلًا أو صعب الإرضاء، بل يكون مستعدًا حتى للتخلي عن الأشياء التي يحبها أكثر من غيرها إلى الآخرين. يمتدح الإنسان كل هذه السلوكيات، ويعتبِرُ أولئك الأشخاص صالحين؛ إذ يبدون له محترمين ومثيرين للإعجاب، ويستحقون الاستحسان؛ فأفعالهم أخلاقية جدًّا وهم عادلون وعقلانيون. إنهم يبادلون الآخرين الإحسان بالإحسان ويهتمون بالأُخُوَّة لدرجة أنهم يضحون بأنفسهم من أجل أيٍّ من أصدقائهم، ويتحملون المعاناة، ويذهبون إلى أقاصي الأرض من أجل أقرب الناس إليهم. على الرغم من أن الكثير من الناس قد يمدحون هذا النوع من الأشخاص الصالحين، فهل يستطيع هؤلاء الأشخاص الصالحون في الواقع قبول الحق وممارسته؟ هل سيُقدمون حقًّا على التضحية بحياتهم من أجل تمجيد الله والشهادة له؟ ليس بالضرورة. هل يمكن تسميتهم بالأشخاص الصالحين إذن؟ إذا كنت تحاول الحكم على ما إذا كان شخص ما يتقي الله ويحيد عن الشر، أو على ما إذا كان يملك واقع الحق، فهل سيكون تقييمه دائمًا على أساس المفاهيم والتخيلات وقواعد السلوك والأخلاق البشرية دقيقًا؟ وهل سيكون ذلك متوافقًا مع الحق؟ لو كانت المفاهيم والتخيلات وقواعد السلوك والأخلاق البشرية هي الحق، لما احتاج الله إلى التعبير عن الحق، ولما احتاج إلى القيام بعمل الدينونة والتوبيخ. يجب أن ترى بوضوح أن العالم والبشر مظلمان وشريران، وأنهما خاليان تمامًا من الحق، وأن البشرية الفاسدة تحتاج إلى خلاص الله. عليك أن ترى بوضوح أن الله وحده هو الحق، وأن كلماته وحدها هي التي يمكنها تطهير الإنسان، وأنه وحده القادر على أن يخلص الإنسان، وأنه مهما كان سلوك الشخص حسنًا، فهو ليس واقع الحق، بل وإنه أبعد ما يكون عن الحق نفسه. وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات الحسنة أصبحت منتشرةً ومعروفة بين الناس، فإنها ليست الحق، ولن تكون الحق أبدًا، ولا يمكنها تغيير أي شيء. هل يمكنك أن تُقنع شخصًا يضحي بنفسه من أجل أصدقائه ويذهب إلى أقاصي الأرض من أجلهم بقبول الله والحق؟ بالتأكيد لا، لأن هذا الشخص ملحد. هل يمكنك أن تجعل شخصًا مملوءًا بالمفاهيم والتخيلات عن الله يحقق الخضوع الحقيقي لله؟ بالتأكيد لا، فعندما يكون المرء مملوءًا بالمفاهيم، يكون قبول الحق والخضوع له صعبًا جدًّا عليه. هل يمكن لأي كمِّ من السلوك الحسن أن يجعل الشخص قادرًا على الخضوع الحقيقي لله؟ هل يمكنه أن يحب الله حقًا؟ هل يمكنه أن يمجده ويشهد له؟ لا يمكنه ذلك أبدًا. هل يمكنك أن تضمن أن كل من يعظ ويعمل من أجل الرب سيصبح محبًا حقيقيًا لله؟ سيكون ذلك مستحيلًا تمامًا. لذلك، بغض النظر عن كمِّ السلوكيات الحسنة التي ينخرط فيها الشخص، فهذا لا يعني أنه تاب وتغير حقًا، فضلًا عن أن يعني أيضًا أن شخصيته الحياتية قد تغيرت.

يجب أن تتعلموا كيفية تمييز السلوك الجيد ومعنى ممارسة الحق وتحقيق تغيير في شخصيتكم. ينطوي تغيير شخصيتك على ممارسة الحق، والاستماع إلى كلام الله، والخضوع له، والعيش وفقًا لكلامه. ما الذي ينبغي أن يفعله الشخص إذًا لممارسة كلام الله والعيش وفقًا له؟ لنفترض مثلًا أن شخصين هما صديقان مقربان للغاية، وقد ساعد أحدهما الآخر في الماضي، ومرَّا بأوقات عصيبة معًا، وكانا يضحيان بحياتهما لإنقاذ بعضهما بعضًا. هل هذه هي ممارسة الحق؟ هذه هي الأخوَّة، أي التضحية بنفسك من أجل الآخرين، وذلك سلوك حميد لكنه ليس ممارسة الحق على الإطلاق. فممارسة الحق تعني التصرف وفقًا لكلام الله ومطالبه؛ وهي الخضوع لله وإرضاؤه. يرتبط السلوك الجيد تمامًا بإشباع علاقات الجسد والحفاظ على الروابط العاطفية. ولذلك، فإن الأخوَّة وحماية العلاقات والمساعدة والتسامح وإرضاء بعضنا بعضًا جميعها أمور خاصة وشخصية ولا علاقة لها بممارسة الحق. كيف يطالب الله الناس بمعاملة الآخرين إذًا؟ (يطلب الله منا أن يُعامل بعضنا بعضًا وفقًا للمبادئ. إذا ارتكب شخص آخر شيئًا خاطئًا، أي شيئًا لا يتوافق مع مبادئ الحق، فلا يمكننا الاستماع إليه حتى لو كانت والدتنا أو والدنا. يجب أن نتمسك بمبادئ الحق ونحمي مصالح بيت الله). (يطلب الله من الإخوة والأخوات أن يساعد بعضهم بعضًا. إن رأينا أن شخصًا آخر لديه مشكلة، فيجب أن نشير إليها ونُقدِّم شركة عنها ونطلب معًا مبادئ الحق لحلها. فمن خلال فعل هذا وحده نساعدهم حقًّا). إنه يريد أن يكون سلوك الناس فيما بينهم مبنيًّا على أساس مبادئ الحق، بصرف النظر عن ماهية علاقتهم. وأي شيء خارج هذه المبادئ لا يعتبر ممارسة للحق. مثال ذلك، يفعل شخص ما شيئًا يضر بعمل الكنيسة فيكشفه الجميع ويعترضون عليه. أما صديقه فيقول: "لا داعي لكشفه لمجرد أنه ارتكب خطأً! أنا صديقه؛ وقبل كل شيء آخر، يجب أن أكون متفهمًا له، وأن أتساهل معه وأساعده. لا يمكنني كشفه كما فعلتم. يجب أن أواسيه وألا أؤذيه، وسوف أقول له إن الخطأ ليس مشكلة كبيرة. سوف أتصدَّى لأي واحد منكم يكشفه وينغص حياته مجددًا. لا أحد منكم أقرب إليه مني. نحن صديقان مقربان. وسوف أدافع عنه إن اضطُررت إلى ذلك". هل هذه ممارسة للحق؟ (لا، فهذه فلسفة للتعاملات الدنيوية). تعتمد عقلية الشخص على أساس نظري آخر أيضًا: إنه يعتقد كما يلي: "لقد ساعدني صديقي خلال أصعب الأوقات وأكثرها إيلامًا في حياتي. تخلى الجميع عني، لكنه وحده اعتنى بي وساعدني. وهو الآن في ورطة، وحان دوري لمساعدته. أشعر أن هذا هو ما يعنيه أن تتمتع بالضمير والإنسانية. كيف يمكنك أن تدعو نفسك إنسانًا إذا كنت تؤمن بالله ولكن ليس لديك هذا القدر الضئيل من الضمير؟ ألا يجعل ذلك إيمانك بالله وممارسة الحق كلامًا أجوف؟" تبدو هذه الكلمات وكأنها صحيحة. لا يستطيع معظم الناس كشفها على حقيقتها – ولا حتى الشخص الذي قالها والذي يعتقد أن الدافع وراء أفعاله ينسجم مع الحق. ولكن هل أفعاله صحيحة؟ إنها ليست كذلك في الواقع. انظر بعناية وسوف تجد أن كل كلمة يقولها مصدرها قواعد السلوك الإنساني والأخلاق والضمير. إن كان لأحد أن يحكم عليه بناء على قواعد السلوك الإنساني، فهو شخص ذو ضمير ووفاء، ووقوفه هكذا إلى جانب صديقه يجعل منه شخصًا صالحًا. ولكن هل يعرف أحد الشخصية والجوهر المخفيين وراء هذا "الشخص الصالح"؟ إنه ليس مؤمنًا حقيقيًّا بالله. أولًا، عندما يحدث شيء ما، فإنه لا ينظر إلى الموقف وفقًا لكلام الله. لا يطلب الحق في كلام الله، ولكنه يختار بدلًا من ذلك أن ينظر إلى الأمر وفقًا للفضيلة والأخلاق وشعارات حياة غير المؤمنين. إنه يعتبر بدع الشيطان ومغالطاته على أنها الحق، ويضع كلام الله جانبًا، متجاهلًا ما ورد في كلام الله. وبفعله هذا، فإنه يسخر من الحق. وهذا يدل على أنه لا يحب الحق. إنه يضع مبادئ الحياة الشيطانية ومفاهيم البشر وأخلاقهم وفضيلتهم مكان الحق، ويتصرف وفقًا للفلسفات الشيطانية. بل ويقول بثقة إن هذه هي ممارسة الحق وإرضاء مقاصد الله، وإن هذه هي الطريقة العادلة للتصرف. ألا يستخدم ستار العدالة هذا لانتهاك الحق؟ أليس هذا النوع من المواقف شائعًا عندما يتعلق الأمر بكيفية تصرف الناس وإدارتهم للشؤون؟ عندما تتحدث دائمًا بالكلمات والتعاليم، فإنك تدرك أنك تفتقر إلى الحق، وأن الشركة عن الحق هي الشيء الذي له قيمة بالفعل، وتعرف أيضًا أنه في هذا العالم المظلم والشرير، لا أمل ولا قيمة إلّا في حياة أولئك الذين ربحوا الحق. ومع ذلك، عندما يقع حدث كبير يتطلب منك مواجهته والاختيار، ستشعر بأن فلسفات الشيطان وأخلاقه وقواعد سلوكه هي الحق وهي المفيدة. وفي ذلك الوقت، لن يكون الحق الذي في كلام الله، والذي ترغب في السعي إليه، مفيدًا. ما هذه المشكلة؟ إذا كان بإمكانك الاعتراف بأن كلمة الله هي الحق، فلماذا لا يمكنك ممارستها؟ لماذا لا تجرؤ على ممارسة الحق؟ ما الذي تخاف منه؟ أنت تخاف من افتراء الآخرين وحكمهم عليك، ومن فقدان فرصك الدنيوية، والإضرار بمصالحك الشخصية. عندما لا تمارس الحق، وتصبح جاحدًا، وتنكر قيمة الحق في كلام الله حين تمر بمنعطف حاسم، فهذا يكفي لإثبات أنك شخصٌ لا يحب الحق، وأنك تحب فلسفات الشيطان وهرطقاته ومغالطاته بدلًا منه، وأنك تسعى وراء الفرص الدنيوية، ومصالحك الجسدية، وسمعتك ومكانتك، ومع ذلك فإنك تدعي بأنك تحب الحق، وهذا نفاق. كل هذا يكفي لإثبات أنك لم تقبل الحق أبدًا ولم تمارسه في إيمانك بالله. وفي هذه الحالة، هل لديك قلب يتقي الله؟ وهل يوجد مكان لله في قلبك؟ برغم كل اعترافك عادةً بأن كلام الله هو الحق، فبمجرد حدوث شيء ما، لن يكون الله في قلبك، وستضع تقديرك لنفسك فوق كل شيء، وستعتبر أن العلاقات الإنسانية، وفلسفات التعاملات الدنيوية والقواعد والمبادئ الأخلاقية، ومعايير الضمير والفضيلة هي الحق. لقد أصبحت هذه الأشياء التي تنتمي إلى الشيطان، بالفعل، بدائل للحق في قلبك، ألم تصبح بذلك فاسدًا؟ لقد خنت الله تمامًا وسقطت تمامًا في الظلمة.

كان كثير من الناس مشغولين جدًا في سنوات إيمانهم العديدة بالله، فلماذا لا يمتلكون واقع الحق؟ في الواقع، جذر المشكلة هو أن أولئك الناس لا يحبون الحق. وإذا قلت لهم إنهم لا يحبون الحق، فسوف يشعرون بالظلم، ولكن في الواقع، هل مظلمتهم هذه معقولة؟ لا، ليس كذلك. بغض النظر عن عدد العظات التي سمعها أولئك الناس أو عدد التعاليم التي فهموها، فإنهم لا يمارسون الحق عندما يحين الوقت لذلك؛ وهم لا يتصرفون أو يتعاملون مع الأمور أو مع الأشخاص والأحداث والأشياء من حولهم وفقًا لمبادئ الحق، ولديهم دائمًا آراؤهم الخاصة. عندما يتحدث معي شخص ما، يقول أحد أولئك الأشخاص دائمًا: "استمع إلي، دعني أعبر عن وجهة نظري؛ هذه هي وجهة نظري، وهذا ما أقصده"، وأيضًا: "أريد أن أتصرف بهذه الطريقة، هلا استمعت إلي؟" أعرف ما تعنيه دون أن تقوله، لا داعي لأن تتحدث دائمًا عما تقصده، فهو ليس الحق، وقوله بوضوح لن يجعله يصبح الحق. إذا كنت تؤمن بأنك امتلكت الحق منذ ولادتك، فلماذا لا تزال تؤمن بالله؟ إذا كان بإمكانك أن تفهم بشكل بديهي كل الحقائق التي عبر عنها الله -كما لو كنت قادرًا على فهم كل الحقائق وكما لو كنت أنت الحق وبإمكانك حل جميع المشاكل- فلماذا لا تزال تؤمن بالله؟ يقول أحد الناس: "لماذا أنت دائمًا على حق وتقوم باتخاذ جميع القرارات؟ لماذا لا تستمع إلي؟" أي نوع من الكلمات هذه؟ بعد الاستماع إليك لسنوات عديدة، لم أسمع كلمة واحدة صحيحة أو تتوافق مع الحق، فلماذا عليَّ الاستماع إليك؟ أود أن أسمع بعض الآراء الصحيحة نسبيًّا من الإنسان؛ إذ سيوفر ذلك علي بعض التفكير والطاقة، لكنني لا أسمع أيًا منها؛ فكل ما أسمعه هو مغالطات وكلام متمرد، وتذمر وحديث سلبي، وكل هذا مناقض للحق، فلماذا أستمع إليه؟ إن أُجبر الجميع على الاستماع إليك، فسوف يتمردون على الله ويقاومونه، ويعارضون السماء، وسيتبعون جميعًا الشيطان ويهلكون في النهاية. إذا استمعت إلى كلامي وتأملت فيه، فسوف تفهم الحق، وستتمكن من المجيء أمام الله، وستبدأ السير في طريق الخلاص. كلام الله وحده هو الذي يمكنه تخليص الناس، لا يمكن للناس أن ينالوا خلاص الله إلّا من خلال فهم الحق وممارسته، وتحقيق الخضوع لله. ليس سهلًا على الناس قبول الحق، وعندما أكون بين الناس، أريد أن أسمع كيف دخل الإخوة والأخوات إلى الحق مؤخرًا؛ وأعرف مدى التقدم الذي أحرزوه في تمييز الأشخاص والأحداث والأشياء وفي ممارسة الحق، وكيف هي أحوالهم، وأعرف ما إذا كانوا قد قلبوا حالاتهم غير الصحيحة وغيروها، ومدى معرفتهم بشخصياتهم الفاسدة، ومقدار ما اكتسبوه من فهم لأنفسهم من خلال كشوفات شخصياتهم الفاسدة، ومقدار ما تم تبديده من سوء فهم لله لديهم، وكم زادت معرفتهم بالله. أود أن أسمع عن هذه الاختبارات والمعرفة، لكن لسوء الحظ لا يستطيع معظم الناس تقديم هذا النوع من الشهادات الاختبارية؛ فهم يفتقرون إلى واقع الحق، ولا يقولون إلا الكلمات الفارغة والتعاليم؛ كلمات محرفة ومتحيزة وشكاوى، أو كلمات يهدفون من خلالها إلى التباهي والمطالبة بنسبة الفضل لأنفسهم وطلب المكافآت. باعتقادكم ما هو شعوري عندما أسمعهم؟ هل سيجعلونني في مزاج جيد؟ (لا). نادرًا ما يقول الناس أي شيء عن اختبارهم العملي للحق وتبصرهم فيه، أو أي كلمات تجعل الناس يشعرون بتحسن بعد سماعها، فإن لم يقل الناس هذا النوع من الكلمات، فإن ما يقولونه هو إما للمطالبة بأن يُنسَب الفضل لأنفسهم وطلب المكافأة، أو كلامٌ فارغٌ لا علاقة له بالموضوع. هل أنت بحاجة إلى أن تتحدث معي عن تلك التعاليم الجوفاء؟ أنت بالكاد قادرٌ على تضليل الجهلة بالحديث عن تلك التعاليم، لذا أليس التحدث عنها معي أمرً خاليًا من العقل؟ عندما يتحدث بعض الناس معي، فإنهم يتحدثون دائمًا عن التعاليم الروحية الكاذبة، وحين يناقشون بعض الأمور، يقولون دائمًا: "كل شيء في يد الله، الله يُقدِّر كل شيء". إنهم يعتقدون أن التحدث عن العلاقات الخارجية ليس روحيًا، وأن معرفة كيفية التحدث عن التعاليم الروحية وحدها هي شيء روحي. وعندما أقول لهم بعض الكلام العملي وأتحدث معهم عن تفاصيل الحياة لا يستوعبونها؛ فهم يريدون فقط سماع العظات الرنانة والتعاليم الروحية العظيمة. هل يمتلك مثل هؤلاء الأشخاص الواقع؟ إنهم لا يفتقرون إلى الواقع فحسب، بل يفتقرون تمامًا إلى العقل. إنهم حقًا أناس متعجرفون وجهلة.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.