كيفية السعي إلى الحق (2) الجزء الأول

في اجتماعنا السالف، عقدنا شركة عن موضوع كبير؛ ألا وهو كيفية السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق؛ كيف عقدنا شركة حول هذه القضية؟ (عقد الله الشركة عن جانبين: أولهما "التخلي"، وثانيهما "التكريس". بخصوص التخلي، تحَّدث الله عن المشاعر السلبيَّة الموجودة في الإنسان. عقد الله الشركة على وجه الخصوص عن التأثيرات والعواقب المحددة التي تتركها المشاعر السلبية المتمثلة في الدونيَّة والغضب والكراهية على واجبنا. وقدَّمت لنا شركة الله فهمًا مختلفًا لكيفية السعي إلى الحق. لقد رأينا كيف أننا غالبًا ما نتجاهل المشاعر السلبيَّة التي نكشفها يوميًّا، وعادةً ما لا نميِّز مشاعرنا السلبيَّة أو نفهمها؛ إنما نُصدِر حكمًا أحادي الجانب مفاده أنَّ هذا نوع الأشخاص الذي نحن عليه فحسب. نَجلِب هذه المشاعر السلبيَّة إلى واجبنا، ولهذا تأثير مباشر في نتائج ذلك الواجب، وفي كيفية رؤيتنا للناس والأشياء وكيفية تعاملنا مع المشكلات في حياتنا. وهذا يَجعَل السير في طريق السعي إلى الحق صعبًا للغاية علينا). في اجتماعنا الماضي، عقدتُ شركة عن كيفية السعي إلى الحق. ثمة طريقان رئيسيان عندما يتعلق الأمر بالممارسة: طريق التخلي، وطريق التكريس. في المرة السابقة، لخَّصنا القضايا الرئيسية المرتبطة بالجانب الأول من ذلك المسار الأول، "التخلي"، أي أنَّه يجب على المرء التخلي عن أنواع مختلفة من المشاعر؛ هي في الأساس مشاعر سلبيَّة: تلك المشاعر غير الطبيعية وغير العقلانية والتي لا تتوافق مع الضمير والعقل. من بين هذه المشاعر، ركَّزت شركتنا على المشاعر السلبيَّة التالية: الدونيَّة والغضب والكراهية، إضافةً إلى بعض السلوكيات التي تنتج عن العيش داخل هذه المشاعر السلبيَّة، والمشاعر السلبيَّة المختلفة الناتجة عن ظروف محددة أو خلفية تنموية، والمشاعر السلبيَّة التي يعكسها طابع غير طبيعي. لماذا لا بد من التخلي عن هذه المشاعر السلبيَّة؟ ذلك لأن هذه المشاعر، من الناحية الموضوعية، تؤدي إلى تشكُّل عقليات ووجهات نظر سلبيَّة لدى الأشخاص، مما يؤثر في الموقف الذي يتخذونه عند مواجهة الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء. ولهذا، فإن الجانب الأول من طريقة الممارسة هذه، أي التخلي، يتطلب من الناس التخلي عن جميع أنواع المشاعر السلبيَّة. في المرة السابقة عقدنا جزءًا من الشركة حول هذه المشاعر السلبيَّة، لكن إلى جانب مشاعر الدونيَّة والغضب والكراهية، التي عقدنا الشركة عنها، توجد بالطبع مجموعة متنوعة من المشاعر التي يمكنها التأثير في وجهات نظر الإنسانية الطبيعية. إنها تتداخل مع ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها وتفكيرها وحكمها، ومن الممكن أن تؤثر في نتائج سعي الإنسان إلى الحق. وهذا يعني أنَّ هذه المشاعر السلبيَّة هي أول الأشياء التي يجب على البشريَّة التخلي عنها في سعيها إلى الحق. سوف تواصل شركتنا اليوم تناول الموضوع المطروح؛ وهو كيفية التخلي عن المشاعر السلبيَّة المختلفة. أولًا، سنعقد شركة حول المظاهر المختلفة للمشاعر السلبيَّة، ومن خلال شركتي حول هذه المظاهر، يمكن للإنسان أن يربح معرفة بالمشاعر السلبيَّة، ويعقد مقارنة بينها وبين نفسه، ثم يبدأ في علاجها، واحدًا تلو الآخر، في حياته اليومية. من خلال طلب الحق وفهمه، ومن خلال معرفة الأفكار والآراء السلبيَّة وتشريحها، ومعرفة وجهات النظر والمواقف غير الطبيعية التي تثيرها المشاعر السلبيَّة لدى الناس، يمكنهم البدء في علاج تلك المشاعر السلبيَّة.

تحدثنا في المرة الماضية عن المشاعر السلبيَّة المتمثلة في "القنوط". أولًا، هل يعاني معظم الناس من مشاعر القنوط هذه؟ هل بمقدوركم إدراك نوع الشعور والمزاج اللذين يمثلهما القنوط، وإدراك مظاهره؟ (نعم). هذا مما يسهل فهمه. لن نتحدث عن "القنوط" باستفاضة كبيرة، بل سنصِف فحسب المظاهر الناجمة عن مشاعر القنوط لدى أولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه. ماذا يعني "القنوط"؟ إنه يعني أن تشعر بالتعاسة، وأنك لست بخير، وأنك لست مهتمًا بأي شيء تفعله، وألا يكون لديك أي حافز أو دافع، وأن يكون لديك موقف سلبي تمامًا وغير فعال في الأشياء التي تفعلها، وألا يكون لديك أي عزيمة لأن تكون استباقيًا وتسعى إلى الأمام. فما السبب الجذري لهذه المظاهر؟ هذه هي القضية الأساسية التي لا بد من تشريحها. حالما تفهم مظاهر القنوط المختلفة، وتفهم ما ينجم عن هذا الشعور السلبي من حالات ذهنية مختلفة وأفكار ومواقف في فعل الأشياء، يجب أن تفهم أسباب هذه المشاعر السلبيَّة، أي الأسباب الجذرية التي تكمن وراء هذه المشاعر السلبيَّة وتؤدي إلى ظهورها لدى الناس. لماذا يُصاب الناس بالقنوط؟ لماذا لا يشعرون بأي دافع لفعل الأشياء؟ لماذا يكونون دائمًا سلبيين وخاملين ودون عزيمة عندما يَفعلون الأشياء؟ مِن المؤكد أن ثمة سببًا لذلك. على سبيل المثال، ترى شخصًا دائمًا ما يكون قانطًا وسلبيًا عندما يفعل الأشياء غير قادر على استجماع أي طاقة، ودائمًا ما تكون مشاعره ومواقفه ليست إيجابية جدًا أو متفائلة وهو يعبِّر عن موقف سلبي يتمثل في اللوم واليأس. تقدِّم له النُصح لكنه لا يستمع إليه أبدًا، ورغم اعترافه بأن السبيل الذي أشرت به عليه هو السبيل الصحيح وأن طريقة تفكيرك رائعة، فإنه لا يستطيع استجماع أي قدر من الطاقة عندما يفعل الأشياء ولا يزال سلبيًا وخاملًا. في الحالات الخطيرة، يمكنك من خلال حركات جسم هذا الشخص وهيئته ومِشيته ونبرة كلامه والكلمات التي يقولها، رؤية أنَّ مشاعره قانطة للغاية وأنه يفتقر إلى الطاقة في كل ما يفعله، وأنه مثل ثمرة مسحوقة وكل مَن يقضي وقتًا طويلًا مع ذلك الشخص سيتأثر به. بمَ يتعلق كل هذا؟ إن مختلف السلوكيات وتعبيرات الوجه ونبرات الكلام وحتى الأفكار ووجهات النظر التي يكشف عنها الأشخاص الذين يعيشون في القنوط لها صفات سلبيَّة. فما السبب وراء هذه الظواهر السلبيَّة؟ أين يكمن الجذر؟ إن السبب الجذري لظهور شعور القنوط السلبي يختلف من شخص لآخر بطبيعة الحال. قد ينشأ أحد أنواع مشاعر القنوط لدى الشخص بسبب إيمانه المتواصل بأنَّ قدَره مريع. أليس هذا أحد الأسباب؟ (بلى). كان مثل هذا الشخص في طفولته يعيش في الريف أو في منطقة فقيرة، ولم تكن أسرته ثرية ولا كان لديها أي شيء ذي قيمة كبيرة باستثناء بعض الأثاث البسيط. ربما كان لديه طقم أو طقمان من الملابس التي كان عليه ارتداؤها رغم وجود بعض الثقوب فيها، ولم يكن بمقدوره قط أن يأكل طعامًا جيدًا في المعتاد، بل كان عليه الانتظار حتى رأس السنة الجديدة أو العطلات لتناول اللحوم. أحيانًا ما كان يعاني من الجوع ولم يكن لديه من الملابس ما يكفي للتدفئة، وكان الحصول على وعاء كبير مليء باللحوم لتناوله بمثابة حلم بعيد المنال، وحتى العثور على قطعة فاكهة لأكلها كان صعبًا. ولعيشه في مثل هذه البيئة، كان يشعر أنه مختلف عن الآخرين الذين يعيشون في المدينة الكبيرة، والذين كان والداهم من ذوي الإمكانيات المادية، الذين يمكنهم تناول ما يشاؤون وارتداء ما يبتغون، والذين كانوا يحصلون على كل ما يريدونه وقتما وأينما أرادوا، والذين كانوا على دراية بالأشياء. إنه يفكر: "لديهم مثل هذا القَدَر الجيد. لماذا قدَري سيئ للغاية؟" دائمًا ما يريدون أن يتميزوا عن الجميع ويغيروا قدَرهم؛ غير أنه ليس من السهل أن يغير المرء قدَره. عندما يُولَد المرء في مثل هذا الوضع، فإلى أي مدى يمكنه تغيير قدَره، وإلى أي مدى يمكنه تحسينه، رغم محاولاته؟ بعدما يصير بالغًا تعرقله العقبات حيثما ذهَبَ في المجتمع، ويتعرَّض للمضايقات أينما خَطَت قدماه، ولذلك يَشعُر دائمًا بالأسف الشديد؛ ويفكِّر: "لماذا أنا سيئ الحظ إلى هذا الحد؟ لماذا أقابل دائمًا أشخاصًا لئيمين؟ كانت الحياة صعبة في طفولتي، كانت كذلك فحسب. والآن بعدما كبرت، لا يزال الوضع سيئًا للغاية. دائمًا ما أرغب في إظهار قدراتي، لكن الفرصة لا تسنح لي قط. إذا لم أنل الفرصة أبدًا، فليكن. لا أريد سوى أن أعمَل بجد وأكسب ما يكفي من المال لأعيش حياة جيدة. لماذا لا يمكنني حتى عمل ذلك؟ كيف يمكن أن يكون عيش حياة جيدة أمرًا صعبًا للغاية؟ ليس ضروريًّا أن أعيش حياة متفوقة على أي شخص آخر. أريد على الأقل أن أعيش حياة أحد سكان المدينة، وألا يزدريني الناس، وألا أكون مواطنًا من الدرجة الثانية أو الثالثة. على الأقل، لا يهتف الناس حينما ينادونني: "أنت، تعال إلى هنا"! على الأقل ينادونني باسمي ويخاطبونني باحترام. لكنني لا أستطيع حتى الاستمتاع بمخاطبتي باحترام. لماذا قدَري قاسٍ جدًّا؟ متى سينتهي؟" عندما كان مثل هذا الشخص لا يؤمن بالله، اعتبرَ قدَره قسوة. وبعد أن بدأ يؤمن بالله ويرى أن هذا هو الطريق الحق، فإنه يفكِّر: "كل تلك المعاناة فيما سبق كانت تستحق العناء. لقد كان كل ذلك من عمل الله وتنظيمه، وكان عمَل الله حسنًا. لو لم أعانِ على ذلك النحو، لما آمنت بالله. والآن وقد آمنت بالله، فسيتغيَّر قدَري نحو الأفضل إذا تمكَّنت من قبول الحق. الآن يمكنني أن أعيش حياة متساوية في الكنيسة مع إخوتي وأخواتي، والناس ينادونني بـ "الأخ" أو "الأخت"، ويخاطبونني باحترام. إنني الآن أستمتع بالشعور باحترام الآخرين". يبدو كما لو أنَّ قدَره تغيَّر، ويبدو أنه لم يعُد يعاني ولم يعد قدَره سيئًا. حالما يبدأ في الإيمان بالله، يعقد العزم على أداء واجبه جيدًا في بيت الله، ويصبح قادرًا على تحمُّل المشقة والعمل الجاد وعلى أن يتحمل في أي أمر أكثر مما يمكن لأي شخص آخر، وهو يسعى جاهدًا للفوز باستحسان معظم الناس وتقديرهم. يعتقد حتى أنَّ الاختيار قد يقع عليه ليكون قائدَ كنيسة، أو مشرفًا، أو قائد فريق؛ ألا يكون في ذلك تكريم لأسلافه وعائلته؟ ألا يكون بذلك قد غيَّر قدَره؟ ومع ذلك، فإن الواقع لا يرقى إلى مستوى رغباته تمامًا، فيشعر بالإحباط، ويفكِّر: "إنني أومن بالله منذ سنوات وأنا على وفاق جيد مع إخوتي وأخواتي، لكن لماذا كلما يحين وقت اختيار قائد أو مشرف، أو قائد فريق، لا يأتي دوري أبدًا؟ هل لأنني أبدو بسيطًا جدًّا، أم لأنَّ أدائي لم يكن جيدًا بما فيه الكفاية ولم يلاحظني أحد؟ في كل مرة يكون هناك تصويت، قد يكون لدي قدر طفيف من الأمل، وسأكون سعيدًا حتى باختياري قائد فريق. أنا مملوء حماسًا لرد الجميل لله، لكن ينتهي بي المطاف بخيبة الأمل في كل مرة يجري فيها التصويت ويجري استبعادي من كل شيء. فما الأمر؟ أيكون حقًّا أنني لا أستطيع سوى أن أكون شخصًا متوسطًا، شخصًا عاديًا، شخصًا غير ملحوظ طيلة حياتي؟ عندما أتذكر طفولتي وشبابي وسنوات منتصف العمر، أجد أن هذا الطريق الذي سلكته كان دائمًا عاديًا للغاية ولم أفعل أي شيء جدير بالملاحظة. وليس الأمر أنني لا أملك أي طموح، أو أن مستوى قدراتي ضعيف للغاية؛ وليس الأمر أنني لا أبذل جهدًا كافيًا أو أنني لا أستطيع تحمُّل المشقة. لدي عزيمة وأهداف، بل يمكن القول أيضًا إنَّ لي طموح. فلماذا لا أستطيع التميز عن الآخرين أبدًا؟ في التحليل النهائي، قدَري سيئ ومقدَّرٌ لي أن أعاني، وهكذا رتَّب الله الأمور لي". وكلما فكَّر في هذا الأمر، ازداد سوء قدَره في اعتقاده. وإذا قدَّم – في السياق العادي لواجباته – بعض الاقتراحات أو عبَّر عن بعض الآراء وتلقى دحضًا لها دائمًا، ولم يستمع أحد إليه أو يأخذه على محمل الجد، فإنه يصير أكثر قنوطًا، ويفكِّر: "أواه، قدَري سيئ جدًّا! في كل مجموعة أنتمي إليها دائمًا ما يوجد شخص لئيم يعوق طريق تقدمي ويضطهدني. لا أحد يأخذني على محمل الجد ولا أستطيع أن أتميز أبدًا. ففي نهاية المطاف، يعود الأمر إلى هذا: لي قدَر سيئ فحسب!" بصرف النظر عما يحدث له، فإنه ينسب ذلك دائمًا إلى سوء قدره؛ ودائمًا ما يغذي فكرة القدَر السيئ هذه، ويسعى جاهدًا للحصول على فهم وإدراك أعمق لها، وبينما يقلِّب الأمر في ذهنه، تزداد مشاعر القنوط لديه أكثر فأكثر. وعندما يرتكب خطأً صغيرًا في أداء واجبه، يفكِّر: "أواه، كيف يمكنني القيام بواجبي جيدًا بينما لي مثل هذا القدَر السيئ؟" في الاجتماعات، يقدم إخوته وأخواته شركة، وهو يفكِّر في الأمور مرارًا وتكرارًا، لكنه لا يفهم، ويدور في ذهنه: "أواه، كيف يمكنني أن أفهم الأشياء بينما لي مثل هذا القدَر السيئ؟" وكلما رأى شخصًا يتحدث على نحو أفضل منه، ويناقش فهمه بطريقة أوضح وأكثر استنارة، ازداد شعوره بالقنوط. وعندما يرى شخصًا يمكنه تحمل الضيقات ودفع الثمن، ويرى نتائج في أداء واجبه، وينال استحسان إخوته وأخواته ويحصل على ترقية، فإنه يشعر بالتعاسة في قلبه. وعندما يرى شخصًا ما يصبح قائدًا أو عاملًا، يشعر بمزيد من القنوط، وحتى عندما يرى شخصًا يرنِّم ويرقص على نحو أفضل منه، ويشعر بالدونية تجاه ذلك الشخص، يُصاب بالقنوط. أيًا كان ما يواجهه من الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء أو المواقف، فإنه دائمًا ما يستجيب لها بهذا الشعور بالقنوط. حتى عندما يرى شخصًا يرتدي ملابس أجمل قليلًا من ملابسه أو يصفِّف شعره بطريقة أفضل قليلًا، فإنه دائمًا ما يشعر بالحزن، وتنشأ الغيرة والحسد في قلبه حتى يعود أخيرًا إلى ذلك الشعور بالقنوط. ما الأسباب التي يتوصَّل إليها بشأن ذلك؟ إنه يفكِّر: "أواه، أليس هذا لأن قدَري سيئ؟ لو كان مظهري أفضل قليلًا، ولو كنت على مثل ما يتمتع به من الوقار، ولو كنت طويلًا وحسن القوام، وأرتدي ملابس جيدة ولي أموال كثيرة ووالدان جيدان، أما كانت الأمور لتصبح مختلفة عما هي عليه الآن؟ أما كان الناس لينظروا إليَّ آنذاك بتقدير كبير، ويحسدونني ويغارون مني؟ في النهاية، قدَري سيئ ولا يمكنني لوم أي شخص آخر على ذلك. في ظل هذا القدَر السيئ، لا شيء يسير على ما يرام بالنسبة لي، ولا يمكنني السير في أي مكان دون أن أسقط فوق شيء ما. إنه قدَري السيئ فحسب، وليس ثمة ما يمكنني فعله حيال ذلك". وبالمثل، عندما يجري تهذيبه أو عندما يوبخه الإخوة والأخوات أو ينتقدونه، أو يقدمون له اقتراحات، فإنه يستجيب لذلك أيضًا بشعور القنوط. على أي حال، سواء كان الأمر يتعلق بشيء يحدث له أو بكل شيء من حوله، فإنه دائمًا ما يستجيب لذلك بمختلف الأفكار والآراء والمواقف ووجهات النظر السلبيَّة التي تنشأ من شعور القنوط لديه.

مثل هؤلاء الأشخاص، الذين يعتقدون دائمًا أن قدَرهم سيئ، يشعرون دائمًا وكأن صخرة عظيمة تَسحق قلوبهم. لأنهم يعتقدون دائمًا أن كل ما يحدث لهم إنما هو بسبب قدَرهم السيئ، ويشعرون أنهم لا يستطيعون تغيير أي شيء من ذلك القَدر مهما حدَث. فماذا يفعلون؟ إنهم يشعرون بالسلبيَّة ويتقاعسون ويستسلمون لمصائبهم. ماذا أقصد بقولي إنهم يستسلمون لمصائبهم؟ أقصد أنهم يفكِّرون: "أواه، سيكون عليَّ الاستمرار في الحياة متخبطًا بهذه الطريقة فحسب!" عندما يُهذَّب الآخرون، يمكن لهؤلاء أن يتأملوا في أنفسهم ويقولوا: "لماذا هُذبتُ؟ ماذا فعلتُ يتعارض مع مبادئ الحق؟ ما الشخصيات الفاسدة التي كشفتُها؟ هل فهمي عميق بما فيه الكفاية وملموس بما فيه الكفاية؟ كيف ينبغي أن أفهم هذه المشكلات وأعالجها؟" إنهم يقولون أشياءً من هذا القبيل، وهكذا يكون الشخص الذي يسعى إلى الحق. وعندما يُهذَّب الشخص الذي يعاني مما يسمى بالقدَر السيئ، فإنه يشعر أن الآخرين يزدرونه، وأن قدَره سيئ، ولهذا لا أحد يحبه، وأن كلَّ من يشاء تهذيبه يستطيع فعل ذلك. عندما لا يهذبه أحد، يخف قنوطه قليلًا، لكن قنوطه يصبح حتى أكثر حدة فور أن يهذبه شخص ما. عندما يُهذَّب أناس آخرون، قد يشعرون بالسلبيَّة لعدة أيام. يقرؤون كلام الله، وبالمساعدة والدعم من إخوتهم وأخواتهم، يصبحون قادرين على قبول الحق وببطء يغيرون اتجاههم، تاركين وراءهم تلك الحالة السلبيَّة. أما أولئك الذين يعتقدون أن قدَرهم سيئ، فليس الأمر أنهم لا يتركون هذه المشاعر السلبيَّة خلفهم فحسب، بل هم يصبحون – على النقيض من ذلك – أكثر تيقنًا من أن قدَرهم سيئ بالفعل. لمَ يحدث هذا؟ إنهم يأتون إلى بيت الله وهم يشعرون أنَّ مهاراتهم لا تُوظَّف أبدًا على نحو كامل، وأنهم دائمًا ما يُهَذَّبون ويُستخدمون ككبش فداء. يفكرون: "أترى؟ يفعل الآخرون هذا ولا يُهذَّبون، فلماذا أُهذَّب أنا عندما أفعل هذا؟ هذا يثبت بالتأكيد أنَّ قدَري سيئ!" ولهذا يُصابون بهذا القنوط ويغرقون في اليأس. بغض النظر عن الطريقة التي يحاول بها الآخرون الشركة معهم عن الحق، فإنها لا تترسخ في قلوبهم، ويقولون: "أنتم تُهذَّبون للحظة فحسب، لكن الأمر مختلف بالنسبة لي. أنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء على نحو صحيح، وقد وُلدتُ لأتحمل التعرض للتهذيب. لا يمكنني لوم أحدٍ، كل ما في الأمر أن قدَري سيئ". لأنهم يعتقدون دائمًا أن قدَرهم سيئ، وأنهم سيظلون على هذا النحو دائمًا طوال حياتهم، مهما كانت الطريقة التي يُخبِر بها بيت الله الناس كيفية السعي إلى الحق، وكيفية أداء واجب الكائن المخلوق، وكيفية أداء واجبهم بما يرقى إلى المعايير، لا شيء من ذلك يترسخ لديهم. لأنهم على يقين دائمًا من أن قدَرهم سيئ، فإنهم يشعرون أن هذا الشيء الرائع المتمثل في السعي إلى الحق وبلوغ الخلاص لا يخصهم إطلاقًا، ولذلك لا يؤدون واجبهم بضمير حيٍّ. إنهم متأكدون في قلوبهم أن "الأشخاص الذين لديهم قدَر سيئ لا يمكنهم أداء واجبهم جيدًا؛ وحدهم الأشخاص الذين لديهم قدَر جيد يستطيعون أداء واجبهم جيدًا. عندما يحظى شخص ما بقدَر حسن، فإن الناس يحبونه حيثما ذهب، وكل شيء يسير بسلاسة بالنسبة له. أما أنا، فقدَري سيئ ودائمًا ما أقابل أشخاصًا لئيمين، ولا يراودني أبدًا شعور جيد عند أداء واجباتي، فهذه البلايا تأتي واحدة تلو الأخرى!" لأنهم يعتقدون أن قدَرهم سيئ، يشعرون دائمًا بالإحباط والقنوط. إنهم يعتقدون دائمًا أن السعي إلى الحق هو موضوع للحديث فحسب، وأن شخصًا مثلهم له قدَر سيئ لا يمكنه أبدًا بلوغ أي شيء من خلال السعي إلى الحق. يشعرون أنهم، حتى لو سعوا إلى الحق، فلن يربحوا أي شيء في النهاية، ويفكِّرون دائمًا: "كيف يمكن لذوي القدَر السيئ أن يدخلوا الملكوت؟ كيف يمكن لذوي القدَر السيئ أن يبلغوا الخلاص؟" إنهم لا يجرؤون على تصديق ذلك، ولذا يصدرون الحكم على أنفسهم باستمرار، ويفكرون: "لأن قدَري سيئ وقد ولدتُ لأعاني، فلن يكون الأمر سيئًا للغاية أن أبقى على قيد الحياة وأصير في النهاية عاملًا. هذا يعني أن أعمال أسلافي الصالحة ستؤتي ثمارها فيَّ، وستباركني بحُسن الحظ. ولأن قدَري سيئ، فأنا لا أصلح إلا لأداء بعض الواجبات غير الملحوظة، مثل الطبخ أو التنظيف أو رعاية أطفال الإخوة والأخوات، أو بعض المهام المتفرقة، وما إلى ذلك. أما بالنسبة لتلك المهام التي تتيح لك التألق في بيت الله، فالأرجح أنه لن يكون لي أي علاقة بها طيلة حياتي. مثلما ترى، لقد جئت إلى بيت الله مملوءًا بالحماس، وكيف انتهى بي الأمر؟ أطهو الطعام وأقوم ببعض الأعمال اليدوية فحسب. لا أحد يلاحظ مدى إرهاقي أو مدى صعوبة الأمر، لا أحد يرى، ولا أحد يهتم. إذا لم يكن هذا حظًا عاثرًا، فلستُ أعرف ماذا قد يُعَد حظًا عاثرًا! ثمة أشخاص آخرون هم ممثلون رئيسيون أو ممثلون مساعدون، يصورون فيلمًا تلو آخر، وفيديو تلو آخر؛ فما أروع ذلك! إنني لم أتألق قط، ولا مرة واحدة. ما أسوأ هذا الحظ! قدَري سيئ للغاية! مَن يُلام على قدَري السيئ؟ أليس هذا خطأي؟ سأستمر في المضي قدمًا فحسب، حتى يحين وقت الموت". إنهم يغرقون في هذا الشعور السلبي إلى ما هو أعمق فأعمق. لا يقتصر الأمر على أنهم غير قادرين على التأمل في مشاعرهم السلبيَّة ومعرفتها، أو معرفة سبب ظهورها لديهم، أو ما إذا كان لأي من ذلك علاقة بقدَر جيد أو قدَر سيئ، ولا أنهم لا يطلبون الحق لفهم هذه الأشياء، بل هم أيضًا يتشبثون على نحو أعمى بفكرة أن قدَرهم السيئ هو سبب كل مشكلاتهم. والنتيجة أنهم يغرقون في هذه المشاعر السلبيَّة إلى ما هو أعمق وأعمق ولا يستطيعون تخليص أنفسهم. وفي النهاية، لأنهم يعتقدون دائمًا أن قدَرهم سيئ، يقعون في اليأس، ويعيشون دون أي هدف حقيقي، ويأكلون وينامون فحسب، في انتظار الموت؛ ومن ثم يصبحون – على نحو متزايد – غير مهتمين بالسعي إلى الحق، وأداء واجبهم جيدًا، وبلوغ الخلاص، وغيرها من متطلبات الله، بل إنهم يُبعِدون عنهم هذه الأشياء ويرفضونها أكثر فأكثر. إنهم يتخذون من قدَرهم السيئ سببًا وأساسًا لهم لعدم السعي إلى الحق وعدم القدرة على بلوغ الخلاص كنتيجة أكيدة. هم لا يُشرِّحون شخصياتهم الفاسدة أو مشاعرهم السلبيَّة في المواقف التي يواجهونها، ومن ثم يعرفون شخصياتهم الفاسدة ويعالجونها، بل يستخدمون وجهة نظرهم بشأن قدَرهم السيئ في كيفية استجابتهم لكل ما يواجهونه ويختبرونه من الأشخاص والأحداث والأشياء، مما يؤدي إلى وقوعهم في شعور القنوط على نحو أعمق. أليس كذلك؟ (إنه كذلك). إذًا، هل مشاعر القنوط التي تجعَل الناس يعتقدون أن قدَرهم سيئ، صحيحة أم لا؟ (ليست صحيحة). كيف لا تكون صحيحة؟ (أعتقد أن هذه المشاعر متطرفة تمامًا. فهم يقحمون قدَرهم السيئ في تفسير كل ما يحدث لهم وتحديده. عندما تحدث لهم الأشياء، لا يتأملون ثم يتوصلون إلى استنتاج بشأن سبب ظهور هذه المشكلات، ولا هم يسعون أو يتدبرون. إنها طريقة جذرية تمامًا ومحدَّدة في التعامل مع الأشياء). كيف تنشأ هذه الطريقة الجذرية والسخيفة للتعامل مع الأشياء؟ ما السبب الجذري لمشاعر القنوط؟ (أعتقد أن السبب الجذري لهذه المشاعر هو أنهم يتبعون الطريق الخاطئ، ونقطة البداية في سعيهم خاطئة. إنَّ لديهم بعض الطموحات والرغبات، فهم يتنافسون دائمًا ويقارنون أنفسهم بالآخرين، وعندما لا يستطيعون إشباع رغباتهم الجامحة، فإنَّ هذه المشاعر السلبيَّة التي بداخلهم تطِلُّ برأسها). أنتم لم تفهموا جوهر هذه القضية فهمًا واضحًا؛ فالسبب الرئيسي أنَّ وجهة نظرهم بشأن مسألة "القدَر" غير دقيقة. إنهم يسعون دائمًا إلى قدَر جيد أو يريدون أن يكون قدَرهم جيدًا بحيث يسير معهم كل شيء بسلاسة ويُسر. هم ينظرون دائمًا إلى أقدار الناس، فماذا يحدث لهم عندما يبدؤون في السعي وراء شيء كهذا؟ إنهم ينظرون إلى الأشخاص في جميع البيئات المختلفة، ينظرون إلى ما يأكلونه وما يرتدونه وما يستمتعون به، ثم يقارنوا ذلك بوضعهم ويشعرون أنهم أسوأ حالًا في كل شيء، وأنَّ الجميع أفضل منهم، ومن ثمَّ يعتقدون أن قدَرهم سيئ. الواقع أنهم ليسوا الأسوأ حالًا بالضرورة، لكنهم دائمًا ما يعقدون المقارنات ويقيسون أنفسهم على الآخرين، ودائمًا ما يبذلون جهدًا في التفكير بشأن مسألة "القدَر" هذه، وملاحظتها والتعمق في دراستها. إنهم يستخدمون المنظور ووجهة النظر بشأن ما إذا كان القدَر جيدًا أم سيئًا لقياس كل شيء، وهم يقيسون كل شيء دائمًا، إلى أن يحشروا أنفسهم في زاوية ولا يكون أي سبيل للمضي قدمًا، وفي النهاية يَغرقون في السلبيَّة. إنهم يستخدمون باستمرار وجهة النظر بشأن ما إذا كان القدَر جيدًا أم سيئًا لقياس المظهر الخارجي لكل ما يحدث عوضًا عن النظر إلى جوهر الأشياء. ما الخطأ الذي يرتكبونه في فعلهم هذا؟ إن خواطرهم ووجهات نظرهم محرَّفة، وأفكارهم حول القدَر غير دقيقة. إن قدَر الإنسان أمرٌ عميقٌ لا يمكن لأحد أن يفهمه بوضوح. ليس تاريخ ميلاد الشخص وحده أو الوقت المحدد لميلاده هو ما يشير إلى ما إذا كان قدَر الشخص سيكون جيدًا أم سيئًا؛ إنما ذلك سرٌّ.

إن ترتيب الله لقَدَر الإنسان، جيدًا كان أم سيئًا، لا ينبغي النظر إليه أو قياسه بعين إنسان ولا عين عرَّاف، ولا يُقاس بمقدار ما يتمتع به هذا الشخص في حياته من الثروة والمجد، ولا بمقدار ما يختبره من معاناة، ولا بمدى نجاحه في سعيه وراء الآفاق والشهرة والربح. ورغم ذلك، فهذا على وجه التحديد هو الخطأ الجسيم الذي يرتكبه أولئك الذين يقولون إن قَدَرهم سيئ، وهي أيضًا طريقة يستخدمها غالبية الناس لقياس قَدَر المرء. كيف يقيس معظم الناس قَدَرهم؟ كيف يقيس الناس الدنيويون ما إذا كان قَدَر الشخص جيدًا أم سيئًا؟ إنهم يبنون ذلك في المقام الأول على ما إذا كانت حياة ذلك الشخص تمضي بسلاسة أم لا، وما إذا كان بوسعه الاستمتاع بالثروة والمجد أم لا، وما إذا كان بوسعه أن يعيش نمط حياة أفضل مما يعيشه الآخرون، ومدى معاناته ومقدار ما لديه مما يستمتع به خلال حياته، ومدى طول عمره، والمهنة التي يمارسها، وما إذا كانت حياته مليئة بالكدِّ أم كانت مريحة وسهلة؛ هذه الأشياء وأكثر هي ما يستخدمه الناس الدنيويون لقياس ما إذا كان قَدَر الشخص جيدًا أم سيئًا. ألا تقيسون الأمر بالطريقة نفسها أيضًا؟ (نعم). لذا، فإن معظمكم عندما يواجهون شيئًا لا يعجبهم، أو عندما تكون الأوقات عصيبة، أو لا تكونون قادرين على الاستمتاع بأسلوب حياة متفوق، فستظنون أن قَدَركم سيئ هو أيضًا، وسوف تغرقون في القنوط. أولئك الذين يقولون إنَّ قَدَرهم سيء، ليس قدرهم سيئًا حقًّا بالضرورة، وليس جيدًا بالضرورة قدر مَن يقولون إنَّ قدَرهم حسن. كيف يُقاس حُسن القدَر أو رداءته؟ إذا كنتَ تؤمن بالله فقَدَرك جيد، وهو ليس جيدًا إذا كنت لا تؤمن بالله؛ أهذا صحيح؟ (ليس بالضرورة). إنكم تقولون: "ليس بالضرورة"، مما يعني أن بعض الذين يؤمنون بالله لديهم حقًّا قَدَر سيئ والبعض الآخر قَدَرهم جيد. إذا كان الأمر كذلك، فإن بعض الذين لا يؤمنون بالله هم أيضًا لديهم قَدَر جيد، بينما قدر آخرين منهم سيئ، فهل هذا صحيح؟ (لا، هذا خطأ). أخبروني بأسباب قولكم هذا. لماذا هذا خطأ؟ (لا أعتقد أن قَدَر الشخص له أي علاقة بما إذا كان يؤمن بالله أم لا). هذا صحيح؛ سواء كان قَدَر الشخص جيدًا أم سيئًا، فلا علاقة لذلك بالإيمان بالله. بمَ يتعلق الأمر إذًا؟ أله علاقة بالمسار الذي يسلكه الناس أو بسعيهم؟ أيكون قَدَر الشخص جيدًا إذا سعى إلى الحق، ويكون عصيبًا إذا هو لم يسعَ؟ أخبروني، هل الأرملة قَدَرها جيد؟ بالنسبة إلى الناس الدنيويين، فإن قَدَر الأرامل سيئ. إذا ترملن في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر، فإن قَدَرهن سيئ حقًّا، وهذا صعب عليهن بحق! ولكن إذا كانت الأرملة تعاني كثيرًا لفقدانها شريك حياتها، وآمنت بالله، فهل سيكون قَدَرها صعبًا إذًا؟ (لا). لأن أولئك الذين لم يترمَّلن يعيشن حياة سعيدة، وكل شيء يسير معهن على ما يرام، ولديهن قدر كبير من المساندة والطعام والملبس، وأسرة مليئة بالأطفال والأحفاد؛ فهن يعشن حياة مريحة، دون أي مشقة ودون الشعور بأي حاجة روحية؛ هنَّ لا يؤمنَّ بالله ولن يؤمنَّ به مهما حاولت تبشيرهن بالإنجيل. من صاحب القَدَر الجيد إذًا؟ (للأرملة قَدَرٌ جيد لأنها آمنت بالله). مثلما ترى، لأن الناس الدنيويون يعتبرون الأرملة سيئة القدَر وأنها تعاني كثيرًا، وهي تغيِّر اتجاهها بعد ذلك وتبدأ في اتباع طريق مختلف، وتؤمن بالله وتتبعه، ألا يعني هذا أن قَدَرها جيد الآن، وتعيش بسعادة؟ (نعم). لقد تغيَّر قَدَرها السيئ إلى قَدَر جيد. إذا قلتَ إن قَدَرها سيئ، فلا بد أن يكون قَدَرها في الحياة سيئًا دائمًا ولا يمكنها تغييره؛ فكيف يمكن تغييره إذًا؟ هل تغيَّر قَدَرها عندما بدأت تؤمن بالله؟ (لا، لأن نظرتها إلى الأشياء قد تغيرت). لأن الطريقة التي ترى بها الأشياء قد تغيَّرت. هل تغيَّرت الحقيقة الموضوعية لقَدَرها؟ (لا). قبل أن تؤمن الأرملة بالله، كانت تحسِد النساء اللاتي لم يترملن، وتقول: "انظروا إليها، لديها مثل هذا القَدَر الجيد. لديها زوج ومنزل، وتعيش حياة سعيدة وراضية. إنها لا تعاني من ألم الترمُّل". لكنها بعد أن تؤمن بالله، تفكر: "أنا الآن أؤمن بالله وقد اختارني الله لأتبعه، وبوسعي أداء واجبي وربح الحق. سأتمكن في المستقبل من بلوغ الخلاص ودخول الملكوت. ما أجمل هذا القَدَر! إنها لم تترمّل، لكن ما قَدَرها؟ إنها دائمة السعي للاستمتاع بالحياة، ساعيةً وراء الشهرة والربح والمكانة، وتتطلع إلى أن تبلي بلاءً حسنًا في حياتها المهنية، وأن تستمتع بالرخاء والثروة، لكنها مع ذلك ستذهب إلى الجحيم عندما تموت فيما بعد. لديها قَدَر سيئ. إن قَدَري لأفضل من قَدَرها!" لقد تغيَّرت آراؤها، لكن الحقائق الموضوعية لم تتغير. أما مَن لا تؤمن بالله فهي لا تزال تفكر: "لا يهمني! قَدَري أفضل من قَدَرك! أنتِ أرملة، أنا لست كذلك. حياتي أفضل من حياتك. لدي قَدَر جيد!" لكن قدَرها ليس بجيد في نظر المرأة التي آمنت بالله. كيف حدثَ هذا التغيير؟ هل تغيرت البيئة الموضوعية للأرملة؟ (لا). كيف تغيرت آراؤها إذًا؟ (لقد تغيرت معاييرها لقياس ما إذا كانت الأمور جيدة أو سيئة). نعم، لقد تغيرت آراؤها بشأن كيفية قياس الأشياء والنظر إلى الأمور. لقد انتقلت من الاعتقاد بأن المرأة التي لم تترمّل قَدَرها حسن إلى الاعتقاد بأن قَدَرها سيئ، ومن اعتقاد أنها هي نفسها قَدَرها سيئ إلى الاعتقاد بأنه جيد. هاتان النظرتان مختلفتان تمامًا عما كانتا عليه من قبل، وقد انقلبتا تمامًا. ماذا يجري هنا؟ لم تتغير الحقائق الموضوعية ولا البيئة تغيرت، فكيف انتهى بها الأمر إلى تغير آرائها حول الأشياء؟ (إنها الآن تطبق على آرائها حول قياس الأشياء بأنها جيدة أو سيئة المعايير الصحيحة، وذلك بعد أن قبِلت الحقَّ وقبِلت الأشياء الإيجابية). لقد تغيَّرت آراؤها حول الأشياء، لكن هل تغيرت الحقائق الفعلية؟ (لا). الأرملة لا تزال أرملة، والمرأة التي تحيا حياة سعيدة لا تزال تحيا حياة سعادة؛ لم يكن ثمة تغيير في الحقائق الفعلية. مَن إذًا قَدَرها جيد ومن قَدَرها سيئ في النهاية؟ هل يمكنك الشرح؟ كانت الأرملة تظن أن قَدَرها سيئ، وأحد أسباب ذلك هو وضعها المعيشي الموضوعي، وثمة سبب آخر هو الأفكار والآراء التي تسببها بيئتها الموضوعية. بعد أن تتحول إلى الإيمان بالله، فمن خلال قراءة كلام الله وفهم بعض الحقائق، فإن أفكارها تتغيربالتبعية، ويصبح منظورها تجاه الأشياء مختلفًا. لذلك، لا تعود تعتبر أن قدَرها سيئ بعد أن صارت تؤمن بالله، بل تُعد نفسها ذات قَدَر جيد، إذ أتيحت لها فرصة قبول عمل الله، ويمكنها فهم الحق وبلوغ الخلاص؛ وهذا أمرٌ قدَّره الله لها، وهي مباركة إلى أقصى درجة. فور أن تؤمن بالله، فإنها لا تركز سوى على السعي إلى الحق، وهو ما يختلف عن الأهداف التي كانت تسعى إليها من قبل. على الرغم من أن ظروفها المعيشية وبيئتها المعيشية ونوعية حياتها هي ذاتها كما كانت من قبل ولم تتغير، فإن نظرتها للأشياء تغيرت. فهل نالت في الواقع حقًّا قَدَرًا جيدًا لأنها صارت تؤمن بالله؟ ليس بالضرورة. كل ما في الأمر أنها الآن تؤمن بالله، ولديها رجاء، وتشعر ببعض الرضا في قلبها، وقد تغيرت الأهداف التي تسعى لتحقيقها، وتغيرت آراؤها، ومن ثمَّ صارت بيئة معيشتها الحالية تُشعرها بالسعادة والرضا والفرح والسلام. إنها تشعر أن قَدَرها جيد جدًّا الآن، وأفضل بكثير من قَدَر المرأة التي لم تترمَّل. الآن فقط أدركت خطأ رأيها المتمثل في أن قَدَرها سيئ، وهو الرأي الذي كانت تتبناه من قبل. ماذا يمكنكم رؤيته من هذا؟ هل ثمة أشياء مثل "القدَر الجيد" و"القدَر السيئ"؟ (لا). لا، ليس هناك.

لقد عيَّن الله أقدار الناس مسبقًا منذ زمن بعيد، وهي غير قابلة للتغيير. إنَّ "القدر الجيد" و"القدر السيئ" يختلفان من شخص لآخر، ويعتمدان على البيئة، وعلى ما يشعر الناس به وما يَسعون إليه. ولهذا السبب فإن قَدَر المرء ليس جيدًا ولا سيئًا. ربما تعيش حياة قاسية للغاية، لكنك قد تفكر: "أنا لا أتطلع إلى عيش حياة رغدة. أنا قانع فقط بأن يكون لدي مأكل وملبس. الجميع يعانون في حياتهم. يقول الناس الدنيويون: "لا يمكنك رؤية قوس قزح إلا إذا هطل المطر"، لذلك فثمة قيمة للمعاناة. هذا ليس سيئًا للغاية، وقَدَري ليس سيئًا. لقد منحتني السماء في الأعلى بعض الألم، وبعض التجارب والمِحَن. وذلك لأن الله يظن بي ظنًا حسنًا. هذا قَدَر جيد!" يعتقد بعض الناس أن المعاناة أمر سيئ، وأنها تعني أن قَدَرهم سيئ، ووحدها الحياة الخالية من المعاناة، حياة من الراحة واليُسر، هي ما يعني أن قَدَرهم جيد. ويقول غير المؤمنين عن هذا الأمر إنه "مسألة رأي". كيف يرى المؤمنون بالله مسألة "القدر" هذه؟ هل نتحدث عن أن يكون لدى المرء "قدَر جيد" أو "قدَر سيئ"؟ (كلا). إننا لا نقول أشياءَ كهذه. لنفترض أن قَدَرك جيد لأنك تؤمن بالله، فإذا لم تتبع السبيل الصحيح في إيمانك، وإذا عوقبتَ وكُشف عنك واُستبعدتَ، فهل هذا يعني أن قدرك جيد، أم يعني أنه سيئ؟ إذا كنتَ لا تؤمن بالله، فلا يمكن أن يُكشف عنك أو تُستبعَد. إنَّ غير المؤمنين والمتدينين لا يتحدثون عن الكشف عن الناس أو تمييزهم، ولا يتحدثون عن إخراج الناس أو استبعادهم. لا بد أن يعني القدَر الجيد للناس أنَّ بوسعهم الإيمان بالله، ولكن إذا عوقبوا في النهاية، فهل يعني ذلك أن قَدَرهم سيئ؟ في لحظة يكون قَدَرهم جيدًا، وفي التالية يكون سيئًا، أهو جيد أم سيء؟ ما إذا كان قَدَر الشخص جيدًا أم لا، فهذا أمر لا يمكن الحكم عليه؛ لا يمكن للناس الحكم على هذه المسألة. كلُّ شيء يعمله الله، وكل ما يدبِّره الله حسنٌ. الأمر كله أن مسار قَدَر كل فرد، أو بيئته، والأشخاص والأحداث والأشياء التي يواجهونها، ومسار الحياة الذي يختبرونه خلال حياتهم كلها مختلفة؛ فهذه الأشياء تختلف من شخص لآخر. تختلف البيئة المعيشية لكل فرد والبيئة التي ينمو فيها، وكلتاهما رتَّبه الله له. وكذلك تختلف الأشياء كلها التي يختبرها كل فرد خلال حياته. ليس ثمة ما يسمى بقَدَر جيد أو قَدَر سيئ، فالله يرتِّب كل شيء، وكل ذلك يعمله الله. إذا نظرنا إلى الأمر من منظور أن كل شيء من عمل الله، وكل ما يفعله الله حسنٌ وصواب؛ فإنَّ كل ما في الأمر هو أنه من منظور ميول الناس ومشاعرهم وخياراتهم، يختار بعض الناس عيش حياة مريحة، ويختارون الشهرة والربح، والسمعة الطيبة، ويختارون أن يكون لديهم رخاء في العالم وتحقيق النجاح. إنهم يعتقدون أن هذا يعني أن قَدَرهم جيد، وأن حياة متواضعة من الفشل والعيش الدائم في قاع المجتمع، هي قَدَر سيئ. هكذا تبدو الأمور من وجهة نظر غير المؤمنين والدنيويين الذين يسعون إلى الأمور الدنيوية ويسعون للعيش في العالَم، وهكذا تنشأ فكرة القدَر الجيد والقدر السيئ. إنَّ فكرة القدر الجيد والقدر السيئ لا تنشأ إلا من فَهم البشر الضيق وإدراكهم السطحي للقدَر، ومن أحكام الناس على مقدار المعاناة الجسدية التي يتحملونها، ومقدار ما يكون لديهم من متعة، ومقدار ما يحصلون عليه من الشهرة والربح، وما إلى ذلك. في الواقع، إذا نظرنا إلى الأمر من منظور ترتيب الله لقَدَر الإنسان وسيادته عليه، فلا توجد مثل هذه التفسيرات للقَدَر الجيد أو القَدَر السيئ. أليس هذا دقيقًا؟ (إنه كذلك). إذا نظرت إلى قَدَر الإنسان من منظور سيادة الله، فكل ما يفعله الله هو خير، وهو ما يحتاج إليه كل فرد. ذلك لأن السبب والنتيجة يلعبان دورًا في الحيوات الماضية والحاضرة، وقد عيَّنهما الله مسبقًا، والله له السيادة عليهما، والله يخطط لهما ويرتبهما، وليس للبشرية خيار. إذا نظرنا إلى الأمر من هذا المنطلق، فلا ينبغي للناس أن يحكموا على قَدَرهم بأنه جيد أو سيئ، أليس كذلك؟ ألن يرتكب الناس خطأً فادحًا إذا أصدروا أحكامًا اعتباطية حول هذا الأمر؟ ألا يرتكبون خطأ الحكم على خطط الله وترتيباته وسيادته؟ (إنهم كذلك). أليس ذلك الخطأ خطيرًا؟ ألن يؤثر ذلك في السبيل الذي يسلكونه في الحياة؟ (سيؤثر فيه). إذًا، هذا الخطأ سوف يقودهم إلى الهلاك.

ماذا ينبغي أن يفعل الناس حين يتعلق الأمر بسيادة الله على أقدارهم وترتيبه لها؟ (الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته). أولًا، ينبغي أن تطلب سبب ترتيب الخالق لهذا النوع من القدر والبيئة المعيشية لك، والسبب في أنه يجعلك تواجه أشياء معينة وتختبرها، والسبب في أنَّ قدرك مثلما هو عليه. ومن هذا، ينبغي أن تفهم ما يتوق إليه قلبك وما يحتاج إليه، وتتعرف على سيادة الله وترتيباته. وبعد أن تفهم هذه الأشياء وتعرفها، ما ينبغي أن تفعله هو ألا تتخذ خياراتك الخاصة أو أن تكون متحديًا، أو ترفض، أو تقاوم، أو تحاول الهرب؛ وبالطبع، ينبغي أيضًا ألا تحاول المساومة مع الله. بدلًا من ذلك، ينبغي أن تخضع. ولماذا ينبغي أن تخضع؟ لأنك كائن مخلوق، ولا تستطيع تنظيم قدرك، ولا يمكنك أن تملك السيادة عليه. فالله هو صاحب القول الفصل في قدرك. وفي مواجهة قدرك، أنت غير فعال ولا يمكنك اتخاذ أي خيارات. الشيء الوحيد الذي ينبغي أن تفعله هو الخضوع. ينبغي ألا تتخذ قرارات شخصية بشأن قدرك أو تتجنبه، وألا تساوم الله، وألا تشعر بالمقاومة أو تشكو. وبالطبع، ينبغي على وجه الخصوص ألا تقول كلامًا مثل: "القدر الذي رتبه الله لي رديء. إنه بائس، وهو أسوأ من أقدار الآخرين"، أو "قدري رديء ولا يمكنني الاستمتاع بأي سعادة أو رخاء. لقد رتب الله لي الأمور على نحو سيئ". هذه الكلمات أحكام، وبقولك لها أنت تتجاوز موضعك. إنها ليست كلمات ينبغي أن يقولها كائن مخلوق، وليست وجهات نظر أو مواقف يجب أن تكون لدى كائن مخلوق. وبدلًا من ذلك، ينبغي أن تتخلى عن هذه الأفهام، والتعريفات، ووجهات النظر، والمفاهيم المغلوطة عن القدر. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تتمكن من تبني توجه صحيح وموقف صحيح حتى تخضع لجميع الأشياء التي ستحدث بوصفها جزءًا من القدر الذي رتبه الله لك. ينبغي ألا تعارض، وبالتأكيد ينبغي ألا تشعر بالقنوط وتشكو أن السماء ليست عادلة، وأن الله رتب لك الأمور على نحو سيئ ولم يوفر لك الأفضل. فيما يتعلق بمسألة القدر، لا يحق للكائنات المخلوقة الاختيار؛ الله لم يمنحك هذا النوع من الالتزام ولم يمنحك هذا النوع من الحق. لذلك، ينبغي ألا تحاول الاختيار، أو الجدال مع الله، أو مطالبته بمطالب إضافية. وأيًا كانت ترتيبات الله، فينبغي أن تتكيف معها وتواجهها وفقًا لذلك. ينبغي أن تواجه ما رتبه الله لك أيًا كان، وأن تحاول أن تختبره وتدركه. ينبغي أن تخضع تمامًا لكل ما يجب أن تختبره ورتبه الله لك. ينبغي أن تمتثل للقدر الذي رتبه الله لك. وحتى إذا كان ثمة شيء لا تحبه، أو تعاني بسببه، أو يتحدى كرامتك واستقامتك ويقمعهما، فما دام شيئًا ينبغي أن تختبره، وقد نظمه الله ورتبه لك، فينبغي أن تخضع له، ولا يمكنك اتخاذ أي خيارات. نظرًا لأن أقدار الناس قد رتبها الله وهو من يملك السيادة عليها، فلا يمكن التفاوض معه عليها. لذا، إذا كان الناس متعقلين ويتمتعون بعقل الإنسانية الطبيعية، فينبغي عليهم ألا يشتكوا دائمًا من أن قدرهم سيئ، أو يشتكوا من أنَّ هذا الشيء بشأنهم أو ذاك ليس جيدًا؛ ينبغي ألا يتعاملوا مع واجبهم، أو حياتهم، أو الطريق الذي يسلكونه في إيمانهم بالله، أو جميع المواقف التي رتبها الله أو مطالبه من الناس بموقف يائس لأنهم يشعرون أن قدرهم سيئ. هذا النوع من اليأس ليس تمرُّدًا بسيطًا أو عابرًا، كما أنه ليس كشفًا مؤقتًا عن شخصية فاسدة، فضلًا عن أن يكون كشفًا عن حالة فاسدة. إنما هو تحدٍ صامت لله، وهو تحدٍ صامت نابع من عدم الرضا عن القدر الذي رتَّبه الله لهم. ورغم أنه ليس سوى شعور سلبي بسيط، فإنَّ العواقب التي يجلبها على الناس أكثر خطورة من تلك التي تجلبها الشخصية الفاسدة. الأمر لا يقتصر على أنه يمنعك من تبني موقف إيجابي وصحيح تجاه الواجب الذي يجب عليك أن تقوم به، وتجاه حياتك اليومية ورحلة حياتك، ولكن الأخطر من ذلك، أنه يمكن أن يتسبب أيضًا في هلاكك من القنوط. لذا، إذا كنت شخصًا حكيمًا، فينبغي أن تسارع إلى تغيير آرائك المغلوطة، والتأمل في نفسك ومعرفتها في ضوء كلام الله، وفحص ما يجعلك تعتقد أن قدرك سيئ؛ يجب أن تنظر لترى أي الأمور قد جُرحت فيها كرامتك أو تأذى قلبك، مما أدى إلى أفكار سلبية مثل الشعور بأن لديك قدرًا سيئًا، مما قادك للوقوع في شعور القنوط السلبي الذي لم تتعافَ منه قط حتى يومنا هذا. هذه مسألة عليك التأمل فيها وفحصها. ربما يكون هناك أمر محفور في قلبك بعمق، أو ربما قال لك أحدهم كلامًا سيئًا جرح احترامك لذاتك، مما أشعرك بأن مصيرك سيئ، وجعلك تقع في القنوط؛ أو ربما ظهرت في حياتك أو أثناء نشأتك بعض الأفكار أو وجهات النظر الشيطانية أو الدنيوية وقادتك إلى هذا الفهم الخاطئ للقدر لتصبح شديد الحساسية حيال ما إذا كان لديك قدر جيد أم قدر سيئ؛ أو ربما بعد اختبار شيء مزعج في مرحلة ما، أصبحت شديد الجدية وشديد الحساسية إزاء قدرك، ومن ثم أصبحت شديد الحماسة والتفاني لتغييره؛ هذه كلها أشياء عليك فحصها. ولكن، بصرف النظر عن كيفية فحصك لهذه الأشياء، فإن ما عليك فهمه في نهاية المطاف هو أنه: لا ينبغي عليك استخدام الأفكار والآراء حول ما إذا كان القدر جيدًا أم سيئًا لقياس قدرك الخاص. إن قدر حياة المرء بيدِّ الله وقد رتَّبه الله منذ زمن بعيد؛ هذا ليس شيئًا يمكن للناس تغييره. رغم ذلك، نوع المسار الذي يسلكه المرء خلال حياته، وما إذا كان يعيش حياة ذات قيمة أم لا، هما خياران يمكن للناس اتخاذهما بأنفسهم. يمكنك أن تختار عيش حياة ذات قيمة، وأن تعيش حياتك من أجل أشياء ذات قيمة، وأن تعيش من أجل خُطط الخالق وتدبيره، ومن أجل القضية العادلة للبشرية. ويمكنك أيضًا بالطبع أن تختار عدم العيش من أجل الأشياء الإيجابية، وأن تعيش بدلًا من ذلك من أجل السعي وراء الشهرة والربح، والوظائف الرسمية، والمال، والاتجاهات الدنيوية. يمكنك أن تختار عيش حياة بلا أي قيمة على الإطلاق وأن تكون مثل جثة تسير. كل هذه خيارات يمكنك اتخاذها.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.