اختيار طبيبة
عندما كنتُ يافعة، كانت أسرتي شديدة الفقر. كانت أمي مصابة بالشلل، وطريحة الفراش، وتتناول دواءها على مدار العام، وعَمِلَ أبي خارج القرية لسنواتٍ. كان أناس القرية ينظرون إلينا بازدراءٍ، وكثيرًا ما تعرّض أخي وأختي، للتنمُّر من الأشرار في القرية. وعندما بلغت السابعة من عمري، لاحقني مُتنمِّر في القرية وضربني. ارتعبتُ بشدة، لدرجة أنني أُصبت بمرض في القلب. ومن جرَّاء افتقارنا للمال اللازم لعلاجي، كانت هناك آثار لاحقة. لذا، منذ تلك اللحظة، عزمتُ أمري، أنني عندما أكبر، سأصبح طبيبة ممتازة، وأعالج أمي ونفسي، وسأجني الكثير من المال، لتتمكّن عائلتي من عيش حياة كريمة وتحظى بالاحترام.
بعد تخرُّجي من كليّة الطب، عُيِّنتُ للعمل في عيادة صحيّة ببلدة. لم أكن راضية بالعمل في عيادة صغيرة، لذا، بذلتُ قصارى جهدي، لتحسين مهاراتي المهنية ولأُنقَلُ إلى مُسْتَشْفى المدينة. ولأتيقن من حدوث ذلك، التحقتُ بمُسْتَشفى كبير، لمزيدٍ من الدراسة، ودرست كذلك الممارسة التطبيقية. وعَمِلتُ بجدٍّ واجتهادٍ، بعد عودتي للعيادة، لأحصل على ترقية. عَمِلتُ ليلَ نهارٍ، وكنتُ مُنْهَكَة بشكل يومي، لدرجة أن ظهري كان يؤلمني. وبعد عودتي إلى المنزل، لم أكن أستطيع القيام بشيء سوى السقوط على سريري في إعياءٍ. وأخيرًا، نُقِلتُ إلى مُسْتَشفى متخصصٍ في المدينة للعمل. وبعد ثلاث سنوات، تَرقَّيْتُ مجددًا، وهذه المرة إلى أخصائية. ولأنني عملتُ بضمير ومسؤولية، وكانت مهاراتي بارزة، ذاع صِيتي في المستشفى، وجاء الكثيرون لرؤيتي. ورُوَيْدًا رُوَيْدًا، جَنَيْتُ أموالاً أكثر، ومَوَّلتُ أعمال أخي كذلك. وكثيرًا ما أثنى عليَّ، حَمَواي أمام الجميع، وكان زوجي أيضًا مُولَعًا بي للغاية. كلُّ هذا أَشْبَعَ غروري إلى حد كبير، وظنتُ أنني أعيش حياة رائعة.
لكن كل تلك الأشياء كان لها ثمن. ومن جَرَّاء ضغط عملي الطويل الأمد، والعمل وجدول الراحة غير المنتظمين، أُصِبتُ بالأرق. وازداد الأمر سوءًا تدريجيًّا، ولم تُجْدِ أي كمية من الدواء في علاجه. وعقب ذلك، أُصِبْتُ بمشاكل في المعدة، وتَنَكُّس الفَقَار القَطَنِيَّة، وسرعان ما عانيت أيضًا من مشاكل في القلب. وبمجرد سماعي لبكاء طفل، كنت أصاب بالصُداع، ويرتجف قلبي، وترتعش يداي. لقد شخَّصه خُبراء المستشفى الإقليمي، على أنه مرض الرَّجَفَان البُطَيْنيّ، مما يعني عدم استطاعتي، التعامل حتى مع أدنى تحفيز، ولم يكن هناك دليل مُوَثّق، على وجود علاج. فلا يمكن السيطرة عليه، إلا من خلال رعاية خاصة للقلب والأوعية الدموية. ووقعت عليَّ كلماتهم وَقْع الصاعقة. وشعرتُ باليأس. وفكرت في أنني صغيرة السِّن، ومع ذلك أُصِبتُ بمرضٍ عُضَالٍ. فما جَدْوى المال والشهرة؟ تلك الأشياء لم تُخَفِّف من ألمي إطلاقًا. ثم فكّرتُ، كنت أعالج أمراض الآخرين يوميًّا، لكنني عجزتُ عن علاج مرضي. وسيطر عليّ شعور، بالعذاب والكآبة بوجه خاص. عندما جافاني النوم في الليل، كنت أحدق في السقف، وأذرف الدمع في صمتٍ فحسب. وشعرتُ أن الحياة هكذا، عسيرة ومرهقة للغاية. وشعرتُ أيضًا بالعجز. شعرتُ أن حياتي، كانت ستبدأ للتوّ، عندما أُصِبتُ بهذا المرض، ولم أدْرِ، كيف سأعيش من اليوم فصاعدًا. ما الهدف من الاستمرار هكذا؟
عندما سيطر عليّ الألم والعجز، أتاني خلاص الرب يسوع. وبعد إيماني بالربّ، شُفيت بأعجوبةٍ من مرض القلب والأرق، اللذان لازماني لسنوات. شعرت بالامتنان الشديد للربّ، لمنحه إياي تلك النعمة الهائلة. فذهبتُ إلى الاجتماعات بنشاطٍ، ووعَظْتُ بالإنجيل، بُغْيَة أن أردّ محبّة الربّ. في يوليو 2006، قَبِلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، ورحّبتُ بعودة الربّ. وشَعُرتُ بحماسٍ شديدٍ. وبأكل وشرب كلمة الله القدير، فهمتُ سر الثلاث مراحل من عمل الله، والغرض من خطة تدبير الله، وأن الله يقوم بعمل الدينونة، في الأيام الأخيرة كذلك، ليُخلِّصنا من الوقوع في الخطيئة، وتأثير الشيطان الشرير، ويُتيح لنا أن يُخلِّصنا الله، وأخيرًا لإدخالنا ملكوت الله. لقد رأيتُ الأمل في خلاصي ودخول ملكوت السموات في كلام الله، وكانت كلمة الله القدير، غذاء لروحي الجائعة. ذات يومٍ، قرأتُ هذا المقطع، من كلام الله القدير: "هل تدرك العبء الذي تحمله على عاتقك وحجم إرساليتك ومسؤوليتك؟ أين هو إحساسك بالإرسالية التاريخية؟ وكيف يمكنك أن تخدم كوَكيلٍ صالح في العصر القادم؟ هل لديك فهمٌ عميقٌ لوكالتك؟ كيف تفسّر ربّ كل الأشياء؟ هل هو حقاً ربُّ كل المخلوقات وحقيقةُ كل ما في العالم؟ ما هي خطتك لِتُقبِل على المرحلة التالية من العمل؟ كم من الناس ينتظرونك لترعاهم؟ أتشعر أن مهمتك ثقيلة؟ هم فقراء، مزدرون، عميان، وضائعون، يئنّون في الظلمة قائلين "أين الطريق؟" كم يتوقون للنور كشهابٍ لينطلق نازلاً فجأة حتى يُبدّد قوةَ الظلام التي قَمعت الإنسانَ لأعوام طويلة. من تراه يعرف كم تلهّفوا مترجّين هذا الأمر، وكم خارت قواهم في الليل والنهار؟ حتى في ذلك اليوم الذي يسطع فيه النور؛ يظل هؤلاء الذين يتألمون بعمق سجناء في غياهب الظلام، لا رجاء لهم ليُعتَقوا فمتى يتوقف بكاؤهم؟ يا لشقاء هذه الأرواح الهشّة التي لم تختبر الراحة يوماً وبَقُوا موثَقين طويلاً في هذه الحال بحبال القسوة والتاريخ الذي توقّف في مكانه. من تراه قد سمع صوت نحيبهم؟ ومن قد رأى مظهرهم التعس؟ هل فكّرتَ يومًا كم أنَّ قلب الله حزين ومتلهّف؟ كيف يمكن لله أن يحتمل رؤية البشرية البريئة التي خلقها بيديه تعاني عذابًا كهذا؟ على أية حال، البشر هم الضحايا الذين قد تجرّعوا السّمَّ. وبالرغم من كونهم على قيد الحياة إلى يومنا هذا، مَن كان يظن أن الشرير قد جعلهم يتجرّعون السمّ منذ زمن بعيد؟ هل غاب عنك أنك أحد ضحاياه؟ ألا تسعى لخلاص من بقي حياً من منطلق محبتك لله؟ ألست مستعدًّا لأن تكرّس كل طاقتك لتردّ الجميل للإله الذي يُحبّ البشرية كلحمه ودمه؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف تُقبِلُ على إرساليتك المستقبلية؟). لقد ألهمتني كلمة الله. إنه يأمل في أن ننهض، وننشر إنجيل الله، لأولئك الذين لا يزالون في الظُّلْمة، ويتوقون بشدّةٍ لظهور الله، ليتمكّنوا من العودة إلى بيت الله، ويقبلوا خلاص الله، ولا يعودوا يعانون من أذى الشيطان. إنّ محبّة الله للبشرية عظيمة للغاية! وعندما فكّرتُ كم حالفني الحظّ، لسماع صوت الربّ والترحيب به، أردتُ الوَعْظ بالإنجيل، لأولئك التابعين لكنيستي الأصلية، وإخبارهم بأن الله قد عاد. لذا، وعظتُ بالإنجيل أثناء قيامي بعملي. آنذاك، وبفضل العمل العظيم للروح القُدُس، فإنّ قادة وزملاء العمل، وبعض المؤمنين بالكنائس الخمس لطائفتي الأصلية، قد قَبِلوا جميعًا عمل الله الجديد، وشكّلوا كنيسة جديدة. انتُخِبتُ كشماسة، ووُضِعَ على عاتقي مسؤولية عمل الكنيسة. ورأيت بركات الله وإرشاده، وملأني هذا بحماس بالغ. فكّرتُ: "سأبَذْل قصارى جهدي، للقيام بعمل الكنيسة، لإعادة المزيد من الناس، إلى بيت الله".
في مارس 2007، ذات يومٍ، أخبرتني المشرفة، أنهم يريدون تدريبي، لأصبح قائدة كنيسة. شعرتُ بالتردد بعض الشيء. إنه أمر جيّد، لكن كونكِ قائدة كنيسة، يعني أنكِ مسؤولة عن عمل الكنيسة بأسرها، مما يعني، أنه لن يكون لديّ مُتّسع من الوقت للذهاب إلى عملي، ولربما لا أحتفظ بوظيفتي. ألن يعني هذا أن كل سنوات عملي الشاق، قد ذهبت أدْراج الرياح؟ إلى جانب أن زوجي سيُسبّب لي مشكلة قَطْعًا. لذا، ومع أخذ هذا الأمر في الاعتبار، لم أقبل ذلك الواجب حينذاك. وبعدئذ، شَعُرتُ بالذنب الشديد. لطالما شعرتُ أنني مدينة لله. فصلّيتُ لله، طالبة منه أن يرشدني لمعرفة نفسي. وبعد أن صلّيت، قرأت مقطعًا من كلمة الله: "إذا وضعتُ بعض النقود أمامكم في هذه اللحظة وتركت لكم حرية الاختيار، وإذا لم أُدِينْكم على اختياركم، عندئذ سيختار معظمكم النقود ويتخلى عن الحق. أما الأخيار بينكم فسيتخلون عن النقود ويختارون الحق بتردد، بينما أولئك الذين هم في المنتصف فسيمسكون بالنقود في يد وبالحق باليد الأخرى. ألن تغدو بذلك حقيقتكم واضحة جلية؟ وعند الاختيار بين الحق وأي شيء تُكنّون له الإخلاص سوف يكون هذا هو اختياركم ويبقى موقفكم هو نفسه. أليس كذلك؟ أليس هناك العديد بينكم ممن تأرجحوا بين الحق والباطل؟ وفي المنافسة بين الإيجابيات والسلبيات، والأبيض والأسود، أنتم تدركون حقًّا الخيارات التي قمتم بها بين العائلة والله، وبين الأطفال والله، وبين الطمأنينة والتشتت، وبين الغنى والفقر، وبين المكانة والحالة العادية، وبين أن تتلقوا الدعم وأن يتم التخلي عنكم، وغير ذلك من الخيارات. ... يبدو أن أعوامًا عديدة من التكريس والجهد لم تَعُد عليّ منكم سوى بالنبذ والقنوط، غير أن آمالي فيكم تنمو مع كل يوم يمر؛ لأن يومي قد أصبح واضحًا تمامًا أمام أعين الجميع، ومع ذلك تتمادون في السعي وراء الأمور المظلمة والشريرة، وترفضون التخلّي عنها. ماذا ستكون عاقبتكم إذًا؟ هل سبق أن فكرتم بهذا بعناية؟ إذا ما طُلب منكم الاختيار من جديد، فماذا سيكون موقفكم؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. إلى مَنْ تكون مخلصًا؟). عندما تفكّرت في كلام الله، شعرتُ بالخِزي على الأخصِّ. بدا وكأن الله يُدينني وجهًا لوجه. لقد زعمتُ أنني أريد إرضاء الله، ولكن حينما تعيّن عليّ اتخاذ قرار، لأُبْقي على وظيفتي التي أُحْسَدُ عليها كطبيبة، رفضت واجبي. ورأيت أن أكثر ما قدّرته، لم يكن الله، بل هَيْبتي، ومكانتي. كنتُ أتبع الشيطان، ومُوالِية للشيطان، وأتمرّد على الله. وعندما فكّرتُ في هذا، شعرتُ بالذنب بوجه خاصٍ. أردتُ اتخاذ قرار مختلف، وأن أتخلى عن عملي، وأبذل نفسي لله. لكنني علمتُ أيضًا، أنه إذا استقلت من وظيفتي، فسترفض عائلتي قطعًا، وكنت ما زلت لا أستطيع التخلي عنها. وما فعلته هو القدوم أمام الله والصلاة، طالبة من الله أن يقودني ويرشدني. وبعد أن صلّيت، فكّرتُ في ترنيمة كلمة الله: "الحياة ذات المعنى الأعظم". "أنت مخلوق وعليك أن تعبد الله وأن تنشد حياة ذات معنى. بما أنك مخلوق أن تبذل نفسك من أجل الله وأن تتحمل كل ضيق. عليك أن تقبل بسرور وثقة الضيق القليل الذي تكابده اليوم، وأن تعيش حياة ذات معنى مثل أيوب وبطرس. أنتم أناس يسعون نحو الطريق الصحيح، وينشدون التحسُّن. أنتم أناس قد نهضوا في أمة التنين العظيم الأحمر، ويدعوهم الله أبرارًا. أليس هذا أسمى معاني الحياة؟" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة). وعندما أنشدتُ هذه الترنيمة، شعرتُ بإحساس لَوْمٍ ذاتي في قلبي. إنني مخلوقة، وكل شيء لديّ مصدره الله، لقد استمتعتُ بنعمة أبدية من الله، وتلقيت وافرًا من كلمات الحياة من الله، ومع ذلك، أبَيْتُ أن أردّ محبّة الله. ورفضتُ واجبي، في سبيل عملي ومستقبلي. كيف أزعمُ أن لديّ ضمير؟ فكّرتُ في أيّوب. فقد طَبَقَتْ شُهْرته الآفاق في الشرق، وحظي بثروة عظيمة، لكنه لم يُقدِّر الشهرة والثروة. بل كان قادرًا على طاعة ترتيب الله وتدابيره، حتى عندما خسر كل شيء، وتَمَسَّك بشهادته، وأَذَلَّ الشيطان. وبطرس، عندما سَمِعَ نداء الرب يسوع، ترك كل شيء واتّبَعَ الربّ. لقد وَعَظَ بإنجيل الرب يسوع وشَهد به في كل مكان، وسعى لمحبّة الله وإرضاء الله، وأخيرًا صار مُكمَّلاً من الله. فكّرتُ: "عليَّ الاقتداء بهم، وأن أقبل واجبي، وأترك مصالحي الخاصة، وألّا أفكر في آفاقي المستقبلية". وفَوْر تفكيري في هذا، صلّيتُ لله، لأطلب منه أن يمنحني الثقة والقوّة، وأن يفتح طريقًا أمامي. لاحقًا، وبسبب الضَّجَّة المستمرة للمرضى، في قسم النُّزلاء الداخليين، أُصِبتُ بنَوْبة قلبية. فانتهزتُ هذه الفرصة، لأطلب من المستشفى إجازة مرضية لنصف عام، وبدأت في الوفاء بواجبي بدوام كامل.
ومع ذلك، سُرعان ما مرّت إجازتي النصف عام، واتصل بي رئيس المستشفى للعودة إلى العمل. آنذاك، كان عمل الإنجيل في الكنيسة، مُزدحمًا بعض الشيء، لذا، ناقشت الأمر مع زوجي، وعَزَمْتُ أمري، على العودة للعمل في العام التالي. ولكن بعد شهرين، اسْتَحَثَّتْني المستشفى، على العودة إلى العمل مِرارًا وتكرارًا، وإلا فإنهم لا يضمنون الإبقاء على وظيفتي. واستحثّني زوجي، على العودة إلى العمل كذلك. في هذه المرحلة، انتابني القلق بعض الشيء: "ماذا عساي أفعل؟ إنْ لم أعُدْ للعمل، فسوف أُسَرَّحُ بحلول نهاية العام. وإنْ حدث ذلك، ألن تذهب سنوات عملي الشاق هَباءً؟ لكن إنْ عُدتُ للعمل، سيكون الوقت المُخصَّص لواجبي محدودًا. وإنْ لم أبْذُل قلبي وروحي في واجبي، فسيتأثر عمل الكنيسة". وبالتفكير في الأمر، رفضتُ العودة. وعجَز زوجي عن إقناعي، لذا، اتصل بأخي وزوجته، ليطلب منهما إقناعي. قال أخي: "أبقها في المنزل. ولا تدعها تخرج فحسب. وإنْ تعجز عن السيطرة عليها، فلتَكْسِر رِجْليْها. حتى وإنْ أصابها الشلل، فطالما أنها في المنزل، بإمكانها الإبقاء على وظيفتها. وإنْ خسرتْ وظيفتها، فسنخسر كل شيء". وحينما سمعتُ هذا، انْفَطَر قلبي. وفكّرتُ: "من أجل إيماني بالله، وسَيْري في الطريق الحق، تعاملونني بهذه الطريقة. في الماضي، عندما كنتُ ناجحة في عملي، كنتم جميعكم سُعداء، وتستمتعون بنجاحي، وترحبون بي بابتساماتكم العريضة. والآن أدركتم، أنكم لن تربحوا شيئًا، من إيماني بالله والقيام بواجبي، لذا، فقد اجتمعتم سويًّا لمنعي، وتتفوّهون بمثل هذه الأشياء القاسية". كلما فكّرت في الأمر، شعرتُ بالاستياء أكثر. أدركتُ جَفَاء العاطفة الإنسانية. لكن من جهة أخرى، فكّرتُ: "ماذا سأفعل إنْ فصلتني المستشفى من العمل؟" وفي صمتٍ، صلّيت لله، ثم تذكّرتُ مقطعًا من كلمة الله: "لقد تكشَّفَت لك مقاصدي، ولا يجوز أن تتجاهلها، بل يجب أن تُوليها كل اهتمامك وتُنحّي كل شيء آخر جانبًا حتى تتبعني بكل قلبك. سوف أحفظك دائمًا في يديَّ. لا تكن دائمًا جبانًا خاضعًا لسيطرة زوجك أو زوجتك، بل يجب أن تسمح لمشيئتي بأن تُنفَّذ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل التاسع). منحني كلام الله الثقة والقوة. إنّ الله هو الخالق، والله ذو سيادة مُطْلَقة على كل شيء. وسواء فَصَلَتْني المستشفى من العمل، فقد كان ذلك خاضعًا لترتيبات الله السِّيَادية. لقد آمنتُ أن الله سيفتح لي طريقًا. لا يمكن أن يُسيطر عليَّ زوجي. مهما كان اضطهاد عائلتي لي، أردتُ الوقوف بحَزْمٍ لإرضاء الله. لقد فكّرتُ في محبّة الله وإيثارية الله، وكنتُ أكثر حماسًا. يقول الله، "يتجشم الله العناء دائمًا من أجل بقاء الإنسان، أمّا الإنسان فلا يساهم بأي شيء أبدًا من أجل النور أو من أجل البر. وحتى لو بذل الإنسان جهدًا لبعض الوقت، فلا يمكن لهذا الجهد أن يتحمل ضربة واحدة؛ لأن جهد الإنسان هو دائمًا من أجل ذاته وليس من أجل الآخرين. إن الإنسان دائمًا أناني، بينما الله دائمًا إِيثارِيّ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. من المهم جدًا فهم شخصية الله). لطالما سيطرت الأنانية على البشرية الفاسدة، لكنّ الله إيثاريّ. مهما كانت الطريقة التي يعمل بها الله، فإنه كل ما يفعله، هو في سبيل حياة البشر، وكل ذلك لمساعدتنا على فهم الحقّ، وقيادتنا إلى المسار الصحيح في الحياة، لنحصل على خلاصه. وأيًّا كان ما يفعله الله من أجل البشر، فهو لا يطلب منا شيئًا قطّ في المقابل. بل يفعل كل هذا من أجلنا في الخَفَاء. في تلك الأثناء، فعلتُ كل شيء لأجلي، لأجل مصلحتي الخاصة. وعَلِمتُ أن القيام بواجبي، والتعامل مع عمل الكنيسة على خير وجهٍ، كانت مسؤوليتي والتزامي، لكنني خشيتُ أنه إذا فقدتُ وظيفتي، سأفقد معها شهرتي، وثروتي، والوِئام العائليّ، لذا فقد رفضت واجبي. لقد كنتُ أنانيّة، وحقيرة، وعديمة الإنسانية! والأكثر من ذلك، ومن خلال اضطهاد عائلتي لي، فقد ربحتُ، بعضًا من الفهم الحقيقي للمشاعر بين البشر كذلك. في الماضي، أحْسَنَتْ عائلتي معاملتي، بسبب وظيفتي المرموقة. كان بوسعي مساعدتهم، وجعلهم يظهرون بمظهر جيّد، لذا كانوا يرحبون بي بابتسامةٍ. والآن، بعد أن وعظتُ بالإنجيل، وواجهت حقيقة فقدان وظيفتي، لم يتبق لهم شيء ليربحوه، لذلك اضطهدوني، وضَيَّقوا عليَّ الخِنَاق. ألا يوجد أيّ حب بين الناس؟ لا توجد إلا معاملات وتبادل منفعة. إنّ حب العائلة يرتكز على المصالح كذلك. لقد أرغموني على السعيّ للمال، والشهرة، والمتعة الجسدية فحسب. وهذا لم يكن حُبًّا بالنسبة لي. بل كان يؤذيني ويدمّرني. وما أن أدركتُ هذا، لم أعد أريد خدمة الشيطان. ولم أُرِدْ سوى القيام بواجبي، على أكمل وجهٍ، وردّ محبّة الله.
ودون سابق إنذارٍ، منعني زوجي من مغادرة المنزل. حتى أنه هددني: "إنْ رفضتِ العودة إلى العمل، فلن أدعكِ تؤمنين بالله، ولن أسمح لأولئك الذين يؤمنون بالله، بالمجيء إلى منزلنا". وقال أيضًا، إنه لا يجب أن ألومه، لكونه قاسيًا معي، إنْ فقدت وظيفتي. وبعد سماعه يقول ذلك، فكّرتُ: "إنْ لم أرْضَخ لمطالبه، فسَيحْبسني في المنزل. ولن أحظى بحياة الكنيسة، أو أفِي بواجبي". لذا، تَحَتَّمَ عليَّ أن أعِدَه، بالعودة للعمل في المستشفى. ولكن، خَشِي رئيسي في المستشفى، أن يتسبب ضجيج المرضى، في إصابتي بنوبة قلبية أخرى، لذا نقلوني للعمل، في العيادة الخارجية للمستشفى العام. حتى عندما لم يكن هناك عمل، كان عليَّ الجلوس في مكتبي، وعجزتُ عن الاضطلاع بواجبي هكذا. كل يومٍ، كنت أجلس بمفردي في مكتبي، ويراودني شعور بالاضطراب. وفكّرتُ في مقدار عمل الكنيسة العاجل، وأنا عالقة هناك. عَلِمتُ أن عمل الكنيسة سيتأجَّل، وأن حياة إخوتي وأخواتي ستتضرر، وانتابني شعور بالذنب بصورة خاصة. لقد زعمتُ، أنني أريد القيام بواجبي كما ينبغي، إرضاءً لله، ولكن بمجرد أن اضطهدني زوجي، واعترض سبيلي، استسلمتُ. فكيف أقول إنني كنتُ مخلصة ومطيعة لله؟ كلما فكّرت في الأمر أكثر، شعرتُ بالحزن الشديد، حتى أنني عجزتُ عن كَبْح انهمار دموعي. حينذاك، صليّت لله: "إلهي، أريد القيام بواجبي، والبذل من أجلك، لكنني مُقيَّدة من زوجي وبيئتي. أرجوك، امنحني الثقة والقوّة". وبعد أن صلّيتُ، قرأت مقطعًا من كلمة الله: "عندما تكون لدى الناس معرفة حقيقية بشخصية الله، وعندما يستطيعون معرفة أن شخصية الله حقيقية، وأنها تتصف بالقدسية الحقيقية، وبالبر الحقيقي، وعندما يستطيعون الثناء على قدسية الله وبره من صميم قلوبهم، عندئذ سيعرفون الله حقًّا، وسيكونون قد ربحوا الحق. لا يمكن للناس أن يعيشوا في النور إلّا عندما يعرفون الله. والنتيجة المباشرة لمعرفة الله الحقة هي القدرة على المحبة والطاعة الصادقتين لله. إن الذين يفهمون الحق ويربحونه يحظون بتغيير حقيقي يحصل في نظرتهم إلى العالم وإلى الحياة، وبعد ذلك يحصل لديهم تغير حقيقي أيضًا في شخصيتهم الحياتية. عندما يكون لدى الناس أهداف الحياة الصحيحة يستطيعون السعي إلى الحق، ويسلكون بحسب الحق. عندما يخضعون تمامًا إلى الله ويعيشون بحسب كلامه، وعندما يشعرون بالطمأنينة والاستنارة في أعماق نفوسهم، وعندما تتحرر قلوبهم من الظُّلمة، وعندما يستطيعون أن يعيشوا بحرية تامة وبدون قيد في حضرة الله، عندئذٍ فقط يعيشون حياة إنسانية حقيقية، ويصبحون أُناسًا يملكون الحق والإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، إن كل الحقائق التي فهمتها واكتسبتها أتت من كلام الله ومن الله نفسه. لن تكون حياتك هي الحياة ذات المعنى المطلق إلا عندما تنال استحسان الله العلي، رب الخليقة، ويقول عنك إنك مخلوق مؤهل يعيش الشبه الإنساني. إن نيل استحسان الله يعني أنك شخص ربحت الحق، وأنك شخص يمتلك الحق والإنسانية" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان). وبعد تأملي لكلمة الله، أدركتُ، أنه في حياتنا، السعي للحقّ فقط، ومعرفة الله، وربح موافقة الخالق، يمكن اعتبارها شيئًا مجيدًا. وهذه وحدها الحياة الواقعية، وهذا الذي عليَّ اختياره. لقد درستُ الطب جِدِّيًا، سعيًا للشهرة والثروة الدنيوية. وبعد نجاحي، حظيتُ بتقدير قادتي وزملائي، ونظر إليّ أقاربي وأصدقائي نظرة احترام وتقديرٍ، ولكن ما جَدْوى تلك الأشياء بالنسبة لي؟ أيًّا كان مقدار الشهرة أو الثروة المادية التي حظيتُ بها، فلم أستطع ملء الخَواء الروحي بداخلي. لقد تَرَكتْ جسدي مُنْهَكًا وسقيمًا، وخيَّم اللامعنى والبؤس على حياتي، وفقدتُ الشعور بالسلام أو السعادة. لقد فكّرتُ كيف أنني بعد قبولي لعمل الله القدير في الأيام الأخيرة، وأكلي وشربي لكلام الله، وعيش حياة الكنيسة، وتأدية واجبي، بدأت أفهم الحقّ لا شعوريًّا. وعَلِمتُ كيف أدبّر نفسي، وكيف أعبد الله، وكيف أخلِّص نفسي من شخصياتها الفاسدة، وأعيش بإنسانية طبيعية. كل هذا جعلني أشعر، بالاسترخاء والتحرُّر بصورة خاصة. أدركتُ أن البشر مخلوقات، وأن العيش في مَحْضر الله، واستيعاب الحق، يُمكِّن البشر من أن يَنْعموا بالسلام والسعادة. وخلافًا لذلك، أيًّا كانت الطريقة التي يعيش بها البشر ستظل حياتهم خَواء ومعاناة. في هذه المرحلة، فهمتُ، أن الله سمح بالاضطهاد الذي واجهتُه من عائلتي. ومن خلال هذه البيئة، أُرغِمْتُ على المجيء أمام الله، للاتكال على الله، والسعيّ للحقّ، مما دعاني لرؤية ألم العيش تحت سيادة الشيطان، وجعلني قادرة على اختيار اتِّباع الله، والسير في دَرْب تقصّي الحقّ. وما أن فهمتُ نوايا الله الحَسَنة، أشرق قلبي بالبهجة. وتحررت من قيود عائلتي كذلك، وتركت المستشفى، وقمت بواجبي بدوام كامل في الكنيسة.
ذات يومٍ، في ديسمبر 2007، عندما عُدتُ للمنزل من واجبي، اسْتَشَاط زوجي غضبًا. قال: "لقد اتصلت المستشفى. وقالوا إنْ لم تعودي لعملكِ، فسَتُسرَّحين من العمل. عليكِ أن تعودي إلى وظيفتكِ فورًا. إنْ فقدتِ وظيفتكِ، ستفقدين معاشكِ وكل استحقاقاتكِ!" شعرتُ بالانزعاج قليلاً، عند سماعي بهذا. وفكّرتُ: "هذا حقيقي. فمنذ نعومة أظافري، حلمتُ بأن أصبح طبيبة بارعة، وأحقق شُهْرة لنفسي. وبعد أن كافحتُ بقوّة، فإني أحظى بالشهرة والثروة. وإنْ تنازلت الآن، فلن يتبقى لي شيء إطلاقًا". وجعلتني هذه الفكرة، غير مُتَيَقِّنة لما عليَّ فعله، لذا صلّيت لله في صمتٍ: "إلهي، ظننتُ أنني تخلَّيْتُ عن الهَيْبة، والثروة، والمكانة. لكنني الآن، عليَّ أن أترك عملي، ولازلتُ أشعر بحزنٍ بعض الشيء. إلهي، أرجوك أرشدني لفهم الحقّ، ولا تجعلني تحت سيطرة تلك الأشياء". وبعد أن صلّيتُ، قرأت مقطعًا من كلمة الله: "يستخدم الشيطان الشهرة والربح للتحكُّم بأفكار الإنسان حتى يصبح كلّ ما يُفكِّر فيه هما الشهرة والربح. إنهم يناضلون من أجل الشهرة والربح، ويعانون من مشقّاتٍ في سبيل الشهرة والربح، ويتحمَّلون الإذلال من أجل الشهرة والربح، ويُضحّون بكلّ ما لديهم من أجل الشهرة والربح، وسوف يتّخذون أيّ حُكمٍ أو قرارٍ من أجل الشهرة والربح. وبهذه الطريقة، يربط الشيطان الناس بأغلالٍ غير مرئيّةٍ، ولا يملكون القوّة ولا الشجاعة للتخلُّص منها. ولذلك، من دون معرفة، يحمل الناس هذه الأغلال ويمشون بخطى متثاقلة باستمرارٍ بصعوبةٍ كبيرة. من أجل هذه الشهرة وهذا الربح، يحيد البشر عن الله ويخونونه ويصبحون أشرارًا أكثر فأكثر. ولذلك، يتحطَّم بهذه الطريقة جيلٌ تلو الآخر في الشهرة والربح اللذين للشيطان. بالنظر الآن إلى أعمال الشيطان، أليست دوافعه الشرّيرة مقيتة؟ ربّما ما زال لا يمكنكم اليوم أن تروا بوضوحٍ دوافع الشيطان الشرّيرة؛ لأنكم تعتقدون أنه لا توجد حياةٌ دون الشهرة والربح. تعتقدون أنه إذا ترك الناس الشهرة والربح وراءهم فلن يكونوا قادرين فيما بعد على رؤية الطريق أمامهم ولن يعودوا قادرين على رؤية أهدافهم ويصبح مستقبلهم مُظلِمًا وقاتمًا ومعتمًا. ولكنكم سوف تعترفون جميعًا وببطءٍ يومًا ما أن الشهرة والربح أغلالٌ شنيعة يستخدمها الشيطان ليربط الإنسان. وحين يحين اليوم الذي تُدرِك فيه هذا، سوف تقاوم تمامًا تحكُّم الشيطان وتقاوم تمامًا الأغلال التي يستخدمها الشيطان ليربطك بها. عندما يحين الوقت الذي ترغب فيه في التخلُّص من جميع الأشياء التي غرسها الشيطان فيك، سوف تنزع نفسك من الشيطان انتزاعًا تامًّا وسوف تكره حقًّا جميع ما جلبه لك الشيطان. وعندها فقط سوف تصبح لدى البشرية مَحبَّةٌ حقيقيّة لله وحنينٌ إليه" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)). فقط بعد قراءتي لكلمة الله أدركتُ كم آذاني الشيطان بشدّةٍ. وأن الشهرة والربح أصبحا حياتي، وأنهما صارا عائقًا لي في ممارسة الحقّ. ومنذ طفولتي، علّمني والداي: "تفوّقي على البقيّة" و"اجلبي الشرف لأسلافنا"، وحسبتُ أن امتلاك الشهرة والربح، تعني أن أعيش حياة، ذات معنى وذات قيمة. لقد فكّرتُ في الشهرة، والربح، والمكانة، كأشياء إيجابية، وكان ذلك هو هدفي الوحيد، الذي يجب أن أسعى إليه في الحياة، لذا فقد سعيتُ للشهرة، والربح، والمال، والمتعة، بشكلٍ أحاديّ. ولم أعذِّب سوى نفسي بشدّة، لدرجة الإنهاك، في نهاية المطاف. إنّ الهَيْبة والمكانة، ليسا سوى حيل يستخدمهما الشيطان، لإفساد البشر والتهامهم. وفكّرتُ في حالة زميلي، الذي مات بصورةٍ مأساويةٍ، سعيًا للشهرة والثروة. كان مديرًا لقسم العيادات الخارجية، وكرَّس نفسه للعمل الجاد في حياته المهنية. ولطالما عاد إلى منزله متأخرًا. كان يرغب في البقاء لعلاج المرضى وجَنْي مزيدًا من المال. وفي النهاية، حظي بالشهرة والمال، ولكن ذات ليلة، غادر عمله في وقت متأخر للغاية، كان يسير على طول الطريق، في حالة من الإرهاق المُطْلَق، فصدمته سيارة، ولقي مصرعه. كانت لي زميلة أخرى، أصبحت رئيسة الممرضات في سِنّ مبكرة. وبدا للآخرين، أن مستقبلها بلا حدودٍ، لكنها انشغلت كثيرًا بالعمل. وفي طريقها إلى المنزل، ظلّت تتحدث مع زميلاتها عن العمل، وعبرت السكة الحديدية وهي شاردة الذِّهن، ولقيت مصرعها بقطار سريع، عندما كانت في العشرينات من عمرها فحسب. وإذ أفكّر في تجارب زملائي، بدأت أرتجف خوفًا. لقد حظي أولئك باحترام وتقدير كبير من الناس في المستشفى. ولكن من دون رعاية الله وحمايته، فما فائدة الشهرة والثروة؟ إنّ الهَيْبة والمكانة هما وسائل الشيطان لإفساد البشر وإيذاءهم. إنهما شِراك ينصبهما الشيطان، لإغواء البشر، ليسعوا بشدّة وراء الشهرة، والثروة طوال حياتهم، لذا، ينتهي بهم المطاف، بعيدًا عن الله وخلاص الخالق. وكنتُ أعاني من عبودية قيود الهَيْبة والمكانة، لذلك لم أستطع قطّ، اتخاذ القرار الصائب بين وظيفتي وواجبي. لقد كان أمرًا مُخزيًا! إنّ عمل الله في الأيام الأخيرة لخلاص البشر فرصة تأتي مرة واحدة في العمر، والآن قبِلتُ الطريق الحق، بفضل نعمة الله، لكنني لم أقدِّر فرصة القيام بواجبي، لأتوصّل للحقّ. إنْ فاتتني هذه الفرصة، ألن أدمِّر نفسي فحسب؟ ألن تكون هذه حماقة فحسب؟
تذكّرتُ مقطعًا من كلمة الله: "وبصفتكم أشخاصًا عاديين تسعون وراء محبة الله، فإن دخولكم إلى الملكوت لتصبحوا من شعب الله هو مستقبلكم الحقيقي، وحياة بالغة القيمة والأهمية. لا أحد مبارك أكثر منكم. لماذا أقول هذا؟ لأن أولئك الذين لا يؤمنون بالله يعيشون من أجل الجسد، ويعيشون من أجل الشيطان، لكنكم تعيشون اليوم من أجل الله، وتعيشون لإتمام مشيئة الله. لهذا السبب أقول إن حياتكم بالغة الأهمية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تعرّف على أحدث عمل لله واتبع خطاه). لقد منحتني كلمة الله طريق الممارسة. إنّ السعي للوفاء بواجب مخلوق في بيت الله في الكنيسة اليوم، هو الطريق الصحيح للاختيار، وهذا ما يجعل الحياة أكثر أهمية. لقد أفسدني الشيطان وخدعني قَبْلاً، وعِشتُ بفلسفاتٍ شيطانية. وانشغلت تمامًا بالسعي وراء الشهرة والثروة، وعانيتُ من خداع الشيطان وأذاه. وأرتني كلمة الله، عواقب وجوهر السعي للشهرة، والثروة، والمكانة، وجعلتني أفهم أنها وسائل الشيطان، لإفساد البشر والتهامهم. والآن، قَارَبَ عمل الله في الأيام الأخيرة نهايته، وخطة تدبير الله على وشك الانتهاء، وقد بدأت الكارثة العظيمة بالفعل. وليس بإمكاننا النجاة من هذه الكارثة، إلا بتَقَصِّي الحقّ. إنْ لم أتقصَّ الحقّ، واسْتَغْلَلْتُ هذا الوقت الثمين والقصير، في السعي للشهرة والثروة، فلن أربح الحقّ والحياة أبدًا، اللذان منحهما لي الله، ولن يُخلِّصني الله، في نهاية المطاف. حينئذٍ سيضيع إيماني بالله هباءً، وسأندم لبقية حياتي. كما قال الرب يسوع: "لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي ٱلْإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (متى 16: 26). كنتُ أعلم أنه عليَّ التعلّق بهذه الفرصة التي تأتي لمرة واحدة في العمر. ولم يعد بإمكاني التسرُّع من أجل جسدي. وفي غُضُون هذه الفترة الحَرجة، من عمل الله لتخليص البشر، كان عليَّ اغتنام اللحظة، للسعي للحقّ، والقيام بواجبي كمخلوقةٍ. وهذا هو السبيل الأَقيَم، والأكثر أهمية للعيش. وإذ أضع هذا في الاعتبار، عَزَمْتُ أمري على الاستقالة من عملي، والبدء في القيام بواجبي بدوامٍ كاملٍ. وعندما أبلغتُ زوجي بقراري، فقال وقد غُلِبَ على أمره: "لقد حاولتُ بكلّ الطرق، حملكِ على العودة إلى عملكِ، والإبقاء على هذه الوظيفة، في السنوات القليلة الماضية. أريدكِ أن تجني المزيد من المال فحسب حتى يمكننا أن نعيش حياة كريمة. لكن ليس في قلبكِ، سوى إلهكِ فحسب. وليس بإمكاني السيطرة عليكِ بعد اليوم. الأمر عائد إليكِ، من اليوم فصاعدًا". بعدئذ، توجّهتُ إلى المستشفى للقيام بإجراءات الاستقالة. وحاول رئيس المستشفى منعي مرارًا وتكرارًا، قائلاً: "كونكِ طبيبة، هي وظيفة مأمونة، ولن تغلق المستشفى أبوابها قطّ. ومن الصعب جدًا، الحصول على وظيفة في مستشفى الآن. وفوق ذلك، فأنتِ عاملة رئيسية هنا، وأمامكِ مستقبل باهر. إنّ الأجور ترتفع الآن، وستكون هناك كل أنواع المزايا الجديدة. فلتفكِّري مَليًّا في هذا!" عَلِمتُ أنها غواية الشيطان، لقد أراد الشيطان استخدامه لإغوائي بعيدًا عن الله، ولكي يجعلني أخون الله، لم أكن لأقع في حِيَله. لذا، فقد أعْرَبْتُ عن موقفي لرئيس المستشفى، وكل ما استطاع فعله، هو إتمام إجراءات استقالتي. وبمجرد أن تركت عملي، واستثمرت نفسي في واجبي، غَمَرَني إحساس عميق بالراحة. فلم يعد العمل يقيدني، ويسيطر عليَّ بعد اليوم، وكان لديّ مُتَّسَع من الوقت، لأكل وشرب كلمة الله والقيام بواجبي. لقد حرَّرني إرشاد كلام الله، من عبودية الشهرة والمكانة وقيودهما، ومنحني التوجُّه الصحيح في الحياة.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.