كيفية السعي إلى الحق (6) الجزء الأول
عقدنا في المرَّة الماضية شركة عن "التخلي"، وهو أحد مبادئ الممارسة لكيفية السعي إلى الحق. الجزء الأول من "التخلي" يعني التخلي عن جميع المشاعر السلبية. وقد عقدنا بالفعل شركة عن هذا الموضوع عدة مرَّات. هل عقدنا شركة عن الشعور السلبي المتمثل في الكبت في المرَّة الماضية؟ (نعم، فعلنا). ما الذي عقدنا عنه شركة فيما يخص هذا؟ ما الذي يجعل الناس يشعرون بالكبت؟ (عقد الله شركة عن أن الناس يفعلون ما يحلو لهم في واجباتهم ولا يرغبون في الالتزام بقواعد الكنيسة ولوائحها أو الخضوع للقيود. بسبب عنادهم وفشلهم في التصرف وفقًا للمبادئ، لا يمكنهم أن يحسنوا أداء واجباتهم، ولذلك فهم غالبًا يُهذبون. إن لم يتأملوا أفعالهم وفشلوا في حل مشكلاتهم من خلال طلب الحق، فسوف يشعرون بالكبت). في المرَّة الماضية، عقدنا شركة عن نوع واحد من المواقف يشعر فيه الناس بالشعور السلبي المتمثل في الكبت، وسببه الرئيسي هو أنهم لا يستطيعون فعل ما يحلو لهم. كانت تلك الشركة تتعلق في المقام الأول بـ: مواقف يعجز فيها الناس عن فعل ما يحلو لهم، وعن الأشياء التي يرغب الناس في فعلها كما يحلو لهم، وعن السلوكيات الشائعة الموجودة لدى الناس المنغمسين في شعور الكبت. ثم عقدنا شركة عن الطريق الذي يجب على المرء أن يسلكه لعلاج هذا الشعور. هل توصلتم إلى أي استنتاجات بعد سماعكم هذه الشركات عن التخلي عن المشاعر السلبية، سواء أكانت تكشف عن مظاهر المشاعر السلبية لدى الإنسان أم تخبر الناس بطريق التخلي عنها؟ ما الذي تستهدفه ممارسة التخلي عن المشاعر السلبية هذه؟ هل تأملتم في هذا بعد الاستماع إلى هذه الشركات؟ (يا الله، فهمي هو أن هذه الممارسة تستهدف وجهات نظر الناس في الأشياء). ذلك صحيح، ذلك جانب منها. تتعلق بوجهات نظر الناس في الأشياء. تتعلق وجهات النظر هذه أساسًا بمختلف الأفكار ووجهات النظر التي يتمسك بها المرء في مواجهة مختلف الناس والأمور والأشياء، وموجهة إلى مختلف المشكلات التي يواجهها المرء في حياته الإنسانية الطبيعية ووجوده. ومن أمثلة ذلك: كيفية التفاعل مع الآخرين، وكيفية نزع فتيل العداوة، والموقف الذي ينبغي أن يكون لدى المرء تجاه الزواج والعائلة والعمل وتطلعاته والمرض والتقدم في العمر والموت والأمور غير المهمة في الحياة. وتتطرق أيضًا إلى كيفية مواجهة المرء لبيئته وكيفية مواجهته للواجب الذي من المفترض أن يؤديه، من بين مسائل أخرى. ألا تتطرق إلى هذه الأشياء؟ (بلى، تتطرق). أما فيما يخص جميع المسائل الكبرى وأمور المبدأ التي تتعلق بالحياة الإنسانية الطبيعية والوجود، فإن كان لدى المرء الأفكار ووجهات النظر الصحيحة والموقف الصحيح، فسوف تكون إنسانيته طبيعية نسبيًا. ما أعنيه بكلمة "طبيعية" هو وجود العقل الطبيعي ومنظور وموقف طبيعيين تجاه الأشياء. وحدهم الذين يمتلكون الأفكار ووجهات النظر الصحيحة من سيسهل عليهم فهم الحق والدخول فيه عندما يسعون إليه. وهذا يعني أن الذين لديهم أفكار طبيعية ووجهات نظر ومنظورات ومواقف طبيعية تجاه الناس والأشياء هم وحدهم من سيستطيعون تحقيق نتائج معينة في سعيهم إلى الحق. إن كان منظور الشخص وموقفه تجاه الناس والأشياء، وكذلك أفكاره ووجهات نظره ومواقفه جميعها سلبية ولا تتوافق مع ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلانيتها، وكانت متطرفة وعنيدة ودنسة، باختصار إن كانت جميعها سلبية وضارة باعثة على الاكتئاب، إن كان شخص لديه هذه الأنواع من الأفكار ووجهات النظر السلبية يسعى إلى الحق، فهل سيجد أنه من السهل فهمه وممارسته؟ (لا). من السهل عليكم أن تقولوا ذلك من منظور نظري، لكنكم في الواقع لا تفهمونه حقًا. ببساطة، فيما يخص مختلف المشاعر السلبية التي نعقد الشركة عنها، إن كان لدى شخص منظور وموقف سلبيان وغير دقيقين تجاه مختلف الناس والأمور والأشياء التي يواجهها في حياته وفي مسار حياته، فهل سيتمكن من تحقيق فهم الحق؟ (لا). إن كان ينغمس دائمًا في المشاعر السلبية، فهل يمكنه التوصل إلى استيعاب نقي لكلام الله؟ (لا). إن كانت خواطر المشاعر السلبية ووجهات نظرها تهيمن عليه وتسيطر وتؤثر فيه دائمًا، ألن يكون منظوره وموقفه من جميع الأشياء سلبيين وكذلك وجهات نظره تجاه الأشياء التي تحدث له سلبية؟ (بلى). ما المقصود بكلمة "سلبية" هنا؟ أولًا، هل يمكن القول إنها تتعارض مع الواقع والقوانين الموضوعية؟ هل تنتهك قوانين الطبيعة التي ينبغي على الإنسان الالتزام بها، وكذلك تنتهك حقيقة سيادة الله؟ (نعم). إن حمَل الناس هذه الأفكار ووجهات النظر السلبية أثناء الاستماع إلى كلام الله وقراءته، فهل يمكنهم قبول كلامه حقًا والخضوع له؟ هل يمكنهم تحقيق الخضوع لله والتوافق مع الله؟ (لا). قدِّموا مثالًا يوضح ذلك حتى أتمكن من معرفة ما إن كنتم قد فهمتم. ابحثوا عن مثال يتعامل فيه المرء مع مسائل كبرى في حياته وفي بقائه مثل المسائل المتعلقة بالزواج والعائلة والأطفال والمرض، ومستقبل المرء وقدره وما إن كانت حياته تسير بسلاسة أو قيمته أو مكانته الاجتماعية أو مصالحه الشخصية وما إلى ذلك. (أتذكّر أن الله عقد شركة في المرَّة الماضية أن الناس عندما يواجهون المرض ينغمسون في المشاعر السلبية مثل الضيق والهم والقلق ويخافون الموت بشدة. يؤثر هذا في قدرتهم على أداء واجبهم وعيش حياة طبيعية، ويجعلهم عاجزين عن الالتزام بالقوانين الموضوعية. في الواقع، حياة الناس وموتهم، وأوقات مرضهم، ومدى معاناتهم، جميعها أمور سبق تقديرها من الله. ينبغي للناس أن يواجهوا هذه المواقف ويختبروها بموقف سليم وإيجابي. ينبغي لهم أن يطلبوا العلاج الذي يحتاجون إليه، وأن يؤدوا الواجب الذي من المفترض أن يؤدوه. ينبغي لهم الحفاظ على حالة إيجابية من الوجود وعدم البقاء مأسورين بمرضهم. ولكن عندما ينغمس الناس في المشاعر السلبية، فهم لا يؤمنون بسيادة الله، ولا يؤمنون بأن الله قد قدّر حياتهم وموتهم مسبقًا. يشعرون فقط بالقلق والخوف والهم بشأن مرضهم. يزدادون قلقًا وخوفًا، ولا تحكمهم حقيقة سيادة الله على قدر الإنسان، وأيضًا الله غائب عن قلوبهم). ذلك مثال رائع. هل يرتبط هذا بمسألة وجهة النظر التي يجب أن تكون لدى الناس عن أمر الحياة والموت المهم؟ (نعم). هل تعرفون جميعًا شيئًا عن هذا الموضوع؟ هذه مسألة تتعلق بمواجهة المرء لحياته وموته. هل يرتبط هذا بمشكلات ضمن نطاق الإنسانية الطبيعية؟ (نعم). هذه مسألة كبرى يجب على الجميع مواجهتها. حتى إن كنت شابًا أو بصحة جيدة ولم تتعامل مع مسائل الحياة والموت أو اختبرتها، فمن المحتوم أن يأتي يوم يتعين عليك فيه ذلك، فهذا شيء يجب على الجميع مواجهته. بصفتك شخصًا طبيعيًا، بصرف النظر عما إن كنت متأثرًا بهذه المسألة شخصيًا أو كنت بعيدًا تمامًا عنها، فإنها في جميع الأحوال أهم مسألة سوف تواجهها في الحياة. لذلك، عندما يواجه الناس أمر الموت المهم، ألا ينبغي لهم التأمل في كيفية التعامل مع هذه المسألة؟ ألن ينتهجوا بعض الأساليب البشرية في التعامل معها؟ ما وجهات النظر التي يجب أن يتمسك بها الناس؟ أليست هذه مسألة عملية؟ (بلى). إن كان الناس ينغمسون في المشاعر السلبية، فما الذي سيفكرون به؟ لقد عقدنا شركة عن هذا من قبل. إن كان الناس يعيشون وفقًا لخواطر المشاعر السلبية ووجهات نظرها، فهل تتوافق أفعالهم وتعبيراتهم مع الحق أم لا؟ هل تتوافق مع تفكير الإنسانية الطبيعية أم لا؟ (لا، لا تتوافق). لا تتوافق مع تفكير الإنسانية الطبيعية، وبالطبع لا تتوافق مع الحق. لا تتوافق مع الحقائق الموضوعية أو القوانين الموضوعية، ولا تتوافق بالتأكيد مع سيادة الله.
ما النتيجة النهائية لشركتنا عن التخلي عن مختلف المشاعر السلبية؟ كيف يمكنك على وجه التحديد التصرف وممارسة "التخلي" لامتلاك تفكير الإنسانية الطبيعية وعقلها، أي لامتلاك الخواطر والمنظورات ووجهات النظر التي ينبغي أن يمتلكها الشخص الذي يتمتع بالإنسانية والعقل الطبيعيين؟ ما الخطوات أو مسارات الممارسة المحددة التي يتضمنها هذا "التخلي"؟ أليست الخطوة الأولى هي تحديد ما إذا كانت وجهات نظرك عن الأمور التي تواجهها صحيحة، وما إذا كانت تحمل أي مشاعر سلبية؟ هذه هي الخطوة الأولى. فمثلًا، فيما يخص المثال الذي قدَّمناه سابقًا عن التعامل مع المرض والموت، ينبغي لك أولًا تشريح وجهات نظرك تجاه مثل هذه الأمور، وما إذا كانت تحتوي على أي مشاعر سلبية مثل أن تشعر بأي ضيق أو هم أو قلق بشأن هذه المسائل وكيفية نشأة ضيقك وهمك وقلقك، وينبغي لك التعمق في السبب الجذري لهذه المشكلات. وبعد ذلك، واصل التشريح وسوف تكتشف أنك لم تفهم هذه الأمور فهمًا تامًا. لم تدرك بوضوح أن كل شيء يخص البشر في يدي الله ويخضع لسيادته. ينبغي ألا يقع الناس في فخ هذه الأشياء حتى عندما يمرضون أو يواجهون الموت. فبدلًا من ذلك، ينبغي أن يخضعوا لترتيبات الله وتنظيماته من دون أن يخيفهم المرض أو الموت أو يسحقهم. ينبغي ألا يخافوا هذه الأشياء، وألا يجعلوها تؤثر في حياتهم الطبيعية وأداء الواجبات. من ناحية، يجب عليهم أن يختبروا سيادة الله بشكل فعَّال ويقدروها وأن يخضعوا لتنظيماته وترتيباته في أثناء مرضهم، ويمكنهم طلب العلاج عند الضرورة. أي أنه ينبغي لهم مواجهة العملية واختبارها وتقديرها بشكل فعَّال. ومن ناحية أخرى، يجب عليهم التوصل إلى فهم صحيح في قلوبهم لهذه الأمور والإيمان بأن كل شيء في يدي الله. لا يستطيع البشر إلا أداء دورهم، أما بقية الأمور فينبغي لهم الخضوع لمشيئة السماء. لأن كل شيء في يدي الله ولأن حياة الناس وموتهم جميعها أمور مقدرة من الله. وحتى إن فعل الناس ما يُفترَض بهم فعله، فإن النتيجة النهائية لهذا كله لا تتغير وفقًا لإرادتهم ولا يحددها الناس، صحيح؟ (صحيح). عندما تواجه المرض، ينبغي لك أولًا فحص قلبك وتحديد أي مشاعر سلبية. ينبغي لك تقييم فهمك للأمر ووجهات النظر التي تحملها في قلبك، وما إذا كنت تحت سيطرة المشاعر السلبية أو استعبادها وكيفية ظهور هذه المشاعر السلبية. ينبغي لك تشريح ما يلي من أمور، مثل ما يُقلقك، وما تخافه، وموطن شعورك بعدم الأمان، وما لا يمكنك التخلي عنه بسبب مرضك. وبعد ذلك، افحص سبب هذه الأشياء التي تجعلك تشعر بالقلق أو الفزع أو الخوف وعالج كلًا منها تدريجيًا واحدًا تلو الآخر. ينبغي لك أولًا تشريح هذه العناصر السلبية واستكشاف ما إذا كانت موجودة بداخلك أم لا، وإن كانت موجودة، فشرِّحها وتأكد من صحتها أو ما إذا كانت توجد عناصر لا تتوافق مع الحق. إذا وجدت عناصر لا تتوافق مع الحق، فينبغي أن تطلب إجابات في كلام الله وأن تطلب الحق تدريجيًا لعلاجها. ينبغي أن تسعى جاهدًا للوصول إلى حالة لا تكون فيها مضطربًا أو متأثرًا أو مقيدًا بهذه العناصر السلبية، بحيث لا تؤثر في حياتك أو عملك الطبيعيين أو أداء واجباتك أو تعطل ترتيب حياتك. وبطبيعة الحال، ينبغي بالتأكيد ألا تؤثر في إيمانك بالله واتباعك له. فالهدف باختصار هو أن تتمكن في النهاية من مواجهة هذه الأنواع من المشكلات التي تصادفها أو سوف تصادفها بعقلانية وصواب وموضوعية ودقة. أليست هذه هي عملية التخلي؟ (هي كذلك). هذا هو المسار المحدد للممارسة. هل يمكنكم تلخيص المسار المحدد للممارسة؟ (أولًا، يحتاج المرء إلى فهم المسألة التي يواجهها وتشريح ما إذا كانت لديه أي مشاعر سلبية خلال هذه العملية أم لا، ثم طلب إجابات في كلام الله، وطلب الحق لعلاجها، وعدم الاضطراب من هذه المشاعر السلبية وعدم تأثر حياته وأداء واجباته. ينبغي له أيضًا الإيمان بأن الأمور التي يواجهها تنشأ من سيادة الله وترتيباته. فبهذا النوع من الفهم، يمكن للناس في النهاية تحقيق الخضوع وتنفيذ ممارسة إيجابية واستباقية). أخبرني، إذا كان الناس يعيشون في مشاعر سلبية، فما سلوكهم المعتاد عندما يواجهون المرض؟ كيف تدرك أن لديك مشاعر سلبية؟ (أولًا، يوجد قدر كبير من الخوف، وسوف نبدأ في تكوين خواطر عشوائية مثل "ما نوع هذا المرض؟ هل سيجلب لي الكثير من المعاناة إن لم أتمكن من علاجه؟ هل سيؤدي إلى الموت في النهاية؟ هل سأظل قادرًا على القيام بواجبي لاحقًا"؟ سوف نفكر في هذه الأشياء ونقلق بشأنها ونشعر بالخوف. يبدأ بعض الناس في إيلاء اهتمام أكبر لصحتهم، غير راغبين في دفع ثمن للقيام بواجباتهم، ظانين أنهم إن دفعوا ثمنًا أقل فربما يخف مرضهم. هذه جميعها مشاعر سلبية). يمكن فحص المشاعر السلبية من ناحيتين. من ناحية، ينبغي أن تعرف ما تفكر به في عقلك. عندما تمرض، قد تفكر: "يا للحسرة، كيف أُصبت بهذا المرض؟ هل نقله إليَّ شخص ما؟ هل سبب المرض أنني مرهق؟ إن واصلت إرهاق نفسي، فهل سيسوء هذا المرض؟ هل سيصبح مؤلمًا أكثر؟" هذه ناحية؛ يمكنك إدراك الأشياء الموجودة في خواطرك. ومن ناحية أخرى، عندما تراودك هذه الخواطر، كيف تظهر في سلوكك؟ عندما تكون لدى الناس خواطر، فإن أفعالهم تتأثر وفقًا لها. فأفعال الناس وسلوكهم وأساليبهم تحكمها كلها خواطر مختلفة. وعندما يمتلك الناس هذه المشاعر السلبية، تتسبب في تكوين خواطر مختلفة عندهم. وفي ظل سيطرة هذه الخواطر، تتعرض مواقف الناس أو أساليبهم فيما يتعلق بأداء واجباتهم للتحول. فمثلًا، كان الناس في الماضي يبدؤون أحيانًا في القيام بواجباتهم فور استيقاظهم. أما الآن، فعندما يحين وقت الاستيقاظ يبدؤون في التفكير: "هل يمكن أن يكون هذا المرض بسبب الإرهاق؟ ربما ينبغي أن أنام لفترة أطول قليلًا. لقد كنت أعاني كثيرًا وأشعر بالإرهاق. والآن أحتاج إلى التركيز على الاهتمام بجسمي لئلا يتفاقم المرض". وفي ظل سيطرة هذه الخواطر النشطة، ينتهي بهم الأمر إلى الاستيقاظ في وقت متأخر عن المعتاد. وعندما يتعلق الأمر بالأكل، فإنهم يتأملون: "قد يكون مرضي مرتبطًا بنقص التغذية. كنت أستطيع في الماضي تناول أي شيء، أما الآن فيجب أن أكون انتقائيًا. ينبغي أن أتناول المزيد من البيض واللحوم حتى يكون نظامي الغذائي متوافقًا ويقوى جسمي. وبهذه الطريقة، لن أعود مضطرًا إلى المعاناة من مرضي". عندما يتعلق الأمر بالقيام بواجباتهم، فإنهم يفكرون أيضًا باستمرار في كيفية الاعتناء بأجسامهم. بعد العمل المتواصل لمدة ساعة أو ساعتين، كانوا في الماضي على الأكثر يتمددون أو يقفون ويتحركون. أما الآن فقد وضعوا لأنفسهم قاعدة للتحرك كل نصف ساعة لئلا يرهقوا أنفسهم. وكلما عقدوا الشركة في الاجتماعات، فإنهم يحاولون التحدث بأقل قدر ممكن، قائلين: "يجب أن أتعلم الاعتناء بجسدي". في الماضي، مهما كان السؤال الذي يطرحه الشخص أو توقيته، كانوا يجيبون بلا تردد. أما الآن فيريدون التحدث أقل للحفاظ على طاقتهم، وإن طرح شخص أسئلة كثيرة فإنهم يقولون: "أحتاج إلى الراحة". كما ترى، لقد أصبحوا مهتمين على وجه الخصوص بجسدهم المادي، وهذا يختلف عن ذي قبل. في أغلب الأحيان، يولون اهتمامًا مستمرًا بتناول المكملات الغذائية والفاكهة وممارسة الرياضة بانتظام. يفكرون: "كنت في الماضي في غاية الغباء والجهل ولم أعرف كيفية الاعتناء بجسدي. فقد اتبعت شهيتي وانغمست في الشراهة. والآن بعد أن أصبح لدى جسدي مشكلات، إن لم أركز على صحتي وأصبح مرضي شديدًا ولم أتمكن من القيام بواجبي هل سأستمر في الحصول على البركات؟ يجب أن أهتم بالعناية بجسدي في المستقبل وأن أمنع ظهور أي أمراض". ولذلك، يبدؤون في الاهتمام بصحتهم ويتوقفون عن القيام بواجباتهم بتفان كامل. بل إنهم يندمون ويشعرون بالاستياء من المعاناة التي تحمَّلوها والثمن الذي دفعوه في الماضي أثناء القيام بواجباتهم. ألا تتأثر هذه الخواطر والسلوكيات بالمشاعر السلبية وتنبع منها؟ هذه الخواطر والسلوكيات سببها هذه المشاعر السلبية بالتأكيد. إذًا، هل يمكن لهذه الخواطر والسلوكيات، بالإضافة إلى مشاعرهم السلبية، أن تساعدهم على زيادة الإيمان بالله وزيادة التفاني في أداء واجباتهم؟ كلا بالتأكيد. ماذا ستكون النتيجة النهائية؟ سوف يقومون بواجباتهم بلا مبالاة ومن دون تفانٍ. عندما يقومون بالأشياء، هل يمكنهم طلب الحق والتصرف وفقًا لمبادئ الحق؟ (كلا، لا يمكنهم ذلك). سوف يفعلون ما يريدون بينما تحكمهم هذه المشاعر السلبية، إذ يضعون الحق جانبًا ولا يعتزون به أو يطبقونه. سوف يدور كل ما يفعلونه وكل ما يطبقونه حول الخواطر التي تنشأ من مشاعرهم السلبية. هل يمكن لمثل هذا الشخص تحقيق السعي إلى الحق؟ (كلا، لا يمكنه). إذًا، هل هذه الأنواع من الخواطر هي الخواطر التي ينبغي أن تكون لدى الناس ذوي الإنسانية الطبيعية؟ (كلا، هي ليست كذلك). نظرًا إلى أن هذه الأنواع من الخواطر ليست هي الخواطر التي ينبغي أن تكون لدى الناس ذوي الإنسانية الطبيعية، أين مكمن خطأهم باعتقادكم؟ (لا يملك الناس أي فهم لسيادة الله وترتيباته. في الواقع، هذه الأمراض جميعها في يدي الله. ومقدار المعاناة التي ينبغي للشخص أن يتحملها يحدده الله أيضًا ويرتبه. ومع ذلك، عندما يعيش الشخص في المشاعر السلبية، فإنه يميل إلى اللجوء للمكائد وتحكمه خواطر ووجهات نظر مغلوطة. إنه يعتمد على الأساليب البشرية ويعتز بجسده المادي). هل من الصواب أن يعتز الشخص بجسده المادي بهذه الطريقة؟ عندما يفرط الشخص في اهتمامه بجسده المادي ويحافظ على إطعامه وصحته وقوته، ما قيمة هذا بالنسبة إليه؟ ما معنى العيش بهذه الطريقة؟ ما قيمة حياة الشخص؟ هل هي للانغماس في ملذات الجسد مثل الأكل والشرب واللهو فحسب؟ (كلا، هي ليست كذلك). ما القيمة إذًا؟ رجاءً شاركوا خواطركم. (إتمام واجب المخلوق، فهذا على الأقل ما ينبغي للشخص تحقيقه في حياته). هذا صحيح. أخبرني، إن كانت أفعال الشخص وخواطره اليومية على مدار حياته كلها لا تركز إلا على تجنب المرض والموت، والحفاظ على صحة جسمه وخلوه من الأمراض، والسعي إلى طول العمر، فهل هذه هي القيمة التي ينبغي أن تكون لحياة الشخص؟ (لا، هي ليست كذلك). ليست تلك هي القيمة التي ينبغي أن تتمتع بها حياة الشخص. ما القيمة التي ينبغي أن تتمتع بها حياة الشخص إذًا؟ ذكر أحد الأشخاص للتو إتمام واجب المخلوق، وهو جانب محدد واحد. هل يوجد شيء آخر؟ أخبروني بالرغبات التي لديكم عادةً أثناء الصلاة أو إرساء العزيمة. (الخضوع لترتيبات الله وتنظيماته لنا). (إجادة أداء الدور الذي خصصه الله لنا، وإتمام مهمتنا ومسؤوليتنا). هل من شيء آخر؟ من ناحية، يرتبط الأمر بإتمام واجب المخلوق. ومن ناحية أخرى، يرتبط الأمر ببذل كل ما في وسعك وطاقتك بأفضل ما تستطيع، وعلى الأقل الوصول إلى مرحلة لا يتهمك فيها ضميرك ويمكنك فيها أن تكون في سلام مع ضميرك وتكون مقبولًا بالتأكيد في نظر الآخرين. وأكثر من هذا، طوال حياتك، وبصرف النظر عن العائلة التي وُلِدتَ فيها أو خلفيتك التعليمية أو مستوى قدراتك، يجب أن يكون لديك بعض الفهم للمبادئ التي يجب على الناس فهمها في الحياة. مثال ذلك، نوع المسار الذي ينبغي أن يسلكه الناس، وكيفية العيش، وكيفية عيش حياة ذات معنى. ينبغي على الأقل أن تستكشف القليل من القيمة الحقيقية للحياة. فهذه الحياة لا يمكن أن تُعاش عبثًا، ولا يمكن للمرء أن يأتي إلى هذه الأرض عبثًا. ومن ناحية أخرى، يجب عليك خلال حياتك إتمام مهمتك، فهذا هو الأهم. لن نتحدث عن إكمال مهمة أو واجب أو مسؤولية عظيمة، ولكن على الأقل، ينبغي لك إنجاز شيء. فمثلًا، يبذل بعض الناس في الكنيسة جميع جهودهم في عمل نشر الإنجيل، ويخصصون طاقة حياتهم بأكملها، ويدفعون ثمنًا باهظًا، ويربحون الكثير من الناس. ولهذا يشعرون بأنهم لم يعيشوا حياتهم عبثًا، وأنهم يتمتعون بالقيمة والراحة. عند مواجهة المرض أو الموت، وعند تلخيص حياتهم بأكملها واستحضار كل ما فعلوه والطريق الذي سلكوه، فإنهم يجدون السلوى في قلوبهم. هم لا يختبرون أي اتهامات أو حسرات. لا يدخر بعض الناس جهدًا أثناء القيادة في الكنيسة أو تحمُّل المسؤولية عن جانب معين من العمل. يطلقون العنان لأقصى إمكاناتهم، ويمنحون قوتهم كلها، ويبذلون طاقتهم كلها ويدفعون ثمن العمل الذي يقومون به. ومن خلال سقايتهم وقيادتهم ومساعدتهم ودعمهم، فإنهم يساعدون الكثير من الناس في خضم نقاط ضعفهم وسلبيتهم ليصبحوا أقوياء ويثبتوا، ولكيلا ينسحبوا بل ليعودوا إلى حضور الله، بل حتى يشهدوا له أخيرًا. بالإضافة إلى ذلك، ينجزون العديد من المهام المهمة خلال فترة قيادتهم، حيث يُخرجون عددًا ليس بقليل من الأشرار، ويحمون كثيرًا من شعب الله المختار، ويعوضون عددًا من الخسائر الكبيرة. هذه الإنجازات كلها تحدث أثناء قيادتهم. عند النظر إلى الطريق الذي سلكوه وتذكُّر العمل الذي قاموا به والثمن الذي دفعوه على مر الأعوام، فإنهم لا يشعرون بأي حسرات أو اتهامات. لا يشعرون بأي ندم على فعلهم هذه الأشياء ويعتقدون أنهم عاشوا حياة ذات قيمة ولديهم في قلوبهم ثبات وراحة. كم هذا رائع! أليست هذه هي الثمرة التي ربحوها؟ (بلى). هذا الشعور بالثبات والراحة وانعدام الحسرات هو نتيجة وحصاد السعي إلى الأشياء الإيجابية والحق. دعونا لا نضع للناس معايير عالية. فلنفكر في موقف يواجه فيه الشخص مهمة ينبغي أن يقوم بها أو هو مستعد للقيام بها في حياته. بعد أن يجد الشخص مكانه، فإنه يقف بثبات في موقفه ويتمسك بموقفه ويبذل كل دماء قلبه وكل طاقته وينجز ويكمل ما ينبغي له العمل عليه وإتمامه. وعندما يَمثل أخيرًا أمام الله ليُحاسَب، فإنه نسبيًا يشعر بالرضا من دون اتهامات أو حسرات في قلبه. إنه يشعر بالراحة وبأنه ربح شيئًا وأنه عاش حياة لها قيمة. هل هذا هدف كبير؟ أخبرني، هل هو هدف عملي بصرف النظر عن حجمه؟ (إنه عملي). هل هو محدد؟ إنه محدد بما فيه الكفاية وعملي بما فيه الكفاية وواقعي بما فيه الكفاية. لذلك، من أجل عيش حياة لها قيمة وتحقيق هذا النوع من الحصاد في النهاية، هل ترى أن الأمر يستحق أن يعاني الجسد المادي للشخص قليلًا وأن يدفع الشخص ثمنًا قليلًا، وإن أرهق نفسه إلى درجة الشعور بالمرض الجسدي؟ (يستحق ذلك). عندما يأتي الشخص إلى هذا العالم، فليس هذا من أجل متعة الجسد، ولا من أجل الأكل والشرب واللهو. ينبغي ألا يعيش المرء من أجل هذه الأشياء. فتلك ليست قيمة الحياة البشرية وليست المسار الصحيح. تنطوي قيمة الحياة البشرية والمسار الصحيح الذي يجب اتباعه على إنجاز شيء ذي قيمة وإكمال مهمة أو عدة مهام ذات قيمة. وهذا لا يُسمَّى مهنة بل يُسمَّى المسار الصحيح ويُسمَّى أيضًا المهمة الملائمة. أخبرني، هل يستحق أن يدفع الشخص الثمن لإكمال قدر من العمل القيم، وعيش حياة لها معنى وقيمة، والسعي إلى الحق والوصول إليه؟ إن كنت ترغب حقًا في السعي إلى فهم الحق، والانطلاق في المسار الصحيح في الحياة، وإجادة إتمام واجبك، وعيش حياة لها قيمة ومعنى، فلن تتردد في بذل طاقتك كلها، ودفع كل الأثمان، وبذل وقتك كله ومدى أيامك. إن اختبرت القليل من المرض خلال هذه الفترة، فذلك لن يهم ولن يسحقك. أليس هذا أسمى بكثير من حياة مليئة باليسر والحرية والكسل والاعتناء بالجسد المادي إلى أن يتغذى الجسد تغذية جيدة ويتمتع بالصحة، ويبلغ طول العمر في النهاية؟ (بلى). أي من هذين الخيارين يمثل حياة قيمة؟ أيهما يمكن أن يجلب الراحة ويمنع الحسرات عن الناس عندما يواجهون الموت في النهاية؟ (عيش حياة لها معنى). عيش حياة لها معنى. هذا يعني أنك في قلبك ستكون قد ربحت شيئًا وستشعر بالراحة. ماذا عن أولئك الذين يتغذون جيدًا ويحافظون على بشرة وردية حتى الموت؟ لا يسعون إلى حياة لها معنى، فبم يشعرون عندما يموتون؟ (كأنهم عاشوا عبثًا). هاتان الكلمتان قاطعتان: العيش عبثًا. ماذا يعني "العيش عبثًا"؟ (أن يُضيِّع المرء حياته). أن يعيش المرء عبثًا ويُضيِّع حياته، ما أساس هاتين العبارتين؟ (يجد في نهاية حياته أنه لم يربح شيئًا). ماذا ينبغي أن يربح الشخص إذًا؟ (ينبغي أن يربح الحق أو يحقق أشياء لها قيمة ومعنى في هذه الحياة. ينبغي أن يحسن القيام بالأشياء التي ينبغي للمخلوق القيام بها. إن فشل في فعل كل ذلك ولم يعش إلا من أجل جسده المادي، فسوف يشعر بأنه عاش حياته عبثًا وأضاعها). وعندما يواجه الموت، سوف يتأمل فيما فعله طوال حياته. سوف يقول: "عجبًا، لم أفكر إلا في الأكل والشرب واللهو كل يوم. كانت صحتي جيدة ولم أختبر أي أمراض. كانت حياتي كلها في سلام. أما الآن فبعد أن كبرت وأصبحت على وشك الموت، أين سأذهب بعد الموت؟ هل سأذهب إلى الجحيم أم السماء؟ كيف سيرتب الله نهايتي؟ أين ستكون غايتي؟" سوف يشعر بعدم الارتياح. فمع استمتاعه بالراحة الجسدية طوال حياته لم يكن لديه أي وعي من قبل، لكنه الآن يشعر بعدم الارتياح مع اقتراب الموت. وبسبب شعوره بعدم الارتياح، ألن يبدأ في التفكير في التكفير؟ هل ما زال يوجد وقت للتكفير في تلك المرحلة؟ (لا يوجد وقت). لم تعد لديه القوة للركض ولا القوة للتحدث. فحتى إن أراد دفع القليل من الثمن أو تحمُّل القليل من المشقة، فإن قوته البدنية غير كافية. وحتى إن أراد الخروج والتبشير بالإنجيل، فإنه ليس في حالة جسدية تسمح بذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يفهم أيًا من الحق ولا يمكنه عقد شركة حتى عن القليل منه. لم يعد لديه وقت للتكفير. لنفترض أنه يريد الاستماع إلى بعض الترانيم. بينما يستمع إليها ينام. لنفترض أنه يريد الاستماع إلى عظة. بينما يستمع إليها ينعس. لم تعد لديه الطاقة، وأصبح عاجزًا عن التركيز. يفكر فيما فعله طوال تلك الأعوام وأين أنفق طاقته. تقدم الآن في السن ويريد الاهتمام بعمله الصحيح، لكن جسده المتهالك لن يسمح له بذلك بعد الآن. لم تعد لديه الطاقة، ولا يمكنه تعلُّم أي شيء حتى لو أراد ذلك، وكذلك ردود أفعاله بطيئة. لا يمكنه فهم العديد من الحقائق، وعندما يحاول عقد شركة مع الآخرين، يكون الجميع مشغولين ولا وقت لديهم لعقد شركة معه. ليست لديه مبادئ أو مسار في أي شيء يقوم به. ماذا يحدث له في النهاية؟ كلما تأمل ازداد اضطرابًا. وكلما تأمل شعر بالندم. وكلما تأمل، تراكمت لديه الحسرات. وفي النهاية لا يكون لديه خيار إلا انتظار الموت. انتهت حياته ولا توجد طريقة للتكفير. هل يشعر بالندم؟ (نعم). لقد فات الأوان! لا يوجد وقت متبق. عندما يواجه الموت، يدرك أن الاستمتاع بحياة الراحة الجسدية أمر في غاية العبث. يرى كل شيء على حقيقته ويريد العودة للسعي إلى الحق وإتمام واجبه وإتقان القيام بشيء، لكنه لا يستطيع تحقيق أي شيء أو السعي لأي شيء من أي ناحية. فهذه الحياة تكاد تنتهي. تنتهي بالحسرات وتحمل معها الندم وعدم الارتياح. ما العاقبة الأخيرة لأناس على هذه الشاكلة عندما يواجهون الموت؟ لا يموتون إلا بالحسرة والندم وعدم الارتياح. لقد عاشوا هذه الحياة عبثًا! فأجسادهم المادية لم تتحمل أي مشقة. لقد استمتعوا بالراحة فحسب من دون التعرض للرياح أو الشمس أو تحمُّل أي مخاطر. لم يدفعوا أي ثمن. لقد عاشوا في صحة جيدة ونادرًا ما اختبروا أي أمراض، ولا حتى نزلة برد. لقد اعتنوا بأجسادهم المادية جيدًا، ولكنهم لسوء الحظ لم يتموا أي واجبات أو يربحوا أي حقائق. وفي لحظة الموت وحدها يشعرون بالحسرة. وماذا لو شعروا بالحسرة؟ يُدعى هذا بالمعاناة نتيجةً لأفعالهم!
يجب أن يسعى الشخص إلى الحق إذا رغب في أن يعيش حياة لها قيمة ومعنى. أولًا وقبل كل شيء، ينبغي أن تكون لديه نظرة صحيحة للحياة، إضافة إلى الخواطر ووجهات النظر الصحيحة عن مختلف الأمور الكبيرة والصغيرة التي يواجهها في الحياة وفي مسار حياته. ينبغي عليه أيضًا النظر إلى جميع هذه الأمور من المنظور والموقف الصحيحين بدلًا من التعامل مع مختلف المشكلات التي يواجهها في مسار حياته أو في حياته اليومية باستخدام خواطر ووجهات نظر متطرفة أو راديكالية. بالطبع، يجب عليه أيضًا ألا ينظر إلى هذه الأشياء من منظور علماني، وينبغي عليه بدلًا من ذلك التخلي عن مثل هذه الخواطر ووجهات النظر السلبية والخطأ. إن كنت ترغب في تحقيق هذا، فينبغي عليك أولًا تشريح مختلف الخواطر السلبية التي يضمرها الناس وكشفها والتعرف عليها وأن تصبح بعد ذلك قادرًا على تغيير مختلف مشاعرك السلبية وتصحيحها والتخلي عنها وبلوغ الخواطر ووجهات النظر الصحيحة والإيجابية، وكذلك المنظورات والمواقف الصحيحة التي ترى من خلالها الناس والأشياء. بفعل ذلك، سوف تمتلك الضمير والعقل اللازمين للسعي إلى الحق. بالطبع، يمكن القول على وجه التحديد إنه عندما يمتلك الشخص وجهات النظر والمنظورات والمواقف الصحيحة لرؤية الناس والأشياء، فإن ذلك هو ما يعنيه امتلاك إنسانية طبيعية. إذا امتلك الناس هذا النوع من الإنسانية الطبيعية وهذه الخواطر ووجهات النظر الصحيحة، فإن السعي إلى الحق يصبح أقل صعوبة بكثير وأسهل بكثير بالنسبة إليهم. الأمر مثل عندما يكون ثمة شخص يرغب في الوصول إلى غاية ما – إن كان على المسار الصحيح وكان يتجه في الاتجاه الصحيح، فسوف يصل في النهاية إلى تلك الغاية مهما كانت سرعته. ولكن، إن كان الشخص يتجه في الاتجاه المعاكس لغايته المقصودة، فسوف يبتعد أكثر عن هدفه بصرف النظر عن مدى سرعته أو بطئه. ما التعبير الاصطلاحي الذي يصف ذلك؟ "محاولة الذهاب جنوبًا من خلال القيادة شمالًا". يشبه الأمر تمامًا كيف أنَّ بعض الناس يؤمنون بالله ويرغبون في الخلاص لكنهم يسعون وراء الشهرة والربح والمكانة، مما يعني أنه ما من سبيل لديهم لنيل الخلاص. ماذا ستكون عاقبتهم النهائية؟ سوف تكون العقوبة بالتأكيد. فمثلًا، لنفترض أن شخصًا أصيب بالسرطان ويخشى الموت. يرفض قبول الموت ويُصلِّي باستمرار إلى الله أن يحميه من الموت وأن يطيل عمره بضعة أعوام. يحمل المشاعر السلبية المتمثلة في الضيق والهم والقلق معه خلال خوض الحياة يومًا بعد يوم، على الرغم من أنه يتمكن من البقاء على قيد الحياة لبضعة أعوام أخرى، محققًا هدفه ومختبرًا السعادة التي تأتي من تجنب الموت. يشعر بأنه محظوظ ويؤمن بأن الله صالح جدًا ورائع حقًا. من خلال جهوده الخاصة ومناشداته المتكررة وحبه لذاته وعنايته بذاته، فإنه يتجنب الموت وفي النهاية يستمر في العيش تمامًا كما تمنى. يُعبِّر عن امتنانه لحفظ الله ونعمته ومحبته ورحمته. وفي كل يوم يشكر الله ويَمثل أمامه ليسبّحه على هذا. غالبًا ما يبكي في أثناء ترديد الترانيم والتأمل في كلام الله، ويفكر في مدى روعة الله: "الله يملك السيطرة على الحياة والموت حقًا؛ لقد سمح لي بالعيش". وفي أثناء أداء واجبه كل يوم، غالبًا ما يفكر في كيفية وضع المعاناة أولًا والمتعة أخيرًا وكيفية أداء العمل أداءً أفضل من الآخرين في كل شيء حتى يتمكن من الحفاظ على حياته وتجنب الموت؛ ينتهي به الأمر إلى عيش بضعة أعوام أخرى ويشعر بالرضا والسعادة. ولكن في أحد الأيام، يتفاقم مرضه ويقدم له الطبيب إنذارًا أخيرًا ويخبره بالاستعداد للنهاية. الآن هو يواجه الموت؛ إنه على شفا الموت حقًا. كيف سيكون رد فعله؟ لقد داهمه تخوفه الأكبر وصار قلقه الأعظم أمرًا حقيقيًا أخيرًا. أكثر يوم كان يحجم عن رؤيته واختباره قد جاء. في لحظة يبتئس ويصل مزاجه إلى الحضيض. لا يعود راغبًا في القيام بواجبه ولم تعد لديه كلمات للصلاة إلى الله. لا يعود راغبًا في تسبيح الله أو سماعه يتكلم بأي كلمات أو يزوِّد بأي حقائق. لم يعد يؤمن أن الله محبة وبر ورحمة وعطف. وفي الوقت نفسه، فإنه يشعر بالندم. "طوال كل هذه الأعوام، نسيت تناول المزيد من الطعام الشهي والاستمتاع خلال وقت فراغي. والآن لم تعد لديَّ الفرصة لعمل تلك الأشياء". يمتلئ ذهنه بالمظالم والمراثي ويمتلئ قلبه بالألم والشكاوى والاستياء والإنكار تجاه الله. وبعد ذلك، يغادر هذا العالم متحسرًا. قبل رحيله، هل كان الله لا يزال في قلبه؟ هل كان لا يزال يؤمن بوجود الله؟ (لم يعد يؤمن). كيف حدثت هذه العاقبة؟ ألم تبدأ بوجهات النظر الخاطئة التي تمسَّك بها تجاه الحياة والموت منذ البداية؟ (بلى). لم يقتصر الأمر على أنه كان يحمل خواطر ووجهات نظر خاطئة منذ البداية، لكن الأخطر هو أنه بعد هذا اتبع خواطره ووجهات نظره والتزم بها في سعيه في المستقبل. لم يستسلم قط، بل انطلق وركض بسرعة كبيرة في المسار الخطأ من دون النظر إلى الوراء. ونتيجةً لذلك، فقد الإيمان بالله في النهاية؛ انتهت رحلة إيمانه بهذه الطريقة، وهكذا اختُتِمَت حياته. هل ربح الحق؟ هل ربحه الله؟ (لا). عندما مات أخيرًا، هل تغيرت منظوراته ومواقفه التي تمسَّك بها تجاه الموت؟ (لا). هل مات في راحة وفرح وسلام أم في ندم وممانعة ومرارة؟ (لقد مات في ممانعة ومرارة). لم يربح شيئًا على الإطلاق. لم ينل الحق ولم يربحه الله أيضًا. هل ستقولون إذًا إن مثل هذا الشخص نال الخلاص؟ (لا). لم يُخلَّص. ألم يسعَ كثيرًا قبل موته ويبذل كثيرًا؟ (بلى، فعل). تمامًا مثل الآخرين، آمن بالله وقام بواجبه، وظاهريًا، لم يظهر أنَّ ثمة فرق بينه وبين أي شخص آخر. عندما اختبر المرض والموت، صلَّى إلى الله ولم ينبذ واجبه مع ذلك. استمر في العمل، بل إنه عمل بالمستوى نفسه الذي كان عليه من قبل. رغم ذلك، يوجد شيء يجب على الناس فهمه ورؤيته على حقيقته، وهو أن الخواطر ووجهات النظر التي كان يضمرها هذا الشخص دائمًا ما كانت سلبية وخاطئة. بصرف النظر عن حجم معاناته أو الثمن الذي دفعه في أثناء القيام بواجبه، كان يضمر هذه الخواطر ووجهات النظر الخاطئة في سعيه. كان خاضعًا لسيطرتها باستمرار ويجلب مشاعره السلبية إلى واجبه، طالبًا تقديم أداء واجبه إلى الله في مقابل بقائه على قيد الحياة، لتحقيق هدفه. لم يكن الهدف من سعيه هو فهم الحق أو ربحه، أو الخضوع لجميع تنظيمات الله وترتيباته. كان الهدف من سعيه هو عكس هذا تمامًا. لقد أراد أن يعيش وفقًا لمشيئته ومتطلباته، وأن يحصل على ما كان يتمنى السعي إليه. أراد ترتيب وتنظيم قَدره، وحتى حياته وموته. وهكذا، كانت عاقبته في نهاية الطريق أنه لم يربح شيئًا على الإطلاق. لم يحصل على الحق، وفي النهاية أنكر الله وفقد الإيمان به. وحتى مع اقتراب الموت، لم يفهم كيف ينبغي أن يعيش الناس وكيف ينبغي أن يتعامل الكائن المخلوق مع تنظيمات الخالق وترتيباته. وذلك هو الشيء الأكثر بؤسًا ومأساوية بخصوصه. حتى عندما كان على شفا الموت، لم يفهم أن كل شيء على مدار حياة الشخص يخضع لسيادة الخالق وترتيبه. إن أراد الخالق أن تحيا، فلن تموت حتى إن كنت مصابًا بمرض مميت. إن أراد الخالق أن تموت، فلا بد أن تموت عندما يحين أوانك حتى وإن كنت شابًا ومفعمًا بالصحة والقوة. كل شيء تحت سيادة الله وترتيبه، هذا هو سلطان الله ولا يمكن لأحد أن يعلو عليه. فشل في فهم مثل هذه الحقيقة البسيطة. أليس هذا مؤسفًا؟ (بلى). على الرغم من أنه كان يؤمن بالله ويحضر الاجتماعات ويستمع إلى العظات ويقوم بواجبه، وعلى الرغم من إيمانه بوجود الله، فقد رفض مرارًا الاعتراف بأن مصير البشر، بما في ذلك الحياة والموت، هو في يدي الله ولا يخضع لمشيئة بشرية. لا أحد يموت لمجرد أنه يريد ذلك، ولا أحد يبقى على قيد الحياة لمجرد أنه يريد أن يعيش ويخشى الموت. فشل في استيعاب هذه الحقيقة البسيطة، فشل في إدراكها حتى عندما واجه الموت الوشيك، وبقي لا يعرف أن الشخص لا يقرر حياته وموته، بل هما يعتمدان على تقدير الخالق. أليس هذا مأساويًا؟ (بلى). لذلك، على الرغم من أن مختلف المشاعر السلبية قد تبدو عديمة الأهمية للناس، فإنها جميعًا متضمنة في الموقف الذي ينظر به الشخص إلى الناس والأشياء ضمن نطاق الإنسانية الطبيعية. إن استطاع الشخص التعامل إيجابيًا مع كل أنواع الأشياء التي تحدث في حياة الإنسان الطبيعية والوجود، فسوف يكون لديه عدد قليل نسبيًا من المشاعر السلبية. ويمكن القول أيضًا إن ضميره وعقله سوف يكونان طبيعيين نسبيًا، مما يسهل عليه السعي إلى الحق والدخول إلى الواقع ويقلل من الصعوبات والعقبات التي سوف يواجهها. إن كان قلب الشخص مملوءًا بجميع أنواع المشاعر السلبية، مما يعني أن الشخص مملوء بمختلف الأفكار السلبية في تعامله مع تحديات الحياة والوجود، فسوف يواجه المزيد من العقبات والصعوبات في سعيه إلى الحق. إن كانت إرادته في السعي إلى الحق ضعيفة، وإن لم يكن لديه حماس كبير أو رغبة هائلة تجاه الله، فإن الصعوبات والعقبات التي يواجهها في سعيه إلى الحق سوف تكون كبيرة. ماذا يعني هذا؟ يعني أنه سوف يجد صعوبة في الدخول إلى واقع الحق. بصرف النظر عن خطورة شخصيته الفاسدة، فإن هذه المشاعر السلبية وحدها سوف تقيده، مما يصعّب كل خطوة. عندما يواجه بعض الناس الكراهية أو الغضب أو مختلف أنواع الألم أو مشكلات أخرى، فإن مختلف الخواطر التي تنشأ منها تكون سلبية. وذلك يعني أنه في جميع الأمور تهيمن أساسًا المشاعر السلبية دائمًا على مكانته. إن كنت تفتقر إلى العزم والمثابرة اللازمين لعلاج هذه المشاعر السلبية والخروج من حالة المشاعر السلبية هذه، فسوف يكون من الصعب للغاية عليك الدخول إلى واقع الحق. لن يكون هذا سهلًا. وهذا يعني أنه قبل دخول الناس إلى واقع السعي إلى الحق، يجب عليهم أولًا أن يمتلكوا الخواطر ووجهات النظر والمواقف الصحيحة الأكثر أساسية فيما يخص كل مشكلة ترتبط بالإنسانية الطبيعية. فحينها فقط يمكنهم فهم الحق وقبوله والدخول إلى واقع الحق تدريجيًا. قبل السعي رسميًا إلى الحق، يجب عليك أولًا علاج مختلف مشاعرك السلبية واجتياز هذه المرحلة. بمجرد أن يتجاوز الناس هذه المرحلة وتكون جميع خواطرهم ووجهات نظرهم بشأن مختلف الأمور صحيحة، وكذلك المنظور والموقف اللذين ينظرون من خلالهما إلى الناس والأشياء، حينها يكون السعي إلى الحق والدخول إلى الواقع أسهل بالنسبة إليهم.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.