ما هو واقع الحق؟ (الجزء الأول)
كثيرون من الناس يؤمنون بالله، لكن قليلون هم من يسعون إلى الحق. كيف يمكنك تمييز ما إذا كان شخصٌ ما يسعى إلى الحقّ؟ وكيف يمكنك تقييم ما إذا كان شخصٌ ما يسعى إلى الحقّ؟ افترض أنه يوجد شخصٌ يؤمن بالله لمدَّة سبعة أو ثمانية أعوامٍ. إنه يستطيع التحدُّث بالكثير من الكلمات والتعاليم، وفمه مملوء بالمفردات الروحيَّة، وكثيرًا ما يساعد الآخرين، ويبدو مُتحمِّسًا للغاية، وهو قادر على التخلِّي عن الأشياء، ويُؤدِّي واجباته بنشاطٍ مفعم بالحيوية. ومع ذلك، لا يمكن رؤيته ممارسًا الكثير من الحقّ، ولا هو قادر على مناقشة التجارب الحقيقيَّة لدخول الحياة، فضلًا عن رؤية أيِّ تغييرٍ في شخصيته الحياتيَّة. يمكن القول على وجه اليقين بأن شخصًا كهذا لا يسعى إلى الحقّ. فإذا كان شخصٌ ما يحبُّ الحقّ بالفعل، فبعد فترةٍ من اختبار الأشياء سوف يكون قادرًا على التحدُّث عن فهمه، وسوف يتمكَّن على الأقلّ من التصرُّف وفقًا للمبادئ في بعض الأمور، وسوف يكون لديه قدرٌ من الاختبار في دخول الحياة، وعلى الأقلّ سوف يُظهِر بعض التغييرات في السلوك. أولئك الذين يسعون إلى الحقّ لديهم حالةٌ روحيَّة تتحسَّن باستمرارٍ، ويزداد إيمانهم بالله تدريجيًّا، ولديهم قدرٌ من الفهم لما يكشفونه وشخصيَّاتهم الفاسدة، ولديهم استيعابٌ شخصيّ وبصيرة حقيقيَّة لكيفيَّة عمل الله لخلاص الناس. وجميع هذه الأشياء ترتقي فيهم بالتدريج. إذا رأيت هذه المظاهر في شخصٍ ما، فيمكنك أن تعرف يقينًا أنه يسعى إلى الحقّ. يكون الناس متحمسين إلى حد كبير في بداية إيمانهم بالله، لكنهم لا يعرفون أي شيء عن الإيمان بالله. وهم يظنون أن الإيمان بالله يعني أن تكون شخصًا صالحًا وتسير في الطريق الصحيح. وفيما بعد، يتمكنون من خلال أكل كلام الله وشربه والاستماع إلى العظات والشركة، من تمييز مختلف الأمور. ويدركون أن للناس شخصيات فاسدة وأن عليهم أن يطلبوا الحق لعلاجها، وأن عليهم أن يقبلوا خلاص الله، وهم يفهمون معنى أن يؤمنوا بالله. وبالتدريج، يكتسبون بعض الفهم لعمل الله ومقصد الله في أن يُخلِّص البشرية. ويتراكم ذلك شيئًا فشيئًا، ويشرعون تدريجيًا في سلوك الطريق الصحيح للإيمان بالله. يرتقي فهمهم وخبرتهم لوقائع الحق تدريجيًا، ولا يقفون عند التفسيرات الحرفية أو عند الكلمات والتعاليم. إذا كان ثمة شخص قد آمن بالله لعدة سنوات وكان ما يزال يتحدث بالكلمات والتعاليم، وغالبًا ما يردد بعض الشعارات عن الإيمان بالله، ويبدو أن إيمانه يسير على ما يرام، لكنه لا يستطيع التكلم عن اختبارات الحياة أو عن معرفة نفسه، ولا يستطيع تمييز عديمي الإيمان والأشرار؛ وإذا وُجدت هذه المشاكل فيه، فمعنى ذلك أنه لا يعرف عمل الله، ويمكن القول إنه لم يسع إلى الحق في السنوات القليلة التي قد آمن فيها بالله. وهذه علامة بالغة الوضوح.
لتقييم ما إذا كان قائد أو عامل لديه واقع الحق، انظر أولًا إلى ما إذا كانت شركته تحتوي على شهادة حقيقية ونور جديد. في حال أنك لم ترَ بعض الناس منذ بضع سنوات، قد تبدو شركتهم جديدة وحديثة في بادئ الأمر لأنهم يستطيعون التحدث بنور جديد بعد سماع إحدى العظات. على الرغم من ذلك، بعد أن تقضي معهم يومين أو ثلاثة أيام، يشرعون في التحدث مرة أخرى عن اختبارات وشهادات بسيطة من ماضيهم، حول كيف خلَّصهم الله وكيف أسبغ عليهم النعمة والبركات. وفي غضون أقل من أسبوع، يكررون تلك الاختبارات السطحية والمعرفة التي تكلموا عنها سابقًا. هل هذا تقدم؟ بنظرة واحدة يمكنك أن ترى أن هذا ليس تقدمًا. فهم بعد أن آمنوا بالله لعدة سنوات صاروا مزودين بالكثير من الكلمات والتعاليم، ويمكنهم أن يقولوا بعض الأشياء الصحيحة، ولكن عندما تحل بهم الأشياء، فإنهم لا يزالون يرتبكون ولا يستطيعون التعامل معها. لا يستطيعون العثور على مبادئ الحق، ولا يمكنهم تمييز الناس. هل هذا تقدم؟ (لا). هذا ليس تقدمًا. على الرغم من أنهم قد أدوا واجباتهم لسنوات عديدة، فإنك إذا سألتهم عما إذا كانوا قد حققوا الإخلاص لله، فإنهم هم أنفسَهم لا يفهمون. على أي حال، فإنّهم يحضرون في الوقت المحدد لكل اجتماع ويبدو أنهم يؤدون واجباتهم بشكل طبيعي، لكنك لو سألتهم عما إذا كانوا قد خضعوا لأي تحول حقيقي، فلن يستطيعوا تقديم إجابة واضحة. وهذه مشكلة. هذا يُظهر أنهم لا يفهمون الحق. ولو أنهم كانوا يفهمون الحق لتمكنوا من رؤية هذه المشاكل بوضوح. بعض الناس يحصلون على بعض النتائج في واجباتهم، لكن إذا سألتهم عن السبب في أنهم يؤدون واجباتهم، فإنهم لا يستطيعون إلا أن يقولوا إن الكائنات المخلوقة يجب أن تؤدي الواجبات، لكنهم ليسوا على دراية تامة بالتفاصيل. إذا سألتهم عما إذا كانوا يمتلكون مبادئ ممارسة في أداء واجباتهم، فإنهم لا يستطيعون قياس ذلك. هل ستقول إن بإمكانهم أداء واجباتهم على نحو يفي بالغرض؟ (لا، ليس بإمكانهم). هذا ليس تقدمًا. أليس من المزعج عدم إحراز أي تقدم؟ إذا سألتهم عن كيفية تعاملهم مع التهذيب في أثناء أداء واجباتهم، يقولون إنهم يسمعون ويطيعون ولا يقاومون. هذا المبدأ كان لديهم منذ سنوات عديدة، ولا يزال لديهم هذا المبدأ نفسه الآن، ولم يتغير. وعلى أي حال، هم يفعلون فقط ما يُطلَب منهم. إذا سألتهم عما إذا كانوا قد اكتسبوا أي فهم من تهذيبهم، أو إذا كانوا قد اكتشفوا حالتهم المتمردة وطبيعتهم الفاسدة، أو إذا كانت معرفتهم بأنفسهم قد صارت أكثر عمقًا، فإنهم لا يعرفون أو يفهمون أيًا من ذلك. وعلى أي حال، فهم يتمسكون بقاعدة واحدة: عندما يواجهون التهذيب، عليهم أن يطيعوا ويعدِّلوا عقليتهم وألا يقاوموا أو يبرروا أنفسهم، وعليهم أن يحتملوا ويطيعوا بوداعة. وهذه كانت وجهة نظرهم فيما مضى، وهي الآن أقوى من ذي قبل. هل هذا من مظاهر اكتساب الحقّ؟ (لا). فخلال عملية الإيمان بالله، لم يدخل هؤلاء الناس في واقع أي جانب من جوانب الحق، ولم يستوعبوا مبادئ أي جانب من جوانب الحق استيعابًا راسخًا. وعلى الرغم من أنه قيل لهم: "حين تحل بكم الأشياء، عليكم أن تمارسوا الحق، وأن تستوعبوا مبادئ الحق استيعابًا راسخًا، وألا تبتعدوا عن هذا النطاق"، فإنهم لا يزالون لا يعرفون كيف يطلبون مبادئ الحق حين تحل بهم الأشياء، ولا يتحرون الدقة، ويكونون مشوشين في أثناء ذلك. يبدو أنهم متمسكون بالتوجه الشامل، وأنهم مطيعون ومستمعون، وأنهم يقومون بالعمل المنوط بهم جيدًا، وليس بلا مبالاة، وأنهم يستطيعون حماية مصالح الكنيسة، لكن هل يفهمون تفاصيل كل جانب من جوانب الحق؟ هل يمكنهم تطبيقها؟ إن هذا يعتمد على ما إذا كان لدى الناس معرفة واختبار حقيقيان بكل جانب من جوانب الحق. فهم لا يعرفون العلاقة بين جميع جوانب الحق، ولا يعرفون أيّ جانب من جوانب الحق وأيّ حالة تحديدًا تكون معنيّة عند حدوث أمرٍ ما، ولا يعرفون أيّ شخصية تسببت في تلك الحالة. إذا قال شخصان الشيء نفسه، فإنهم لا يعرفون الفروقات بين طبيعتي ذلكما الشخصين، ولا كيفية التعامل معهما. هل هذا فَهمٌ للحق؟ هذا ليس فهمًا للحق. إن كنت قد آمنت بالله لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، لكنك لا تعرف الجانب العملي من هذه الحقائق، وإن كنت قد آمنت بالله لمدة ثماني سنوات أو عشر ولا تزال لا تعرفها، فأنت إذًا لم تكتسب الحق. ما الذي ينقصكم الآن؟ يؤمن أغلب الناس بالله كما لو كانوا صامدين على خط معركة، ظانين أنهم ما داموا تمسكوا بكلمات "الإيمان بالله" حتى النهاية، فإنهم سينجحون. ومع ذلك، هم لا يبادرون بطلب الحق أو قبوله؛ ويخفقون في أداء واجباتهم جيدًا، وفي التمسك بشهادتهم، وفي هزيمة العدو وهو الشيطان؛ وهم لم يربحوا الحق والحياة. يا له من خطأ فادح! هكذا يكون الأمر مثيرًا للشفقة، أن يكونوا قد آمنوا بالله لسنوات عديدة دون أي اختبارات حياتية. عندما يسقط الناس في مثل هذه الحالة، فإنهم يكونون منشغلين كل يوم على نحو سطحي فقط، ويتمسكون ببعض اللوائح، ولا يخالفون المراسيم الإدارية في هذا النطاق، وينجزون العمل المطلوب منهم. وهذا يُعد سليمًا في نظر الإنسان، وإذا قستم هذه الحالة باستخدام الحقّ، فهم لم يرتكبوا خطأً شنيعًا. فما رأيكم في هذه الطريقة في الإيمان؟ (إن الله لا يحبها). هذه الاستجابة هي من قبيل التعاليم فقط. من وجهة نظرك، لا يمكن لهذا النوع من الإيمان أن يصل إلى الحق لأنك لا تحرز تقدمًا أبدًا. وحينما يتحدث بيت الله، لفترة من الزمن، عن حقائق حول معرفة الله، فإنك تركز على معرفة الله؛ وحينما يتحدث عن التغيير في الشخصية، فإنك تركز على التغيير في الشخصية؛ وحينما يتحدث عن معرفة الله المتجسد، فإنك تركز على معرفة الله المتجسد؛ وحينما يتحدث عن رؤى عمل الله، فإنك تركز على الحقائق المتعلقة بالرؤى؛ وحينما يتحدث عن حقائق نشر الإنجيل، فإنك تركز على هذا الجانب من الحق. أنت تستمع إلى كل ما يقوله بيت الله وتفهمه، فهل سيكون لك طريقك الخاص حين لا يوجد من يعظك بعظات تزوِّدك؟ هل ستظل قادرًا على المضي قدمًا؟ كيف ستسير؟ على سبيل المثال، عندما يقدم الناس في الاجتماعات شركة حول ماهية الخضوع لله، تقول: "ليس لدي اختبار عميق جدًا لهذا الأمر، أشعر فقط أن الخضوع لله أمر بالغ الأهمية". وحينما يسألك الناس عن الكيفية التي تمارس بها الخضوع لله، تقول: "الخضوع لله هو أن تفكر فيما يقوله الله عندما تحل بك الأشياء، وأن تمارس وفقًا لكلامه". وحينما يسألك الناس أن تقدم شركة بها مزيد من التفاصيل، وبشأن ما ينبغي أن تفعله إذا لم تستطع أن تخضع حين يصيبك شيء ما، أو بشأن ما ينبغي فعله إذا تعلق الأمر بمصالحك الشخصية، تقول: "لم أختبر هذه الأشياء بعد". هذا يعني أنك لم تكتسب الدخول بعد. لفترة من الوقت، يتحدث بيت الله عن حقائق حول معرفة الله. وعندما يسألك شخص إن كنت قد أحرزت تقدمًا في معرفتك بالله، تقول: "لقد أحرزت تقدمًا. أعتقد أن معرفة الله هي أهم شيء في الإيمان بالله. إذا كان الناس لا يعرفون الله، فسوف يسيئون دائمًا إلى شخصية الله، وإذا فعلوا ذلك دائمًا، فسوف يسقطون في الظلام، ولن يكونوا قادرين إلا على التحدث بكلمات سطحية، ولن يفهموا أي حقائق، وسيكونون كغير المؤمنين فحسب؛ سيقومون دائمًا بأشياء تتعارض مع الحق، وسيقومون دائمًا بأشياء تقاوم الله". يسأل ذلك الشخص مجددًا: "إذًا، كيف تعرف الله؟ عندما تختبر عمل الله، وسيادة الله، وإرشاد الله في حياتك اليومية، فأي الأشياء تدركها بصفتها إرشادًا من الله لك، وفي أي الأشياء يمكنك أن تشعر بسيادة الله بوضوح؟ وكيف تفهم سيادة الله؟ في الحياة الواقعية، بناءً على ما تحس وتشعر به، ما هو جانب شخصية الله الذي تراه في سيادته؟" إذا عجزت عن قول أي شيء، فذاك دليل على أنه ليس لديك اختبار. إذا قُلت: "ثمة شيء واحد أشعر فيه بإرشاد الله"، فهذا شعور فحسب، ولا يعني أن لديك معرفة بالله. في الواقع، في الحياة الحقيقية، كل شيء يحكمه الله ويرتبه ويعيِّنه. إذا اختبر الناس الكثير، فقد يشعرون أنه ما من شيء بسيط، وأن كل شيء يحدث حتى يتعلم الناس الدروس، ويروا سيادة الله وقدرته، ويتوصلوا في النهاية إلى معرفة شخصية الله. فقط عندما تصل إلى هذه النتيجة ستعرف كيف تخضع لله بما يتماشى مع مقاصده، وعندها سيكون لديك بالكامل طريق للمضي قدمًا في ممارستك. وبهذا المستوى من الاختبار، لا يزداد إيمان الشخص قوةً وصلابةً فحسب، بل الشيء الأكثر أهمية هو أنه يكون لديه فهم لشخصية الله، ويعرف كيف يخضع لله. وهذا هو اكتساب الحق.
بعض الناس دائمًا ما يكون لديهم انحرافات في سعيهم إلى الحق؛ فهم دائمًا يركزون على الكلام الفارغ عن بعض التعاليم الروحية والنظريات الجوفاء من أجل التباهي. ما رأيكم في هذا النوع من السعي؟ بصرف النظر عما إذا كنتم تعتقدون أنكم أشخاص يسعون إلى الحق أم لا، فإن السؤال الأهم الآن هو ما إذا كنتم قد اكتسبتم بعض الأشياء العملية، وتحديدًا، المعرفة العملية؟ (لقد اكتسبت بعضها). ما الذي اكتسبته؟ هل يمكنك تقييمه؟ (لقد اكتسبت بعض الفهم والبصيرة حول كيفية إفساد الشيطان للناس، وحول هذا العالم الشرير). أنت اكتسبت قليلًا من المعرفة. بالتالي، هل يمكن لهذه المعرفة أن تغير اتجاه حياتك، وهدفك في الحياة، ومبادئ تصرفك في حياتك الواقعية؟ وبصرف النظر عن مجموعة الأشخاص الذين تعيش بينهم، هل يمكن لهذه المعرفة أو الحقائق التي قد فهمتها أن تؤثر على حياتك وهدفك في الحياة؟ إذا لم تكن قادرة على تغييرك كليًا، فلابد على الأقل أن يكون هناك بعض التغييرات وبعض الانضباط فيما تقول وتفعل. والآن، ألا يزال معظمكم عالقين في هذا المستوى من حيث قامتكم؟ (نعم). إن ذلك يتطلب نموًا. إذا كان فهمك للحق سطحيًا جدًا، فإن ذلك ليس جيدًا، كما أنه ليس من الجيد أبدًا أن تكون قادرًا فقط على التحدث بقليل من التعاليم وأن تكون منضبطًا بعض الشيء. يجب أن تفهم الحق ليكون لديك طريق لممارسته ولتكون قادرًا على تغيير هدفك في الحياة. إذا كانت كل الحقائق التي تفهمها والمواعظ التي استمعت إليها قد قُبلت بالفعل في قلبك ويمكنها التأثير في حياتك، وتغيير اتجاه وهدف تصرفاتك، وتغيير مبادئك في التصرف، أليس هذا أفضل قليلًا من الآثار التي تتحقق بقبول القليل من الانضباط؟ الآن، أنتم عالقون في قبول الضوابط واتباع اللوائح – فهل هذا هو طريق الممارسة بنشاط والدخول؟ بالتأكيد لا. وإذا ظللتم عالقين للأبد في قبول الانضباط أو اتباع اللوائح، فماذا ستكون العواقب؟ هل ستكونون قادرين أن تدخلوا إلى واقع الحق؟ هل ستكونون قادرين أن تمروا بتغييرٍ حقيقي؟ بالإضافة إلى ذلك، بينما أنتم منضبطون وتتبعون اللوائح، هل حصلتم على أي نتائج في ممارسة الحق؟ كلا، على الإطلاق. لذلك، لا يزال التركيز على فهم الحق هو أكثر الأشياء أهمية. وكونكم منضبطين وتتبعون اللوائح لا يعني أنكم تفهمون الحق، ناهيكم عن كونكم تمارسون الحق. كونكم منضبطين وتتبعون اللوائح طوال حياتكم لن يحقق تأثير فهم الحق وممارسة الحق. إن ذلك عديم الجدوى! ولذلك، بغض النظر عن مقدار المعاناة التي يتحملها المرء جرّاء كونه منضبطًا ومتبعًا للوائح، فإن ذلك ليس له أدنى قيمة أو معنى.
بعد الاستماع إلى العظات وفهم الحق، هل اختبرتُم أي تغييرات حقيقية؟ على سبيل المثال، التفكير أن مساعيكم السابقة وراء المعرفة والنظريات الكاذبة، وسعيكم وراء الشهرة والربح والمكانة ليس إيمانًا بالله، وأنه ينتمي بالأحرى إلى الإيمان الديني، وأن السعي وراء الشهرة والربح والمكانة هو شيء حقير، وأنكم إذا عشتم وتصرّفتم بأنفسكم على هذا النحو، فستصبحون كليًا أبالسة يجب أن يذهبوا إلى الجحيم، وأن العيش بهذه الطريقة مؤلم للغاية. هل تمتلكون هذا الاستيعاب والمعرفة؟ ما هو الاستيعاب الشخصي الذي تمتلكه؟ إن ذلك السعي وراء المعرفة والشهرة والربح والمكانة متعب للغاية! وأنت تشعر أن هناك الكثير من النزاعات، وأن هناك الكثير من المتاعب، وأن الحياة متعبة ومؤلمة للغاية في العيش بين غير المؤمنين. وتقول: "أنا لا يمكنني أن أعيش هكذا. فإذا عشت مثلهم، سأشعر بنفس القدر من الألم الذي يشعرون به. أنا أحتاج إلى الابتعاد عن أسلوب حياتهم. هل هذا هو استيعابك المباشر؟" لقد استوعبتَ بعمقٍ أن الجنس البشري الفاسد لا يقبل الحق ولو بأدنى درجة، وأنهم جميعًا يتقاتلون ويكيدون ويحاولون خداع بعضهم البعض، وأنهم يُضعِفون بعضهم البعض في الخفاء، وأنهم يضربون بعضهم البعض حتى يُسفك الدم من أجل مكسب قليل. لقد استوعبتَ كيف أنه لا أحد منهم يريد أن يسير في الطريق الصحيح للحياة، وأنه بدلًا من ذلك، هم يعتمدون على الحيل والمكائد لفعل الأشياء. ما هو أكثر ما تشعر به عندما تعيش في مثل هذه البيئة؟ إنك تشعر أنه لا يوجد عدل أو بر في ذلك العالم، وأنه شرير جدًا ومظلم جدًا، وأن الناس يعيشون هناك مثل الشياطين. وأنت تعتقد أنك إذا حاولت أن تكون شخصًا صالحًا، فلن يكون ذلك سهلاً ولن تستطيع تحقيقه. وأنت تشعر بأنك إذا أردت أن تتكيف مع ذلك العالم، فستحتاج أيضًا إلى أن تصبح شيطانًا وتعيش كشيطان حتى تتمكن من الاندماج مع مجموعات الشياطين والانخراط في التوجهات الاجتماعية؛ ولكي تقاتل من أجل لقمة من طعام ومن أجل كسب رزقك وبقائك، ستضطر إلى التنافس معهم وإلى قول وفعل أشياء تتعارض مع إرادتك. إن العيش بهذه الطريقة كل يوم سيكون مرهقًا للغاية، ولكن إذا لم تعش هكذا، فإن الناس سيستبعدونك، ولن يكون لديك أي سبيل للعيش. وفي هذا النوع من البيئة المعيشية، ما الذي استوعبتَه؟ الألم والعذاب والعجز. لقد استوعبتَ الشر والقسوة والظلمة الموجودة بين الناس، ولا يمكنك أن ترى نور الحياة البشرية. عندما بدأت تؤمن بالله وركزت على قراءة كلام الله، ما الذي استوعبتَه؟ (لقد فهمت الحق في قلبي، وشعرت أنه من الأفضل أن أؤمن بالله، وشعرت بالراحة في قلبي). بينما تعيش في بيت الله، تشعر بأنك منعَّم، ويكون لديك بركات الله، ويمكنك أن تفهم حقائق عديدة؛ وحينما تكون مع إخوتك وأخواتك، يمكنكم أن تساعدوا وتدعموا بعضكم البعض، وتعاملوا بعضكم البعض على قدم المساواة، وتعيشوا في وئام. وكل يوم، أنت تشعر بارتياح في قلبك، وبالحرية والتحرر. ولست بحاجة إلى القلق من أن تُخدع ولم تعد مضطهدًا ولم يعد الآخرون يسيئون معاملتك. وينكشف فاعلو الشر ويُستبعدون تدريجيًا، ويصبحون أقل فأقل في العدد. إن بيت الله يحكمه الحق والله. ويستطيع شعب الله المختار التحدث بحرية دون قيد، ولهم الحق في الاختيار، والحق في فضح الأشرار. أمّا أولئك الذين لا يقبلون الحق والقادرون على فعل الشر فيُخرجون تدريجيًا. ولا توجد ظواهر لأناس يُعذَّبون أو يُقمعون في بيت الله. إذا كانت هناك قضية، فالجميع يتناقشون حولها. وإذا كانت هناك مشكلة، فإن القادة والعاملين يعقدون شركة حول الحق لحلها. والناس يصلون تدريجيًا إلى فهم الحق، ويقل شيئًا فشيئًا حدوث تلك الأمور المخالفة. إن شعب الله المختار كله يستطيع أن يقبل الحقّ، وأن يكون منضبطًا بالحقّ، وأن يُجري بعض التغييرات في أقواله وأفعاله. وإن فعل أي فرد شرًا، فبإمكان الجميع رؤيته بوضوح والإبلاغ عنه. لذلك، يقل عدد الأشرار في بيت الله شيئًا فشيئًا. والآن، أنت تشعر أكثر فأكثر أن بيئة بيت الله صالحة حقًا؛ فالإخوة والأخوات يحبون بعضهم بعضًا، وأي شخص يواجه صعوبات أو انحرافات يمكنه الحصول على المساعدة؛ وأي شخص لديه مشاق يمكنه التوصل إلى حلها، وإن كانت ثمة مشاكل لا يمكن حلها، فالناس يمكنهم اللجوء إلى الله والاتكال عليه وحلها وفقًا لكلامه. إن العيش في بيت الله يجعلك تشعر بأنك منعَّم ولديك أمل، ويمكنك أن ترى النور، ويمكنك أن تنعم كليًا بمحبة الله وخلاصه. وهذه البيئة مفيدة جدًا لنمو الناس في الحياة. بالعيش في الكنيسة، في هذه البيئة التي بها الحق، يمكنك تدريجيًا أن تفهم الحق، ويصبح قلبك بالتدريج أكثر إشراقًا، وستشعر بأنك حر ومتحرر. هذه هي النتائج التي تتحقق بفهم الحق. وهنالك سمة واضحة للأشخاص الذين اكتسبوا الحق: إنهم أحرار ومتحررون نسبيًا. إنهم لا يحتاجون إلى أن يكونوا منضبطين، فالحق سيؤثر على كلماتهم وأفعالهم، وهو سيغير طريقة عيشهم واتجاه حياتهم. حين ينشأ في داخلك قلب يتقي الله، وحين يكون لك قلب يتقي الله يُرشدك، فإن طبيعة الأشياء التي تفعلها ستختلف تمامًا عما كنت تفعله من قبل حين كنت تعتمد على التحكم في النفس والانضباط. وفي ظل هذه الظروف، إذا أُعطيتَ مكانةً، وسنحت لك الفرصة والأوضاع المناسبة لتعذيب الآخرين، فهل كنت لتفعلها مع ذلك؟ (لا). ولمَ لا؟ هل لأنك لا تخطط لتعذيب الناس، أم لأنك لا تملك القدرة على تعذيب الناس؟ (لأن شخصيتي ستكون قد تغيرت). هذا صحيح، سيكون لديك قلب يتقي الله، وسيكون لديك مبادئ وأساس في أفعالك. في هذه المرحلة، وبصرف النظر عن الإغراءات التي تواجهها، ستكون قادرًا على أن تقول من قلبك: "إن فعل هذا لا يرضي الله، ولا يمكنني أن أفعل أشياء تسيء إلى الله". ستصل قامتك بصورة طبيعية إلى هذه الخطوة، وستكون قادرًا على قول مثل هذه الكلمات. أما الآن، هل تستطيعون تحقيق هذه الخطوة بشكل طبيعي؟ (ليس بعد). إن هذا يثبت أن الحق حتى الآن لم يكن له تأثير في داخلك؛ فهو يضبط سلوكك فحسب، لكنه لا يستطيع أن يضبط قلبك بحزم، أو يغير اتجاه حياتك، ولا مبادئ تصرفك وهدفها.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.