الطبيعة المتغطرسة هي أصل مقاومة الإنسان لله (الجزء الثاني)
اعتدتُ في الماضي أن أتمشى خلال الكنائس، لأرى جميع أنواع الأسر المضيفة، وسائر أنواع المؤمنين بالله. لماذا لم أعد أرغب في التواصل مع عدد كبير جدًا من الناس؟ الناس سيئون للغاية، وغالبيتهم يفتقرون إلى الضمير والعقل على السواء، وليس لديهم مكان لله، ويتآمرون عليه، ولهذا أقرر الابتعاد عن الناس، ولا أفعل سوى العمل الذي عليّ فعله. يقول بعض الناس: "ألا يعيش الله بين الناس؟" أنا أعيش بين الناس، بلا ريب، ولكنني لا يمكنني الإقامة وسط الشر؛ فذلك شديد الخطورة. سيكون جيدًا لو كان لديّ جسد روحانيّ؛ إذ يكون بإمكاني فعل أيّ شيء وسط الناس – جسد روحاني كجسد يسوع سيكون رائعًا؛ حيث يمكنه التصرف كما يحلو له، ولا يجرؤ الناس على اضطهاده – لكنني الآن لديّ جسد طبيعي من اللحم، جسد طبيعي تحديدًا من اللحم، ليس فيه أي شيء خارق للطبيعة، ولذا لا يستطيع الناس قبول هذا؛ إذْ لديهم دائمًا تصورات ويريدون أن يتفحصوا الله. إن تعرض شخص من هذا النوع، بهذا النوع من الشخصية، لشيء من التأديب والعقوبة، ولصداع لمدة شهر، هل تعتقدون أنه سيكون مفيدًا؟ سيكون عديم الفائدة. سيعود للنهوض بعد ذلك الشهر من الصداع وينفِّس عن غضبه. هل ترون أن التأديب وحده يمكن أن يُحدث تغييرًا؟ لا يمكنه ذلك. إذًا، يوجد كثير من الناس الذين تواصلت معهم في الماضي، غير أن قلّة قليلة منهم تحبّ الحق. ليس بوسعي أن أقول لكم سوى أنّ على الناس ألّا يؤمنوا بالله ليحصلوا منه على شيء ما. ما عليك سوى الاهتمام بأداء واجبك جيدًا واستخدام كل طاقتك. إن كانت مقدرتك ضعيفة للغاية وغير ملائمة للاستفادة منها، فعليك الإسراع بالتنحّي. عليك أن تكون مطيعًا وحسن السلوك، وأن تفعل ما يتعين عليك فعله، وألّا تفعل ما لا ينبغي لك فعله، وأن تكون متعقلًا. أنت إنسان، ولولا أن وهبك الله النفَس والحياة والطاقة، لما استطعتَ فعل أي شيء. يجب ألّا يطلب الناس أي شيء، وألّا يقارنوا المؤهلات، فامتلاك المؤهلات غير مفيد لك! إن جعلتك الكنيسة قائدًا فتلك مسؤوليتك، وإن جُعل شخص آخر قائدًا فتلك مسؤوليته. بالطبع، بقدر ما يتعلق الأمر بالعمل، عليك أن تعقد شركة، ولكن ينبغي ألّا تقارن بين المؤهلات قائلًا في نفسك: "لقد تأهلتُ في تلك الكنيسة منذ أمدٍ بعيد؛ فينبغي أن يحترموني. أنا الأكبر سنًّا، وأنت الثاني". لا تقل شيئًا كهذا؛ فهو غير منطقي. يقول بعض الناس أيضًا: "لقد تخليت عن عملي لكي أبذل نفسي لله، وتخليت عن عائلتي، فما الذي حصلت عليه؟ لم أحصل على شيء، وما زال الله يعظ الناس". ما رأيك بهذا الكلام؟ يجب أن يقف الناس في الموقع المناسب وأن يكون الأمر واضحًا لهم فيما يتعلق بكونهم بشرًا، وأنهم لا يزالون بشرًا فاسدين. إن عُيّنتَ قائدًا، فكن قائدًا، وإذا لم تُعيَّن قائدًا فكن تابعًا عاديًا. إن أُسند إليك عملٌ لتقوم به، فلديك فرصة لفعل شيء، وإذا لم يُسنَد إليك عمل لتفعله فلا يمكنك فعل شيء. لا تتفاخر؛ فالتفاخر علامة سيئة، ما يدل على أنك متجه إلى النهاية القصوى؛ أي إلى الموت. لا تتفاخر قائلًا: "لقد ربحت مجموعة من الناس في مكان ما، وهم ثماري. لو لم أذهب، لما أمكن لأحد أن يفعل ذلك. عندما ذهبت، قام الروح القدس بعمل رائع!" لا تتفاخر بهذه الطريقة، بل عليك أن تقول: "كان ربح هؤلاء الأشخاص نتيجة عمل الروح القدس؛ فالمرء لا يمكنه فعل سوى القليل من العمل. إن انتهينا من نشر الإنجيل، وأعادنا الله إلى المنزل، فسنعود إلى المنزل". لا تقل: "ما الخطأ الذي ارتكبته لترسلني إلى البيت؟ إن لم تفصح عن السبب، فلن أذهب إلى البيت!" لا تقم بهذا الطلب، فإن قمت به فيدل ذلك على أن شخصيتك متكبرة بصورة خاصة. إن لم ترتكب خطأ، ألا يمكن إرسالك إلى البيت؟ فحتى إن تصرفت بشكل لائق، ألا يمكن إرسالك إلى البيت؟ وحتى إن تصرفت بشكل صحيح وأحسنت العمل، إذا ما تم إرسالك إلى البيت، فيتعين عليك العودة إلى البيت. وإن هُذِّبتَ فعليك تقبل ذلك والخضوع. هذا التزام ومسؤولية، وعليك ألّا تدافع عن نفسك. آمن أيوب بالله، ولم يركز إلّا على اتّقائه والحيدان عن الشر. لم يطلب أيوب شيئًا، وقد باركه يهوه. يقول بعض الناس: "كان ذلك لأن أيوب كان صالحًا مع الله، ولذلك من الطبيعي أن يباركه الله، كان ذلك مقابل إيمان أيوب وعمله البارّ". هذا غير صحيح، لم يكن مقابل ذلك، بل كان الأمر أن يهوه أراد أن يباركه. لماذا لم يتذمر عندما أخذ يهوه كل شيء منه؟ لِمَ لَمْ يقُل: "عملي بارّ، فأنا مؤهل، ولذا يجب ألّا تعاملني بهذه الطريقة"؟ ليست هذه مسألة ما يجب وما لا يجب! عندما يتعلق الأمر بالإيمان بالله، إن حصل الناس دائمًا على اختيارهم، وتكلموا دومًا عن المفاهيم والتعاليم الإنسانية، فلن يكون ذلك صوابًا، بل هو تكبر وعصيان بَشَريّان. الاختيار البشري هو فسق بشري.
هل تدركون الأمر عندما تكشفون عن شخصياتكم المتعجرفة؟ فبعض الناس لا يدركون ذلك ويقولون: "أنا لست متعجرفًا، ولم أقل البتّةَ أي شيء ينطوي على عجرفة من قبل". الواقع أنك لا تزال لديك شخصية متعجرفة حتى إن كنت غير مدرك لذلك، إلّا أنها لم يُكشف عنها، وعدم كشفك عنها إلى الخارج لا يثبت عدم وجود شخصية متعجرفة لديك؛ إذْ من الممكن أن يكون قلبك أشد عجرفة من قلب أي إنسان آخر، إلا أنك تعرف كيف تتظاهر لكيلا يُكشف عنها، غير أن أهل الفطنة يستطيعون رؤيتها. إذًا فلدى كل إنسان شخصية متعجرفة، وهذه طبيعة البشر المشتركة. الأشخاص ذوو الطبيعة المتغطرسة قادرون على التمرد على الله ومقاومته، والقيام بأعمال تدينه وتخونه، وعمل أشياء تمجِّدهم، وتعدّ مسعىً لتأسيس ممالكهم المستقلّة. هب أن عدة عشرات الآلاف من الأشخاص في بلد ما قبلوا عمل الله، وأن بيت الله أرسلك هناك لقيادة مختاري الله ورعايتهم. وهب أن بيت الله قد سلَّمك السلطة وسمح لك بالعمل بمفردك، دون إشراف مني أو من أي أحد غيري. بعد عدة أشهر، ستصبح حاكمًا ذا سيادة، وستكون كل السُلطة في يديك، وستتخذ القرارات، وجميع المختارين سيبجلونك، ويعبدونك، ويخضعون لك كما لو كنت الله، ويسبحونك مع كل كلمة، ويقولون إن عظاتك عميقة، ويدّعون بإصرار أن أقوالك هي ما يحتاجون إليه، وأنه يمكنك إعالتهم وقيادتهم، وأنه لا مكان في قلوبهم لله. ألن يكون هذا النوع من العمل مثيرًا للمشاكل؟ كيف كنت ستقوم به؟ لكي يكون هؤلاء الناس قادرين على رد الفعل هذا، فإن ذلك سيثبت أن العمل الذي كنت تقوم به لم يتضمن الشهادة لله على الإطلاق؛ بل كان ذلك شهادة لنفسك والتباهي بها. كيف يمكنك تحقيق مثل هذا الأثَرْ؟ يقول بعض الناس: "ما أقدِّم شركة عنه هو الحق؛ أنا بالتأكيد لم أشهد لنفسي قط!" إن هذا الموقف الذي تتبناه – أي هذا الأسلوب – هو محاولة تقديم شركة للناس من موقع الله، وليس الوقوف في موقع إنسان فاسد. كل ما تقوله هو كلام منمق ويحمل مطالب من الآخرين؛ ولا علاقة له بك على الإطلاق. لذلك، فإن الأثر الذي ستحققه هو جعل الناس يعبدونك ويغبطونك حتى يخضعوا لك جميعًا في النهاية، ويشهدوا لك ويمجدوك ويتملقوك حتى عنان السماء. عندما يحدث ذلك، ستكون قد انتهيت؛ ستكون قد فشلت! أليس هذا هو الطريق الذي تسيرون فيه جميعًا الآن؟ إذا طُلب منك قيادة بضعة آلاف أو بضع عشرات الآلاف من الناس، فستشعر بالبهجة. عندها ستفسح المجال للعجرفة وتبدأ بمحاولة احتلال مكان الله، والتحدث والإيماء، ولن تعرف ماذا ترتدي، أو ماذا تأكل، أو كيف تمشي. ستنغمس في وسائل الراحة في الحياة وتتعالى، ولن تتنازل للقاء الإخوة والأخوات العاديين. ستنحطّ تمامًا، وستُكشف وتُستَبعَد، ويُطاحُ بك مثل رئيس الملائكة. أنتم قادرون على ذلك جميعًا، أليس كذلك؟ لذا، ماذا يجب أن تفعلوا؟ إذا اتُخذت الترتيبات في يوم من الأيام لتكونوا مسؤولين عن عمل الإنجيل في كل بلد من البلدان، وكنتم قادرين على سلوك مسار أحد أضداد المسيح، فكيف يمكن توسيع نطاق العمل؟ ألن يكون هذا مزعجًا؟ مَن إذن سيجرؤ على ترككم تذهبون الى هناك؟ بعد أن تم إرسالك إلى هناك، لن تعود أبدًا؛ ولم تهتم بأي شيء قاله الله، واستمررت في التباهي بنفسك والشهادة لها، كما لو كنت تجلب الخلاص للناس، وتقوم بعمل الله، وتجعل الناس يشعرون كما لو أن الله قد ظهر وكان يعمل هنا – وبينما يعبدك الناس، ستشعر بسعادة غامرة، وحتى إذا عاملوك مثل الله، فستقبل هذه المعاملة. بمجرد وصولك إلى هذه المرحلة، ستكون قد انتهيت؛ سيُقضى عليك. دون أن تدرك، فإن هذا النوع من الطبيعة المتعجرفة سيكون في النهاية سبب دمارك. هذا مثال على شخص يسير في طريق أضداد المسيح. إن الذين وصلوا إلى هذه النقطة قد فقدوا الوعي كله؛ إذ توقَّف ضميرهم وعقلهم عن أداء أي وظيفة، وهم حتى لا يعرفون كيف يصلّون أو يبحثون. لا تنتظر حتى ذلك الوقت لتتفكر قائلًا: "عليّ أن أراقب نفسي عن كثب، وعليّ أن أصلّي بإخلاص!" سيكون الوقت عندئذ قد فات. يَلزمك أن تعلم بهذا الأمر مسبقًا، كما تحتاج إلى أن تطلب: "كيف يُفترَض بي أن أتصرف لكي أشهد لله وأؤدي عملي جيدًا من دون الشهادة لنفسي؟ ما الطرق التي عليّ استخدامها لعقد شركة مع الآخرين وقيادتهم؟" هذه هي الطريقة التي يجب أن تستعد بها. فإن تمّت الترتيبات لكم ذات يوم بالفعل لتخرجوا وتعملوا، وظلت لديكم القدرة على تمجيد أنفسكم والشهادة لها، بحيث يفضي ذلك إلى دمار أناسٍ كثيرين ممن هم بين يديك، فستقع في ورطة، وسوف تنزل بك عقوبة الله بعد ذلك! هل من المقبول ألّا أقول هذا الكلام لكم؟ قبل أن أقوله، كنتم قادرين على فعل ذلك. إن كنتم لا تزالون قادرين على فعل ذلك بعد أن قلته، ألا تكونون في ورطة؟ عليكم جميعًا أن تفكروا كيف تقومون بعملكم، وكيف تتصرفون بأفضل طريقة لائقة. فكل ما تقولونه وتفعلونه، وكل تصرف وتحرك، وكل كلمة وفعل، وكل نية في قلوبكم، يجب أن تكون بالمستوى المطلوب. لا يمكن استثناء أحد، ولا يمكنكم استغلال أي ثغرات. على الرغم من أن العجرفة هي طبيعة الإنسان، وليس من السهل تغييرها، ما زال الناس بحاجة إلى معرفة شخصياتهم المتعجرفة، وأن تكون لديهم مبادئ الممارسة. عليك أن تفهم: "إن أُعطيتُ حقًّا بعض الكنائس، كيف سيكون عليّ أن أتصرف لكيلا أستحوذ على مركز الله؟ كيف يتعين عليّ أن أتصرف لكيلا أكون متعجرفًا؟ كيف أتصرف بشكل لائق؟ وكيف أتصرف لأجلب الناس أمام الله، للشهادة له؟". عليك أن تتأمل في هذه الأمور حتى تتّضح. افرضْ لو أن أحدًا سأل: "هل تستطيع أن تقود الكنائس جيدًا؟" وقلتَ: "أستطيع"، غير أنك بدلًا من ذلك قدتَ الناس إلى حضرتك أنت؛ حيث يخضعون لك، ولكنْ ليس لله، ألن تكون هذه مشكلة؟ سواء كنتَ قائدًا أم عاملًا، إن كنت لا تعرف ما معنى جلب الناس أمام الله أو جلبهم أمامك، فهل تستطيع خدمة الله؟ هل يمكنك أن تكون مناسبًا لأن يستخدمك الله؟ حتمًا لا. أليس أولئك القادرون على جلب الناس الآخرين أمام أنفسهم أضدادًا للمسيح؟ إن آمن شخص بالله، لكن لا يوجد مكان لله في قلبه، ولا يتقيه، ولا يملك قلبًا خاضعًا لله، أو الإرادة للخضوع له، فذلك الشخص لا يؤمن بالله؛ فبمن يؤمن إذًا؟ شرّح الأمر بنفسك، ولا تقل بعد ذلك: "أنا لست متعجرفًا، أنا امرؤ صالح، ولا أفعل سوى أمور صالحة" – هذه الكلمات طفولية للغاية! كل الآخرين متعجرفون، أما أنت فلا؟ لقد كُشفتَ على هذا النحو، ولكنك ما زلت لا تعرف نفسك، وما زلت تقول إنك لست متعجرفًا؛ أنت عديم الحياء تمامًا! أنت فاقد الإحساس إلى درجة لا يهمك فيها كيف يتم كشفك! هل تعرفون الغرض من قولي هذا الكلام؟ لمَ أكشف الناس على هذا النحو؟ إن لم أكشفهم على هذا النحو، هل سيتمكنون من معرفة أنفسهم؟ إن لم أكشف الناس على هذا النحو، سيظل الناس يعتقدون أنهم جيدون للغاية، وأنهم يؤدون عملهم خير أداء، ولا عيوب لديهم لتتم الإشارة إليها، وأنهم على ما يرام من جميع النواحي. وحتى إن كانوا جميعًا على ما يرام، فينبغي ألّا يكونوا في حالة عجرفة، ولا ينبغي أن يعتقدوا أنهم مؤهلون، ولا أن يتباهوا. أنا لا أكشف حالات الناس بهذه الطريقة لأحكم عليهم بالموت، ولا لأقول لهم إنهم لا يمكنهم نيل الخلاص، بل للسماح لهم بمعرفة أنفسهم حق المعرفة، وفهم جوهرهم الفاسد وطبيعتهم، لكي يصلوا إلى معرفة حقيقية لأنفسهم. هذا مفيد حينما يحاولون التخلص من شخصياتهم الفاسدة. إن استطعتم معاملة كلامي الهادف لكشف الناس وتهذيبهم بالطريقة الصحيحة، واستطعتم تجنب الوقوع في السلبية، وأداءَ واجبكم بصورة طبيعية، وأمكنكم جعل شؤون بيت الله شؤونكم، وتحمُّل المسؤولية دون الوقوع في اللامبالاة، واستطعتم الإخلاص لله، فهذا الموقف عندئذ يكون سليمًا، وستتمكنون من أداء واجبكم بشكل جيد.
هناك بعض الأشخاص الذين غالبًا ما يخالفون المبادئ عندما يعملون؛ فهم لا يقبلون التهذيب، ويعرفون في قلوبهم أن الأشياء التي يقولها الآخرون مطابقة للحق، ولكنهم لا يقبلونها. أمثال هؤلاء الأشخاص متعجرفون وبارّون في أعين ذواتهم. لِمَ أقول إنهم متعجرفون؟ إن كانوا لا يقبلون التهذيب، فهم غير مطيعين، ألا يعتبر العصيان عجرفة؟ هم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، ولا يرون أنهم يرتكبون أخطاء، ما يعني أنهم لا يعرفون أنفسهم، وهذه عجرفة. لذا، توجد بعض الأمور التي تحتاج إلى أن تحللها بجدّيّة، وتسبرَها شيئًا فشيئًا. حينما تقومون بعمل الكنيسة، إن حظيتَ بإعجاب الآخرين، وأعطوك مقترحاتهم، وانفتحوا عليك في الشركة، فهذا يُثبت أنك قد أتقنتَ عملك. أما إذا كان الناس غالبًا مقيَّدين من قِبلك، فسوف يتوصلون تدريجيًّا إلى تمييزك، وسيبتعدون عنك، ما يدل على أنك لا تملك واقع الحق، ومن ثم فكل ما تقوله هو حتمًا مجرد كلام وتعاليم يُقصد منه تقييد الآخرين. يتم تبديل بعض قادة الكنائس، فلماذا يتم تبديلهم؟ لأنهم لا يتحدثون إلّا بكلام وتعاليم، ويتباهون دائمًا ويشهدون لأنفسهم. يقولون إن مقاومتك إيّاهم مقاومة لله، وإن من يُبلغ "الأعلى" عن المواقف يربك عمل الكنيسة. ما نوع هذه المشكلة؟ لقد أصبح هؤلاء الناس بالفعل شديدي العجرفة حتى لم يعد لديهم عقل. ألا يُظهر هذا حقيقتهم كأضداد للمسيح؟ ألن يتطور هذا إلى الشروع في إقامة ممالكهم المستقلة؟ سوف يعبدهم بعض الناس الذين بدأوا للتو بالإيمان ويشهدون لهم، وسيستمتعون بذلك كثيرًا ويشعرون بسرور كبير. إن شخصًا بهذه العجرفة مصيره الهلاك بالفعل، والمرء الذي يمكنه القول "مقاومتي هي مقاومة لله" قد غدا بالفعل بولسًا حديثًا؛ فليس من فرق بين هذا وبين بولس عندما قال: "لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ". أليس الأشخاص الذين يتحدثون على هذا النحو في خطر عظيم؟ حتى إن لم يقيموا ممالك مستقلة، فهم لا يزالون أضدادًا حقيقيين للمسيح. إن كان شخص كهذا سيقود كنيسة ما، فسرعان ما ستصبح تلك الكنيسة مملكة لأضداد المسيح. بعد أن يصبح بعض الأشخاص قادة للكنيسة، يركزون بصورة خاصة على إلقاء عظات متعالية والتباهي، والتحدث خصيصًا بأسرار حتى يتطلع الناس إليهم، والنتيجة هي أن يبتعدوا أكثر فأكثر عن واقع الحق، حيث يفضي هذا بغالبية الناس إلى عبادة النظريات الروحية. من يتحدث بتعالٍ هو الذي يستمع إليه الناس، ومن يتحدث عن الدخول في الحياة لا يأبه به الناس. أليس هذا تضليلًا للناس؟ إن عقد أحد شركة عن واقع الحق، لا يستمع أحد، وهذه مشكلة. لا أحد يمكنه قيادة الكنيسة سوى هذا الشخص؛ لأن الجميع يعبدون النظريات الروحانية، والذين لا يستطيعون الحديث عن النظريات الروحية لا يقوَوْن على الصمود. هل ما زال بإمكان كنيسةٍ كهذه الحصول على عمل الروح القدس؟ هل يستطيع الناس الدخول إلى واقع الحق؟ لماذا يتم رفض عقد الشركة حول الحق والتحدث عن اختبارات حقيقية، إلى درجة أنهم لا يرغبون في الاستماع إليّ وأنا أعقد شركة حول الحق؟ ذلك على أن هؤلاء القادة قد ضللوا هؤلاء الناس وسيطروا عليهم، بينما يستمع هؤلاء الناس إليهم ويخضعون لهم بدلًا من الخضوع لله. من الواضح أن هؤلاء الناس هم من نوعية الذين يخضعون لقادتهم بدلًا من الخضوع لله. وبما أن الذين يخلصون في إيمانهم بالله ويسعون إلى الحق ليسوا من نوعية من يعبدون الناس أو يتبعونهم، فهم لديهم في قلوبهم مكان لله، ولديهم قلوب تتقي الله، فكيف أمكن إذًا أن يقيدهم الناس، وكيف أمكن أن يخضعوا طائعين لقائد كاذب لا يملك واقع الحق؟ إن أخشى ما يخشاه القائد الكاذب هو شخص يمتلك واقع الحق، شخص يتقي الله ويحيد عن الشر. إن كان شخص ما لا يملك الحق، ومع ذلك يريد جعل الآخرين يطيعونه، أليس ذلك إبليسًا أو شيطانًا يتصف بأقصى درجة ممكنة من العجرفة؟ إن احتكرتَ أنت الكنيسة أو سيطرتَ على شعب الله المختار، فقد أسأت إلى شخصية الله ودمرتَ نفسك، وقد لا تتاح لك حتى الفرصة للتوبة. يتعين على كلٍّ منكم أن يكون حذرًا؛ فهذا أمر جِدُّ خطير، وهو شيء يمكن لأي شخص فعله بمنتهى السهولة. لعل البعض يقول: "ببساطة لن أفعل ذلك، ولن أشهد لنفسي!" وما ذلك إلّا لأنك عملت فترةً قصيرة فحسب، وفيما بعد، ستجرؤ على فعله، وستزداد جرأة شيئًا فشيئًا – وكلما فعلته أكثر، غدوت أكثر جرأة. إن كان الأشخاص الذين تقودهم سيتباهون بك ويُصغون إليك، فستشعر بالطبع أنك كنت عالي الشأن، وأنك كنت مذهلًا: "انظر إليّ، أنا في غاية البراعة، وبإمكاني قيادة كل هؤلاء الأشخاص، وهم جميعًا يستمعون إليّ؛ والأشخاص الذين لا يستمعون إليّ أُخضعهم، وهذا يثبت أنني أتمتع ببعض القدرة على العمل، وأنا كفؤ لعملي". ومع مضيّ الوقت، تبدأ عناصر العجرفة في طبيعتك بالكشف عن نفسها، وتصبح شديد العجرفة حتى تفقد عقلك، وتغدو في خطر. هل تستطيع إدراك هذا بوضوح؟ حالما تكشف عن شخصيتك المتعجرفة والعاصية ستكون في ورطة. أنت لا تستمع حتى عندما أتكلم، ويستبدل بيت الله بك غيرك، ومع ذلك تجرؤ على القول: "دع الروح القدس يكشفها". وكونك تقول هذا يثبت أنك لا تقبل الحق. إن عصيانك أكبر من المعقول؛ فقد كشف عن جوهر طبيعتك. أنت لا تعرف الله البتّةَ؛ ولذلك أقول هذا كله لكم اليوم لكي تراقبوا أنفسكم عن كثب. لا ترفعوا من شأن أنفسكم أو تشهدوا لها. من المتوقع أن يحاول الناس إقامة ممالكهم المستقلة؛ لأنهم جميعًا يحبون المنصب والثروة والمجد والغرور، وأن يكونوا عاملين ذوي مكانة عالية، ويُظهروا القوة: "انظر مدى الصرامة التي قلتُ بها تلك الكلمات. في اللحظة التي تصرفتُ فيها مهدِّدًا فقدوا شجاعتهم وأصبحوا مذعنين". لا تُظهرْ هذا النوع من القوة، فهو غير مُجدٍ، ولا يثبت شيئًا. إنما يدلل فقط على أنك متعجرف بشكل خاص، وأنك ذو شخصية ضعيفة، ولا يثبت أنك تتمتع بأي مقدرة، فضلًا عن أن تتمتع بواقع الحق. بعد الاستماع إلى العظات لبضع سنوات، هل تعرفون جميعًا أنفسكم؟ ألا تشعرون أنكم في ظروف خطيرة؟ لولا كلام الله وعمله لتخليص العديدين، أما كنتم لتُنشئوا ممالك مستقلة؟ ألستم تريدون احتكار الكنائس التي أنتم مسؤولون عنها، وبسط نفوذك على أولئك الناس، حتى لا يستطيع أحد منهم الخروج عن سيطرتك، وبحيث يضطرون إلى الاستماع إليك؟ إن سيطرت على الناس حالما تفعل هذا، فأنت عندئذ الشيطان إبليس. إنه لخطير جدًا أن تكون لديك مثل هذه الأفكار؛ فقد وطئت بالفعل مسار أحد أضداد المسيح. إن لم تتأمل في نفسك، ولم تستطيع الاعتراف لله بخطاياك وتتوب، فسيتم حتمًا نبذك، ولن يبالي الله بك أبدًا. ينبغي أن تعرف كيف تتوب، وكيف تغير اتجاهك لكي تتماشى مع مقاصد الله، ولتضمن عدم الإساءة إلى شخصية الله. لا تنتظر حتى يقرر بيت الله أنك ضد المسيح ويطردك؛ فبحلول ذلك الوقت سيكون الوقت قد فات.
خريف عام 1997
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.