ماذا يعني السعي إلى الحق (4) الجزء الأول
لنبدأ بتذكر ما عقدنا عنه الشركة في اجتماعنا الأخير. (عقدنا الشركة في اجتماعنا الأخير عن موضوع "ماذا يعني السعي إلى الحق". ركزنا أولًا على هذا السؤال: "بالنظر إلى أن الأشياء التي يعتقد الناس أنها جيدة وصحيحة ليست هي الحق، لماذا لا يزال الناس يتمسكون بتلك الأشياء كما لو كانت هي الحق ويعتقدون أنهم بذلك يسعون إلى الحق؟" لقد أوضحتَ ثلاثة أسباب لذلك. تحدثتَ بشكل أساسي عن السبب الأول، وناقشت ماهية تلك الأشياء بالضبط التي يعتبرها الناس جيدة وصحيحة في مفاهيمهم). عقدنا في اجتماعنا الأخير شركة في الأساس عن السبب الأول. تحدثنا عن الأشياء التي يعتقد الناس أنها جيدة وصحيحة في مفاهيمهم، وقسَّمنا تلك الأشياء إلى فئتين رئيستين: الأولى هي "السلوكيات الجيدة"، والثانية هي "السلوك الأخلاقي الجيد". وبالإجمال، قدَّمتُ ستة أمثلة للفئة الأولى من "السلوكيات الجيدة": وهي أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وأن تكون أنيسًا، وأن تكون ودودًا. لم نعقد شركة بعد عن الفئة الثانية، وهي "السلوك الأخلاقي الجيد". توجد بعض المشكلات التي يجب أن نراجعها قليلًا بعد عقد الشركة عنها لتهيئة وتوضيح حقائق تلك الشركة ومبادئها، مما يجعل كل شيء جازمًا وواضحًا. وعمل هذا سوف يجعل فهم الحق أسهل عليكم. تكونت شركتنا في المرَّة الأخيرة من بعض الأقسام الرئيسية، بالإضافة إلى بعض الأمثلة المحددة. يبدو هذا قدرًا كبيرًا، لكننا اكتفينا في الواقع بعقد شركة عن بعض الأشياء المحددة ضمن تلك الأقسام الواسعة وتجزئة تلك التفاصيل بحيث تكون الشركة أكثر وضوحًا وتحديدًا. قدَّمنا ستة أمثلة على السلوكيات الجيدة، لكننا لم نُقِم شركة تفصيلية عن كل منها الواحد تلو الآخر. من بين تلك الأمثلة، أن تكون متعلمًا وعقلانيًا تصوير تقليدي لما يعتبره الناس صحيحًا وجيدًا في مفاهيمهم. عقدنا المزيد من الشركة عن هذا المثال. والبقية تشبهه، ويمكنكم استخدام طريقة مماثلة لتشريحها وتمييزها.
سأخبركم بقصتين قصيرتين اليوم قبل أن ننتقل إلى المحتوى المناسب لعقد شركتنا. هل تحبون الاستماع إلى القصص؟ (نعم). الاستماع إلى قصة ليس متعبًا جدًا ولا يتطلب الكثير من التركيز. إنه ليس شاقًا للغاية نسبيًا، ويمكن أن يكون ممتعًا للغاية. ولذا، استمعوا باهتمام، وبينما تستمعون إلى محتوى القصتين، ضعوا في اعتباركم أيضًا سبب سردي لهما والأفكار المركزية المحددة فيهما، أو بتعبير آخر، الأشياء العملية التي يمكن أن يربحها الناس من خلال الاستماع إليهما. اتفقنا، لنبدأ قصتينا. هاتان هما قصتا شياوشياو وشياوجي.
قصتا شياوشياو وشياوجي
شعر شياوشياو لبعض الوقت بألم في عينيه إلى جانب عدم وضوح الرؤية، وحساسية للضوء، ودموع بسبب الرياح، والشعور بوجود شيء في عينيه، وغيرها من الأعراض الأخرى. كان يفرك عينيه، لكن ذلك لم يساعده كثيرًا. لم يكن شياوشياو يعرف ما أصابه. قال لنفسه: "لم أواجه مشكلة في عينيَّ من قبل بتاتًا، ونظري على ما يرام. ماذا يحدث؟" عندما نظر في المرآة، بدت عيناه أشبه تمامًا بما قبل، ولكن مع شيء من الاحمرار الطفيف وأحيانًا الاحتقان. ارتبك شياوشياو بسبب هذا وشعر بالقلق نوعًا ما. لم يهتم بالمشكلة كثيرًا عندما بدأت لأول مرَّة، ولكن عندما بدأت أعراضه تظهر بوتيرة متزايدة، لم يستطع في النهاية تحمُّلها أكثر من ذلك. فكَّر في الأمر: "هل ينبغي أن أذهب إلى الطبيب أم أحاول البحث بنفسي؟ إيجاد معلومات عن هذا الأمر سيكون مرهقًا، وقد أخطئ في تشخيص المشكلة الفعلية. من الأفضل أن أذهب مباشرةً إلى الطبيب، فمن المؤكد أنه سيُقدِّم لي تشخيصًا دقيقًا". وهكذا، ذهب شياوشياو إلى الطبيب. فحصه الطبيب ولم يجد مشكلات خطيرة، فوصف له قطرات عين عادية ونصح شياوشياو بالعناية بعينيه وعدم إرهاقهما. شعر شياوشياو بغاية الارتياح عند معرفة أن عينيه لا تعانيان من مشكلة كبيرة. وبعد عودة شياوشياو إلى المنزل، استخدم قطرات العين كل يوم بحسب المواعيد والجرعة التي أمره بها الطبيب، وتحسنت أعراضه في غضون أيام قليلة. انزاح عبء هائل من كتفي شياوشياو، فقد شعر أنه إذا كان الدواء قد استطاع علاج المشكلة، فإن المشكلة ليست خطيرة. لكن ذلك الشعور لم يدم طويلًا، فقد عادت أعراضه بعد فترة. استخدم شياوشياو جرعة أكبر من قطرة العين، فتحسنت عيناه قليلًا وخفَّت أعراضه إلى حد ما. ولكن بعد أيام قليلة، عادت عيناه إلى ما كانتا عليه من قبل وازدادت الأعراض سوءًا وتكرارًا. لم يستطع شياوشياو فهم الأمر، وشعر بموجة أخرى من التعاسة تداهمه: "ماذا ينبغي أن أفعل؟ الدواء الذي أعطاني إياه الطبيب لا ينفع. هل هذا يعني وجود مشكلة خطيرة في عينيَّ؟ لا يمكنني تجاهل هذا". قرَّر عدم العودة إلى الطبيب أو استشارته بخصوص متاعب عينيه في هذه المرَّة، وبدلًا من ذلك، اختار حل المشكلة بنفسه. بحث عبر الإنترنت ووجد جميع أنواع مقاطع الفيديو والمعلومات المتعلقة بأعراضه. قالت معظمها إن سبب هذه المتاعب هو سوء استخدام العينين، وإنه كان بحاجة إلى العناية بعينيه، وإن الأهم من ذلك بالنسبة إليه هو أن يستخدمهما كما يليق. شعر شياوشياو أن هذه النصيحة لم تكن مفيدة ولم تستطع حل مشكلته، ولذلك واصل البحث عن المعلومات. وفي أحد الأيام، وجد مصدرًا أفاد بأن أعراضه قد تكون ناجمة عن نزيف في الشبكية، والذي يمكن أن يكون بادرة لمرض المياه الزرقاء في العين. كان من الممكن أيضًا أن تسوء أعراضه إلى حد إعتام عدسة العين بمرور الوقت. أصيب شياوشياو بالدوار عندما قرأ كلمات "المياه الزرقاء" و"إعتام عدسة العين". اسوَدَّ كل شيء وكاد يفقد الوعي، وكان قلبه يخفق. قال: "يا إلهي، ما الذي يحدث؟ هل سأصاب بالمياه الزرقاء وإعتام عدسة العين حقًا؟ لقد سمعت أن إعتام عدسة العين يتطلب جراحة، وأنه إذا أصبت بالمياه الزرقاء فمن المحتمل أن أصاب بالعمى! وتلك ستكون نهايتي، أليس كذلك؟ ما زلت شابًا. وإذا أصبت بالعمى، فكيف سأتمكن من تدبر بقية حياتي وأنا أعمى؟ ما الذي يمكن أن أتطلع إليه من ذلك الوضع؟ ألن أضطر لقضاء حياتي في الظلام؟" عندما نظر شياوشياو إلى كلمات "المياه الزرقاء" و"إعتام عدسة العين" على الصفحة، وجد أنه لم يعد بمقدوره عدم التصرف. كان مضطربًا وكان يغرق أكثر في الاكتئاب واليأس. لم يعرف ما يجب أن يفعل أو كيفية مواجهة الأيام القادمة. فاض بالحزن وضاع كل ما كان أمامه من دون وعي منه. وفي مواجهة هذه المشكلة، سقط شياوشياو تمامًا في براثن اليأس، وفقد الاهتمام بالعيش ولم يستطع استجماع الطاقة لأداء واجبه. لم يرغب في العودة إلى الطبيب أو إخبار الآخرين بمتاعب عينيه. وبالطبع، كان خائفًا من أن يعلم الناس أنه سيصاب بالمياه الزرقاء أو إعتام عدسة العين. وبتلك الطريقة أمضى شياوشياو يومًا بعد يوم في الاكتئاب والسلبية والارتباك. لم يجرؤ على توقع أشياء أو التخطيط لمستقبله لأن المستقبل كان فظيعًا ومفجعًا للقلب بالنسبة إليه. عاش أيامه في حالة من الاكتئاب واليأس، وفي حالة مزاجية مروعة. لم يكن يريد أن يصلي أو يقرأ كلام الله، وبالتأكيد لم يكن يريد التحدث مع الآخرين، وقد كان الأمر وكأنه أصبح شخصًا مختلفًا تمامًا. وبعد أيام قليلة من هذا، مرَّت خاطرة على بال شياوشياو فجأةً: "يبدو أنني في حالة مؤسفة. نظرًا لأن مستقبلي مظلم وأن الله سمح لي بالإصابة بهذا المرض بدلًا من أن يحميني، لماذا ينبغي أن أبذل قصارى جهدي لأداء واجبي؟ الحياة قصيرة، فلماذا لا أغتنم الفرصة بينما لا يزال بصري جيدًا لأعمل بعض الأشياء التي أحبها وأدلل نفسي؟ لماذا ينبغي أن تكون حياتي مرهقة للغاية؟ لماذا ينبغي أن أؤذي نفسي وأعاملها بمنتهى القسوة؟" وهكذا، عندما لم يكن شياوشياو نائمًا أو يأكل أو يعمل، كان يقضي معظم وقته على الإنترنت، ويلعب ألعاب الفيديو، ويشاهد مقاطع فيديو، ويشاهد البرامج لفترات طويلة، بل وعندما كان يخرج، كان يأخذ هاتفه معه ويلعب الألعاب عليه بلا انقطاع. أمضى أيامه منغمسًا في عالم الإنترنت. وبطبيعة الحال، بينما كان يفعل ذلك، ازداد ألم عينيه سوءًا واشتدت أعراضه أيضًا. وعندما لم يعد قادرًا على التحمُّل، كان يستخدم بعضًا من قطرات العين لتخفيف أعراضه، وعندما كانت عيناه تتحسنان قليلًا، كان يعود للانغماس في الإنترنت من جديد ويشاهد الأشياء التي يحبها. كانت هذه هي طريقته لتخفيف الخوف والرعب في أعماق قلبه، وكانت طريقته لتضييع وقته وتمضية أيامه. عندما كانت عيناه تؤلمانه وتزداد الأعراض سوءًا، كان شياوشياو ينظر دون وعي إلى الناس من حوله ويقول لنفسه: "الآخرون يستخدمون أعينهم مثلما أفعل، فلماذا لا تصبح عيونهم حمراء ولا تدمع طوال الوقت، ولماذا لا يشعرون بشيء عالق فيها؟ لماذا أنا المصاب بهذا المرض؟ أليس الله هذا متحيزًا؟ لقد بذلت نفسي كثيرًا لله. فلماذا لا يحميني؟ الله ظالم جدًا! لماذا الجميع محظوظون بما يكفي ليربحوا حماية الله، أما أنا فلست كذلك؟ لماذا لا يكون من نصيبي إلا الحظ السيئ دائمًا؟" كلما فكَّر شياوشياو، ازداد غضبه وانزعاجه، وكلما اشتد غضبه، زادت رغبته في استخدام وسائل الترفيه والتسلية عبر الإنترنت لتبديد مرارته وغضبه. أراد التخلص من مرض عينيه في أسرع وقت ممكن، ولكن كلما أراد التخلص من مرارته وغضبه، نقص فرحه وسلامه وشعر بسوء الحظ مهما كانت درجة انغماسه في الإنترنت، وقد تذمر من ظلم الله في قلبه. مرَّت الأيام واحدًا تلو الآخر بهذه الطريقة. لم تتحسن مشكلة عين شياوشياو، وازدادت حالته المزاجية سوءًا. وفي هذا الظرف، شعر شياوشياو بالمزيد من العجز وسوء الحظ. استمرت حياة شياوشياو على هذا النحو. لم يستطع أحد مساعدته، ولم يطلب هو المساعدة. كان يمضي كل يوم في حالة من الذهول والاكتئاب والعجز.
كانت تلك هي قصة شياوشياو. سوف ننهيها هكذا. القصة التالية هي قصة شياوجي.
واجه شياوجي المشكلة نفسها أثناء أداء واجبه التي واجهها شياوشياو، فقد أصبح بصره مشوشًا، وكانت عيناه غالبًا متورمتين ومتقرحتين. كان هذا مصحوبًا في أحيان كثيرة بالإحساس بوجود شيء عالق في عينيه، ولم يشعر بأي تحسُّن في عينيه بعد فركهما. كان يقول لنفسه: "ما الذي يحدث؟ لقد كانت عيناي ممتازتين. لم أذهب إلى طبيب عيون من قبل، فماذا حدث لهما مؤخرًا؟ هل يمكن أن تكون ثمة مشكلة في عينيَّ؟" عندما نظر في المرآة، لم تبدُ عيناه مختلفتين عن قبل. لم يشعر إلا بإحساس حارق في عينيه، وعندما كان يرمش بشدة، كانت عيناه تبدوان أكثر تقرحًا وتورمًا وتبدآن في الدمع. شعر شياوجي بوجود مشكلة في عينيه وقال لنفسه: "متاعب العين مشكلة كبيرة. ينبغي ألا أتجاهل هذا. ومع ذلك، فإنني لا أشعر بتعب شديد، ولم يؤثر ذلك على حياتي أو واجبي. لقد انشغلت كثيرًا في العمل الكنسي مؤخرًا، وسيكون للذهاب إلى الطبيب تداعيات على واجبي. سوف أكتفي بالبحث عن معلومات عن المشكلة في وقت فراغي". سعى شياوجي بعد اتخاذ هذا القرار للحصول على المعلومات ذات الصلة عندما توفر لديه بعض الوقت بعيدًا عن واجبه، وعرف أنه لا توجد مشكلة جسيمة في عينيه، فقد كان سبب عدم ارتياحه هو الاستخدام المفرط لعينيه على المدى الطويل، وأنه مع الاستخدام السليم للعين، والرعاية الملائمة، وبعض التمارين المناسبة، سوف تعود عيناه إلى طبيعتهما. شعر شياوجي بمنتهى السعادة عندما قرأ ذلك. قال لنفسه: "إنها ليست مشكلة كبيرة، ولذلك لا داعي للقلق المفرط بشأنها. يقول هذا المصدر إنه يجب أن أستخدم عينيَّ استخدامًا صحيحًا وأمرنهما بشكل سليم. ولذلك، سوف أكتفي بالبحث عن كيفية استخدام عينيَّ كما يجب وعن التمارين التي ينبغي أن أمارسها لإعادتهما إلى طبيعتهما". ثم سعى للحصول على مزيد من المعلومات ذات الصلة ومن بينها اختار القليل من الطرق والأساليب التي كانت تناسب موقفه. ومنذ ذلك الحين، بالإضافة إلى حياته الطبيعية وأداء واجبه، حصل شياوجي على وظيفة جديدة وهي رعاية عينيه. كان يمارس كل يوم طرق العناية بالعينين التي كان يتعلمها. وعندما جرَّبها، عرف ما إذا كانت تخفف الأعراض التي كانت تظهر على عينيه. وبعد فترة من اختبارها وتجربتها، شعر شياوجي أن بعض الأساليب كانت عملية، في حين أن بعضها الآخر لم تكن جيدة إلا نظريًا وليس عمليًا، وأنها لم تتمكن من حل مشكلته على الأقل. وهكذا، بناءً على النتائج التي توصَّل إليها شياوجي من تلك الفترة الأولية، اختار القليل من الأساليب والطرق التي نفعت معه للحفاظ على صحة العينين. مارس الاستخدام السليم للعين والعناية بالعينين كل يوم كلما كان ذلك لا يؤخر واجبه. وبعد فترة، تحسنت عينا شياوجي كثيرًا بالفعل، وبدأت أعراضه السابقة من حيث الاحمرار والتقرح والحرقان وما إلى ذلك في الخفوت البطيء وكانت تحدث بوتيرة أقل فأقل. شعر شياوجي بأنه محظوظ للغاية. "شكرًا لله على قيادته. هذه هي نعمته وإرشاده". وعلى الرغم من أن عينيه ظهرت عليهما متاعب أقل وأصبحت أعراضه أقل حدة، استمر شياوجي في ممارسة أساليب العناية بالعينين تلك واستخدام عينيه كما يليق من دون أن يتراخى. وبعد فترة، عادت عيناه إلى طبيعتهما تمامًا. تعلَّم شياوجي من هذه التجربة بعض الطرق للحفاظ على صحة عينيه، كما تعلَّم كيفية استخدام عينيه والعيش كما يليق. لقد أضاف بعض المعرفة الإيجابية العقلانية إلى ذخيرة معلوماته. شعر شياوجي بمنتهى السعادة. لقد شعر أنه على الرغم من مروره ببعض تقلبات الحياة وبعض التجارب غير العادية، فقد ربح منها في النهاية قدرًا من الخبرة الحياتية الثمينة. وكلما قال شخص من حوله إن عيناه تؤلمانه وإنهما منتفختان ومتقرحتان، كان شياوجي يخبره بصراحة عن تجربته والأساليب والطرق التي استخدمها. وبمساعدة شياوجي، عرف أولئك الذين كانوا يعانون من أعراض متاعب العين أيضًا أساليب وطرقًا لاستخدام عيونهم كما يجب والحفاظ على صحة عيونهم. شعر شياوجي بالسعادة، وكان مصدرًا لمساعدة كبيرة لمن حوله. وهكذا، ربح شياوجي والآخرون خلال ذلك الوقت قدرًا من المعرفة المنطقية التي يجب أن يمتلكها الناس في حياتهم كبشر. كان الجميع يعملون ويؤدون واجباتهم معًا في سعادة وفرح. لم يستسلم شياوجي للسلبية أو للعجز بسبب متاعب عينيه، ولم يشتكِ بتاتًا من سوء حظه. على الرغم من أنه رأى بعض المزاعم المزعجة عند البحث عن معلومات كما فعل شياوشياو، فإنه لم يبالِ بها كثيرًا. وبدلًا من ذلك، عالج مشكلته بفعالية وكما يليق. عندما حدث الشيء نفسه لـ شياوشياو، فإنه سقط مرارًا في الاكتئاب والعجز والارتباك. أما شياوجي من ناحية أخرى فلم يكتفِ بعدم الوقوع في الاكتئاب والارتباك، بل لم ينغمس أيضًا في الاستياء من الله. وقد ربح من هذه الأحداث موقفًا أكثر فائدة وفعالية وإيجابية تجاه الحياة. لقد ساعد نفسه وساعد الآخرين.
كانت هاتان هما قصتا شياوشياو وشياوجي. لقد سمعتم الآن كلتا القصتين. هل فهمتموهما؟ أي منهما تحبون: قصة شياوشياو أم قصة شياوجي؟ (قصة شياوجي). ما الجانب السيئ لدى شياوشياو إذًا؟ (عندما حلت به الأشياء، لم يتمكن من مواجهتها بشكل صحيح. كان سلبيًا ومقاومًا). أن يكون المرء سلبيًا ومقاومًا هو أن يسبب دمار الذات. وعندما تحل الأشياء بالآخرين، يمكنهم طلب الحق لحلها، ولكن عندما حدث شيء لـشياوشياو، فإنه لم يتمكن من طلب الحق، بل اختار السلبية والمقاومة. كان يستجلب خراب نفسه. قد تكون المعلومات متقدمة في الوقت الحاضر، ولكن تكثر الأكاذيب والخداع في هذا العالم الشيطاني. العالم مليء بالأكاذيب والخداع. عندما يواجه الناس أي مشكلة أو أي نوع من المعلومات في هذا العالم الفوضوي، يجب أن يتمتعوا بالحكمة، ويجب أن يكونوا أذكياء ومدركين، ويجب أن يكونوا حصفاء. يجب عليهم تصفية الأنواع المختلفة من المعلومات بصرامة من وجهة نظر سليمة. يجب ألا يصدق الناس أي ادعاء بسهولة، وبالتأكيد يجب ألا يقبلوا بسهولة أي نوع من المعلومات. ففي عالم الشيطان، يكذب الناس جميعًا ولا يُحاسَب الكذابون أبدًا. إنهم يقولون أكاذيبهم وهذا كل شيء. لا أحد في هذا العالم يستنكر الأكاذيب، ولا أحد يستنكر الخداع. من الصعب فهم قلب الإنسان، ووراء كل كاذب توجد نية وهدف. مثال ذلك، تذهب إلى الطبيب فيقول: "يحتاج مرضك إلى العلاج بسرعة. إذا لم نفعل ذلك، فقد يستفحل إلى سرطان!" إذا كنت جبانًا، فسوف تخاف: "آه لا! قد يستفحل إلى سرطان! لنعالجه على الفور!" ونتيجةً لذلك، كلما حاولت علاجه ازداد سوءًا وانتهى بك الحال في المستشفى. ما قاله الطبيب في الواقع هو إن مرضك قد يستفحل إلى سرطان، مما يعني أنه ليس سرطانًا بعد، ومع ذلك فقد أسأت فهم هذا الأمر على أنه يعني وجوب معالجته عاجلًا كما لو كان سرطانًا. ألا تستجلب الموت بفعلك هذا؟ إذا عالجته على أنه سرطان، فكلما حاولت علاجه عجلت بموتك. هل ستتمكن من البقاء على قيد الحياة لفترة أطول إذًا؟ (كلا). إن ما تمرض به ليس سرطانًا في الواقع، فلماذا يخبرك الطبيب أنك إن لم تعالجه فسوف يستفحل إلى سرطان؟ يقول هذا ليخدعك من أجل دفع المال، وليجعلك تعالج مرضك كما لو كان مرضًا خطيرًا. إذا عرفت أنه مرض غير خطير، فلن تحاول علاجه ولن يتمكن من الحصول على أموالك. عندما يرى العديد من الأطباء مرضاهم، فإنهم يقتنصونهم كما يقتنص شيطان شخص ما، ويتمسكون بهم بإحكام ولا يتركونهم. هذا نهج شائع يستخدمه معظم الأطباء مع مرضاهم. إنهم يبدؤون بإخبارك بمدى شهرتهم، ومدى براعتهم في الطب، وعدد الناس الذين عالجوهم، والأمراض التي عالجوها، ومدة ممارستهم للطب. إنهم يجعلونك تثق بهم، وتقتنع وتقبل علاجهم. وحينها، يخبرونك أنك ستصاب بمرض خطير وأنك قد تموت إذا لم تخضع للعلاج. الجميع يموتون، ولكن هل سيكون هذا المرض هو الذي يقتلك حقًا؟ ليس بالضرورة، فحياة كل إنسان وموته بيد الله، وهو الذي يقررهما وليس الأطباء. غالبًا ما يستخدم الأطباء هذه الحيلة لخداع الناس. يسعى الجبناء والخائفون من الموت إلى الحصول على المشورة الطبية في كل مكان ويسمحون للأطباء بتقديم تصريحات عن صحتهم. إذا قال طبيبهم إن لديهم احتمال للإصابة بالسرطان، فإنهم يصدقونه ويسارعون إلى السماح له بمعالجته لتبديد خطر موتهم بالسرطان. ألا يخيفون أنفسهم فحسب؟ (بلى). سنتوقف عن الحديث عن الأطباء الآن ونواصل الحديث عن شياوشياو وشياوجي. لقد كانت تطلعاتهما ووجهات نظرهما ومواقفهما فيما يتعلق بكل ما يحدث حولهما في غاية الاختلاف. شياوشياو ما هو إلا كتلة من السلبية، في حين أن شياوجي بمقدوره التعامل مع الأشياء التي تصيبه بطريقة سليمة. إنه يتمتع بعقل الإنسانية الطبيعية وحكمها ويواجه الأشياء بطريقة فعالة. كما أنه يواصل أداء واجبه. ما أبعد اختلاف الاثنين. عندما يحل شيء بـشياوشياو، فإنه يقرر أن الموقف ميؤوس منه ويتصرف بتهور. إنه لا يبحث عن الطريقة والوسائل الملائمة للتعامل معه، كما أنه غير حصيف ومشوش وأحمق ومتشدد وعنيد وفي غاية الخبث أيضًا. عندما يمرض أو يواجه إحدى الصعوبات أو يحدث له شيء سيئ، فإنه يأمل أن يحدث ذلك للآخرين أيضًا. إنه يكره الله لعدم حمايته له ويريد التنفيس عن غضبه. لكنه لا يجرؤ على التنفيس عن غضبه وصب غضبه على الآخرين، ولذلك فإنه ينفس عن غضبه ويصب غضبه على نفسه. أليست هذه شخصية شريرة؟ (بلى). فالشر هو أن تكون مستاءً وكارهًا وحاسدًا عندما لا يسير أمر تافه كما تشاء. عندما يحل شيء بشياوجي، فإنه يتمتع بعقل الإنسانية الطبيعية وحكمها. إنه يتحلى بالحكمة ويختار الخيارات التي يجب أن يختارها أي شخص لديه إنسانية طبيعية. وعلى الرغم من أن شياوجي كان يعاني من مرض شياوشياو نفسه، فإن مشكلته عولجت في النهاية، بينما لم يتمكن شياوشياو قط من علاج مشكلته، بل تفاقمت باطراد واشتدت حدتها. مشكلة شياوشياو مشكلة خطيرة، وهي ليست مجرد مشكلة مرض جسدي. لقد كشف عن الشخصية الكامنة في أعماق قلبه، وكشف تعنته وعناده وحماقته وخبثه. وذلك هو الفرق بينهما. إذا كان لديكم معرفة وفهم أكثر تفصيلًا لكيفية عيش هذين الشخصين، بالإضافة إلى مواقفهما وأساليبهما في التعامل مع الأشياء، فيمكنكم مواصلة عقد الشركة عن هذا الموضوع لاحقًا، مقارنين أنفسكم به ومستخلصين منه العبرة. وبالطبع، ينبغي أن تدخلوا إلى الأشياء بطريقة فعالة مثل شياوجي، كما ينبغي أن تتعاملوا مع الحياة بطريقة سليمة وأن تسعوا لرؤية الناس والأشياء وأن تتصرفوا وتفعلوا وفقًا لكلام الله تمامًا، بحيث يكون الحق معيارًا لكم، وبذلك تصبحون أشخاصًا يسعون إلى الحق. يجب ألا تكونوا مثل شياوشياو، أليس كذلك؟ (بلى). تلك هي الطريقة التي ينبغي أن تتبعوها وتمارسوا بها.
سنلقي الآن نظرة على ما عقدنا عنه الشركة في اجتماعنا الأخير. تحدثنا عن الجانب الأول من الأشياء التي يعتقد الناس في مفاهيمهم أنها صحيحة وجيدة – أي السلوكيات الجيدة – وأدرجنا ستة أمثلة للسلوكيات الجيدة، كانت جميعها أشياء تروج لها الثقافة التقليدية، وسلوكيات جيدة يحبها الناس في حياتهم الواقعية. هل يمكنكم إخباري بها؟ (أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وأن تكون أنيسًا، وأن تكون ودودًا). لم نُقدِّم أي أمثلة أخرى. قد توجد بعض الاختلافات عن السلوكيات الجيدة المعتمدة الستة التي تُقدِّمها الثقافة الصينية التقليدية ضمن الثقافات التقليدية للبلدان الأخرى، لكننا لن ندرجها. عقدنا في المرَّة الأخيرة شركة عن جزء من المحتوى المحدد لهذه السلوكيات الجيدة الستة وشرحناه. وعمومًا، فإن هذه السلوكيات الخارجية الجيدة لا تمثل الأشياء الإيجابية داخل الإنسانية، وبالطبع لا تمثل أن شخصية الشخص قد تغيرت، وهي لا تثبت بالتأكيد أن شخصًا ما يفهم الحق ويعيش واقع الحق. إنها مجرد سلوكيات خارجية يمكن أن يراها الإنسان، وهي ببساطة المظاهر الخارجية للإنسان. هذه المظاهر والتدفقات الخارجية مجرد شكليات تحدث عندما يتعامل الناس ويتعايشون ويعيشون بعضهم مع بعض. إلى ماذا تشير "الشكليات"؟ تشير إلى أكثر الأشياء سطحية التي تجعل الناس يشعرون بالارتياح عند رؤيتها. إنها لا تمثل شيئًا من جوهر الناس، ولا خواطرهم وآرائهم، ولا موقفهم تجاه الأشياء الإيجابية، وبالطبع لا تمثل موقف الناس تجاه الحق. إن متطلبات التقييم ومعاييره التي تمتلكها البشرية بخصوص السلوكيات الخارجية مجرد شكليات يمكن للناس استيعابها وتحقيقها، وليست لها أي علاقة من أي نوع بجوهر الإنسان. مهما بدا الشخص أنيسًا أو ودودًا ظاهريًا، وبصرف النظر عن مدى إعجاب الآخرين بالسلوكيات الخارجية التي يعيشها واحترامهم وتقديرهم وتعبدهم لها، فهذا لا يعني أن لديه إنسانية، أو أن جوهر طبيعته طيب، وبالطبع، هذا لا يعني بالأكثر أنه شخص يحب الأشياء الإيجابية، ويمتلك حس العدالة ويمكنه السعي إلى الحق. جميع السلوكيات الجيدة التي لخصتها البشرية ما هي إلا بعض المظاهر الخارجية والأشياء المعاشة التي تروج لها البشرية لتمييز نفسها عن أشكال الحياة الأخرى. مثال ذلك، أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا سلوكيات جيدة لا تُظهِر إلا أن الشخص حسن السلوك ومهذب ومتعلم ومثقف ظاهريًا، على عكس الحيوانات التي لا تتبع أي قواعد. فالناس يمسحون أفواههم بأيديهم أو بمناشف بعد أن يأكلوا أو يشربوا، وبهذا ينظفون أنفسهم نوعًا ما. إذا حاولت مسح فم كلب بعد أن يأكل أو يشرب، فلن يسعده ذلك، فالحيوانات لا تفهم مثل هذه الأشياء. لماذا يفهمها الناس إذًا؟ لأن الناس "حيوانات أرقى"، ولذلك يجب أن يفهموا هذه الأشياء. ومن ثم، فإن هذه السلوكيات الجيدة هي مجرد ما يستخدمه الإنسان لتنظيم سلوك المجموعة البيولوجية التي هي البشرية، وهي لا تفعل شيئًا أكثر من تمييز البشرية عن أشكال الحياة الأدنى. لا علاقة لها بتاتًا بالتصرف أو السعي إلى الحق أو عبادة الله. وهذا يعني أنه على الرغم من أنك قد ترقى ظاهريًا إلى معايير ومتطلبات أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وما إلى ذلك، وعلى الرغم من أنك قد تتمتع بهذه السلوكيات الجيدة، فإن هذا لا يعني أن لديك إنسانية أو تمتلك الحق أو تتقي الله وتحيد عن الشر. إنه لا يعني أيًا من تلك الأشياء على الإطلاق. فعلى العكس، إنه لا يعني سوى أنه بعد ممارسة نظام التربية السلوكية وقواعد الآداب، أصبح كلامك وتعبيرات وجهك وتأثيرك وما إلى ذلك أكثر انضباطًا نوعًا ما. إنه يُظهِر أنك أفضل من الحيوانات ولديك القليل من شبه الإنسان، لكنه لا يُظهِر أنك شخص يسعى إلى الحق، بل ويمكن القول إنه لا علاقة له على الإطلاق بالسعي إلى الحق. إن امتلاكك لهذه السلوكيات الجيدة لا يعني مطلقًا أنك تمتلك الظروف المناسبة للسعي إلى الحق، وبالطبع لا يعني أنك دخلت بالفعل إلى واقع الحق وربحت الحق. إنه لا يشير بتاتًا إلى تلك الأشياء.
سوف يشعر أي شخص لديه قطة أو كلب كحيوان أليف أن الحيوانات الأليفة مقربة إلى النفس. القليل من القطط والكلاب تتمتع بالفعل ببعض الأخلاق. عندما تريد بعض القطط الدخول إلى غرفة صاحبها، فإنها سوف تموء قليلًا عند الباب قبل الدخول. ولن تدخل إذا لم يقل صاحبها شيئًا، بل ستدخل عندما يقول مالكها: "ادخلن". حتى القطط يمكنها ممارسة هذا النوع من آداب السلوك، فهي تعرف أن تطلب الإذن قبل دخول غرفة صاحبها. أليس ذلك نوعًا من السلوك الجيد؟ إذا كانت حتى الحيوانات تتمتع بهذا النوع من السلوك الجيد، فإلى أي مستوى يمكن للناس أن يرتقوا عن الحيوانات بما يملكونه من سلوكيات جيدة؟ هذا هو الحد الأدنى من الفطرة السليمة التي يجب أن يمتلكها الناس، فهي ليست بحاجة إلى تعليم، لكنها شيء طبيعي جدًا. قد يشعر الناس أن هذا النوع من السلوك الجيد ملائم نسبيًا، وقد يجعلهم يشعرون بمزيد من الراحة إلى حد ما، ولكن هل يمثل العيش بهذه السلوكيات الجيدة جودة إنسانيتهم أو جوهرها؟ (كلا). لا يمثلهما. إنها مجرد قواعد وأساليب ينبغي أن تكون لدى المرء في أفعاله، وليست لها أي علاقة على الإطلاق بجودة إنسانية المرء وجوهرها. مثال ذلك، ما العامل المشترك بين القطط والكلاب؟ عندما يُقدِّم الناس لها طعامًا، فإنها تُعبِّر عن الألفة والامتنان. إنها تتمتع بهذا النوع من السلوك، ويمكنها إظهار هذا النوع من السلوك. والفارق بينهما أن أحدهما متخصص في اصطياد الفئران والآخر متخصص في حراسة المنزل. قد تترك القطة صاحبها في أي وقت وفي أي مكان. فعند وجود المرح سوف تنسى القطة صاحبها ولا تبالي به، أما الكلب فلن يترك صاحبه أبدًا. إذا عرف أنك صاحبه وذهب إلى صاحب آخر، فسوف يظل يعرفك ويعاملك بصفتك صاحبه. ذلك هو الفرق بين القطط والكلاب من حيث الجودة الأخلاقية لسلوكها وجوهرها. والآن، لنتحدث عن الناس. من بين السلوكيات التي يعتقد الإنسان أنها جيدة، مثل أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تكون ودودًا، وما إلى ذلك، على الرغم من وجود بعض السلوكيات التي تتجاوز سلوك الأنواع الأخرى – مما يعني أن ما يستطيع الإنسان فعله يتجاوز قدرات الأنواع الأخرى – فإنها ليست أكثر من سلوكيات وقواعد خارجية. إنها ببساطة أساليب تهدف إلى تنظيم سلوك الناس وتمييزهم عن أشكال الحياة الأخرى. وامتلاك هذه السلوكيات الجيدة قد يجعل الناس يشعرون باختلافهم عن أشكال الحياة الأخرى أو بأفضليتهم عنها، ولكن الحقيقة هي أنه في بعض النواحي يتصرف الناس أسوأ من الحيوانات. مثال ذلك، احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار. في مملكة الحيوانات، تفعل الذئاب هذا أفضل من البشر. في قطيع الذئاب، تعتني الذئاب البالغة بالجرو بصرف النظر عن عائلته. لا تتنمر عليه أو تؤذيه. أما الإنسان فيفشل في فعل ذلك، وبهذه الطريقة يكون الجنس البشري أسوأ من قطيع الذئاب. أي نوع من احترام كبار السن ورعاية الصِّغار تتمتع به البشرية؟ هل يستطيع الناس حقًا تحقيق هذا؟ معظم الناس لا يمكنهم "الاهتمام بالشباب"، فالناس لا يمتلكون ذلك النوع من السلوك الجيد، مما يعني أنهم لا يمتلكون ذلك النوع من الإنسانية. مثال ذلك: عندما يكون الطفل مع والديه، سوف يكون الناس أنيسين وودودين للغاية عند التحدث إلى ذلك الطفل، ولكن عند غياب والديه، يتدفق الجانب الشيطاني من الناس. إذا تحدَّث الطفل معهم، فسوف يتجاهلونه، بل وقد يجدون الطفل مزعجًا ويسيئون معاملته. يا لهم من أشرار! الاتجار بالأطفال أمر شائع الحدوث في الكثير من دول العالم، وهو مشكلة عالمية. إذا كان الناس لا يمتلكون حتى السلوك الجيد المتمثل في احترام كبار السّنِّ ورعاية الصِّغار ولا يشعرون بتأنيب الضمير عندما يتنمرون على الأطفال، فأخبرني، أي إنسانية تلك؟ إنهم ما زالوا يتظاهرون باحترام كبار السن ورعاية الصِّغار، لكن هذه مجرد واجهة. لماذا أطرح هذا المثال؟ لأنه على الرغم من أن البشرية قد قدَّمت هذه السلوكيات الجيدة واقترحت هذه المتطلبات والمعايير لسلوك الناس، فإن جوهر الإنسان الفاسد لا يمكن تغييره أبدًا بصرف النظر عما إذا كان بإمكان الناس تحقيقها أو عدد السلوكيات الجيدة التي يمتلكونها. تنشأ معايير رؤية المرء للناس والأشياء وتصرُّفه وأعماله بالكامل من خواطر البشرية الفاسدة ونظرتها، وتحددها شخصيات فاسدة. حتى إن كانت المتطلبات والمعايير التي قدَّمتها البشرية معترف بها وجيدة وسامية، هل يستطيع الناس تحقيقها؟ (كلا). تلك مشكلة. فحتى إذا كان الشخص يتصرف بشكل أفضل قليلًا ظاهريًا ويُكافأ على ذلك ويُقدر، فإن ذلك أيضًا مشوب بالادعاء والخداع، وذلك لأنه كما يقر الجميع، فعل القليل من الخير سهل أما الصعب فهو فعل الخير طوال الحياة. إذا كان الشخص صالحًا بالفعل، فلماذا يصعب عليه للغاية فعل أشياء جيدة؟ ولذلك، لا يمكن لأي شخص أن يرتقي إلى مستوى ما يُسمَّى بالمعايير "الجيدة" والمعترف بها للبشرية. فهذا كله تباهٍ واحتيال ووهم. وحتى لو استطاع الناس استيفاء بعض هذه المعايير ظاهريًا وامتلاك القليل من السلوك الجيد – مثل أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وأن تكون أنيسًا، وأن تكون ودودًا – على الرغم من أنه يمكن للناس فعل بعض هذه الأشياء وامتلاكها، فإن ذلك لا يكون إلا لفترة قصيرة أو مؤقتًا أو في بيئة عابرة. إنهم لا يمتلكون هذه المظاهر إلا عندما يحتاجون إلى ذلك. بمجرد أن يمس شيء ما مكانتهم أو كبريائهم أو ثروتهم أو مصالحهم أو حتى مصيرهم وتطلعاتهم، سوف تتدفق طبيعتهم وذاتهم الداخلية الشرسة. ولن يعودوا يظهروا متعلمين وعقلانيين، أو لطفاء ومهذبين، أو مجاملين، أو محترمين للكبار ومراعين للصغار، أو أنيسين، أو ودودين، بل سوف يقاتلون بدلًا من ذلك، ويكيدون بعضهم ضد بعض، فكل منهم يحاول خداع الآخر والتلفيق له وقتله. تحدث مثل هذه الأشياء في أحيان كثيرة. سوف يحاول الأصدقاء والأقارب، بل وحتى الآباء والأبناء في سبيل مصالحهم أو مكانتهم أو سلطانهم أن يذبح بعضهم بعضًا إلى أن يبقى واحد منهم على قيد الحياة. إن الوضع البائس القائم بين الناس واضح للعيان. ولهذا السبب، لا يمكن تسمية أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وأن تكون أنيسًا، وأن تكون ودودًا إلا نتاجات ظروف عابرة. لا يمكن لأي شخص أن يعيشها حقًا، بل وحتى الحكماء والعظماء الذين يتعبد لهم الصينيون لم يستطيعوا فعل هذه الأشياء. ولذا، فإن هذه التعاليم والنظريات جميعها سخيفة. إنها محض هراء جميعًا. أما الناس الذين يسعون إلى الحق فيمكنهم علاج الأمور التي تمس مصالحهم الشخصية وفقًا لكلام الله، بحيث يكون الحق معيارًا لهم، ويمكنهم ممارسة الحق والخضوع لله. وبهذه الطريقة، فإن واقع الحق الذي يمتلكونه يتجاوز معايير السلوك الجيد التي تعترف بها البشرية. وأولئك الذين لا يسعون إلى الحق لا يمكنهم اختراق حاجز مصالحهم الخاصة، وعلى هذا النحو، لا يمكنهم ممارسة الحق. ولا يمكنهم حتى التمسك بالقواعد مثل السلوكيات الجيدة. ما أساس نظرتهم إلى الناس والأشياء وتصرُّفهم وأفعالهم ومعاييرها إذًا؟ إنها بالتأكيد مجرد قواعد وتعاليم، وهي فلسفات الشيطان وقوانينه، وليست الحق الذي في كلمة الله. وسبب هذا هو أن أولئك الناس لا يقبلون الحق ولا يبحثون إلا عن مصالحهم الخاصة، ولذلك لا يمكنهم بطبيعة الحال ممارسة الحق. لا يمكنهم حتى التمسك بالسلوكيات الجيدة، بل يحاولون تزييفها، لكنهم لا يستطيعون مواصلة التنكر. إنهم في هذا يكشفون أنفسهم على حقيقتها، ومن أجل مصلحتهم الخاصة، سوف يصارعون ويخطفون ويسرقون، وسوف يتآمرون ويكيدون وينخرطون في الخداع، وسوف يعاقبون الآخرين، بل وسوف يقتلون شخصًا ما. يمكنهم فعل جميع هذه الشرور. ألا تنكشف طبيعتهم في ذلك؟ وعندما تنكشف طبيعتهم، يمكن للآخرين بسهولة رؤية نوايا كلامهم وأفعالهم وأسسها، ومعرفة أن أولئك الناس يعيشون بالكامل بفلسفات الشيطان، وأن فلسفات الشيطان هي أساس نظرتهم للناس والأشياء وتصرُّفهم وأفعالهم. مثال ذلك: "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط"، و"المال يحكم العالم"، و"لا يأس مع الحياة"، و"العقل الصغير لا يصنع نبيلًا، والإنسان الحقيقي لا يخلو من السم"، و"إذا كنت قاسيًا، فسوف أكون ظالمًا"، و"جعل الآخرين يتجرعون مرارة الكأس نفسه"، وغيرها. هذه السطور الشيطانية عن المنطق والقوانين تشغل مكانًا في داخل الناس. عندما يعيش الناس بحسب هذه الأشياء، فإن السلوكيات الجيدة مثل أن تكون متعلمًا وعقلانيًا، وأن تكون لطيفًا ومهذبًا، وأن تكون مجاملًا، وأن تحترم كبارَ السّنِّ وترعى الصِّغار، وغيرها، تصبح أقنعة يستخدمها الناس للتنكر وتصبح مظاهر زائفة. لماذا تصبح مظاهر زائفة؟ لأن الأساس والقوانين التي يعيش بها الناس حقًا هي أشياء لقَّنها الشيطان للإنسان، وليست هي الحق. وبالتالي، فإن ضمير الإنسان وأخلاقه الأساسيين ليس لهما أي تأثير على الشخص الذي لا يحب الحق. عندما يحدث شيء يرتبط بمصالحه، سوف تتدفق نفسه الحقيقية، وفي ذلك الوقت سوف يراه الناس على حقيقته. سوف يقول الناس مصدومين: "ولكن ألا يكون في المعتاد لطيفًا ومجاملًا ونبيلًا؟ لماذا يبدو أنه يتحول إلى شخص مختلف تمامًا عندما يحل به شيء؟" في الواقع، ذلك الشخص لم يتغير، فكل ما في الأمر هو أن ذاته الحقيقية لم تنكشف وتُفضح حتى ذلك الحين. عندما لا تمس الأشياء مصالحه وقبل بداية الجدال، فإن كل ما يفعله هو من قبيل الخداع والتنكر. وما يكشفه من قوانين وأساس وجوده عندما تتأثر مصالحه أو تتعرض للتهديد، وعندما يتوقف عن إخفاء نفسه، هو طبيعته وجوهره وماهيته الحقيقية. ولذلك، مهما كان نوع السلوكيات الجيدة لدى الشخص – ومهما كانت جودة سلوكه الخارجي للآخرين – فهذا لا يعني أنه يسعى إلى الحق ويحب الأشياء الإيجابية. وعلى أقل تقدير، هذا لا يعني أن لديه إنسانية طبيعية، كما لا يعني أنه جدير بالثقة أو يستحق التعامل معه.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.