كيفية السعي إلى الحق (11) الجزء الثاني

كان الموضوع الذي قدمنا الشركة عنه للتو هو أن على الناس أن يتخلوا عن السعي إلى السعادة الزوجية، وأنه يكفي أن يتمموا مسؤولياتهم في إطار الزواج. لقد انتهينا من الشركة حول التخلي عن السعي إلى السعادة الزوجية، والآن سنعقد الشركة حول موضوع آخر: أنت لست عبدًا لزواجك. هذه مسألة ينبغي أن نقدم شركة حولها. ما الذي يعتقده بعض الناس بعد أن يتزوجوا؟ "حياتي مُقدَّرة هكذا الآن. أنا مقدر لي أن أعيش مع هذا الشخص لبقية حياتي. لا يمكنني الاعتماد على والداي وكبار عائلتي مدى الحياة، ولا على أصدقائي. إذًا من الذي يمكنني الاعتماد عليه مدى الحياة؟ الشخص الذي أدخل في الزواج معه هو الشخص الذي سأعتمد عليه طوال حياتي". وبدافع من هذا النوع من الأفكار، يرى الكثير من الناس أن الزواج مهم جدًا، معتقدين أنهم حالما يتزوجون سيحظون بحياة مستقرة وملاذًا آمنًا وشخصًا يثقون به. تقول النساء: "بالزواج، لدي ذراعان قويان أعتمد عليهما". ويقول الرجال: "بالزواج، لديّ منزل هادئ ولم أعد هائمًا على غير هدى، ومجرد التفكير في ذلك يجعلني سعيدًا. انظر إلى غير المتزوجين من حولي. النساء يتجولن طوال اليوم بلا أحد يعتمدن عليه، وبلا بيت مستقر، وبلا كتف يبكين عليه، والرجال ليس لديهم بيت دافئ. كم هم مثيرون للشفقة!" لذا، عندما يفكرون في سعادتهم الزوجية، فإنهم يعتقدون أنها مشبعة ومرضية تمامًا. وإلى جانب شعورهم بالرضا، يشعرون بأنهم يجب أن يقدموا شيئًا لزواجهم ولبيتهم. ولذلك، فبعض الناس بمجرد زواجهم يكونون مستعدين لتكريس كل ما يستطيعون فعله لحياتهم الزوجية، ويستعدون للسعي والكفاح والعمل الجاد من أجل زواجهم. والبعض الآخر يكسبون المال ويعانون يائسين، وبالطبع، الأكثر من ذلك أنهم يأتمنون شريك حياتهم على سعادتهم في الحياة. فهم يعتقدون أن سعادتهم وابتهاجهم في الحياة يعتمدان على ما سيكون عليه شريك حياتهم، وعلى ما إذا كان شخصًا جيدًا، وما إذا كانت طباعه الشخصية واهتماماته تتوافق مع طباعهم الشخصية واهتماماتهم، وما إذا كان شخصًا يستطيع أن يجلب لهم المال ويدير شؤون الأسرة، وما إذا كان شخصًا يستطيع أن يضمن لهم الضروريات الأساسية في المستقبل، ويوفر لهم أسرة سعيدة ومستقرة ورائعة، وما إذا كان شخصًا يستطيع أن يواسيهم عندما يواجهون أي ألم أو محنة أو فشل أو انتكاسة. وللتحقق من هذه الأمور، يولون اهتمامًا خاصًا إلى شريك حياتهم في أثناء عيشهم معًا. وبعناية واهتمام كبيرين، يلاحظون ويسجلون أفكار شريكهم وآراءه وكلامه وسلوكه، وكل حركة يقوم بها، إضافة إلى أي من نقاط قوته وضعفه. يتذكرون بالتفصيل كل الأفكار والآراء والكلمات والسلوكيات التي يكشف عنها شريك الحياة، حتى يتمكنوا من فهمه بشكل أفضل. وفي الوقت نفسه، يأملون أيضًا أن يفهمهم شريك حياتهم بشكل أفضل، وأن يدخلوه إلى قلوبهم، ويدخلون أنفسهم إلى قلب شريكهم حتى يتمكنوا من كبح جماح أحدهما الآخر بشكل أفضل، أو حتى يكونوا أول شخص يظهر أمام شريك حياتهم متى حدث أمر ما، وأول شخص يساعدهم، وأول شخص يقف معهم ويدعمهم ويشجعهم ويكون سندًا قويًا لهم. في مثل هذه الظروف المعيشية، نادرًا ما يحاول الزوج والزوجة أن يميزا أي نوع من الأشخاص هو شريك حياتهما، وينغمسان بالكامل في مشاعرهما تجاه شريكهما، ويستخدمان مشاعرهما في الاهتمام بالشريك والتسامح معه والتعامل مع كل أخطائه وعيوبه ومساعيه، حتى إلى درجة الاستجابة لكل طلباته. على سبيل المثال، يقول زوج امرأة ما: "يطول اجتماعك أكثر من اللازم. اذهبي لنصف ساعة فحسب ثم عودي إلى المنزل". فتجيب: "سأبذل قصارى جهدي". وما يحدث بالفعل هو أنها في المرة التالية تذهب إلى الاجتماع لمدة نصف ساعة ثم تعود إلى المنزل، فيقول لها زوجها الآن: "هذا أفضل. في المرة القادمة، فقط اذهبي وأريهم وجهك ثم عودي". فتقول: "أواه، إلى هذا الحد تشتاق إليّ! حسنًا إذًا، سأبذل قصارى جهدي". وما يحدث بالفعل أنها لا تخيّب أمله في المرة التالية التي تذهب فيها إلى اجتماع، وتعود إلى المنزل بعد عشر دقائق أو نحو ذلك. يكون زوجها مسرورًا وسعيدًا جدًا، ويقول: "هذا أفضل!" إن أرادها أن تذهب إلى الشرق، فهي لا تجرؤ على الذهاب إلى الغرب، وإن أرادها أن تضحك، فهي لا تجرؤ على البكاء. ويراها تقرأ كلام الله وتسمع الترانيم فيكره ذلك ويشعر بالاشمئزاز، ويقول: "ما الفائدة من قراءة هذه الكلمات وترديد هذه الترانيم طوال الوقت؟ ألا يمكنك ألا تقرئي تلك الكلمات أو ترنمي تلك الترانيم في أثناء وجودي في المنزل؟" فتجيب: "حسنًا، لن أقرأها بعد الآن". إنها لا تجرؤ على قراءة كلام الله أو الاستماع إلى الترانيم بعد ذلك. فهمت أخيرًا من مطالب زوجها أنه لا يحبها أن تؤمن بالله أو تقرأ كلام الله، لذا فهي تجلس برفقته عندما يكون في المنزل، يشاهدان التلفاز معًا، ويتناولان وجبات الطعام، ويتبادلان أطراف الحديث، بل وتستمع إليه وهو ينفِّس عن شكواه. ستفعل أي شيء من أجله، ما دام أنه يسعده. إنها تعتقد أن هذه هي المسؤوليات التي يجب أن يتممها شريك الحياة. ولهذا؛ متى تقرأ كلام الله؟ تنتظر خروج زوجها، ثم توصد الباب خلفه وتبدأ في القراءة على عجل. عندما تسمع صوت شخص ما عند الباب، تُبعِد الكتاب بسرعة وتشعر بالخوف الشديد ولا تعود تجرؤ على قراءته. وعندما تفتح الباب ترى أنه ليس زوجها العائد؛ لقد كان إنذارًا كاذبًا، فتواصل القراءة. وبينما هي تواصل القراءة، تكون في حالة ترقب، فهي متوترة وخائفة وتفكر: "ماذا لو عاد إلى المنزل بالفعل؟ من الأفضل حاليًا أن أتوقف عن القراءة الآن. سأتصل به وأسأله أين هو ومتى سيعود". لذا تتصل به فيقول لها: "العمل مليء بالمشاغل اليوم، لذا قد لا أعود إلى المنزل حتى الساعة الثالثة أو الرابعة". هذا يهدئ من روعها، ولكن هل يمكن لعقلها أن يهدأ حتى تتمكن من قراءة كلام الله؟ لا يمكن؛ فقد اضطرب ذهنها. تسارع بالوقوف أمام الله للصلاة، فماذا تقول؟ هل تقول إن اعتقادها في الله يفتقر إلى الإيمان، وإنها خائفة من زوجها، ولا تستطيع تهدئة عقلها لقراءة كلام الله؟ تشعر أنها لا تستطيع أن تقول هذه الأشياء، لذلك ليس لديها ما تقوله لله. لكنها بعد ذلك تغمض عينيها وتشبك يديها معًا. تهدأ ولا تشعر بالارتباك الشديد، فتذهب لتقرأ كلام الله، لكنها لا تستوعب الكلمات. تفكر: "أين كنت أقرأ الآن؟ أين وصلت في تأملاتي؟ لقد فقدت تسلسل أفكاري تمامًا". كلما فكرت في الأمر، زاد شعورها بالانزعاج وعدم الارتياح: "لن أقرأ اليوم فحسب. ليست مشكلة كبيرة إذا فاتتني عباداتي الروحية هذه المرة". ما رأيك؟ هل الحياة تسير على ما يرام بالنسبة إليها؟ (لا). هل هذه أزمة زوجية أم سعادة زوجية؟ (أزمة). عند هذه النقطة، قد يقول بعض غير المتزوجين: "إذًا، لقد قفزتِ في النار، أليس كذلك؟ لا يوجد في الزواج شيء رائع، أليس كذلك؟ انظري كم هي رائعة حياتي، ليس عليَّ أن أقلق بشأن أي شخص آخر، وليس هناك من يمنعني من حضور الاجتماعات والقيام بواجبي وقتما أريد". لكي تجعلي شريك حياتك يشعر بالرضا عنك ويوافق على قراءتك لكلام الله بين الحين والآخر أو حضورك اجتماعًا، تستيقظين مبكرًا جدًا كل يوم لإعداد الإفطار، وترتبين المنزل، وتغسلين الأطباق، وتطعمين الدجاج، وتطعمين الكلب، وتقومين بكل أنواع المهام المرهقة، حتى تلك التي يقوم بها الرجال عادةً. تعملين دون كلل أو ملل كخادمة عجوز من أجل إرضاء زوجك. قبل أن يعود إلى المنزل، تقومين بتلميع حذائه الجلدي وترتيب نعله المنزلي، وبعد أن يصل إلى المنزل، تسرعين لتنظيف الغبار عنه وتساعدينه في خلع معطفه وتعليقه، وتسألينه: "الجو حار جدًا اليوم. هل تشعر بالحر؟ هل أنت عطشان؟ ماذا تريد أن تأكل اليوم؟ شيء حامض أم شيء حار؟ هل تحتاج إلى تغيير ملابسك؟ اخلع هذه الملابس وسأغسلها لك". أنتِ مثل الخادمة أو الجارية، وقد تجاوزتِ بالفعل نطاق المسؤوليات التي يجب أن تتمميها في إطار الزواج. أنتِ رهن إشارة زوجك، وتعتبرينه سيدك. في مثل هذه الأسرة، ثمة فرق واضح في المكانة بين الزوجين: أحدهما جارية، والآخر سيد؛ أحدهما ذليل ومتواضع، والآخر يبدو شرسًا وآمرًا؛ أحدهما ينحني ويتذلل، والآخر منتفخ بالتكبر. من الواضح أن مكانة الشخصين في إطار الزواج غير متكافئة. لمَ هذا؟ أليست الجارية تهين نفسها؟ (بلى). الجارية تهين نفسها. لقد فشلتِ في أن تلتزمي تجاه الزواج بالمسؤولية التي عينها الله للبشر، وتماديتِ في ذلك. زوجك لا يتمم أي مسؤولية ولا يفعل شيئًا، ورغم ذلك ما تزالين تنتظرين رهن إشارة زوج كهذا وتخضعين لسلطته، وتصبحين عن طيب خاطر جارية له وخادمة له تخدمينه وتقومين بكل شيء من أجله؛ أي نوع من الأشخاص أنتِ؟ من هو ربك بالضبط؟ لماذا لا تمارسين بهذه الطريقة من أجل الله؟ لقد عيّن الله أن يعولك شريك حياتك، هذا شيء ينبغي أن يفعله، أنت لست مدينة له بأي شيء. أنت تفعلين ما يجب عليك فعله وتتممين المسؤوليات والالتزامات التي يجب عليك تتميمها، فهل يفعل هو ذلك؟ هل يفعل ما يجب أن يفعله؟ في الزواج، ليس الشريك المنيع هو السيد، والعبودية لمن يستطيع أن يعمل أكثر وبجد أكبر. في الزواج، يجب أن يتمم كلا الشخصين مسؤولياتهما تجاه أحدهما الآخر وأن يرافق كل منهما الآخر. فكلاهما لديه مسؤولية تجاه الآخر، وكلاهما لديه التزامات وأشياء يجب أن يتممها في إطار الزواج. يجب عليك أن تتصرف وفقًا لدورك، أيًا يكن دورك، فيجب أن تفعل ما يتعين عليك فعله في ذلك الدور. إذا لم تفعل ذلك، فأنت بلا إنسانية طبيعية. بتعبير بسيط، أنت لا تساوي قرشًا واحدًا. إذًا، إن كان شخص ما لا يساوي قرشًا واحدًا ورغم ذلك يمكنك أن تكوني رهن إشارته وأن تصبحي جارية له عن طيب خاطر، فهذه حماقة تامة وتجعلك بلا قيمة. ما الخطأ في الإيمان بالله؟ هل إيمانك بالله عمل شرير؟ هل ثمة مشكلة في قراءة كلام الله؟ هذه كلها أمور مستقيمة وشريفة. علام يدل اضطهاد الحكومة لمن يؤمنون بالله؟ إنه يدل على أن البشرية شريرة للغاية، وهي تمثل قوى الشر والشيطان. إنها لا تمثل الحق أو الله. لذلك، لا يعني إيمانك بالله أنك أقل من الآخرين أو أدنى من الآخرين. على العكس من ذلك، فإن إيمانك بالله يجعلك أنبل من الناس الدنيويين، وسعيك إلى الحق يجعلك شريفةً في نظر الله، وهو يعتبرك قرة عينه. ورغم ذلك أنتِ تهينين نفسك وتصبحين جارية لزوجك دون قصد لمجرد التودُّد لشريكك في الزواج. لماذا لا تتصرفين هكذا عند أداء واجب الكائن المخلوق؟ لماذا لا تستطيعين تدبر ذلك؟ أليس هذا تعبيرًا عن وضاعة الإنسان؟ (بلى).

لقد قدَّر الله لك الزواج فقط لتتعلم أن تقوم بمسؤولياتك، وتتعلم أن تعيش بسلام مع شخص آخر وتتشاركا الحياة معًا، وتختبر كيف تكون الحياة المشتركة مع شريك حياتك، وكيف تتعاملان مع كل ما تواجهانه معًا، مما يجعل حياتكما أكثر ثراءً واختلافًا. ومع ذلك، فالله لا يضحي بك لحساب الزواج، وبالطبع لا يبيعك لشريك حياتك لتكون عبدًا له. أنت لست عبدًا لهذا الشريك، وهو ليس سيدك أيضًا. أنتما متساويان. لديك فقط مسؤوليات الزوجة أو الزوج تجاه شريك حياتك، وعند قيامك بهذه المسؤوليات، يعتبرك الله زوجة أو زوجًا مقبولين. لا يملك شريك حياتك شيئًا لا تملكه أنت، وأنت لست أسوأ من شريك حياتك. إذا آمنت بالله وسعيت إلى الحق، وكنت قادرًا على أداء واجبك، وتكثر من حضور الاجتماعات، وتقرأ مصليًا كلام الله، وتأتي أمام الله، فهذه أمور يقبلها الله وهي ما يجب أن يفعله الكائن المخلوق، وهي الحياة الطبيعية التي يجب أن يعيشها الكائن المخلوق. لا يوجد شيء مُخزٍ في هذا، ولا يجب أن تشعر بأنك مدين لشريك حياتك بأي شيء لأنك تعيش هذا النوع من الحياة؛ فأنت لست مدينًا له بشيء. إن شئت فلديك التزام بأن تشهد لشريك حياتك بعمل الله. أما إذا كان شريكك لا يؤمن بالله، وليس لديه طريقة التفكير نفسها، ولا يتبع الطريق نفسه الذي تتبعه أنت، فأنت لست بحاجة ولست ملزمًا بإخباره أو شرح أي شيء أو أي معلومات عن إيمانك أو الطريق الذي تتبعه، وليس له الحق في معرفة ذلك. إن دعمك وتشجيعك والدفاع عنك هو مسؤوليته والتزام عليه، وإن لم يتمكن من القيام بذلك، فهو بلا إنسانية. لماذا؟ لأنك تسلك الطريق الصحيح، ولأنك تسلك الطريق الصحيح فإن عائلتك وشريك حياتك ينعمان بالبركة وبنعمة الله معك. ينبغي لشريك حياتك أن يكون ممتنًا لهذا، بدلًا من التمييز ضدك أو التنمر عليك بسبب إيمانك أو لأنك مضطهد، أو يظن أنه ينبغي عليك القيام بالمزيد من الأعمال المنزلية وغيرها من الأشياء، أو أنك مدين له بشيء. لست مدينًا له عاطفيًا أو روحيًا أو بأي طريقة أخرى؛ بل هو المدين لك. إنه يتمتع بنعمة وبركات إضافية من الله بسبب إيمانك بالله، ويربح هذه الأشياء بشكل استثنائي. ما الذي أعنيه بعبارة "يربح هذه الأشياء بشكل استثنائي"؟ أعني أن شخصًا كهذا لا يستحق أن ينال هذه الأشياء ولا ينبغي أن ينال هذه الأشياء. لماذا لا ينبغي أن ينالها؟ لأنه لا يتبع الله ولا يعترف بالله، ومن ثم فإن النعمة التي يتمتع بها تأتي بسبب إيمانك أنت بالله. إنه يستفيد معك، ويتمتع بالبركات معك، ولا يليق به إلا أن يكون شاكرًا لك. بعبارة أخرى، لأنه يتمتع بهذه البركات الإضافية وهذه النعمة يجب أن يقوم بمسؤولياته أكثر ويدعم إيمانك بالله أكثر. فلأن شخصًا واحدًا في المنزل يؤمن بالله، تسير الأعمال العائلية لبعض الناس بشكل جيد وينجحون بشكل كبير. إنهم يجنون الكثير من المال، وتعيش أسرهم حياة طيبة، ويصبحون أغنياء في الأمور المادية، وترتفع جودة حياتهم؛ فكيف تحققت كل هذه الأشياء؟ هل كانت أسرتك ستتمكن من الحصول على كل هذه الأشياء إذا لم يكن أحدكما يؤمن بالله؟ يقول بعض الناس: "قدَّر لهما الله أن يكون قَدَرهما أن يغتنيا". صحيح أن الله قدَّر ذلك، لكن لو لم يكن بالعائلة ذلك الشخص الواحد المؤمن بالله، لما نالت أعمالهم هذه النعمة والبركة. فلأن لديهم ذلك الشخص الواحد المؤمن بالله، ولأن ذلك الشخص المؤمن بالله لديه إيمان حقيقي، ويسعى بإخلاص، ومستعد لتكريس نفسه وبذل نفسه لله، ينال زوجه غير المؤمن النعمة والبركة بشكل استثنائي. من السهل جدًا على الله أن يفعل هذا الشيء الصغير. لا يزال أولئك الذين لا يؤمنون غير راضين، بل إنهم يقمعون الذين يؤمنون بالله ويتنمرون عليهم. إن الاضطهاد الذي يتعرض له المؤمنون في البلاد والمجتمع هو بالفعل كارثة بالنسبة إليهم، ومع ذلك فإن أفراد أسرهم يذهبون إلى أبعد من ذلك ويزيدون الضغوط عليهم. إذا كنت لا تزال تعتقد – في مثل هذه الظروف – أنك تخذلهم وتريد أن تصبح عبدًا لزواجك، فهذا أمر لا ينبغي عليك فعله حقًا. إن لم يؤيدوا إيمانك بالله، فلا بأس؛ وإن لم يدافعوا عن إيمانك بالله، فلا بأس أيضًا. هم أحرار في عدم القيام بهذه الأشياء. ومع ذلك، لا ينبغي أن يعاملوك كعبد لمجرد أنك تؤمن بالله. أنت لست عبدًا، أنت إنسان، إنسان مبجل وصالح. وعلى أقل تقدير، أنت كائن مخلوق أمام الله، ولست عبدًا لأحد. إذا كان لا بد أن تكون عبدًا، فأنت عبد للحق فقط إذن؛ عبد لله، ولست عبدًا لأي شخص، فضلًا عن أن يكون زوجك هو سيدك. فيما يتعلق بالعلاقات الجسدية، فإن الشخص الأقرب إليك في هذا العالم، بخلاف والديك، هو زوجك. لكن لأنك تؤمن بالله، يعاملك زوجك كعدو ويهاجمك ويضطهدك. إنه يعترض على حضورك الاجتماعات، وإذا سمع أي نميمة عنك، يأتي إلى المنزل لتوبيخك وإساءة معاملتك. وحتى عندما تصلين أو تقرئين كلام الله في المنزل ولا تؤثرين على طبيعة حياته على الإطلاق، يظل يوبخك ويعارضك، بل ويضربك. أخبريني، أي نوع من الأشياء هذا؟ أليس شيطانًا؟ هل هذا هو الشخص الأقرب إليك؟ هل يستحق شخص مثل هذا أن تفي بأي مسؤولية تجاهه؟ (كلا). كلا، لا يستحق! وهكذا، فإن بعض الأشخاص الذين هم في هذا النوع من الزواج لا يزالون رهن إشارة شريك حياتهم، وهم على استعداد للتضحية بكل شيء، التضحية بالوقت الذي يجب أن يقضوه في أداء واجبهم، وفرصة أداء واجبهم، وحتى فرصتهم في نيل الخلاص. ينبغي ألا يفعلوا هذه الأشياء، وعلى أقل تقدير يجب أن يتخلوا عن مثل هذه الأفكار. الناس يدينون لله فقط، ولا يدينون لأحد آخر بأي شيء. أنت لست مدينًا لوالديك، أو لزوجك، أو لزوجتك، أو لأولادك، فضلًا عن أصدقائك بالطبع؛ أنت لست مدينًا بأي شيء لأي شخص. إن كل ما يملكه الناس مصدره الله، بما في ذلك زواجهم. إذا كان لا بد أن نتحدث عن الدين، فالناس مدينون لله وحده. بالطبع لا يطالبك الله بأن ترد له الدين؛ وإنما يطلب منك فقط أن تتبع الطريق الصحيح في الحياة. إن مقصد الله الأعظم فيما يتعلق بالزواج هو ألا تفقد كرامتك ونزاهتك بسبب زواجك، وألا تصبح شخصًا لا يملك طريقًا صحيحًا يسلكه، ولا يملك منظورًا خاصًا به للحياة أو اتجاهًا خاصًا به للسعي، وألا تصبح شخصًا يتخلى حتى عن السعي إلى الحق، ويتخلى عن فرصته في نيل الخلاص، ويتخلى عن أي إرسالية أو مهمة أعطاها الله له، ليصبح بدلًا من ذلك عبدًا طائعًا لزواجه. إذا تعاملت مع زواجك بهذه الطريقة، فكان من الأفضل لك ألا تتزوج على الإطلاق، ولكانت حياة العزوبية أكثر ملاءمة لك. وإذا لم تستطع أن تخلص نفسك من مثل هذا الوضع أو مثل هذا الهيكل للزواج مهما فعلت، فسيكون من الأفضل لك أن تخرج من هذا الزواج تمامًا، وسيكون من الأفضل لك أن تعيش حرًا. وكما قلت، إن غاية الله من تقدير الزواج هو أن يكون لك شريك، أن تخوض تقلبات الحياة وتمر في كل مرحلة من مراحل الحياة بصحبة شريك حياتك، حتى لا تكون وحيدًا أو بمفردك في كل مرحلة من مراحل الحياة، وأن يكون لديك شخص إلى جوارك، شخص تبوح له بأعمق أفكارك، ويواسيك ويهتم بك. لكن الله لا يستخدم الزواج ليقيدك، أو يغلّ يديك وقدميك، بحيث لا يحق لك أن تختار طريقك وتصبح عبدًا للزواج. لقد قدَّر الله لك الزواج، ورتّب لك شريكًا، ولم يجعل لك سيدًا، ولا يريدك أن تُحاصر في زواجك دون أن يكون لك مساعيك الخاصة، وأهداف حياتك الخاصة، ودون أن يكون لك اتجاه صحيح لمساعيك، ودون أن يكون لك الحق في طلب الخلاص. بل على العكس من ذلك، سواء كنت متزوجًا أم لا، فإن أعظم حق منحه الله لك هو الحق في السعي إلى أهداف حياتك الخاصة، وترسيخ النظرة الصحيحة للحياة، وطلب الخلاص. لا أحد يمكنه أن يسلبك هذا الحق، ولا أحد يمكنه أن يتدخل فيه، بما في ذلك زوجك أو زوجتك. لذا، على أولئك الذين يلعبون دور العبيد في زواجهم أن يتخلوا عن هذه الطريقة في العيش، وأن يتخلوا عن أفكارهم أو ممارساتهم المتعلقة بالرغبة في أن يكونوا عبيدًا لزواجهم، وأن يتركوا هذا الوضع وراء ظهورهم. لا تتقيد بشريك حياتك، ولا تتأثر، أو تتحدد، أو تتقيد، أو تُحاصر بمشاعر شريك حياتك، أو آرائه، أو كلماته، أو مواقفه، أو حتى أفعاله. اترك كل ذلك خلفك واعتمد على الله بشجاعة وجرأة. عندما تريد أن تقرأ كلام الله، اقرأ كلام الله، واحضر الاجتماعات عندما يُفترض بك أن تحضر الاجتماعات، فأنت إنسان ولست كلبًا، ولست بحاجة إلى أحد لينظم سلوكك أو يقيد حياتك أو يتحكم فيها. لك الحق في اختيار أهدافك واتجاهك في الحياة؛ فقد منحك الله هذا الحق، ولا سيما أنك تسير في الطريق الصحيح. وأهم شيء هو أنه عندما يحتاج بيت الله إليك للقيام بعمل معين، عندما يكلفك بيت الله بواجب، فعليك أن تتخلى عن كل شيء دون اختيار أو تحفظ، وتؤدي الواجب الذي عليك القيام به وتكمل الإرسالية التي كلفك الله بها. إذا كانت هذه المهمة تتطلب منك ترك المنزل لمدة عشرة أيام أو شهر، فعليك أن تختار أداء واجبك بشكل جيد، وأن تكمل الإرسالية التي عهد الله بها إليك، وأن ترضي قلب الله؛ هذا هو الموقف، والعزيمة، والرغبة التي يجب أن يتحلى بها من يسعى للحق. وإذا كانت المهمة تتطلب منك الغياب لمدة ستة أشهر أو سنة أو لفترة زمنية غير معلومة، فعليك أن تؤدي واجبك وتتخلى عن أسرتك وزوجك وتذهب لإكمال الإرسالية التي أعطاك الله إياها. هذا لأن هذا هو الوقت الذي يكون فيه عمل بيت الله وواجبك في أشد الحاجة إليك، وليس الوقت الذي يكون فيه زواجك وشريك حياتك في أشد الحاجة إليك. لذا يجب ألا تظن أنك إذا كنت متزوجًا فيجب أن تكون عبدًا لزواجك، أو أنه من العار أن ينتهي زواجك أو تنفصل. في الحقيقة، هذا ليس عارًا، وعليك أن تنظر إلى الظروف التي انتهى فيها الزواج، وإلى ما دبره الله. فإن كان الأمر قد قدَّره الله وحكمه، ولم يكن بسبب إنسان، فهذا أمر مجيد، إنه شرف، لأنك تخليت عن زواجك وأنهيته لصالح قضية عادلة، سعيًا لإرضاء الله وتحقيق إرساليتك ككائن مخلوق. هذا شيء سيذكره الله ويقبله، ولهذا أقول إنه شيء مجيد وليس عارًا! على الرغم من أن زواج بعض الناس ينتهي بسبب تخلي شريكهم عنهم وخيانته لهم – بتعبير بسيط، يتعرضون للهجر والنبذ – إلا أن هذا ليس شيئًا مخزيًا على الإطلاق. يجب عليك عوضًا عن ذلك أن تقول: "هذا شرف لي. لماذا؟ لأن وصول زواجي إلى هذه المرحلة وانتهاءه بهذه الطريقة هو أمرٌ قدَّره الله وحكم به. كان إرشاد الله هو ما قادني لاتخاذ تلك الخطوة. لو لم يفعل الله ذلك وجعله يطردني إلى الشارع، لما كان لديّ حقًا الإيمان والشجاعة لاتخاذ هذه الخطوة. الفضل لسيادة الله وإرشاده! كل المجد لله!" هذا شرف لي. في جميع أنواع الزواج، يمكنك أن تخوض هذا النوع من الاختبارات، وأن تختار اتباع الطريق الصحيح تحت إرشاد الله، وأن تنجز الإرسالية التي منحك الله إياها، وأن تترك زوجك من هذا المنطلق وبمثل هذا الدافع، وأن تنهي زواجك، وهذا أمر يستحق التهنئة. ثمة شيء واحد على الأقل يستحق الابتهاج به، وهو أنك لم تعد عبدًا لزواجك. لقد تخلصت من عبودية زواجك، ولم يعد عليك أن تقلق وتشعر بالألم وتكافح لأنك عبد لزواجك وتريد أن تتحرر ولكنك غير قادر على ذلك. منذ تلك اللحظة، تكون قد هربت، وتحررت، وهذا شيء جيد. وعلى الرغم من هذا، أتمنى لأولئك الذين انتهت زيجاتهم في وقت سابق نهاية مؤلمة وما زالت ظلال هذا الأمر تخيم عليهم أن يتخلصوا من زواجهم حقًا، وأن يتخلصوا من الظلال التي قبعوا فيها بعد انتهاء الزواج، وأن يتخلصوا من الكراهية والغضب وحتى الكرب الذي تركه لهم زواجهم، وألا يشعروا بعد الآن بالألم والغضب لأن كل التضحيات والجهود التي بذلوها من أجل شريك حياتهم قد قوبلت بخيانته وعدم إخلاصه وسخريته. آمل أن تترك كل ذلك وراء ظهرك، وتفرح لأنك لم تعد عبدًا لزواجك، وتفرح لأنك لم تعد مضطرًا إلى فعل أي شيء أو تقديم تضحيات غير ضرورية من أجل السيد في زواجك، وعوضًا عن ذلك، تحت إرشاد الله وسيادته، تتبع الطريق الصحيح في الحياة، وتؤدي واجبك ككائن مخلوق، ولا تعود منزعجًا ولا يوجد شيء آخر يقلقك. بالطبع، لم تعد هناك حاجة لأن تكون مشغولًا بشريك حياتك أو قلقًا أو مهمومًا بشأنه، أو أن تشغل ذهنك بالتفكير فيه، فكل شيء سيكون جيدًا من الآن فصاعدًا، فلست بحاجة إلى مناقشة أمورك الشخصية مع شريك أو شريكة حياتك بعد الآن، ولست بحاجة إلى أن تتقيد به بعد الآن. لا تحتاج سوى إلى طلب الحق، وأن تبحث فحسب عن المبادئ والأساس في كلام الله. لقد تحررت بالفعل ولم تعد عبدًا لزواجك. من حسن حظك أنك تركت كابوس الزواج وراء ظهرك، وأنك قد أتيت بصدق أمام الله، ولم تعد مقيدًا بزواجك، ولديك المزيد من الوقت لقراءة كلام الله، وحضور الاجتماعات، وأداء العبادات الروحية. أنت حر تمامًا، ولم تعد مُضطرًا إلى التصرف بطريقة معينة بحسب مزاج أي شخص آخر بعد الآن، ولم تعد مُضطرًا إلى الاستماع إلى تهكم أي شخص بعد الآن، ولم تعد مُضطرًا إلى مراعاة مزاج أي شخص أو مشاعره بعد الآن – أنت تعيش حياة العزوبية، رائع! إنك لم تعد عبدًا، ويمكنك الخروج من تلك البيئة التي كان عليك فيها مسؤوليات مختلفة للقيام بها تجاه الناس، ويمكنك أن تكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، أن تكون كائنًا مخلوقًا تحت سيادة الخالق، وأن تؤدي واجب الكائن المخلوق؛ ما أروع أن تفعل هذا بشكل نقي! لن تُضطر أبدًا إلى أن تجادل، أو تقلق، أو تنزعج، أو تتحمل، أو تعاني، أو تغضب من زواجك مرة أخرى، لن تضطر أبدًا إلى العيش في تلك البيئة البغيضة والوضع المعقد مرة أخرى. هذا رائع، كل هذه أمور جيدة، وكل شيء يسير على ما يرام. عندما يأتي شخص ما أمام الخالق، يتصرف ويتحدث وفقًا لكلام الله ووفقًا لمبادئ الحق. كل شيء يسير بسلاسة، ولا توجد المزيد من تلك النزاعات الفوضوية، ويمكن أن يهدأ قلبك. هذه كلها أمور جيدة، ولكن من المؤسف أن بعض الناس لا يزالون راغبين في أن يكونوا عبيدًا في مثل هذه البيئة الزوجية البغيضة، ولا يهربون منها أو يتركونها وراءهم. على أي حال، ما زلت آمل، حتى لو لم ينه هؤلاء الناس زواجهم وكانوا لا يعيشون بزيجات منتهية، فعلى الأقل يجب ألا يكونوا عبيدًا لزواجهم. مهما كان زوجك، ومهما كانت مواهبه أو إنسانيته، ومهما كانت مكانته عالية، ومهما كانت مهاراته وقدراته، فهو ليس سيدك. إنه زوجك، وهو مساوٍ لك. ليس أنبل منك، ولا أنت أدنى منه. وإذا لم يكن قادرًا على الوفاء بمسؤولياته الزوجية، فمن حقك أن تنهريه ومن واجبك أن توجهيه وتنصحيه. لا تهيني نفسك وتسمحي باستغلالك لأنك تظنين أنه على قدر من القوة أو لأنك تخشين أن يمل منك أو يرفضك أو ينبذك، أو لأنك تريدين الحفاظ على استمرارية علاقتك الزوجية، فترضين أن تكوني عبدة له وعبدة لزواجك؛ فهذا لا يليق. ليست هذه هي الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الشخص، وليست هذه هي المسؤوليات التي يجب أن يقوم بها الشخص في إطار الزواج. لا يطلب الله منك أن تكوني عبدة، ولا يطلب منك أن تكوني سيدًا. إنه يطلب منك فقط أن تقومي بمسؤولياتك، ولهذا السبب يجب أن تفهمي بشكل صحيح المسؤوليات التي يجب أن تؤديها في الزواج، ويجب عليك أيضًا أن تفهمي بشكل صحيح وتري بوضوح الدور الذي تلعبيه في الزواج. إذا كان الدور الذي تلعبيه مشوهًا ولا يتوافق مع الإنسانية أو مع ما أمر الله به، فعليك أن تراجعي نفسك وتفكري في كيفية الخروج من هذه الحالة. إذا كان من الممكن توبيخ زوجك، فوبخيه؛ إذا كان توبيخك لزوجك سيؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها، فعليك أن تتخذي خيارًا أكثر حكمة وملاءمة. وعلى أي حال، إذا كنت ترغبين في السعي إلى الحق ونيل الخلاص، فعليك أن تتخلي عن أفكارك أو ممارساتك المتعلقة بكونك عبدة لزواجك. لا يجب أن تكوني عبدة لزواجك، بل يجب أن تتخلي عن هذا الدور، وأن تكوني إنسانًا حقيقيًا، وأن تكوني كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، وفي الوقت نفسه تؤدي واجبك. هل تفهمين؟ (نعم).

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.