كيفية السعي إلى الحق (4) الجزء الثاني
السعي إلى الحق بالغ الأهمية، لكن هذا لا يعني أنه إذا لم يسعَ الناس إلى الحق، فإنهم لن يتمكّنوا من بلوغ نهاية الطريق؛ هذا ليس حتميًا. كل الناس كائنات مخلوقة، وما داموا ليسوا أبالسةً أو شياطين، فإنهم لن يهاجموا الله بنشاط، أو يهاجموا الله ويُجدّفوا ضدّه بنشاط بوعي واضح. بالتالي، فإن الله عادل ومعقول مع البشرية الفاسدة العادية، وهو يمنحهم جميعًا الفرصة لنيل الخلاص. بينما يختبر الإنسان نيل الخلاص، يكون الله رحيمًا به، ويحميه ويعتني به. إذن، ما هو موقف الله تجاه أولئك الأشخاص الذين هم أبالسة وشياطين؟ هم يرون الله عدوّهم ويحكمون عليه ويهاجمونه ويُجدّفون ضدّه باستمرار، ويُدمّرون عمله، ولا يعرفون التوبة أبدًا. إذا تفاعلوا مع أشخاص آخرين، فسيكون لديهم البعض ممَن يتّفقون معهم جيدًا، لكنهم عندما يأتون أمام الله، فإنهم لا يتفّقون معه على الإطلاق، ولا لدقيقة واحدة أو ثانية واحدة؛ لا يُمكِنهم العمل مع الله أو التعايش معه أو الوصول إلى إجماع معه حول أي شيء، وهذا يُظهِر أنهم أبالسة وشياطين نموذجيون. الله لا يتحمّل مثل هؤلاء الأشخاص قطعًا، وبيت الله لا يُبقي مثل هؤلاء الأشخاص قطعًا. عندما يُكتشَف أحدهم، فإنه يُخرَج؛ وعندما يُكتشَف اثنان منهم، يُخرَجان، وبصرف النظر عن العدد الذي يُكتشَف، فإنهم جميعًا يُبعَدون؛ اليوم الذي يتمّ كشفهم فيه هو اليوم الذي ينتهي فيه أمرهم. كما ترى، عندما يُرقّى الأشخاص الصالحين ويُستخدَمون في شيء هام، يكون هذا هو وقت تكميلهم وتبريكهم والوقت الذي يحصدون فيه أعظم الحصاد؛ وعندما يُرقّى الأناس الأشرار والأبالسة ويُستخدَمون، فإنهم يُكشَفون بشكل طبيعي ويُستبعَدون، ويكون يومهم الأخير قد حلّ. فكّروا في أولئك الذين حولكم ممَن كُشفوا واستُبعِدوا أو أُخرِجوا مؤخرًا أو قبل وقت طويل، وأولئك الذين شُطِبَت أسماؤهم في النهاية. عندما وصلوا إلى قمّة "مسيرتهم المهنية" في بيت الله كان ذلك هو وقت استبعادهم، والوقت الذي حل فيه يومهم الأخير، وكُتِبت نقطة كبيرة في نهاية حياتهم في الإيمان بالله. عديمو الإيمان يروحون ويجيئون في الكنيسة ولا يستطيعون إيجاد مكان مناسب لهم، ولا يُمكِنهم أداء أي واجب. في اللحظة التي يرتكبون فيها فعلاً شريرًا، يتمّ كشفهم، ويكون يومهم الأخير قد حلّ. الأبالسة يُحبّون القيام بأشياء كبيرة وصناعة اسم لأنفسهم، واليوم الذي يكونون فيه في ذروة مجدهم هو يومهم الأخير. لماذا أقول هذا؟ هل تعرفون؟ هكذا هي الأمور. عندما يكونون في ذروة مجدهم، يكونون في ذروة رضاهم عن أنفسهم، أوليس الأمر أنه عندما يكونون في ذروة رضاهم عن أنفسهم يكونون أيضًا أكثر عرضةً لنسيان أنفسهم؟ (بلى). عندما لا يكون لديهم نجاح أو مجد، يُطأطئ هؤلاء الأبالسة رؤوسهم. لكن لمجرد أنني أقول إنهم يُطأطئون رؤوسهم، فإن هذا لا يعني أنهم قادرون على ممارسة الحق، بل يعني فقط أنهم يفعلون الأشياء بحرص وحذر شديدين، ودائمًا بقلب محترس وليس بقلب يتقي الله. في اللحظة التي يرون فيها فرصةً، أو يجدوا أنفسهم متمتّعين ببعض القوة والمكانة، وقادرين على إعطاء الأوامر للريح والمطر لتنفيذ تعليماتهم، يصبحون راضين عن أنفسهم وينسون أنفسهم، مفكّرين: "لقد حان وقتي. الآن هو الوقت الملائم لإبراز قدراتي ونقاط قوتي ووضع قدراتي موضع الاستغلال!". وينتقلون إلى التنفيذ. ما الدافع وراء أفعالهم وما مصدر أفعالهم؟ من أين ينبع دافع أفعالهم ومصدرها؟ إنهما ينبعان من الأبالسة، ومن الشيطان، ومن طموحاتهم الجامحة ورغباتهم. في ظلّ هذه الظروف، هل يُمكِن للأشياء التي يفعلونها أن تتوافق مع مبادئ الحق؟ هل يُمكِن أن يكون لديهم قلب يتقي الله بينما يفعلون الأشياء؟ هل يُمكِنهم التعامل مع الأمور بما يتوافق مع ما يتطلّبه بيت الله؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة هي لا، لا يُمكِنهم ذلك. وما العواقب؟ (أنهم يتسبّبون في عرقلة وإزعاج). هذا صحيح، العواقب هي أنهم يتسببون في عرقلة وإزعاج شديدين، بل ويتسبّبون في إزعاج وخسارة جسيمين لبيت الله ولعمل الكنيسة. إذن، بما يتماشى مع مبادئ كيفية التعامل مع الأشخاص في بيت الله، كيف ينبغي التعامل مع الأشخاص الذين يتسبّبون لعمل الكنيسة في مثل هذه العواقب؟ إذا كان الأمر بسيطًا، فينبغي استبدالهم، وإذا كان الأمر خطيرًا، فإنه ينبغي إخراجهم. عندما يُرقَّى شخص ما ويُستخدَم في أمر هام، أو عندما يُرتَّب له للقيام بعمل ما، فإن بيت الله دائمًا ما سيعقد معه الشركة بصراحة حول مبادئ القيام بالعمل. يتمّ إخبار ذلك الشخص بالعديد من المبادئ والتفاصيل، وفقط عندما يفهم ويستوعب، ويكتب كل ذلك، يُعتَبر التسليم مكتملاً. لكن عندما ينبغي أن يقوم ببعض العمل ويؤدي واجبه، فإنه يشرَع في ذلك بمخالبه الإبليسية المكشوفة ويبدأ الإبليس الذي هو عليه حقًا في الظهور. هو لا يقوم بالأشياء بما يتماشى مع المبادئ المطلوبة من قِبل بيت الله على الإطلاق، بل يقوم بالأشياء كما يريد هو كليًا، ويفعل الأشياء كيفما يحب، وكيفما يرغب. لا يُمكِن لأحد السيطرة عليه، وهو لا يستمع لأي أحد، ويُفكّرون: "بيت الله والله والحق، كل ذلك يُمكِن أن يتنحّى جانبًا! هنا أنا مَن يتخذ القرارات!". هكذا يفعل الأبالسة الأمور، وهذا هو الموقف الذي لدى الأبالسة تجاه الواجب وتجاه الحق. إذا كان لديك مثل هذا الموقف تجاه الحق، فستُكشَف. إذا اعتبرت عمل بيت الله وواجبك مسائل تافهة ولم تقم بالأشياء بما يتماشى مع المبادئ التي أوجب بيت الله عليك اتباعها، فلن يتمّ التعامل معك بكياسة. بيت الله لديه مبادئ يتعامل بها مع الناس؛ أولئك الذين ينبغي إعفاؤهم من وظيفتهم يُعفَون، وأولئك الذين ينبغي إخراجهم هم يُخرجون، وهذا كل ما يمكن أن يُقال في هذا الشأن. أليس كذلك؟ أليس هذا ما يفعله بيت الله؟ أليس هكذا يُكشَف هؤلاء الأبالسة؟ أليس هذا هو دافعهم لفعل الأشياء، ومصدر أفعالهم، والطريقة التي يفعلون بها الأشياء؟ (بلى). بالتعامل معهم بهذه الطريقة، هل يُعاملهم بيت الله بغير عدل؟ (لا). هل هذه طريقة ملائمة للتعامل معهم؟ (نعم). إنها ملائمة للغاية فعلًا! الأشخاص الطبيعيون يَقبلون واجبهم ويتلقون ترقيةً، ويُستخدَمون في أمر هام. وهم يضطلعون بعملهم وفقًا لإمكانياتهم ومستوى قدراتهم، وبما يتماشى إلى حد ما مع مبادئ العمل التي يفهمونها، أو التي أوجب عليهم بيت الله اتّباعها. على الرغم من حقيقة أنهم غالبًا ما يكشفون عن شخصيات فاسدة، فإن هذا لا يؤثر على أدائهم العادي لواجبهم. وبغض النظر عن الصعوبات التي يواجهونها، أو الحالة غير الصحيحة التي يجدون أنفسهم فيها، أو التعطيل الذي يتحمّلونه، فإنهم في النهاية سيحقّقون بعض النتائج الإيجابية في أداء واجبهم، وهذه النتائج مقبولة للجميع. أما عديمو الإيمان أولئك، فبغض النظر عن المدة التي قضوها في أداء واجبهم، لا يُحقّقون أي نتائج إيجابية أبدًا. هم دائمًا ما يفعلون أشياء سيئة ويحاولون إفساد الأمور، ولا يؤثر هذا على عمل الكنيسة فحسب، بل إنه يضر أيضًا بمصالح الكنيسة، ويخلق جوًّا فاسدًا بشأن عملهم جاعلًا منه فوضى. إذا أربك إبليس ما بعض العمل وأفسده، فلا بد أن هناك العديد من الأشخاص خلف الكواليس يقومون بالعمل مجددًا من الصفر، مما يُهدر الموارد البشرية والمالية لبيت الله، ويجعل الكثيرين من شعب الله المختار غاضبين. وفور إخراجِ الإبليس، يأخذ عمل الكنيسة على الفور مظهرًا جديدًا مُشرقًا، وتكون نتائج العمل مختلفةً. يُحظَر الإبليس الذي تسبّب في العرقلة والإزعاج، ويصبح لدى الناس عقلية حرة ومتحرّرة، وتزداد كفاءة العمل، ويؤدي كل واحد واجباته بشكل طبيعي. بالتالي، هؤلاء الأشخاص الذين هم من الأبالسة والشيطان، يبدون من الخارج على أنهم من الناس، وبغض النظر عن أعمارهم أو مستوى تعليمهم، ما داموا أشخاصًا أشرارًا، فإنهم قادرين على أداء أفعال شريرة، وهم يلعبون دور الأبالسة والشيطان إذ يُفسِدون الناس ويوقعونهم في اضطراب. على سبيل المثال بينما تُحضّر وعاءً من حساء الدجاج الذي يتطلع الجميع لتناوله، إذ تحط ذبابة فجأةً في الحساء. أخبرني، أيظل هذا الحساء صالحًا للأكل بعد ذلك؟ لا يوجد حل لذلك، ينبغي عليك أن تُريقه، ويُهدَر عمل ساعتين أو ثلاث. وبعد ذلك، عليك أن تغسل الوعاء عدة مرات، وحتى بعد أن تغسله، لا يزال لا يبدو لك نظيفًا، وتظل تشعر بأثر من الاشمئزاز. ما الذي يُزعِجك؟ (الذبابة). رغم أن الذبابة بالغة الصغر، فإن جوهرها النجس مقزز للغاية. هؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة يشبهون الذباب. يجدون طريقهم إلى الكنيسة ويُسبّبون عرقلةً شديدةً للنظام الطبيعي لحياة الكنيسة، ويُزعِجون التقدم الطبيعي لعمل الكنيسة. إذن، هل أصبح لديكم الآن فهم واضح لهؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة؟ محاولة جعلهم يؤدون بعض الخدمة ويؤدون واجبهم جيدًا أصعب من محاولة أن تجعل بقرة تتسلق شجرةً؛ إنه مثل محاولة جعل سمكة تعيش على اليابسة. أصعب شيء هو محاولة جعل الأبالسة والشياطين يُمارسون الحق، وكذلك هي محاولة جعل عديمي الإيمان يؤدون واجبهم بإخلاص. هكذا هي الأمور. إذا صادفتم أشخاصًا هم من الشياطين وعديمي الإيمان، واضطررتم إلى طلب مساعدتهم في فعل شيء بشكل مؤقت، فلا بأس في ذلك. لكن إذا رتبتم لهم أن يؤدوا بعض الواجب أو أن يقوموا ببعض العمل، فإنك بذلك أعمى وتتعرض للتلاعب بك. خاصةً إذا طلبتَ منهم القيام ببعض العمل الهام، فإنك تكون أكثر حماقةً. إذا لم يكن بإمكانك حقًا إيجاد أي أحد مناسب لمساعدتك في شيء وطلبتَ منهم المساعدة، فلا بأس في أن تطلب منهم فعل شيء ما، لكن يجب أن تُبقي عينيك عليهم وألا تُهمِل الأمر. أشخاص مثل هؤلاء لا يُمكِن الاعتماد عليهم كليًا؛ ﻷنهم ليسوا بشرًا، بل هم أبالسة، ولا يُمكِن الاعتماد عليهم كليًا. لذا ألقِ الآن نظرةً على الأشخاص المسؤولين عن فرَق أو على قادة الفِرق، وأولئك الذين يؤدّون واجبات رئيسية وعمل هام، وانظر ما إذا كانوا أشياءً مثل هؤلاء الأبالسة. إذا كان بإمكانك استبدالهم، فاستبدلهم في أسرع وقت ممكن؛ وإذا لم يكن باستطاعتك استبدالهم ﻷنه ليس ثمّة أحد مناسب ليحل محلهم، فراقبهم عن كثب، وأشرِف عليهم وتابعهم عن قرب. يجب عليك ألا تمنح الأبالسة والشياطين الفرصة للتسبب في إزعاج. الإبليس سيظل دائمًا إبليسًا، ليس لديه إنسانية، وليس لديه ضمير وعقل؛ يجب عليك أن تتذكّر هذا دائمًا! عديمو الإيمان جميعهم أبالسة وشيطان، ويجب عليك ألا تصدقهم! لنوقف الشركة عن هذا الموضوع هنا.
عندما عقدنا الشركة سابقًا حول كيفيّة السعي إلى الحق، تحدّثنا عن أمرَين. ماذا كان الأمر الأول؟ (التخلي). أحدهما كان التخلي. ماذا كان الآخر؟ (التكريس). التكريس. تحدّثنا ثلاث مرات عن الأمر الأول "التخلي". ما الذي عقدنا شركةً حوله في المرة الأخيرة؟ (في المرة الأخيرة، شَرَّح الله أسباب ظهور المشاعر السلبيّة كالضيق والقلق والهم عند الناس من منظور الصعوبات التي يواجهونها، وموقفهم تجاه عمل الله والحق). ثمّة أسباب كثيرة تؤدي إلى ظهور المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم، لكنها بشكل عام تنجُم عن السبب الموضوعي المتمثل في عدم فهم الناس للحق. هذا أحد الأسباب؛ وثمّة سبب آخر هو السبب الرئيسي، وهو أن الناس لا يسعون إلى الحق. عندما لا يفهم الناس الحق أو يسعون إليه، ولا يملكون إيمانًا حقيقيًا بالله، فإنهم لا يخضعون حقًا، وهذا هو السبب في أن كل أنواع المشاعر السلبية تنشأ فيهم. في الحياة اليوميّة، بسبب الصعوبات العملية التي يواجهها الناس في حياتهم وكل المشكلات المختلفة التي يُلاقونها في تفكيرهم، ينتهي المطاف بهم بالشعور بكل أنواع المشاعر السلبيّة في بيئاتهم الموضوعية. على وجه الخصوص، فإنَّ المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم، التي تحدّثنا عنها في المرة الأخيرة، كلها تنشأ ﻷنَّ الناس يواجهون جميع أنواع الصعوبات والمشكلات المتعلّقة بحياتهم الجسديّة. ﻷنه عندما يواجه الناس هذه المشكلات فإنهم لا يطلبون الحق أو يؤمنون بما يقوله الله، فضلاً عن أن يطلبوا الحق الذي يجب أن يفهموه ويُمارسوه في كلام الله، وهو ما من شأنه أن يُمكِّنهم من التخلي عن آرائهم الخاطئة، وأفكارهم ووجهات نظرهم الخاطئة المتعلّقة بهذه الأمور، وكذلك التخلي عن طُرقهم غير الصحيحة في التعامل مع تلك الأمور ومعالجتها، ومع مرور الأيام والوقت، فإنَّ مختلف الصعوبات التي يواجهها الناس في حياتهم اليوميّة تولِّد كل أنواع الأفكار التي تُزعِجهم وتُقيّدهم في أعماق قلوبهم. تتسبّب هذه الأفكار – دون علمهم – في ظهور مشاعر الضيق والقلق والهم المتعلّقة بحياتهم الجسديّة وكل أنواع القضايا المختلفة التي يواجهونها. في الواقع، عندما لا يكون الناس قد أتوا أمام الله بعد أو لا يفهمون الحق، فإن هذه القضايا ستتسبّب في ظهور مشاعر الضيق والقلق والهم في كل شخص بدرجة متفاوتة؛ هذا أمر لا مفرّ منه. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الجسد، فإنَّ أي شيء يحدث لهم سيُسبّب اضطرابًا معيّنًا ويؤثر على حياتهم وأفكارهم. عندما يُصبح هذا الاضطراب والتأثير أكثر ممّا يُمكِنهم تحمّله، أو عندما تكون غرائزهم وقدراتهم ومكانتهم الاجتماعية غير كافية لدعمهم أو لعلاج هذه الصعوبات أو التخلّص منها، فإنَّ مشاعر الضيق والقلق والهم، ستنشأ بطبيعة الحال في أعماق قلوبهم وتتراكم هناك، وستُصبح هذه المشاعر حالتهم الطبيعية. إنَّ القلق بشأن مختلف الأشياء من قبيل آفاق المرء المستقبلية والطعام والشراب والزواج ونجاة المرء مستقبلاً أو صحّته وشيخوخة المرء ووضع المرء ومكانته في المجتمع، هو حالة يشترك فيها جميع أفراد البشرية على أساس عدم فهم الإنسان للحق وعدم الإيمان بالله. على الرغم من ذلك، حالما يبدأ الناس في الإيمان بالله، وعندما يفهمون القليل من الحق، سيظل عزمهم في السعي إلى الحق يزداد قوةً. بهذه الطريقة، ستتناقص تدريجيًا الصعوبات العملية والمشكلات التي يواجهونها، وستضعف وتتلاشى تدريجيًا المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم؛ هذا أمر طبيعي جدًا. السبب في هذا أنه – بعد أن يقرأ الناس الكثير من كلام الله ويتوصّلوا إلى فهم بعض الحق في إيمانهم بالله – فإنهم دائمًا ما يزِنون جوهر القضايا التي يواجهونها في حياتهم وجذرها وأصلها، وفقًا لكلام الله. والمحصلة أنهم سيفهمون في نهاية المطاف أن مصيرهم وكل الأشياء التي يختبرونها في حياتهم في أيدي الله، ومن ثمَّ سيفهمون من منظور عام أن كل هذا تحت سيادة الله، ولا شيء منه يرجع إليهم. ولهذا، أبسط شيء يفعله الناس هو أن يخضعوا؛ يخضعوا لترتيبات السماء وسيادتها. ينبغي عليهم ألا يكافحوا ضدّ مصيرهم، بل ينبغي عليهم – بدلاً من ذلك – أن يطلبوا دائمًا مقاصد الله بإيجابية وبنشاط عندما يواجهون أي قضيّة؛ ومن ثمَّ يجدون الطريقة الأنسب لحلّ المسألة؛ هذا هو الأمر الأساسي الذي يجب على الناس فهمه. بعبارة أخرى، بعد أن يتوصّل الناس إلى الإيمان بالله، يتلاشى تدريجيًا ضيقهم وقلقهم وهمهم، بسبب الحقائق التي يفهمونها وبسبب أنهم جوهريًا يخضعون لله. هذا يعني أن هذه المشاعر لن يكون بمقدورها إزعاجهم بشدّة بعد الآن، أو أن تجعلهم يشعرون بالارتباك أو الحيرة أو أن مستقبلهم مُظلم وغير مؤكد، مما يؤدي غالبًا إلى شعورهم بالضيق والقلق والهم بشأن هذه الأمور. على النقيض من ذلك، ﻷنهم توصّلوا إلى الإيمان بالله وفهم بعض الحق، وأصبح لديهم بعض التمييز والفهم لكل أنواع الأشياء في الحياة، أو أصبح لديهم طريقة ملائمة بدرجة أكبر للتعامل مع تلك الأشياء، فإن مشاعرهم السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم ستتلاشى تدريجيًا. لكن رغم أنك قد آمنتَ بالله لسنوات عديدة واستمعتَ إلى العديد من العظات، فإن مشاعرك السلبيّة من الضيق والقلق والهم لم تُبدَّد أو تضعف بعد – أي إن موقفك بشأن كيفية رؤيتك للناس والأشياء وكيفية سلوكك وتصرّفاتك، وأفكارك وآرائك، والطريقة التي كنت تتعامل بها مع الأشياء قبل أن تتوصّل إلى الإيمان بالله لم تتغيّر – مما يعني أنك بعد أن توصّلتَ إلى الإيمان بالله، لم تقبل الحق أو تربح الحق أو تستخدم الحق لعلاج هذه المسائل بعد قراءة كلام الله والاستماع إلى العظات، ومن ثمَّ علاج المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم. إذا لم تطلب الحق أبدًا لعلاج هذه المشاعر السلبيّة، ألا يُظهِر هذا أن لديك مشكلة؟ (بلى). ما المشكلة التي يُظهِرها؟ أنك كنت مؤمنًا بالله لسنوات عديدة وما تزال تشعر أن مستقبلك يبدو موحشًا ودامسًا تمامًا. ما تزال تشعر كثيرًا بالفراغ والعجز في قلبك، وما تزال تشعر كثيرًا بالضياع وأنه ليس لديك طريق للمُضيّ قدمًا. أنت لا تعرف إلى أين تتَّجه حياتك، وما تزال تشعر بأنك تتعثر في الضباب، دون طريق، ودون اتّجاه للمُضيّ قدمًا. ماذا يعني هذا؟ يعني على أقلّ تقدير أنك لم تربح الحق، صحيح؟ وإذا لم تربح الحق، فماذا كنت تفعل طيلة هذه السنوات؟ هل كنت تسعى إلى الحق؟ (لا). إذا لم تكن تسعى إلى الحق بينما كنت تتخلّى عن الأشياء وتبذل نفسك وتؤدي واجباتك، ولم تكن تستخدم الحق لحلّ المشكلات العملية، فما الذي كنت تفعله طوال هذا الوقت؟ (التسكّع والتخبّط). هناك العديد من الناس الذين يؤدون واجبهم بإهمال، وفي الواقع هؤلاء الأشخاص يعملون. العاملون يكتفون بأن يكونوا قادرين على أداء واجباتهم، ودفع جانب من الثمن، والمعاناة قليلاً، لكنهم لا يسعون إلى الحق. هذا هو السبب في أنهم بعد الإيمان بالله لسنوات عديدة، لم يتغيّروا على الإطلاق. هؤلاء الأشخاص هم في الواقع عاملون، وإذا قُلنا ما كان يُقال سابقًا، فيمكننا القول إنهم ينخرطون في أنشطة دينيّة. ألقِ نظرةً على تلك الأنشطة الدينية في العالم الديني، في أيام الآحاد يذهب الناس للعبادة وعقد الاجتماعات، وعادةً ما يُصلّون في الصباح، ويتلون صلاة الشكر، ويُقدِّمون الشكر على كل شيء، ويُباركون الناس بصلواتهم، وعندما يرون أشخاصًا آخرين يقولون: "باركك الله، حماك الله". عندما يرون مرشحًا مُحتملاً، يعظونه بالإنجيل ويقرؤون له مقطعًا من الكتاب المقدّس. الأشخاص الأفضل يُنظّفون الكنيسة، وعندما يأتي واعظ، يستضيفونه بحماسة في منازلهم؛ وعندما يُصادفون أشخاصًا مُسنّين يعانون من صعوبات في حياتهم، يُساعدونهم، ويستمتعون بمساعدتهم. أليست هذه كلها أنشطة دينية؟ أكل البيض في عيد الفصح، والاحتفال بعيد الميلاد، وغناء ترانيم عيد الميلاد؛ هذه هي الأنشطة التي يشتركون فيها. أنشطتكم الآن تُجرى إلى حدٍ ما بتواتر أكبر مقارنةً بتلك التي يؤديها الأشخاص المتديّنون. العديد منكم يُغادرون منازلهم ويؤدّون واجباتهم متفرغين بدوام كامل. تؤدّون العبادات الروحيّة صباحًا، وتقومون ببعض عمل الكنيسة أثناء النهار، وتحضرون الاجتماعات الدورية وتقرؤون كلام الله، وقبل أن تناموا في المساء، تُصلّون لله وتطلبون منه حمايتكم، ومنحكم نومًا هانئًا في الليل وصرف الأحلام المزعجة، ومن ثَمّ تعيدون الكرّة نفسها في اليوم التالي. حياتكم اليوميّة منتظمة على نحو استثنائي، لكنّها أيضًا مُملّة وتافهة بشكل استثنائي. أنتم لا تربحون شيئًا ولا تفهمون شيئًا لزمن طويل، ولا تُفكّرون أبدًا في هذه المشاعر السلبيّة الأساسية جدًا أو تميزوها، وأنتم لم تكشفوا عنها قط أو تعالجوها. في وقت فراغكم، أو عندما يقابلكم في واجبكم شيء لا يروق لكم، أو تتلقون رسالةً من المنزل تقول إن أحد والديكم ليس على ما يُرام، أو أن شيئًا مؤسفًا يحدث في المنزل، لا تعودون تشعرون بالرغبة في أداء واجبكم وتصبحون ضعفاء لعدّة أيام. بينما تشعرون بالضّعف، تنفجر مجددًا تلك المشاعر السلبيّة التي كانت تتراكم داخلكم على مدار زمن طويل. تُفكّر فيها ليلاً ونهارًا، وتُلازمك كظلّك. هناك حتى من تنبثق مجددًا أفكاره وآراءه التي كانت لديه قبل أن يؤمن بالله فجأةً عندما يشعر بالضّعف والسلبية، ويُفكّر: "ربّما كان من الأفضل لو ذهبتُ إلى الجامعة، لو كنتُ درستُ تخصصًا ما، ووجدتُ وظيفةً جيّدةً؛ ربما حتى كان سيمكنني أن أكون قد تزوّجتُ الآن. كان زميلي فلان لا يبدو شخصًا مُميّزًا عندما كنا في المدرسة معًا، لكن بعد المدرسة ارتاد الجامعة. وبعد أن حصل على وظيفة تمّت ترقيته، والآن لديه حياة أسرية مثالية سعيدة. لديه سيارة ومنزل، ويعيش حياةً رائعةً". عندما يُفكّرون في هذه الأمور وينزلقون إلى هذه الحالات السلبيّة، تنفجر كل أنواع المشاعر السلبيّة دفعةً واحدةً. يُفكّرون في البيت، وفي أمهاتهم، ويشتاقون إلى ما كانت عليه الأمور، وإلى الأشياء الجيّدة، والأشياء السيئة، والأشياء المؤلمة، والأشياء السعيدة، والأشياء التي لا تُنسى التي تملأ أذهانهم، وبينما يُفكّرون في كل هذه الأشياء، يُصيبهم الأسى، وتنهمر الدموع من أعينهم. ماذا يُظهِر كل هذا. يُظهِر أن الطريقة التي اعتدتَ أن تعيش بها والطريقة التي اعتدتَ أن تُدير بها حياتك يُمكِن أن تظهر من حين لآخر وتربك حياتك الحالية وحالة حياتك الآن. يُمكِن لهذه الأشياء حتى أن تتحكّم في الطريقة التي تعيش بها حياتك الآن، وفي موقفك من الحياة، إضافةً إلى آرائك في الأمور. إنها تربك حياتك باستمرار وتتحكّم فيها. هذا ليس مُتعمَّدًا من جانبك، بل هو حالة تتمثل في أنك تصبح بشكل طبيعي غارقًا في هذه المشاعر السلبيّة. قد تعتقد الآن أن هذه المشاعر ليست لديك، لكن هذا فقط لأن الأوان والبيئة الملائمَين لم يحلّا بعد. بمجرد أن يحلّ الأوان والبيئة المُناسبَين، فمن الممكن أن تنزلق إلى هذه المشاعر ذاتها في أي وقت وفي أي مكان. الآن، عندما تنزلق إلى هذه المشاعر، تكونُ في خطر، في خطر الرجوع إلى طريقتك الأصلية في العيش في أي وقت وأي مكان، والوقوع تحت سيطرة أفكارك وآرائك الأصلية؛ وهذا خطير جدًا. يُمكِن لهذا الخطر أن يسلب منك فرصتك وأمَلك في نيل الخلاص في أي وقت وأي مكان، وفي أي وقت وأي مكان يُمكِن أن يُبعِدك عن طريق الإيمان بالله. لذا، بغضّ النظر عن مدى قوّة عزمك ورغبتك في أداء واجبك الآن، أو مدى عُمق ورقي الحقائق التي تعتقدُ أنك تفهمها، أو مدى عِظم قامتك، ما دامت أفكارك لا تتغيّر، وما دام منظورك للحياة لا يتغيّر، وما دامت الطريقة التي تعيش بها حياتك لا تتغيّر، وما دامت رغبتك فيما تريده في الحياة لا تتغيّر – وكل هذا بتوجيه هذه المشاعر – فإنك ستكون في خطر في كلّ الأوقات وكلّ الأماكن؛ عندها يُمكن أن تلتهمك هذه الأفكار والآراء وأن تغلبك وتجرفك بعيدًا في أي وقت وأي مكان، وأنت إذن في خطر. لذا، لا تستخفّ بهذه المشاعر السلبيّة. ففي أي لحظة وأي مكان، يُمكِنها أن تسلب منك فرصتك في نيل الخلاص وتُدمِّر فرصتك في أن تُخلَّص، وهذا ليس أمرًا هيّنًا.
كل المشاعر السلبيّة للإنسان ناجمة عن مختلف أفكاره الخاطئة، وآراءه الخاطئة، وطُرُق حياته الخاطئة، والفلسفات الحياتية الشيطانية الخاطئة. توجد أيضًا بعض الأشياء التي تحدث في حياتك الواقعية، خاصةً في الأوقات التي لا تكون فيها قادرًا على استيعاب جوهر هذه الأشياء بوضوح، ويُمكِنك أن تُصبح مذعورًا بسهولة ومُحاصرًا بكيفيّة ظهور هذه الأشياء، وقد تنزلق بسهولة إلى الارتباك، ومن ثمَّ تعود إلى طُرُق الحياة القديمة؛ ستحمي نفسك بطريقة لا واعية، وتنبذ الله، وتنبذ الحق، وتستخدم أساليبك الخاصة والطُرُق التي تعتقد أنها الأكثر تقليديةً وجدارةً بالثقة لطلب مخرج، وستبحث عن كيفيّة العيش، وستبحث عن الأمل للاستمرار في العيش. رغم أن هذه المشاعر السلبيّة تبدو ظاهريًا مجرّد مشاعر، وإذا وصفنا هذه المشاعر بالكلمات فإنها تبدو أهون مما هي عليه وليست شديدة الخطورة عندما تُؤخَذ حرفيًا، فإن بعض الأشخاص يتشبّثون بهذه المشاعر السلبيّة ولا يتخلون عنها، كما لو كانوا يتشبثون بقشّة سوف تُنقِذ حياتهم، وهم مُقيَّدين ومُكبّلين بهذه الأشياء. في الواقع، كونهم مُقيَّدين بهذه المشاعر السلبيّة ناجم حقيقةً عن الطُرُق المختلفة التي يعتمد عليها الإنسان للبقاء، وكذلك مختلف أفكارهم وآراءهم التي تُسيطر عليهم، ومواقفهم المختلفة إزاء الحياة والعيش. لذلك، رغم أن مشاعر الضيق والقلق والهمّ والدونيّة والكراهية والغضب وغيرها كلها سلبيّة، لا يزال الناس يعتقدون أن هذه الأشياء يُمكِن الاعتماد عليها، وهم لا يشعرون بالأمان ويشعرون أنهم قد وجدوا أنفسهم وأنهم موجودون إلَّا عندما ينزلقون في هذه المشاعر. في الواقع، أنَّ الناس يصبحون غارقين في هذه المشاعر هو أمر يسير في الاتجاه المعاكس للحق ويبتعد كثيرًا عن الحق، وكذلك عن طُرُق التفكير الصحيحة، والأفكار والآراء الصحيحة، والموقف الصحيح الذي يُخبرهم الله أن يتّخذوه تجاه الأشياء. أيًا كانت المشاعر السلبيّة التي تختبرها، كلما غرقت فيها بشكل أعمق، أصبحتَ مُقيّدًا بها أكثر؛ وكلما قُيِّدتَ بها أكثر، زاد شعورك بالحاجة إلى حماية نفسك؛ وكلما زاد شعورك بالحاجة إلى حماية نفسك، زاد أملك في أن تكون أقوى وأكثر قدرةً وكفاءةً في الفوز بفرص العيش وإيجاد طُرُق مختلفة للعيش من أجل التغلّب على العالم، وإعلان النصر على كل المصاعب التي تواجهها في العالم، والتغلب على كل مصاعب الحياة ومتاعبها. كلما انزلقت في هذه المشاعر، زادت فعليًا رغبتك في السيطرة على كل المصاعب التي تصادفها في حياتك وعلاجها. أليس كذلك؟ (بلى، صحيح). إذن، كيف تنشأ أفكار الإنسان هذه؟ لنأخذ الزواج على سبيل المثال. أنت تشعر بالضيق والقلق والهمّ بشأن الزواج، لكن ما المسألة بالضبط وراء كل هذا؟ ما الذي تقلق بشأنه؟ من أين يأتي هذا القلق؟ إنه يأتي من عدم معرفتك أن هذا الزواج مُرتّب ومحكوم بالقدر، وأنه مُرتّب ومحكوم من قِبل السماء. بعدم معرفة ذلك، تريد دائمًا أن تُقرّر الأمور لنفسك، وأن تُخطّط وتعتزم وترسم وتُفكّر بشكل مستمر في أشياء من قبيل: "ما نوع الشريك الذي ينبغي أن أبحث عنه؟ ما الطول الذي ينبغي أن يكون عليه؟ ماذا ينبغي أن يكون مظهره؟ ما نوع الشخصية التي يجب أن تكون لديه؟ ما مقدار التعليم الذي ينبغي أن يكون قد حصّله؟ ما نوع العائلة التي ينبغي أن يكون قد أتى منها؟" كلما كانت خططك شاملة بدرجة أكبر، ازداد قلقك، أليس كذلك؟ وكلما ارتفع سقف متطلّباتك وكانت لديك متطلّبات أكثر، ازداد قلقك، صحيح؟ وكلما أصبح من الأصعب عليك إيجاد شريك، صحيح؟ (نعم). عندما لا تعرف ما إذا كان الشخص مناسبًا لك أم لا، تُصبح مصاعبك أكبر، وكلما أصبحت مصاعبك أكبر، اشتدّت مشاعرك من قبيل الضيق والقلق، أليس كذلك؟ كلما اشتدّت مشاعرك من قبيل الضيق والقلق، دفعتك تلك المشاعر بدرجة أكبر إلى الاضطراب. لذا، كيف تحلّ هذه المشكلة؟ لنقل إنك تفهم جوهر الزواج، وتفهم الطريقة الصحيحة للمُضي قدمًا والاتجاه الذي تسلكه؛ فما النهج الصحيح الذي يجب أن تسلكه للزواج؟ تقول: "الزواج حدث عظيم في الحياة، وبغضّ النظر عمّا يختاره الناس، فكله مُقدّر سلفًا منذ زمن بعيد. لقد عيَّن الله ورتّب من سيكون شريكك في الحياة وما سيكون عليه شكله. ينبغي على الناس ألا يتسرّعوا أو يعتمدوا على خيالاتهم، فضلًا عن أن يعتمدوا على تفضيلاتهم. اعتماد المرء على خيالاته وتفضيلاته وأن يكون متسرِّعًا كلها من مظاهر الجهل ولا يتوافق مع الواقع. يجب ألا يسمح الناس لأوهامهم بالجموح، وكل التصوّرات تتعارض مع الواقع. الأمر الأكثر عمليةً الذي ينبغي فعله هو ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي وانتظار الشخص الذي رتّبه الله لك". إذن، في ظل هذه النظرية وهذا الفهم العملي كأساس لك، كيف ينبغي أن تُمارس فيما يتعلّق بهذا الأمر؟ ينبغي أن يكون لديك إيمان، وأن تنتظر وقت الله، وأن تنتظر ترتيب الله. إذا رتّب الله شريكًا مناسبًا لك في هذه الحياة، فإنه سيظهر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، وفي البيئة الصائبة. سيحدث ذلك عندما تكون الظروف مواتيةً، وكل ما ينبغي عليك فعله هو أن تكون الشخص الذي يتعاون مع هذا الأمر في هذا الوقت، وفي هذا المكان وفي هذه البيئة. الشيء الوحيد الذي يُمكِنك فعله هو الانتظار؛ انتظار حلول هذا الوقت، وانتظار هذا المكان، وانتظار هذه البيئة، وانتظار أن يظهر ذلك الشخص، وانتظار أن يتحقّق كل ذلك، وألا تكون نشطًا ولا سلبيًا، بل منتظرًا فقط حدوث كل هذه الأشياء ووصولها. ما الذي أعنيه بـ "الانتظار"؟ أعني امتلاك موقف خضوع، وألا يكون المرء نشطًا ولا سلبيًا؛ هذا الموقف هو موقف طلب وخضوع، دون إلحاح. حالما تتبنى هذا النوع من المواقف، هل ستظلّ تشعر بالضيق والقلق والهمّ بشأن الزواج؟ (لا). ستختفي خططك الفردية وتصوّراتك وأمانيك وميولك وكل تفكيرك الجاهل الذي يتعارض مع الحقائق. حينئذٍ يهدأ قلبك، ولا تعود تشعر بمشاعر سلبيّة بشأن أمر الزواج. تشعر بالاسترخاء والتحرّر والحرية بشأن هذا الأمر، وتترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي. بمجرد أن يكون لديك الموقف الصحيح، كل شيء تفعله وكل شيء تُعبّر عنه يُصبح عقلانيًا وملائمًا. المشاعر التي تظهر من داخل إنسانيتك الطبيعية تلقائيًا لا يُمكِن أن تكون ضيقًا أو قلقًا أو همًّا، بل تكون سلامًا واستقرارًا. المشاعر لا تبعث على الاكتئاب وليست جذرية؛ أنت تنتظر فحسب. الطريقة الوحيدة للممارسة والموقف تجاه هذا الأمر في قلبك هو أن تنتظر وأن تخضع: "أنا أرغب في الخضوع لكل ما يُرتّبه الله لي. ليس لديّ متطلّبات أو خطط شخصية". ألا تكون حينئذٍ قد تخلّيت عن هذه المشاعر السلبيّة؟ وأليس صحيحًا أن هذه المشاعر لن تظهر؟ حتى لو شعرتَ بها، ألن تتخلى عنها تدريجيًا؟ إذن، ما نوع عملية التخلي عن هذه المشاعر السلبيّة؟ هل هي مظهر للسعي إلى الحق؟ إنها تُظهِر أنك تسعى إلى الحق وتُمارس الحق. النتيجة النهائية التي تتحقّق من خلال السعي إلى الحق هي ممارسة الحق؛ إنها تُنفَّذ عبر ممارسة الحق. عندما تصل إلى مستوى ممارسة الحق، لن تعود مشاعر ضيقك وقلقك وهمّك تتبعك كظلّك؛ بل ستكون قد أُزيلَت تمامًا من صميم قلبك. هل عملية إزالة هذه المشاعر هي عملية التخلي؟ (نعم). ممارسة الحق هي بمثل هذه البساطة. هل هي أمر سهل؟ ممارسة الحق هي تحوّل في الأفكار والآراء وأهم من ذلك، هي تحوّل في موقف المرء تجاه الأشياء. ليتخلى المرء عن شعور سلبي بسيط، يجب أن يمارس هذه العمليات ويُحقّقها. أولاً يمر المرء بتحوّل في أفكاره وآرائه، ثُمّ المرور بتحوّل في موقف المرء تجاه الممارسة، ثم يمر بتحوّل في طريقة ممارسته، ومبادئه للممارسة ومساره للممارسة. ألن تكون بذلك قد تخلّيت عن هذا الشعور السلبيّ؟ الأمر بهذه البساطة. النتيجة النهائية التي تُحقّقها من خلال "التخلي" هي أنك لا تعود مرتبكًا أو متحيّرًا أو خاضعًا لتحكّم هذا الشعور السلبيّ، وفي الوقت ذاته لم تعد مسكونًا بجميع أشكال الأفكار السلبيّة والآراء الناجمة عن هذا الشعور السلبي. بهذه الطريقة ستعيش وأنت تشعر بالاسترخاء والحرية والتحرّر. بالطبع، الشعور بالاسترخاء والحرية والتحرّر هي مجرد مشاعر إنسانية؛ الفائدة الحقيقية التي يجنيها الناس هي أنهم يتوصلون إلى فهم الحق. أساس وجود الإنسان هو الحق وكلام الله. إذا اعتمد الناس على تصوّراتهم للعيش داخل مختلف المشاعر السلبيّة من أجل حماية الذات، وإذا اعتمدوا على أنفسهم واعتمدوا على قدراتهم ووسائلهم وطُرُقهم لحماية أنفسهم، وسلكوا طريقهم الخاص، فإنهم سيكونون قد ضلّوا عن الحق وعن الله، وسيصبحون تلقائيًا يعيشون تحت سيطرة الشيطان. لذا، عندما تواجهك نفس هذه المصاعب والمواقف، ينبغي أن يكون لديك فهم في قلبك، وسوف تفكّر تلقائيًا: "أنا لست بحاجة للقلق بشأن هذه الأمور. لا جدوى من القلق. الأشخاص الذين هم أذكياء وحكماء سيعتمدون على الله، وسيأتمنون الله على كل هذه الأشياء، ويخضعون لسيادته، وينتظرون كل الأشياء التي يرتّبها الله، وينتظرون الوقت أو المكان أو الشخص أو الشيء الذي يُرتّبه الله. ما يجب على الإنسان أن يفعله وما باستطاعته أن يفعله هو فقط أن يتعاون وأن يخضع؛ هذا هو الخيار الأكثر تعقلًا". بالطبع إذا لم تفعل هذا ولم تمارس بهذه الطريقة، فإن كل شيء يُرتِّبه الله سيحدث في النهاية رغم ذلك؛ لا يُمكِن لأي شخص ولأي حدث ولأي موقف أن يتغيّر بإرادة الإنسان. الضيق والقلق والهمّ لدى الإنسان هي محض تضحية بلا معنى، وهي ليست سوى أفكار الإنسان الحمقاء ومظاهر جهله. أيًا كان عُمق مشاعرك من قبيل الضيق والقلق والهمّ أو شدّتها، أو كم أنك تفكر في أمر ما على نحو شامل، فإن كل هذا سيكون عديم الجدوى في النهاية ويجب أن يُنبَذ. الحقائق والنتائج النهائية لا يُمكن أن تتغيّر بواسطة إرادة الإنسان. لا بد أن يعيش الإنسان تحت سيادة الله وترتيباته؛ لا أحد بوسعه تغيير هذه الأشياء، ولا أحد بوسعه التحرّر من كل هذه الأشياء. أليس كذلك؟ (بلى).
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.