ما هو واقع الحق؟ (الجزء الثالث)

ما الأولوية الأولى في ما يتعلق بالسعي إلى الحق والحصول عليه الآن؟ هي أن تُشرِّح أولًا المغالطات والأقوال الزائفة التي كنت تعتقد سابقًا أنها صحيحة والتي تنتمي إلى المفاهيم التقليدية، وأن تتخلص منها فور أن تفهم جوهرها تمامًا. هذه الأشياء هي الطبقة الأولى من الأغلال التي تُقيِّد الناس. الآن، كم من هذه الأشياء لا تزالون تحتفظون بها في قلوبكم؟ هل تخلصتم منها تمامًا؟ (ليس تمامًا). هل من السهل التخلص من هذه الأشياء؟ على سبيل المثال، يرغب بعض الناس في أداء واجباتهم لكنهم يشعرون أيضًا أنه يجب عليهم إكرام والديهم، وهو ما ينطوي على عواطف. إذا واصلت تهذيب عواطفك فحسب، وأخبرت نفسك ألا تفكّر في والديك وعائلتك، وأن تفكّر فقط في الله وتركّز على الحق، لكنّك لا تزال غير قادر على التوقف عن التفكير في والديك، فإنّ هذا لا يُمكن أن يحل المشكلة الأساسية. لحل هذه المشكلة، تحتاج إلى تشريح الأشياء التي كنت تعتقد أنها صحيحة، إلى جانب الأقوال والمعارف والنظريات التي ورثتها والتي تتوافق مع المفاهيم البشرية. إضافةً إلى ذلك، عند التعامل مع والديك، فإنَّ ما إذا كنت ستفي بالتزاماتك برعايتهما – بصفتك ابنًا – لا بد أن يعتمد بصورة كلية على ظروفك الشخصية وترتيبات الله. ألا يُفسّر هذا الأمر تمامًا؟ عندما يترك بعض الناس والديهم، يشعرون أنّهم مدينون لوالديهم بالكثير وأنّهم لا يفعلون شيئًا من أجل والديهم. لكن بعد ذلك عندما يعيشون معًا، فإنهم لا يبرّون والديهم على الإطلاق، ولا يُوفون بأي من التزاماتهم. هل هذا شخصٌ بارٌّ حقا؟ هذا قول كلام فارغ. مهما كان ما تفعله، أو ما تفكّر فيه، أو ما تُخطّط له، فإنّ تلك الأشياء ليست مهمّة. المهم هو ما إذا كنت تستطيع أن تفهم وتؤمن حقا أنّ جميع الكائنات المخلوقة هي في يدي الله. يتمتّع بعض الوالدين بهذه البركة وهذا المصير المتمثل في أن يتمكنوا من الاستمتاع بالهناء المنزلي وسعادة العائلة الكبيرة والمزدهرة. هذه هي سيادة الله، وبركة يُعطيها الله لهم. بعض الوالدين ليس لديهم هذا المصير؛ لم يُرتّب الله هذا لهم. إنهم ليسوا مُبارَكين بالاستمتاع بعائلة سعيدة، أو بالاستمتاع ببقاء أطفالهم بجانبهم. هذا هو ترتيب الله ولا يستطيع الناس أن يفرضوا هذا. مهما كان الأمر، في نهاية المطاف عندما يتعلق الأمر ببرّ الوالدين، يجب أن يكون لدى الناس على الأقل عقلية الخضوع. إذا سمحت البيئة وكان لديك الوسائل للقيام بذلك، فيمكنك حينئذٍ إظهار برك بوالديك. إذا لم تسمح البيئة بذلك وكنت تفتقر إلى الوسائل، فلا تُحاوِل فرض ذلك؛ ماذا يُسمّى هذا؟ (الخضوع). هذا ما يُسمّى بالخضوع. كيف يتحقق هذا الخضوع؟ ما هو أساس الخضوع؟ إنه يعتمد على كل هذه الأشياء التي رتبها ويحكمها الله. على الرغم من أن الناس قد يرغبون في الاختيار، فإنهم لا يستطيعون ذلك، وليس لديهم الحق في الاختيار، ويجب عليهم الخضوع. عندما تشعر أنّ الناس يجب أن يخضعوا وأنّ كل شيء مُرتّب من قِبَل الله، ألا تشعر بمزيد من الهدوء في قلبك؟ (نعم). فهل سيشعر ضميرك بالتأنيب حينها؟ لن يعود يشعر بالتأنيب المستمرّ، ولن تعود فكرة أنك لم تكن بارًّا بوالديك تسيطر عليك. ربما تظل تفكر في الأمر من حين لآخر لأن هذه بعض الأفكار أو الغرائز الطبيعية الموجودة في الإنسانية، ولا يمكن لأحد تجنّبها. على سبيل المثال، عندما يرى الناس العاديون أنَّ والدتهم مريضة، يشعرون بالضيق ويتمنون لو أنَّ بإمكانهم أن يعانوا مكانها. يقول بعض الناس: "لو أنه كان من الممكن أن تُشفَى والدتي، وإن كان ذلك يعني تقصير حياتي بضع سنوات!" هذا هو الجانب الإيجابي للإنسانية؛ إنها غريزة بشرية. إذًا، عندما ترى أنّ والدتك مريضة وتشعر بالضيق، هل شعور البؤس هذا مشكلة؟ لا، ليس مشكلة، لأنّ هذا شيء يجب أن تمتلكه الإنسانية الطبيعية. الشعور بالضيق في قلبك أمرٌ جيد؛ إنه يُثبِت أنّ لديك قلبًا وأنّ لديك إنسانية. في هذا العالم، والدتك هي الشخص الذي رتب الله أن تكون الأقرب إليه. إذا كانت مريضة وتتألم، وأنت غير مبالٍ، فهل ما تزال إنسانًا؟ إذا قلت: "ليس لديّ مشاعر تجاهها وليس لديّ مشاعر تجاه ألمها، لا أشعر بالألم إلا عندما يشعر الله بالألم!" هل هذا القول حقيقي؟ إنه ليس حقيقيًا؛ إنه زائف. إنَّ أمك قد أنجبتك، وربَّتك لسنوات عديدة، وهي أقرب شخص إليك، وهي تُحبّك أكثر من أي شخص آخر. إذا لم تشعر بأي ضيق في قلبك عندما تكون هي مريضة وتتألم، فلا بُدّ أن قلبك قاسٍ للغاية! هذا ليس طبيعيًّا؛ لا تسعَ لأن تكون هذا النوع من الأشخاص. الشعور بالضيق بِسَبَب هذا أمرٌ طبيعيٌّ للغاية، لكن إذا توقفت عن أداء واجبك بِسَبَب هذا الشعور بالضيق وشكوت من الله، فهل هذا طبيعيٌّ؟ (لا، إنه ليس طبيعيًّا). لماذا هو ليس طبيعيًّا؟ لأنّ تفكيرك لا يتوافق مع الحق وليس ما يجب أن تتمتع به الإنسانية الطبيعية، إنه ليس طبيعيًّا. لدى الناس طبيعة الشيطان، وهم يعيشون بِحَسَب شخصيّاتهم الفاسدة، لذا يمكنهم انتهاك الحق وفقدان ضمائرهم وعقولهم، تمامًا كما يُصابون فجأةً بمرضٍ عقليٍّ. هذا ليس طبيعيًّا، فكيف يحدث هذا؟ إنه ناتج عن شخصيّات الناس الفاسدة. حالما يُكشَف عن شخصيّاتهم الفاسدة، يمكنهم مقاومة الله في أي وقتٍ وفي أي مكانٍ، ويمكنهم أن يُنتجوا بعض الأفكار التي لا تتماشى مع الحق والتي تتمرد على الله فجأةً في أي وقتٍ وفي أي مكانٍ. هكذا هو الأمر.

جميع البشر الفاسدين لديهم مشاعر وغالبًا ما تُقيّدهم، وهو ما يجعلهم غير قادرين على الخضوع لله أو التصرف وفقًا لمبادئ الحق. لتحقيق الخضوع لله، يجب على المرء أن يعالج مشكلة المشاعر. أي نوعٍ من المشاعر يعيق الناس أكثر من غيره عن ممارسة الحق ولا بد من التخلص منه؟ أي نوعٍ من المشاعر هو جزءٌ مما يجب أن تمتلكه الإنسانية الطبيعية وليس مشكلة؟ أي نوعٍ من المشاعر ينتمي إلى شخصيةٍ فاسدة؟ يجب تمييز هذه الأشياء بوضوح. على سبيل المثال، لنفترض أنّ طفلكِ يتعرّض للتنمر، وبصفتكِ أمه، فأنتِ تحمينه وتذهبين للبحث عن العائلة التي تنمّرت على طفلكِ لكي تتفاهمي معها؛ هل هذا طبيعيٌّ؟ إنّه طفلكِ، لذلك من المناسب والطبيعي أن تحميه. لكن إذا كان طفلكِ يتنمّر على الأطفال الآخرين، بل إنه يتنمر على الأطفال حسني السلوك، ورأيتِ ذلك لكنّكِ لم تهتمّي، وتعتقدين أنّ طفلكِ رائعٌ للغاية، بل إنك علمته سرًّا أن يضرب الآخرين، وعندما جاء الآخرون للتفاهم معكِ، ظللتِ تدافعين عن طفلكِ، فهل هذا السلوك صحيح؟ لا، إنه ليس كذلك. ما المشكلة في هذا السلوك؟ إنه مدفوع بالمشاعر. لماذا أقول إنّه مدفوع بالمشاعر؟ أنتِ تعتقدين أنّه من غير المقبول أن يتنمّر الآخرون على طفلكِ، وإذا عانى طفلكِ قليلًا، فإنّكِ تذهبين على الفور لحل المشكلة وتطلبين تفسيرًا، فلماذا تتعامين عن تنمّر طفلكِ على أطفال الآخرين؟ بل إنكِ تشجّعين طفلكِ على ضرب الآخرين، أليس هذا حقد؟ الناس الذين يفعلون هذا شخصيّاتهم حقودة. كيف يمكن تفسير هذا من منطلق المشاعر؟ ما الذي يُميِّز المشاعر؟ ليس شيئًا إيجابيًّا بالطبع. إنه تركيزٌ على العلاقات الجسديَّة وإشباع ميول الجسد. فالمحاباة، والدفاع عن الخطأ، والتدليل، والترفيه والتهاون معهم – كلها أمورٌ تندرج تحت المشاعر. بعض الناس يُعلقون آمالًا كبيرة على المشاعر، فهم يتفاعلون مع كل ما يحدث لهم بناءً على مشاعرهم؛ وفي قلوبهم، هم يعرفون جيِّدًا أن هذا خطأ لكنهم ما يزالون عاجزين عن أن يكونوا موضوعيّين، فضلًا عن أن يتصرفوا وفقًا للمبدأ. عندما يكون الناس مقيّدين بالمشاعر على الدوام، هل يمكنهم ممارسة الحق؟ هذا صعبٌ للغاية! إنَّ عجز كثيرين من الناس عن ممارسة الحق يرجع إلى المشاعر؛ فهم يعتبرون المشاعر ذات أهميَّةٍ خاصَّة، ويضعونها في المقام الأوَّل. هل هم أناسٌ يحبّون الحق؟ بالتأكيد لا. ما جوهر المشاعر؟ إنها نوعٌ من الشخصيَّة الفاسدة. يمكن وصف مظاهر المشاعر باستخدام عدَّة كلماتٍ: المحاباة، وحماية الآخرين على نحو لا يستند إلى المبادئ، والحفاظ على العلاقات الجسديَّة، والتحيُّز؛ هذه هي المشاعر. ما العواقب المحتملة لامتلاك الناس المشاعر وعيشهم وفقًا لها؟ لماذا يمقت الله مشاعر الناس؟ بعض الناس مقيَّدون دائمًا بمشاعرهم ولا يمكنهم تطبيق الحق، ورغم أنهم يرغبون في الخضوع لله، فهم لا يستطيعون ذلك؛ لذا يشعرون أن مشاعرهم تعذبهم. يوجد الكثير من الناس الذين يفهمون الحق لكنهم لا يستطيعون تطبيقه؛ هذا أيضًا لأن المشاعر تقيدهم. على سبيل المثال، يترك بعض الناس منازلهم لأداء واجباتهم، لكنّهم يفكّرون دائمًا في عائلاتهم، ليلًا ونهارًا، ولا يمكنهم أداء واجباتهم جيدًا. أليست هذه مشكلة؟ بعض الناس معجبون سرًا بشخص ما، ولا يوجد في قلوبهم مكان إلا لذلك الشخص، وهو ما يؤثّر على أدائهم لواجباتهم. أليست هذه مشكلة؟ بعض الناس يُعجبون بآخرين ويفرطون في محبتهم لهم؛ لن يستمعوا لأي شخصٍ باستثناء هذا الشخص، لدرجة أنهم لا يستمعون حتى إلى ما يقوله الله. حتى لو قدّم شخصٌ آخر شركة عن الحق معهم، فلن يقبلوه؛ إنهم يستمعون فقط إلى كلمات هذا الشخص، إلى كلمات معبودهم. لدى بعض الناس معبود في قلوبهم، ولا يسمحون للآخرين بالتحدث عن معبودهم أو المساس به. إذا تحدّث أي شخصٍ عن مشاكل معبودهم، فإنّهم يغضبون ويضطرّون للدفاع عن معبودهم وتغيير كلمات هذا الشخص. إنهم لا يسمحون بأن يُعاني معبودهم من ظلمٍ دون دفاع عنه، ويفعلون كل ما في وسعهم لحماية سمعة معبودهم؛ من خلال كلماتهم، تُصبِح أخطاء معبودهم صحيحة، ولا يسمحون للناس بقول كلماتٍ حقيقية أو فضحهم. هذا تحيز؛ وهذه تُسمى مشاعر. هل المشاعر موجّهة نحو عائلة المرء فقط؟ (لا). المشاعر واسعة النطاق إلى حد كبير؛ إنها نوعٌ من الشخصية الفاسدة، لا تتعلق فقط بالعلاقات الجسدية بين أفراد الأسرة، ولا تقتصر على هذا النطاق. يمكن أن تشمل أيضًا رئيسك في العمل، أو شخصًا أظهر لك معروفًا أو ساعدك، أو شخصًا لديه علاقة قريبة للغاية معك أو يتوافق معك، أو شخصًا من بلدتك أو صديقًا، أو حتى شخصًا أنت معجب به – هذا ليس ثابتًا. إذًا، هل التخلص من المشاعر أمرٌ يقتصر على عدم التفكير في والديك أو عائلتك؟ (لا). هل من السهل التخلص من المشاعر؟ عندما يصل معظم الناس إلى الثلاثينيّات من العمر ويُمكنهم العيش بشكلٍ مستقل، فإنّهم لا يفتقدون منزلهم كثيرًا، وبحلول الأربعينيّات من العمر، يُصبِح هذا أمرًا طبيعيًّا تمامًا. عندما يكون الناس لم يصلوا إلى سنّ الرشد بعد، فإنّهم يشعرون بالحنين إلى الديار للغاية ولا يمكنهم ترك والديهم لأنهم لا يملكون بعد القدرة على البقاء على قيد الحياة بشكلٍ مستقل. إنّ افتقاد عائلتك وافتقاد والديك أمرٌ طبيعيٌّ. إنها ليست مسألة مشاعر. إنها تصبح مسألة مشاعر عندما يغدو موقفك ووجهة نظرك حول القيام بالأشياء ملوثًا بالعواطف. نظرًا لوجود رابطة دم بينك وبين والديك على المستوى الجسدي، ولأنكم عشتم معًا لسنوات عديدة، فمن الطبيعي أن تفتقد والديك. يقول بعض الناس إنهم لا يفتقدون والديهم على الإطلاق، لكن ربما يكونون قد غادروا المنزل مؤخّرًا، وكل مكان ينظرون إليه جديدٌ تمامًا، وقد تخلصوا أخيرًا من تذمّر والديهم، ولا أحد يُحاوِل السيطرة عليهم، لذلك يشعرون بالسعادة. لكن هل الشعور بالسعادة يعني أنّه ليس لديهم مشاعر؟ لا، لا يعني ذلك. يقول بعض الناس: "إنني أؤمن بالله منذ عدّة سنوات، وقد صرت أفهم بعض الحقائق. أؤدي واجبي دون أن تُقيّدني المشاعر على الإطلاق، ولم تعد لديّ مشاعر". هل هذا القول عمليٌّ؟ من الواضح أنّ هذه كلمات شخصٍ لا يفهم الحق. عندما يستمع الناس إلى العديد من العظات، ويفهمون بعض الكلمات والتعاليم، ويستطيعون التحدّث عن بعض النظريات الروحية، فإنّهم يفكرون: "لقد كبرتُ في قامتي وفهمت العديد من الحقائق. إذا أُلقي القبض عليّ، فلن أكون يهوذا. على الأقل لديّ هذا الإيمان والعزم. أليست هذه قامة؟ عندما أستعيد في ذهني حماسي في بداية إيماني بالله، كنت على استعدادٍ لتكريس حياتي كلها لله. لم يتغيّر هذا الحماس وهذا القسم ولم يتلاشيا على الإطلاق. أليس هذا تقدُّمًا؟" هل هذه ظاهرةٌ سطحية؟ (نعم). هذه كلها ظواهرُ سطحية. إذا أراد الناس تحقيق تقدُّمٍ حقيقيٍّ، فيجب عليهم فهم الحق. هل يمكن أن يؤدّي التحدّث عن التعاليم والنظريات الروحية إلى تحقيق تغييرٍ حقيقيٍّ؟ (لا، لا يمكنه ذلك). إذا كنت لا تستطيع حتى أن تحل مشاكلك الخاصة ولا يمكنك تطبيق أي من الحق، فهل يمكنك أن تفيد الآخرين؟ إنّ مجرّد الاستماع إلى العظات وفهم التعاليم أمرٌ لا طائل من ورائه؛ لا بد لك من ممارسة كلام الله واختباره. عندما تفهم الحق، يجب عليك ممارسته؛ حينها فقط ستمتلك الواقع. لا يمكنك فهم الحق بشكلٍ أعمق إلا من خلال ممارسته، ولا يمكنك ربح الحق إلا عندما تفهمه حقا، ولا يمكنك النموّ إلا من خلال ربح الحق.

ماذا تفهمون الآن بعد أن عقدت الشركة معكم وساعدتكم على تمييز ما هو الحق وما هي الكلمات الصحيحة؟ (أنّ علينا أن نرى الأشياء بناءً على مبادئ الحق، وأننا لا يمكننا التعامل مع السلوكيات الخارجية الجيدة المعتادة أو التعاليم الروحية على أنَّها الحق). لا يُمكن للسلوكيات الجيدة والأقوال الصحيحة أن تُغيِّر شخصًا. مهما كان مدى صحتها، فالأمر لا يقتصر على أنها ليست الحق فحسب، بل ليس لها أي علاقة بالحق. إذا تمسّكت بها دائمًا وعاملتها على أنَّها الحق، فلن تفهم الحق أبدًا ولن تربح الحق أبدًا. هذا جانبٌ؛ وثمة جانبٌ آخر، وهو: هل يُمكن للتعاليم الروحية أن تُمكِّن الشخص من فهم الحق؟ (لا، لا يُمكنها ذلك). لماذا؟ على الرغم من أنّه يُمكن اعتبار التعاليم الروحية كلها كلماتٍ صحيحة، فإنها لا يُمكنها تحقيق نتيجة تغيير شخصيّات الإنسان الفاسدة. إذًا، ما الذي يُمكن الاعتماد عليه بالضبط لتغيير شخصيّات الإنسان الفاسدة؟ يقول بعض الناس إنه يجب الاعتماد على الحق، ويقول بعض الناس إنه يجب الاعتماد على فهم الحق وقبوله، ويقول آخرون إنه يجب الاعتماد على ممارسة الحق. هل هذه الكلمات صحيحة؟ من منظورٍ حرفيٍّ، ثمة جانبٌ صحيحٌ في كل منها، لكنّها كلها أكثر التعاليم ضحالةً؛ لا يُمكن لهذه التعاليم أن تُخلصك أو تحل مصاعبك. عندما تواجه موقفًا ويخبرك الناس أنّه يجب عليك قبول الحق، فستقول: "كيف لي أن أقبله؟ لديّ مصاعب، ولا يُمكنني الإفلات منها!" هل يُمكن أن تُصبِح هذه التعاليم طريقك لممارسة الحق؟ (لا، لا يُمكنها ذلك). يقول بعض الناس إنّه عندما تواجه موقفًا، يجب أن تأكل وتشرب المزيد من كلام الله. لقد سمعت هذا مراتٍ عديدة، لكن أي من مصاعبك قد حلها ذلك؟ من الصحيح أن تأكل وتشرب المزيد من كلام الله، لكن أي جانبٍ من كلام الله يجب أن تأكل وتشرب؟ كيف يجب أن تربطه بمصاعبك؟ بعد ربطه بمصاعبك، كيف تحل هذه المصاعب؟ ما طريق الممارسة؟ أي جانبٍ من الحق يجب أن تستخدمه لحل مصاعبك؟ أليست هذه مشاكل حقيقية؟ (نعم). هذه هي المشاكل الحقيقية. لذلك، لا يُمكن للتعاليم الصحيحة حل مصاعب الناس العمليَّة، فضلًا عن حل شخصيّات الناس الفاسدة. ماذا بالضبط يُمكنه حل شخصيّات الناس الفاسدة؟ يعلم الجميع أنّ الحق وحده هو الذي يُمكنه حل مشكلة شخصيّات الناس الفاسدة، لكن إذا لم يفهم الناس ما هو الحق، أو إذا لم يطلبوا الحق أو يقبلوه، فهل يُمكن حل شخصيّاتهم الفاسدة؟ (لا). لذلك، لحل الشخصيات الفاسدة، يجب على المرء أن يختبر عمل الله. وهذا يعني أنّه لا يُمكن تطهير شخصيّات المرء الفاسدة إلا من خلال اختبار دينونة الله وتوبيخه. وهذا يتطلب من الناس السعي إلى الحق والتعاون مع عمل الله من أجل تحقيق نتائج. إذا لم تسعَ إلى الحق وركّزت فقط على فهم التعاليم الروحية، ولا تعرف حتى ما إذا كانت هي الحق أم لا، لكنك تقبلها على أنها الحق، فهل يُمكن لهذا حل شخصياتك الفاسدة؟ إضافةً إلى ذلك، إذا لم تفهم الحق، فهل يُمكنك، عندما تكشف عن شخصية فاسدة، أن تميز هذا؟ هل يُمكنك التحقق من ذلك مقابل كلام الله للمقارنة؟ لا يُمكنك ذلك مائة بالمائة. قد تُطبّق اللوائح بشكلٍ أعمى، وهذا أقل قدرة على حل شخصيّاتك الفاسدة. ما أهم شيء في حل الشخصيّات الفاسدة؟ أهم شيء هو أنّ الناس يجب أن يفهموا الحق. في الوقت الحالي، معظم الناس ينظرون إلى التعاليم باعتبارها الحق ولا يفهمون ما هو الحق. تمامًا مثل مثال المشاعر الذي ذكرته للتوّ، كان النهج الأول للأمّ هو حماية طفلها من التنمّر، وهو أمرٌ مبرَّر. من وجهة نظركم: "هذه مشاعر؛ لا يمكنك فعل ذلك. يجب انتقاد هذا النوع من السلوك وإدانته". أنتم تُعرّفون الأشياء التي لا تنطوي على الحق، والتي لا علاقة لها بالحق، وفي الواقع، بعض الأشياء التي يجب على الناس القيام بها غريزيًّا، على أنَّها أشياء تنتهك الحق، ثمّ ترفضون تلك الأشياء. أنتم تعتقدون أنّ الالتزام بهذا المبدأ هو ممارسة الحق. وبخصوص النهج الثاني للأمّ في التغاضي عن تنمّر طفلها على أطفال الآخرين، عندما يتعلق الأمر حقا بكشف شخصيةٍ فاسدة وممارسة الحق، فإنّك تُفكِّر: "ما دام الأمر ليس قيامًا بالشرّ، فهو ليس بالمشكلة الكبيرة". لماذا لديك مثل هذه الأفكار والفهم؟ (لأنّنا لا نفهم الحق). تكمن المشكلة هنا! لذلك، لأن الناس لا يفهمون الحق، فإنهم في كثيرٍ من الأحيان يختارون نهجًا يعتبرونه صحيحًا، ويعتقدون أنهم يمارسون الحق. في كثيرٍ من الأحيان، لأنَّهم لا يفهمون الحق، لا يستطيعون إلّا تطبيق اللوائح والالتزام بها، وعندما يواجهون أمورًا، فإنّهم لا يعرفون كيفية التعامل معها، لذلك يتعاملون مع الالتزام باللوائح على أنّه ممارسة الحق. هل يُمكن للأشخاص الذين يؤمنون بالله بهذه الطريقة تحقيق تقدّمٍ في الحياة؟ هل يُمكنهم تحقيق فهمٍ للحق والدخول إلى الواقع؟ يعتقد الكثير من الناس أنّ القدرة على التحدّث عن الكلمات والتعاليم هي فهم الحق، وهي ما يعني أنك مؤمن بالله ومؤهل. فلماذا إذًا لا يزالون يكشفون عن شخصياتٍ فاسدة في كثيرٍ من الأمور؟ لماذا لا يمكنهم حل المشاكل العمليَّة التي يواجهونها؟ هذا يُثبِت أنّ القدرة على التحدّث عن الكلمات والتعاليم ليست فهمًا للحق على الإطلاق. مهما كان عدد التعاليم التي يمكنك التحدّث عنها، فإنّ هذا لا يُثبِت أنّك قد حصلت على الحق. لا بد أن تكون قادرًا على حل المشاكل العمليَّة وإيجاد مبادئ الممارسة، فقط هذا هو فهم الحق حقا. يعتقد الكثير من الناس أنّهم ما داموا يستطيعون أداء واجباتهم، والمعاناة، ودفع الثمن، مهما كانت الشخصيّات الفاسدة التي يكشفون عنها، فهذه ليست مشكلةً كبيرةً. إنّهم يعتقدون أنهم ما داموا يؤدون واجباتهم، ويمكنهم أن يُعانوا، ولا يشتكون من الله، فإنهم يُحبّون الله ويُظهِرون الإخلاص. توجد مرات عديدة يُظهِر فيها الناس بعض المقاصد الطيبة، لكن لأنَّهم لا يفهمون الحق، فهم في الواقع يُعطلون عمل الكنيسة ويُزعجونه، ورغم ذلك يعتقدون أنّهم يحمون مصالح الله وبيت الله. ما الذي يحدث؟ يحدث هذا لأنّ الناس لا يفهمون الحق وليس لديهم معرفةٌ عمليَّة بالحق، مما يدفعهم إلى القيام بأشياء تتعارض مع الحق باستمرار. في الوقت نفسه، يعتقدون أنّهم يفعلون الشيء الصحيح، وأنهم قد مارسوا الحق، وأنهم قد أرضَوا مقاصد الله. هذه هي أكبر صعوبةٍ لديهم. على الرغم من أنَّها صعوبة، دائمًا ما توجد طريقةٌ لحلها. الطريقة الوحيدة هي أنك متى ما واجهت مشكلةً وكشفت عن شخصية فاسدة، يجب عليك أن تتأمل في نفسك وتطلب الحق لفهمها. ما دامت توجد شخصياتٌ فاسدةٌ بداخلك، فستنشأ فيك العديد من أنواع الحالات. عندما يعيش الناس في بيئاتٍ وحالاتٍ مختلفة، فإنّهم سيكشفون عن بعض الأفكار، ووجهات النظر، والمقاصد؛ هذه هي حالاتهم الداخلية الحقيقية. من خلال مراقبة أفكار الناس، ووجهات نظرهم، ومقاصدهم، يمكنك رؤية شخصيّاتهم ومعرفة ما هي طبائعهم. من خلال التأمل في نفسك وتمييز الآخرين بهذه الطريقة، من السهل تحقيق نتائج. فقط من خلال معرفة شخصيّاتك الفاسدة وفهم جوهرها تمامًا يُمكنك تحقيق نتائج في معرفة نفسك على نحو كامل. حينئذٍ سيكون لديك بشكلٍ طبيعيٍّ طريقٌ لكيفية طلب الحق لحل شخصيّاتك الفاسدة. ما دام الناس يستطيعون قبول الحق، فيُمكن تطهير شخصياتهم الفاسدة، ويُمكن حل مشكلة فسادهم بسهولة. إذا كان الناس لا يستطيعون قبول الحق، فلن يحققوا أبدًا تغييرًا في شخصياتهم الحياتية. الآن، أنتم جميعًا على استعدادٍ للسعي إلى الحق، لذلك يجب عليكم أن تُركِّزوا على الحق.

لحل طبيعة الناس، يجب علينا أن نستخرجها من جذورها، ومن شخصيات الناس، وليس من طرقهم في القيام بالأشياء. يجب أيضًا ألا نُركِّز على الأسباب والظروف الموضوعية، بل يجب علينا مقارنتها بالحق. إنَّ الحق المُعبَّر عنه في كلام الله يستهدف شخصيات الناس الفاسدة. لنأخذ مثال المشاعر المذكور سلفًا: يعتقد الناس أنَّ افتقاد المرء لوالديه في بعض الأحيان أو الشعور بالحنين إلى الديار، من المشاعر. هل هذه هي نفسها ما يُشير إليه الله بأنها مشاعر؟ (لا). إذًا لا يُمكن التحدث عن المشاعر التي تفهمها في نفس سياق المشاعر التي يتحدث عنها الله. المشاعر التي تتحدث عنها تنتمي إلى الحالات الإنسانية الطبيعية، ولا تنتمي إلى شخصيةٍ فاسدة. إذا كنت تعامل أقاربك الجسديين على أنَّهم معبوديك، وتسبب هذا في عدم اتباعك لله أو خضوعك له، فمشاعرك قويةٌ جدًّا، وهذا ينتمي إلى شخصيةٍ فاسدة. لذلك، فإن هذا ينطوي على مسألة ما إذا كان لديك استيعاب نقيٌّ للحق. عندما تعامل ما تعتقد أنه حنينٌ إلى الديار أو كونك ألطف قليلًا مع الوالدين على أنه مشاعر، أليس هذا استيعابًا محرَّفًا للحق؟ في الواقع، ما تستوعبه ليس هو الحق، ولا يتوافق مع الحق؛ بل محض ظاهرةٍ خارجية. ما المشاعر التي يتحدث عنها الله؟ إنها النهج الثاني لكيفية تعامل الأم مع طفلها الذي تم ذكره سلفًا، وهو حالةٌ من المحاباة وتقديم الحماية غير المبدئية لشخصٍ ما. هذه هي المشاعر التي يكشفها الله؛ كشف الأم عن شخصيةٍ فاسدة في هذا الأمر. أليس هذان النهجان مختلفين جذريًّا؟ النهج الأول هو ظاهرةٌ طبيعية، ولا داعي لتهذيبه، ولا للتعمق فيه وتشريحه، فضلًا عن وضعه أمام الحق لمقارنته به، أو ممارسة جانبٍ معيّنٍ من الحق أو التخلّي عن شيءٍ ما. إذًا، هل هذا النهج صحيح؟ هل من الضروري التصرف بهذه الطريقة؟ ليس ضروريًّا؛ لا يوجد صوابٌ أو خطأ في هذا النهج. أمّا النهج الثاني فهو ينطوي على شخصية. أي نوع من مظاهر المشاعر ينطوي على شخصياتٍ فاسدة؟ (المحاباة، وتقديم الحماية غير المبدئية للآخرين، والحفاظ على علاقات الجسد، ونقص العدالة). هذه هي الأشياء التي تُجسّدها كلمة "مشاعر" التي يتحدث عنها الله. إذا كنت تستطيع فهم هذا القدر وتربط هذه الأشياء بنفسك حقًا، فعليك بذل الجهد لعلاج هذه الشخصيات الفاسدة. فقط عندما لا تعود مُقيّدًا بهذه المشاعر، ستكون جميع أفعالك هي ممارسة الحق. حينها ستتوافق الحالات التي تفهم أنها تشمل المشاعر تمامًا مع كلمة "مشاعر" كما تحدَّث عنها الله. هذا هو الحق الذي ستفهمه. إذا طُلِب منك أن تعقد شركةً عن ماهية المشاعر، وتحدثت عن النهج الأول للأم، فهذا مظهرٌ من مظاهر عدم فهم الحق. إذا كنت تعقد شركةً عن النهج الثاني للأم وشَرَّحت شخصيتها الفاسدة، فأنت تفهم الحق. إذا كانت الأشياء التي تعقد الشركة عنها وتختبرها وتفهمها تتماشى مع حق كلام الله، ولا توجد تناقضاتٌ أو تضارباتٌ، فهذا يُثبِت أنك تفهم كلام الله، وأنك قد أدركت معناه، وأنك قد فهمته، وأنك تستطيع ممارسته وتطبيقه. حينئذٍ ستكون قد ربحت الحق والحياة، والأثر المترتب على ذلك أنك ستكون قد دخلت بالفعل إلى واقع الحق. في ذلك الوقت، عندما ترى هذا النوع من الأشياء مرّةً أخرى، ستكون قادرًا على تمييزه، وستعرف أيَّ نوعٍ من الكشوفات هو طبيعيٌّ، وأيَّ نوعٍ من الكشوفات هو من شخصيةٍ فاسدة، وسيكون هذا واضحًا تمامًا في قلبك. بهذه الطريقة، ألن تكون أفعالك دقيقةً؟ ألن تتوافق أفعالك مع الحق؟ ألن تملك واقع الحق؟ إذا كان بإمكانك أن تتصرف بدقةٍ وتفهم الحق، ألن يكون الفهم والاختبارات التي تعقد شركةً عنها قادرةً على مساعدة الآخرين وحل صعوباتهم؟ (بلى). هذا هو الجانب العملي للحق.

بعض الناس لا يؤدون واجباتهم جيّدًا بِسَبَب ضعف مستوى قدراتهم، لكنّهم يزعمون دائمًا أن ذلك بِسَبَب افتقارهم للضمير. أي التفسيرين دقيق؟ (أنَّ مستوى قدراتهم ضعيف). في بعض الأحيان، عندما يؤدّي شخصٌ ما واجبًا، قد يفهم أساسيات تلك المعرفة المهنية، لكنّه لا يفهم جوانبها الأكثر تقدّمًا، لأنه لم يتعلّمها من قبل. يُصنّفه قائده على أنه شخصٌ لا مبالٍ ومخادع ومتقاعس عن العمل، لكنه في الواقع يفتقر إلى المعرفة المهنية فحسب، ولم يتعلّم تلك الأشياء بعد، لكنّه يبذل قصارى جهده بالفعل. رغم ذلك يقول قائده إنه شخصٌ لا مبالٍ؛ هذا لا يتوافق مع الحقائق. هذا استخدامٌ عشوائيٌّ للمصطلحات وتصنيفٌ عشوائيٌّ. لماذا يستخدم الناس المصطلحات ويُصنّفون الآخرين بشكلٍ عشوائيٍّ؟ أليس ذلك لأنهم لا يفهمون الحق؟ سيقول بعض الناس نعم بالتأكيد، وسيقول بعض الناس إن ذلك بِسَبَب مستوى قدراتهم الضعيف وإنهم مُشوَّشون جدًّا، وسيقول بعض الأشخاص الآخرين إن ذلك بِسَبَب أن إنسانيتهم شريرةٌ للغاية ولديهم مقاصد خاطئة. أيُّ تفسيرٍ هو الصحيح؟ في الواقع، كل هذه الحالات الثلاث موجودة، ويجب إصدار حكم بِحَسَب الحالة المحدّدة. إذا كان السَبَب هو عدم فهمهم للحق، لكن أحدهم قال إن السبب هو ضعف مستوى قدراتهم وأنهم مُشوَّشون جدًّا، فهذه الكلمات ليست دقيقة إذًا. إذا كان ذلك ناتجًا بشكلٍ واضح عن إنسانيتهم الشريرة ودوافعهم الخفية، لكن شخصًا ما يقول إنَّ السبب هو ضعف مستوى قدراتهم وأنهم مُشوَّشون جدًّا، فهذا تحريف للحقائق، ومن المرجّح أن يُمكِّن الأشرار من الإفلات من العقاب. ثمة حالاتٌ أخرى ناتجة عن عدم فهم الناس للحق، لكن الآخرين يقولون إنها ناتجة عن إنسانية هؤلاء الأشخاص الشريرة. هذه الطريقة في النظر إلى الأشياء ليست دقيقة، ومن المرجّح أنهم سيعاملون الأشخاص الطيّبين على أنهم أشرار، وهو ما سيكون له عواقب سيئة. يوجد الكثير من الناس الذين لا يستطيعون تمييز هذه الأشياء ولا يستطيعون فهم جوهر المشكلة تمامًا. إنهم يُطبِّقون اللوائح بشكلٍ أعمى ويستخلصون النتائج بناءً على أفكارهم الخاصة، ثم يشعرون أن لديهم تمييزًا وأنهم يستطيعون رؤية الأشياء بوضوح. أليست هذه غطرسةً وبرًا ذاتيًا؟ إذا كان لدى شخصٍ ما إنسانية سيئة، وهو يُصنِّف الناس ويدينهم بشكلٍ عشوائيٍّ بِحَسَب دوافعه الخفية، فهذه طبيعة شخص شرير. هؤلاء الناس أقلّيَّة؛ معظم الناس يفعلون هذا النوع من الأشياء لأنهم لا يفهمون الحق. أولئك الذين لا يفهمون الحق يُطبّقون اللوائح بشكلٍ عشوائيٍّ ويستخدمون المصطلحات الروحية بشكلٍ عشوائيٍّ. على سبيل المثال، من الواضح أن بعض الناس لديهم مشكلةٌ في إنسانيّتهم، إنهم يبحثون دائمًا عن طرقٍ للتكاسل وعدم بذل الجهد في أثناء أداء واجباتهم، لكنّ أولئك الذين ليس لديهم تمييز يقولون إن هذا مستوى قدراتٍ ضعيف. من الواضح أنَّ بعض الناس لديهم حس العدالة، وعندما يرون شيئًا ينتهك المبادئ، فإنهم سيُثيرونه ويحمون مصالح الكنيسة، لكنهم غالبًا ما يُصنَّفون على أنهم متغطرسون وبارون في عيني ذواتهم من قِبَل الأشخاص الذين لا يفهمون الحق، بل إنهم يُعاملون بوصفهم أشرارًا، وهو أمرٌ مجحفٌ حقًا للأشخاص الطيبين. من الواضح أن بعض الناس صغار القامة، ويُصبحون ضُعفاءَ مؤقتًا بينما تقيدهم مشاعرهم، وسيصفهم الأشخاص الذين لا يفهمون الحقَ بأن لديهم مشاعر قويةٌ للغاية وأنهم يفتقرون إلى قلبٍ مخلصٍ لله. هكذا هم الأشخاص الذين يفتقرون إلى الحق يستمرّون في تطبيق اللوائح بشكلٍ عشوائيٍّ – دون مراعاة الخلفية أو الوضع الفعلي – فيقولون شيئًا في لحظةٍ، وشيئًا آخر في اللحظة التالية. هل يُمكن لمثل هؤلاء الناس استخدام الحق لحل المشاكل؟ (لا يُمكنهم ذلك). عندما يُحاوِل الأشخاص الذين لا يفهمون الحق حل المشاكل، لا يُمكنهم وصف الدواء المناسب. الأمر يشبه أنهم يُحاوِلون علاج شخصٍ يُعاني من ألمٍ في المعدة من خلال علاج رأسه؛ فهم لا يستطيعون العثور على جذر المشكلة. إنهم لا يفهمون أين يكمن جذر المشكلة أو ما يقوله كلام الله وما يُشير إليه. هذا ليس فهمًا للحق. هل تفهمون الآن الكثير من الحق أم القليل؟ (القليل). على سبيل المثال، لنفترض أن شخصًا ما سأل: "لماذا لا يمكنك الخضوع عندما يصيبك هذا الأمر؟" غالبًا ما يقول الناس: "لأنني لا أعرف الله!" هل هذا التفسير صحيح؟ إنه صحيحٌ في بعض الأحيان وغير صحيحٍ في أحيانٍ أخرى. في معظم الأوقات يكون غير صحيحٍ، وهذا محض تصنيف عشوائي. يفهم الناس بعض المصطلحات الروحية ثم يُطبِّقونها ويستخدمونها بشكلٍ عشوائيٍّ، ونتيجةً لذلك، تنشأ العديد من المشاكل. بعضها تفسيرات خاطئة وبعضها أحكام، ويُؤدّي هذا إلى نتائج ضارة، بل إنه يُسبِّب الفوضى. عندما يتعلّم أولئك الذين ليس لديهم فهمٌ روحيٌّ شيئًا ما، فإنهم يُطبّقونه ويستخدمونه بشكلٍ عشوائيٍّ. إنهم الأكثر عرضةً لارتكاب الأخطاء وعُرضةً لارتكاب أخطاء مبدئية. على العكس من ذلك، قد يرتكب الأشخاص الذين لديهم قدرةٌ على الاستيعاب بعض الأخطاء، لكنّ هذه الأخطاء ليست مسائل تتعلق بالمبادئ، وهم يستطيعون تعلّم الدروس من تلك الأخطاء. إذا كان لدى الناس استيعاب سخيفٌ، وإذا أساؤوا تفسير كلام الله عندما يقرؤونه، وإذا كانت لديهم انحرافاتٌ في استيعابهم عندما يستمعون إلى العظات، وإذا كانوا عُرضةً لإيجاد العيوب وتصيُّد الأخطاء، فهذا أمرٌ مسبِّب للمتاعب. ليس الأمر فحسب أنه يستحيل عليهم الدخول إلى واقع الحق، بل إنهم سيبدؤون مع مرور الوقت في التصرف بتهوّرٍ ويُسبِّبون اضطرابات في عمل الكنيسة. هذه عاقبةٌ خطيرة.

الآن، يجب عليكم التأمّل: هل الكلمات والتعاليم والنظريات الروحية التي تتحدثون عنها كثيرًا هي الحق؟ هل تفهمون الحق، أم أنكم تفهمون التعاليم فقط؟ كم عدد وقائع الحق الموجودة في فهمكم؟ فور أن تفهموا هذه الأشياء، سيكون لديكم معرفةٌ بالذات حقًا وستعرفون حجمكم حقًا. على سبيل المثال، لقد عقدتم الشركة كثيرًا عن حقائق كيفية أن تكون شخصًا صادقًا، لكن هل فهمتموها حقًا؟ ربّما يمكنكم عقد الشركة ببعض الكلمات والتحدث عن بعض الفهم، لكن كم من هذه الوقائع قد دخلتم إليها؟ هل أنتم الآن أشخاص صادقون حقًّا؟ هل يمكنكم التحدث عن هذا بوضوح؟ يقول بعض الناس: "أن تكون شخصًا صادقًا يعني ألا تكذب، وأن تقول ما في قلبك، ولا تخفي أيَّ شيء، ولا تهرب من أيِّ شيء. هذا هو معيار أن تكون شخصًا صادقًا". ما رأيكم في هذا القول؟ هل يتوافق مع الحق؟ (لا). يمكنكم التحدث عن الكلمات والتعاليم، لكن عندما يتعلق الأمر بتفاصيل الممارسة أو مشاكل محدّدة، لا يكون لديكم ما تقولونه. هذا ليس فهمًا للحق. لا يفهم الناس الحق، لكنّهم دائمًا ما يفكرون: "أنا أفهم الكثير بالفعل، لكنّ الله لا يستخدمني. إذا استخدمني الله، وأصبحت قائدًا في الكنيسة، فيمكنني ضمان أن جميع الإخوة والأخوات سيفهمون الحق". أليس هذا تفاخرًا؟ هل لديك هذه القدرة حقًا؟ هل الأشخاص الذين يمكنهم التفاخر والتباهي أشخاصٌ صادقون؟ هؤلاء الناس لا يفهمون الحق، ورغم ذلك يتفاخرون ويتبجحون؛ أليسوا مثيرون للشفقة؟ (بلى، هم كذلك). أنتم الآن تستمعون إلى العديد من العظات، لكن إذا لم تفهموا الحق أبدًا، فعاجلًا أم آجلًا ستسلكون طريق الفريسيّين نفسه، وستكونون عندئذٍ فريسيّين عصريّين. أليس هذا ممكنًا؟ (بلى). إنه أمرٌ مرجّحٌ للغاية. طبائع الناس الشيطانية متأصّلةٌ بعمق. فإذا اكتسبوا بعض المعرفة أو التعليم، واستطاعوا الوعظ ببعض النظريات الصحيحة والعظات الراقية، فمن المرجّح جدًّا أن يُصبحوا فريسيّين. إذا كنت لا تريد أن تُصبِح فريسيًّا أو تسلك طريق فريسيٍّ، فالطريقة الوحيدة لتجنّب هذا هي أن تسعى جاهدًا لفهم الحق والدخول إلى الواقع، وتحويل التعاليم التي تفهمها إلى واقع الحق. إذًا، ما الذي يُعتبَر فهمًا حقيقيًّا لحقيقة أن تكون شخصًا صادقًا؟ يجب عليكم التأمل في هذا الأمر بمفردكم وعقد شركة حوله عندما يكون لديكم بعض وقت الفراغ. ما هو الشخص الصادق بالضبط؟ ما المعايير المطلوبة في كلام الله للأشخاص الصادقين الذين يتحدث الله عنهم؟ أي من هذه المعايير التي يطلبها الله يمكن للناس ممارستها؟ كيف يبدو الشخص الصادق الذي يتحدث عنه الله؟ أيُّ جانبٍ من شخصيات الناس الفاسدة يستهدفه أن يكون شخصًا صادقًا؟ أليست هذه الأسئلة جديرة بالتعمق فيها؟ إنَّ الكلمات والحقائق التي يطلب الله من الناس ممارستها لا تستهدف طرق الناس في القيام بالأشياء أو سلوكهم. إنها تستهدف طبائع الناس وشخصياتهم الشيطانية. لهذا السبب يُقال إن هذه الكلمات هي الحق. إذا كان الغرض الوحيد منها هو تغيير سلوك الناس وتعليم الناس كيفية التفكير، فلن تكون الحق، بل محض نظرية من نوع ما. قد يُقال إن أيَّ مُعلّم يُمكن أن يكون له بعض التأثير على الناس ويُغيّر سلوكهم قليلًا، ومن خلال تطبيق هذه التعاليم وتلخيصها، يُمكن تنظيم سلوك الناس تدريجيًّا. هناك الكثير من هذا النوع من المعارف، لكنّ هذه الأشياء ليست هي الحق لأنها لا يُمكنها علاج شخصيات الناس الفاسدة، ولا يُمكنها حل مشكلة جذر خطاياهم. وحده كلام الله هو الذي يُمكنه تطهير فساد الناس وعلاجه، ووحده كلام الله هو الذي يُمكنه علاج طبائع الناس الشيطانية تمامًا، ولذا فإن كلام الله وحده هو الحق. ما المغزى الحقيقي لحق كلام الله؟ هذا أمرٌ يستحق التأمّل والتفكير فيه وعقد الشركة عنه معًا في كثيرٍ من الأحيان. لا تنسوا هذا أبدًا: الأشياء التي لا يُمكنها سوى تغيير سلوك الناس ليست بالحق؛ هي محض معرفة وقوانين. إن الحق لا يُمكنه فحسب تغيير سلوك الناس، بل يُمكنه أيضًا تغيير شخصياتهم الفاسدة. علاوةً على ذلك، يُمكنه تغيير أفكارهم ومفاهيمهم، وأن يُصبِح حياة الشخص. هذا هو الحق. الآن، ثمة عددٌ قليلٌ جدًّا من الناس يمكنهم رؤية هذا الأمر بوضوح. كثيرون من الناس لا يُدركون أبدًا أن تلك الأشياء التي تُنظّم السلوك وتُمكِّن الناس من عيش حياةٍ كريمةٍ ظاهريًا ليست هي الحق، وأنها كلّها معارف وتعاليم وفلسفاتٌ شيطانية. عندما يقبل الناس تلك الأشياء، على الرغم من أن سلوكهم الخارجيّ يُصبِح نبيلًا وكريمًا ومُهذّبًا بشكلٍ متزايد، فقلوبهم تمتلئ بالمكر والخبث، وتُصبِح أكثر قتامةً على نحو متزايد. هذه الأشياء هي سُموم الشيطان ونظرياته، أشياء يستخدمها الشيطان لتضليل الناس وإفسادهم. إنها ليست الحق على الإطلاق، ولا تأتي من الله. وحدها الأشياء التي تُمكِّن الناس من أن يُصبحوا صادقين، ومُحرَّرين، وأحرارًا، والتي تُمكِّنهم من معرفة الخالق، وأن تكون لديهم قلوبٌ تتّقي الله، وأن يخضعوا لتنظيمات الخالق وترتيباته، هي الحق. مهما كانت وجهة النظر التي تقبلها ومهما كان المسار الذي تتبعه، إذا تحسّن سلوكك واكتسبت شعبيّةً، لكنّ كان لديك قلب لا يتّقي الله إلا بدرجة ضئيلة للغاية، والقليل جدًّا من الإيمان الحقيقيّ بالله، وعلاقتك بالله سيئةٌ للغاية، وقلبك ينجرف بعيدًا عن الله، فليست الأشياء التي تتشبَّث بها أشياءَ إيجابيّة وهي بالتأكيد ليست الحق. إذا اخترت طريقًا أو نمط حياة، وقبلت بعض الأشياء، وجعلتك هذه الأشياء تُصبِح حقيقيًّا وصادقًا، وجعلتك تُحبّ الأشياء الإيجابية وتكره الأشياء الشريرة والسلبية، وجعلتك تمتلك قلبًا يتّقي الله وتقبل طواعيةً سيادة الخالق وترتيباته، فإنَّ هذه الأشياء هي الحق، وهي تأتي حقًا من الله. يمكنكم قياس الأشياء وفقًا لهذه المعايير. يوجد بعض التعاليم التي يستطيع الكثير من الناس قولها وقد قالوها لسنوات عديدة. رغم ذلك، بعد قول هذه الأشياء مرّاتٍ عديدة، لم تتغيّر شخصيات الناس الداخلية، ولم تتحوّل حالاتهم على الإطلاق، ولم تتغيّر وجهات نظر الناس، وطرق تفكيرهم، وكذلك لم يتغير المُنطلَق والمقاصد وراء أفعالهم بأيِّ شكلٍ من الأشكال. لذا يجب عليكم أن تسارعوا في التخلّي عن تلك الأشياء والتوقّف عن التشبّث بها؛ إنها بالتأكيد ليست الحق. عندما يبدأ الناس في ممارسة بعض الكلمات لأوّل مرّة، يبدو القيام بذلك شاقًّا وصعبًا، ولا يمكنهم فهم المبادئ، لكن بعد أن يختبروها ويمارسوها لفترةٍ من الوقت، يشعرون أن حالاتهم الداخلية قد تحسّنت، وأن قلوبهم قد اقتربت من الله، وأن لديهم قلوبًا تتّقي الله وتخشاه، وأنهم ليسوا عنيدين أو متمردين جدًّا عندما تُصيبهم الأشياء، وأن مقاصدهم ورغباتهم الشخصية ليست قويةً جدًّا، وأنهم يستطيعون الخضوع لله. هذه الحالة إيجابية؛ هذه الكلمات هي الحق، وهي الطريق الصحيح. يمكنكم تمييز الأشياء بناءً على هذه المبادئ. لن يكون من السهل تعريف الحق في جملةٍ واحدة. إذا عرَّفتُ الحق في جملةٍ واحدة، واستطعتم فهمه بعد سماعها، فسيكون ذلك جيدًا. لكن إذا تعاملتم معها على أنها لائحةٌ وتعليمٌ يجب اتّباعه، فسيكون ذلك مسبِّبًا للمتاعب؛ فليس ذلك فهمًا روحيًّا. لذا، لقد أعطيتكم هذه المبادئ، ويجب عليكم إجراء مقارناتٍ وفقًا لهذه المبادئ، ويجب عليكم الاختبار والممارسة واكتساب المعرفة الاختبارية وفقًا لها. لا تكتفوا بأن تفعلوا وتتصرفوا وفقًا لهذه المبادئ فقط، بل يجب عليكم أيضًا أن تروا الناس والأشياء، وأن تُقيّموا الناس بِحَسَب هذه المبادئ. من خلال الاختبار والممارسة بهذه الطريقة، ستعرف ما هو الحق. إذا لم يفهم الناس ما هو الحق، وإذا لم يعرفوا أن كلام الله هو الحق، فهل يمكنهم ربح الحياة؟ هل يُمكنهم الحصول على تغييرٍ في الشخصية الحياتية؟ رغم أن المتطلبات التي يضعها الله للناس في كلامه ليست معاييرًا عاليةً في الظاهر، وهي بسيطةٌ إلى حد كبير، فإنك إذا لم تفهم ما هو المعنى الضمنيّ للحق، أو مقدار المحتوى العمليّ الذي يتضمنه الحق، وكنت تفهم الحق من حيث الكلمات والتعاليم فحسب، فلن تتمكن أبدًا من الدخول إلى وقائع الحق التي يطلب الله من الناس الدخول إليها.

26 مايو 2017

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.