البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يخونون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الرابع) القسم الثالث
2. استغلال الإخوة والأخوات لخدمتهم والعمل لصالحهم
لا تقتصر المنافع التي يسعى أضداد المسيح للحصول عليها في أثناء القيام بواجبهم على ما ناقشناه بالفعل – المال والأشياء المادية والطعام والأشياء المفيدة – فنطاق هذه المنافع واسعٌ جدًا. على سبيل المثال، عندما يقوم أضداد المسيح بواجب، فإنهم يستغلون الإخوة والأخوات باسم القيام بذلك الواجب، فيجعلون الإخوة والأخوات يخدمونهم ويعملون لصالحهم، ويملون عليهم الأوامر؛ أليست هذه منفعة يسعى أضداد المسيح للحصول عليها؟ (بلى). بعض الناس يقومون دائمًا بجميع أعمالهم المنزلية بأنفسهم قبل أن يصبحوا قادة للكنيسة، ولا يبدو عليهم أن لديهم طموحات أو نوايا سيئة، لكن بمجرد انتخابهم قادة للكنيسة واكتسابهم المكانة، هل يظلون يفعلون كل شيء بأنفسهم؟ إنهم يعتقدون أنهم مختلفون حالما يكتسبون المكانة، وأنهم يجب أن يتمتعوا بمعاملة خاصة في بيت الله، ويجب أن يتعلموا كيفية حشد "قوة الجماهير" من أجل إنجاز "واجبهم" بشكل مشترك؛ فكل مهمة في منازلهم تصبح عملًا يقع ضمن اختصاص الكنيسة، ويوزعون أعمالهم المنزلية ومهامهم اليومية بين الإخوة والأخوات. على سبيل المثال، عندما تكون لديهم مهمة ما من الضروري إنجازها في منازلهم، يقولون للإخوة والأخوات: "لقد كنت مشغولًا بالعمل الكنسي في اليومين الماضيين. هل لدى أي منكم الوقت لمساعدتي في مهمة؟" يتطوع ثلاثة أشخاص أو خمسة، وبعد قليل من الوقت، تُنجَز المهمة. يفكر هؤلاء القادة: "الأيدي الكثيرة تجعل إنجاز العمل سهلًا. جيدٌ أن يكون المرء قائدًا، فما عليّ إلا أن أقول شيئًا فيُنْجَز. وقتما كان لدي شيء من الضروري إنجازه في المنزل في المستقبل، سأجعل الإخوة والأخوات يساعدونني". مع استمرار هذا، لا ينجزون الكثير من عمل قادة الكنيسة، لكنهم يقومون بالكثير من أعمال ترتيب إرسال الناس للعمل في منازلهم، بل إنهم يضعون هذا على جدول الأعمال؛ يا لهم من قادة كنيسةٍ "مشغولين"! لا يكون لديهم أبدًا الكثير من المهام المنزلية قبل أن يصبحوا قادة، ولكن بعد أن يصبحوا قادة، توجد العديد من المهام التي يجب القيام بها في منازلهم. بعض الإخوة والأخوات يزرعون المحاصيل لهم، وبعضهم يسقي لهم الأرض، وبعضهم يزرع لهم الخضروات، وبعضهم يزيل الأعشاب الضارة، وبعضهم يضيف الأسمدة، وبعضهم يساعدهم عن طريق بيع خضرواتهم ثم إعطائهم كل الأموال التي يكسبونها، دون الاحتفاظ بقرش واحد لأنفسهم. بعد أن يصبحوا قادة للكنيسة، تزدهر حياتهم المنزلية؛ ومهما كان ما يفعلونه، فإنَّ الناس يدعمونهم دائمًا ويساعدونهم، وكل كلمة يقولونها فعالة للغاية. إنهم يشعرون بالسعادة والرضا، ويفكرون بشكل متزايد: "لقب قائد الكنيسة هذا عظيم، وامتلاك المكانة أمر رائع. إذا نقص الطعام في المنزل، فما عليَّ إلا أن أعطي الإشارة فيعطيني الناس الطعام، وهم حتى لا يطلبون المال مقابله. يا لها من حياة مريحة! أنا حقًا مباركٌ من الإله بسبب إيماني. هذه بركة عظيمة، وهي حقًا نعمة الإله! الله عظيم جدًا؛ الشكر للإله!" متى أنهى شخص ما القيام بخدمة من أجله أو تلقِّي الأوامر منه، فإنه دائمًا "يشكر الإله" و "يقبله من الإله". يمكن لقادة الكنيسة التافهين هؤلاء استغلال مناصبهم إلى هذا الحد؛ هل يمكنكم القيام بذلك؟ هل ستكونون قادرين على القيام بشيء من هذا القبيل؟ لماذا يتنافس الناس ليصبحوا قادة؟ لماذا يتنافسون على المكانة؟ لو لم تكن ثمة ميزة يمكن اكتسابها من المكانة، هل كان أي شخص سيتنافس عليها؟ لو كانت المكانة التي تنافسوا عليها تعني الكدح والعمل الشاق، لَمَا كلَّف أحد نفسه العناء لأجلها. إن اكتساب العديد من المزايا بسبب امتلاك المكانة هو بالتحديد ما يجعل الناس يبذلون قصارى جهدهم للحصول عليها ويتنافسون عليها. كونهم قادةً تافهين للكنيسة يجلب لهم مثل هذه المنافع العظيمة، ويجلب لحياتهم مثل هذه الوسائل الرائعة للراحة والكثير من المزايا؛ أي نوع من الأشخاص يتصرف بهذه الطريقة؟ أهو شخص يسعى إلى الحق؟ أهو شخص ذو إنسانية وضمير؟ أهو شخص ذو قلب يتقي الله؟ (كلا). إنهم يعتقدون أنهم يعملون قادةً للكنيسة من أجل الجميع ومن أجل بيت الله، ولا يعتبرون ذلك واجبًا. إنهم يعتقدون أن أي عمل يقومون به بوصفهم قادةً للكنيسة يتم على أساس تضحيتهم بحياتهم المنزلية، ولذلك يجب على الإخوة والأخوات تعويضهم عن الثمن الذي يدفعونه. إذا لم يكن لديهم الوقت للقيام بالأعمال المنزلية، فينبغي على الإخوة والأخوات مساعدتهم في القيام بها؛ وإذا لم يكن لديهم الوقت للعمل في الحقول، فينبغي أن يأتي الإخوة والأخوات إلى حقولهم ويقوموا بالعمل نيابة عنهم كما لو كانوا ملزمين بالقيام بذلك. أيًا يكن ما تخلوا عنه بسبب كونهم قادة للكنيسة، فينبغي على الإخوة والأخوات تعويضهم عنه بالضِّعْف. هذه بعض الأشياء التي يستغلُّ أضداد المسيح الإخوة والأخوات فيها من أجل خدمتهم، ويأمرونهم بالقيام بها لحياتهم الشخصية بينما يقومون هم بواجبهم. حالما يصبح أحد أضداد المسيح قائدًا، لن يفوِّت مثل هذه الفرصة ولن يقف مكتوف اليدين وهو يشاهد هذه المزايا تفلت من بين يديه. وبدلًا من ذلك، يفعل العكس تمامًا: إنه يستغل كل لحظة ويغتنم كل فرصة لاستغلال الإخوة والأخوات للعمل لصالحه، ولجعلهم يعملون لصالحه مثل الدواب. إنه يستغل حماقة الإخوة والأخوات وصدقهم، بل إنه يستغل عقلية الإخوة والأخوات ليجعلهم يقومون بواجباتهم عن طيب خاطر ويدفعون ثمنًا لله، لجعلهم يخدمونه. وفي الوقت نفسه، يدَّعي أيضًا أن بعض الكلمات هي الحق ويستخدمها لتثقيف الإخوة والأخوات، حتى يتعلموا هذه الفكرة: القادة بشر أيضًا، ولديهم عائلاتٌ أيضًا، ويجب أن يعيشوا حياتهم أيضًا، وإذا لم يكن لدى القائد وقت للتعامل مع شؤونه المنزلية، فينبغي للإخوة والأخوات أن يعتبروا هذه الأمور واجباتهم الخاصة؛ فلا ينبغي أن ينتظروا أن يطلب منهم القائد القيام بهذه الأشياء، بل يجب أن يبادروا طواعيةً بفعل هذه الأشياء التي لا يستطيع القائد القيام بها. العديد من الإخوة والأخوات يخدمون هؤلاء القادة عن طيب خاطر في ظل هذا النوع من التضليل والإغراء. هذا هو الهدف الذي يرغب أضداد المسيح في تحقيقه من خلال الاستيلاء على السلطة والمكانة، وهذه هي إحدى المهام التي يرغبون في القيام بها، وإحدى المنافع التي يرغبون في السعي من أجلها، من خلال الاستيلاء على السلطة والمكانة. هل الكثير من الناس هكذا؟ (نعم). هؤلاء الناس شياطين. الأشخاص الذين يفتقرون إلى الحق والذين لا يتبعون الطريق الصحيح قادرون على القيام بمثل هذه الأشياء، حتى لو كان لديهم مقدار ذرةٍ من المكانة؛ هل هؤلاء الأشخاص مثيرون للشفقة؟ ما رأيكم في خُلُقِهِم؟ هل لديهم أي ضمير أو عقل؟
في بعض الكنائس، هناك إخوة وأخوات لا يقيمون عادة في منازلهم، بل يقيمون في منزل قائد كنيستهم لفترة طويلة. لماذا يقيمون كثيرًا في منزل قائدهم؟ لأنه منذ أن تولى القائد منصب "القائد"، صار منزله في حاجة إلى مدبرة للمنزل على مدى طويل. يختار أختًا، وتصبح هذه الأخت مدبرة المنزل المخصصة حصرًا لمنزل القائد. تصبح هذه الأخت مدبرة منزل، فماذا يصير واجبها؟ لا تقوم بالعمل الذي يقع على عاتقها أو بالعمل المتعلق بالكنيسة، بل تتفانى في خدمة جميع أجيال عائلة القائد في حياتهم اليومية، وتشعر أنه من المبرر تمامًا أن تتولى الأعمال المنزلية للقائد، وليس لديها أي شكاوى أو مفاهيم حول هذا الأمر. مَن سبب المشكلة هنا؟ أيًا يكن مقدار العمل الذي يتعين على قادة الكنيسة القيام به أو عدد الأشخاص الذين يقودونهم، هل هم مشغولون للغاية حقًا؟ ألا يستطيعون حقًا أن يتدبَّروا أمور في حياتهم اليومية؟ حتى وإن كانوا غير قادرين على ذلك، فهذا شأنهم الخاص. ما علاقة أيّ شخصٍ آخر بهذا؟ إذا كان الإخوة والأخوات غافلين أو لا يعملون، فإن مثل هؤلاء القادة يُظْهِرون لهم الاستياء ويستغلون هذا ليعقدوا معهم "شركةً عن الحق"، وبسبب هذا الأمر يُهذَّب الإخوة والأخوات – ما الذي يجري هنا؟ عندما تكون الفُرُشُ في منازلهم متسخة، يجب على الإخوة والأخوات غسلها، وعندما تكون منازلهم غير مرتبة، يجب على الإخوة والأخوات ترتيبها، ويجب على الإخوة والأخوات الطهي في أوقات الوجبات؛ هكذا يصبح هؤلاء القادة متسكعين، وهكذا يتصرفون بوصفهم قادة. عندما يكون لدى مثل هؤلاء الناس هذه المظاهر وهذا النوع من الإنسانية، فهل يكونون قادرين على السعي إلى الحق؟ (كلا). لمَ لا؟ (هؤلاء الناس يفتقرون إلى الإنسانية للغاية وهم حُقَرَاءٌ للغاية. ببساطة، لن يكونوا مهتمين بالحق). إذا لم يكونوا مهتمين بالحق، فلماذا يصيرون قادة؟ (يفعلون ذلك من أجل السعي إلى السمعة والمكانة، ولإظهار أنفسهم). لا يمكنك تفسير الأمر بوضوحٍ، أليس كذلك؟ ما نوع الناس الذين يمكنهم استغلال الإخوة والأخوات لحملهم على العمل لصالحهم وخدمتهم؟ أليست هذه واحدة من الخصائص الواضحة لأضداد المسيح؟ لا يسعون إلا إلى منافعهم الخاصة في كل شيء، ولا يهتمون إلا بمكسبهم وخسارتهم، ولا يُراعون ما إذا كان التصرف بهذه الطريقة يتوافق مع الحق، وما إذا كانت فيه إنسانية، وما إذا كان يرضي الله، وما إذا كان يمكن للإخوة والأخوات الحصول منه على أي فائدة أو بنيان؛ إنهم لا يُراعون هذه الأشياء، بل يُراعون فقط مكسبهم وخسارتهم، وما إذا كان بإمكانهم الحصول على منافع ملموسة. هذا هو الطريق الذي يتبعه أضداد المسيح، وهو خُلُقُ أضداد المسيح. هذا أحد أنواع الأشخاص الذين يتمتعون بالمكانة. بعض الناس لا يتمتعون بالمكانة ويقومون بواجبات عادية، وعندما يكسبون بعض المؤهلات، فإنهم يريدون هم أيضًا أن يحملوا الآخرين على خدمتهم. يوجد أيضًا أناس يقومون ببضعة واجبات تنطوي على مخاطر، ويرغبون هم أيضًا في أن يأمروا الآخرين بخدمتهم. يوجد أيضًا بعض الذين يقومون بواجبات خاصة والذين يعتبرون واجباتهم شرطًا أساسيًا وورقة مساومة ونوعًا من رأس المال، يمكنهم من خلاله حمل الإخوة والأخوات على خدمتهم. على سبيل المثال، بعض الناس يعرفون مهارات مهنية خاصة لم يتعلمها أو يستوعبها الآخرون، وعندما يبدؤون في القيام بواجب في بيت الله يرتبط بهذه المهارات المهنية، فإنهم يعتقدون أنهم مختلفون عن الآخرين، وأنهم قد عُيِّنوا في منصب مهم في بيت الله، وأنهم الآن في المستويات العليا، ويشعرون بشكل خاص أن قيمتهم قد تضاعفت، وأنهم محترمون. وبالتالي، يعتقدون أنه توجد مهام معينة لا يلزم أن يقوموا بها بأنفسهم، وأنه من الطبيعي أن يأمروا الآخرين بخدمتهم دون أجر عندما يتعلق الأمر بمهام يومية مثل إحضار الطعام لهم أو غسل ملابسهم. يوجد البعض حتى ممَن يتذرعون بأنهم مشغولون بواجبهم ليحملوا الإخوة والأخوات على فعل هذا أو ذاك من أجلهم. استثناء الأشياء التي يتحتم عليهم القيام بها بأنفسهم، فكل شيء آخر يمكنهم جعل الآخرين يخدمونهم فيه أو يأمرون الآخرين بتنفيذه، فإنهم يحملون الآخرين على القيام به. لماذا؟ يفكرون: "لدي رأس مال، أنا محترم، أنا موهبة نادرة في بيت الإله؛ أقوم بواجب خاص، وأنا متلقٍ أساسي لتنمية بيت الإله. لا أحد منكم بمثل براعتي، وأنتم جميعًا في مستوى أدنى مني. يمكنني تقديم مساهمة خاصة لبيت الإله، وأنتم لا يمكنكم ذلك. ولهذا، يجب أن تخدموني". أليست هذه مطالب مفرطة ووقحة؟ الجميع يُضمرون هذه المطالب في قلوبهم، لكن أضداد المسيح بالطبع يطالبون بهذه الأشياء بدرجة أكبر، وبوقاحة وبلا رحمة، ومهما عقدت معهم الشركة عن الحق، فإنهم لن يتخلوا عنها. الأشخاص العاديون أيضًا لديهم مظاهر أضداد المسيح هذه، وإذا كان لديهم القليل من الموهبة أو قدموا مساهمة ما طفيفة، فإنهم يعتقدون أنه يحق لهم التمتع بقدر من المعاملة الخاصة. لا يغسلون ملابسهم وجواربهم ويحملون الآخرين على القيام بذلك نيابة عنهم، ويقدمون بعض المطالب غير المعقولة التي تتعارض مع الإنسانية؛ إنهم يفتقرون إلى العقل بشدة! هذه الأفكار والمطالب التي لدى الناس ليست ضمن نطاق العقلانية؛ إذا نظرنا أولًا إلى الطرف السفلي من المقياس، فإنها لا تتفق مع معايير الإنسانية والضمير، وفي الطرف العلوي من المقياس، فإنها لا تتفق مع الحق. يمكن أن تجتمع جميع هذه المظاهر في فئة أضداد المسيح الذين يسعون إلى منافعهم الخاصة. كل من يمتلك شخصيات فاسدة قادر على القيام بهذه الأشياء، ويتجرأ على القيام بها أيضًا. إذا كان لدى شخص ما القليل من الموهبة ورأس المال وقدم مساهمةً ما، فإنه يريد حينئذٍ أن يستغل الآخرين، ويستغل فرصة القيام بواجبه في السعي لتحقيق منافعه الخاصة، وأن يأتيه كلُّ شيء جاهزًا، وأن يستمتع بالسعادة والمعاملة التي تأتي من أمره للآخرين بخدمته. يوجد حتى بعض مَن يتخلون عن عائلاتهم ووظائفهم للقيام بواجبهم، وخلال هذا الوقت يصابون ببعض الأمراض البسيطة ومن ثمَّ تثور مشاعرهم، ويشكون من أنه لا أحد يهتم بهم أو يعتني بهم. أنت تقوم بواجبك لنفسك – وأنت تقوم بواجبك وتتمم مسؤوليتك – فما علاقة الآخرين بهذا؟ مهما كان الواجب الذي يقوم به المرء، فإنه لا يُفعَل أبدًا من أجل شخص آخر أو في خدمة شخص آخر، وبالتالي لا أحد ملزم بخدمة الآخرين دون أجر ولا بأن يتلقى أوامر من الآخرين. أليس هذا هو الحق؟ (بلى). على الرغم من أن الله يتطلب أن يكون الناس محبين، وأن يكونوا صبورين ومتسامحين تجاه الآخرين، فلا يمكن للمرء – بصفة ذاتية – أن يطلب من الآخرين أن يكونوا على هذا النحو؛ والقيام بذلك أمر غير معقول. إذا وسع شخص ما أنْ يكون متسامحًا وصبورًا تجاهك وأن يظهر لك المحبة من دون أن تطلب منه ذلك، فهذا متروك له؛ لكن إذا كان الإخوة والأخوات يخدمونك لأنك تطلب ذلك منهم، أو إذا كنت تملي عليهم الأوامر عنوة وتستغلهم، أو كانوا يخدمونك بناءً على أنك حملتهم على ذلك بالخداع – فثمة مشكلة لديك. يوجد حتى بعض مَن يستغلون فرصة القيام بواجبهم، وغالبًا ما يتذرعون به لابتزاز الأشياء من بعض الإخوة والأخوات الأثرياء، وحملهم على شراء هذا أو ذاك وتقديم الخدمات لهم. على سبيل المثال، إذا كانوا بحاجة إلى المزيد من الملابس، فإنهم يقولون لأحد الإخوة أو الأخوات: "يمكنك صنع الملابس، أليس كذلك؟ اذهب واصنع لي ثيابًا أرتديها". فيقول هذا الأخ أو الأخت: "أخرج محفظتك إذًا. اشترِ الخامات وأنا سأصنع لك ثيابًا"، فلا يخرجون أموالهم، بل يُكْرِهون الأخ أو الأخت على شراء الخامات لهم؛ أليست طبيعة هذا الفعل خادعة؟ استغلال العلاقة بينهم وبين الإخوة والأخوات، واستغلال رأس مالهم، واستغلال الفرصة للقيام بواجبهم في المطالبة بجميع أنواع الخدمات والمعاملة من الإخوة والأخوات، وإملاء الأوامر على الإخوة والأخوات بالعمل لصالحهم – هذه كلها مظاهر الخُلُقِ المتدني لأضداد المسيح. هل يمكن لهؤلاء الأشخاص السعي إلى الحق؟ هل يمكن أن يتغيَّروا على الإطلاق؟ (كلا). بعد سماعي أعقد الشركة بهذه الطريقة، ربما سيدرك بعض الناس أنه من السيئ القيام بهذه الأشياء، وسيتمكنون من كبح جماح أنفسهم قليلًا، لكن هل كبح جماح أنفسهم يعادل القدرة على طلب الحق وممارسته؟ إن كبح المرء جماح نفسه يقتصر على توصله إلى إدراك، وأن يكون على وعي بصورته وغروره. بعد سماعي أقوم بهذا التشريح، يرى هؤلاء الناس جسامة المشكلة ويدركون أنهم لا يمكنهم الوقوع في الخطأ مرة أخرى، وأنهم سيُكشَفون ويُرْفَضون إذا سمحوا للإخوة والأخوات بتمييزهم. لا يمتد إدراكهم إلا إلى هذه النقطة، لكن لا يمكن إزالة رغباتهم وجشعهم من قلوبهم.
بعض الناس يفكرون: "أنا أبذل جهدًا لبيت الإله، لقد قدمت العديد من المساهمات لبيت الإله؛ أقوم بواجب لا يمكن لأحد أن يحل محلي فيه. عندما تكون لدي احتياجات، فإنَّ الإخوة والأخوات وبيت الإله مُلْزَمون بأن يقدموا لي يد العون لتلبية متطلباتي. يجب أن يخدموني في جميع الأوقات دون قيد أو شرط ودون أجر". أليست هذه طريقة تفكيرٍ مخزية؟ أليس هذا مظهرًا للخُلُق الوضيع؟ على سبيل المثال، جميع الناس يمرضون أحيانًا، ولكن عندما يمرض بعض الناس، فإنهم لا يخبرون الآخرين بذلك أبدًا، بل يستمرون في القيام بواجباتهم كما ينبغي لهم. لا أحد يعرف بشأنهم أو يهتم بهم، ولا يشكون سرًا أو يؤخرون واجباتهم. لكن بعض الناس يتظاهرون بالمرض حتى عندما لا يكونون مرضى، ويتصرفون مثل الإمبراطورات أو النبلاء، محاولين بكل الوسائل أن يحملوا الناس على التفاني في خدمتهم، ويفعلون كل شيء ممكن للحصول على معاملة خاصة. يتظاهرون بالمرض بينما هم ليسوا مرضى، وإذا مرضوا بالفعل، فهذا أكثر إزعاجًا؛ إذ لا أحد يدري حينئذٍ كم من الناس سيعانون على أيديهم ويتلقون الأوامر منهم يمنة ويسرة. إن إصابة مثل هذا الشخص بالمرض تكون بلاءً يقع على عاتق الجميع؛ فالبعض يصنعون له حساء الدجاج، والبعض يقومون بتدليكه، والبعض يطعمونه، والبعض يساعدونه على المشي؛ ألا يعاني الكثير من الناس؟ (بلى). في الأصل كان مجرد مرض عادي طفيف، لكنه يصرُّ على التظاهر بأنه مرض خطير ومميت؛ لماذا يصرُّ على التظاهر بذلك؟ يفعل ذلك لخداع الإخوة والأخوات ليؤدوا الخدمة له، وليسهروا على راحته وخدمته. أليس هؤلاء الناس مخزين؟ (بلى). هل الكثير من الناس هكذا؟ ألستم جميعًا هكذا؟ (لم أدرك هذا في نفسي بعد). إذا لم تكنوا قد أدركتم هذا، فهذا يثبت أنكم لا تفحصون سلوككم في حياتكم اليومية بصورة اعتيادية، ولا تفحصون أفكاركم وجوهر طبيعتكم، ولا تقبلون تمحيص الله. بعض الناس يُرهقون أكثر قليلًا في أثناء القيام بواجباتهم ويفوتهم القليل من النوم ليلًا، فيصورون الأمر كأنه وضع كارثي. فعندما يستيقظون في صباح اليوم التالي، يتذمرون: "لم يغمض لي جفن الليلة الماضية. لقد كنت مشغولًا جدًا بواجبي في اليومين الماضيين لدرجة أنني لم أنم من فرط التعب. أسرع واطلب من شخص ما أن يقوم بتدليكي!" في الواقع، ناموا لمدة ست ساعات. مهما كانت المشكلات التي يواجهونها، فإنهم دائمًا ما يُلقون باللوم فيها على واجبهم؛ سواء كانوا متعبين، أو يعانون، أو مرضى ويشعرون بعدم الارتياح، فإنهم يُلقون باللوم في هذه الأشياء دائمًا على واجبهم. لماذا يلقون باللوم على واجبهم؟ يتعلق الأمر فقط باكتساب بعض المزايا، وجعل الجميع يتعاطفون معهم، ومن ثم يُصبح مُبَرَّرًا لهم أن يطلبوا من الناس خدمتهم والسهر على راحتهم. أي نوع من الأشياء هم هؤلاء الأشخاص الذين يريدون دائمًا أن يتصرفوا مثل الأباطرة والإمبراطورات وأن يحملوا الآخرين على التفاني في خدمتهم؟ هؤلاء الناس ذوو خُلُق وضيع وهم مثيرون للاشمئزاز. عندما يشعر بعض الناس بقليلٍ من التوعك، ولا تحتمل معدتهم أي طعام أحيانًا، فإنهم يجعلون الأمر يبدو وكأنه خطير للغاية، ويثيرون ضجة هائلة، ويبحثون على الفور عن شخص ما يقوم بتدليكهم. عندما يؤلمهم التدليك قليلًا، يصيحون ويصرخون بصوت عالٍ، بما معناه: "حتى تلقي التدليك فيه معاناة بالنسبة إليَّ. إن لم يمنحني الإله مكافأة ويكمِّلني، فسأكون خاسرًا حقًا!" عندما يتحملون القليل من المعاناة ويدفعون القليل من الثمن، يريدون الإعلان عن الأمر للعالم بأسره حتى يعرف كل شخص على وجه الأرض. ألست تقوم بواجبك من أجل نفسك؟ ألست تقوم بواجبك أمام الله؟ لماذا تعلن عن معاناتك للناس؟ أليست هذه سطحية؟ مثل هؤلاء الناس ذوو خُلُق وضيع وهم مثيرون للاشمئزاز للغاية! ما الصور الأخرى لوضاعة هؤلاء الناس؟ إنهم أيضًا يظهرون بعض العادات المميزة والنزوات، على أمل أن يُعْلِموا الناس أنهم مختلفون عن أي شخص آخر، وأنهم ثمينون للغاية ويحتاجون إلى عناية وحماية عظيمتين. على سبيل المثال، عندما يقول شخص ما إنه ليس لديه شهية جيدة ولا يمكنه تناول أي شيء، فإن شخصًا من هذا القبيل سيمسك بطنه ويقول إن معدته تؤلمه أيضًا، لكنه يثابر على القيام بواجبه، ويأمر شخصًا ما بالإسراع بإحضار بعض أدوية المعدة له. كان هناك أيضًا شخص قلت له: "كما ترى، لا يمكنني تناول سوى حصصٍ صغيرةٍ من الطعام، ومعدتي لا تحتمل الأطعمة والمشروبات الباردة". عندما سمعني هذا الشخص أقول هذا، أجاب: "معدتك لا تحتمل الأشياء الباردة؟ وأنا أيضًا". قلت: "كيف لا تحتمل معدتك الأشياء الباردة؟" فقال: "بمجرد أن أشعر بالبرد، تؤلمني بطني؛ فهي لا تحتمل الأشياء الباردة". وبينما قال هذا، قشَّر موزة وازدردها في بضع قضمات. قلت: "لا ريب أن معدتك بالفعل لا تحتمل الأشياء الباردة على الإطلاق، حيث إنك ازدردتَ تلك الموزة في بضع قضمات. هل معدتك حقًا لا تحتمل الأشياء الباردة؟" أليس مثل هؤلاء الناس وقحين وعديمي العقلانية؟ إذا كان الشخص يفتقر في إنسانيته الطبيعية إلى العقلانية والحس بالخزي، فهو ليس إنسانًا على الإطلاق، بل بهيمة. البهائم لا تستطيع فهم الحق، ولا تمتلك استقامة الإنسانية الطبيعية ولا كرامتها ولا ضميرها ولا عقلها. لأن هؤلاء الناس وقحون وليس لديهم كرامة، فعندما يقومون ببعض الواجب ويتحملون بعض المشقة، يريدون الإعلان عن الأمر للعالم بأسره حتى يعترف الجميع بجهودهم، ويتطلعوا إليهم بنظرة مختلفة فيها إعجاب، وحتى يمنحهم الله معاملة خاصة، ويعاملهم بعطف ويباركهم. في الوقت نفسه، لا بد أن يقوم شخص ما بخدمتهم على الفور، والاستجابة لمطالبهم، وأن يكون رهن إشارتهم. عندما يعطشون، يجب على شخص ما أن يصب الشاي لهم؛ وعندما يجوعون، يجب على شخص ما أن يقدم لهم الطعام. يجب أن يكون لديهم دائمًا شخص يخدمهم، ويفعل ما يطلبونه، ويلبي احتياجاتهم. يبدو الأمر كما لو أن أجسادهم قد وُلِدَت من أجل شخص آخر، ولديهم حاجة متأصلة إلى شخص يتفانى في خدمتهم؛ يبدو الأمر كما لو أنهم يفتقرون إلى القدرة على الاعتناء بأنفسهم إذا لم يكن أحد يتفانى في خدمتهم، وكما لو أنهم معاقون. عندما لا يكون لديهم أي شخص يطلبون منه ما يريدون، أو أي شخص يمكنهم أمره بالعمل لصالحهم وخدمتهم، يشعرون بالوحشة والفراغ، وأن الحياة لا معنى فيها ولا أمل. عندما يجدون فرصة وذريعة لحمل الآخرين على خدمتهم والسهر على راحتهم، يشعرون بالرضا والسعادة، كما لو أنهم سيطيرون من الفرحة. إنهم يعتقدون أن الحياة رائعة للغاية، وأن الإيمان بالله رائع للغاية، وأن هذا هو معنى الإيمان بالله، وأنه هكذا يجب على المؤمن أن يؤمن بالله. إن فهمهم للواجب هو أنه بذل الجهد وتتميم مسؤولياتهم على أساس أن يجعلوا الآخرين يخدمونهم وأن يكونوا قادرين على أن يوجهوا الأوامر للآخرين بحرية؛ هذا هو واجبهم. يعتقدون أنهم يجب أن يحصلوا دائمًا على مكافأة مقابل واجبهم، وأنه يجب عليهم دائمًا الحصول على شيء ما ومحاولة الحصول على شيء ما. إذا كانوا لا يحاولون الحصول على المال أو الأشياء المادية، فإنهم يحاولون الحصول على الملذات والمتع الجسدية، وعلى الأقل يجب أن يكون جسدهم في حالة من البهجة والراحة، وحينها سيشعرون بالسعادة، وحينها سيمتلكون الطاقة للقيام بواجبهم وسيكونون قادرين على القيام بذلك ببعض الإخلاص. هل لدى هؤلاء الناس فهم محرَّف للحق، أم إنهم لا يقبلون الحق بسبب خُلُقِهِم المتدني؟ (خُلُقُهُم متدنٍ، لذلك لا يقبلون الحق). هؤلاء الناس عديمو الإيمان بكل معنى الكلمة، وهم الذرية البارة لأضداد المسيح، وتجسيد أضداد المسيح.
يوجد في بيت الله بعض الممثلين الذين استمتعوا بالأداء وأحبوا مهنة التمثيل عندما كانوا في العالم، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق طموحاتهم هناك. الآن جاءوا إلى بيت الله وأخيرًا تحققت أمنياتهم: يمكنهم العمل في المهنة التي يحبونها، وقلوبهم مليئة بفرح لا يوصف، وفي الوقت نفسه يشكرون الله على منحهم هذه الفرصة. انتهى الأمر بأحد هؤلاء الأشخاص إلى أن يكون محظوظًا بما يكفي للحصول على دور رئيسي، وحينها شعر أنه شخص ذو منزلة وقيمة، وأنه يجب عليه فعل شيء من أجل منزلته وقيمته. نظر إلى الأمور التي كان يفعلها مشاهير العالم ونجومه، وكيفية تصرفهم، وأسلوبهم، ونوع نمط حياتهم، فقلَّدهم فيها وحاكاهم، معتقدًا أن هذه الحياة حياة رقيٍّ ونُبل. لذلك، ومنذ اللحظة التي حصل فيها على الدور الرئيسي وصار "نجمًا"، بدأ يتصرف بغرور. إلى أي مدى تصرَّف بغرور؟ وقع ذات مرّة حادث بسيط يمكن أن يشرح هذه المشكلة. كان جميع أفراد الطاقم مستعدين لبدء التصوير، لكن أحد حاجِبَيْ هذا "النجم" بالتحديد لم يكن مرسومًا بشكل جيد، وكان على الجميع انتظاره، والدوران حوله، وخدمته. مرت عشر دقائق، ثم عشرون دقيقة، وشعر النجم أن حاجبه لم يُرْسَم بشكل جيد تمامًا، لذلك طلب من أخصائي التجميل أن يمسحه ويرسمه مرة أخرى. مرت ساعة، وكان جميع الممثلين والطاقم ينتظرون أن يُرْسَم حاجب هذا "النجم" حتى يتمكنوا من بدء التصوير؛ كان على الجميع خدمة هذا الشخص والدوران حوله. أي نوع من الأشخاص هذا؟ أهو شخص طبيعي؟ أهو شخص ذو إنسانية؟ كلا. إنه شخصٌ من معسكر الشيطان، وهو من الشيطان، وليس من بيت الله. هل في بيت الله نجوم؟ لا يوجد في بيتِ اللهِ نجومٌ، بل إخوةٌ وأخواتٌ؛ ولا يوجدُ سوى واجباتٍ مختلفةٍ، لكن لا يوجدُ تفريقٌ بينَ مناصب عليا ودنيا. إذًا، على أي أساس جعل هذا الشخص الإخوة والأخوات ينتظرونه؟ شيء واحد مؤكد، أنه اعتقد أنه أكثر أهمية من الآخرين، وأن واجبه أعظم شأنًا من واجبات الآخرين، وأنه لا يمكن تصوير العرض بدونه، وأنه إن لم يكن موجودًا سيذهب قيام الآخرين بواجباتهم سدى. لهذا السبب كان يتعين على الجميع خدمته، ودفع الثمن والتحلي بالصبر من أجل انتظاره، ولا ينبغي لأحد أن يشتكي. إلى جانب افتقار مثل هؤلاء الأشخاص إلى الإنسانية، من أين يكتسبون مبادئ التصرف بهذه الطريقة؟ هل تأتي مبادئهم من الحق ومن كلام الله، أم تأتي من الشخصيات البشرية الفاسدة؟ (من الشخصيات البشرية الفاسدة). لا يقتصر الأمر على أنَّ أولئك الذين يأتون من معسكر الشيطان يمتلكون شخصيات الشيطان الفاسدة، بل إنَّ أفعالهم وسلوكهم ومظاهرهم داخل جماعات الناس مكروهة أيضًا. لماذا هي مكروهة؟ إنهم يريدون دائمًا السيطرة على الوضع، والتلاعب بالآخرين، وحمل الآخرين على أن يدوروا حولهم ويجعلوهم الشخصية المحورية. من خلال قيامهم بذلك، من الواضح أنهم يضعون أنفسهم فوق أي شخص آخر؛ يريدون أن يكونوا أعلى من الجميع وأن يتحكموا بهم. هل هذا شيء ينبغي على الناس فعله؟ (كلا). من يفعل هذا؟ (الشيطان). هذا شيء يفعله الشيطان. من بين الحقائق التي يطلب فيها الله من الناس القيام بواجباتهم، هل هناك أي اشتراط على الناس بالسيطرة على الوضع والتحكم بأفكار الجميع وسلوكهم في أثناء قيامهم بواجباتهم؟ (كلا). إذًا من أين يأتي هذا؟ هذه طبيعة شيطانية يولد بها الناس. الناس شياطين وقد امتلكوا هذه الطبيعة منذ الولادة. لا حاجة بهم لتعلمها، فهم لا يحتاجون أن يعلمهم إياها أيُّ شخصٍ، وكيفما عقدت شركةٌ عن الحق معهم، فلن يتخلوا عن هذا الشيء. ثمة شخص أيضًا كان يوجد في رأسه، قبل اعتلائه المسرح لتقديم عرضه، بعض الشعرات الشاردة التي لم تُمَشَّط جيدًا في مكانها. من حيث مظهره، بدا على ما يرام، ومع ذلك لم يصعد إلى المسرح ليؤدي عرضه في الوقت المحدد؛ ومهما حثَّه الإخوة والأخوات على الصعود، فقد كان هذا كله دون جدوى. لقد اعتبر نفسه نجمًا، شخصية مرموقة؛ جعل الجميع يدفعون ثمنًا ويبذلون وقتهم من أجل هذه الشعرات القليلة، وكان على الجميع خدمته بمفرده. هل هذا مظهر ينبغي أن يكون لدى شخص ذي إنسانية طبيعية؟ ما طبيعة هذا التصرف؟ ألم يكن يتصرف بغرور؟ لم يكن يتصرف بمسؤولية ولم يستمع لصوت العقل مطلقًا. في اعتقاده، لم يكن واجب أي أحد بأهمية واجبه، وكان على الجميع خدمته. كان يفكر: "إذا كان الأمر سيستغرق يومًا كاملًا لتصفيف هذه الشعيرات، فسيتعين عليكم انتظاري ليوم كامل؛ وإذا كان سيستغرق يومين، فسيتعين عليكم الانتظار لمدة يومين؛ وإذا كان سيستغرق مدى الحياة، فسيتعين عليكم الانتظار مدى الحياة. لا يهمني عمل بيت الإله ومصالحه؛ مصالحي لها الأولوية! إذا لم أتمكن من تصفيف شعري، ألن تتضرر صورتي عندما أظهر أمام الكاميرا؟ صورتي مهمة للغاية. مصالح بيت الإله لا تعني شيئًا!" أي نوع من الأشياء هذا الشخص؟ هذا النوع من الأشخاص سيقول أيضًا: "أنا أحب الإله، وأقدم الشهادة للإله، وأقوم بواجبي من أجل الإله، وأترك كل شيء". أليس كل هذا كذبًا؟ لا يمكنه التخلي عن شيء مثل تجفيف بضع شعرات، فما الذي يمكنه التخلي عنه؟ ما الذي يمكنه تركه؟ كل تَرْكِهِ زائف! مثل هؤلاء الأشخاص غير عقلانيين تمامًا، وبلا ضمير، وذوو خُلُقٍ متدنٍ، وهم حتى أشدُّ عجزًا عن محبَّة الحق. بما أن إنسانيتهم ليست على المستوى المطلوب، فلن يتحدث أحد معهم عن الحق، ولا يستحقون ذلك، وخُلُقُهُم ليس على المستوى المطلوب. وفي ظل مثل هذه الإنسانية الدنيئة، ألن يكون التحدث معهم عن الحق مثل التحدث عن الحق مع خنزيرٍ أو كلبٍ؟ عندما يكون لديهم بعض شبه الإنسان ويمكنهم التحدث مثلما يتحدث الإنسان، فحينئذٍ سيتحدث الناس معهم عن الحق، لكنهم في الوقت الحالي لا يستحقون ذلك. هناك الكثير من الناس هكذا؛ ثمة عدد غير قليل. إذًا، لماذا لا يُظْهِر بعض الناس هذه الأشياء؟ لأنهم لم يغتنموا فرصة بعد؛ ما هذا إلا لأن مستوى قدراتهم وموهبتهم عاديان جدًا، ولم تسنح لهم الفرصة ليكونوا في دائرة الضوء ولم يحصلوا على بعض رأس المال، لكن في قلوبهم، هم يضعون المخططات، وخططهم لا تزال في حالة التكوُّن. لهذا السبب لم يظهروا كشفًا من هذا النوع. ومع ذلك، فإن عدم امتلاكهم هذا الكشف لا يعني أنهم لا يمتلكون هذه الطبيعة. إذا كنت لا تسعى إلى الحق وتتبع طريق أضداد المسيح، فعاجلًا أو آجلًا، سيأتي يوم تكشف فيه عن هذا. أنت هو أنت، وأن تكون بدون إنسانية يعني أن تكون بدون إنسانية؛ لا يمكنك أن تصبح شخصًا يتمتع بالإنسانية من خلال التظاهر أو لأنك لا تملك موهبة ومستوى قدراتك ضعيف. ولهذا لا يوجد سوى طريق واحد: عندما يستطيع الشخص قبول الحق وقبول التهذيب، يمكن تحسين خُلُقِهِ إلى حد ما. عندما يتمكن من مواجهة هذه الحقائق، والتعامل مع هذه الحقائق بشكل صحيح، ومن ثم يكون قادرًا على فحص سلوكه وأعماق قلبه والتحقق منهما بشكل متكرر – يمكنه حينها أن يصبح أفضل ويكبح جماح نفسه قليلًا. ما الغرض الذي يمكن تحقيقه من خلال كبح النفس قليلًا؟ لن تحرج نفسك كثيرًا، وستتحسن سمعتك قليلًا، ولن يشعر الناس بالاشمئزاز منك، ولن يكرهك الله، وبهذه الطريقة ربما تظل لديك فرصة في أن يُخَلِّصَكَ الله. أليس هذا هو الحد الأدنى من العقل الذي يجب أن يمتلكه الإنسان؟ أليس من السّهل على شخصٍ لديه بعضٌ من الضمير والعقل أن يمارس ويدخل على هذا النحو؟
عندما تسمعونني أتحدث إليكم عن هؤلاء الناس، تشعرون بالراحة إلى حد كبير، ولكن إذا تحدثت عن أشخاص معينين بينكم، فبمَ ستشعرون حينها؟ هل سيكون رد فعلكم طبيعيًا؟ دعني أخبرك، إذا كنت ترغب في تحقيق تغيُّر الشخصية ودخول واقع الحق، فيجب عليك اجتياز امتحان تلو الآخر. لا تستهِن بهذه الأمور؛ إذا لم تكن إنسانيتك على المستوى المطلوب، فلن يقتصر الأمر على أنَّ الإخوة والأخوات سيشعرون بالاشمئزاز منك، بل إنَّ الله أيضًا لن يكمِّلك أو يخلصك. أبسط الشروط لتخليص الله لشخص ما هي أن يمتلك هذا الشخص الإنسانية والعقل والضمير، ولا بد أن يكون لديه حس بالخزي. عندما يأتي شخص مثل هذا أمام الله ويسمع كلماته، سيضيئه الله ويقوده ويرشده. الناس الذين لا يمتلكون الإنسانية أو الضمير أو العقل أو الحس بالخزي، سيكونون إلى الأبد غير مؤهلين للمجيء أمام الله. حتى إن كنت تستمع إلى العظات وتعرف بعض التعاليم، فلن تكون مستنيرًا، وبالتالي ستظل دائمًا غير قادر على دخول واقع الحق. إذا لم تكن قادرًا على دخول واقع الحق، فلن يستغرق الأمر الكثير لتدرك أن آمالك في تحقيق الخلاص تساوي صفرًا. إذا كنت لا تمتلك إلا مظاهر أضداد المسيح هذه وشخصية أضداد المسيح وجوهرهم، ولم يكن لديك أي من مظاهر الإنسانية الطبيعية التي يطلبها الله منك، فأنت في خطر كبير. إذا كان فيك ما يتشابه مع كل واحد من مظاهر أضداد المسيح وجواهرهم هذه التي أكشفها، إلى جانب أفعالهم وكشوفاتهم، إذا كنت تمتلكها جميعًا بدرجة أو بأخرى، فهذا خطيرٌ جدًا عليك. إذا كنت لا تزال لا تسعى إلى الحق وتنتظر حتى توصَّف على أنك ضد للمسيح، فستكون قد انتهيت تمامًا. أيُّهُما مرضٌ مميتٌ: امتلاك جوهر ضد المسيح أم شخصية ضد المسيح؟ (امتلاك جوهر ضد المسيح). حقًا؟ (نعم). فكر في الأمر بعناية، ثم أجب مرة أخرى. (امتلاك جوهر ضد المسيح وشخصية ضد المسيح كلاهما مرضان مميتان). لماذا؟ (لأن الأشخاص الذين لديهم جوهر ضد المسيح لن يسعوا إلى الحق، وينطبق الشيء نفسه على الأشخاص الذين لديهم شخصية ضد المسيح. أيًا كانت القضية التي يواجهها الأشخاص الذين لديهم شخصية ضد المسيح، فإنهم لا يركزون أبدًا على السعي إلى الحق، وليس لديهم حتى الحد الأدنى من الإنسانية والعقل؛ أمثال هؤلاء الناس غير قادرين على كسب الحق، وهم غير قادرين أيضًا على نيل الخلاص؛ هذا أيضًا مرض مميت). من أيضًا يرغب في التحدث؟ (ما أفهمه هو أن لا هذا المرض ولا ذاك مميت، ولكن إذا كان المرء لا يسعى إلى الحق، فهذا هو المرض المميت). هذا رأي جيد في المسألة. ومع ذلك، هناك شرط مسبق لهذا، وهو جوهر ضد المسيح؛ هؤلاء الناس الذين يمتلكون جوهر ضد المسيح، هم ببساطة لا يسعون إلى الحق، وهم عديمو الإيمان – امتلاك جوهر ضد المسيح هو أخطر شيء. ما المقصود بجوهر ضد المسيح؟ إنه يعني أن هؤلاء الناس ببساطة لا يسعون إلى الحق؛ إنهم يسعون فقط إلى المكانة، وهم بطبيعتهم أعداء الله، وأضداد المسيح، وهم تجسيد الشيطان، وأبالسة منذ الولادة، وهم بدون إنسانية، وماديون، وهم عديمو إيمان نموذجيون، وأمثال هؤلاء الناس ينفرون من الحق. ماذا تعني عبارة "ينفرون من الحق"؟ تعني أنهم لا يؤمنون بأن الله هو الحق، ولا يعترفون بحقيقة أن الله هو الخالق، فضلًا عن أن يعترفوا بحقيقة أن الله له السيادة على كل شيء. لذلك، عندما يُمْنَحُ هؤلاء الأشخاص الفرصة للسعي إلى الحق، هل يستطيعون فعل ذلك؟ (كلا). لأنهم لا يستطيعون السعي إلى الحق، ولأنهم – إلى الأبد – أعداء الحق وأعداء الله، فلن يتمكنوا أبدًا من كسب الحق. أن تكون غير قادر إلى الأبد على كسب الحق هو مرض مميت. وجميع أولئك الذين يمتلكون شخصية ضد المسيح يشتركون – من حيث الشخصية – في أوجه تشابه مع أولئك الذين يمتلكون جوهر ضد المسيح: هم يُظْهِرون المظاهر نفسها، والكشوفات نفسها؛ وحتى الطريقة التي يُظْهِرون بها هذه المظاهر والكشوفات، وطريقة تفكيرهم، ومفاهيمهم وتصوراتهم عن الله – كلها متطابقة. لكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمتلكون شخصية ضد المسيح، بغض النظر عما إذا كان بإمكانهم قبول الحق والاعتراف بحقيقة أن الله هو الخالق، فإن شخصية ضد المسيح تصبح مرضًا مميتًا ما داموا لا يسعون إلى الحق؛ ولهذا السبب ستكون عاقبتهم هي نفسها عاقبة أولئك الذين لديهم جوهر ضد المسيح. لكن من حسن الحظ أنَّ بعض أولئك الذين لديهم شخصية ضد المسيح يمتلكون الإنسانية والعقل والضمير والحس بالخزي، ويحبون الأشياء الإيجابية، وتتوافر فيهم الشروط اللازمة لأن يخلصهم الله. لأن هؤلاء الناس يسعون إلى الحق، فإنهم يحققون تغيرًا في الشخصية، ويتخلصون من شخصياتهم الفاسدة، ويتخلصون من شخصية ضد المسيح، لذلك لا تظلُّ شخصية ضد المسيح مرضًا مميتًا بالنسبة إليهم، وهناك إمكانية لخلاصهم. تحت أي ظروفٍ يمكن القول إن امتلاك شخصية ضد المسيح مرضٌ مميت؟ هناك شرط أساسي لذلك، وهو أنه على الرغم من أن هؤلاء الناس يعترفون بوجود الله ويؤمنون بسيادته، ويؤمنون بكل ما يقوله ويعترفون به، ويمكنهم القيام بواجباتهم، فهناك شيءٌ واحدٌ ناقص: إنهم لا يمارسون الحق أبدًا ولا يسعون إلى الحق. لذلك تصبح شخصية ضد المسيح قاتلة بالنسبة إليهم، ويمكن أن تقضي عليهم. فيما يتعلق بالأشخاص الذين لديهم جوهر ضد المسيح، فبغض النظر عن الظروف، لا يمكن لهؤلاء أن يحبوا الحقّ أو أن يقبلوه، ولا يستطيعون أبدًا أن يكسبوا الحق. هل تفهم؟ (نعم). أنت تفهم. كرر ذلك عليَّ مرة أخرى. (الأشخاص الذين لديهم جوهر ضد المسيح هم بصورة متأصلة أعداء الله. هم ليسوا على الإطلاق أشخاصًا يحبون الحقّ ويمكنهم قبوله، ومن المستحيل أن يربحوا الحقّ، وبالتالي فإنّ شخصيّة ضد المسيح بالنسبة إليهم هي مرضٌ مميت. بينما بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين يمتلكون شخصية ضد المسيح، فبشرط أن يمتلكوا الإنسانية والعقل والضمير والحس بالخزي، ويحبوا الأشياء الإيجابية ويسعوا إلى الحق، ثم يحققوا تغيرًا في الشخصية من خلال السعي إلى الحق – فهم يتبعون الطريق الصحيح، وليست شخصية ضد المسيح الموجودة لديهم مرضًا مميتًا. كل هذا يقرره جوهر هؤلاء الناس والمسار الذي يتبعونه). بعبارةٍ أخرى، لا يمكن للناس الذين لديهم جوهر ضد المسيح أن يسعوا إلى الحق مطلقًا، ولا يمكنهم أبدًا تحقيق الخلاص، بينما الناس الذين لديهم شخصية ضد المسيح يمكن تصنيفهم إلى نوعيْن: نوعٍ يسعى إلى الحق ويمكنه تحقيق الخلاص، ونوعٍ لا يسعى إلى الحق على الإطلاق ولا يمكنه تحقيق الخلاص. جميع الذين لا يستطيعون تحقيق الخلاص هم عمال؛ يمكن لبعض العمال المخلصين أن يبقوا، ومن الممكن أن يَلْقَوا نتيجة مختلفة.
لماذا لا يستطيع الناس الذين لديهم جوهر ضد المسيح تحقيق الخلاص؟ لأن هؤلاء الناس لا يعترفون بالحق، ولا يعترفون بأن الله هو الحق. هؤلاء الناس لا يعترفون بوجود أشياء إيجابية، ولا يحبون الأشياء الإيجابية، وبدلًا من ذلك، يحبون الأشياء الخبيثة والأشياء السلبية؛ إنهم تجسيد كل الأشياء الخبيثة والسلبية، وهم المعبرون عن كل الأشياء السلبية والخبيثة، ولهذا السبب هم نافرون من الحق وعدوانيون تجاهه، ويكرهونه. هل يمكنهم السعي إلى الحق بمثل هذا الجوهر؟ (كلا). لهذا، من المستحيل جعل هؤلاء الناس يسعون إلى الحق. هل من الممكن تحويل حيوان إلى نوع آخر من الحيوانات؟ على سبيل المثال، هل من الممكن تحويل قطة إلى كلب أو فأر؟ (كلا). سيظل الفأر دائمًا فأرًا، غالبًا ما يختبئ في الجحور ويعيش في الظلال، وستظل القطة دائمًا العدو الطبيعي للفأر، وهذا لا يمكن تغييره؛ لا يمكن تغييره أبدًا. ومع ذلك، يوجد بعض من أولئك الذين لديهم شخصية ضد المسيح يحبون الحق والأشياء الإيجابية، وهم على استعداد لبذل كل شيء لممارسة الحق والسعي إليه؛ إنهم يمارسون كل ما يقوله الله، ويتَّبِعون الله كيفما قادهم، ويفعلون كل ما يطلبه الله، والطريق الذي يتبعونه يتوافق تمامًا مع الطريق الذي يطلبه الله، ويسعون وفقًا للاتجاه الذي يشير إليه الله والأهداف التي يشير إليها. أما بالنسبة إلى الآخرين، فإلى جانب حقيقة أنهم لا يسعون إلى الحق، هم أيضًا يتبعون مسار ضد المسيح، ولا يتطلب الأمر الكثير لإدراك ما ستكون عليه عاقبة هؤلاء الأشخاص. ليس الأمر فحسب أنهم لن يكسبوا الحق، بل سيفقدون أيضًا فرصة الخلاص؛ كم هم مثيرون للشفقة! يمنحهم الله الفرص ويزودهم أيضًا بالحق والحياة، لكنهم لا يعتزون بهذه الأشياء، ولا يتبعون الطريق إلى التكميل. ليس الأمر أن الله يفضل بعض الناس على آخرين ولا يعطي هؤلاء الناس فرصًا، بل إنهم يفقدون الفرصة للخلاص لأنهم لا يعتزون بهذه الفرص ولا يتصرفون كما يطلب الله. لذلك، تصبح شخصية ضد المسيح التي لديهم قاتلة، وتسبب لهم فقدان حياتهم. إنهم يعتقدون أن فهم بعض التعاليم وإظهار بعض الأعمال الظاهرية والسلوك الصالح يعني أن الله لن ينظر في مسألة شخصية ضد المسيح التي لديهم، وأنه يمكنهم إخفاؤها، وأنهم بالتالي لا يحتاجون بطبيعة الحال إلى ممارسة الحق ويمكنهم فعل ما يريدون، ويمكنهم التصرف وفقًا لفهمهم وأساليبهم وأمانيهم. في النّهاية، مهما يمنحهم الله من فرص، فإنّهم يصرّون على التّشبّث بمسارهم الخاصّ، ويتبعون طريق ضد المسيح، ويصيرون أعداء الله. إنّهم لا يُصبحون أعداءَ الله لأنّ الله عرّفهم هكذا منذ البداية؛ لم يعطِهم الله أيّ تعريف في البداية، لأنّهم – في نظر الله – لم يكونوا أعداءه أو أشخاصًا لديهم جوهرُ ضد المسيح، بل كانوا مجرّد أشخاصٍ ذوي شخصياتٍ شيطانيّةٍ فاسدة. مهما كان عدد الحقائق التي يعبر عنها الله، فإنهم يظلون لا يسعون جاهدين إلى الحق في سعيهم. لا يمكنهم أن يخطوا على طريق الخلاص، وبدلًا من ذلك يتبعون طريق ضد المسيح، وفي نهاية المطاف يخسرون فرصة الخلاص. أليس هذا مؤسفًا؟ يا له من أمر مؤسف! هؤلاء الناس مثيرون للشفقة. لماذا هم مثيرون للشفقة؟ إنهم يفهمون بعض الكلمات والتعاليم فيعتقدون أنهم يفهمون الحق؛ يدفعون القليل من الثمن ويُظهرون بعض السلوك الجيد بينما يقومون بواجبهم فيعتقدون أنهم يمارسون الحق؛ لديهم بعض الموهبة ومستوى القدرات والمَلَكَات، ويمكنهم التحدث ببعض الكلمات والتعاليم، والقيام ببعض العمل، والقيام ببعض الواجبات المميزة، فيعتقدون أنهم كسبوا الحياة؛ يمكنهم تحمل القليل من المعاناة ودفع القليل من الثمن فيعتقدون خطأً أنهم يستطيعون الخضوع لله وتقديم كل شيء من أجل الله. يستخدمون سلوكهم الجيد الظاهري، ومواهبهم، والكلمات والتعاليم التي تجهَّزوا بها، لتحل محل ممارسة الحق – هذه هي مشكلتهم الأكبر، عيبهم المميت. هذا يجعلهم يعتقدون خطأ أنهم شرعوا بالفعل في طريق الخلاص، وأنهم يمتلكون بالفعل القامة والحياة. على أي حال، إن لم يتمكن هؤلاء الناس من تحقيق الخلاص في النهاية، فليس لديهم من يلومون سوى أنفسهم؛ فذلك لأنهم هم أنفسهم لا يركزون على الحق، ولا يسعون إلى الحق، وهم على أتم الاستعداد لاتباع طريق أضداد المسيح.
يوجد الآن بعض الأشخاص الذين بعد استماعهم إلى العظات لمدة 30 عامًا لا يزالون لا يعرفون ما هو الحق ولا ما هي التعاليم. عندما يفتحون أفواههم، كل ما يقولونه هو نظريات فارغة، وكلمات لمحاضرة الآخرين، وشعارات فارغة، ولا يتحدثون إلا عن تحملهم للمعاناة ودفعهم ثمنًا في الماضي، مستعرضين بذلك أقدميتهم. لا يتحدثون أبدًا عن معرفتهم بأنفسهم، أو عن قبولهم للتهذيب، أو عن كشفهم عن الشخصيات الفاسدة، أو عن تنافسهم على الشهرة والمكاسب، أو عن كشوفات شخصية ضد المسيح التي لديهم. لا يتحدثون أبدًا عن هذه الأشياء؛ يتحدثون فقط عن مساهماتهم ولا يتحدثون عن تعدياتهم. أليس هؤلاء الناس في خطر عظيم؟ بعض الناس يستمعون إلى العظات منذ 20 أو 30 عامًا ولا يزالون لا يعرفون ما هو واقع الحق أو ما يعنيه الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته، ولذا أظن أن هؤلاء الناس ربما لا تكون لديهم الملكة لفهم كلام الله. بعد استماعهم إلى العظات لمدة 30 عامًا، يعتقدون أن لديهم القامة، ولكن عندما لا تكون لديهم المكانة، يظل بإمكانهم أن يكونوا سلبيين، وسيبكون ويشكون على انفراد، وقد ينسحبون من أعمالهم. بعد استماعهم إلى العظات لمدة 30 عامًا، يظل بإمكانهم أن يكونوا فظين وغير عقلانيين عندما يعفون، وأن يعارضوا الله. ما الذي فهموه بعد استماعهم إلى العظات طوال تلك الأعوام؟ إذا لم يفهموا ما هو الحق بعد الاستماع إلى كل تلك العظات، ألا يكونون قد آمنوا دون جدوى؟ هذا ما يسمى بالإيمان المشوش!
14 مارس 2020
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.