كيفية السعي إلى الحق (6) الجزء الثالث
كيف ينبغي للناس ذوي المواهب والمَلَكات الممارسة لتجنب الشعور بالكبت؟ هل من السهل تحقيق هذا؟ (إنه سهل). إذًا، كيف يمكنك علاج مشاعر الكبت السلبية التي تنشأ من عدم قدرتك على استخدام خبرتك؟ أولًا وقبل كل شيء، عليك أن تفهم ماهية المهارات التقنية أو أي أنواع من المواهب والخبرات التي يدرسها الناس ويتقنونها. هل هي الحياة نفسها؟ (لا، ليست كذلك). هل يمكن تصنيفها على أنها أشياء إيجابية؟ (لا، لا يمكن). لا يمكن تصنيفها على أنها أشياء إيجابية، فهي في أحسن الأحوال نوع من الأدوات. هي في المجتمع وفي العالم العلماني، على أقصى تقدير، قدرات تُمكِّن الناس من إعالة أنفسهم كما ينبغي ومن الحفاظ على بقائهم. ولكنك في نظر بيت الله اكتسبت فحسب نوعًا من المهارة التقنية. هي مجرد نوع من المعرفة، هي نوع من المعرفة البسيطة الخالصة. من المؤكد أنها لا تشير إلى نُبل الشخص أو وضاعته. فلا يمكن القول إن الشخص أنبل من الآخرين لمجرد أنه يمتلك خبرة أو مهارة معينة. فكيف يمكن النظر إلى نُبل الإنسان أو وضاعته إذًا؟ من خلال النظر إلى إنسانيته ومساعيه والطريق الذي يتبعه. لا يمكن أن تُمثِّل المهارات أو الخبرة التقنية إلا المهارة أو المعرفة المحددتين اللتين اكتسبتهما ومدى عمق أو سطحية فهمك لهما ومستوى الكفاءة الذي حققته فيهما. لا يمكن مناقشة هذه المهارات والخبرات التقنية إلا من حيث الكفاءة والمقدار والعمق، وما إن كان المرء يتمتع بخبرة عالية في ذلك المجال أو لديه معرفة سطحية به فحسب. لا يمكن استخدامها لتقييم جودة إنسانية الشخص أو مساعيه أو الطريق الذي يسلكه. هي مجرد نوع من المعارف أو الأدوات. قد تُمكِّنك هذه المعرفة أو الأداة من أداء بعض المهام ذات الصلة أو تجعلك أكفأ في نوع معين من العمل، لكن هذا لا يمنحك إلا أمانًا وظيفيًا ورزقًا مضمونًا. ذلك هو كل شيء. بصرف النظر عن كيفية نظر المجتمع إلى مهاراتك وخبراتك التقنية، فإن هذه على أي حال طريقة نظر بيت الله إليها. لن ينظر بيت الله أبدًا إلى أحد نظرة مختلفة، أو يُقدِّم استثناءات لترقيته، أو حتى يعفيه من أي شكل من أشكال التهذيب أو أي شكل من أشكال التوبيخ أو الدينونة لمجرد أنه يمتلك نوعًا من المهارة الخاصة. بصرف النظر عن المهارات أو الخبرة التقنية التي قد يمتلكها الشخص، فإن شخصيته الفاسدة لا تزال موجودة، وهو لا يزال إنسانًا فاسدًا. مواهب المرء ومَلَكاته ومهاراته التقنية منفصلة عن شخصيته الفاسدة ولا علاقة لها بها، وكذلك لا علاقة لها بإنسانية المرء أو طباعه. يتمتع بعض الأفراد بمستوى قدرات أفضل قليلًا أو ذكاء أعلى قليلًا أو سرعة بديهة وإدراك أكبر قليلًا، مما يسمح لهم باكتساب معرفة أعمق بعض الشيء عند دراسة مهارات تقنية معينة. يحصلون على إنجازات ونتائج أكبر قليلًا ويحققون المزيد منها عند أداء عمل يتضمن هذه المهنة. في المجتمع، قد يجلب لهم هذا عوائد مالية أكبر وأعلى بعض الشيء ومكانة أو أقدمية أو هيبة أعلى قليلًا في مجال عملهم. ذلك كل شيء. ومع ذلك، لا يشير أي من هذا إلى الطريق الذي يسيرون فيه أو مساعيهم أو موقفهم من الحياة والوجود. فالمهارات والخبرة التقنية أشياء تنتمي إلى عالم المعرفة المحض، وليست لها أي علاقة بأفكار الشخص أو وجهات نظره أو منظوره أو موقفه تجاه أي شيء. هي غير مرتبطة بهذه الأشياء بتاتًا. وبالطبع، فإن الأفكار التي تُروَّج في بعض مجالات المعرفة هي هرطقات ومغالطات تضلل الناس بخصوص فهم الحق وتمييز الأشياء الإيجابية. ذلك أمر مختلف تمامًا. نشير هنا إلى المعرفة والمهارات التقنية المحضة التي لا توفر أي دعم وإصلاح إيجابيين أو فعالين لشخصيات الناس الفاسدة أو إنسانيتهم الطبيعية. وكذلك لا تستطيع كبح الشخصية الفاسدة للشخص أو تقييدها. فتلك طبيعته. سواء كان الشخص منخرطًا في الأدب أو الموسيقى أو أي جانب من جوانب الفنون، أو في العلوم، الأحياء أو الكيمياء، أو في التصميم أو الهندسة المعمارية أو التجارة، أو حتى في الحرف اليدوية، فبصرف النظر عن المجال، فإن طبيعة معرفته التقنية تكون هكذا، فهذا هو جوهرها. هل ترون أنني تحدثت بدقة؟ (نعم). لا يهم المجال الذي تشارك فيه أو المهارات التقنية التي تدرسها، أو ما إن كنت تمتلك بعض الخبرة الفطرية، فإن هذا لا يشير إلى نُبلك أو وضاعتك. فمثلًا، يعتقد بعض الناس أن أولئك الذين يشاركون في الأعمال التجارية والاقتصاد في المجتمع، وخصوصًا النخب، يتمتعون بشخصية نبيلة، ولأن المهن والمعرفة التي تعلَّموها تحظى بتقدير كبير لدى الإنسان ويحصلون على دخل مرتفع على وجه الخصوص، فإنهم يحظون بمكانة اجتماعية عالية. لكن، مثل هذا الرأي غير موجود في بيت الله، وبيت الله لن يُقيِّمهم بهذه الطريقة. لأن المبادئ والمعايير التي يستخدمها أولئك الناس لتقييم هذا الأمر ليست هي الحق لكنها أفهام بشرية تنتمي إلى المعرفة البشرية، فإن وجهات النظر هذه لا تصمد في بيت الله. مثال آخر، بعض الناس صيادون أو باعة جائلون أو حرفيون في المجتمع. يُعتَبرون من ذوي المكانة المتدنية ولا أحد ينظر إليهم بتقدير كبير فيه. لكن، شعب الله المختار كله متساو في بيت الله. الجميع متساوون أمام الحق، ولا فرق بين النبلاء والوضعاء. لن تُعتبَر شريفًا لأنك تحظى بمكانة عالية أو تشارك في مهنة نبيلة في المجتمع، ولن تُعتبَر وضيعًا لأنك تؤدي مهنة متدنية في المجتمع. ولذلك، في بيت الله وفي نظر الله، سواء كانت هويتك وقيمتك ومكانتك مرتفعة أو منخفضة، فإن هذا لا علاقة له مطلقًا بقدراتك المهنية أو كفاءتك التقنية أو الخبرة التي تمتلكها. يقول البعض: "كنت قائدًا ولواءً ومشيرًا في الجيش". أقول لهم: "أنت، ابتعد قليلًا". لماذا ينبغي أن تبتعد قليلًا؟ لأن شخصيتك الشيطانية شديدة جدًا، ونظري إليك يثير اشمئزازي. أولًا، اقضِ بعض الوقت في قراءة كلام الله، واربح فهمًا لبعض الحقائق، وعش وفقًا شبه الإنسان قليلًا، وبعد ذلك، سوف يتمكن الجميع من قبولك عندما تعود. في بيت الله، لن تلقى التقدير لأنك شاركت في نوع من العمل في المجتمع يعتبره الإنسان نبيلًا، ولن يُنظَر إليك بازدراء لأنك كنت ذات يوم ذي مكانة متدنية في المجتمع. لا تعتمد معايير ومبادئ بيت الله لتقييم الناس إلا على معايير الحق. ما هي معايير الحق إذًا؟ توجد جوانب محددة لهذه المعايير: أولًا، يُقيَّم الناس على أساس جودة إنسانيتهم، وما إن كانوا يتمتعون بالضمير والعقل والقلب الطيب وحس العدالة. ثانيًا، يُقيَّم الناس بناءً على ما إن كانوا يحبون الحق، وبناءً على الطريق الذي يسيرون فيه، وبناءً على ما إن كانوا يسعون إلى الحق ويحبون الأشياء الإيجابية ويحبون عدل الله وبره، أو ما إن كانوا لا يسعون إلى الحق وينفرون من الحق والأشياء الإيجابية وكانوا ينخرطون دائمًا في المساعي الشخصية وما إلى ذلك. ومن ثم، بصرف النظر عما إذا كنت تمتلك نوعًا من المهارات أو الخبرة التقنية أو كنت لا تمتلك أي مهارات أو خبرة مهنية، سوف تُعامَل معاملة عادلة في بيت الله. لقد ظل بيت الله يعمل دائمًا بهذه الطريقة، وما زال يفعل ذلك الآن، وسوف يفعل ذلك في المستقبل. هذه المبادئ والمعايير لن تتغير أبدًا. ولذلك، فإن ما يحتاج إلى التغيير هم أولئك الذين يشعرون بالكبت لأنهم لا يستطيعون استخدام خبرتهم. إن كنت تؤمن حقًا أن الله بار، وأن الحق هو الذي يحكم بيت الله وأن العدل والبر موجودان في بيت الله، فإنني أطلب منك أن تسرع وتتخلى عن وجهات نظرك وآرائك الخطأ عن المهارات والخبرة التقنية. لا تحسب أن امتلاك القليل من المواهب أو القليل من الخبرة يجعلك متفوقًا. على الرغم من أنك قد تمتلك مهارات تقنية أو خبرة يفتقر إليها آخرون، فإن إنسانيتك وشخصيتك الفاسدة لا تختلفان عن إنسانية وشخصية الآخرين. أنت في نظر الله مجرد شخص عادي، ولا يوجد شيء مميز فيك. ربما تقول: "لقد كنت مسؤولًا رفيع المستوى". حسنًا، لا تزال شخصًا عاديًا. ربما تقول: "كنتُ أنجز أشياء عظيمة". حسنًا، لا تزال شخصًا عاديًا. ربما تقول: "كنت بطلًا". لكن أيًا كان نوع البطل أو الشخص المشهور الذي كنت عليه، فلا فائدة منه. لا تزال مجرد شخص عادي من وجهة نظر الله. ينبغي أن يفهم الناس هذا الجانب من الحق والمبادئ بشأن المهارات التقنية وأنواع من الخبرة. جانب آخر، كيفية التعامل مع هذه المهارات والخبرات المهنية، هو مسار محدد للممارسة ينبغي أن يفهمه الناس. أولًا، أنت بحاجة إلى أن تعرف بوضوح في أفكارك ووعيك أنه بصرف النظر عن المهارات أو الخبرة المهنية التي تمتلكها، فإنك لا تأتي إلى بيت الله لأداء وظيفة أو إظهار قيمتك أو لربح راتب أو لكسب رزق. أنت هنا لأداء واجبك. هويتك الوحيدة في بيت الله هي أنك أخ أو أخت، بعبارة أخرى، كائن مخلوق في نظر الله. ليست لديك هوية ثانية. الكائن المخلوق في نظر الله ليس حيوانًا أو نباتًا أو إبليسًا. إنه إنسان، بصفتك إنسانًا، ينبغي أن تؤدي واجبك. أداء واجبك بصفتك إنسانًا هو الهدف الأساسي الذي ينبغي أن يكون لديك عند دخولك بيت الله، ووجهة النظر الأكثر جوهرية التي ينبغي أن تمتلكها. ينبغي أن تقول: "أنا شخص. أنا شخص لديه إنسانية طبيعية وضمير وعقل. ينبغي أن أؤدي واجبي". هاتان هما الفكرة ووجهة النظر اللتان ينبغي أن يمتلكهما الناس أولًا، من الناحية النظرية. وتليهما كيفية أداء واجبك: هل ينبغي أن تستمع إلى نفسك أم إلى الله؟ (أستمع إلى الله). ذلك صحيح، ولماذا ينبغي أن تستمع إلى الله؟ من حيث المبدأ والنظرية، يعرف الناس أنه يجب عليهم الاستماع إلى الله، وأن الله هو الحق، وأن لله القرار الأخير. هذه هي وجهة النظر التي ينبغي أن تكون لدى المرء من الناحية النظرية. في الواقع، أنت لا تؤدي هذا الواجب من أجل نفسك أو عائلتك أو وجودك اليومي أو حياتك المهنية أو مساعيك الشخصية، بل من أجل عمل الله وتدبير الله لخلاص البشرية. لا علاقة لهذا بشؤونك الشخصية. أنت في حاجة إلى فهم وجهة النظر هذه وامتلاكها. بعد أن تمتلك وجهة النظر هذه، يجب أن تفهم بعد ذلك أنه بما أن أداء واجبك ليس من أجل نفسك بل من أجل عمل الله، فأنت بحاجة إلى أن تُصلِّي إلى الله وتطلب منه كيفية أداء هذا الواجب ومعرفة مبادئ بيت الله ومتطلباته. أدِّ واجبك كيفما يخبرك الله وافعل كل ما يطلبه منك من دون أن تقول أي شيء عما يطلبه ومن دون تردد أو رفض. هذا أمر لا خلاف فيه. لأن هذا هو بيت الله، فمن الصواب والملائم للناس أن يؤدوا الواجبات التي يجب عليهم أدائها هنا. لكن الناس لا يفعلون هذا من أجل أنفسهم أو وجودهم اليومي أو حياتهم أو عائلاتهم أو حياتهم المهنية. من أجل ماذا يفعلون ذلك إذًا؟ من أجل عمل الله وتدبير الله. بصرف النظر عن المهنة المحددة أو نوع العمل الذي يتضمنه، سواء كان بسيطًا مثل علامة ترقيم أو أسلوب تنسيق أو مهمًا مثل عنصر معين من العمل، فإن ذلك كله يندرج ضمن نطاق عمل الله. ولذلك، إن كنت تمتلك العقل، فينبغي عليك أولًا أن تسأل نفسك: "كيف ينبغي أن أؤدي هذا العمل؟ ما متطلبات الله؟ ما المبادئ التي وضعها بيت الله؟" ثم عدِّد المبادئ ذات الصلة واحدًا تلو الآخر وتصرَّف وفقًا لكل قاعدة ومبدأ بالتزام. ما دام كل ما تفعله يتوافق مع المبادئ ولا يتجاوز نطاقها، فسوف يكون ملائمًا وسوف يعامله الله على أنه أداؤك لواجبك ويصنفه كذلك. أليس هذا شيئًا ينبغي أن يفهمه الناس؟ (بلى). إن كنت تفهم هذا، فينبغي ألا تتأمل دائمًا في الكيفية التي تريد بها عمل الأشياء أو ما تريد عمله. فالتفكير والتصرف بهذه الطريقة يفتقر إلى العقل. هل ينبغي عمل الأشياء التي تفتقر إلى العقل؟ لا، ينبغي عدم عملها. إن كنت تريد أن تعملها، فماذا ينبغي أن تفعل حيال ذلك؟ (أتمرد على نفسي). ينبغي عليك أن تتمرد على نفسك وتتخلى عنها، وأن تضع واجبك ومتطلبات بيت الله ومبادئه أولًا. إن كنت تشعر بالقلق وتُشبِع اهتماماتك وهواياتك في أوقات فراغك، فلن يتدخل بيت الله في هذا. هذا جانب واحد مما ينبغي أن تفهمه: ماهية واجبك وكيفية أدائه. يتعلق جانب آخر بمسألة الخبرة والمهارات المهنية لدى الناس. كيف ينبغي أن تتعامل مع مسألة المهارات والخبرة المهنية؟ إذا كان بيت الله يحتاج منك تقديم الخبرة والمهارات المهنية التي تتفوق فيها أو أتقنتها بالفعل، فماذا ينبغي أن يكون موقفك؟ ينبغي عليك تقديمها بلا تحفُّظ، وتسمح لها أن تؤدي مهمتها وتُظهِر قيمتها في واجبك إلى أقصى حد ممكن. ينبغي ألا تتركها تضيع عبثًا. لأنك تستطيع استخدامها ولأنك تفهمها ولأنك أتقنتها، ينبغي عليك السماح باستخدامها. ما مبدأ استخدامها؟ أنه أيًا ما يحتاجه بيت الله أيًا كان مقدار احتياجه وإلى أي مدى يحتاجه، فإنك تستخدم هذه المهارات بطريقة مضبوطة ومدروسة. طبِّق مهاراتك وخبراتك التقنية في واجبك واسمح لها بإتمام مهمتها وبتمكينك من تحقيق نتائج أفضل في واجبك. بهذه الطريقة، ألن تكون مهاراتك وخبراتك المهنية قد دُرِسَت لسبب ما؟ ألن تكون لها قيمة؟ ألن تكون قد قدمت مساهمة؟ (بلى). هل أنتم على استعداد للمساهمة بهذه الطريقة؟ (نعم). ذلك شيء جيد. أما بالنسبة للمهارات والخبرات التي ليس لها أي استخدام على الإطلاق في بيت الله، فإن بيت الله ببساطة لا يطلبها أو يشجع عليها، وأولئك الذين يمتلكون مثل هذه المهارات أو الخبرة ينبغي ألا يمارسوها اعتباطًا. كيف ينبغي أن تفهم هذا الأمر؟ (ينبغي أن أتخلى عن تلك المهارات). بالضبط، النهج الأبسط هو التخلي عنها والتصرف وكأنك لم تتعلمها قط. أخبرني، إن تخليت عنها طوعًا، فهل ستستمر في الظهور وإزعاجك عندما تكون بصدد أداء واجبك؟ لا، لن تظهر. أليس من شأنك أن تقرر؟ ما هي إلا القليل من المعرفة. ما مقدار المتاعب، وما مدى التأثير الذي يمكن أن تسببه؟ فقط تعامل معها وكأنك لم تتعلمها قط، وكأنك لا تمتلكها، وحينها ألن يكون الأمر قد انتهى؟ ينبغي لك التعامل مع هذا الأمر على نحو صحيح. إن كان أمرًا لا يطالبك بيت الله بعمله، فلا تستمر في استعراض مهاراتك بالإكراه للتباهي أو لإرضاء مصالحك الخاصة أو لإظهار أنك تعرف بعض الحيل أمام الجميع. ذلك خطأ. هذا ليس أداء واجبك ولن يتم تذكّره. دعني أخبرك، لن يتذكره أحد فحسب، بل وسوف يُدان، لأنك لا تؤدي واجبك ولأنك منخرط في مساع شخصية، وذلك أمر في غاية الخطورة! ما سبب خطورته؟ لأنه بطبيعته تعطيل وإزعاج! لقد أخبرك بيت الله مرارًا بأنه يجب ألا تعمل الأشياء بتلك الطريقة، أو تعمل هذه الأشياء، أو تستخدم مثل ذلك الأسلوب، لكنك لا تستمع. أنت تواصل عملها، وتستمر في رفض التخلي عنها والمثابرة. أليس ذلك إزعاجًا؟ أليس هذا متعمدًا؟ أنت تعلم جيدًا أن بيت الله لا يحتاج إلى هذه الأشياء، ومع ذلك تستمر في عملها عمدًا. ألا تستمتع بالتباهي فحسب؟ إن كانت مقاطع الفيديو أو البرامج التي تعدّها تهين الله، فسوف تكون العواقب تفوق التصور، وسوف يكون تعديك عظيمًا. تفهم هذا، أليس كذلك؟ (بلى). لذلك، فيما يخص الأشياء التي تستمتع بها شخصيًا والمهارات المهنية التي تمتلكها، إن كنت تحبها، إن كنت مهتمًا بها، إن كنت تعتز بها، فاعملها على انفراد في المنزل. ذلك مقبول. ولكن لا تستعرضها علنًا. إن كنت تريد استعراض شيء علنًا، فيجب أن تتمكن من فعل ذلك على مستوى عال وألا تهين الله أو تحطّ من قدر بيته. لا يتعلق الأمر ببساطة بامتلاكك البصيرة أو مدى كفاءتك في مهارات مهنية معينة. الأمر ليس بتلك البساطة. يوجد أساس للمبادئ والمعايير التي يطلبها بيت الله لكل جزء من العمل الذي تعملونه، وكذلك للاتجاه والأهداف التي ترشد عملكم في كل مرحلة. وجميعها تهدف إلى حماية عمل بيت الله ومصالحه، وليس إلى تعطيلها أو إزعاجها أو الحط من قدرها أو تدميرها. إن تعذَّر على مستوى قدراتكم وبصيرتكم وخبرتكم وذوقكم الشخصي مواكبة هذه الأمور أو الوصول إلى مستواها، فاعقدوا شركة على انفراد واطلبوا التوجيه والمساعدة من أولئك الذين يفهمون ويستطيعون مواكبتها. لا تقاوموا ولا تضمروا مشاعر سلبية باستمرار لمجرد أنه غير مسموح لكم بعمل أشياء معينة. حيلكم القليلة ليست كافية. لماذا أقول إنكم غير كافين؟ لأن أفكاركم ووجهات نظركم مشوهة للغاية. لا يقتصر الأمر على أن ذوقكم وبصيرتكم وحكمكم وخبرتكم غير كافية وغير مُرضية، بل تضمرون أيضًا العديد من المفاهيم الدينية القديمة. مفاهيمكم الدينية كثيرة للغاية ومتجذرة بعمق، بل وإن بعض الشباب في العشرينات من عمرهم لديهم خواطر ومفاهيم قديمة للغاية. على الرغم من أنكم من أهل العصر الحديث الذين يدرسون المهارات التقنية الحديثة ويمتلكون معرفة مهنية معينة، فإن منظوراتكم ووجهات نظركم ومواقفكم تجاه مختلف الأمور والخواطر التي تمتلكونها جميعها قديمة نظرًا لأنكم لا تفهمون الحق. لذلك، لا يهم كم تتعلمون من المهارات المهنية، فإن خواطركم تظل قديمة. أنت في حاجة إلى فهم هذه المشكلة وهذا الوضع الحقيقي. لذلك، يجب أن تتخلى عن تلك الأشياء التي يطلب منك بيت الله استبعادها أو حظرها أو التي لا يسمح لك باستخدامها. عليك أن تتعلم الطاعة. إن كنت لا تفهم الأسباب الكامنة وراء ذلك، فيجب على أقل تقدير أن تمتلك ما يكفي من العقل لتعلُّم الطاعة، والتصرف أولاً بناءً على متطلبات بيت الله. لا تقاوم، بل تعلَّم الخضوع أولًا.
بعد أن عقدنا شركة عن الموقف الصحيح الذي ينبغي أن يتبناه الناس تجاه المهارات المهنية التي يمتلكونها، ماذا ينبغي أن تفهم أيضًا؟ في أثناء أداء واجبك، إذا فشلت بسبب سوء تطبيق مهارات أو خبرات تقنية معينة، ونتج عن ذلك تعطيلات وخسائر في عمل الكنيسة وتعرضت للتهذيب، فماذا ينبغي أن تفعل؟ هذا أمر يسهل التعامل معه. ارجع وتُب بسرعة، وسوف يمنحك بيت الله فرصة لتصحيح أخطائك. نظرًا لأنه لا يوجد أحد مثالي، فإن الجميع يرتكبون الأخطاء ويمرون بلحظات يشعرون فيها بالتشوش. الأخطاء ليست مثيرة للقلق، ما يثير القلق هو أن تستمر في ارتكاب الأخطاء نفسها مرارًا وتواصل ارتكاب الغلطات نفسها ولا تغير مسارك حتى تصل إلى نهاية الطريق. إذا أدركت أخطائك، فصححها. ذلك ليس بالأمر الصعب، أليس كذلك؟ لقد ارتكب الجميع أخطاء، لذلك ينبغي ألا يسخر أحد من الآخر. إذا استطعت الاعتراف بأخطائك بعد ارتكابها وتعلُّم الدرس وتغيير المسار، فسوف تحرز تقدمًا. وإضافة إلى ذلك، إذا كانت المشكلة ترجع إلى عدم الكفاءة في عملك، فيمكنك مواصلة التعلم وإتقان المهارات اللازمة، ويمكن علاج المشكلة. إذا استطعت ضمان أنك لن ترتكب ذلك الخطأ في المستقبل، ألن يكون ذلك نهاية الأمر؟ الأمر بهذه البساطة! لا حاجة إلى أن تشعر بالكبت لأنك ترتكب أخطاء باستمرار بسبب سوء استخدام مهاراتك المهنية وتواجه التهذيب نتيجة لذلك. لماذا تشعر بالكبت؟ لماذا أنت هش إلى هذا الحد؟ أيًا كان الوضع أو بيئة العمل، يرتكب الناس أخطاء أحيانًا، وتوجد مجالات يكون فيها مستوى قدراتهم، وبصائرهم، ومنظوراتهم قاصرة. هذا أمر طبيعي، وأنت بحاجة إلى تعلُّم كيفية التعامل معه تعاملًا صحيحًا. على أي حال، بصرف النظر عن ممارستك، ينبغي أن تواجه الأمر وتتعامل معه تعاملًا صحيحًا وفعّالًا. لا تصبح قانطًا أو تشعر بالسلبية أو الكبت عندما تواجهك بعض الصعوبة، ولا تقع في المشاعر السلبية. لا حاجة إلى ذلك كله. لا تضخّم الأمر. ما ينبغي عليك فعله هو التأمل فورًا في نفسك وتحديد ما إذا كانت ثمة مشكلة في مهاراتك المهنية أو في مقاصدك. افحص ما إذا كانت أفعالك تتضمن أي شوائب أو ما إذا كان اللوم يقع على مفاهيم معينة. تأمل جميع الجوانب. إذا كانت المشكلة تتعلق بنقص الكفاءة، فيمكنك أن تواصل التعلم أو أن تجد شخصًا ما لمساعدتك على استكشاف الحلول أو مشاورة أناس في المجال نفسه. إذا وُجدت بعض المقاصد الخاطئة متضمنة في ذلك، وكانت تنطوي على مشكلة يمكن علاجها بواسطة الحق، فيمكنك البحث عن قادة الكنيسة أو شخص يفهم الحق لطلب المشورة وعقد شركة. تحدَّث إليهم عن الحالة التي أنت فيها ودعهم يساعدوك في علاجها. إذا كانت مسألة ما تتعلق بمفاهيم، فحالما تفحصها وتدركها، يمكنك تشريحها وفهمها، ثم الابتعاد عنها والتمرد عليها. أليس ذلك كل ما في الأمر؟ لا تزال الأيام القادمة في انتظارك، وسوف تشرق الشمس مجددًا غدًا، وعليك أن تواصل العيش. ونظرًا لأنك على قيد الحياة وبما أنك بشر، ينبغي عليك الاستمرار في أداء واجبك. وما دمت حيًا ولديك أفكار، فينبغي أن تسعى لأداء واجبك وإتمامه. هذا هدف ينبغي ألا يتغير أبدًا خلال حياة الشخص. وبصرف النظر عن الوقت، ومهما كانت الصعوبات التي تواجهها، ومهما كان ما تواجهه، فينبغي ألا تشعر بالكبت. إذا شعرت بالكبت، فسوف تصبح راكدًا وتُهزم. أي نوع من الناس يشعر دائمًا بالكبت؟ الضعفاء والحمقى يشعرون غالبًا بالكبت. أما أنت فإنك لا تخلو من القلب أو الأفكار، فما الذي يشعرك بالكبت؟ كل ما بالأمر هو أنك في الوقت الحالي لا تستخدم مهاراتك أو خبراتك التقنية استخدامًا طبيعيًا. وما الذي يعنيه استخدامها استخدامًا طبيعيًا؟ يعني عمل ما يطلبه بيت الله منك وتطبيق مهاراتك التقنية التي تعلمتها لتلبية المعايير المطلوبة لبيت الله. أليس ذلك كافيًا؟ أليس ذلك هو ما نسميه الاستخدام الطبيعي؟ لا يمنعك بيت الله من استخدام قدراتك. إنه ببساطة يريدك أن تستخدمها استخدامًا هادفًا باعتدال وفقًا للمعايير والمبادئ بدلًا من استخدامها بتهور. وبخلاف ذلك، لا يتدخل بيت الله في الأمور التي لا ترتبط بأداء واجباتك أو في حياتك الشخصية. أما في الأمور المتعلقة بأداء واجباتك وحدها، فإن بيت الله لديه قواعد صارمة ومعايير مطلوبة. لذلك، عندما يرتبط الأمر بالتعامل مع مهاراتك وخبراتك المهنية، فإن يديك وقدميك ليست مقيدة، ولا تخضع أفكارك للسيطرة. أفكارك حرة، ويداك وقدماك حرة كذلك، وقلبك أيضًا حر. كل ما في الأمر هو أنه عندما تُنشئ المشاعر السلبية، فإنك تختار التراجع وتصبح قانطًا وترفض وتقاوم. أما إن اخترت مواجهة الأشياء بإيجابية واستمعت بعناية واتبعت مبادئ بيت الله وقواعده ومتطلباته، فلن تجد نفسك بلا طريق تتبعه أو أشياء تعملها. أنت لست عديم الفائدة أو ضعيفًا أو أحمق. لقد منحك الله حرية الإرادة وتفكيرًا طبيعيًا وإنسانية طبيعية. لذلك، لديك واجب عليك أن تؤديه، وينبغي أن تؤدي واجبك. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مهارات وخبرة مهنية، وبالتالي، أنت شخص مفيد في بيت الله. إن استطعت استخدام خبرتك كما ينبغي في جوانب معينة من عمل بيت الله الذي يتضمن المهارات والخبرة المهنية، فسوف تجد مكانك وتؤدي واجب كائن مخلوق. ما دمت ثابتًا في مكانك وتتمم واجبك وتتقن أداء عملك، فأنت لست شخصًا عديم القيمة بل مفيدًا. إن استطعت أداء واجبك وكانت لديك أفكار وعملت بكفاءة، فينبغي ألا تشعر بالكبت أو تتراجع أو ترفض أو تتهرب مهما كانت الصعوبات التي تواجهها. الآن، في هذه اللحظة، ما ينبغي أن تعمله هو عدم الانغماس في المشاعر السلبية بحيث لا تتمكن من تخليص نفسك. ينبغي ألا تشتكي مثل امرأة ممتعضة من أن بيت الله غير عادل، أو من نظرة إخوتك وأخواتك إليك بازدراء، أو من عدم تقدير بيت الله لك أو منحك فرصًا. في الواقع، لقد منحك بيت الله الفرص وأوكل إليك الواجب الذي ينبغي أن تؤديه، لكنك لم تتعامل مع الأمر تعاملًا حسنًا. ما زلت ملتزمًا باختياراتك ومتطلباتك الخاصة، ولم تستمع بعناية إلى كلام الله أو تنتبه إلى المبادئ التي أخبرك بيت الله بها فيما يخص عملك. أنت عنيد للغاية. لذلك، إن كنت محصورًا في الشعور السلبي المتمثل في الكبت، فإنها ليست مسؤولية أي شخص آخر. ليس الأمر أن بيت الله قد خذلك، وبالطبع ليس الأمر أنه لا يمكن تحمُّلك هنا. بل لأنك لم تستخدم قدراتك استخدامًا كاملًا في أداء واجبك. لم تعامل مهنتك وخبرتك التقنية أو تستخدمها على نحو صحيح. لم تتعامل مع هذا الأمر بعقلانية، بل عارضته باندفاع ومشاعر سلبية. هذا خطأك. إن تخليت عن مشاعرك السلبية وخرجت من حالة الكبت هذه، فسوف تدرك أنه توجد العديد من المهام التي يمكنك عملها والعديد من المهام التي تحتاج إلى عملها. إن استطعت التحرر من هذه المشاعر السلبية ومواجهة واجبك بموقف إيجابي، فسوف ترى أن الطريق أمامك مشرق وليس مظلمًا. لا أحد يحجب رؤيتك أو يعيق خطواتك. والأمر ببساطة هو أنك لا تريد المضي قُدُمًا. فتفضيلاتك ورغباتك وخططك الشخصية أعاقت خطواتك. ضع هذه الأشياء جانبًا وتخلَّ عنها وتعلَّم التكيف مع بيئة العمل في بيت الله والتكيف مع المساعدة والدعم المقدمين لك من إخوتك وأخواتك ومع طريقة أداء واجبك والعمل في بيت الله. تخلى شيئًا فشيئًا عن تفضيلاتك ورغباتك وأفكارك غير الواقعية الخيالية. سوف تتحرر تدريجيًا بطبيعة الحال من هذا الشعور السلبي المتمثل في الكبت. يجب أن تفهم شيئًا آخر، أنه بصرف النظر عن مدى تقدم مهاراتك وخبرتك المهنية، فإنها لا تمثل حياتك. لا تمثّل نضجك في الحياة أو أنك قد نلت الخلاص بالفعل. إن كنت تؤدي واجبك في بيت الله بطريقة طبيعية ومطيعة وفقًا لمبادئ الحق، باستخدام مهاراتك وخبرتك المهنية، فأنت تبلي بلاءً حسنًا هنا وأنت عضو في بيت الله حقًا. لكن، أنت ترفع دائمًا راية أداء واجبك، وتستغل فرصة أداء واجبك، وتستغل الفرص التي يمنحها بيت الله، وتلتزم بتفضيلاتك وطموحاتك ورغباتك في الاستخدام التام لخبرتك الخاصة وتستخدم هذا للسعي إلى حياتك المهنية والانخراط في مشروعك الخاص. ونتيجةً لذلك، تصل إلى طريق مسدود وتشعر بالكبت. من الذي تسبَّب في هذا الكبت؟ لقد تسبَّبت أنت في ذلك بنفسك. إذا واصلت الانخراط في مشروعك الخاص في أثناء أداء واجبك في بيت الله، فلن ينجح الأمر هنا، لأنك أتيت إلى المكان الخطأ. إن ما يُناقَش في بيت الله من البداية إلى النهاية هو الحق ومتطلبات الله وكلامه. وبصرف النظر عن هذه، لا يوجد شيء آخر للحديث عنه. لذلك، بصرف النظر عن متطلبات بيت الله من الناس في أي جانب من جوانب عملهم أو مهنتهم أو أي ترتيبات عمل خاصة، فإنها لا تستهدف أي فرد معين ولا تهدف إلى قمع أحد أو إطفاء حماسته أو فخره. فالهدف الوحيد منها هو عمل الله وتقديم الشهادة لله وترويج كلمته وإحضار المزيد من الناس أمام حضوره. وبالطبع، تهدف أيضًا إلى أن ينطلق كل واحد من الحاضرين هنا في أقرب وقت ممكن في طريق السعي إلى الحق والدخول إلى واقع الحق. هل تفهم؟ إن كانت الأمثلة المذكورة اليوم تنطبق على أفراد معينين، فلا تيأس. إن كنت توافق على ما أقوله، فاقبله. إن كنت لا توافق وما زلت تشعر بالكبت، فاستمر في كبتك. فلنر إلى أي مدى يمكن أن يشعر أمثال هؤلاء الناس بالكبت وإلى متى يمكنهم الصمود في بيت الله وهم يحملون مثل هذه المشاعر السلبية من دون السعي إلى الحق أو تغيير مسارهم.
إذا لم يتخلَّ أولئك الذين يعيشون في هذا الشعور السلبي عن الكبت، فإنهم يواجهون عائقًا آخر: فما إن تُتاح لهم فرصة، فإنهم ينهضون ويذهبون إلى العمل ويتولون المسؤولية بأنفسهم متجاهلين جميع متطلبات بيت الله وقواعده ومبادئه ويتصرفون بتهور وينغمسون تمامًا في رغباتهم الخاصة. وما إن يبدأوا العمل، فلا يمكن تصور العواقب. فمن العواقب الأدنى أنهم قد يتسببون في خسائر مادية لبيت الله، من العواقب الأكبر أنهم قد يعطلون عمل الكنيسة. إذا تنصل أولئك القادة والمشرفون من مسؤوليتهم وفشلوا في علاج المشكلات، فسوف يؤثر هذا أيضًا في عمل نشر إنجيل بيت الله، وهذا يتضمن مقاومة الله. وإذا حدثت مثل هذه الحوادث والعواقب لهؤلاء الناس، فسوف تأتي نهايتهم. وبدلًا من التنبؤ بمستقبلهم، من الأفضل لهم أن يتخلوا عن الكبت في وقت مبكر ويغيروا المواقف والآراء التي لديهم دائمًا والمرتبطة بالمبالغة في تقدير المهارات والخبرة التقنية ومنحها الأهمية. من المهم بالنسبة لهم أن يغيّروا وجهات نظرهم إلى النقيض وألا يعتزوا بها. والسبب وراء عدم اعتزازهم بها ليس لأنها غير مهمة أساسًا في بيت الله أو بسبب كيفية توصيفي لهم أو رأيي السلبي تجاه هذه الأشياء. إنما السبب هو أن المهارات والخبرة التقنية هي في الأساس نوع من الأدوات. إنها لا تمثل الحق أو الحياة. وعندما تزول السماوات والأرض، سوف تهلك أيضًا أي مهارات وخبرة تقنية في حين أن الأشياء والحقائق الإيجابية التي يكتسبها البشر لن تهلك، وليس هذا فحسب، بل لن تختفي أبدًا. وبصرف النظر عن عمق المهارات التقنية أو الخبرة الخاصة التي تمتلكها أو عظمتها أو عدم إمكانية استبدالها، فإنها لا تستطيع تغيير الإنسانية أو العالم، بل ولا يمكنها تغيير فكرة واحدة صغيرة أو وجهة نظر لدى الناس. لا يمكن لهذه الأشياء حتى تغيير فكرة واحدة صغيرة أو وجهة نظر واحدة، فما بالك بتغيير الشخصية الفاسدة للبشر، التي هي أقل قدرة على تغييرها. لا يمكنها تغيير الإنسانية ولا يمكنها تغيير العالم. لا يمكنها تحديد حاضر الإنسانية، أو أيامها القادمة، أو مستقبلها، وبالتأكيد لا يمكنها تحديد قدر الإنسانية. تلك حقيقة الأمر فحسب. إذا كنت لا تصدقني، فانتظر لترى. إذا كنت لا تصدق كلامي وتواصل الاعتزاز بأشياء مثل المعرفة، والمهارات التقنية، والخبرة، فانظر من الذي سيُعرقَل عندما تعتز بها حتى النهاية وماذا سوف تربحه منها. يتمتع بعض الناس بمهارات ومعرفة كبيرة في تقنية الحاسوب، ويتفوقون على الأشخاص العاديين ويبرعون في هذا المجال. هم من كبار الفنيين، ويتصرفون بفوقية أينما ذهبوا، ويعلنون: "أنا بارع جدًا في علوم الحاسوب، أنا مهندس حاسوب!" إذا واصلت التصرف على هذا النحو، فدعنا نرَ إلى أي مدى سوف تصل حقًا وأين سينتهي بك الأمر. ينبغي أن تتخلص من هذا اللقب وتعيد تعريف نفسك. أنت شخص عادي. افهم أن المهارات والخبرة التقنية تأتي من البشر. إنها تقتصر على القدرات العقلية للناس وأفكارهم، وأقصى ما تفعله هو أن تغمر الخلايا العصبية في أدمغة الناس وتترك انطباعات وآثارًا في ذاكرتهم. لكن ليس لها أي تأثير إيجابي على الشخصية الحياتية للشخص أو على مساره المستقبلي. إنها لا توفر أي فوائد حقيقية. إذا واصلت التمسك بمهاراتك أو خبرتك التقنية المكتسبة ولا ترغب في التخلي عنها، وترى دائمًا أنها ثمينة ومحبوبة، ومعتقدًا أنك بامتلاكك لها متفوق على الآخرين ومتميز عنهم وأنك تستحق التكريم، فإنني أقول لك إنك أحمق. تلك الأشياء لا قيمة لها على الإطلاق! أتمنى أن تحاول التخلص منها وتحرر نفسك من لقب الفني أو المهني، وتخرج من المجالات التقنية والمهنية، وتتعلم قول كل شيء وفعله وتتعامل مع جميع الناس وجميع الأشياء بطريقة واقعية. لا تنغمس في أفكار خيالية ولا تشرد بذهنك. بدلًا من ذلك، يجب أن تبقى واقفًا بثبات وأن تفعل الأشياء بطريقة واقعية وأن يكون سلوكك عمليًا. يجب أن تتعلم التحدث بصدق، وإخلاص، وواقعية، وأن تعزز الأفكار، والمنظورات، ووجهات النظر، والمواقف الصحيحة تجاه الناس والأشياء. هذا أمر أساسي. إنه يعني أن تتخلى عن المهارات والخبرة التقنية التي حملتها في قلبك لأعوام عديدة والتي شغلت قلبك وخواطرك وأن تزيلها، وأنه يمكنك تعلُّم أشياء أساسية مثل كيفية السلوك، وكيفية التكلم، وكيفية رؤية الناس والأشياء، وكيفية إتمام واجبك وفقًا لكلام الله ومتطلباته. يرتبط هذا كله بالطرق التي يسلكها الناس وبوجودهم ومستقبلهم. فهذه الأشياء التي ترتبط بالطرق التي يسلكها الناس وبمستقبلهم يمكنها تغيير قَدَرك وتحديده ويمكنها تخليصك. ومن ناحية أخرى، لا يمكن للمهارات والخبرة التقنية تغيير قَدَرك أو مستقبلك، ولا يمكنها تحديد أي شيء. إن كنت تستخدم هذه المهارات والخبرات لأداء وظيفة في المجتمع، فربما تساعدك فقط على كسب لقمة العيش أو تحسين حياتك إلى حد ما. ولكن دعني أخبرك، عندما تأتي إلى بيت الله، فإنها لا تحدد أي شيء. وبدلًا من ذلك، يمكنها أن تصبح عقبات أمام إتمام واجبك وتمنعك من أن تكون شخصًا عاديًا وطبيعيًا. ولذلك، مهما كان الأمر، يجب أن يكون لديك أولًا الفهم والمنظور الصحيحان فيما يتعلق بها. لا تعتبر نفسك موهبة خاصة أو تعتقد أنك غير عادي في بيت الله أو متفوق على الآخرين أو أكثر تميزًا منهم. أنت لست مميزًا على الإطلاق، على الأقل في نظري. إلى جانب امتلاك بعض القدرات أو المعرفة الخاصة والمهارات التي لا يمتلكها الآخرون، فأنت لا تختلف عن أي شخص آخر. كلامك وأفعالك وسلوكك الذاتي وخواطرك ووجهات نظرك مملوءة بسموم الشيطان، ومملوءة بالخواطر ووجهات النظر المحرّفة والسلبية. يوجد العديد من الأشياء التي تحتاج إلى تغييرها والعديد من الأشياء التي تحتاج إلى تغيير مسارها. إن بقيت محصورًا في حالة من الرضا الذاتي والرضا عن النفس والإعجاب بالنفس، فأنت في غاية الحماقة وتبالغ في تقدير نفسك. وحتى إن كنت قد قدَّمت بعض المساهمات لبيت الله في إحدى المرَّات بسبب مهاراتك وخبراتك المهنية، فإن الأمر لا يستحق أن تواصل الاعتزاز بهذه الأشياء. لا توجد مهارة أو خبرة مهنية تستحق تكريس حياتك كلها لها، حتى تعرّض مستقبلك وغايتك الرائعة للخطر من أجل الاعتزاز والتشبث بها وحمايتها والتمسك بها والتمادي إلى حد العيش والموت من أجلها. وبالطبع، ينبغي أيضًا ألا تدع وجودها يؤثر في خواطرك ومشاعرك بأي شكل من الأشكال، فضلًا عن أن تشعر بالكبت بسببها، بسبب أنك فقدتها أو أن لا أحد يُقدِّرها. سوف يكون ذلك نهجًا أحمق وغير عقلاني. بصراحة، فهي مثل قطع الملابس التي يمكن التخلص منها أو الإمساك بها وارتداؤها في أي وقت. لا شيء بها جدير بالاهتمام. ترتديها عندما تحتاج إليها، ويمكنك خلعها والتخلص منها عندما لا تحتاج إليها. ينبغي أن تشعر باللامبالاة تجاهها. ينبغي أن يكون لديك ذلك الموقف ووجهة النظر تجاه أي جزء من المعرفة أو المهارة أو الخبرة. ينبغي ألا تعتز بها أو تعتبرها حياتك الخاصة، أو تكون مصدرًا للفرح أو السعادة، أو تعيش وتموت من أجلها. لا توجد حاجة إلى ذلك. ينبغي أن تتعامل معها بعقلانية. وبالطبع، إن أصبحت محصورًا في المشاعر السلبية المتمثلة في الكبت بسببها، مما يؤثر على أدائك لواجباتك وعلى الأمر الأهم في حياتك وهو السعي إلى الحق، فهذا مرفوض أكثر. نظرًا لأنها ليست إلا أداة يمكنك استخدامها أو التخلص منها في أي وقت، ينبغي ألا تثير أي تعلُّق أو عاطفة فيك. ولذلك، بصرف النظر عن كيفية تعامل بيت الله مع المهارات أو الخبرة المهنية التي اكتسبتها، سواء أوافق عليها أم طلب منك التخلي عنها، أم أدانها وانتقدها حتى، فينبغي ألا تكون لديك أي أفكار خاصة بك. ينبغي أن تقبل الأمر من الله وأن تواجهها وتعاملها بعقلانية وفقًا للمواقف والمنظورات الصحيحة. إن استخدم بيت الله مهاراتك، لكن مهاراتك هذه ناقصة بطريقة ما، فيمكنك أن تتعلم وتُحسِّنها. إن كان بيت الله لا يستخدمها، فينبغي أن تتخلى عنها بلا تردد وبلا أي مخاوف وبلا أي صعوبات، فالأمر بتلك البساطة. حقيقة أن بيت الله ليس لديه استخدام لمهاراتك وخبراتك المهنية ليست موجهة إليك شخصيًا، ولا تحرمك من الحق في أداء واجبك. إن فشلت في أداء واجبك، فهذا بسبب تمردك. إن قلت: "ينظر بيت الله بازدراء إليَّ وإلى نقاط قوتي وإلى المعرفة التي اكتسبتها، ولا يعاملني على أنني فرد موهوب. ولذلك، لن أؤدي واجبي بعد الآن!" ذلك اختيارك الشخصي ألّا تؤدي واجبك. ليس الأمر أن بيت الله قد حرمك من الفرصة أو سلبك حقك في أداء واجبك. إن فشلت في أداء واجبك، فهذا يعادل التخلي عن فرصتك للخلاص. ولأنك تعطي الأولوية للحفاظ على مهاراتك المهنية وخبراتك وكرامتك الشخصية، فإنك تتخلى عن أداء واجبك وعن الرجاء في نيل الخلاص. أخبرني، هل هذا عقلاني أم غير عقلاني؟ (غير عقلاني). هل هذا أحمق أم حكيم؟ (أحمق). هل يوجد مسار إذًا لما ينبغي لك اختياره؟ (نعم). يوجد مسار. هل ما زلت تشعر بالكبت إذًا؟ (لا، لا أشعر). لم تعد تشعر بالكبت، أليس كذلك؟ الأفراد الذين لديهم مشاعر الكبت وأولئك الذين ليست لديهم مشاعر الكبت لديهم مواقف مختلفة تمامًا تجاه أداء واجباتهم وطرق مختلفة تمامًا لعمل الأشياء. لا يمكن للناس المكبوتين أن يكونوا سعداء أبدًا، لن يشعروا أبدًا بالسلام أو الفرح، ولن يختبروا المتعة والسلوى اللتين تأتيان من أداء واجباتهم. بالطبع، بعد التحرر من هذا الشعور السلبي المتمثل في الكبت، سوف يشعر الناس بالسعادة والراحة والمتعة في أداء واجباتهم داخل بيت الله. وبعد هذا، ينبغي لبعض الناس أن يبذلوا جهدًا في سعيهم إلى الحق، سيصبح المستقبل مشرقًا لأمثال هؤلاء الناس. لكن، إن كنت تشعر بالكبت باستمرار ولا تطلب الحق لتحرير نفسك، فاستمر في كبتك وانظر إلى متى يمكنك التحمل. إذا بقيت في حالة الكبت هذه، فسيصبح مستقبلك قاتمًا وحالك السواد، ولن تستطيع رؤية أي شيء، ولن يوجد أي طريق أمامك. سوف تعيش كل يوم في حالة ذهول، كم ستكون جاهلًا! في الواقع، هذا أمر تافه وما هو إلا شيء صغير، لكن الناس لا يستطيعون التحرر منه أو التخلي عنه أو تغيير مساره. إن استطاعوا تغيير مساره، فإن عقليتهم وتطلعات قلوبهم وكذلك مساعيهم سوف تكون مختلفة. سنختتم شركتنا هنا اليوم. أتمنى أن تتحرروا قريبًا من الشعور السلبي المتمثل في الكبت!
19 نوفمبر 2022
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.