الله ذاته، الفريد (ط)

الله مصدر الحياة لجميع الأشياء (ج) الجزء الثاني

إذا فَقَدَتْ جميع الكائنات نواميسها الخاصَّة، فإنها لن تعود موجودة؛ وإذا فُقِدَتْ نواميس جميع الكائنات، فإن الكائنات الحيَّة من بين جميع الكائنات لن تتمكَّن من الاستمرار. سوف يفقد البشر أيضًا البيئات التي يعتمدون عليها في بقائهم. إذا فَقَدَ البشر ذلك كُلّه، فلن يكونوا قادرين على الاستمرار في العيش والتكاثر جيلاً بعد جيلٍ. أمَّا سبب بقاء البشر حتَّى الآن فهو أن الله قد زوَّد البشريَّة بجميع الكائنات لتُغذِّيهم، أي لتُغذِّي البشريَّة بطُرقٍ مختلفة. لم تبقَ البشريَّة حتَّى الآن ولم تبقَ حتَّى يومنا هذا إلّا بسبب أن الله يرعى البشريَّة بطُرقٍ مختلفة. ومع وجود ذلك النوع من البيئة الثابتة للبقاء التي هي ملائمةٌ ومُرتَّبة، يمكن لجميع أنواع الناس على الأرض وجميع أنواع الأعراق البقاء داخل نطاقاتهم المُقرَّرة الخاصَّة بهم. لا أحد يمكنه أن يتجاوز هذه النطاقات أو هذه الحدود لأن الله هو الذي قد حدَّدها. لماذا يُحدِّدها الله بهذه الطريقة؟ هذا مُهمٌّ حقًّا لجميع البشر – مُهمٌّ حقًّا! حدَّد الله النطاق لكُلّ نوعٍ من الكائنات الحيَّة وثبَّت طريقة البقاء لكُلّ نوعٍ من البشر. وقسَّم أيضًا الأنواع المختلفة للناس والأعراق المختلفة على الأرض وثبَّت نطاقاتها. هذا ما نريد أن نُناقِشه فيما بعد.

رابعًا، رسم الله الحدود بين الأعراق المختلفة. يوجد على الأرض الناس البِيض والسود والسُّمْر والصُفر. هذه هي الأنواع المختلفة من الناس. ثبَّت الله أيضًا نطاق حياة هذه الأنواع المختلفة من الناس، ودون أن يُدرِك الناس ذلك، فإنهم يعيشون في بيئتهم المناسبة للبقاء تحت تدبير الله. لا أحد يمكنه الخروج عن هذا. مثال ذلك، ما المناطق التي يعيش داخلها البِيض في الغالب؟ إنهم يعيشون في الغالب في أوروبا وأمريكا. ويعيش السود في المقام الأوَّل داخل أفريقيا. في أيّ المناطق إذًا يعيش السُّمْر؟ إنهم يعيشون في المقام الأوَّل في جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا، مثل تايلاند والهند وميانمار وفيتنام ولاوس. يعيش الصُفر في المقام الأوَّل في آسيا، أي الصين واليابان وكوريا الجنوبيَّة وفي بلدانٍ أخرى مماثلة. لقد وزَّع الله جميع هذه الأنواع المختلفة من الأعراق توزيعًا مُناسِبًا بحيث تُوزَّع هذه الأعراق المختلفة عبر أجزاءٍ مختلفة من العالم. وقد سبق الله فأعدَّ في هذه الأجزاء المختلفة من العالم منذ زمنٍ بعيد بيئةً مناسبة لبقاء كُلّ عِرقٍ بشريّ مختلف. أعدَّ الله ضمن أنواع بيئات البقاء هذه لون التربة ومُكوِّناتها. يعني هذا أن المُكوِّنات الموجودة في أجسام البِيض ليست هي نفسها الموجودة في أجسام السود، كما أنها تختلف عن المُكوِّنات الموجودة في أجسام الأعراق الأخرى. عندما خلق الله جميع الكائنات، كان قد أعدَّ بالفعل بيئةً لبقاء ذلك العِرق. وكان هدفه من ذلك هو أنه عندما بدأ ذلك النوع من الناس في التكاثر وعندما بدأوا في الازدياد فإنه كان من الممكن إصلاحهم في ذلك النطاق. قبل أن يخلق الله البشر كان قد فكَّر بالفعل في جميع الأشياء – سوف يعطي أوروبا وأمريكا للبِيض ليسمح لهم بالتطوُّر والبقاء. ولذلك عندما كان الله يخلق الأرض كانت لديه خُطَّةٌ بالفعل، وكانت لديه نيَّةٌ وهدفٌ فيما كان يضعه في تلك القطعة من الأرض وما الذي كان سيُرعى على تلك القطعة من الأرض. على سبيل المثال، أعدَّ الله منذ زمنٍ طويل نوع الجبال وعدد السهول وعدد مصادر المياه وأنواع الطيور والوحوش وأنواع الأسماك وأنواع النباتات التي ستكون على تلك الأرض. وعند إعداد بيئة لبقاء نوعٍ من البشر، أو نوعٍ من الأعراق، راعى الله جوانب كثيرة من الموضوعات: البيئة الجغرافيَّة ومُكوِّنات التربة وأنواع الطيور والوحوش وحجم أنواع الأسماك المُتنوِّعة والمُكوِّنات في الأسماك والخصائص المختلفة للمياه بالإضافة إلى جميع أنواع النباتات المختلفة...لقد أعدَّ الله منذ زمنٍ بعيد ذلك كُلّه. ذلك النوع من البيئة هو بيئةٌ للبقاء خلقها الله وأعدَّها للبِيض من البشر، وهي خاصة بهم. هل رأيتم أنه عندما خلق الله جميع الكائنات، فإنه فكَّر فيها تفكيرًا مليًّا وتصرف وفق خُطَّةٍ؟ (نعم. كانت الاعتبارات من أجل الأنواع المُتنوِّعة من الناس مدروسة بعنايةٍ. وبالنسبة لبيئة البقاء للأنواع المختلفة من البشر، أعدَّ أنواع الطيور والوحوش وأنواع الأسماك وعدد الجبال وعدد السهول التي سوف تكون موجودة. كان هذا كُلّه موضع مراعاةٍ وعنايةٍ شديدتين). على سبيل المثال، ما الأطعمة التي يأكلها البِيض في المقام الأوَّل؟ تختلف الأطعمة التي يأكلها البِيض عن الأطعمة التي يأكلها الآسيويّون. الأطعمة الأساسيَّة التي يأكلها البِيض هي في المقام الأوَّل اللحوم والبَيض والحليب والدواجن. أمَّا الحبوب كالخبز والأرز فهي بصفةٍ عامَّة أطعمةٌ غير أساسيَّة توضع على جانب الطبق الرئيسيّ. وحتَّى عندما يتناولون سَلَطَة الخضروات يضعون فيها بعض اللحم البقريّ المشويّ أو الدجاج. وحتَّى إذا كانوا يتناولون بعض الأطعمة المصنوعة من القمح أساسًا، فإنهم يضيفون إليها الجبن أو البَيض أو اللحم. يعني هذا أن أطعمتهم الأساسيَّة لا تتكوَّن أساسًا من أطعمةٍ مصنوعة من القمح أو الأرز؛ يأكلون الكثير من اللحوم والجبن. وغالبًا ما يشربون الماء المُثلَّج لأنهم يتناولون أطعمةً بسُعراتٍ حراريَّة عالية جدًّا. ولذلك فإن البِيض أشدَّاءٌ حقًّا. هذه هي المصادر لحياتهم ولبيئاتهم المعيشيَّة التي أعدَّها الله لهم، ممَّا يتيح لهم الحصول على ذلك النوع من نمط الحياة. يختلف نمط الحياة ذلك عن أنماط حياة الناس من الأعراق الأخرى. لا يوجد صوابٌ أو خطأ في نمط الحياة هذا – فهو فطريٌّ وقد سبق الله فعيَّنه ويعود إلى حُكم الله وترتيباته. يتَّسم هذا النوع من العِرق بنمط حياةٍ مُعيَّن وببعض المصادر المُعيَّنة لمعيشتهم بسبب عِرقهم، وكذلك بسبب بيئة البقاء التي أعدَّها الله لهم. يمكنك القول إن البيئة التي أعدها الله من أجل بقاء البيض وإن الطعام اليوميّ الذي يحصلون عليه من تلك البيئة غنيٌّ ووفير.

أعدَّ الله أيضًا البيئات الضروريَّة لبقاء الأعراق الأخرى. يوجد أيضًا السود – أين يقطن السود؟ إنهم يقطنون في المقام الأوَّل في وسط أفريقيا وجنوبها. ماذا أعدَّ الله لمعيشتهم في ذلك النوع من البيئة؟ الغابات المطيرة الاستوائيَّة وجميع أنواع الطيور والوحوش وأيضًا الصحاري وجميع أنواع النباتات التي تتضمَّنها. لديهم مصادر للمياه ومصادر رزقهم وطعامهم. لم يكن الله منحازًا ضدّهم. بغضّ النظر عمَّا قد عملوه، لم يكن بقاؤهم مسألةً صعبة قط. إنهم يشغلون أيضًا موقعًا مُعيَّنًا ومنطقةً مُعيَّنة في جزءٍ من العالم.

دعونا نتحدَّث الآن قليلاً عن الصُفر. يقطن الصُفر في المقام الأوَّل في الشرق. ما الاختلافات بين البيئات والمراكز الجغرافيَّة للشرق والغرب؟ معظم الأراضي في الشرق خصبةٌ وغنيَّة بالمواد المعدنيَّة والرواسب المعدنيَّة. يعني هذا أن جميع أنواع الموارد فوق الأرض وتحت الأرض وفيرةٌ. أعدَّ الله أيضًا لهذه المجموعة من الناس، أي لهذا العِرق، التربة والمناخ المُناسِبين والبيئات الجغرافيَّة المُتنوِّعة التي تلائمهم. على الرغم من وجود اختلافات هائلة بين تلك البيئة الجغرافيَّة والبيئة في الغرب، أعدَّ الله الطعام الضروريّ للناس وموارد رزقهم ومصادر البقاء. إنها بيئةٌ معيشيَّة تختلف عن بيئة البِيض في الغرب. ولكن ما الشيء الوحيد الذي أحتاج أن أذكره للفت انتباهكم وأحتاج أن أخبركم به؟ عدد أفراد العِرق الشرقيّ مرتفعٌ نسبيًّا، ولذلك أضاف الله الكثير من العناصر في تلك القطعة من الأرض تختلف عن الغرب. أضاف في هذا الجزء من العالم الكثير من المناظر الطبيعيَّة المختلفة وجميع أنواع المواد الوفيرة. الموارد الطبيعيَّة هناك وفيرةٌ جدًّا؛ والتضاريس أيضًا مُتعدِّدةٌ ومُتنوِّعة وكافية لرعاية عددٍ هائل من العِرق الشرقيّ. أمَّا الشيء المختلف عن الغرب فهو أنه في الشرق – من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب – يكون المناخ أفضل من الغرب. تتحدَّد المواسم الأربعة بوضوحٍ، ودرجات الحرارة معتدلة، والموارد الطبيعيَّة وفيرة، والمناظر الطبيعيَّة وأنواع التضاريس أفضل بكثيرٍ ممَّا في الغرب. لماذا فعل الله هذا؟ خلق الله توازنًا عقلانيًّا جدًّا بين البِيض والصُفر. ماذا يعني هذا؟ يعني أن كُلّ جانبٍ من جوانب طعامهم، والأشياء التي يستخدمونها، وما يملكه البِيض للاستمتاع أفضل بكثيرٍ ممَّا يستطيع الصُفر الاستمتاع به. ومع ذلك، فإن الله ليس منحازًا ضدّ أيّ عِرقٍ. منح الله الصُفر بيئةً أجمل وأفضل للبقاء. هذا هو التوازن. أنت تفهم إذًا، أليس كذلك؟

لقد سبق الله فعيَّن أنواع الناس الذين يقطنون في أجزاءٍ مُعيَّنة من العالم ولا يمكن للبشر الخروج من هذا النطاق. هذا شيءٌ رائع! حتَّى إن كانت هناك حروبٌ أو تعدّيات خلال عصورٍ مختلفة أو في أوقاتٍ مُعيَّنة، فإن هذه الحروب وهذه التعدّيات لا يمكنها على الإطلاق أن تهدم بيئات البقاء التي سبق الله فعيَّنها لكُلِ عِرقٍ. يعني هذا أن الله قد ثبَّت نوعًا مُعيَّنًا من الناس في جزءٍ مُعيَّن من العالم ولا يمكنهم الخروج من ذلك النطاق. حتَّى لو كان لدى الناس نوعٌ من الطموح لتغيير أراضيهم أو توسيعها، فسوف يكون من الصعب جدًّا تحقيق ذلك دون إذنٍ من الله. سيكون النجاح صعبًا للغاية. على سبيل المثال، أراد البِيض توسيع أراضيهم واستعمروا بعض البلدان الأخرى. غزا الألمان بعض البلدان، واحتلَّت إنجلترا الهند. ماذا كانت النتيجة؟ فشلوا في النهاية. ماذا نفهم من هذا الفشل؟ ما سبق الله فعيَّنه غير مسموحٍ بتدميره. لذلك، وبغضّ النظر عن مدى قوَّة الزخم التي ربما تكون قد شاهدتها في توسُّع إنجلترا، فإن النتيجة هي أنها اضطرت في النهاية إلى الانسحاب، وأن الأرض كانت لا تزال تابعةً للهند. لا يزال أولئك الذين يعيشون على تلك الأرض هنودًا، وليس الإنجليز. والسبب هو أن هذا شيءٌ لا يسمح به الله. لقد قدَّم بعضٌ ممَّن يبحثون في التاريخ أو السياسة أطروحات بخصوص هذا. إنهم يُقدِّمون أسبابًا لفشل إنجلترا قائلين إنه قد يعود إلى استحالة هزيمة عرق معين، أو إلى أسبابٍ إنسانيَّة أخرى...هذه ليست أسبابًا حقيقيَّة. السبب الحقيقيّ هو أن الله لا يسمح بذلك! يجعل الله أحد الأعراق يعيش على أرضٍ مُعيَّنة ويقيمه هناك، وإذا لم يسمح الله لهم بالانتقال فلن يتمكَّنوا أبدًا من ذلك. إذا حدَّد الله نطاقًا لهم، فسوف يعيشون ضمن ذلك النطاق. لا يمكن للبشر الإفلات أو الخروج من هذه النطاقات. هذا مُؤكَّدٌ. بغضّ النظر عن مدى قوة المعتدين أو مدى ضعف المُعتَدى عليهم، فإن نجاحهم في النهاية يعود إلى الله. لقد سبق فعيَّن هذا بالفعل ولا يمكن لأحدٍ تغييره.

وقد وزَّع الله الأعراق المختلفة بالطريقة المذكورة آنفًا. ما العمل الذي قد عمله الله لتوزيع الأعراق؟ أوَّلاً، أعدَّ البيئة الجغرافيَّة الأكبر وخصَّص مواقع مختلفة للناس ثم يبقى جيلٌ بعد جيلٍ هناك على قيد الحياة. هذا مُقرَّرٌ – نطاق بقائهم مُقرَّرٌ. كما أن حياتهم، وما يأكلون وما يشربون وموارد رزقهم – سبق وقررها الله جميعًا منذ زمن طويل. وعندما كان الله يخلق جميع الكائنات، فإنه صنع إعدادات مختلفة لأنواعٍ مختلفة من الناس: توجد تراكيب مختلفة للتربة ومناخات مختلفة ونباتات مختلفة وبيئات جغرافيَّة مختلفة. توجد أماكن مختلفة بها حتَّى طيور وحيوانات مختلفة، والمياه المختلفة بها أنواع خاصَّة بها من الأسماك والأحياء المائيَّة. وحتَّى أنواع الحشرات يُحدِّدها الله. مثال ذلك، تختلف العصافير في الولايات المُتَّحدة عن العصافير في بر الصين الرئيسي. الأشياء التي تنمو في القارة الأميركيَّة كُلّها كبيرةٌ جدًّا وطويلةٌ جدًّا وقوَّيّةٌ جدًّا. وجذور الأشجار في الغابة ضحلةٌ جدًّا لكنها تنمو لتكون طويلة جدًّا. يمكن حتَّى أن يصل طولها إلى أكثر من مائة مترٍ، ولكن الأشجار الموجودة في الغابات في آسيا ليست في معظمها بهذا الطول. أنا مُتأكِّدٌ من أنكم سمعت جميعًا عن نباتات الصبر. إنها في اليابان نحيلةٌ جدًّا ورقيقةٌ جدًّا، لكن نباتات الصبر في الولايات المُتَّحدة كبيرةٌ حقًّا. هذا مختلفٌ. إنها النوع نفسه من النبات والاسم نفسه، ولكنه في القارة الأمريكيَّة كبيرٌ بوجه خاص. قد لا يرى الناس الاختلافات في هذه الجوانب المُتنوِّعة أو يلاحظونها، ولكن عندما كان الله يخلق جميع الكائنات فإنه حدَّدها وأعدَّ بيئات جغرافيَّة مختلفة وتضاريس مختلفة وكائنات حيَّة مختلفة للأعراق المختلفة. يعود السبب في ذلك إلى أن الله خلق أنواعًا مختلفة من الناس ويعرف ما يحتاجه كُلّ نوعٍ وأنماط حياتهم.

بعد الحديث عن بعض هذه الأشياء، هل لديكم الآن بعض الإلمام بالموضوع الرئيسيّ الذي ناقشناه للتوّ؟ هل لديكم قدرٌ من الفهم له؟ يوجد سببٌ لحديثي عن هذه الأشياء في إطار الموضوع الأوسع – يجب أن تكون لديكم الآن نظرةٌ عامَّة أساسيَّة عنه. أليس كذلك؟ يمكنكم أن تخبروني عن مقدار ما تفهمونه. (نشأت البشريَّة كُلّها على النواميس التي حدَّدها الله لجميع الأشياء. عندما كان الله يُحدِّد هذه النواميس، زوّد أعراقًا مختلفة ببيئاتٍ مختلفة وأنماط حياةٍ مختلفة وأطعمة مختلفة ومناخات ودرجات حرارةٍ مختلفة. كان الهدف من ذلك أن تستقرّ البشريَّة كُلّها على الأرض وتبقى على قيد الحياة. يمكنني أن أرى من خلال هذا أن خطط الله لبقائها دقيقة جدًا، وأستطيع أن أرى حكمته وكماله ومَحبَّته لنا نحن البشر). (لا يمكن لأيّ شخصٍ أو حدثٍ أو شيءٍ تغيير النواميس والنطاقات التي يُحدِّدها الله. فكُلّ شيءٍ تحت حُكمه). بالنظر من منظور النواميس التي حدَّدها الله لنموّ جميع الأشياء، أليست البشريَّة كُلّها، بغضّ النظر عن النوع، تعيش تحت أحكام الله – ألا تعيش كُلّها تحت رعايته؟ إذا تهدَّمت هذه النواميس أو إذا لم يكن الله قد قرَّر مثل هذه الأنواع من النواميس للبشريَّة، فماذا كانت ستكون آفاقها؟ بعد أن فَقَدَ البشر بيئاتهم الأساسيَّة للبقاء، هل سيكون لديهم أيّ مصدرٍ للطعام؟ من المحتمل أن تصبح مصادر الطعام مشكلة. إذا فَقَدَ الناس مصادر طعامهم، أي إذا لم يتمكَّنوا من الحصول على أيّ شيءٍ يأكلونه، فكم عدد الأيَّام التي يمكنهم فيها التحمُّل؟ ربَّما لن يكونوا قادرين على التحمُّل لمدَّة شهرٍ واحد، وسوف يصبح بقاؤهم مشكلةً. ولذلك فإن كُلّ شيءٍ يفعله الله لبقاء الناس، ووجودهم المُستمرّ، وتكاثرهم، وإعالتهم أمرٌ مُهمّ للغاية. يرتبط كُلّ شيءٍ يفعله الله، من بين جميع الأشياء، ارتباطًا وثيقًا ببقاء الناس. إذا أصبح بقاء البشريَّة مشكلةً، فهل من الممكن أن يستمرّ تدبير الله؟ هل سيظلّ تدبير الله موجودًا؟ يتعايش تدبير الله مع بقاء البشريَّة كُلّها التي يرعاها، ولذلك بغضّ النظر عما يُعدّه الله لجميع الأشياء وما يعمله للبشر، فإن هذا كُلّه ضروريٌ له وحاسمٌ لبقاء البشريَّة. إذا جرى التخلّي عن هذه النواميس التي حدَّدها الله لجميع الأشياء، إذا خُرِقَتْ هذه النواميس أو تعطَّلت، فإن جميع الأشياء لن تعود قادرةً على الوجود ولن تستمرّ بيئة البشر في البقاء، ولن تبقى إعالتهم اليوميَّة وكذلك لن يبقوا هم على قيد الحياة. ولهذا السبب، لن يكون تدبير الله لخلاص البشريَّة موجودًا أيضًا فيما بعد.

يرتبط كُلّ شيءٍ قد ناقشناه، كُلّ شيءٍ بالتحديد وكُلّ بندٍ، ارتباطًا وثيقًا ببقاء كُلّ شخصٍ. قد تقولون: "إن ما تتحدَّثُ عنه أمرٌ كبير للغاية لا يمكننا رؤيته"، وربَّما يوجد أشخاصٌ يقولون: "إن ما تتحدَّثُ عنه لا يرتبط بي". ومع ذلك، لا تنسَ أنَّك تعيش كجزءٍ من جميع الأشياء فحسب؛ أنت عضوٌ ضمن كُلّ الأشياء التي هي تحت حُكم الله. لا يمكن فصل جميع الأشياء عن حُكم الله، ولا يمكن لأيّ شخصٍ أن يفصل نفسه عن حُكمه. قد يُؤدِّي فقدان حُكمه وفقدان أحكامه إلى اختفاء حياة الناس، أي حياة الناس في الجسد. هذه هي أهميَّة إنشاء الله بيئاتَ لبقاء البشر. لا يهمّ ما عِرقِك أو قطعة الأرض التي تعيش عليها، سواء في الغرب أو في الشرق – لا يمكنك أن تفصل نفسك عن بيئة البقاء التي أنشأها الله للبشريَّة، ولا يمكنك أن تفصل نفسك عن رعاية وأحكام بيئة البقاء التي أنشأها للبشر. بغضّ النظر عن سُبُلِ معيشتك، أي ما تعتمد عليه للعيش، وما تعتمد عليه للحفاظ على حياتك في الجسد، لا يمكنك أن تفصل نفسك عن حُكم الله وتدبيره. يقول بعض الناس: "أنا لست مزارعًا، ولا أزرع المحاصيل للعيش. لا أعتمد على السماوات للحصول على طعامي، ولذلك فإنني لا أبقى على قيد الحياة في بيئة البقاء التي أنشأها الله. لم يُقدِّم لي ذلك النوع من البيئة أيّ شيءٍ". هل هذا صحيحٌ؟ أنت تقول إنَّك لا تزرع المحاصيل للعيش، ولكن ألا تأكل الحبوب؟ ألا تأكل اللحوم والبَيض؟ ألا تأكل الخضروات والفاكهة؟ لا يمكن فصل جميع الأشياء التي تأكلها، جميع هذه الأشياء التي تحتاجها، عن بيئة البقاء التي أنشأها الله للبشريَّة. ولا يمكن فصل مصدر جميع ما تتطلَّبه البشريَّة عن جميع الأشياء التي خلقها الله، هذه الأنواع من البيئات من أجل البقاء. الماء الذي تشربه والملابس التي ترتديها وجميع الأشياء التي تستخدمها – أيٌ من هذه الأشياء لا يُستمدّ من بين جميع الأشياء؟ يقول بعض الناس: "توجد بعض البنود التي لا تُستمدّ من جميع الأشياء. أنت ترى، لا يُستمدّ البلاستيك من جميع الأشياء. إنه شيءٌ كيميائيّ، شيءٌ من صنع الإنسان". هل هذا صحيحٌ؟ البلاستيك من صنع الإنسان، إنه شيءٌ كيميائيّ، ولكن من أين أتت المُكوِّنات الأصليَّة للبلاستيك؟ اُستمدّت المُكوِّنات الأصليَّة من مواد خلقها الله. الأشياء التي تتمتَّع بها، والتي تراها، كُلّ شيءٍ على حِدةٍ تستخدمه، مُستمدّةٌ كُلّها من جميع الأشياء التي خلقها الله. يعني هذا أنه بغضّ النظر عن عِرق الناس، وبغضّ النظر عن سُبُلِ معيشتهم، أو نوع بيئة البقاء التي يعيشون فيها، لا يمكنهم فصل أنفسهم عن أحكام الله. هل تتعلَّق هذه الأشياء التي قد ناقشناها اليوم بموضوعنا "الله مصدر الحياة لجميع الأشياء"؟ هل تندرج الأشياء التي قد ناقشناها اليوم تحت هذا الموضوع الأوسع؟ (نعم). ربَّما يكون بعض ما تحدَّثتُ عنه اليوم مُجرَّدًا بعض الشيء ومن الصعب مناقشته نوعًا ما. ومع ذلك، أعتقد أنكم ربَّما تفهمونه الآن فهمًا أفضل قليلًا.

مجال الموضوعات التي تشاركنا بها في هذه المرَّات القليلة الأخيرة في الشركة واسعٌ نوعًا ما، ونطاقها عريضٌ، ولذلك يتطلَّب الأمر بعض الجهد منكم لاستيعابه كُلّه. يرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الموضوعات هي أمورٌ لم تُختبَر من قبل في إيمان الناس بالله. يسمعها بعض الناس على أنها لغزٌ، ويسمعها بعض الناس على أنها قِصَّةٌ – فأيٌ منظورٍ هو الصحيحٌ؟ من أيِّ منظورٍ تسمعون هذا كُلّه؟ (لقد رأينا كيف رتب الله جميع الأشياء ترتيبًا منهجيَّا، وأنَّ جميع الأشياء لها هذه النواميس، ومن خلال هذه الكلمات يمكننا أن نفهم أكثر عن أعمال الله وترتيباته الدقيقة من أجل خلاص البشريَّة). هل رأيتم من خلال هذه الأوقات في الشركة نطاق تدبير الله لجميع الأشياء؟ (جميع البشر، وكُلّ شيءٍ). هل الله إله عِرقٍ واحد؟ هل هو إله نوعٍ واحد من الناس؟ هل هو إله جزءٍ صغير من البشريَّة؟ (لا، إنه ليس كذلك). وبما أن هذا ليس هو الحال، في معرفة الناس بالله، إذا كان إله جزءٍ صغير من البشريَّة، أو إذا اعتقدتم أن الله هو إلهكم أنتم فقط، فهل هذا المنظور صحيحٌ؟ بما أنَّ الله يُدبِّر جميع الأشياء ويحكمها، ينبغي إذًا أن يرى الناس أعماله وحكمته وقدرته التي تظهر في حُكمه على جميع الأشياء. هذا شيءٌ يجب أن يعرفه الناس. إذا قلتَ إن الله يُدبِّر جميع الكائنات، ويحكم جميع الكائنات، ويحكم جميع البشر، ولكن لم يكن لديك أيّ فهمٍ أو تبصُّرٍ لحُكمه على البشريَّة، فهل يمكنك أن تعترف حقًّا بأنَّه يحكم على جميع الأشياء؟ قد تُفكِّر في قلبك قائلًا: "يمكنني ذلك لأنني أرى أن حياتي كُلّها يحكمها الله". ولكن هل الله صغيرٌ حقًّا هكذا؟ إنَّه ليس كذلك! أنت لا ترى سوى خلاص الله لك وعمله فيك، ومن هذه الأشياء ترى حُكمه. وهذا نطاقٌ صغير للغاية وله تأثيرٌ على معرفتك الحقيقيَّة بالله. كما أنه يَحدّ من معرفتك الحقيقيَّة بحُكم الله على جميع الأشياء. إذا قيَّدتَ معرفتك بالله بنطاق ما يُقدِّمه الله لك وخلاصه لك، فلن تتمكَّن على الإطلاق من إدراك أنَّه يحكم كُلّ شيءٍ وأنه يحكم جميع الأشياء ويحكم البشريَّة كُلّها. وعندما تُخفِق في التعرُّف على هذا كُلّه، هل يمكنك أن تتعرَّف حقًّا على حقيقة أن الله يحكم مصيرك؟ لا يمكنك. لن تتمكَّن أبدًا في قلبك من التعرُّف على ذلك الجانب – لن تتمكَّن أبدًا من التعرُّف على ذلك المستوى. أنت تفهم، أليس كذلك؟ في الواقع، أعرف درجة قدرتكم على استيعاب هذه الموضوعات وهذا المحتوى الذي أتحدَّث عنه، فلماذا أستمرّ في الحديث عنه؟ لأن هذه الموضوعات أمورٌ يجب أن يفهمها كُلّ شخصٍ يتبع الله، وكُلّ شخصٍ يريد أن يُخلِّصه الله – يجب عليهم أن يعرفوا هذه الموضوعات. وبالرغم من أنَّك لا تفهمها في هذه اللحظة، إلَّا أنَّه في يومٍ ما، عندما تصل حياتك واختبارك للحقّ إلى مستوىً مُعيَّن، وعندما يصل تغيُّرك في شخصيَّة حياتك إلى مستوىً بعينه، وتنمو قامتك إلى درجةٍ مُعيَّنة، سوف تعمل حقًا هذه الموضوعات التي أتكلَّم معك بشأنها في الشركة على دعم سعيك إلى معرفة الله وتحقيق الهدف من سعيك هذا. كان الهدف من هذه الكلمات إذًا هو إرساء أساسٍ وإعدادكم لكي تفهموا في المستقبل أنَّ الله يحكُم على جميع الأشياء وتدركوا الله ذاته.

ومع ذلك، يُحدِّد مقدارٌ كبير من فهم الله الموجود في قلوب الناس مقدار وضعه في قلوبهم. كُلَّما زادت درجة معرفة الله في قلوبهم عَظُمَ وضع الله في قلوبهم. إذا كان الإله الذي تعرفه فارغًا ومُبهمًا، فإن الإله الذي تؤمن به أيضًا فارغٌ ومُبهمٌ. وإذا كان الإله الذي تعرفه محدودًا ضمن نطاقك الخاصّ، فإن إلهك إلهٌ صغير جدًّا ولا علاقة له بالإله الحقيقيّ. وبالتالي، فإن معرفة أفعال الله العمليَّة، ومعرفة حقيقة الله وكونه كُليّ القدرة، ومعرفة الهويَّة الحقيقيَّة لله ذاته، ومعرفة ما لديه ومَن هو، ومعرفة ما قد أظهره بين جميع الأشياء – هذه أمورٌ مُهمَّة جدًّا لكُلّ شخصٍ يسعى إلى معرفة الله. هذه الأمور لها تأثيرٌ مباشر على ما إذا كان الناس يمكنهم الدخول إلى واقع الحقّ. إذا قيَّدتَ فهمك لله بمُجرَّد الكلمات، إذا قيَّدته باختباراتك الخاصَّة القليلة، أو نعمة الله التي تحصيها، أو شهاداتك القليلة عن الله، فإنّي أقول إن الله الذي تؤمن به ليس بالتأكيد الإله الحقيقيّ ذاته، ويمكن القول أيضًا إن الإله الذي تؤمن به هو إله خيالي، وليس هو الإله الحقيقي. يعود السبب في ذلك إلى أنَّ الإله الحقيقي هو الواحد الذي يحكم كُلّ شيءٍ، ويمشي بين كُلّ شيءٍ، ويُدبِّر كُلّ شيءٍ. إنَّه الواحد الذي يحمل مصير البشريَّة كافةً – الواحد الذي يحمل مصير كُلّ شيءٍ. إن عمل الله وأفعاله التي أتحدَّث عنها لا تقتصر فقط على مجموعة صغيرة من الناس. هذا يعني أنَّها لا تقتصر فقط على الأشخاص الذين يتبعونه حاليًا. تظهر أعماله بين جميع الأشياء، في بقاء جميع الأشياء، وفي نواميس تغيُّر جميع الأشياء.

إذا كنت لا تستطيع رؤية أيٍّ من أعمال الله بين جميع الأشياء أو التعرُّف عليه، فلن يمكنك أن تكون شاهدًا لأيٍّ من أعماله. وإذا كنت لا تستطيع الشهادة لله، وإذا واصلتَ الحديث عمَّا يُسمَّى بالإله الصغير الذي تعرفه، ذلك الإله الذي تحدُّه أفكارك الخاصَّة، ويقبع داخل عقلك الضيِّق، إذا واصلت الحديث عن هذا النوع من الإله، فلن يمتدح الله إيمانك على الإطلاق. إذا كنت في شهادتك لله تتحدَّث فقط عن كيف أنَّك تتمتَّع بنعمة الله، وتَقْبَلُ تأديب الله وتزكيته، وتُسرُ ببركاته، فإن هذا غير كافٍ بشكلٍ كبير وبعيدٌ عن إرضائه. أمَّا إذا كنت تريد أن تشهد لله بطريقةٍ تتوافق مع مشيئته، أي أن تشهد للإله الحقّ ذاته، فينبغي لك أن ترى ما لدى الله ومَن هو الله مِن أعماله. يجب أنّ ترى سلطان الله من سيطرته على كُلّ شيءٍ، وأن ترى حقيقة كيفيَّة تدبيره للبشريَّة كُلّها. إذا اعترفتَ فقط أنَّ طعامك وشرابك اليوميَّين وضروريَّاتك في الحياة تأتي من الله، ولكنَّك لا ترى الحقّ أن الله يعول جميع البشر من خلال جميع الأشياء، وأنَّه يقود جميع البشر عن طريق حُكمه لكُلّ شيءٍ، فلن تتمكَّن البتَّة من أنّ تكون شاهدًا لله. الآن فهمتَ هذا كُلّه، أليس كذلك؟ ما هو هدفي من قول هذا كُلّه؟ هدفي هو ألَّا تستخفّوا بهذا الأمر، وحتَّى لا تُصدِّقوا أن هذه الموضوعات التي تحدَّثتُ عنها لا علاقة لها بدخولكم إلى الحياة، وحتَّى لا تعتبروا هذه الموضوعات مُجرَّد نوعٍ من المعرفة أو العقيدة. إذا استمعتم إلى هذا بذلك النوع من الاتّجاه، فلن تكسبوا أيّ شيءٍ. سوف تفقدون هذه الفرصة الرائعة لمعرفة الله. يمكنكم تذكُّر ذلك الآن، أليس كذلك؟

ما هو هدفي من الحديث عن كُلّ هذه الأمور؟ هدفي أن أجعل الناس يعرفون الله، وأن أجعل الناس يفهمون أفعال الله العمليَّة. حالما تفهم الله وتعرف أعماله، يمكنك حينئذٍ فقط أن تحظى بفرصة التعرُّف عليه أو إمكانيَّة ذلك. مثال ذلك، إذا كنت تريد أن تفهم شخصًا ما، فكيف ستفهمه؟ هل سيكون من خلال النظر إلى مظهره الخارجيّ؟ هل سيكون من خلال النظر إلى ما يرتديه وطريقة ملبسه؟ هل سيكون من خلال النظر في كيفيَّة مشيه؟ هل سيكون من خلال النظر في نطاق معرفته؟ (لا). إذًا فكيف تفهم شخصًا ما؟ إنَّك تُصدِر حُكمًا من خلال حديث الشخص وسلوكه، ومن خلال أفكاره، ومن خلال ما يُعبِّر عنه وما يكشفه. هذه هي الطريقة التي تعرف بها شخصًا ما وكيف تفهمه. وبالمثل، إن كنتم تريدون أن تعرفوا الله، إن كنتم تريدون أن تفهموا جانبه العمليّ وجانبه الحقيقيّ، فيجب عليكم أن تعرفوه من خلال أعماله ومن خلال كُلّ شيءٍ عمليّ يفعله على حِدةٍ. هذه هي الطريقة الأفضل، وهي الطريقة الوحيدة.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.