كلمات الله اليومية: معرفة الله | اقتباس 69

2020 يونيو 6

يمكنك أن ترى في نطاق العمل الذي أتمّه الرّبّ يسوع في عصر النعمة جانبًا آخر ممّا لدى الله ومَنْ هو. لقد عُبّر عنه من خلال جسده، وأصبح بإمكان الناس أن يروا بشريّته ويستوعبوها. رأى الناس في ابن الإنسان كيف عاش الله بحسب طبيعته البشريّة في الجسد، ورأوا لاهوت الله مُعبّرًا عنه من خلال الجسد. سمح هذان النوعان من التعبير للناس برؤية إله حقيقيّ جدًّا، وسمح لهم بتكوين مفهومٍ مختلف عن الله. ومع ذلك، في الفترة الزمنيّة بين خلق العالم ونهاية عصر الناموس، أي قبل عصر النعمة، لم يكن ما يراه الناس ويسمعونه ويختبرونه سوى الجانب الإلهيّ من الله فقط. كان هذا ما فعله الله وقاله في عالمٍ غير ملموسٍ، والأشياء التي عبّر عنها من شخصه الحقيقيّ الذي لم يكن يمكن رؤيته أو لمسه. كانت هذه الأشياء، في كثيرٍ من الأحيان، تجعل الناس يشعرون أن الله كان عظيمًا جدًّا وأنه لا يمكنهم الاقتراب منه. كان الانطباع الذي عادةً ما منحه الله للناس هو أنه كان يتنقّل إلى الداخل والخارج، وشعر الناس حتّى أن كلّ فكرةٍ من أفكاره وكلّ خطّةٍ من خططه كانت غامضة ومراوغة للغاية لدرجة أنه لم توجد وسيلة للوصول إليها، فضلاً عن محاولة فهمها واستيعابها. اعتبر الناس أن كلّ شيءٍ عن الله كان بعيدًا جدًّا – بعيدًا جدًّا لدرجة أن الناس لم يتمكّنوا من رؤيته ولم يتمكّنوا من لمسه. بدا أنه كان في السماء، وبدا أنه لم يكن موجودًا على الإطلاق. ولذلك اعتبر الناس أن فهم قلب الله وعقله أو أيًّا من أفكاره كان غير قابلٍ للتحقّق بل وحتّى صعب المنال. مع أن الله أتمّ عملاً ملموسًا في عصر الناموس كما نطق بعض الكلمات المُحدّدة وعبّر عن بعض المواقف المُحدّدة ليسمح للناس باستيعاب ورؤية بعضٍ من المعرفة الحقيقيّة عنه، إلّا أن هذا في النهاية كان تعبير الله عمّا لديه ومَنْ هو في عالمٍ غير ملموس، وكان ما فهمه الناس وما عرفوه لا يزال جزءًا من الجانب الإلهيّ لما لديه ومَنْ هو. لم تستطع البشريّة أن تكتسب مفهومًا ملموسًا من هذا التعبير عمّا لديه ومَنْ هو، وكان انطباعهم عن الله لا يزال عالقًا في نطاق "روحٍ يصعب الاقتراب منه يتنقّل إلى الداخل والخارج". ونظرًا لأن الله لم يستخدم كائنًا مُحدّدًا أو صورةً في المجال الماديّ ليظهر للناس، لم يتمكّن الناس بعد من تعريفه باستخدام اللغة البشريّة. كان الناس في قلوبهم وعقولهم يريدون دائمًا أن يستخدموا لغتهم الخاصة لتأسيس معيارٍ لله كي يجعلوه ملموسًا ويضعوه في هيئةٍ بشريّة، مثل مقدار طوله وحجمه وشكل ملامحه وما يحبّه خصوصًا وشخصيّته المُحدّدة. في الواقع، عرف الله في قلبه أن الناس كانوا يُفكّرون بهذه الطريقة. كان واضحًا للغاية بخصوص احتياجات الناس، وكان يعرف أيضًا بالطبع ما يجب عليه عمله، ولذلك أتمّ عمله بطريقة مختلفةٍ في عصر النعمة. كانت هذه الطريقة إلهيّة وبشريّة معًا. في الفترة الزمنيّة التي كان يعمل فيها الرّبّ يسوع، استطاع الناس أن يروا أنه كانت لدى الله تعبيراتٌ بشريّة كثيرة. على سبيل المثال، كان يمكنه الرقص وحضور حفلات الزفاف والتواصل مع الناس والتحدّث إليهم ومناقشة الأمور معهم. بالإضافة إلى ذلك، أتمّ الرّبّ يسوع أيضًا الكثير من الأعمال التي مثّلت ألوهيّته، وبالطبع كان هذا العمل كلّه تعبيرًا وكشفًا عن شخصيّة الله. خلال هذا الوقت، عندما تحقّقت ألوهيّة الله في جسدٍ عاديّ استطاع الناس أن يروه ويلمسوه، لم يعودوا يشعرون أنه كان يتنقّل إلى الداخل والخارج، ولم يعودوا يشعرون أنه لا يمكنهم الاقتراب منه. ولكن على العكس، كان يمكنهم محاولة فهم مشيئة الله أو فهم لاهوته من خلال كلّ حركةٍ وكلمةٍ وعملٍ لابن الإنسان. عبّر ابن الإنسان المُتجسّد عن ألوهيّة الله من خلال بشريّته ونقل مشيئة الله إلى البشريّة. ومن خلال التعبير عن مشيئة الله وشخصيّته، كشف أيضًا للناس الله الذي لا يمكن رؤيته أو لمسه في العالم الروحيّ. كان ما رآه الناس هو الله نفسه، ملموسًا بلحمٍ وعظامٍ. ولذلك فإن ابن الإنسان المُتجسّد جعل أمورًا مثل هويّة الله ومكانته وصورته وشخصيّته وما لديه ومَنْ هو ملموسةً وبشريّة. وحتّى مع أن المظهر الخارجيّ لابن الإنسان كانت له بعض القيود فيما يتعلّق بصورة الله، إلّا إن جوهره وما لديه ومَنْ هو تمكنّا تمامًا من تمثيل هويّة الله ومكانته، إذ لم تكن توجد سوى بعض الاختلافات في شكل التعبير. بغضّ النظر عن ناسوت ابن الإنسان أو لاهوته، لا يمكننا إنكار أنه كان يُمثّل هويّة الله ومكانته. ومع ذلك، عمل الله خلال هذا الوقت من خلال الجسد وتحدّث من منظور الجسد ووقف أمام البشريّة بهويّة ومكانة ابن الإنسان، وهذا أتاح للناس الفرصة لمقابلة واختبار الكلمات الحقيقيّة لله وعمله بين البشر. كما أتاح للناس نظرةً ثاقبة في لاهوته وعظمته في وسط التواضع، بالإضافة إلى اكتساب فهمٍ أوّليّ وتعريف مبدئيّ لأصالة الله وحقيقته. مع أن العمل الذي أتمّه الرّبّ يسوع، وطرق عمله، والمنظور الذي تحدّث منه اختلف عن شخص الله الحقيقيّ في العالم الروحيّ، إلّا إن كلّ شيءٍ عنه مثّل الله نفسه تمثيلاً حقيقيًّا لم يره البشر من قبل – وهذا لا يمكن إنكاره! وهذا يعني أنه بغضّ النظر عن الشكل الذي يظهر به الله وبغضّ النظر عن المنظور الذي يتحدّث منه أو في أيّة صورةٍ يقابل البشريّة، فإن الله لا يُمثّل شيئًا سوى نفسه. لا يستطيع أن يُمثّل أيّ إنسانٍ – لا يمكنه أن يُمثّل أيّ إنسانٍ فاسد. فالله هو الله نفسه، وهذا لا يمكن إنكاره.

– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ج)

عرض المزيد

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

اترك رد

مشاركة

إلغاء الأمر