ماذا يعني السعي إلى الحق (8) الجزء الأول

في المرة الماضية، عقدنا شركة حول أربعة تعبيرات للثقافة التقليدية حول السلوك الأخلاقي. أخبروني ماذا كانت. ("سدد اللطف بكل امتنان"، و"ضحِّ بمصالحك من أجل الآخرين"، و"يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية"، و"عندما يشرب المرء ماء البئر، يجب ألا ينسى أبدًا مَن حفره"). هل لديكم فهم واضح لما يجب تشريحه وفهمه في كل عبارة؟ ترتبط كل عبارة في الثقافة التقليدية ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس الواقعية وكيفية سلوكهم وتعاملهم مع العالم. ليس هناك شك في أن لعبارات الثقافة التقليدية هذه تأثير معيَّن على حياة الناس الحقيقية، والطريقة التي يسلكون بها ويتعاملون مع العالم. إن المبادئ التي يتكلم بها الناس ويفعلون ويسلكون ويتعاملون مع العالم في الحياة الواقعية مستمدة أساسًا من هذه التعبيرات ووجهات النظر للثقافة التقليدية. من الواضح أن تأثير الثقافة التقليدية وتلقينها للناس عميقان للغاية. بعد أن انتهيتُ من الشركة في الاجتماع الأخير، هل انخرطتم في مزيد من التأمل والشركة مع بعضكم بعضًا؟ (لقد عقدنا شركة وفهمنا القليل من هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي، وتمكنا قليلًا من تعديل وجهات نظرنا ومناظيرنا حول هذه الأنواع من الأشياء، لكننا لا نزال لا نملك فهمًا شاملًا لها). أحد جوانب الفهم الشامل هو أنك يجب أن تبني فهمك على ما عقدتُ شركة عنه؛ الجزء الآخر هو أنك يجب أن تفهم في ضوء وجهات النظر التي تتمسك بها في الحياة الواقعية، وكذلك الأفكار والأفعال التي تحدث عندما يقع لك شيء ما. الاستماع إلى العظات وحده لا يكاد يكفي. الغرض من الاستماع إلى العظات هو التمكن من التعرف على الأشياء السلبية في الحياة الواقعية، والقدرة على تمييز الأشياء السلبية بصورة أدق، ومن ثم القدرة على استيعاب الأشياء الإيجابية وفهمها فهمًا خالصًا، بحيث تصير كلمات الله معايير كيفية تصرف المرء وأفعاله في الحياة الواقعية. من ناحية، فإن ممارسة التمييز لهذه الأشياء السلبية له تأثير تصحيحي على سلوك الناس وتصرفهم، بقدر ما يمكن أن يصحح أفكار الناس ووجهات نظرهم ومواقفهم الخاطئة تجاه الأحداث والأشياء؛ بالإضافة إلى ذلك، في دورها الإيجابي، يمكن أن تجعل الناس يتبنون طرقًا وأساليب صحيحة، بالإضافة إلى مبادئ دقيقة للممارسة عندما يتعلق الأمر بآرائهم حول الأشخاص والأشياء، وحول تصرفهم وأفعالهم. هذا هو الغرض والأثر المقصود من الشركة عن هذه التعبيرات وتشريحها فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي.

لقد عقدنا شركة مرتين الآن بشأن التعبيرات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي في الثقافة الصينية التقليدية، والتي تعد في الأساس متطلبات للسلوك الأخلاقي للناس، والتي نشأت في سياق اجتماعي كبير. على المستوى الفردي، يمكن لهذه التعبيرات تقييد سلوك الناس وتنظيمه إلى حد معيَّن؛ ومن منظور أوسع، كانت تهدف إلى خَلق روح اجتماعية جيدة، وبالطبع تمكين الحُكَّام من حُكم الناس على نحو أفضل. إذا كان لدى الناس أفكارهم الخاصة، ويمكنهم التفكير بحريَّة، والسعي وراء معاييرهم الأخلاقية الخاصة للسلوك، أو إذا كان بإمكانهم التعبير عن آرائهم الخاصة، والعيش وفقًا لأفكارهم الخاصة، والتصرُّف كما يرون مناسبًا، واعتماد طريقتهم الخاصة في رؤية الأشياء والناس ومجتمعهم والبلد الذي يعيشون فيه، فإنه بلا شك ليس شيئًا جيدًا أو علامة جيدة للحُكَّام، لأنه يهدِّد على نحو مباشر مركزهم في السيطرة. باختصار، طرح مَن يُسَمون بالمعلمين الأخلاقيين والمفكرين والمربين هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي، على نحو أساسي، كوسيلة لإرضاء الحكَّام وتملقهم، بهدف إظهار أنهم يستطيعون استخدام هذه الأفكار والنظريات، وكذلك سُمعتهم ونفوذهم لخدمة الحكَّام. هذه هي في الأساس طبيعة كل هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي التي عقدنا شركة عنها؛ لم يكن الهدف منها أكثر من تقييد أفكار الناس وسلوكهم الأخلاقي وآرائهم حول الأشياء، ضمن النطاق الأخلاقي الذي اعتقد الناس أنه أفضل قليلًا وأكثر إيجابية ونبلًا، من أجل تقليل الصراع بين الناس، وتحقيق الانسجام في تفاعلاتهم، وخلق الهدوء، مما يعود بالفائدة على سيطرة الحكَّام على الشعب، ويرسِّخ مكانة الطبقة الحاكمة، ويحافظ على التناغم الاجتماعي والاستقرار. وهكذا، فإن هؤلاء الأشخاص الذين روّجوا لمعايير السلوك الأخلاقي نالوا كل ما يتمنونه، والذي هو أن تقدِّرهم الطبقة الحاكمة وتعيِّنهم في مناصب مهمة. كان هذا هو المسار الوظيفي الذي يطمحون له ويأملونه، وحتى لو لم يقدروا أن يكونوا مسؤولين رفيعي المستوى، على أقل تقدير، فسيظلون في الذاكرة لأجيال قادمة ويذكرهم التاريخ. فكِّر في الأمر؛ أي من الناس الذين طرحوا هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي لا يحترمهم هذا المجتمع؟ أيهم لا يحظى بإعجاب الجنس البشري؟ حتى اليوم، بين الصينيين، هؤلاء المفكرين والمعلمين والأخلاقيين المزعومين، مثل كونفوشيوس ومنسيوس ولاوتزه وهان فيزي، ومَن على شاكلتهم، يتمتعون بشعبية دائمة ويحظون بتقدير كبير وتوقير. بالطبع، أدرجنا عددًا محدودًا من التعبيرات حول السلوك الأخلاقي، والأمثلة المقدمة ليست سوى بعض الأمثلة الأكثر تمثيلًا. رغم أن هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي تنبع من الكثير من الأشخاص، فإن الأفكار ووجهات النظر التي يدافع عنها هؤلاء الذين يُسمون بالشخصيات البارزة تتوافق تمامًا مع رغبة الحكَّام والطبقة الحاكمة، وجميع مفاهيمهم عن الحُكم والأفكار المركزية هي نفسها: صياغة بعض المعايير الأخلاقية للتصرُّف والفعل التي على البشر اتباعها، حتى يضبطوا سلوكهم ويساهموا بخنوع في المجتمع وفي بلدهم، ويعيشوا بخنوع بين زملائهم، وهذا هو كل شيء بالأساس. إن لأفكارهم ووجهات نظرهم الهدف نفسه، بصرف النظر عن أي سلالة أو شخص نشأت من قبلهم هذه التعبيرات عن السلوك الأخلاقي: خدمة الطبقة الحاكمة، وتضليل البشريَّة والسيطرة عليها.

لقد قمنا بالفعل بالشركة حول ثمانية تعبيرات عن السلوك الأخلاقي. إن طبيعة هذه التعبيرات الثمانية هي في الأساس مطلب أن يتخلى الناس عن رغباتهم الأنانية وإرادتهم الشخصية، وبدلًا من ذلك يخدمون المجتمع والجنس البشري وبلدهم، ويحققون نكران الذات. على سبيل المثال، بصرف النظر عن المجموعة التي توجّه إليها مثل هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي مثل "ضحِّ بمصالحك من أجل الآخرين"، و"يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية"، و"كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، كلها تتطلب من الناس ممارسة ضبط النفس؛ ضبط رغباتهم الشخصية وسلوكهم غير الأخلاقي، واعتناق وجهات نظر أيديولوجية وأخلاقية مواتية. بصرف النظر عن مدى تأثير هذه التعبيرات على الجنس البشري، وبصرف النظر عما إذا كان هذا التأثير إيجابيًّا أم سلبيًا، كان هدف هؤلاء المعلمين الأخلاقيين المزعومين، بإيجاز، تقييد السلوك الأخلاقي للناس وتنظيمه من خلال طرح مثل هذه التعبيرات، بحيث تكون لديهم قواعد أساسيَّة لكيفية تصرُّفهم وفعلهم، وكيف ينبغي أن يروا الأشخاص والأشياء، وكيف ينبغي أن ينظروا إلى مجتمعهم وبلدهم. لإلقاء نظرة على الجانب الإيجابي، فإن اختراع هذه التعبيرات حول السلوك الأخلاقي قد لعب – إلى حد ما – دورًا في تقييد السلوك الأخلاقي للإنسانية وتنظيمه. لكن بالنظر إلى الحقائق الموضوعية، فقد أدى ذلك بالناس إلى اعتناق بعض الأفكار ووجهات النظر الخاطئة والمدعية، مما يجعل الأشخاص المتأثرين بالثقافة التقليدية والمنغمسين فيها أكثر خبثًا، وأكثر مكرًا، وأفضل في التظاهر، وأكثر تقييدًا في تفكيرهم. بسبب تأثير الثقافة التقليدية والانغماس فيها، تبنى الناس تدريجيًّا تلك الآراء والتعبيرات الخاطئة للثقافة التقليدية كأشياء إيجابية، وعبادة هؤلاء النجوم البارزين والشخصيات العظيمة التي تضلِّل الناس كقديسين. عندما يُضلَّل الناس، تصير عقولهم مشوشة وخَدِرة ومتبلدة. إنهم لا يعرفون ما هي الإنسانية الطبيعية، أو ما الذي يجب على الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية السعي له والالتزام به. إنهم لا يعرفون كيف يجب أن يعيش الناس في هذا العالم أو نوع نمط أو قواعد الوجود التي يجب أن يتبنوها، فما بالك بالهدف الصحيح للوجود البشري. بسبب تأثير الثقافة التقليدية وتلقينها وحتى قيودها، قُمعت الأشياء الإيجابية ومتطلبات الله وقواعده. وبهذا المعنى، فإن العبارات المختلفة حول السلوك الأخلاقي في الثقافة التقليدية قد ضلَّلت إلى حد كبير وأثَّرت في تفكير الناس، وحصرت أفكارهم وقادتهم إلى الضلال، بعيدًا عن المسار الصحيح في الحياة، وبعيدًا أكثر وأكثر عن متطلبات الله. هذا يعني أنك كلما تأثرتَ على نحو أعمق بالأفكار ووجهات النظر المختلفة حول السلوك الأخلاقي في الثقافة التقليدية، وكلما طالت مدة انغماسك فيها، ابتعدتَ عن الأفكار والتطلعات والهدف الذي يجب السعي إليه وقواعد الوجود التي يجب أن تكون لدى الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية، وابتعدتَ عن المعيار الذي يطلبه الله من الناس. بعد أن أصيب الناس بالعدوى، وانغمسوا في هذه الأفكار من الثقافة التقليدية وغُرست فيهم، فإنهم يتبنونها كأسس أخلاقية، بل حتى يعتبرونها حقائق، ومعايير يمكن من خلالها رؤية الناس والأشياء، والتصرف والفعل. لم يعد الناس يفكرون أو يشككون فيما إذا كانت هذه الأشياء صحيحة أم لا، كما أنهم لا يتجاوزون التعبيرات المختلفة للثقافة التقليدية بشأن الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، للتفكير في الطريقة التي ينبغي أن يعيشوا بها. الناس لا يعرفون ذلك، ولا يفكِّرون فيه. لماذا لا يفكِّرون فيه؟ لأن أفكار الناس قد ملأتها واحتلتها هذه الكتب الأخلاقية المقدسة التي تدعو إلى الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة. رغم أن الكثير من الناس يؤمنون بالله الحق ويقرؤون الكتاب المقدَّس، فإنهم لا يزالوا يخلطون بين كلام الله والحق وبين الكثير من التعبيرات حول السلوك الأخلاقي النابع من الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، حتى إن بعض الناس يعتبرون الكثير من هذه التعبيرات في الثقافة التقليدية بمثابة كتب مقدَّسة عن الأشياء الإيجابيَّة ويمررونها على أنها الحق، ويعظون بها ويروجون لها على هذا الأساس، ويذهبون إلى حد الاقتباس منها كطريقة لإرشاد الآخرين. وهذه مشكلة خطيرة جدًّا؛ إنه شيء لا يريد الله أن يراه، شيء يثير اشمئزازه. هل يستطيع إذًا كل من يَقبل عمل الله في الأيام الأخيرة أن يرى حقيقة أمور الثقافة التقليدية ويميِّزها بوضوح؟ ليس بالضرورة. لا بد أن هناك بعض الناس الذين يظلون، إلى حدٍ كبير، متعبدين لأمور الثقافة التقليدية ويقبَلونها. إذا لم تُزَل هذه السموم الشيطانية تمامًا، فسيكون من الصعب على الناس فهم الحق وربحه. يجب أن يفهم شعب الله المختار جوهر حقيقة واحدة: كلمة الله هي كلمة الله، والحق هو الحق، والكلمات البشريَّة هي كلمات بشريَّة. الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة هي كلمات بشريَّة، والثقافة التقليدية هي كلمات بشريَّة. الكلمات البشريَّة ليست الحق أبدًا، ولن تصبح الحق أبدًا. هذه حقيقة. بصرف النظر عن عدد الأشخاص الذين يتعاطفون مع الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة في أفكارهم وآرائهم، فإن هذه الأشياء لا يمكن أن تحل محل كلام الله؛ بصرف النظر عن مدى صحة هذه القِيم التي جرى التحقق منها وتأكيدها، على مدى آلاف السنين من الوجود البشري، ولا يمكن أن تصير كلمات الله أو تحل محلها، فما بالك بالخلط بينها وبين كلام الله. حتى لو كانت العبارات المتعلقة بالإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة تتفق مع ضمير الناس وعقلهم، فهي ليست كلمات الله، ولا يمكن أن تحل محل كلماته، فما بالك بتسميتها الحق. التعبيرات والمتطلبات المتعلقة بالإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة في الثقافة التقليدية لا تخدم إلا المجتمع والطبقة الحاكمة. لا تهدف هذه التعبيرات والمتطلبات سوى إلى تقييد سلوك الناس وتنظيمه من أجل تحقيق روح اجتماعية أفضل، والتي تؤدي إلى استقرار قوة الطبقة الحاكمة. بطبيعة الحال، مهما كان التزامك بقيم الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، فلن تكون قادرًا على فهم الحق، ولن تكون قادرًا على الخضوع لله، ولن تصبح في النهاية مخلوقًا مقبولًا. مهما كان التزامك بهذه الأشياء، إذا لم تفهم الحق، فلن تتمكن من أداء واجبك وفقًا لمعيار مقبول. فماذا ستكون حينئذ في عينيِّ الله؟ ستظل غير مؤمن وتنتمي للشيطان. هل يمتلك الشخص الذي يُفترض أنه يتمتع بصفات أخلاقية استثنائية وأخلاق نبيلة ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها؟ هل يمكنه قبول الحق بصدق؟ هل يمكنه أن يؤمن بالله ويتبعه؟ بالطبع لا! لأن ما يعبده هو الشيطان وأبالسة وقديسون زائفون، ومتدينون زائفون. في أعماق قلوبهم وفي صميمهم، نفروا الحق ويكرهونه. لذلك، يجب أن يكونوا أناسًا يقاومون الله وأعداء له. الناس الذين يعبدون الأبالسة والشيطان هم أكثر الناس غطرسة وغرورًا وافتقارًا إلى العقل. إنهم حثالة الجنس البشري، وعظامهم مملوءة بالسم الشيطاني، ومملوءة بالهرطقات والمغالطات الشيطانية. بمجرد أن يروا كلام الله والحق، تتحول عيونهم إلى اللون الأحمر ويستشيطون غضبًا، ويكشفون عن وجه الشيطان البشع. لذلك، فإن أي شخص يوقر الثقافة التقليدية ويؤمن على نحو أعمى بمغالطات تقليدية مثل الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، ينفر من الحق ويكرهه. إنه لا يمتلك عقل الإنسانية الطبيعية على الإطلاق، ولن يقبل الحق أبدًا. إن مواد الثقافة التقليدية والتعبيرات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي فيما يتعلق بالإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، لا تتفق مع الحق أو كلام الله على الإطلاق. بصرف النظر عن مدى دقة ممارسة الناس لهذه القيم أو مدى جودة تمسكهم بها، فإن الأمر يختلف عن العيش بإنسانية طبيعية. هذا لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة. هذه هي حقيقة الأمر. إنهم مملوؤون بأنواع التعاليم الشيطانية كافة، وأصبح "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط" هو طبيعة جوهر الناس. بصرف النظر عن إلى أي مدى تجعلها تبدو رائعة، أو مدى سمو لغتك، أو مدى عظمة نظرياتك، لا يمكن ممارسة هذه التعبيرات الخاصة بالثقافة التقليدية المتعلقة بالسلوك الأخلاقي. حتى إذا التزمت بكل من القواعد المفروضة بناءً على قيم الإحسان، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة، في الثقافة التقليدية، فأنت لست أكثر من حَسَن التصرف ظاهريًّا. ولكن عندما يتعلق الأمر بالإيمان بالله، واتباعه وأداء واجبك، والخضوع لله، بالإضافة إلى موقفك وآرائك تجاهه والحق، فإن قيم الثقافة التقليدية هذه لا تخدم أي غرض على الإطلاق. لا يمكنها كبح جماح تمردك، ولا عكس مفاهيمك عن الله، ولا إصلاح شخصيات الناس الفاسدة، فما بالك بحل مشكلة لامبالاة الناس بواجبهم. هذه القيم لا تساعد على الإطلاق في تقييد سلوك الناس الفاسد بأي شكل من الأشكال، وهي في الأساس غير قادرة على جعل الناس يعيشون حياة إنسانية طبيعية.

عندما يبدأ معظم الناس في الإيمان بالله، يعتقدون أن الإيمان أمر بسيط للغاية. إنهم يعتقدون أن الإيمان بالله واتباعه يعني تعلُّم التحلي بالصبر والتسامح، والعطاء الفوري لعمل الخير، والرغبة في مساعدة الآخرين، وأن يُقاس المرء بكلماته وأفعاله، وعدم التصرف بعجرفة زائدة، أو القسوة المفرطة على الآخرين. إنهم يشعرون أنهم إذا سلكوا على هذا النحو، فسيكون الله راضيًا، ولن يُهذَّبوا أثناء أداء واجبهم. وإذا خدموا بوصفهم قادة أو عاملين، فإنهم يعتقدون أنهم لن يُستبدلوا أو يُستبعدوا. يعتقدون أنهم ضمنوا نيل الخلاص. هل الإيمان بالله مسألة بمثل هذه البساطة حقًا؟ (كلا). يتبنى عدد غير قليل من الناس وجهة النظر هذه، ولكن في النهاية، ينتهي الحال بجميع أفكارهم ووجهات نظرهم والطريقة التي يسلكون بها في الحياة إلى الفشل. وفي نهاية المطاف، يلخص بعض الأشخاص الذين لا يعرفون مكانهم في الكون كل شيء في جملة واحدة: "لقد كنت فاشلًا بوصفي إنسانًا!". إنهم يعتقدون أن السلوك باعتبارهم بشرًا يعني التمسُّك بقيم الخير، والبِر، واللياقة، والحكمة، والثقة. لكن هل يمكن أن يُدعى ذلك أن المرء يسلك بوصفه إنسانًا؟ هذا ليس سلوك إنسان؛ إنه سلوك إبليس. وإلى أولئك الذين يقولون: "لقد كنت فاشلًا بوصفي إنسانًا"، أتساءل، هل كنت تسلك بوصفك إنسانًا؟ إنك لم تحاول حتى أن تسلك كإنسان، فكيف يمكنك أن تقول: "لقد كنت فاشلًا بوصفي إنسانًا"؟ هذا فشل للقيم الثقافية التقليدية، مثل الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة، في أن تؤدي وظيفتها مع الناس، وليس فشلًا في سلوكك كإنسان. عندما يقوم الناس بواجبهم في بيت الله، فإن أشياء مثل الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة تصبح بلا فائدة على الإطلاق ولا تعود صالحة للاستخدام. وسرعان ما ينتهي الأمر بالناس إلى الاستنتاج: "أوه، الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة؛ إنها لا تنفع! كنت أعتقد أن السلوك أمر بسيط، وأن الإيمان بالله أيضًّا بسيط جدًّا وليس معقدًا. الآن فقط أدرك أنني كنت أُفرط في تبسيط الإيمان بالله". وبعد الاستماع إلى العظات لفترة طويلة، يدركون أخيرًا أنه ليس من المقبول ألا يفهم الناس الحق. وإذا لم يفهم الناس بعض جوانب الحق، فمن المحتمل أن يرتكبوا أخطاءً في هذا الجانب وأن يُهَذَّبوا، ويفشلوا، ويُدانوا، ويوَبَّخوا. وتلك الأشياء التي كانوا يؤمنون سابقًا بأنها صحيحة، وجيدة، وإيجابية، ونبيلة، تصبح بلا أهمية وبلا قيمة في مواجهة الحق. لقد كان لجميع العبارات المختلفة عن الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة بعض التأثير على أفكار الناس ووجهات نظرهم، وكذلك على الطرق والوسائل التي يديرون بها شؤونهم. وإذا لم يكن لعمل تدبير الله لخلاص البشرية شأن بالأمر، واستمرت البشرية في العيش كما هي – تحت سيطرة الشيطان – فإن الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة – باعتبارها أشياء إيجابية نسبيًا – ستلعب دورًا إيجابيًا ثانويًا في تفكير الناس وفي الروح الاجتماعية والبيئة. فعلى أقل تقدير، هذه الأشياء لا تحرِّض الناس على ارتكاب الشر، والقتل، والحرق العمد، ولا على الاغتصاب والنهب. لكن عندما يتعلق الأمر بعمل الله لخلاص الناس، فلا يمت أيٌّ من هذه الأشياء – الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة – بصلة إلى الحق، أو الطريق، أو الحياة التي يريد الله أن يهبها للبشر. وهذا ليس كل شيء: فبالنظر إلى الأفكار المختلفة التي تدعو إليها قيم الخير، والبر، واللياقة، والحكمة، والثقة، والمتطلبات التي تضعها على السلوك الأخلاقي للناس، وتأثيراتها وقيودها على السلوك الأخلاقي للناس، لم تلعب واحدة منها دورًا في إرشاد الناس للعودة إلى الله أو قيادتهم إلى الطريق الصحيح في الحياة. وبدلًا من ذلك، أصبحت عقبات رئيسية تمنع الناس من السعي إلى الحق وقبوله. العبارات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي التي عقدنا شركة حولها وشرَّحناها من قبل – لا تحتفظ بالمال الذي تجده؛ استمد المتعة من مساعدة الآخرين؛ كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين؛ ادفع الشر بالخير؛ سدد اللطف بكل امتنان؛ ضحِّ بمصالحك من أجل الآخرين؛ يجب أن تكون المرأة فاضلة وطيبة ولطيفة وأخلاقية؛ عندما تشرب الماء من بئر، لا تنسى من حفره – قد أوضحناها بصورة أساسيَّة في الشركة، والجميع على الأقل يفهمون معناها العام. في الواقع، أيًا كان جانب السلوك الأخلاقي الذي تُعنى به هذه العبارات، فإنها تقيِّد تفكير الناس. إذا كنتَ لا تستطيع التمييز بين مثل هذه الأشياء، ولا يمكنك فهم جوهر هذه العبارات بوضوح، ولا تغيِّر هذه الآراء المغلوطة، فلا يمكنك التخلي عن هذه العبارات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي، ولا التخلُّص من تأثيرها عليك. وإذا لم تتمكَّن من التخلي عن هذه الأشياء، فسيكون من الصعب عليك قبول الحق من الله، ومعايير كلام الله، ومتطلبات الخالق المحدَّدة لسلوك الناس الأخلاقي، وسيكون من الصعب مراعاة كلام الله وممارسته باعتباره مبادئ الحق ومعاييره. أليست هذه مشكلة خطيرة؟

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.