ماذا يعني السعي إلى الحق (4) الجزء الثاني

طرحنا ضمن السلوكيات الجيدة أمثلة أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وأن تكون أنيسًا، وأن تكون ودودًا. سنأخذ الآن احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار كمثال ونعقد حوله شركة تفصيلية. احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار هو أمر طبيعي جدًا في حياة الإنسان. ويمكن أن يظهر حتى داخل بعض مجموعات الحيوانات، ولذلك ينبغي أن يظهر بطبيعة الحال بشكل أكبر بين البشر الذين يمتلكون الضمير والعقل. ينبغي أن يراعي البشر هذا السلوك بشكل أفضل وأكثر واقعية وعملية من الأنواع الأخرى، بدلًا من مجرد معالجة الموضوع بسطحية. ينبغي أن يكون البشر أفضل من الأنواع الأخرى في التمسك بهذا السلوك الجيد المتمثل في احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار، لأن البشر يمتلكون الضمير والعقل، وهو ما لا تمتلكه الأنواع الأخرى. ينبغي أن يتمكن البشر من خلال مراعاتهم لهذا السلوك الجيد من إثبات أن إنسانيتهم أكبر من جوهر الأنواع الأخرى، وأنها مختلفة. ولكن هل يفعل البشر هذا حقًا؟ (كلا). هل يفعل المتعلمون والمثقفون هذا؟ (هم أيضًا لا يفعلون ذلك). دعونا ننحي عامة الناس جانبًا ونتحدث عن شؤون النخبة وشؤون القصور. في الوقت الحاضر، تنتج دول كثيرة عددًا من الأعمال الدرامية المختصة بالقصور، وتكشف العديد من القصص الصاخبة للعائلات الملكية. أفراد القصور وعامة الناس متشابهون في تركيزهم الشديد على التسلسل الهرمي للأقدمية، فقد حظي أفراد العائلات الملكية بتعليم أعمق وأكثر تحديدًا عن السلوك الجيد المتمثل في احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار مقارنةً بعامة الناس، والأجيال الشابة في العائلات الملكية أفضل في رعايتها واحترامها لكبار السن من الأشخاص العاديين، إذ يتضمن الموضوع قدرًا هائلًا من آداب التعامل. عندما يتعلق الأمر باحترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار، فإن أفراد العائلات الملكية لديهم متطلبات عالية على وجه الخصوص لهذا الجانب من السلوك الجيد، ويجب عليهم اتباعها بحذافيرها. يبدو من الناحية الظاهرية أنهم يلتزمون بمتطلب الثقافة التقليدية المتمثل في احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار، تمامًا مثلما يفعل عامة الناس. ومع ذلك، مهما كانوا يفعلون ذلك جيدًا أو كما يليق، ومهما بدوا لائقين وبلا عيب، تختفي جميع أنواع تحولات السلطة والتنازع بين القوى المختلفة وراء واجهة هذا السلوك الذي بلا عيب. بين الأبناء والآباء، والأحفاد والأجداد، والخدم والسادة، والوزراء والملوك يبدو ظاهريًا أنهم جميعًا يراعون المعيار الأكثر أساسية للسلوك وهو احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار. ولكن نظرًا لاختلاط السلطة الملكية وغيرها من مختلف أنواع القوى، فإن هذا السلوك الخارجي لا يؤدي أي وظيفة على الإطلاق. إنه عاجز تمامًا عن التأثير على ما يأتي في النهاية من انتقال السلطة الملكية وتنازع القوى المختلفة. وبطبيعة الحال، فإن هذا النوع من السلوك الجيد عاجز بشكل أساسي عن تقييد أي شخص يطمع في العرش أو يطمح إلى السلطة. يتمسك عامة الناس بقاعدة احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار التي نقلها أسلافهم لهم، وهم يعيشون أيضًا تحت وطأة قيود هذه القاعدة. مهما كان عدد المصالح المتداخلة أو الصراعات التي تنشأ عند تعارض تلك المصالح، فإن عامة الناس لا يزالون قادرين على العيش معًا بعد ذلك. لكن الأمور مختلفة داخل العائلات الملكية لأن مصالحها ونزاعاتها على السلطة لها شأن أكبر. إنهم يتقاتلون ويتقاتلون، والنتيجة النهائية هي أن يصبح الفائزون ملوكًا والخاسرون مجرمين، فإما أن يموت أحدهم أو يموت الآخر. يتمسك الرابحون والخاسرون على حد سواء بقاعدة احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار، ولكن نظرًا لأن كل طرف يمتلك قدرًا مختلفًا من السلطة وله رغبات ومطامع مختلفة، أو نظرًا للتفاوتات بين قوة كل طرف، فإن بعضهم ينجون في النهاية بينما يُدمَّر الآخرون. ماذا يحدد هذا؟ هل تحدده قاعدة احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار؟ (كلا). ماذا يحدده إذًا؟ (طبيعة الإنسان الشيطانية). ماذا أعني بهذا كله؟ أعني أن هذه القواعد، أي السلوكيات البشرية الجديدة التي يُزعم أنها جيدة، لا يمكنها تحديد أي شيء بتاتًا، فالمسار الذي يسلكه الشخص لا يتحدد بتاتًا من خلال ما إذا كان متعلمًا وعقلانيًا أو أنيسًا أو محترمًا لكبار السن ومهتمًا بالشباب من حيث سلوكه الخارجي، بل تحدده طبيعة الإنسان. وباختصار، لا يروج بيت الله لهذه التعبيرات عن السلوك الجيد التي ظهرت بين البشر، فهذه السلوكيات التي يراها الإنسان جيدة ما هي إلا نوع من السلوك والمظهر الجيدين، وهما لا يمثلان الحق، وإذا امتلك الشخص هذه السلوكيات والمظاهر الجيدة، فإن ذلك لا يعني أنه يمارس الحق، ولا يعني أنه يسعى إلى الحق.

بما أن هذه السلوكيات التي يعتبرها الإنسان جيدة لا تأتي من الله، ولا يروج لها بيت الله، وبما أنها بالطبع لا تتوافق مع مقاصده، بل وتتعارض مع كلام الله ومتطلباته التي يُقدِّمها، فهل لدى الله أيضًا بعض المتطلبات لسلوك البشر؟ (نعم). لقد وضع الله أيضًا بعض التعبيرات عن سلوك المؤمنين الذين يتبعونه. إنها تختلف عن المتطلبات التي وضعها الله للإنسان فيما يتعلق بالحق وأبسط نوعًا ما، لكنها تحتوي على بعض التفاصيل. ما متطلبات الله من أولئك الذين يتبعونه؟ التحلي بحشمة تقية على سبيل المثال، أليس ذلك مطلبًا لسلوك الإنسان؟ (بلى). توجد أيضًا متطلبات عدم الخلاعة، وضبط النفس، وعدم ارتداء ملابس غريبة، وعدم التدخين أو الشرب، وعدم ضرب الآخرين أو الإساءة اللفظية إليهم، وكذلك عدم عبادة الأصنام، وتكريم الوالدين، وما إلى ذلك. هذه جميعها متطلبات سلوكية وضعها الله لأتباعه. إنها المتطلبات الأكثر أساسية ويجب عدم تجاهلها. الله لديه متطلبات محددة لسلوك أولئك الذين يتبعونه، وهي تختلف عن السلوكيات الجيدة التي يقدمها غير المؤمنين. فالسلوكيات الجيدة التي يقترحها غير المؤمنين لا تفعل أكثر من جعل الناس حيوانات أرقى، مما يميزهم عن الحيوانات الأخرى الأدنى. أما متطلبات الله لأتباعه فتميزهم عن غير المؤمنين وعن الناس الذين لا يؤمنون بالله. إنها لا تتعلق بالاختلاف عن الحيوانات. في الماضي، كان يوجد أيضًا حديث عن "التقديس". هذه طريقة مبالغ فيها وغير دقيقة نوعًا ما للوصف، لكن الله وضع بعض المتطلبات لأتباعه فيما يتعلق بسلوكهم. ما هي، أخبرني؟ (التحلي بحشمة تقية، وعدم الخلاعة، وضبط النفس، وعدم ارتداء ملابس غريبة، وعدم التدخين أو الشرب، وعدم ضرب الآخرين أو الإساءة اللفظية إليهم، وعدم عبادة الأصنام، وتكريم الوالدين). ماذا أيضًا عدا تلك؟ (عدم اختلاس ممتلكات الآخرين، وعدم السرقة، وعدم الشهادة الزور، وعدم الزنا). توجد تلك المتطلبات أيضًا. إنها أجزاء من الناموس، وهي بعض المتطلبات التي طرحها الله فيما يتعلق بسلوك البشر في البداية، وتظل واقعية وعملية اليوم. يستخدم الله هذه المتطلبات لتنظيم سلوك أتباعه، مما يعني أن هذه السلوكيات الخارجية هي علامة أولئك الذين يتبعون الله. إذا كانت لديك هذه السلوكيات والمظاهر بحيث عندما يراك الآخرون يعرفون أنك مؤمن بالله، فعندئذٍ على الأقل سوف يستحسنوك ويُعجَبون بك. سوف يقولون إنك تتحلى بحشمة تقية وتبدو مؤمنًا بالله ولست كغير المؤمنين. يظل بعض الناس الذين يؤمنون بالله مثل غير المؤمنين، فهم غالبًا يدخنون ويشربون ويتقاتلون ويتشاجرون. بل أن بعضهم يزنون ويسرقون. فحتى سلوكهم غير مقيد ولا يتوافق مع كلام الله، وعندما يراهم غير المؤمن يقول: "هل هم مؤمنون حقًا بالله؟ لماذا يشبهون من لا يؤمنون بالله إذًا؟" كما أن الآخرين لا يُعجبون بذلك الشخص ولا يثقون به، ولذلك عندما يحاول ذلك الشخص التبشير بالإنجيل، فإن الناس لا يقبلونه. أما إذا استطاع الشخص أن يفعل ما يطلبه الله من الإنسان، فهو إذًا محب للأشياء الإيجابية ورقيق القلب ويتمتع بالإنسانية الطبيعية. يمكن لمثل هذا الشخص ممارسة كلام الله بعد سماعه مباشرةً، ولا يوجد أي تظاهر فيما يمارسه لأنه على أقل تقدير تصرَّف بتلك الطريقة بناءً على ضميره وعقله. بأي طريقة تختلف متطلبات الله المحددة من الإنسان عن السلوكيات الجيدة التي يروج لها البشر؟ (متطلبات الله من الإنسان عملية بوضوح، فهي تُمكِّن الناس من عيش الإنسانية الطبيعية، في حين أن الثقافة التقليدية لا تتطلب إلا بعض السلوكيات الهادفة للاستعراض وليست لها وظيفة ملموسة). ذلك صحيح، فالسلوكيات الجيدة التي تتطلبها الثقافة التقليدية من الإنسان جميعها مزيفة وجميعها تمويهات. إنها زائفة. هذه السلوكيات الجيدة ما هي إلا قناع وواجهة. إنها ليست أشياء تتدفق من جوهر إنسانية المرء، بل هي تمويهات يستخدمها الإنسان من أجل كبريائه وسمعته ومكانته. إنها استعراض، ونوع من النهج المرائي، وشيء يفعله الشخص عمدًا ليراه الآخرون. لا يستطيع الناس أحيانًا تمييز ما إذا كان سلوك الشخص حقيقيًا أم زائفًا، ولكن بمرور الوقت سوف يرى الجميع ذلك الشخص على حقيقته. وقد كان هذا هو الحال مع الفريسيين المرائين الذين كانوا يتصفون بالكثير من السلوكيات الجيدة ظاهريًا والكثير من مظاهر تقواهم المزعومة، ومع ذلك عندما جاء الرب يسوع للتعبير عن الحق وإجراء عمل الفداء أدانوه وصلبوه لأنهم كانوا ينفرون من الحق ويبغضونه. وهذا يكشف أن سلوكيات الناس الجيدة وأساليبهم الخارجية لا تمثل جوهر طبيعتهم. إنها لا ترتبط بجوهر طبيعة الناس. بيد أن القواعد التي يطلب الله من الإنسان تتميمها يمكن ممارستها وعيشها حقًا ما دام المرء يؤمن حقًا بالله ويتمتع بالضمير والعقل. ينبغي أن تفعل هذه الأشياء سواء كنت تفعل ذلك أمام الآخرين أو من دون علمهم. ومهما كان جوهر إنسانيتك، يجب عليك إتمام هذه المتطلبات التي وضعها الله. نظرًا لأنك تتبع الله، يجب عليك ضبط نفسك والممارسة وفقًا لكلامه مهما كان مدى شدة شخصيتك الفاسدة. وبعد فترة من هذا الاختبار، سوف يكون لديك دخول حقيقي وسوف تكون قد تغيرت حقًا. ذلك التغيير الحقيقي فعلي.

دعونا نلخص الأمر سريعًا: ما نوع متطلبات الله لسلوك الناس؟ يجب أن يظل الناس مراعين للمبدأ ومنضبطين، وأن يعيشوا بكرامة بحيث يحترمهم الآخرون من دون أي تظاهر. هذه هي متطلبات الله السلوكية من الإنسان. وهذا يعني أنه يجب على المرء أن يمارس بهذه الطريقة وأن يمتلك هذا النوع من الحقيقة بصرف النظر عما إذا كان محاطًا بالآخرين أم لا، أو نوعية البيئة التي يوجد فيها، أو ماهية من يواجهه. ينبغي أن يمتلك البشر العاديون هذه الحقائق، فهذا أقل ما ينبغي أن يعمله المرء من حيث تصرُّفه. لنفترض مثلًا أن شخصًا يتحدث بصوت عال جدًا، لكنه لا يسيء لفظيًا للآخرين ولا يستخدم لغة بذيئة، وما يقوله صادق ودقيق ولا يهاجم الآخرين. وحتى لو وصف ذلك الشخص شخصًا آخر بأنه سيئ أو قال إن شخصًا ما ليس صالحًا، فهذا واقعي. على الرغم من أن كلماته وأفعاله الخارجية لا تتوافق مع متطلبات أن تكون أنيسًا أو أن تكون لطيفًا ومهذبًا التي طرحها غير المؤمنين، فإن محتوى ما يقوله ومبادئ كلامه وأسسه تجعله يعيش بكرامة ونزاهة. وهذا ما يعنيه أن تكون مراعيًا للمبدأ. إنه لا يتحدث بلا مبالاة عن أشياء لا يعرفها، ولا يُجري تقييمًا تعسفيًا للناس الذين لا يستطيع تمييزهم بوضوح. وعلى الرغم من أنه لا يبدو في غاية اللطف ظاهريًا ولا يستوفي المعيار السلوكي المتمثل في التهذيب والالتزام بالقواعد الذي يتحدث عنه غير المؤمنين، فإن ما يعيشه يتجاوز بكثير السلوكيات التي تتحدث عنها البشرية المتمثلة في أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وذلك لأنه يمتلك قلبًا يتقي الله، ويضبط نفسه قولًا وفعلًا. أليس هذا مظهرًا من مظاهر ضبط النفس والالتزام بالمبدأ؟ (بلى). على أي حال، إذا نظرتم عن كثب إلى متطلبات السلوك الجيد التي يضعها الله لمؤمنيه، أي منها ليس قاعدة مطلوبة موضوعة لاستهداف الإنسانية الطبيعية؟ أي منها يطلب من الناس إخفاء أنفسهم؟ ولا واحد منها، أليس كذلك؟ إذا كانت لديكم أي شكوك، فيمكنكم التعبير عنها. مثال ذلك، قد يقول البعض: "يوجد أناس الآن يسيئون للآخرين أحيانًا لفظيًا، لكن الله لا يدينهم". عندما يقول الله بعدم الإساءة اللفظية للآخرين، إلى ماذا تشير "الإساءة اللفظية"؟ (عندما ينفس الشخص عن مشاعره بسبب شخصيته الفاسدة). الإساءة اللفظية تعني تنفيس المرء عن مشاعره والتحدث ببذاءات. إذا كان ما يقال عن الشخص بغيضًا لكنه يتفق مع جوهره الفاسد، فتلك ليست إساءة لفظية. مثال ذلك، ربما يكون شخص ما قد عرقل عمل الكنيسة وأزعجه وصنع شرًا كثيرًا فتقول له: "لقد صنعتَ شرًا كثيرًا. أنت نذل ولستَ بشرًا!" هل تُعتبَر تلك إساءة لفظية؟ أو تدفقًا لشخصية فاسدة؟ أو تنفيسًا عن مشاعر المرء؟ أو عدم التحلي بحشمة تقية؟ (إنه يتوافق مع الحقائق، ولذلك لا يُعتبَر إساءة لفظية). ذلك صحيح، فهو لا يُعتبَر كذلك. إنه يتفق مع الحقائق، وهذه كلمات صحيحة وصادقة ولا يوجد شيء مخفي أو مبطن. قد لا يتوافق هذا مع أن تكون متعلمًا وعقلانيًا أو أن تكون لطيفًا ومهذبًا، لكنه يتوافق مع الحقائق. سوف يقارن الشخص الذي يلقى التوبيخ نفسه بتلك الكلمات ويفحص نفسه، وسوف يرى أنه تعرَّض للتوبيخ لأنه فعل شيئًا خاطئًا وارتكب شرًا كثيرًا. سوف يكره نفسه ويقول في قرارة نفسه: "إنني عديم الجدوى حقًا! لا يفعل ما فعلته سوى غبي، وأنا لست إنسانًا! لقد كان من الصواب والجيد أن يوبخني هكذا!" وبعد قبول الأمر، سوف يربح القليل من المعرفة حول جوهر طبيعته، وبعد فترة من الاختبار والتعرُّض لبعض المواقف، سوف يتوب حقًا. وفي المستقبل، سوف يعرف طلب المبادئ أثناء أداء واجبه. ألم يوقظه توبيخه؟ ألا يوجد فرق إذًا بين مثل هذا التوبيخ و"الإساءة اللفظية" في طلب الله بألا يسيء الناس لفظيًا للآخرين؟ (بلى). ما الفرق؟ ماذا تعني "الإساءة اللفظية" في طلب الله بألا يسيء الناس لفظيًا للآخرين؟ أحد جوانب هذا هو أنه إذا كان المحتوى والكلام بذيئًا، فذلك ليس جيدًا. لا يريد الله سماع أي لغة بذيئة من أفواه أتباعه. إنه لا يحب سماع تلك الكلمات. ولكن في حال استخدام بعض الكلمات البغيضة أثناء كشف الحقائق، فإنه توجد استثناءات لمثل هذه الحالات، فتلك ليست إساءة لفظية. ومن الجوانب الأخرى: ما جوهر سلوك الإساءة اللفظية؟ أليس تدفق للتهور؟ إذا كان من الممكن شرح مشكلة ما بوضوح وشفافية من خلال عقد الشركة والنصح والتواصل بشكل طبيعي، فلماذا تسيء للشخص لفظيًا بدلًا من ذلك؟ عمل ذلك ليس بالأمر الجيد وهو غير لائق. عند مقارنة الإساءة اللفظية بتلك الأساليب الإيجابية، فإنها ليست مسارًا طبيعيًا يمكن اتخاذه. إنه تنفيس المرء عن مشاعره وكشف تهوره، والله لا يريد من الناس استخدام التنفيس عن مشاعرهم أو إظهار التهور كوسيلة للتعامل مع أي نوع من الأمور. عندما يتدفق التهور من البشر وينفسون عن مشاعرهم، فإن السلوك الذي يُظهِرونه غالبًا هو سلوك استخدام اللغة للإساءة اللفظية والهجوم. سوف يقولون أبغض الكلام، وسوف يقولون كل ما سيؤذي الطرف الآخر ويخفف من حدة غضبهم. وعندما ينتهون، لن يكونوا قد لطخوا سمعة الطرف الآخر وآذوه فحسب، بل سيكونون قد لطخوا سمعتهم هم وآذوا أنفسهم أيضًا. وهذا ليس الموقف أو الأسلوب الذي ينبغي أن يتبعه أتباع الله في التعامل مع الأمور. بالإضافة إلى ذلك، لدى البشر الفاسدين دائمًا عقلية الانتقام والتنفيس عن مشاعرهم والاستياء وإظهار تهورهم. إنهم يريدون الإساءة اللفظية للآخرين في جميع المواقف. وعندما تطرأ الأمور، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فإن السلوك الذي يُظهِرونه فورًا هو الإساءة اللفظية. وحتى عندما يعلمون أن مثل هذا السلوك لن يحل المشكلة، فإنهم يفعلونه على أي حال. أليس ذلك سلوكًا شيطانيًا؟ إنهم حتى سيفعلونه عندما يكونون بمفردهم في منازلهم عندما لا يستطيع أحد سماعهم. أليس ذلك تنفيسًا عن مشاعر المرء؟ أليس ذلك كشفًا عن تهور المرء؟ (بلى). إن كشف المرء عن تهوره وتنفيسه عن مشاعره يعنيان عمومًا استخدامه لتهوره كطريقة لمعالجة شيء ما والتعامل معه. إنه يعني مواجهة جميع الأمور بموقف تهور، وأحد مظاهر وسلوكيات ذلك هو الإساءة اللفظية. وبما أن ذلك هو جوهر الإساءة اللفظية، أليس من الجيد أن يطلب الله من الإنسان ألا يفعل ذلك؟ (بلى). أليس من المعقول أن يطلب الله من الإنسان ألا يسيء لفظيًا للآخرين؟ ألا يفيد هذا الإنسان؟ (بلى). إن الهدف من مطلب الله بألا يضرب الإنسان الآخرين أو يسيء إليهم لفظيًا هو في الأساس جعل الناس يمارسون ضبط النفس ومنعهم من العيش دائمًا تحت وطأة مشاعرهم وتهورهم. بصرف النظر عما يقوله أولئك الذين يعيشون تحت وطأة مشاعرهم وتهورهم عندما يسيئون إلى شخص ما لفظيًا، فإن الشيء الذي يتدفق منهم هو الشخصية الفاسدة. أي شخصية فاسدة تلك؟ على أقل تقدير، شخصية الشر والتكبر. هل تقتضي مقاصد الله حل أي مشكلة من خلال تدفق شخصية فاسدة؟ (كلا). لا يريد الله أن يستخدم أتباعه مثل هذه الأساليب عند التعامل مع أي من الأشياء التي تحدث حولهم، مما يعني أن الله لا يحب أن يتعامل الناس مع كل ما يحدث حولهم عن طريق ضرب الآخرين والإساءة إليهم لفظيًا. لا يمكنك حل أي مشكلات عن طريق الإساءة اللفظية للناس، وفعل ذلك يؤثر على قدرتك على التصرف وفقًا للمبادئ، وهو على أقل تقدير ليس سلوكًا إيجابيًا، كما أنه ليس سلوكًا يجب أن يمتلكه أولئك الذين يتمتعون بالإنسانية الطبيعية. ولذلك السبب وضع الله مطلبًا لمن يتبعونه، بألا يضربوا الآخرين أو يسيئوا إليهم لفظيًا. ففي سياق "الإساءة اللفظية" تكمن المشاعر والتهور. إلى ماذا تشير "المشاعر" على وجه الخصوص؟ إنها تشمل الكراهية والشتائم، وتمني الشر للآخرين، وتمني حصول الآخرين على ما يستحقونه وفقًا لرغبات المرء، وأن تكون عاقبة الآخرين سيئة. تشمل المشاعر على وجه التحديد أشياء سلبية مثل هذه. وماذا يعني "التهور" إذًا؟ يعني تنفيس المرء عن مشاعره باستخدام طرق متطرفة وكامنة وسلبية وشريرة، وتمني المرء أن يختفي ما يكرهه من أشياء وأشخاص أو أن يواجهوا كارثة، حتى يشمت بمحنتهم كما تمنى. ذلك هو التهور. ماذا يشمل التهور؟ الكراهية والعداوة والشتائم، بالإضافة إلى قدر من سوء النية – هذه جميعها أمور ينطوي عليها التهور. هل أي منها إيجابي؟ (كلا). ما الحالة التي يكون فيها الشخص عندما يعيش تحت وطأة هذه المشاعر والتهور؟ ألا يكون على وشك أن يتحول إلى شيطان مجنون؟ كلما أسأت لفظيًا للناس، ازددت غضبًا، وأصبحت أكثر قسوة، ورغبت أكثر في الإساءة اللفظية للآخرين. وفي النهاية، سوف تريد الاقتراب إلى شخص ما وضربه. وعندما تضرب شخصًا ما، سوف تريد إصابته بجروح بالغة وتنهي حياته مما يعني: "سأدمرك! سأقتلك!" فمجرد شعور ضئيل – وهو شعور سلبي – يؤدي إلى تضخم تهور المرء وانفجاره، وفي النهاية، يجعل الناس يتمنون خسارة ودمار حياة شخص ما. هل ذلك شيء يجب أن يمتلكه أصحاب الإنسانية الطبيعية؟ (لا، ليس كذلك). ووجه من هذا؟ (إنه وجه شيطان). إنه شيطان كاشفًا مظهره الحقيقي. إنه الوجه نفسه الذي يمتلكه الشيطان عندما يوشك على ابتلاع شخص ما، فطبيعته الشيطانية تظهر على السطح ولا يمكن السيطرة عليها. وذلك هو ما يعنيه أن تكون شيطانًا مجنونًا. وإلى أي مدى يصل جنون هؤلاء الناس؟ إنهم يتحولون إلى شيطان يريد أن يبتلع جسد الإنسان وروحه. إن أشد عواقب الإساءة اللفظية هو أنها قد تقلب أمرًا تافهًا بمعدل مائة وثمانين درجة وتؤدي إلى موت شخص ما. تبدأ العديد من المشكلات بقليل من الاحتكاك بين شخصين، مما يؤدي إلى صراخهما والإيذاء اللفظي فيما بينهما، ثم ضرب أحدهما الآخر مما يتبعه رغبة في القتل تصبح حينها حقيقة واقعة، فأحدهما يُقتَل والآخر يُدان بالقتل ويُحكَم عليه بالإعدام. كلا الطرفين يخسران في النهاية، فهذه هي النتيجة النهائية. لقد انتهيا من الإساءة اللفظية، وانتهيا من التنفيس عن مشاعرهما، وكشفا تهورهما كله، وكلاهما ذهب إلى الجحيم. تلك هي النتيجة. وهذه هي العواقب التي تحدث للإنسان من التنفيس عن مشاعره وتضخم تهوره وانفجاره. هذه ليست نتيجة جيدة، بل سيئة. وكما ترى، هذا هو نوع الآخرة التي يواجهها الإنسان نتيجةً للسلوك الناجم عن شعور سلبي بسيط. لا يرغب الناس في رؤية مثل هذه الآخرة، وليسوا على استعداد لمواجهتها بأنفسهم، ولكن نظرًا لأن الناس يعيشون تحت وطأة جميع أنواع المشاعر السيئة، ونظرًا لتورطهم في التهور وتحكمه بهم، فهو غالبًا ما يتوسع ويتدفق، ومن ثم تنشأ مثل هذه العواقب في نهاية المطاف. أخبرني، هل الإساءة اللفظية سلوك بسيط؟ إن الإساءة اللفظية التي ينخرط فيها الناس خلال حياتهم اليومية قد لا تسفر عن مثل هذه النتيجة السيئة، أي أن مثل هذه النتيجة السيئة لن تنجم بالضرورة عن جميع حالات الإساءة اللفظية، لكن هذا هو جوهر الإساءة اللفظية. إنه تنفيس المرء عن مشاعره وتضخم تهوره وانفجاره. ولذلك، فإن مطلب الله من البشر بعدم الإساءة لفظيًا للآخرين هو بالتأكيد مفيد للإنسان، فهو يفيده بمئات الطرق ولا يضره بأي طريقة. وفي الوقت نفسه، هذا جزء من أهمية وضع الله لهذا المطلب من البشر. قد لا يرقى مطلب عدم الإساءة اللفظية للآخرين إلى مستوى ممارسة الحق أو السعي إليه، لكن الإنسان ينبغي أن يظل مراعيًا لهذا النوع من المتطلبات.

هل يمكن للناس إتمام مطلب الله المتمثل في وجوب عدم الإساءة اللفظية بعضهم تجاه بعض بالاعتماد على ضبط النفس فقط؟ عندما يغضب الناس، فإنهم يعجزون عن ضبط أنفسهم في أحيان كثيرة. كيف يمكن للناس إذًا إتمام هذا المطلب المتمثل في عدم الإساءة اللفظية بعضهم تجاه بعض؟ عندما تكون على وشك الإساءة لفظيًا إلى شخص ما، وخصوصًا عندما لا تستطيع ضبط نفسك، ينبغي عليك الإسراع للصلاة. إذا صلَّيت لفترة من الوقت وتضرعت لله بجدية، فسيتراجع غضبك على الأرجح. سوف تتمكن في ذلك الوقت من ضبط نفسك بفاعلية، والتحكم في مشاعرك وتهورك. مثال ذلك، أحيانًا قد يقول الناس شيئًا يجعلك تشعر بالإهانة، أو قد يدينونك من دون علمك، أو قد يؤذونك عن قصد أو عن غير قصد، أو قد يستغلونك نوعًا ما، أو يسرقون شيئًا منك، بل وقد يضرون بمصالحك الحيوية. عندما تحل بك هذه الأشياء، ستفكر: "لقد آذاني، ولهذا فإنني أكرهه، وأريد أن أسبه، وأريد الانتقام منه، بل وأريد أن أضربه. أريد الاحتيال عليه من دون علمه لألقِّنه درسًا". أليس كل هذا وليد المشاعر السيئة؟ إن العاقبة التي تجلبها المشاعر السيئة هي أنك سترغب في فعل هذه الأشياء. كلما فكرت في الأمر، أصبحت أكثر غضبًا واعتقدت أن هذا الشخص يتنمر عليك وأن كرامتك وشخصيتك تعرضتا للإهانة. سوف تشعر بعدم الارتياح في داخلك، وسوف تريد الانتقام. أليس هذا هو الاندفاع المتهور الذي أثارته هذه المشاعر السلبية فيك؟ (بلى). ما نوع السلوك الذي تمثله رغبتك هذه في الانتقام؟ أليس التهور على وشك التدفق منك؟ يجب عليك تهدئة نفسك في مثل هذه الأوقات. يجب أولًا أن تُصلِّي إلى الله، وتضبط نفسك، وتتأمل وتطلب الحق، وتتصرف بحكمة. تلك هي الطريقة الوحيدة لتجنب موقف تصبح فيه مضطربًا، وتنشأ فيه الكراهية والمشاعر والتهور في داخلك. قد يقول البعض: "إذا عمل شخصان معًا طوال اليوم، سيكون تجنب هذا النوع من المواقف غير ممكن". حتى لو لم تتمكن من تجنب هذا الموقف، يجب ألا تنتقم، بل أن تضبط نفسك. كيف يمكنك ضبط نفسك؟ أولًا، يجب أن تقول لنفسك: "إذا انتقمتُ، فإن ذلك لن يُرضي الله بالتأكيد، ولذلك لا يمكنني فعله. الكراهية والانتقام والبغضاء جميعها أمور لا يحبها الله". الله لا يحب هذه الأشياء، لكنك ما زلت تريد فعلها ولا يمكنك التحكم في نفسك. كيف ينبغي أن تحل هذا؟ يجب بطبيعة الحال أن تتكل على الله. إذا كنت لا تُصلِّي إلى الله، فلن تتمكن من حل هذا الأمر. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت قامتك ضئيلة للغاية وكنت متهورًا جدًا ولم تستطع بالفعل ضبط مشاعرك وتهورك، وكنت ترغب في الانتقام، فلا يزال عليك ألا تفتح فمك مطلقًا للإساءة اللفظية لذلك الشخص. يمكنك مغادرة المكان الذي أنت به، والسماح لشخص آخر بالتدخل وحل الموقف. ينبغي أن تُصلِّي إلى الله بهدوء وتتلو القليل من العبارات ذات الصلة من كلام الله. صلِّ إلى الله بهذه الطريقة، وسوف يختفي تهورك ببطء. سوف تدرك أن الإساءة اللفظية للناس لا يمكنها حل المشكلات، وأن هذا سوف يكون إعلانًا للفساد، وأنه لا يمكنه إلا أن يجلب الخزي لله. ألن تحل الصلاة بهذه الطريقة مشكلتك؟ ما رأيكم في هذا الحل؟ (إنه جيد). ذلك هو كل شيء في شركتي عن الضبط السلوكي الذي طرحه الله: "لا تضرب الآخرين أو تسيء إليهم لفظيًا".

لقد عقدت شركة للتو عن السلوكيات الجيدة التي يطلب الله من الناس التمسك بها، فماذا كانت؟ (التحلي بحشمة تقية، وعدم الخلاعة، وضبط النفس، وعدم ارتداء ملابس غريبة، وعدم ضرب الآخرين أو الإساءة اللفظية إليهم، وعدم التدخين أو الشرب، وعدم عبادة الأصنام، وتكريم الوالدين، وعدم السرقة، وعدم اختلاس ممتلكات الآخرين، وعدم الزنا، وعدم الشهادة الزور). نعم، هذه جميعها صحيحة. أخبرني، هل المتطلبات التي طرحها الناموس، مثل تلك المتعلقة بعدم السرقة وعدم استغلال الآخرين، لا تزال مقبولة حتى الآن؟ هل لا تزال فعالة؟ (لا تزال مقبولة وفعالة). ماذا إذًا عن الوصايا من عصر النعمة؟ (لا تزال مقبولة أيضًا). لماذا طرح الله هذه المتطلبات المحددة إذًا؟ أي جانب من ممارسة الإنسان تتطرق إليه هذه المتطلبات المحددة؟ ولو لم يطرح الله هذه المتطلبات، هل كان الناس سيفهمون هذه الأشياء؟ (كلا). لن يفهمها الناس. هذه المتطلبات المحددة التي وضعها الله لتنظيم سلوك الإنسان مرتبطة جميعها في الواقع بعيش الإنسانية الطبيعية، وقد كان الغرض من طرح هذه المتطلبات المحددة هو تمكين الناس من تمييز الأشياء الإيجابية والسلبية وتحديدها على وجه الدقة، بالإضافة إلى ما هو صحيح وما هو خطأ. هذا يمكّن الناس من فهم أن سلوكًا كالزنا ممقوت من الله، ومخزٍ، ومُزدرى من الإنسان، وشيء سلبي، وأنه ينبغي على الناس ضبط أنفسهم في هذا الأمر، وأنه ينبغي ألا يرتكبوا هذا الفعل ولا ينبغي أن يخطئوا في هذا الصدد. وهو أيضًا يمكّن الناس من فهم أن سلوكيات مثل استغلال الآخرين والسرقة جميعها أشياء سلبية، وأنه ينبغي على الناس ألا يفعلوها، وإن كان شخص ما يحب فعل هذه الأشياء – ويفعلها – فهو ليس شخصًا صالحًا. كيف ينبغي لك أن تميز ما إذا كان الشخص يملك إنسانية جيدة أم رديئة، وما إذا كان شخص إيجابي أم شخص سلبي؟ أولًا، يجب أن تتأكد أنه لا يمكن تمييز الناس بدقة ولا يمكن التفريق بدقة بين الأشياء الإيجابية والسلبية إلا بناءً على كلام الله، أي بتعبير محدد، لا يمكن تمييز الناس والحكم عليهم بدقة إلا بناءً على المعايير المطلوبة التي وضعها الله لضبط سلوك الإنسان. سأعطي مثالًا: إذا كان أحد الأشخاص يميل إلى السرقة ويحب أن يسرق من الآخرين، فكيف حال إنسانيته؟ (رديئة). السرقة عمل شرير وجسيم، ولذلك فإن أولئك الذين يسرقون أشرار. يحترس جميع الآخرين منهم ويبتعدون عنهم ويعتبرونهم لصوصًا. اللصوص شخصيات سلبية في أذهان الناس، والسرقة شيء سلبي وسلوك خاطئ. ألا يمكنك التأكد من ذلك بالنظر إليها بهذه الطريقة؟ إليك مثال آخر: لنفترض أنه يوجد زانٍ وكان بعض الناس لا يعرفون ما إذا كان هذا أمرًا إيجابيًا أم سلبيًا، فالطريقة الوحيدة بالنسبة إليهم لقياس هذا بدقة هي وفقًا لكلام الله لأن كلام الله وحده هو الحق. بصرف النظر عن الادعاءات الجديدة التي تطرحها الأنظمة القانونية والأخلاق الآن بخصوص فعل الزنا، فإنها ليست الحق. أما الكلمتان اللتان قالهما الله "لا تزنِ" فهما الحق، والحق لن يزول أبدًا. منذ اللحظة التي طرح فيها الله مطلب "لا تزنِ"، وجب على الجميع البدء في ازدراء الزناة والابتعاد عنهم، فأمثال أولئك الناس ليست لديهم إنسانية. وإذا قستهم من منظور الإنسانية، فإنهم على أقل تقدير ليسوا أناسًا صالحين، وأي شخص ينخرط في هذا النوع من السلوك ولديه هذا النوع من الإنسانية شخص مشين، مكروه من الإنسان ومُحتقر ومُزدرى داخل الجماعات، ومنبوذ من الجموع. وبناءً على كلام الله، يمكننا التأكيد على أن ارتكاب الزنا أمر سلبي، وأن من يفعلون ذلك شخصيات سلبية. مهما أصبحت اتجاهات المجتمع شريرة، فإن الزنا والفجور من الأمور السلبية، والناس الذين يتورطون فيها شخصيات سلبية. هذا مؤكد تمامًا، ويجب أن تعي حقيقته، يجب ألا تضللك أو تغويك ميول المجتمع الشريرة. بالإضافة إلى هذه، توجد بعض المتطلبات الأكثر تحديدًا: الله يقول للناس بعدم عبادة الأصنام، وتكريم الوالدين، وعدم ضرب الآخرين أو الإساءة اللفظية إليهم، والتحلي بحشمة تقية وما إلى ذلك. هذه المتطلبات المحددة هي جميعها معايير يضبط الله من خلالها سلوك الإنسان. أي أن الله قبل أن يزود الناس بالحق، علَّمهم ماهية الأفعال الصحيحة والإيجابية وماهية الأفعال الخاطئة والسلبية، وأخبرهم بكيفية أن يكونوا أشخاصًا صالحين والسلوكيات الجيدة التي يجب أن يمتلكوها ليكونوا أشخاصًا ذوي إنسانية طبيعية، بالإضافة إلى الأشياء التي يجب ولا يجب أن يفعلوها كأشخاص ذوي إنسانية طبيعية، وذلك حتى يتمكنوا من اتخاذ الخيارات الصحيحة. جميع هذه المطالب التي تنظم سلوك الإنسان هي أشياء ينبغي على كل شخص عادي أن يعيشها حقًا، وهي الأساس الذي بناءً عليه يواجه كل شخص فعليًا كل شيء يصادفه ويتعامل معه. مثال ذلك، لنفترض أنك ترى شخصًا آخر يمتلك شيئًا لطيفًا وتريد أن تأخذه لنفسك، لكنك تقول لنفسك حينها: "يقول الله إن سرقة الآخرين أمر خاطئ، وقال إنه يجب علينا ألا نسرق الآخرين أو نستغلهم، ولذلك لن أسرقهم". ألم يُقيَّد سلوك السرقة إذًا؟ وفي الوقت نفسه الذي يكون فيه سلوكك مُقيَّدًا، ألم يُنظَّم سلوكك؟ قبل أن يطرح الله هذه المتطلبات، عندما كان الناس يرون شيئًا لطيفًا يملكه شخص آخر، كانوا يرغبون في أخذه لأنفسهم. لم يعتقدوا أن فعل ذلك كان خاطئًا أو مخزيًا، أو أن الله كان يكره ذلك، أو أنه كان شيئًا سلبيًا، أو أنه كان حتى خطية. لم يكونوا يعرفون هذه الأشياء، ولم تكن لديهم هذه المفاهيم. وبعد أن طرح الله مطلب "لا تسرق"، تلقَّى الناس حدًا ذهنيًا عندما يتعلق الأمر بفعل هذه الأنواع من الأشياء، ومن خلال هذا الحد تعلَّموا أنه يوجد فرق بين السرقة وعدم السرقة، فالسرقة تعادل فعل شيء سلبي، وفعل شيء سيئ أو شرير، وهي مخزية. وعدم السرقة هو التمسك بأخلاق الإنسانية وتنطوي على إنسانية. لا تقتصر مطالب الله فيما يتعلق بسلوك الإنسان على علاج سلوكيات الناس وطرقهم السلبية فحسب، لكنها تنظم سلوك الإنسان في الوقت نفسه وتُمكِّن الناس من العيش بإنسانية طبيعية وامتلاك سلوكيات ومظاهر طبيعية، وعلى الأقل أن يظهروا مثل الناس، أي مثل الناس العاديين. أخبرني، أليست هذه المتطلبات التي طرحها الله لتنظيم سلوك الإنسان هادفة للغاية؟ (بلى). إنها هادفة. ومع ذلك، فإن هذه المتطلبات المحددة التي تنظم سلوك الإنسان لا تزال بعيدة تمامًا عن الحقائق التي يُعبِّر عنها الله الآن، ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى الحق. وسبب هذا هو أنه منذ زمن بعيد خلال عصر الناموس، لم تكن هذه المتطلبات سوى مجرد نواميس تنظم سلوك الإنسان، وقد كان الله يستخدم اللغة الأبسط والأكثر مباشرة لإخبار الناس بما ينبغي عليهم فعله وما لا ينبغي عليهم فعله ووضع بعض القواعد لهم. أما في عصر النعمة، فقد كانت هذه المتطلبات مجرد وصايا. وفي الوقت الحاضر، يمكن القول فقط إنها معايير لقياس سلوك الفرد وتقييم الأشياء. على الرغم من أن هذه المعايير لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الحق، ومن وجود مسافة معينة بينها وبين الحق، فإنها شرط مسبق أساسي لسعي الإنسان إلى الحق وممارسته. عندما يتمسك الشخص بهذه القواعد، وبهذه النواميس والوصايا، وبهذه المتطلبات والمعايير السلوكية التي وضعها الله لتنظيم سلوك الإنسان، يمكن القول إنه يمتلك الشروط الأساسية لممارسة الحق والسعي إليه. إذا كان شخص ما يدخن ويشرب المسكرات، وكان سلوكه فاسقًا وكان يزني ويستغل الآخرين ويسرق غالبًا، وقلتَ: "هذا الشخص يحب الحق، ويمكنه بالتأكيد ممارسته ونيل الخلاص"، فهل ذلك التعبير سليم؟ (كلا). لمَ لا؟ (ذلك الشخص عاجز عن إتمام أبسط متطلبات الله حتى، ولا يمكنه ممارسة الحق، وإذا قال المرء إنه كان يحب الحق، فسوف تكون تلك أكذوبة). ذلك صحيح، فهذا الشخص لا يمتلك حتى أبسط مستوى من ضبط النفس. والمعنى الضمني لهذا هو أنه لا يملك حتى أبسط درجات الضمير والعقل التي يجب أن يمتلكها الشخص. وهذا معناه أن هذا الشخص لا يمتلك ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها. ماذا يعني عدم امتلاك الضمير والعقل؟ يعني أن هذا الشخص سمع الكلام الذي نطق الله به، والمتطلبات التي وضعها الله للإنسان، والقواعد التي وضعها الله، لكنه لم يأخذها على محمل الجد بتاتًا. يقول الله إن سرقة الآخرين أمر سيئ، وإنه ينبغي على الناس ألا يسرقوا، ويتساءل هذا الشخص: "لماذا لا يُسمَح للناس بالسرقة؟ أنا فقير للغاية، فكيف يمكنني العيش إن لم أسرق؟ هل يمكنني أن أصبح غنيًا إن لم أسرق الأشياء أو أستغل الآخرين؟" ألا ينقصه ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها؟ (بلى). إنه عاجز عن تلبية المطالب التي وضعها الله لضبط سلوك الإنسان، ولذا فإنه لا يمتلك إنسانية طبيعية. إذا قال المرء إن الشخص الذي لا يمتلك إنسانية طبيعية يحب الحق، فهل يمكن أن يكون ذلك ممكنًا؟ (كلا). إنه لا يحب الأشياء الإيجابية، وعلى الرغم من أن الله يقول إنه يجب على الناس ألا يسرقوا أو يزنوا، فإنه لا يستطيع تلبية هذه المتطلبات، وهو ينفر من كلام الله هذا. ولذلك، هل يستطيع أن يحب الحق؟ الحق أسمى بكثير من هذه المعايير السلوكية، فهل يمكنه الوصول إليه؟ (كلا). الحق ليس معيارًا سلوكيًا بسيطًا، وليس مجرد مسألة تفكير الناس في الحق عندما يخطئون أو يتصرفون تصرُّفًا اعتباطيًا ومتهورًا ثم يُقيَّدون ولا يعودون يخطئون أو يتصرفون اعتباطيًا وبتهور. الحق لا يقيد سلوك الناس بهذه الطريقة البسيطة فحسب، بل يمكنه أن يصبح حياة الشخص ويمكنه أن يسود على كل شيء في حياة الشخص. عندما يقبل الناس الحق على أنه حياتهم، فإن هذا يتحقق من خلال اختبارهم لعمل الله وتوصلهم إلى معرفة الحق وممارسة الحق. عندما يقبل الناس الحق، سوف ينشأ صراع بداخلهم، ومن المحتمل أن تتدفق شخصياتهم الفاسدة. عندما يتمكن الناس من استخدام الحق لعلاج شخصياتهم الفاسدة، من الممكن أن يصبح الحق حياتهم والمبدأ الذي يتصرفون ويعيشون بحسبه. هذا شيء لا يمكن أن يحققه إلا الناس الذين يحبون الحق ويمتلكون الإنسانية. هل يستطيع أولئك الذين لا يحبون الحق ويفتقرون إلى الإنسانية أن يرتقوا إلى هذا المستوى؟ (كلا). ذلك صحيح، فهم لا يستطيعون، حتى لو رغبوا في ذلك.

إذا نظرنا إلى هذه المتطلبات التي وضعها الله لتنظيم سلوك الإنسان، من بين جميع الكلمات التي نطق بها الله وجميع الشروط المحددة التي طرحها، هل أي منها زائدة عن الحاجة؟ (كلا). هل هي هادفة؟ هل لها قيمة؟ (نعم). هل ينبغي على الناس الالتزام بها؟ (نعم). ذلك صحيح، فالناس ينبغي عليهم الالتزام بها. وبينما يلتزم الناس بها، ينبغي عليهم أن يتجاهلوا العبارات التي لقنتهم الثقافة التقليدية إياها، مثل أن تكون متعلمًا وعقلانيًا وأن تكون لطيفًا ومهذبًا وما إلى ذلك. ينبغي أن يمتثلوا لكل من المتطلبات التي وضعها الله لتنظيم سلوك الإنسان، وأن يتصرفوا في توافق صارم مع كلام الله. ينبغي أن يعيشوا الإنسانية الطبيعية من خلال اتباع جميع المتطلبات التي وضعها الله عن كثب. وبطبيعة الحال، ينبغي عليهم أيضًا تقييم الناس والأشياء، والتصرُّف والعمل في توافق صارم مع هذه المتطلبات. على الرغم من أن هذه المتطلبات لا ترقى إلى مستوى معايير الحق، فإنها جميعًا كلمات الله، ونظرًا لأنها كلمات الله، يمكن أن يكون لها تأثير إرشادي إيجابي وفعال على الناس. كيف عرَّفتُ السعي إلى الحق؟ أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء ويتصرف ويعمل بالكامل وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا له. يشمل كلام الله مجموعة كبيرة من الأشياء، فأحيانًا تمثل عبارة واحدة من كلامه عنصرًا من عناصر الحق. وأحيانًا يتطلب الأمر عدة عبارات أو مقطعًا لتوضيح عنصر واحد من عناصر الحق. وأحيانًا، يلزم فصل كامل للتعبير عن عنصر من عناصر الحق. يبدو الحق بسيطًا، لكنه في الواقع ليس بسيطًا على الإطلاق. ولوصف الحق بمصطلحات أشمل، فإن الله هو الحق. جميع كلام الله هو الحق، وكلام الله غزير ويغطي الكثير من المحتوى، وكله تعبيرات عن الحق. مثال ذلك، فإن النواميس والوصايا التي وضعها الله، وكذلك المتطلبات السلوكية التي وضعها الله في هذا العصر الجديد، جميعها كلام الله. على الرغم من أن بعض هذه الكلمات لا ترقى إلى مستوى الحق، ولا تتأهل لتكون هي الحق، فإنها أشياء إيجابية. على الرغم من أنها مجرد كلمات تقيد سلوك الإنسان، فإنه لا يزال يتعين على الناس التمسك بها. يجب على الناس على أقل تقدير أن يمتلكوا هذه الأنواع من السلوكيات، ويجب ألا يقصروا عن هذه المعايير. ولذلك، يجب أن تستند نظرة الشخص إلى الناس والأشياء وتصرُّفه وأعماله إلى كلام الله هذا. ينبغي على الناس الالتزام به لأنه كلام الله، وينبغي على كل شخص أن ينظر إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل وفقًا لكلام الله لأنه كلام الله. أليس ذلك صحيحًا؟ (بلى). لقد قلتُ شيئًا كهذا من قبل: الله يعني ما يقوله، وما يقوله سيحدث، وما يفعله سيدوم إلى الأبد، مما يعني أن كلام الله لن يزول أبدًا. لماذا لا يزول؟ لأنه بصرف النظر عن عدد الكلمات التي يتكلم بها الله، وبصرف النظر عن الوقت الذي يتحدث فيه الله بها، فإنها جميعها الحق ولا تزول أبدًا. وحتى عندما يدخل العالم عصرًا جديدًا، فإن كلام الله لن يتغير ولن يزول. لماذا أقول إن كلام الله لا يزول؟ لأن كلام الله هو الحق، والحق مهما كان لن يتغير أبدًا. ولذلك، فإن جميع النواميس والوصايا التي طرحها الله وتحدَّث بها، وجميع المتطلبات المحددة التي طرحها بشأن سلوك الإنسان لن تزول أبدًا. كل مطلب في كلام الله مفيد للبشرية المخلوقة، فهي جميعها تنظم سلوك الإنسان، وهي منيرة ونافعة فيما يتعلق بعيش الإنسانية الطبيعية وكيف ينبغي للناس أن يتصرفوا. جميع هذه الكلمات يمكنها تغيير الناس وجعلهم يعيشون شبه الإنسان. وعلى النقيض من ذلك، إذا أنكر الناس كلام الله هذا وأنكروا المتطلبات التي وضعها الله للبشرية والتزموا بدلًا من ذلك بتلك التعبيرات عن السلوك الجيد التي طرحها الإنسان، فإنهم عندئذٍ يكونون في خطر محدق. لن يقتصر الأمر على أنهم سوف يصبحوا أقل امتلاكًا للإنسانية والعقل، بل سيصبحون أكثر خداعًا وزيفًا وأكثر قدرة على الخداع، وسوف تحتوي الإنسانية التي يعيشونها على المزيد والمزيد من الخداع. لن يخدعوا الآخرين فحسب، بل سيحاولون خداع الله أيضًا.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.