التعلُّم من خلال التعاون

2020 سبتمبر 12

يقول الله القدير، "إن كنت تريد إتمام واجباتك بشكل مناسب وإرضاء مشيئة الله، فيجب أن تتعلّم أولًا كيفية العمل بتناغم مع الآخرين. عند التنسيق مع إخوتك وأخواتك، يجب أن تفكر في الآتي: ما هو التناغم؟ هل طريقة كلامي معهم متناغمة؟ هل تؤدّي أفكاري إلى تناغم معهم؟ هل تؤدّي طريقة قيامي بالأمور إلى تناغم معهم؟ فكّر في كيفية أن تكون متناغمًا. أحيانًا، يشمل التناغمُ الصبرَ والتسامحَ، لكنه يضمّ أيضًا الدفاع عن مواقفك ودعم المبادئ. وهو لا يعني أن توفّق بين الاختلافات بغض النظر عن المبادئ أو تحاول أن تكون "الطرف الصالح" أو تتمسك بطريق الاعتدال. تحديدًا، لا يعني التزلف إلى أحدهم. هذه هي المبادئ. بمجرد أن تكون قد استوعبت هذه المبادئ، ستتصرف بانسجام مع مشيئة الله من دون حتى أن تدرك هذا، وستعيش واقع الحق أيضًا. بهذه الطريقة، يمكنك تحقيق الوحدة مع إخوتك وأخواتك. في تفاعل الناس مع بعضهم بعضًا، عندما يتّكلون على فلسفات العيش ومفاهيمهم وأفكارهم ورغباتهم وأنانيتهم، ومَقدِراتهم الخاصة ومواهبهم وتخصصاتهم ومهارتهم، فهم إذًا عاجرون كليًا عن تحقيق الوحدة أمام الله. وبما أنهم يعيشون ويقومون بالأشياء من داخل شخصية شيطاني فاسد، فلا يستطيعون أن يتّحدوا. ما هي النتيجة النهائية لهذا؟ لا يعمل الله عليهم. وعندما لا يعمل الله عليهم، ويستمرون بالاتكال على قدراتهم ومهارتهم وتخصصاتهم الضئيلة، والكمّ الصغير من المعرفة والمهارات التي اكتسبوها، يصعب عليهم جدًا أن يستعملوا كل إمكانياتهم في بيت الله، ويجدون أيضًا أنّه من الصعب جدًا أن يتصرفوا بحسب مشيئته، فإن لم يكن الله يعمل عليك، فلا يمكنك أبدًا أن تستوعب مبادئ ممارسة الحق أو القيام بالأشياء، أي أنه لا يمكنك أبدًا أن تستوعب جوهر المبادئ الكامنة خلف الواجب الذي تؤديه أو جذورها، ولا يمكنك أن تعرف كيفية التصرف بتناغم مع مشيئة الله أو ما عليك فعله لإسعاده. لا يمكنك أيضًا أن تعرف كيفية التصرف بالتماشي مع مبادئ الحق. أنت عاجز عن استيعاب هذه الأشياء الأساسية، فليست لديك فكرة. لا بد أن تفشل مساعيك الحائرة لإتمام واجبك، ومن المؤكد أن يرفضك الله" ("تسجيلات لأحاديث المسيح").

أذكرُ أنه منذ ثلاث سنوات كان علينا تصميم رقصة لاستعراض. كان للأغنية لحنًا حماسيًا بحق لذا، كان يلزم أن تتميز حركات الرقصة وتشكيلاتها بقدرٍ من الحماسة والشغف واحتجنا أكثر من عشرة راقصين. فور انتهائنا من اختيار جميع الراقصين، بدأنا التدريبات. في البداية، عندما كنا نناقش ما ينبغي أن تكون عليه الرقصات، كان الجميع يوافقون على أفكاري ووجهات نظري، ويقبلونها. بدأت أشعر قليلًا بالرضا عن الذات، وفكرتُ: "يبدو أنني مصمّمة رقصات موهوبة بحق". ودون مقدمات، صرتُ أظن باستمرار أن أي رأي أعبر عنه هو الصواب، وأبديت اهتمامًا أقل فأقل بآراء إخوتي وأخواتي. أتذكر ذات مرة أننا كنا نتدرب على الحركات مع كلمات أغنية. ذكر الجميع أفكارهم وقلت لهم رأيي. اعتقدتُ أنه بما أن تلك كانت ذروة الأغنية فيجب أن نكوّن تشكيلًا كبيرًا ومتدفقًا، ولكن بعد أن انتهيت من الكلام مباشرة، قدَّمت أخت أخرى أفكارها. قالت: "بالنظر إلى محتوى الكلمات، فنحن بحاجة للتعبير عن الشوق الذي يشعر به المؤمنون لمجيء الرب، لذلك أعتقد أنه من الأفضل إذا اجتمعنا في تشكيل صلاة، حتى نتمكَّن من التعبير عن الإخلاص في شوقهم لوصول الرب". عندما أنهت حديثها، فكرتُ: "ماذا؟ عندما تصل الموسيقى إلى ذروتها تمامًا، سنقف بلا حراك فحسب، بدلًا من الاندفاع والانتشار؟ هل يمكن أن يحقق ذلك التأثير المطلوب؟" لقد رفضتُ رأيها على الفور. رأيت أنها كانت محرَجة قليلًا، لكنني لم آبه كثيرًا لذلك. رأيت الأمر هكذا؛ إذا كنت تعتقد أن هناك خطأ ما، فعليك أن تقول ذلك. يجب أن تتحمَّل مسؤولية واجبك. في طريق عودتي للمنزل في وقت الغداء، أشار لي أخ أنني لا ينبغي أن أتسرَّع في رفض آراء الآخرين، وأنه يجب أن أستكشفها. ظننتُ أنه أثار نقطة جيدة، ولكن بعد ذلك فكرتُ: "أنا فقط لا أظن أن اقتراحها يمكن أن ينجح. كما أن فكرتي تستند إلى الحِس السليم، لذا ينبغي أن تكون صحيحة. سنعرف ما إذا كانت صحيحة عندما يجرِّبها الجميع". كنت لا أزال واثقة جدًا في ذلك الوقت. ولكن لدهشتي، عندما رأينا أن فكرتي في التدريبات، ظهرت سطحية وغير ملهِمة، بينما عبَّرت فكرتها تمامًا عن شعور المؤمنين بالشوق لمجيء الرَّب على الرغم من عدم وجود أي حركات جريئة أو أي شيء من هذا القبيل. كان المشهد مؤثرًا للغاية ومتوافقًا مع الموسيقى تمامًا. أيَّدَ الجميع اقتراحها. شعرت بالإهانة قليلًا. شعرت بأنني كنت غير عقلانية في تجاهل فكرة شخص آخر بناءً على تصوري الخاص، لكنني ظللت أشعر بأنني قد تعاملتُ مع المشكلة بطريقة خاطئة. لم أركِّز على التأمل في سلوكي الخاص.

كلما ناقشنا الأفكار بعد ذلك، ظللتُ أعتقد أن آرائي كانت صحيحة وأفكاري كانت حسنة. قد أسمع أحيانًا اقتراحًا لم أتفق معه من شخص آخر، فأرفضه على الفور. كان يختار الآخرون أحيانًا أفكارًا مختلفة عن تلك التي اخترتها، لكنني كنت أرفضها. كنت أفكر: "ما الذي تظنونه يا رفاق بحق الأرض؟ من الواضح أن الفكرة التي اخترتها هي نوع الطاقة التي نريدها. أنتم جميعًا تفتقرون للتذوق!" لذلك، كنت أؤكد لهم باستمرار أن اقتراحي كان هو الصحيح. كنت أجد مشاكل في الاقتراحات التي اختارها الآخرون، وأحاول تفتيتها: "هذا ليس جيدًا". "هذا ليس جيدًا". بمرور الوقت، بدأ بعض الإخوة والأخوات يشعرون أني متحكمة، وتوقفوا عن التعبير عن آرائهم. قل عدد من يحضرون المناقشات، وأصبح التقدُّم في التدريبات أبطأ. أحيانًا، كنا نقضي ساعات دون إحراز تقدم. وكأننا وصلنا إلى طريق مسدود. عندما اكتشف المسؤولون، اجتمعوا بنا. أتذكّر بوضوح المقطعين اللذين قرأناهما من كلمات الله: "لا ينتبه العديد من الناس في هذه الأيام إلى الدروس التي يجب تعلُّمها أثناء التنسيق مع الآخرين. لقد اكتشفتُ أن العديد منكم لا يمكنهم تعلُّم الدروس على الإطلاق أثناء التنسيق مع الآخرين. إذ يلتزم معظمكم بآرائهم الشخصية. عندما تعمل في الكنيسة، تقول كلمتك ويقول آخر كلمته، ولا علاقة لإحداها بالأخرى، إذ إنك لا تتعاون في الواقع على الإطلاق. إنكم غير مشغولين سوى بتوصيل رؤاكم أو بالتنفيس عن "الأعباء" التي تتحملونها بداخلكم دون البحث عن الحياة حتى بأبسط الطرق. يبدو أنك تؤدي العمل بطريقة رتيبة، معتقدًا دائمًا أنه يجب عليك أن تسلك طريقك الخاص بغض النظر عمَّا يقوله أو يفعله أي شخص آخر. تعتقد أنه يجب عليك أن تقوم بالشركة كما يرشدك الروح القدس بغض النظر عن ظروف الآخرين. لا يمكنكم اكتشاف نقاط قوة الآخرين، ولا يمكنكم اختبار أنفسكم. إن قبولكم للأشياء منحرف وخاطئ حقًا. يمكن القول إنكم حتى الآن ما زلتم تُظهرون الكثير من البر الذاتي، كما لو كنتم قد عدتم إلى ذلك المرض القديم". "عندما تواجهون أي شيء، يجب عليكم أن تقوموا بالشركة مع بعضكم بعضًا حتى تستفيد حياتكم. إضافة إلى ذلك، يجب عليكم الشركة بعناية عن أي شيء من أي نوع قبل اتخاذ أية قرارات. من خلال القيام بذلك وحده تتحملون المسؤولية عن الكنيسة بدلًا من التصرف بلا مبالاة" ("الكلمة يظهر في الجسد"). عندما قرأت كلمات الله: "إنكم غير مشغولين سوى ... بالتنفيس عن "الأعباء" التي تتحملونها بداخلكم" و "إذ يلتزم ... بآرائهم الشخصية" شعرت بألم في قلبي. دائمًا ما شعرت أنه من خلال التعبير عن آرائي بشكل استباقي، والتحدث عندما أشعر أن الآخرين كانوا مخطئين، كنت أتحمل مسؤولية واجبي. تأملتُ في سلوكي في ضوء كلمات الله، وأدركت أنه لا يتماشى مع متطلباته. تقول كلمات الله إنه عندما نعمل مع الآخرين، يجب أن نبحث سويًا عن مبادئ الحق، والتعويض عن عيوبنا بالتعلُّم من الآخرين، وعندها فقط نفي بواجبنا. بالتفكير فيما مضى، لم أكن مهتمة إلا بالتعبير عن آرائي الخاصة، وإثبات أنني كنتُ على حق. لم أهدئ نفسي وأستمع لآراء الآخرين، كما لم أحكم على ملائمتها وفقًا للمبادئ. كنت أرفضها فحسب إذا ظننت أنها كانت خاطئة. بتصرفي هكذا، لم أكن أعمل بانسجام مع إخوتي وأخواتي على الإطلاق. لم يكن هذا تحملاً لمسؤولية واجبي.

بعد ذلك، قرأت كلمات الله: "لا تكن بارًا في عين نفسك؛ خذ نقاط القوة لدى الآخرين لتعويض أوجه القصور لديك، وراقب كيف يحيا الآخرون حسب كلام الله، واعرف ما إذا كانت حياتهم وأفعالهم وحديثهم جديرة بالاقتداء بها. إذا نظرت إلى الآخرين على أنهم أقل منك، فأنت بارٌ في عين نفسك، مغرورٌ، ولست نافعًا لأحدٍ" ("الكلمة يظهر في الجسد"). ثم فكرت في سلوكي وقارنته بكلمات الله. لطالما شعرت أن أفكاري كانت أفضل من أفكار الآخرين، وأنني كنت محقّة في كل شيء. كلما جاء شخص آخر باقتراح مختلف لم أكن لأفكر حتى فيما إذا كانت النتيجة النهائية ستكون أفضل أم لا أو ما إذا كان بوسعه التعبير عن معنى كلام الله بشكل أفضل، كنت لأرفضه فحسب، دون أي ذرة تفكير، وقد ينتهي بي الأمر بالجدل مع الناس، وإيجاد أخطاء في أفكارهم. عندها فقط رأيت أنني لم أكن أحمل عبئًا بحق، بل لم أكن أظهِر إلا شخصية متغطرسة. كنت أتكل على شخصيتي المتغطرسة لأداء واجبي ودعم آرائي الخاصة. لم أكن أقبل النصيحة التي قدّمها لي الآخرون ولم أكن أفكر في كيفية الاستفادة من عمل بيت الله، مما جعل الجميع يشعرون بسيطرتي، بحيث لم يعودوا يريدون التعبير عن آرائهم. وصل تصميم الرقصات إلى طريق مسدود، مما أثر على تقدُّم التصوير. ألم ألعب دور الشيطان، معطلة عمل بيت الله؟ عندما فكرت في هذه الفكرة، انتابني شعور مريع. إنها مجرد حقيقة أن طريقة تفكير الجميع وأفكارهم مختلفة، وينظر كل واحد للأمور بطريقته الخاصة. كان عليَّ أن أستمع على الأقل لأفكارهم وأستكشفها لمعرفة مدى صلاحيتها، وما إن كانت من إرشاد الروح القدس أم لا. إذا استطعت الاستماع إلى اقتراحات الآخرين، فيمكنني أن أتعلَّم من النقاط الجيدة في مقترحاتهم لتعويض أوجه قصوري. إلى جانب ذلك، فإن الفكرة لن تكون مثالية أبدًا، وتتجسد في اللحظة التي يقترحها شخص ما. طالما أن المبادئ والاتجاه صحيحان، يمكن للجميع المشاركة وتطوير الفكرة للأفضل في النهاية. لكني كنت أحاول دائمًا العثور على النقاط السيئة في أفكار الآخرين، وهذا يناقض العمل بتناغم مع الآخرين والوفاء بواجبي. الآن فهمت أفضل قليلًا. لم يعد بوسعي دعم آرائي بغطرستي بعد الآن. كان عليَّ أن أتعلَّم السعي للحق وقبوله أثناء الوفاء بواجبي. كل من لديه خاطرة أو فكرة يمكن أن تشهد لله، يجب أن نناقش فكرته. متعلمين إخلاء ذواتنا والعمل مع الآخرين وتعزيز مقترحاتهم. لا يمكننا نوال إرشاد الروح القدس وتحقيق نتائج جيدة، إلا بهذه الطريقة. بعد ذلك، بدأت أتعلُّم كيف أخلي ذاتي وأستمع بجديّة لأفكار الجميع أثناء التدريبات. عندئذ فقط أدركت أن الأشخاص الآخرين غالبًا ما يرون الأمور بشكل كُليّ أكثر مما كنت أفعل، وكانت أفكاري بعيدة عن الكمال. في السابق، عندما كان الآخرون يعبّرون عن آرائهم، كنت أتظاهرُ بالاستماع، بينما كنت في الحقيقة غارقة في أفكاري الخاصة. في بعض الأحيان كنت أفكّر في فكرة ظننتها حسنة ثم أقاطع شخصًا آخر لإلقاء خطاب طويل. كنت متغطرسة جدًا. لم يكن لدي أي حِس على الإطلاق. بعد ذلك، بدأت أتعلَّم كيف أنكر ذاتي. كلما أردت الإصرار على فكرتي ورفض مقترحات الآخرين، أفكرُ: "هل فكرتي صحيحة حتمًا؟ هل بإمكاني تعلُّم أي شيء من مقترحاتهم؟" عندما فكرتُ مرة أخرى كيف لم تكن اقتراحاتي صحيحة دائمًا، أخليت ذاتي بوعي وصليت إلى الله. لقد نحيّت ذاتي جانبًا وصليّت من أجل إرشاد الله، ومن أجل أن يوضِّح الأمور. خلال تلك الأيام القليلة، عبَّرت عن وجهات نظري أقل، واستمعت إلى آراء الآخرين وفكرت فيها أكثر. عُوِضَتْ أوجه قصوري، من خلال العمل مع الجميع. كما فكرت في أفكار الآخرين وساعدت في تحسينها. شعرت أنه من خلال أداء واجبي بهذه الطريقة، سأوحد فكري مع الآخرين. شعرت براحة وسرور كبيرين في قلبي. خلال ذلك الوقت، دخل أكثر من عشرة منا في حق العمل سويًا بتناغم وتقدَّمنا ​​بشكل أسرع في تصميم الرقصات. وسرعان ما صمَّمنا كل حركات الرقص.

بعد إتمام تصميمات الرقص، بدأنا في التركيز على التدريب. للتأكد من أناقة الحركات وجمالها كان علينا أن نتدرب كثيرًا على كل واحدة، حتى أتقنها الجميع ولم تكن هناك أخطاء، وعندها فقط أمكننا الانتقال إلى المرحلة التالية. أتذكرمرة عندما كنا نتدرب، اعتقدت أنني رقصت جيدًا، ويمكنني الانتقال إلى حركة الرقص التالية. لكن الأخت التي كانت تعلّمنا قالت لشخص ما، "انتبه، لقد أخطأت ثانيةً. لنبدأ من الأعلى". شعرت بعدم الرغبة في قبول ذلك. كنت أنظر إلى الأخ أو الأخت الذي ارتكب الخطأ، مع نظرة ازدراء وضيق على وجهي، وأفكر: "لقد تمرننا على هذه الحركة مرات عديدة بالفعل. كيف تخطئ بها رغم ذلك؟ ألا تأخذ هذا على محمل الجد أم أنك مجرَّد كسول؟" عندما أرى أخًا أو أختًا يخرجان عن توقيت الإيقاع، سواء كان ذلك قبل أو بعد الإيقاع، أشعر بالضيق أكثر وأفكر في نفسي، "نحن نتدرب على هذا منذ شهور الآن. لقد سمعنا هذه الموسيقى مرات لا تحصى بالفعل. يجب أن تكون قادرًا على القيام بذلك الآن، أليس كذلك؟ لماذا لا تزال تفسد الأمر؟ أنت ذو مقدرة ضعيفة". البعض منهم لم يكن لديه إحساس بالتمركز، وكانوا يقفون في المكان الخطأ. تقول الأخت المُدرِّبة لأحدهم، "انتبه، أنت هناك! أنت خارج الموضع ثانية". فأشعر بالضيق أكثر وأفكر، "فقط انظر حولك حتى تكون في الموضع الصحيح. هذا ليس صعبًا". على الرغم من أنني كنت أدرك في بعض الأحيان أنه لا ينبغي أن أحتقر الآخرين، لم يكن بوسعي إلا إظهار نظرة ضيق على وجهي، في كل مرة ارتكب أحدهم خطأ أو لم يكن أداؤه جيدًا.

ذات يوم قالت لي إحدى الأخوات: "لقد شعرت بالقيود الشديدة من من جهتك في التدريبات مؤخرًا. كل مرة لا أقوم فيها بحركة جيدة أو يرتكب أحد الآخرين خطأ، دائمًا ما توجهين نظرة الضيق أو الازدراء هذه، وكأنك بارعة جدًا في الأمر، وليس من بيننا من يفوقك أداءً. كلما رأيتُ هذه النظرة من جانبك، ينتابني شعورًا سيئًا للغاية. عندما صرحت لي بهذا، رددت بتلقائية وقلت إنها كانت مخطئة، ولكن بعد ذلك شعرت بالضيق الشديد. ظللت أفكر فيما قالت. كانت على حق تمامًا. في الآونة الأخيرة كنت أظهِر ضيقي أثناء التدريبات. ربما لم أقل أي شيء، لكن خانت تعبيراتي شخصيتي المتغطرسة وجعلت الآخرين يشعرون بالقيود. شعرت بالحزن عندما فكرت في ذلك. فكرت: "كيف لم تتغير شخصيتي المتغطرسة بعد؟" في اجتماع بعد أيام قليلة، تصارح الجميع عن المشاكل في التدريبات والحالات التي كانوا فيها. قال أحد الأخوة إنه لم يتعلّم هذا النوع من الرقص من قبل، وعلى الرغم من رغبته في القيام بذلك بشكل جيد، إلا أن جسده كان يعيقه. في كل مرة رأى الآخرين يضطرون إلى التدرب مرة أخرى بسبب خطأه، كان ينزعج ويلوم نفسه. قالت بعض الأخوات إنهن لا يتمتعن بأذن موسيقية، وعندما بدأت الرقصة، كنّ يفكرن في الحركات ولا يمكنهن متابعة التوقيت. قال آخرون إنهم لم يرقصوا إلا في نفس الموضع، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتعين عليهم فيها التحرك ضمن تشكيل، لذلك فهم يرتبكون. عندما سمعت الجميع يتلون ما كانوا يشعرون به، شعرت بالخجل الشديد ولُمت نفسي. فكرت في نظرات الازدراء التي كنت أنظرها عندما ارتكب الآخرون أخطاء وازداد شعوري سوءًا. لقد شعروا بالقلق حيال هذه المشاكل، وكانوا يبذلون قصارى جهدهم. ولكنني لم أظهر أي تفهم، ولا حتى ساعدتهم على التغلب على هذه الصعوبات، عاملتهم بجفاء وانزعجت منهم. لقد جعلتهم يشعرون بالتقيد والمهانة. أين كانت إنسانيتي؟ كيف يمكنني هكذا العمل معهم بشكل جيد؟

بعد ذلك، قرأت كلمات الله. "إذا كنت تمتلك الحق بداخلك، فإن المسار الذي تسير فيه سيكون بطبيعة الحال المسار الصحيح. من دون الحق، من السهل أن تفعل الشر، وسوف تفعل ذلك رغمًا عنك. على سبيل المثال، إذا كان لديك تكبر وتعجرف، ستجد أنه من المستحيل الابتعاد عن تحدّي الله، ستشعر بأنك مرغم على تحدّيه. لن تفعل ذلك عمدًا، بل ستفعل ذلك تحت سيطرة طبيعتك المتكبرة والمتعجرفة. إن تكبرك وتعجرفك سيجعلانك تنظر بازدراء إلى الله وتراه بدون أهمية، وسيجعلانك تمجّد نفسك باستمرار وتُظهر نفسك، وفي النهاية، تجلس مكان الله وتقدم شهادة لنفسك. وفي نهاية المطاف، سوف تحوِّل تفكيرك وتصوراتك الخاصة إلى حقائق للعبادة. أرأيت حجم الشر الذي يرتكبه الأشخاص الذين يقعون تحت سيطرة طبيعتهم المتكبرة والمتعجرفة!" ("تسجيلات لأحاديث المسيح") .فقط بعد قراءة كلمات الله اكتسبت بعض المعرفة عن طبيعتي المتغطرسة. تحت سيطرة طبيعتي المتغطرسة، لطالما زهوتُ بنفسي، كما لو كنت أفضل من أي شخص آخر. عندما خرج الآخرون بمقترحات مختلفة، لم أفكّر إلا في أفكاري الخاصة، معتقدة أنني على حق. تمسكت بشدة بآرائي ورفضت مقترحات الآخرين، بل ودخلت في جدال معهم. أدى هذا إلى إبطاء تقدمنا وعرقلة عمل بيت الله. بعد ذلك، على الرغم من أنني لم أرفض آراء الآخرين اعتباطًا، لكنني في كل مرة رأيت فيها شخصًا يرتكب خطًا صغيرًا، أو لم يكن مثاليًا، ظللت عاجزة عن إخفاء ضيقي ضيقي، ونظرتُ إليه بإزدراء، مما يجعلهم يشعرون بالكبت والقيد. كنت متغطرسة جدًا. أين كانت إنسانيتي؟ التفكير في العيش بهذه الطبيعة المتغطرسة، جعل الآخرين يشعرون بالتقيد، وعرقلة عمل بيت الله، شعرت بالندم الشديد. كنت أعلم حينها أنه إذا لم أعالج طبيعتي المتغطرسة، فسوف أفعل الشر رغمًا عني ولن أتمكّن من العمل بشكل جيد مع إخوتي وأخواتي.

عند التدريب بعد ذلك، لم أكن أركز على أخطاء الآخرين. أدركت، تدريجيًا، أن هناك الكثير من المشاكل في حركاتي أيضًا. في كثير من الأحيان لم أستطع الوقوف بثبات أو لم أكن أتحرك بشكل صحيح، واضطررت للتمرن عليها كثيرًا. لم يكن لدي أي شيء لأتباهى به. لم أفهم الحق من قبل وكنت عالقة في غطرستي. لم أعرف نفسي. لطالما اعتقدت أنني أفضل من الآخرين. كنت عديمة الحِس! ثم قرأت كلمات الله: "هل تظنون أنّ أحدهم كامل؟ مهما يَكُنِ الناسُ أقوياءَ أو قادرين وموهوبين، يبقوا غير كاملين. يجب أن يدرك الناس هذا، فهو حقيقة. هذا أيضًا هو السلوك الأكثر ملاءمةً لأي شخص ينظر بشكل صحيح إلى نقاط قوّته وميزاته أو عيوبه. هذه هي العقلانية التي يجب أن يتحلّى بها الناس. مع عقلانية كهذه، يمكنك أن تتعاطى بشكل ملائم مع نقاط القوّة والضعف فيك وفي الآخرين أيضًا، وسيمكّنك هذا من العمل بتناغم معهم. إن كنت مسلحًا بهذا الجانب من الحق وقادرًا على دخول واقع الحق، فيمكنك أن تنسجم مع إخوتك وأخواتك بتناغم، وأن يستفيد بعضكم من نقاط قوة البعض الآخر للتعويض عن أي نقاط ضعف توجد فيكم. بهذه الطريقة، مهما يكن الواجب الذي تؤدّيه أو مهما تفعلْ، فسيتحسّن أداؤك دائمًا وستتلقّى بركة الله". "يجب أن تتشاركوا في الرأي عينه في كل ما تفعلونه. وكيف لكم أن تتشاركوا في الرأي عينه؟ يجب أن تمارسوا الحق، ففقط حينئذٍ ستتمكنون من أن تصبحوا أقوياء كحزمة عِصيّ، متحدين ومتشاركين كلكم في الرأي عينه" ("تسجيلات لأحاديث المسيح"). ثم فهمت أنه إذا أردنا أن نعمل مع الآخرين بشكل جيد، فعلينا أن نتعامل مع الناس بالطريقة الصحيحة. عندما نرى عيوبًا في شخص آخر، لا ينبغي أن نحبطه، بل نساعد بعضنا بعضًا. وهكذا، سننال إرشاد الله وبرَكته، ونحقق نتائج جيدة. كنت دائمًا ما أتباهى، وأحتقر الآخرين، بينما في الواقع، كان من المُحال أن أنفذ هذه الرقصة بمفردي بأي شكل. بل كان على أكثر من عشرة إخوة وأخوات القيام بذلك معًا. للوصول إلى هدفنا المتمثل في رفع مستوى الجميع، لنصل إلى نفس المستوى في فترة زمنية قصيرة، ونجعل جميع حركاتنا متزامنة، كان علينا العمل معًا بشكل جيد، وتعويض نقائص بعضنا بعضًا.

بدأنا نشارك اختباراتنا مع بعضنا بعضًا، مثل ما يجب التركيز عليه، والمشكلات التي يجب تجنبها للوصول إلى حركات معينة بشكل صحيح. عندما كنا نرى أحدًا يواجه صعوبة بحركة ما، كنا نشير إليها، ونتحدث عن الطريقة الصحيحة لممارستها. عند أداء تشكيل، بدأنا نفكر في بعضنا بعضًا، ولا نقلق بشأن موقعنا فحسب، لكن كنا نفكر في أنفسنا كجزء من الكل. إذا خرج شخص من مكانه، سأقوم بتعديل موضعي لتصحيح الخطأ، للحفاظ على التشكيل كله سليمًا. ببطء، أصبحت حركاتنا أكثر اتساقًا وبدت التشكيلات أفضل وأفضل. جاء يوم التصوير، وبعد أن انتهينا، شاهدنا جميعًا الفيديو المعدَّل، وقد اندهش الجميع من مدى جودته. ما كنا لنتمكّن من القيام بذلك بشكل جيد بمهاراتنا في الرقص وحدها. كان كل ذلك بإرشاد الله. لقد قمنا بذلك من خلال العمل معًا بشكل جيد، وقبول عمل الروح القدس.

عندما أفكر في الأشهر الثلاثة أو نحو ذلك، التي أمضيناها في التدريب على الرقص، كانت كلمة الله والمواقف التي رتبها، هي التي أعانتنا على فهم حق العمل معًا بانسجام. عندما مارست الحق، تعلّمت كيف أنحّي ذاتي جانبًا وأتعامل مع نقاط القوة والضعف لدى الآخرين بشكل صحيح، وبدأت أعرف المزيد عن طبيعتي المتغطرسة. صرت أدرك حقًا أن القيام بواجبنا لا يمكن أن يتم دون العمل بشكل جيد مع الآخرين، بهدف واحد مشترك. الشكر لله!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

كيف ساعدني قبول الإشراف

كنت مسؤولة عن عمل الإنجيل في فريقين. ليس من زمنٍ بعيد، فُصِلَ بعض الإخوة والأخوات الآخرين لعدم قيامهم بعمل عملي وتخبّطهم الدائم في أداء...