لا يتحقق التحول الحقيقي للمرء إلا بمعالجة شخصيته الفاسدة (الجزء الأول)

في الوقت الحالي، أنتم جميعًا تقومون بواجبكم بكل همة ونشاط، وأنتم قادرون على التعامل مع بعض المعاناة؛ فهل لديكم طريق للمضي قدمًا عندما يتعلق الأمر بدخول الحياة؟ هل تكتسبون تنويرًا جديدًا أو ترون نورًا جديدًا؟ إن دخول الحياة هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالله، كما هو الحال مع قيام المرء لواجبه؛ ولكن لكي تتمكن من القيام بواجبك على نحو جيد، وأن تصل إلى معيار مقبول، وأن تقوم بواجبك بإخلاص؛ ما الطريق إلى تحقيق هذه الأشياء؟ (السعي إلى الحق). هذا صحيح، عليك أن تسعى إلى الحق. وما طريقة السعي إلى الحق؟ لا بد أن تقرأ المزيد من كلام الله؛ فكلام الله وحده هو الحق. ولا بد أن تضع كلام الله موضع التنفيذ وتختبره بوتيرة أكبر لتنال الحق، وحينها فقط يمكنك فهم الحق. لذا، من أجل فهم الحق، ألا يجب عليك بذل الجهد تجاه كلام الله؟ يقول بعض الناس: "خلال هذه السنوات التي آمنت فيها بالله، قرأت الكثير من كلام الله وفهمت حقًا بعض الحق، ولكن عندما تحدث لي أشياء غير عادية، لا أستطيع أن أجد الطريق ولا أعرف كيف أمارس الحق؛ فكيف أنني لا أستفيد من الأشياء التي أفهمها وأتحدث عنها؟ في هذا الوقت، أدرك أن كل ما أعرفه هو مجرد كلمات وتعاليم، وأنني لا أعرف كيف أمارس الحق عندما تحدث لي بعض الأشياء. أنا بائس ومثير للشفقة". عادةً ما يطلق بعض الناس وابلًا متواصلًا من الكلمات عندما يعقدون شركة، بل إنهم يكونون قادرين حتى على تلاوة بعض من كلام الله من الذاكرة، لذلك يعتقدون أنهم يفهمون الحق، وأنهم روحانيون، وأنهم يمتلكون بعضًا من واقع الحق؛ ولكن عندما يحدث لهم شيء لا يتماشى مع رغباتهم يومًا ما، يبدأون في تكوين مفاهيم عن الله، بل إنهم قد يشكون منه في بعض الأحيان. سوف تنكشف شخصياتهم الفاسدة، ومهما صلوا لله، فلن يتمكنوا من حل مشكلاتهم. وعندما يعقد أناس آخرون شركة معهم عن الحق، يقولون: "أنا أفهم هذه التعاليم أفضل منك. عندما يتعلق الأمر بفهم الحق، فأنا أفهمه أكثر منك؛ وعندما يتعلق بالوعظ بالتعاليم، فأنا أعرف كيف أتحدث أفضل منك؛ وعندما يتعلق بالاستماع إلى المواعظ، فقد استمعت إلى أكثر مما استمعت إليه؛ وعندما يتعلق ببذل الجهد، فأنا أبذل جهدًا أكثر منك؛ وعندما يتعلق بالإيمان بالله، فقد آمنت به لفترة أطول منك. لا تحاول أن تعلمني شيئًا؛ فأنا أفهم كل شيء". إنهم يعتقدون أنهم يفهمون كل شيء، لكن عندما تدخل طموحاتهم ورغباتهم في الأمور وتسيطر عليهم شخصياتهم الفاسدة، فإنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. تصبح التعاليم الروحية التي يثرثرون بها عادةً غير قادرة على معالجة الصعوبات التي يواجهونها. فهل قامتهم عظيمة حقًا أم أنها وضيعة؟ إنهم يعتقدون أنهم يفهمون الحق، فلماذا إذن لا يستطيعون معالجة صعوباتهم الحالية؟ ماذا يحدث هنا؟ ألا تتعرضون لمثل هذه المشكلات كثيرًا؟ تلك صعوبة شائعة يتعرض لها المؤمنون عندما يتعلق الأمر بدخول الحياة، وهي أعظم صعوبة يواجهها الإنسان. فقبل أن يحدث لك شيء ما، قد تعتقد أنك قد آمنت بالله بالفعل لفترة من الوقت، وأنك تمتلك قامة معينة وأساس معين، وعندما تحدث أشياء لأشخاص آخرين، تكون قادرًا على رؤية حقيقة هذه الأشياء إلى حد ما. أنت حتى تكون قادرًا على المعاناة كثيرًا أثناء قيامك بواجبك، وقادرًا على دفع ثمن باهظ، وقادرًا على التغلب على العديد من صعوباتك، مثل المرض الجسدي، والعيوب، والنقائص؛ لكن أصعب مسألة ينبغي عليك معالجتها هي مسألة الشخصيات الفاسدة المختلفة التي غالبًا ما يكشف عنها الناس. إنَّ مصطلح "الشخصية الفاسدة" مألوف لدى الناس، لكن ما كل شخص يفهم بوضوح ماهية الشخصية الفاسدة بالضبط، وأي الكشوفات تُشكل شخصية فاسدة، وأي الأفكار والأفعال تكون نتاجًا لشخصية فاسدة. إذا كان الناس لا يفهمون أو يستوعبون ما الشخصية الفاسدة، أو ما الأفعال التي تُعد كشوفات عن شخصية فاسدة، أفلا يمكن إذن أن يظن أحدهم أنه يمارس الحق ما دام لا يرتكب خطيئة، حتى وإن كان يعيش وفقًا لشخصية فاسدة؟ هل لديكم مثل هذه الحالة؟ (نعم لدينا). إذا كنت لا تفهم على الإطلاق ما الشخصية الفاسدة أو تستوعب ذلك، فهل يمكنك معرفة نفسك؟ هل تستطيع استيعاب طبيعتك الفاسدة؟ كلا بالتأكيد. إذا كنت لا تعرف ما الشخصية الفاسدة، فهل يمكن معرفة كيفية التصرف لتطبيق الحق، وأي الأفعال صحيحة، وأيها خاطئة؟ كلا بالتأكيد. إذن فالأشخاص الذين لا يعرفون أنفسهم لن يكون لديهم دخول إلى الحياة.

إن مسار دخول الحياة يمس العديد من الحالات. أنتم جميعًا تعرفون على الأرجح هذه الكلمة، "حالة"، لكن ما الذي تشير إليه؟ كيف تفهمونها؟ (الحالة هي وجهات النظر والأفكار التي تتدفق من الشخص عندما تحدث له الأشياء؛ ويمكنها التأثير في كلامه وسلوكه واختياراته والتحكم بها. كل هذه الأشياء تشكل الحالة). هذا قريب من الصواب. من أيضًا يريد أن يقول شيئًا آخر؟ (الحالة تعني أن الشخص يعيش في حالة سلبية وغير طبيعية تمامًا لأنه خاضع لهيمنة نوع ما من الشخصيات الفاسدة، في فترة زمنية معينة، أو في أمر معين – على سبيل المثال، عندما يُهذَّب بشدة، أو عندما يواجه بعض الصعوبات). (مؤخرًا، عندما حققت بعض النتائج بعد أن قمت بواجبي، كنت في حالة رضا عن النفس وإعجاب بذاتي. اعتقدت أنني تغيرت، وأنني اكتسبت واقع الحق، وأنني سأحظى باستحسان الله بالتأكيد؛ والواقع أنني وفقًا لمتطلبات الله، كنت لا أزال بعيدًا. والآن فقط أفهم أن هذا كان حالة من الغطرسة والغرور). الحالات التي ناقشتموها للتو كلها سلبية، فهل هناك حالات صحيحة وإيجابية؟ (نعم. على سبيل المثال، عندما أريد إرضاء الله بكل قوتي، وأكون قادرًا على التمرد على جسدي وممارسة الحق: هذا النوع من الحالات إيجابي). حتى الآن، قمتم فقط بوصف بعض الحالات دون تعريف ما الحالة فعليًا. لذا دعونا الآن نلخص ما تعنيه الحالة في الواقع بناءً على ما قلتموه جميعًا. ما الذي تشير إليه "الحالة" بالفعل؟ إنها نوع من وجهة النظر التي يمتلكها الناس أو الظرف الذي يكونون فيه عندما تحدث لهم الأشياء، إضافة إلى الأفكار والحالات المزاجية والمنظورات التي يؤدي إليها هذا الظرف. على سبيل المثال، عندما تُهذَّب في أثناء قيامك بواجبك، ستشعر بالتعاسة، وستكون في حالة سلبية. في هذا الوقت، تكون وجهات النظر والمواقف التي تكشف عنها، إضافة إلى منظوراتك، هي بعض التفاصيل ذات الصلة بحالتك. ألا يتعلق هذا بالأشياء التي تختبرها عادةً؟ (بلى، يتعلق بها). هذا يتعلق بحياة الناس؛ إنه شيء يمكن أن يفهمه الجميع – شيء يمكنهم الشعور به، واختباره، والاتصال به – في كل يوم من حياتهم اليومية. ماذا تعتقدون إذن: عندما يكون المرء في حالة سلبية، ما الأشياء التي تتدفق منه؟ (سوء الفهم، والتهرب، وإصداره الأحكام على نفسه، والاستسلام تمامًا بعد أي انتكاسة؛ وعندما يكون الأمر خطيرًا، قد يتخلى الشخص عن واجبه تمامًا). عندما يكون الأمر خطيرًا ويريد الشخص التخلي عن واجبه، فهل يكون هذا موقف أم منظور؟ أم أنه شيء آخر؟ (إنه نوع من الظروف والحالة المزاجية). إنه أقرب لظرف وحالة مزاجية. في هذا الوقت، كيف يكون موقف الشخص في أثناء قيامه بواجبه؟ (إنه يكون سلبيًا ومتراخيًا، ولا يكون لديه دافع، ويفعل الأشياء بشكل سطحي فحسب). هذا يتعلق بالوضع الحالي. إن القول بأن الشخص "لا يكون لديه دافع" عبارة لا معنى لها؛ بل يجب أن تتحدث عن الوضع الحالي الحقيقي. ما الذي يفكر فيه الناس في أعماق قلوبهم عندما يقومون بواجبهم دون دافع؟ ما الشخصية الفاسدة التي يكشفون عنها في هذا الوقت؟ (هم لا مبالين في واجبهم؛ ويفعلون الأشياء بلا حماس). هذه ليست شخصية بل تعريف ينطبق عليك بعد أن تتصرف؛ إنها طريقة في التصرف. أما عن السبب الذي جعلك لا مباليًا، ألا تحتاج إلى أن تتعمق أكثر؟ من خلال التعمق بما فيه الكفاية، ستكتشف شخصيتك الفاسدة. إن كون الشخص لا مبالٍ هو كشف عن شخصية فاسدة. والطريقة التي تفكر بها في أعماق قلبك يمكن أن تؤدي بك إلى أن تكون لا مباليًا في أثناء قيامك بواجبك، ويمكن أن تؤدي بك إلى أن تكون أقل نشاطًا من ذي قبل. وهذا التفكير من جانبك هو شخصية فاسدة، والشيء الذي أدى إلى هذا التفكير هو طبيعتك. يواجه بعض الناس التهذيب في أثناء قيامهم بواجبهم، فيقولون: "ما مقدار ما يمكنني فعله حقًا بقدراتي المحدودة؟ أنا لا أفهم الكثير، لذا إذا كنت أريد القيام بهذه المهمة على نحو جيد، ألن أضطر إلى التعلم بينما أقوم بها؟ هل سيكون ذلك سهلًا عليِّ؟ إن الله لا يفهم الناس؛ أليس هذا مستحيلًا كأنك تطلب من سمكة أن تتسلق شجرة؟ فليفعلها شخص آخر أكثر مني فهمًا. لا يمكنني أن أفعل ذلك إلا بهذه الطريقة؛ لا يمكنني أن أفعل أكثر من هذا". يقول الناس مثل هذه الأشياء ويفكرون فيها بانتظام، أليس كذلك؟ (بلى). يمكن أن يقر الجميع بذلك. لا أحد كامل، ولا أحد ملاك؛ الناس لا يعيشون في فراغ. الجميع لديهم مثل هذه الأفكار وكشوفات الفساد. الجميع قادرون على الكشف عن هذه الأشياء والعيش في هذه الحالات بشكل متكرر، وليس ذلك بمحض إرادتهم؛ بل لا يسعهم إلا التفكير بهذه الطريقة. قبل أن يحدث للناس أي شيء، يكون لديهم حالة طبيعية إلى حد ما، لكن الأمور تختلف عندما يحدث لهم شيء ما؛ حيث يتم الكشف عن حالة سلبية بشكل طبيعي وبسهولة شديدة، دون عائق أو قيد، ودون حث أو تحريض من الآخرين؛ فما دامت الأشياء التي يواجهونها لا تتفق مع مشيئتهم الخاصة، فإن هذه الشخصيات الفاسدة تنكشف في كل زمان ومكان. ولماذا يمكن الكشف عنها في كل زمان ومكان؟ هذا يثبت أن الناس لديهم هذا النوع من الشخصية الفاسدة والطبيعة الفاسدة بداخلهم. إن شخصيات الناس الفاسدة لا يفرضها عليهم الآخرون، ولا يغرسها فيهم الآخرون، فضلًا عن أن يعلمها لهم الآخرون أو يحثوهم أو يحرضوهم عليها؛ وإنما الناس أنفسهم يمتلكونها. وإذا لم يعالج الناس هذه الشخصيات الفاسدة، فلن يتمكنوا من العيش في حالات إيجابية صحيحة. لماذا يتم الكشف عن هذه الشخصيات الفاسدة في كثير من الأحيان؟ في الواقع، لقد صرتم جميعًا تدركون بالفعل أن هذه الحالات خاطئة وغير طبيعية، وأنه يجب تغييرها؛ وحتى الآن، لم تتخلصوا بعد من هذه الشخصيات الفاسدة أو تتخلوا عن هذه الأفكار ووجهات النظر الخاطئة، ولم تشهد حالاتكم بعد أي تغيير كبير. بعد مرور عشر سنوات أو عشرين سنة، ما زلتم لم تحققوا أي تغيير على الإطلاق، وأنتم في نفس الحالة التي كنتم عليها من قبل عندما كنتم تكشفون عن الفساد، دون تدهور كبير، فما هي المشكلة إذن؟ ماذا يثبت هذا؟ بعد مرور كل هذه السنوات، لم يحقق معظمكم أي نمو؛ أنتم تفهمون بعض الكلمات والتعاليم فحسب، لكنكم لا تستطيعون ممارسة الحق، ولا تستطيعون تقديم شهادة اختبارية؛ هذا لأنكم طيلة هذه السنوات لم تسعوا إلى الحق، ولم تتغير شخصيتكم الفاسدة بشكل كبير. وهذا يثبت أن خبرة حياتكم سطحية للغاية، ولا عمق لها؛ ويمكن القول بيقين تام إن قامتكم الحالية ضئيلة للغاية، وأنكم لا تمتلكون أي شيء من واقع الحق. هل يمكنكم قبول ما قلته؟ أولئك الذين يمتلكون القليل من الخبرة العملية يجب أن يكونوا قادرين على فهم كلماتي، ولكن أولئك الذين لا يفهمون الحق ولا يعرفون بعد ما هو دخول الحياة قد لا يفهمون معنى هذه الكلمات. لماذا سألتكم للتو عن ماهية الحالة؟ إذا كنتم لا تفهمون ما هي الحالة، فلن تفهموا ما أقوله على الإطلاق؛ ستستمعون فحسب إلى الكلمات، وتتعاملون معها على أنها صحيحة. إذا كانت لديكم وجهة النظر هذه، فهذا يثبت ألا خبرة لديكم، وأنكم لا تفهمون كلام الله. إذا أراد الناس الدخول إلى واقع الحق، لكي ينالوا دخول الحياة الحقيقي، فيجب عليهم أن يفهموا بعض الحالات؛ يجب عليهم أن يفهموا مشاكلهم الخاصة ويتولوا زمامها، وأن يعرفوا نوع الحالة التي هم فيها في حياتهم الحقيقية، وما إذا كانت تلك الحالة صحيحة أم خاطئة، وما نوع الشخصية الفاسدة التي يكشف عنها الناس عندما يكونون في الحالة الخاطئة، وما هو جوهر هذه الشخصية الفاسدة؛ يجب عليهم أن يستوعبوا كل هذه الأشياء. إذا كنت لا تستوعب أو تدرك هذه الأشياء، فمن ناحية، أنت لا تعرف من أين تبدأ لمعرفة شخصيتك الفاسدة لكي تسمح لنفسك بالتغير؛ ومن ناحية أخرى، لا تعرف من أين تبدأ لتأكل وتشرب كلام الله أو تدخل في الحق. هل تواجهون كثيرًا الموقف التالي؟ بعد الاستماع إليَّ أتحدث عن شيء ما، تعرفون فقط عن ذلك الشيء، ولكن ليس عن الحالة التي يشير إليها، ولا تستطيعون تطبيقه على أنفسكم؟ (نعم، هذا صحيح). هذا يدل على أن خبرتكم لم تصل بعد إلى تلك المرحلة. إذا كان ما أتحدث عنه يتعلق بكم، ومرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحياتكم – على سبيل المثال، الحديث عن الأشياء التي يتعامل معها الناس كل يوم أثناء قيامهم بواجباتهم، أو الشخصيات الفاسدة التي يكشف عنها الناس في أثناء قيامهم بواجباتهم، أو الأشياء التي تتعلق بنوايا الناس، والشخصيات المتغطرسة، وكونهم لا مبالين، أو مواقفهم في أثناء قيامهم بواجباتهم – فبمجرد أن تستمعوا، قد تتمكنوا من تطبيقها على أنفسكم. وإذا تحدثت عن الأمر بعمق أكبر، فهناك أشياء قد لا تتمكنوا من تطبيقها على أنفسكم. هل يحدث هذا أحيانًا؟ (نعم، يحدث). أما بالنسبة للأشياء التي لا يمكنكم تطبيقها على أنفسكم، هل تستمعون إليها وكأنكم تستمعون إلى تعاليم، وتسمحون لها فقط أن تغمركم؟ كيف يمكنكم إذن أن تفهموا تلك الأشياء التي يمكنكم تطبيقها على أنفسكم؟ (نتأمل في أنفسنا ونتعرف عليها، ونطلب الحق لمعالجة فسادنا). هذه هي الطريقة الصحيحة للاختبار.

إن القول بأن التأمل في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها أمر مهم هو عبارة عامة. فكيف ينبغي لك أن تتأمل فعليًا في نفسك وتتعرف عليها؟ ثمة طريق هنا: عندما يحدث لك شيء ما، يجب عليك أن تنظر في وجهة نظرك وموقفك، والأفكار التي تراودك، ومن أي منظور ترى هذه المشكلة وتتعامل معها وتعالجها. ومن خلال هذه الخطوات، يمكنك التأمل في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها. ما الغرض من هذا النوع من التأمل ومعرفة الذات؟ أن تفهم حالتك الفاسدة فهمًا أفضل، ثم تطلب الحق لحل مشاكلك وتحقيق تغيير في شخصيتك. إذن، في أي مرحلة أنتم الآن؟ ما مدى معرفتكم بأنفسكم وما مدى عمقها؟ ما مدى فهمكم للحالة التي تكونون فيها في أوقات مختلفة أو عندما تحدث لكم أشياء مختلفة؟ هل بذلتم أي جهد أو قمتم بواجبكم في هذا الصدد؟ هل اختبرتم أي دخول؟ (عندما تحدث لي أشياء أكثر وضوحًا أو تقع أحداث كبيرة، قد أدرك بعض كشوفاتي الخاصة بينما أفوت بسهولة المشاكل الأصغر. أحيانًا لا أدرك أنني أعيش في حالة خاطئة). عندما تكون غير مدرك، ما نوع الحالة التي تكون فيها؟ وفي أي نوع من المواقف تكون غير مدرك؟ (القيام بواجبي كما لو كنت أقوم بعمل الأشياء فحسب، دون بذل أي جهد تجاه الحق في كلام الله، لذا حتى لو تم الكشف عن شخصية فاسدة، ما كنت لأعرف). معاملة واجبك وكأنك تقوم بالأشياء فحسب، أو باعتباره وظيفة من نوع ما، أو مهمة، أو مسؤولية، والقيام به بلا شعور، دون ربطه بدخول الحياة، هي حالة شائعة جدًا؛ إنها معاملة واجبك على أنه مجرد أمر يجب التعامل معه، وليس على أنه مسار أو طريقة لدخول الحياة. الأمر أشبه بالذهاب إلى العمل: يعامل بعض الناس عملهم بوصفه حياة مهنية، فيدمجونه في حياتهم، ويدمجونه مع اهتماماتهم وهواياتهم، ومع مُثُلهم العليا وأهدافهم في الحياة. وفي الوقت نفسه، يعامل البعض الآخر الذهاب إلى العمل كنوع من المسؤولية؛ لا يمكنهم ألا يذهبوا إلى العمل. إنهم يذهبون في الموعد المحدد كل يوم حتى يتمكنوا من كسب بعض المال لإعالة أسرهم، ولكن دون أن يكون لديهم أهداف أو مُثُل عليا في الحياة. في الوقت الحالي، أليست الغالبية العظمى منكم في هذه الحالة؟ إن واجبك منفصل عن كلام الله أو الحق. وحتى لو اعترفت بأخطائك، فلن تحقق أي تحول حقيقي؛ أنت لا تعود إلى التفكير في أمور دخول الحياة إلا عندما يكون هناك القليل من الشعور بالذنب في قلبك. أما في بقية الوقت، فأنت عادةً تفعل ما تشاء. أنت تقوم بالعمل على نحو أفضل قليلًا عندما تكون مبتهجًا أو في حالة مزاجية جيدة جدًا، ولكن إذا حدث ذات يوم شيء يتعارض مع رغباتك، أو إذا راودك كابوس يجعلك في حالة مزاجية سيئة، فقد يؤثر ذلك على حالتك الذهنية لأيام، فضلًا عن التأثير على نتائج واجبك. ورغم ذلك، ليس لديك وعي بهذا في قلبك؛ أنت مشوش الذهن، وخلال تلك الأيام العشرة، أو حتى أسبوعين، تتسبب في إبطاء الأمور، وتكون لا مباليًا فحسب لكي تتدبر أمرك. عندما يعيش شخص ما في مثل هذه الحالة، ألا يتوقف دخول الحياة؟ وإذا توقف دخول الحياة، فهل يمكن لأفعال الناس والواجب الذي يقومون به أن ترضي الله؟ (لا). ولم لا؟ لأن أفعالهم وواجبهم في هذه الحالة لا علاقة لها بالحق ولا ترقى إلى أن تشهد لله، وبالتالي فإن القيام بواجبهم بهذه الطريقة لا يمكن أن يرضي الله. من الممكن ألا ترتكب أي أخطاء في واجبك لبعض الوقت، وبذلك تظن أن القيام بواجبك بهذه الطريقة مناسب تمامًا؛ ما دمت منشغلًا دائمًا بواجبك، دون التخلي عن عملك، ودون التفكير في أشياء أخرى، فإنك تشعر أن القيام بواجبك بهذه الطريقة أمر جيد. أليس موقف من هذا النوع مثالًا على كونك لا مبالٍ؟ إذا كنت راضيًا بمجرد الأفعال، ومنفصلًا عن مبادئ الحق، فهل يمكنك تحقيق نتائج فيما يتعلق بالقيام بواجبك؟ كيف ستبرر نفسك لله عندما ينتهي عمل الله؟ إذا لم تتحمل المسؤولية أثناء قيامك بواجبك، ولم تطلب الحق ولم تعالج الأمور وفقًا للمبادئ، فهل هذا يعني أنك تقوم بواجبك وفقًا لمعيار مقبول؟ هل ستحظى باستحسان الله؟ إذا واجهتك محنة فجأة أو تعرضت للتهذيب، ثم أدركت أن الدينونة والتوبيخ قد أتيا لأنك أسأت إلى شخصية الله، مما أيقظك فجأة من حلمك وتسبب في أن تجمع شتات نفسك أخيرًا لبضعة أيام، فهل هذه حالة طبيعية لدخول الحياة؟ (كلا). إن التغيير الواضح فيك بعد تعرضك للتهذيب يشبه الألم الذي تشعر به بعد ضربة بالسوط. إن معرفتك بنفسك ضئيلة. من الخارج، قد يبدو وكأنك قد نموت قليلًا واكتسبت بعض الفهم من خلال تعرضك للتهذيب والدينونة والتوبيخ. ولكن من الناحية الذاتية، إذا لم يفهم الناس أو يستوعبوا شخصياتهم الفاسدة وحالاتهم الفاسدة المختلفة على الإطلاق، وإذا لم يفحصوا هذه الأشياء بعناية قط، ولم يعالجوا هذه المشكلات أبدًا، فهل يمكنهم تحقيق حالة طبيعية لدخول الحياة؟ هل يمكنهم الدخول في واقع الحق؟ لا أعتقد أنه من السهل عليهم تحقيق ذلك. يقول بعض الناس: "إنني قادر على فهم المبادئ في شؤون أداء واجبي؛ أليس هذا فهمًا للحق ودخولًا في واقع الحق؟" إن الالتزام بالقواعد أمر سهل، ومن السهل التمسك بالتصرفات الخارجية، ولكن كل ذلك لا يُعادل ممارسة الحق، ولا يُعادل التعامل مع الأمور وفقًا للمبادئ. على سبيل المثال، لنفترض أنك يجب أن تستيقظ في الخامسة صباحًا كل يوم، وتخلد إلى النوم في العاشرة مساءً؛ هل ستتمكن من اتباع هذا المبدأ في حياتك اليومية؟ (كلا). إن جدولًا زمنيًا من الخامسة صباحًا إلى العاشرة مساءً جيد جدًا؛ فهو يتفق مع الإيقاعات البيولوجية الطبيعية للناس، وهو مفيد لأجسادهم، ولكن لماذا يصعب عليهم قبوله؟ ثمة مشكلة هنا. ليس الأمر وكأن الناس لا يعرفون هذا المنطق أو ليسوا على دراية بهذه المعلومات الشائعة – هم يعرفونها جيدًا – فلماذا لا يقبلونها؟ لماذا لا يرغب الناس في الالتزام بهذا الجدول الزمني، ولا يرغبون في العيش وفقًا لهذه الطريقة وهذا الروتين؟ هذا يتعلق بالمصالح الجسدية للناس. أليس عدم الرغبة في الاستيقاظ مبكرًا يكافئ الرغبة في النوم لفترة أطول، والرغبة في اتباع تفضيلاتك الجسدية ومشاعرك الجسدية؟ إن الاستيقاظ مبكرًا يتعارض مع الراحة الجسدية للناس، لذا فإنهم غير راغبين في فعله، وهو يجعلهم يشعرون بالتعاسة. إذن، هل يستطيع الناس أن يقبلوا حقيقة أن "الاستيقاظ مبكرًا مفيد لجسدك"؟ كلا، لا يمكنهم ذلك. لا يمكن للناس أن يتخلوا حتى عن هذا القدر الضئيل من اهتماماتهم، ومع ذلك لا يزال يتعين عليهم تأديب أجسادهم، والصلاة، والعمل على أفكارهم. ولا بد أيضًا أن يتأثروا ببيئتهم: فهم لا يستيقظون إلا عندما يرون أن الآخرين قد استيقظوا وحينها يشعرون بالحرج من رغبتهم في النوم. يشعرون أنهم مرغمون على الاستيقاظ كل يوم، وهم في غاية البؤس بسبب ذلك. ما الذي يؤدي إلى هذه الأفكار والحالات؟ يتوق الناس إلى الراحة الجسدية، ويحبون التصرف كما يحلو لهم، ويضمرون أفكارًا تتمثل في الكسل والتساهل مع الذات. من ناحية، هم لا يراعون الأنماط المنتظمة لأجسادهم، ومن ناحية أخرى، لا يراعون الواجب الذي يقومون به؛ وإنما يركزون أولًا على إشباع مصالحهم الجسدية. في نهاية الأمر، ثمة شيء في شخصية الإنسان الفاسدة، وهو أنه يرغب دائمًا في إشباع الجسد وعدم التقيد بأي قيود. وإذا تم تهذيبه، فإنه يحاول التفكير، ويدافع دائمًا عن نفسه، وهو أمر غير معقول بعض الشيء. إن الاستيقاظ مبكرًا أمر بسيط لا علاقة له بمكاسب الناس أو خسائرهم – فما دمت تستطيع التغلب على رغبتك في المزيد من النوم، يمكنك فعل ذلك – ولكن من الصعب جدًا على الناس التخلي عن الفائدة الجسدية الضئيلة المتمثلة في الاستراحة لفترة أطول قليلًا. عندما تؤثر رغبتك في المزيد من النوم على عملك، فإنك تدرك أن هذا لا يتفق مع مبادئ الحق؛ فالأمر لا يقتصر على أنك لا تتأمل في نفسك فحسب، بل لديك أيضًا شكاوى في قلبك، وأنت غير سعيد، ودائمًا ما تفكر: "كيف لا يمكنني أبدًا الاستمتاع قليلًا، أو فعل ما يحلو لي لفترة من الوقت؟" بعض الناس تراودهم مثل هذه الأفكار كثيرًا. فكيف يجب معالجة هذه الحالة؟ لا بد أن تصلي، وأن تكون قادرًا على التغلب على صعوباتك الجسدية، وأن تسعى جاهدًا إلى النضج، وتكف عن اشتهاء الراحة، وتكون قادرًا على المعاناة، ومخلصًا لواجبك، وألا تفعل ما يحلو لك، وأن تتعلم كيف تكبح جماح نفسك. هل كبح جماح نفسك أمر سهل؟ (لا). ولم لا؟ (لأن الناس غير راغبين في الخضوع للقيود، ولا يحبون أن يُوجهوا، ويرغبون في إشباع رغباتهم). الناس الذين لا يستطيعون فهم معنى كبح جماح النفس، والذين لا يستطيعون كبح جماح أنفسهم، والذين يملكون قدرة ضئيلة على كبح النفس، والذين يتصرفون دائمًا باستهتار وينغمسون في الخيال لديهم إنسانية غير ناضجة، بغض النظر عن أعمارهم. وعندما تمس هذه المسألة الصغيرة مصالح الناس، تنكشف شخصيتهم الفاسدة. وعندما يحدث هذا، يكونون بحاجة إلى طلب الحق لمعالجتها؛ يكونون بحاجة إلى معرفة أنفسهم وفهم الحق، من أجل معالجة مشكلة فسادهم. وعندما يُطهر الناس من شخصيتهم الفاسدة، يدخلون عن غير قصد في واقع الحق، وتنمو حياتهم وتنضج، وتتغير شخصيتهم الحياتية.

لقد ضربت للتو مثالًا بسيطًا بشأن الكيفية التي يمكن بها لشيء صغير مثل الروتين اليومي أن يكشف عن شخصيات الناس الفاسدة وما يدور حقًا في أذهانهم؛ كل هذا انكشف الآن. فعن طريق كشف هذه الشخصيات الفاسدة، اكتشفتَ أن الشيطان قد أفسدك بشدة بالفعل. فعلى الرغم من أنك آمنت بالله طيلة سنوات، وأنك تفهم بعض التعاليم، فإنك لم تتخلص بعد من شخصيتك الفاسدة. أيًا يكن الواجب الذي تقوم به، فإنك لا تستطيع القيام به بمعيار مقبول؛ وأيًا تكن الأمور التي تتعامل معها، فإنك لا تستطيع القيام بها وفقًا للمبادئ؛ أنت لست شخصًا يخضع لله حقًا بعد. لذا، بناءً على الحالات الراهنة للناس، هل تم تخليصهم حقًا من قبل الله؟ ليس بعد، لأنهم لم يتخلصوا تمامًا بعد من شخصياتهم الفاسدة، وممارستهم للحق لا تزال محدودة للغاية، وهم بعيدون للغاية عن الخضوع الحقيقي لله؛ بل إن بعض الناس قادرون على اتباع الشيطان، أو الإنسان. هذه الحقائق كافية لإثبات أن قامة الناس لم تصل حقًا إلى النقطة التي يُخلصون فيها. يجب على الجميع أن يصنفوا أنفسهم بناءً على حالتهم الحقيقية وأن يحددوا نوع الشخص الذي هم عليه. من خلال التأمل في شخصياتهم الفاسدة، يعرف بعض الناس حالاتهم الداخلية المختلفة، إلى جانب الأفكار، ووجهات النظر، والمواقف التي تنشأ فيهم عندما تحدث لهم أشياء مختلفة. يرى بعض الناس أنهم متكبرون ومغرورون، وأنهم يحبون التباهي، ويحبون التعالي على الناس، وتفضيل أنفسهم على الآخرين. ويرى آخرون أنهم ملتوون ومخادعون، يستخدمون جميع أنواع التصرفات الماكرة، وأنهم أشرار خبثاء. ويرى البعض الآخر أنهم يضعون الربح في المقام الأول، وأنهم يحبون استغلال الآخرين، وأنهم أشخاص أنانيون وحقيرون. وبعض الناس يتأملون لوهلة ويدركون أنهم منافقون. وآخرون كانوا يعتقدون أنهم موهوبون، وأن لديهم مستوى قدرات، وأنهم يتقنون مهنهم، ولكن بعد التأمل لبرهة، يدركون أنهم بلا فضيلة واحدة؛ إنهم بلا موهبة، وعلاوة على ذلك، فإنهم حمقى وليس لديهم مبدأ في أفعالهم. وبعض الناس يتأملون لبرهة ويدركون أنهم أشخاص حقراء الشأن وتافهون؛ ومن غير المقبول أن يقول الآخرون أي شيء يمس مصالحهم، وأنهم لا يعرفون شيئًا عن التسامح. هل سيساعدك اكتساب معرفة مثل هذه على دخول الحياة من خلال التأمل في الذات؟ (نعم سيساعد). كيف سيساعد ذلك؟ (يمكن أن يساعدنا ذلك على أن يكون لدينا قلب يطلب الحق. إننا إذا لم نتعرف على هذه المشاكل، فلن نعرف أننا نكشف غالبًا عن شخصية فاسدة، فضلًا عن أن نكون قادرين على طلب الحق لحل مشاكلنا). (إذا لم نعرف عن هذه الأمور، فلن نعرف أننا في حالة يرثى لها. وبعد أن نتعرف على مشكلاتنا، سنرغب في طلب الحق لعلاجها. سنكون مستعدين للتخلص من قيود شخصياتنا الفاسدة، وسنرغب في طلب الحق لنتصرف وفقًا لكلام الله). تأمل شخصًا يعتقد أنه عظيم للغاية، وأنه يتمتع بحس قوي بالعدالة، وأنه كريم، وموهوب، ومتسامح، ولطيف، صادق، وشديد الإخلاص للآخرين، وأن شخصيته الفاسدة تحتوي على العيوب الصغيرة نفسها التي تكون لدى الناس العاديين، مثل التكبر، والبر الذاتي، والكراهية، والحسد، ولكنه يعتقد أيضًا أنه بخلاف تلك العيوب الصغيرة، كامل، كما أنه أشرف من الآخرين وأنبل، وأكثر منهم محبة – إذا كان ثمة شخص في مثل هذه الحالة دائمًا، فهل تعتقد أنه يمكنه أن يقف أمام الله ويتوب توبة حقيقية؟ (كلا). ما الظروف التي يمكن للشخص في ظلها أن يقف أمام الله حقًا ليعرف نفسه، وأن يخر أمام الله ساجدًا بصدق، ويقول: "إلهي، لقد أفسدني الشيطان بشدة. إنني غير مستعد للتخلي عن أي شيء يتعلق بمصالحي الشخصية. أنا شخص أناني وحقير، بلا فضيلة واحدة. أنا مستعد للتوبة بحق وعيش شبه الإنسان الحقيقي؛ أريد أن يُخلصني الله؟" عندما يكون لدى المرء إرادة للتوبة الحقيقية، فهذا جيد؛ فعندئذ يكون من السهل عليه أن يسلك الطريق الصحيح للإيمان بالله، وتحقيق الخلاص.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.