كيفية السعي إلى الحق (12) الجزء الرابع
كيف كيفتك عائلتك أيضًا؟ على سبيل المثال، غالبًا ما يقول لك والداك: "إذا كنت ثرثارًا وتتحدث بتهور، فإنَّ ذلك سيوقعك في المتاعب عاجلًا أم آجلًا! عليك أن تتذكر أن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"! ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أنك إذا تكلمت كثيرًا، فسينتهي بك الأمر حتمًا إلى إحراج نفسك. لا تتكلم بتسرع مهما كانت المناسبة، وانتبه لما يقوله الآخرون أولًا قبل أن تتفوه أنت بأي شيء. ستكون على ما يرام إذا سايرت الأغلبية. لكن إذا حاولت دائمًا أن تبرز وتحدثت دائمًا بتسرع وكشفت عن وجهة نظرك دون معرفة ما يفكر فيه رئيسك أو مديرك أو كل من حولك، فسيضايقك رئيسك أو مديرك إن اتضح أنه لا يفكر بنفس طريقتك. هل يمكن أن يأتي من ذلك أي خير؟ يجب أن تكون حذرًا في المستقبل أيها الطفل السخيف. من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا. فقط تذكر ذلك، ولا تتهور في الكلام! الأفواه للأكل والتنفس، وللتحدث إلى رؤسائك بكلام معسول، ومحاولة إرضاء الآخرين، وليست لقول الحق. يجب أن تختار كلماتك بحكمة، ويجب أن تستخدم الحيل والأساليب، ويجب أن تستخدم عقلك. ابتلع الكلمات قبل أن تخرج من فمك مباشرة، وراجعها مرارًا وتكرارًا في ذهنك، وانتظر حتى يحين الوقت المناسب أن تقولها. ما تقوله فعليًا يجب أن يعتمد أيضًا على الموقف. إذا بدأت في مشاركة رأيك، لكنك لاحظت بعد ذلك أن الناس لا يتقبلونه، أو أن رد فعلهم ليس جيدًا، فتوقف عند هذا الحد وفكر في كيفية قوله بطريقة تجعل الجميع سعداء قبل أن تكمل. هذا ما سيفعله الشاب الذكي. إذا فعلت ذلك، فستبتعد عن المتاعب وسيحبك الجميع. وإذا أحبك الجميع، ألن يكون ذلك في صالحك؟ ألن يخلق لك ذلك المزيد من الفرص في المستقبل؟ إن أسرتك لا تكيفك فحسب بإخبارك كيف تكتسب سمعة طيبة، وكيف تصل إلى القمة، وكيف تؤسس موطئ قدم راسخ لك بين الآخرين، بل تكيفك أيضًا بكيف تخدع الآخرين من خلال المظاهر الخارجية وألا تقول الحق، فضلًا عن أن تفصح عن كل ما يدور في ذهنك. بعض الأشخاص الذين باؤوا بفشل بعد قول الحق يتذكرون قول عائلتهم لهم: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، ويستخلصون منه درسًا. وبعد ذلك يصبحون أكثر استعدادًا لممارسة هذه المقولة ويجعلونها شعارًا لهم. وثمة أناس آخرون لم يبوؤوا بفشل، لكنهم يتقبلون تكييف عائلتهم في هذا الصدد بجدية، ويطبقون هذه المقولة باستمرار مهما كانت المناسبة. وكلما زاد تطبيقهم لها شعروا بأن "والديَّ وأجدادي يحسنون معاملتي، وكلهم مخلصون لي ويريدون الأفضل لي. أنا محظوظ جدًا لأنهم قالوا لي هذه المقولة: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، وإلا كنت سأبوء بالفشل كثيرًا بسبب ثرثرتي، وكان الكثير من الناس سيضايقونني أو يرمقونني بنظرات ازدراء أو يسخرون مني ويستهزئون بي. هذه المقولة مفيدة ونافعة جدًا!". إنهم يكتسبون قدرًا كبيرًا من الفوائد الملموسة من تطبيق هذه المقولة. وبالطبع، عندما يأتون بعد ذلك أمام الله، فإنهم يظلون يعتقدون أن هذه المقولة شيء مفيد ونافع للغاية. متى قدم أحد الإخوة أو الأخوات الشركة بصراحة عن حالته أو فساده أو خبرته أو معرفته الاختبارية، يريدون هم أيضًا بالطبع تقديم شركة وأن يكونوا أشخاصًا صريحين ومنفتحين، وهم أيضًا يريدون بالطبع أن يتحدثوا بصدق عما يعتقدونه أو يعرفونه في قلوبهم، حتى يخففوا مؤقتًا من حالتهم الذهنية التي كانت مكبوتة لسنوات عديدة، أو لينالوا قدرًا من الحرية والعتق. لكن حالما يتذكروا ما يظل الآباء يرددونه على مسامعهم، أي: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا. لا تتهور في كلامك، وكن مستمعًا لا متكلمًا، وتعلم الاستماع إلى الآخرين"، فإنهم يحجمون عن قول كل ما يريدون قوله. وعندما ينتهي الآخرون من الكلام، لا يقولون شيئًا وبدلًا من ذلك يفكرون في قرارة أنفسهم: "هذا رائع، من الجيد أنني لم أقل شيئًا هذه المرة، لأنني حالما كنت سأقول ما لديَّ ربما كوَّن الجميع آراءً عني، وربما كنت لأخسر شيئًا ما. من الرائع ألا أقول شيئًا، ربما بهذه الطريقة سيظل الجميع يعتقدون أنني شخص صادق ولست شديد الخداع، بل مجرد شخص قليل الكلام بطبيعتي، وبالتالي لست شخصًا يدبر المكائد، أو شخصًا فاسدًا جدًا، وبالأخص لست شخصًا لديه مفاهيم عن الله، بل شخصًا بسيطًا ومنفتحًا. ليس أمرًا سيئًا أن يكون هذا هو رأي الناس فيّ، فلماذا ينبغي أن أقول أي شيء؟ أنا في الواقع أرى بعض النتائج من خلال التمسك بمقولة: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، لذلك سأستمر في التصرف على هذا النحو. يمنحهم الالتزام بهذه المقولة شعورًا جميلًا ومجزيًا، ومن ثمَّ يظلون صامتين مرة ومرتين وهكذا إلى أن يأتي يوم، عندما يكون لديهم الكثير من الكلمات المكبوتة في داخلهم ويريدون أن يصارحوا إخوتهم وأخواتهم بها، لكنهم يشعرون أن فمهم مغلق ومربوط بإحكام، ولا يستطيعون إخراج جملة واحدة. وبما أنهم لا يستطيعون إخبار إخوتهم وأخواتهم، فإنهم يقررون أن يحاولوا التحدث إلى الله عوضًا عن ذلك، فيركعون أمامه ويقولون: "يا الله، لدي شيء أريد أن أقوله لك. أنا...". لكن على الرغم من أنهم فكروا في الأمر مليًا في قلوبهم، لا يعرفون كيف يقولونه، ولا يستطيعون التعبير عنه، وكأن البكم أصابهم حقًا. إنهم لا يعرفون كيف يختارون الكلمات المناسبة أو حتى كيف يكوِّنون جملة. السنوات العديدة من المشاعر المكبوتة تجعلهم يشعرون بأنهم مخنوقون تمامًا، وأنهم يعيشون حياة مظلمة ودنيئة، وعندما يعقدون العزم على أن يقولوا لله ما في قلوبهم ويفرغوا ما في صدورهم من مشاعر، لا يجدون الكلمات ولا يعرفون من أين يبدؤون أو كيف يقولونه. أليسوا تعساء؟ (بلى، هم كذلك). لماذا إذن ليس لديهم ما يقولونه لله؟ إنهم يقدمون أنفسهم فحسب. إنهم يريدون أن يخبروا الله بما في قلوبهم، لكنهم لا يجدون الكلمات، وفي النهاية كل ما يخرج منهم هو: "يا الله، أرجوك امنحني الكلمات التي يجب أن أقولها!" فيرد الله: "يتعين عليك أن تقول الكثير، لكنك لا تريد أن تقوله، ولا تقوله عندما تتاح لك الفرصة، لذلك سأسترد كل ما أعطيتك إياه. لن أعطيك إياه، فأنت لا تستحقه". حينئذٍ فقط يشعرون أنهم خسروا الكثير خلال السنوات الماضية. على الرغم من أنهم يشعرون أنهم عاشوا حياة كريمة جدًا، وحموا أنفسهم جيدًا، وصانوا أنفسهم تمامًا، عندما يرون أن إخوتهم وأخواتهم كانوا يحققون مكاسب طوال هذا الوقت، وعندما يرون إخوتهم وأخواتهم يتحدثون عن خبراتهم دون أي تحرُّج ويصرحون بفسادهم، يدرك هؤلاء الناس أنهم لا يستطيعون أن يقولوا جملة واحدة، ولا يعرفون كيف يفعلون ذلك. إنهم يؤمنون بالله منذ سنوات عديدة، ويريدون أن يتحدثوا عن معرفة أنفسهم، وأن يناقشوا اختبارهم لكلام الله، وأن يحصلوا من الله على قدر من الاستنارة وشيء من النور، وأن يربحوا شيئًا. لكن لسوء الحظ، وأنهم كثيرًا ما يتشبثون بالرأي القائل بأن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، وغالبًا تقيدهم هذه الفكرة وتسيطر عليهم، فقد عاشوا من أجل هذه المقولة لسنوات عديدة، ولم يتلقوا من الله أي استنارة أو إضاءة، وهم ما يزالون فقراء ومثيرين للشفقة وخاويين الوفاض فيما يخص الدخول إلى الحياة. لقد مارسوا هذه المقولة والفكرة بشكل تام وأطاعوها بحذافيرها، لكن على الرغم من إيمانهم بالله لسنوات عديدة، لم يربحوا أي شيء من الحق، ولا يزالون فقراء وعميانًا. لقد أعطاهم الله أفواهًا، لكن ليس لديهم أي قدرة على الإطلاق على تقديم شركة حول الحق، ولا أي قدرة على التحدث عن مشاعرهم ومعرفتهم، فضلًا عن القدرة على التواصل مع إخوتهم وأخواتهم. والأمر الأكثر إثارة للشفقة هو أنهم لا يملكون حتى القدرة على التحدث إلى الله، وقد فقدوا تلك القدرة. أليسوا تعساء؟ (بلى، إنهم كذلك). تعساء ومثيرون للرثاء. ألا تكره الكلام؟ ألست قلقًا على الدوام من أنه من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا؟ إذن ينبغي ألا تتكلم أبدًا. أنت تكتم أفكارك التي في أعماق نفسك والتي أعطاك الله إياها، وتكبتها وتحبسها بعيدًا وتمنعها من الهرب. أنت تخاف باستمرار من فقدان ماء الوجه، وتخشى من الشعور بالتهديد، وتخاف من أن يرى الآخرون حقيقتك، وتخاف باستمرار من أنك لن تعود في أعين الآخرين شخصًا مثاليًا وصادقًا وصالحًا، لذلك تكتم نفسك، ولا تقول شيئًا عن أفكارك الحقيقية. وماذا يحدث في النهاية؟ تصبح أبكم بكل ما تحمله الكلمة من معنى. من الذي ألحق بك مثل هذا الأذى؟ في الأساس، ما أصابك بالأذى هو تكييف عائلتك لك، لكن من منظورك الشخصي، فذلك أيضًا لأنك تحب أن تعيش بفلسفات شيطانية، لذلك تختار أن تؤمن بأن تكييف عائلتك لك صحيح، ولا تؤمن بأن متطلبات الله منك إيجابية. لقد اخترت أن تعتبر التأثير التكييفي الذي تمارسه عائلتك عليك أمرًا إيجابيًا، وأن تعتبر أن كلام الله لك ومتطلباته منك وتزويده لك ومساعدته وتعليمه، أمور يجب عليك الحذر منها، بوصفها أمور سلبية. لذلك، مهما كان ما أنعم الله عليك به في البداية كثيرًا، فبسبب حذرك ورفضك طوال هذه السنوات، ستكون النتيجة النهائية هي أن الله سيسترد كل شيء ولا يعطيك شيئًا، لأنك لا تستحق. لذا قبل أن يصل الأمر إلى ذلك، يجب عليك أن تتخلى عن التأثير التكييفي الذي تمارسه عائلتك عليك في هذا الصدد، ولا تقبل الفكرة الخاطئة القائلة بأن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا". هذه المقولة تجعلك أكثر انغلاقًا وأكثر خبثًا وأكثر نفاقًا. إنها تتعارض تمامًا وتتناقض مع مطلب الله من الناس أن يكونوا صادقين، ومطالبته لهم بأن يكونوا صريحين ومنفتحين. يجب عليك كمؤمنٍ بالله وتابِعٍ لله أن تكون عازمًا تمامًا على السعي إلى الحق. وعندما تكون عازمًا تمامًا على السعي إلى الحق، يجب أن تكون عازمًا تمامًا على ترك ما تتخيل أنه تأثيرات تكييفية جيدة تمارسها عائلتك عليك؛ يجب ألا يكون هناك اختيار. مهما كانت التأثيرات التكييفية التي تمارسها عائلتك عليك، ومهما كانت جودتها أو فائدتها لك، ومهما كان مدى حمايتها لك، فهي تأتي من الناس والشيطان، ويجب عليك أن تتخلى عنها. على الرغم من أن كلام الله ومتطلباته من الناس قد تتعارض مع التأثيرات التكييفية لعائلتك، أو حتى تضر بمصالحك، وتجردك من حقوقك، وحتى لو كنت تعتقد أنها لا تحميك، بل تهدف إلى أن تكشفك وتجعلك تبدو أحمق، فلا يزال يتعين عليك أن تعتبرها أمورًا إيجابية، لأنها تأتي من الله، وهي الحق، ويجب عليك قبولها. إذا كان للأشياء التي كيفتك عائلتك عليها تأثير في تفكيرك وسلوكك ونظرتك للوجود والطريق الذي تسلكه، فعليك أن تتخلى عنها ولا تتمسك بها. ويجب عوضًا عن ذلك أن تستبدل بها الحقائق المقابلة لها من الله، وفي أثناء القيام بذلك، يجب عليك أيضًا أن تميز باستمرار المشكلات الكامنة في هذه الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها وجوهرها وتتعرف عليها، ثم تتصرف وتمارس باتباع كلام الله بشكل أكثر دقة وعملية وصدقًا. قبول الأفكار والآراء التي تأتي من الله حول الأشخاص والأشياء ومبادئ الممارسة– هذه هي المسؤولية الواجبة على الكائن المخلوق، وما يجب أن يقوم به الكائن المخلوق، وهي أيضًا الفكرة والرأي الذي يجب أن يمتلكهما الكائن المخلوق.
إضافة إلى أنَّ الآباء في بعض الأسر يغرسون الأشياء التي يعتقد الناس أنها إيجابية ومفيدة لبقائهم وآفاقهم ومستقبلهم، فإنهم يغرسون أيضًا في أبنائهم بعض الأفكار والآراء المتطرفة والمشوهة نسبيًا. على سبيل المثال، يقول مثل هؤلاء الآباء: "خير لك أن تكون شريرًا حقيقيًا من نبيل زائف". تخبرك هذه المقولة كيف تتصرف. هذه المقولة: "خير لك أن تكون شريرًا حقيقيًا من نبيل زائف"، تجعلك تختار بين هذا أو ذاك. إنها تجعلك تختار بين أن تكون شريرًا حقيقيًا، أي أن تكون شريرًا علانيةً، بدلًا من أن تفعل ذلك من وراء ظهور الناس. وبهذه الطريقة، حتى لو اعتقد الناس أن الأشياء التي تفعلها ليست جيدة جدًا، فسيظلون معجبين بك ويستحسنونك. هذا يعني أنه مهما كانت الأشياء السيئة التي تفعلها، فيجب أن تفعلها أمام الناس، في العلن وبصراحة. بعض العائلات تكيّف أبناءها وتربيهم بهذه الطريقة. ليس الأمر فحسب أنهم لا يحتقرون أولئك الأشخاص الموجودين في المجتمع، الذين لديهم أفكار وسلوكيات دنيئة وحقيرة، بل إنهم يربون أبناءهم بإخبارهم: "لا تقلل من شأن هؤلاء الناس. في واقع الأمر، هم ليسوا بالضرورة أشخاصًا سيئين، بل قد يكونون أفضل من النبلاء الزائفين". إنهم من ناحية يخبرونك أي نوع من الأشخاص يجب أن تكونه، ومن ناحية أخرى، يخبرونك أيضًا كيف تميز الناس، وأي نوع من الناس تعتبره إيجابيًا، وأي نوع من الناس تعتبره سلبيًا، ويعلمونك كيف تميز الأشياء الإيجابية من الأشياء السلبية، ويعلمونك أيضًا كيف تتصرف، هذا هو نوع التعليم والتكييف الذي يقدمونه لك. ما هو إذن نوع التأثير الذي يحدثه هذا التكييف على الناس دون أن يشعروا؟ (عدم التمييز بين الخير والشر). هذا صحيح، عدم التمييز بين الخير والشر، وبين الصواب والخطأ. دعونا أولاً نتناول الكيفية التي ينظر بها البشر إلى ما يسمى بالأشرار والنبلاء الزائفين. أولًا وقبل كل شيء، يعتقد البشر أن الأشرار الحقيقيين ليسوا أشخاصًا سيئين، وأن أولئك الذين يكونون حقًا نبلاء زائفين هم الأشرار. هذا النوع من الناس الذين يفعلون أشياء سيئة من وراء ظهور الآخرين بينما يتظاهرون بأنهم صالحون يُسمَّون بالنبلاء الزائفين. إنهم لا يتحدثون إلا عن الخير والبر والأخلاق أمام الناس، لكنهم يهبون لفعل كل الأشياء السيئة من وراء ظهورهم. يفعلون كل هذه الأشياء السيئة بينما يقولون في الوقت نفسه كل أنواع الأشياء اللطيفة؛ مثل هؤلاء الناس هم موضع ازدراء. أما الأشرار الحقيقيون فهم سيئون أمام الناس مثلما هم سيئون خلف ظهورهم، ورغم ذلك أصبحوا قدوةً تؤيَّد وتُدرس، بدلًا من أن يصبحوا موضع ازدراء الناس. يميل هذا النوع من الأقوال ووجهات النظر إلى إرباك مفاهيم الناس حول ماهية الشخص الجيد بالضبط وماهية الشخص السيئ بالضبط. وبالتالي فإن الناس لا يعرفون وليسوا متأكدين، وتصبح مفاهيمهم غامضة للغاية. عندما تكيّف العائلة الناس بهذه الطريقة، بعضهم يعتقد حتى: "بكوني شريرًا حقيقيًا، فإنني مستقيم. أنا أفعل الأشياء في العلن. إذا كان لديّ ما أقوله، أقوله في وجهك. إذا كنت أؤذيك أو لا أحبك أو أريد أن أستغلك، فيجب أن أفعل ذلك أيضًا في وجهك وأن أدعك تعرف به". أي نوع من المنطق هذا؟ أي نوع من جوهر الطبيعة هذا؟ عندما يقوم الأشرار بأشياء سيئة ويرتكبون أفعالًا شريرة، فإنهم يحتاجون إلى إيجاد أساس نظري لذلك، وهذا هو المنطق الذي يتوصلون إليه. يقولون: "انظروا، هذا الشيء الذي أفعله ليس جيدًا، لكنه أفضل من أن أكون نبيلًا زائفًا. أنا أفعل ذلك أمام الناس، والجميع يعرفون به؛ هذا ما يسمى الاستقامة!". وهكذا، يجعل الأشرار من أنفسهم أشخاصًا مستقيمين. وجود هذا النوع من التفكير في أذهان الناس يجعل مفاهيمهم للنزاهة الحقيقية والشر الحقيقي غير واضحة على نحو غير محسوس. إنهم لا يعرفون ما هي الاستقامة، ويفكرون: "لا يهم ما إذا كان ما أقوله يؤذي مشاعر الآخرين أو ما إذا كان صحيحًا أم لا، أو ما إذا كان معقولاً أم لا، أو ما إذا كان يتفق مع المبادئ والحق أم لا. ما دمت أجرؤ على الكلام، ولا أبالي بالعواقب، وما دمت أملك شخصية حقيقية، وطبيعة مباشرة، وما دمت قاطعًا كالسيف، وما دمت لا أضمر أي أهداف خبيثة، فهذا أمر ملائم". أليست هذه حالة من الخلط بين الصواب والخطأ؟ (بلى). بهذه الطريقة تتحول الأشياء السلبية إلى أشياء إيجابية. لذلك يستخدم بعض الناس هذا كأساس ويتصرفون وفقًا لهذه المقولة، بل إنهم يفترضون أن العدالة في صفهم، ويفكرون: "على أي حال، أنا لا أستغلك، ولا أخدعك من وراء ظهرك. أقوم بالأمور بصراحة وفي العلن. فلتفكر كما يحلو لك. في رأيي هذه استقامة! وكما يرد في المقولة: "إذا كان المرء مستقيمًا، فلا داعي لأن يقلق بشأن الشائعات"، فلتعتقد ما شئت! أليس هذا منطق الشيطان؟ أليس هذا منطق اللصوص؟ (بلى). هل قيامك بأمور سيئة، وخلق المتاعب بلا سبب، وأن تتصرف كطاغية، وأن ترتكب الشر، له ما يبرره؟ ارتكاب الشر هو ارتكاب الشر: إذا كان جوهر ما تفعله هو ارتكاب الشر، فهو شر. بماذا تُقاس أفعالك؟ إنها لا تقاس بما إذا كانت لديك دوافعك، أو ما إذا كنت قد فعلتها في العلن، أو ما إذا كنت تتمتع بشخصية حقيقية، بل تُقاس بالحق وبكلام الله. الحق هو معيار قياس كل شيء، وهذه العبارة تنطبق تمامًا في هذه الحالة. وبحسب مقياس الحق إن كان الشيء شرًّا فهو شر، وإن كان إيجابيًا فهو إيجابي، وإن كان غير إيجابي، فهو غير إيجابي. وما هي هذه الأشياء التي يعتقد الناس أنها مستقيمة، وأنها التمتع بشخصية حقيقية وطبيعة مباشرة؟ هذا يسمى تحريفًا للكلام عن مواضعه، وليًّا لعنق المنطق، وخلطًا للمفاهيم، والتحدث بالهراء، وهذا يسمى تضليلاً للناس، وإذا ضللت الناس فأنت ترتكب الشر. الشر هو الشر سواء كان يُرتكب من وراء ظهور الناس أو أمامهم. إن الشر الذي يرتكب من وراء ظهر شخص ما هو خبث، أما الشر الذي يُرتكب أمام الشخص فهو حقود وخبيث حقًا، لكن كله يتصل بالشر. إذن أخبرني، هل يجب أن يقبل الناس هذه المقولة "خير لك أن تكون شريرًا حقيقيًا من نبيل زائف"؟ (لا، لا ينبغي لهم ذلك). أيهما إيجابي؛ مبادئ سلوك النبيل الزائف، أم مبادئ سلوك الشرير الحقيقي؟ (لا هذا ولا ذاك). هذا صحيح، كلها سلبية. لذا، لا تكن نبيلًا زائفًا، ولا شريرًا حقيقيًا، ولا تستمع إلى هراء والديك. لماذا يتفوه الآباء دائمًا بالهراء؟ لأن هذه هي بالضبط الطريقة التي يتصرف بها والداك. إنهما يشعران دائمًا بهذا: "أنا شخص لديه شخصية حقيقية، أنا شخص حقيقي، أنا صريح، أنا أمين في مشاعري، أنا شخص شهم، أنا مستقيم ولست بحاجة للقلق من الشائعات؛ أنا أتصرف بشكل لائق وأسير في الطريق الصحيح، فماذا لدي لأخاف منه؟ أنا لا أفعل أي شيء خاطئ، لذلك لا أخشى أن تدق الشياطين بابي!". الشياطين لا تدق بابك الآن، لكنك ارتكبت الكثير من الأفعال الشريرة وستُعاقب عاجلًا أم آجلًا. أنت مستقيم ولا تخشى الشائعات، لكن ماذا يمثل كونك مستقيمًا؟ هل هو الحق؟ هل كونك مستقيمًا يعني أنك متوافق مع الحق؟ هل تفهم الحق؟ لا تختلق أعذارًا وذرائع لاقترافك الشر، فلا فائدة من ذلك! ما دام لا يتوافق مع الحق، فهو شر! أنت حتى تشعر بأن لديك شخصية حقيقية. هل مجرد أن لديك شخصية حقيقية يعني أن بإمكانك أن تستغل الآخرين؟ أو أن بإمكانك إيذاءهم؟ أي منطق هذا؟ (منطق الشيطان). هذا يسمى منطق اللصوص والأبالسة! أنت ترتكب الشر ومع ذلك ترى أنه شيء صحيح وسليم، وتختلق له الأعذار وتسعى إلى تبريره. أليست هذه وقاحة؟ (بلى). أكرر لك أنه ليس في كلام الله أي ذكر لترك الناس يكونوا أشرارًا حقيقيين أو نبلاء زائفين، ولا يوجد أي طلب بأن تكون شريرًا حقيقيًا أو نبيلًا زائفًا. هذه الأقوال كلها كلمات وقحة وإبليسية لخداع الناس وتضليلهم. يمكن لهذه الكلمات تضليل الناس الذين لا يفهمون الحق، لكن إذا كنت تفهم الحق اليوم، فلا ينبغي أن تتمسك بمثل هذه الأقوال أو تتأثر بها. سواء أكان الناس نبلاء زائفين أو أشرارًا حقيقيين، فكلهم أبالسة ووحوش وأوغاد، وكلهم ليسوا صالحين، وكلهم أشرار، وكلهم مرتبطون بالشر. وإن لم يكونوا أشرارًا فهم خبثاء، والفرق الوحيد بين النبيل الزائف والشرير الحقيقي يكمن في طريقة الأداء: أحدهما يؤدي في العلن والآخر في الخفاء. لديهما أيضًا طرق مختلفة في السلوك، فأحدهما يرتكب الشر علنًا، بينما الآخر يمارس الحيل القذرة من وراء ظهور الناس؛ أحدهما أكثر مكرًا وغدرًا، بينما الآخر أكثر تعجرفًا وتسلطًا ويكشِّر عن أنيابه؛ أحدهما أكثر دناءة وخفاءً، بينما الآخر أكثر حقارة وغرورًا. كلاهما طريقتان شيطانيتان في فعل الأشياء؛ إحداهما علنية والأخرى سرية. إذا كنت تتصرف علانية فأنت شرير حقيقي، وإذا كنت تتصرف في الخفاء فأنت نبيل زائف. بم تتباهى؟ ألست أحمق باعتبارك هذه المقولة شعارًا لك؟ لذا، إذا كنت قد تأذيت بشدة من الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها أو غرستها فيك في هذا الصدد، أو إذا كنت متمسكًا بمثل هذه الأشياء، فأتمنى أن تتخلى عنها، وأن تميزها وترى حقيقتها في أقرب وقت ممكن. توقف عن التمسك بهذه المقولة، والاعتقاد بأنها تحميك، أو تجعلك شخصًا أصيلًا أو شخصًا ذي سمعة وإنسانية وشخصية حقيقية. هذه المقولة ليست معيارًا للكيفية التي ينبغي أن يتصرف بها المرء. ومن موقعي هذا، أدين بشدة هذه المقولة التي تثير اشمئزازي أكثر من أي شيء آخر. أنا لا أشمئز من النبلاء الزائفين فحسب، بل أيضًا من الأشرار الحقيقيين؛ كلا النوعين من الناس يثيران اشمئزازي. لذا، إذا كنت نبيلًا زائفًا، فأنت من وجهة نظري لست صالحًا، ولا يمكن علاجك. ولكن إذا كنت شريرًا حقيقيًا فأنت أسوأ حالًا. أنت تعي جيدًا الطريق الحق ومع ذلك تتعمد الخطيئة، أنت تعرف الحق بوضوح ومع ذلك تخالفه مخالفة صارخة وتعجز عن ممارسته، وتعارض الحق علانية عوضًا عن ذلك، لذلك ستموت أسرع. لا تفكر: لديّ طبيعة مباشرة، أنا لست نبيلًا زائفًا. على الرغم من أنني شرير، فإنني شرير حقيقي". كيف أنت حقيقي؟ كونك "حقيقي" لا يعادل الحق، ولا هو شيء إيجابي. "كونك حقيقي" مظهر من مظاهر جوهر شخصيتيك المتغطرسة والخبيثة. أنت "حقيقي" بمعنى الشيطان الحقيقي، والأبالسة الحقيقيون، والخبث الحقيقي، ولست حقيقيًا بمعنى الحق أو شيء واقعي بحق. لذلك فيما يتعلق بهذه المقولة "خير لك أن تكون شريرًا حقيقيًا من نبيل زائف" التي تكيفك عائلتك عليها، يجب عليك أيضًا أن تتخلى عنها، لأنها لا صلة لها على الإطلاق بمبادئ التصرف التي يعلمها الله للناس، ولا تقترب منها بأي حال. لذلك، يجب عليك أن تتخلى عنها في أقرب وقت ممكن، لا أن تستمر في التشبث بها.
تمارس العائلة نوعًا آخر من التأثير التكييفي. فعلى سبيل المثال، دائمًا ما يقول لك أفراد عائلتك: "لا تكن شخصًا يتميز كثيرًا عن الآخرين. يجب أن تكبح جماح نفسك وتمارس القليل من ضبط النفس في أقوالك وأفعالك، وكذلك في مواهبك وقدراتك الشخصية ومعدل ذكائك وما إلى ذلك. لا تكن ذلك الشخص الذي يتميز أكثر من اللازم. فكما يرد في الأقوال: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، و"العارضة الخشبية التي تبرز هي أول ما يتعفن". إذا أردت أن تحمي نفسك وأن تحظى بمكانة ثابتة وطويلة الأمد في المجموعة التي تنتمي إليها، فلا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، بل عليك أن تكبح جماح نفسك ولا تطمح إلى الارتفاع فوق الجميع. فكر في مانعة الصواعق، وهي أول ما يُضرب في العاصفة، لأن الصواعق تضرب أعلى نقطة؛ وعندما تهب الرياح الهوجاء، أول ما يتلقى وطأتها هي أطول شجرة وتطيح بها الرياح؛ وعندما يكون الطقس باردًا، فإن أول ما يتجمد هو أعلى جبل. والأمر نفسه مع الناس: إذا كنت دائمًا ما تبرز بين الآخرين وتلفت الانتباه، ويلاحظك الحزب، فسوف يفكر بجدية في معاقبتك. لا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، ولا تحلق منفردًا. يجب أن تبقى داخل السرب، وإلا، إذا تشكلت أي حركة احتجاج اجتماعي حولك، فستكون أول من يُعاقب، لأنك الطائر الذي يبرز. لا تكن قائدًا أو رئيس مجموعة في الكنيسة؛ وإلا، ففي حالة حدوث أي خسائر أو مشكلات في بيت الله تتعلق بالعمل، ستكون أول من يُستهدف بصفتك القائد أو المشرف. لذا، لا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، لأن الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص. يجب أن تتعلم أن تطأطئ رأسك وتنكمش مثل السلحفاة". أنت تتذكر هذه الكلمات من والديك، وعندما يحين وقت اختيار القائد، ترفض هذا المنصب قائلاً: "كلا، لا أستطيع أن أفعل ذلك! لدي أسرة وأطفال، وأنا شديد الارتباط بهم. لا يمكنني أن أكون قائدًا. يجب أن تفعلوا أنتم ذلك، لا تختاروني". وبافتراض أنك انتُخبت قائدًا على أي حال، فأنت لا تزال مترددًا في القيام بذلك. تقول: "يؤسفني أنني مضطرٌ إلى الاستقالة. لتكونوا أنتم القائد يا رفاق، أنا أعطيكم الفرص كاملة. سأترككم تأخذون المنصب، سأتنحى عنه". تتفكر في قلبك: "حسنًا! الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص. كلما ارتفعت في الصعود، كان سقوطك أصعب، والقمة موحشة. سأدعك تكون القائد، وبعد أن يتم اختيارك، سيأتي اليوم الذي يتفرج فيه الناس عليك. أنا لا أريد أن أكون قائدًا أبدًا، لا أريد أن أتسلق السلم، مما يعني أنني لن أسقط من علو شاهق. فكر في الأمر، ألم يُعف فلان من منصب القائد؟ وبعد إعفائه طُرد، لم يحصل حتى على فرصة ليكون مؤمنًا عاديًا. إنه مثال ممتاز على مقولة "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" ومقولة "العارضة الخشبية التي تبرز هي أول ما يتعفن". ألست على حق؟ ألم يُعاقب؟ يجب أن يتعلم الناس أن يحموا أنفسهم، وإلا فما فائدة عقول الناس؟ إذا كان لديك عقل في رأسك، فيجب أن تستخدمه لحماية نفسك. بعض الناس لا يستطيعون رؤية هذه المسألة بوضوح، لكن هذا هو الحال في المجتمع وفي أي مجموعة من الناس: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص". ستحظى بتقدير كبير في أثناء إبراز عنقك، حتى اللحظة التي يُطلق فيها عليك الرصاص. ثم ستدرك أن الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في خط النار ينالون جزاءهم عاجلاً أم آجلاً". هذه هي التعاليم الجادة لوالديك وعائلتك، وأيضًا صوت الخبرة، والحكمة المستخلصة من سنوات عمرهم، والتي يهمسون بها في أذنك دون تحفظ. ماذا أعني بـ "يهمسون بها في أذنك"؟ أعني أن أمك تقول في أذنك ذات يوم: "دعني أخبرك، إذا كان ثمة شيء واحد تعلمته في هذه الحياة، فهو أن "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، مما يعني أنه إذا أفرط أحد في الظهور أو لفت الانتباه أكثر من اللازم، فمن المرجح أنه سيُعاقب على ذلك. انظر كيف أصبح والدك خانعًا وساذجًا الآن، هذا لأنه عوقب في إحدى الحملات القمعية. يتمتع والدك بموهبة أدبية، ويمكنه الكتابة وإلقاء الخطب، ولديه مهارات قيادية، لكنه برز من بين الحشود أكثر من اللازم، وانتهى به الأمر إلى أنه عوقب في إحدى الحملات. لماذا لا يتحدث والدك أبدًا منذ ذلك الحين عن كونه مسؤولاً حكوميًا وشخصية بارزة؟ بسبب هذا الأمر. أنا أتحدث إليك من القلب وأقول لك الحقيقة. يجب أن تستمع وتتذكرها جيدًا. لا تنس، يجب أن تحفظها في ذهنك أينما ذهبت. هذا هو أفضل شيء يمكنني أن أقدمه لك بصفتي أمك". تتذكر كلماتها بعد ذلك، وكلما تذكرت مقولة "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، فإنها تذكرك بوالدك، وكلما فكرت في والدك تتبادر هذه المقولة إلى ذهنك. كان والدك في يوم من الأيام الطائر الذي أبرز عنقه وأُطلق عليه الرصاص، والآن تركت نظرته المتشائمة والمحبطة انطباعًا عميقًا في ذهنك. لذا، متى ما أردت أن تبرز عنقك، ومتى ما أردت أن تقول رأيك، ومتى ما أردت أن تتمم واجبك بإخلاص في بيت الله، ترن نصيحة أمك الصادقة في أذنك – "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" – وتتذكرها مرة أخرى. لذا، تتراجع مرة أخرى وتفكر: "لا يمكنني أن أظهر أي مواهب أو قدرات خاصة، يجب أن أكبح جماح نفسي وأقمعها. وبخصوص حث الله للناس على أن يؤدوا واجبهم بكل قلوبهم وعقولهم وقوتهم، فيجب أن أمارس هذه الكلمات باعتدال، وألا أبرز من خلال بذل الكثير من الجهد. إذا برزت من خلال المحاولة بجدية شديدة، وأبرزت عنقي بقيادة عمل الكنيسة، فماذا لو حدث خطأ ما في عمل بيت الله وحمّلوني المسؤولية؟ كيف لي أن أتحمل هذه المسؤولية؟ هل سيتم إخراجي؟ هل سأصبح كبش الفداء– الطائر الذي أبرز عنقه؟ في بيت الله، من الصعب معرفة ما ستؤول إليه هذه الأمور. لذا يجب أن أترك لنفسي طريقًا للهروب بغض النظر عما أفعله، ولا بد قطعًا أن أتعلم كيف أحمي نفسي، وأحرص على أن أضمن سلامتي قبل أن أتكلم وأتصرف. هذا هو التصرف الأكثر حكمة، لأنه كما تقول أمي: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص". هذه المقولة مغروسة بعمق في قلبك ولها أيضًا تأثير عميق على حياتك اليومية. والأخطر من ذلك بالطبع أنها تؤثر على موقفك تجاه أداء واجبك. ألا توجد مشكلات خطيرة هنا؟ لذلك، متى ما أديت واجبك وأردت أن تبذل نفسك بإخلاص، وأن تستغل كل قوتك بكل صدق، فإن هذه المقولة – "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" – توقفك دائمًا فجأة، وفي النهاية تختار دائمًا أن تترك لنفسك بعض الفسحة والمجال للمناورة، ولا تقوم بواجبك إلا بطريقة مدروسة بعد أن تترك لنفسك طريقًا للهروب. ألست على حق؟ هل يحميك تكييف أسرتك في هذا الصدد إلى أقصى حد من أن تُكشف ويتم التعامل معك؟ هذه بالنسبة إليك تعويذة أخرى، أليست كذلك؟ (بلى).
استنادًا إلى كل ما قدمنا حوله شركة حتى الآن، كم عدد التعويذات التي يمتلكها الناس نتيجة لتكييف عائلاتهم لهم؟ (سبعة). مع وجود هذا العدد الكبير من التعويذات، هل صحيح أنه لا يجرؤ أي أبالسة أو أرواح شريرة عادية على التعدي عليك؟ تشعرك كل هذه التعويذات بالأمان والراحة والسعادة في معيشتك في هذا العالم البشري. وفي الوقت نفسه، تشعرك بمدى أهمية الأسرة لك، ومدى أهمية الحماية والتعويذات التي تمنحها لك أسرتك وكم أنها تأتي في الموعد المناسب. متى ما حصلت على فوائد ملموسة وحماية ملموسة نتيجة لهذه التعويذات، تشعر بأهمية الأسرة أكثر من أي وقت مضى، وبأنك ستعتمد عليها دائمًا. وكلما واجهتك صعوبات وعصفت بك الحيرة والارتباك، تستجمع نفسك للحظة وتفكر: "بم أخبرني أبي وأمي؟ ما المهارات التي علمني إياها الكبار؟ ما هو الشعار الذي نقلوه إليّ؟" تعود بسرعة وبشكل غريزي ولا شعوري إلى مختلف الأفكار والبيئات التي غرستها فيك عائلتك، وتطلب حمايتها وتبتغيها. تصبح الأسرة في مثل هذه الأوقات ملاذك الآمن ومرساة وسندًا وقوة دافعة قوية لا تتزعزع ولا تتغير، وعكازًا نفسيًا يمكِّنك من الاستمرار في الحياة ويمنعك من الحيرة والتردد. تمتلئ في مثل هذه الأوقات بشعور عميق: "إن الأسرة مهمة جدًا بالنسبة إلي، فهي تمنحني مثل هذه القوة الذهنية الهائلة، فضلاً عن كونها مصدرًا للدعم الروحي". وغالبًا ما تهنئ نفسك بالتفكير: "لحسن الحظ أنني استمعت إلى ما أخبرني به والداي، وإلا كان الأمر سينتهي بي في موقف محرج للغاية الآن: إما التعرض للتنمر أو الأذى. لحسن الحظ، لدي هذه الورقة الرابحة، لدي تعويذة. لذا، حتى في بيت الله وفي الكنيسة، حتى في أثناء تأدية واجباتي، لن يتنمر عليّ أي شخص، ولن أتعرض لخطر إخراج الكنيسة لي أو تعاملها معي. قد لا تحدث لي هذه الأشياء أبدًا، وذلك بفضل الحماية التي يوفرها لي تكييف عائلتي لي". لكنك نسيت شيئًا. لقد كنت تعيش في بيئة تتخيل أنها بيئة بها تعويذات ويمكنك أن تحمي نفسك فيها، لكنك لا تعرف ما إذا كنت قد تممت إرسالية الله لك أم لا. لقد تجاهلت إرسالية الله لك، وتجاهلت هويتك ككائن مخلوق، والواجب الذي يجب أن تؤديه ككائن مخلوق. لقد تجاهلت أيضًا الموقف الذي يجب أن تتبناه وكل ما يجب أن تقدمه في أداء واجبك، في حين أن المنظور الحقيقي للحياة والقيم التي يجب أن تعتز بها قد حلت محلها الآراء التي كيّفتك عليها عائلتك، كما أن فرصك في الخلاص تتأثر بتكييف عائلتك. لذلك، من المهم جدًا أن يتخلى الجميع عن التأثيرات التكييفية المختلفة لعائلاتهم. هذا أحد جوانب الحق الذي يجب ممارسته، وهو أيضًا واقع يجب الدخول فيه دون تأخير. لأنه عندما يخبرك المجتمع بأمر ما، تميل إلى اتخاذ قرار عقلاني أو لا شعوري برفضه، وإذا أخبرك شخص غريب أو شخص لا علاقة لك به بأمر ما، تميل إلى اتخاذ قرار عقلاني أو مدروس بقبوله أو عدم قبوله، أما إذا أخبرتك أسرتك بأمر ما، فإنك تميل إلى قبوله كاملًا دون تردد أو تمييز، وهذا في الواقع أمر خطير بالنسبة إليك. لأنك تعتقد أن العائلة لا يمكن أن تلحق أي ضرر بالشخص، وأن كل ما تفعله عائلتك من أجلك هو لمصلحتك، ولحمايتك، ولصالحك. وبناءً على هذا المبدأ المفترض، ينزعج الناس ويتأثرون بسهولة بهذه الأشياء غير الملموسة والملموسة التي هي عائلة المرء. فالأشياء الملموسة هي أفراد عائلة المرء وكل شؤون العائلة، أما الأشياء غير الملموسة فهي مختلف الأفكار والتربية التي تأتي من العائلة، وكذلك بعض التكييف الذي يتعلق بكيفية سلوكك وفعلك. أليس كذلك؟ (بلى).
يوجد الكثير مما يمكن مناقشته فيما يتعلق بالتأثيرات التكييفية للعائلة. بعد أن ننتهي من الشركة حول هذه الأمور اليوم، عليكم أن تتأملوها كلها وتلخصوها، وتفكروا في أي الأفكار والآراء – إلى جانب تلك التي ذكرتها اليوم – قد تؤثر عليكم في حياتكم اليومية. يتعلق معظم ما قدمنا شركة حوله الآن توًا بمبادئ الناس وطرق تعاملهم مع العالم، وهناك عدد قليل من الموضوعات التي تتعلق بالنظر إلى الناس والأشياء. إنَّ نطاق التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة على الناس يشمل هذه الأشياء بشكل أساسي. هناك أيضًا بعض الموضوعات التي لا تتعلق بمنظور الناس إلى الحياة أو طرق تعاملهم مع العالم، لذا لن نتحدث أكثر عن هذه الأمور. إلى هنا تنتهي شركتنا لهذا اليوم، إذن. نلتقي في المرة القادمة!
11 فبراير 2023
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.