ماذا يعني السعي إلى الحق (15) الجزء الثاني
انتهينا في المرَّة الأخيرة من عقد شركة عن المقولة حول السلوك الأخلاقي: "ابذل قصارى جهدك للتعامل بأمانة مع كل ما أوكله إليك الآخرون". فيما يلي، سوف نعقد شركةً عن مقولة "كلمة النبيل سنده". أولًا، ينبغي أن نحاول معرفة كيفية تشريح الأفكار والآراء المغلوطة في هذه المقولة عن السلوك الأخلاقي، وما مقصد الشيطان من طرحها. ثمّة تعبير صيني نصه: "من الصعب معرفة المقاصد الحقيقية للمرء"، فأين تكمن مقاصد الشيطان الحقيقية إذًا؟ هذا هو ما نحتاج إلى كشفه وتشريحه. "كلمة النبيل سنده" هي فكرة وقول آخر يطرحه الشيطان بين الناس، ويبدو في غاية النبل ظاهريًا؛ فهو مؤثر وقوي. ما المثير للإعجاب إذًا في هذه المقولة؟ هل تستحق الاعتزاز بها والتفكير فيها بجدية؟ هل يستحق الأمر رؤية الناس والأشياء والسلوك والعمل وفقًا لهذه الفكرة والرأي؟ هل لها أي ميزة؟ هل هي مقولة إيجابية؟ إذا لم تكن شيئًا إيجابيًا أو فكرةً ورأيًا صحيحًا، فما أثرها السلبي على الناس؟ ما مقصد الشيطان عندما يقدم مقولةً كهذه ويغرس هذه الفكرة والرأي في الناس؟ كيف ينبغي أن نميزها؟ إذا تمكنت من تمييزها، فسوف تُنكَر هذه العبارة وتُرفَض في أعماق قلبك، ولن تعود تتأثر بها. على الرغم من أن هذه العبارة سوف تومض من خلال عقلك وتزعجك في أعماق نفسك من وقت إلى آخر، فإنك لن تكون مُقيَّدًا أو مربوطًا بها إذا استطعت تمييزها. هل تعتقدون أنه ثمّة أي ميزة في مقولة "كلمة النبيل سنده"؟ هل هذه مقولة لها تأثير إيجابي على الناس؟ (لا). هل تحبون أن تكونوا نبلاء؟ هل هو أمر جيد أم سيئ أن تكون نبيلًا؟ هل من الأفضل أن تكون نبيلًا أم نبيلًا مزيفًا؟ هل من الأفضل أن تكون نبيلًا أم حقيرًا؟ ألم تفكروا في هذه المسائل؟ (لا). على الرغم من أنكم لم تفكروا في هذه الأشياء، ثمّة شيء واحد مؤكد: أنتم تستخدمون غالبًا كلمة "نبيل" وتقولون أشياء مثل: "خير لك أن تكون حقيرًا حقيقيًا من نبيل زائف"، و"النبيل الحقيقي رحب الصدر لدرجة أنه إذا أهانه شخص ما، فإنه لا يحمل ضغينة تجاهه ويمكن أن يسامحه. ذلك هو تعريف النبيل!" ما الذي تثبته عنك حقيقة قولك هذه الأشياء؟ هل تثبت أن النبيل يحظى بمكانة معينة في أفكارك وآراءك وأن تلك الأفكار والآراء عن النبيل موجودة في ذهنك؟ هل يمكننا قول هذا؟ (نعم). أنت تستحسن أولئك الأشخاص الموجودين في المجتمع الذين يتصرفون كنبلاء أو الذين يُسمّون بالنبلاء وتُعجَب بهم، وتعمل بجدٍ لتكون نبيلًا ويُنظَر إليك على أنك نبيل وليس حقيرًا. إذا قال أحدهم: "أنت حقير حقيقي"، فستكون شديد الحزن. في المقابل، إذا قال أحدهم: "أنت نبيل حقيقي"، فسوف تبتهج. هذا لأنك تشعر أنه إذا أشاد بك أحدهم بتسميتك نبيلًا، فقد ارتقى طابعك وتأكدت طرقك وأساليبك في التصرف والتعامل مع الأمور. بالطبع، بعد حصولك على هذا النوع من التأكيد في المجتمع، تشعر أنك تتمتع بمكانة نبيلة وأنك لست شخصًا من الطبقة الدنيا أو من منزلة متدنية. يشغل الشخص النبيل المستقيم، سواءَ كان أسطورةً أو موجودًا بالفعل، مكانًا محددًا في أعماق قلوب الناس. لذلك، عندما سألتكم عما إذا كان النبيل أم الحقير أفضل، لم يجرؤ أحد منكم على الرد. لماذا؟ لأنكم فكرتم: "كيف يمكنك أن تسأل ذلك؟ بالطبع، من الأفضل أن يكون المرء نبيلًا على أن يكون حقيرًا. أليس النبيل جيدًا ومستقيمًا ويتمتع بطابعٍ أخلاقي سامٍ؟ أن تقول إنه ليس من الجيد أن يكون المرء نبيلًا يتعارض مع المنطق السليم، أليس كذلك؟ سوف يتعارض ذلك مع الإنسانية الطبيعية، أليس كذلك؟ إذا لم يكن النبيل جيدًا، فأي نوع من الأشخاص يكون جيدًا؟" لم تجرؤوا على الإجابة إذًا، أليس ذلك صحيحًا؟ (بلى). هل يؤكد هذا وجود اختيار واضح بين النبيل والحقير في قلوبكم؟ أي واحد تفضلونه؟ (النبيل). هدفنا واضح إذًا. دعونا نركز على تحديد النبيل وتشريحه. لا أحد يحب الحقير، هذا أمر بديهي. إذًا، من هو النبيل تحديدًا؟ إذا سألت: "هل الأفضل أن يكون المرء نبيلًا أم حقيرًا؟" من ناحيتي، الجواب واضح: كلاهما سيئ، لأن لا النبيل ولا الحقير شخص إيجابي. كل ما في الأمر أن الناس يحكمون على سلوك الحقير وأفعاله وطابعه وأخلاقه على أنها متدنيّة نسبيًا، وبالتالي لا يحبونه. عند كشف أخلاق الحقير وطابعه الوضيع علنًا، يراه الناس أكثر حقارة. مع ذلك، فإن النبيل يُظهِر غالبًا أسلوبه الراقي في الحديث والتصرّف، وخُلُقه الأخلاقي النبيل واستقامته الرفيعة، فيحترمه الناس ويشعرون أنه مصدر للإثراء. ونتيجةً لذلك، فإنهم يُسمّونه نبيلًا. عندما يُقدِّم النبيل نفسه بهذه الطريقة، فإنه يلقى الثناء والإعجاب والتقدير الكبير. لهذا، يحب الناس النبيل ويكرهون الحقير. مع ذلك، ما الأساس الذي يستخدمه الناس في تصنيف شخص ما على أنه نبيل أو على أنه حقير؟ (بناءً على سلوكه الخارجي). يصنف الناس الشخص على أنه نبيل أو حقير بناءً على سلوك ذلك الشخص، لكن لماذا يصنف الناس الآخرين بناءً على سلوكهم؟ الجواب هو أن مستوى القدرات التي يمتلكها معظم الناس قادرة فقط على الوصول إلى هذا المستوى. إنهم لا يستطيعون سوى معرفة ما إذا كان سلوك الشخص جيدًا أم سيئًا؛ ولا يمكنهم رؤية جوهر ذلك الشخص بوضوح. نتيجةً لذلك، لا يمكنهم تحديد ما إذا كان الشخص نبيلًا أم حقيرًا إلا بناءً على سلوكه. هل طريقة التمييز هذه صحيحة إذًا؟ (لا). إنها غير صحيحة تمامًا. هل من الدقيق إذًا رؤية النبيل على أنه يتمتع بطابعٍ راقيٍ وأخلاق حسنة؟ (لا). ذلك صحيح، إنه ليس دقيقًا. من غير الدقيق فهم أن النبلاء هم الذين يتمتعون بطابعٍ وأخلاق راقية وأنه مُبجَّل وفاضل. لذلك، بالنظر إلى الأمر الآن، هل مصطلح "نبيل" إيجابي؟ (لا). إنه ليس إيجابيًا. النبيل ليس أنبل من الحقير. لذلك، إذا سأل أحدهم: "هل من الأفضل أن يكون المرء نبيلًا أم حقيرًا؟"، فما الجواب؟ (كلاهما سيئ). هذا دقيق. إذا سأل الشخص عن سبب كونهما كليهما سيئين، فإن الإجابة بسيطة. كل من النبيل والحقير ليسا شخصين إيجابيين؛ ولا أحد منهما شخص جيد حقًا. إنهما مليئان بشخصية الشيطان الفاسدة وسُمّه. إن الشيطان يسيطر عليهما ويسمِّمهما، وهما يعيشان وفقًا لمنطقه وقوانينه. لذلك، يمكن القول على وجه اليقين إنه في حين أن الحقير ليس شخصًا جيدًا، فإن النبيل لا يمكن أن يكون شخصًا إيجابيًا أيضًا. وحتى إذا نظر الآخرون إلى النبيل على أنه شخص جيد، فهو ببساطة يتظاهر بأن يكون جيدًا. إنه ليس شخصًا أمينًا يستحسنه الله، وبالطبع فإنه لا يتقي الله أو يحيد عن الشر. كل ما في الأمر هو أن النبيل يتصرَّف جيدًا في أحيان أكثر قليلًا ويتصرَّف بشكل سيء في أحيان أقل قليلًا بينما الحقير يتصرَّف بشكل سيء في أحيان أكثر قليلًا ويتصرَّف جيدًا في أحيان أقل قليلًا. يحظى النبيل باحترام أكثر قليلًا، بينما يلقى الحقير احتقارًا أكثر قليلًا. هذا هو الفارق الوحيد بين النبيل والحقير. إذا حكم الناس عليهما وفقًا لسلوكهما، فهذه هي النتيجة الوحيدة التي سوف يحصلون عليها.
يحدد الناس ما إذا كان الشخص نبيلًا أم حقيرًا بناءً على سلوكه. قد يقولون: "هذا الشخص نبيل لأنه فعل الكثير من الأشياء لصالح الجميع، والجميع يعتقدون ذلك. لهذا، فهو نبيل وشخص لديه طابع أخلاقي سامٍ". إذا قال الجميع إن شخصًا ما نبيل، فهل ذلك يجعل ذلك الشخص جيدًا ويجعله شخصًا إيجابيًا؟ (لا). لمَ لا؟ لأن جميع الناس فاسدون ولديهم شخصيات فاسدة وليست لديهم مبادئ الحق. لذلك، بصرف النظر عمّن يقول إن أحد الأشخاص نبيل، فإن القول يأتي من الشيطان ومن شخص فاسد. معيار التقييم لدى الناس غير صحيح، وبالتالي فإن النتيجة التي يقدمها ليست صحيحة أيضًا. لا يتحدث الله أبدًا بمصطلحات النبلاء أو الحقراء. إنه لا يطلب من الناس أن يكونوا نبلاء حقيقيين بدلًا من أن يكونوا نبلاء مزيفين، ولا يقول أبدًا: "أنتم جميعًا حقراء. لا أريد حقيرًا، بل أريد نبيلًا". هل يقول الله هذا؟ (لا). إنه لا يقوله. لا يُقيِّم الله أبدًا أو يحدد ما إذا كان الشخص جيدًا أم سيئًا من خلال أقواله وأفعاله، بل يُقيِّم ذلك ويحدده وفقًا لجوهره. ماذا يعني هذا؟ أولًا، يعني أن الحكم على الناس يجري وفقًا لخلقهم، ووفقًا لما إذا كان لديهم ضمير وعقل. ثانيًا، يُحكَم عليهم بناءً على موقفهم تجاه الحق وتجاه الله. هذه هي طريقة تقييم الله وتحديده لما إذا كان الشخص أسمى أم أدنى. لذلك، ليس ثمّة شيء من قبيل نبيل أو حقير في كلام الله. في الكنيسة، بين الناس الذين يُخلِّصهم الله، لا يطلب الله منهم أن يكونوا نبلاء، ولا يروِّج لفكرة أن يكون المرء نبيلًا، ولا يطلب من الناس انتقاد الحقراء. من المؤكد أن بيت الله لا يحكم على من يتمتع بطابع ذي أخلاق ساميةٍ وفقًا للمقولات الثقافية التقليدية عن السلوك الأخلاقي. إنه لا يؤيد أي شخص نبيل ولا ينميه، ولا يُخرِج أي شخص حقير ويستبعده. بيت الله يؤيد الناس وينميهم أو يُخرِجهم ويستبعدهم وفقًا لمبادئه الخاصة. إنه لا يرى الناس وفقًا للمعايير والمقولات عن السلوك الأخلاقي، ولا يؤيد أي شخص نبيل ويرفض أي شخص حقير. بل يتعامل مع جميع الناس بحسب كلمة الله والحق. ما رأيكم في بعض الناس في الكنيسة الذين يسعون دائمًا إلى أن يكونوا نبلاء؟ (إنهم ليسوا جيدين). يحكم بعض المؤمنين الجدد دائمًا على الناس وفقًا لمعيار النبيل أو الحقير. عندما يرون قادة الكنيسة يهذِّبون الأشخاص الذين يتسببون في التعطيلات والإزعاجات، فإنهم يقولون: "هذا القائد ليس نبيلًا! عندما يرتكب أخًا أو أختًا خطأً بسيطًا، فإنه يتمسك بالأمر ولا يدعه وشأنه. أما النبيل فلن يهتم بهذا. سوف يكون النبيل متساهلًا ومتسامحًا بل ومهادنًا؛ وسوف يكون أكثر تقبلًا بكثير! هذا القائد قاسٍ جدًا على الناس. من الواضح أنه حقير!" يقول هؤلاء الناس إن أولئك الذين يدافعون عن مصالح بيت الله ليسوا نبلاء. يقولون إن أولئك الذين يعملون بجدية ودقة ومسؤولية هم حقراء. ما رأيك في الأشخاص الذين يرون الآخرين بهذه الطريقة؟ هل يرون الناس وفقًا للحق أو كلمة الله؟ (لا). إنهم لا يرون الناس وفقًا للحق وكلمة الله. أضف إلى ذلك، فإنهم يأخذون الأفكار والآراء والطرق والوسائل التي يُقيِّم بها الشيطان الناس وينشرونها ويعلنونها في الكنيسة. من الواضح أن هذه الأشياء هي أفكار غير المؤمنين وعديمي الإيمان وآراءهم. إذا افتقرت إلى التمييز، واعتقدت أن النبيل شخص جيد يتمتع بطابعٍ أخلاقيٍّ سامٍ ويمثل دعامةً في الكنيسة، فقد يضلِّلك. نظرًا لأن لديك الأفكار والآراء نفسها التي لديه، عندما يُدلي شخص بأقوال أو مقولات عن النبلاء، فمن المؤكد أنك سوف تنجذب إليها وتُضلَّل بها دون أن تدري. مع ذلك، إذا كنت تميز مثل هذه الأشياء، فسوف ترفض مثل هذه المقولات ولن تُضلِّلك. بدلًا من ذلك، سوف تصرّ على تقييم الناس والأشياء والحكم على الصواب والخطأ وفقًا لكلمة الله ومبادئ الحق. وحينها سوف تنظر إلى الناس والأشياء بدقة وتتصرف وفقًا لمقاصد الله. أما أولئك عديمي الإيمان الذين لا يسعون إلى الحق، وأولئك الذين لا يميزون قواعد بيت الله ولا ينوون الالتزام بها، فيطرحون غالبًا الأفكار والآراء التي تأتي من الشيطان وتكون مألوفةً بين غير المؤمنين لتضليل الإخوة والأخوات وإزعاج فهمهم للحق. إذا كان الناس لا يميزون، في حين أنهم قد لا يُضلَّلون من قِبل أولئك الأشخاص الآخرين أو يُزعَجون منهم، فإنهم غالبًا سيتقيدون بأقوالهم، وسوف يتجنبون التصرف أو التحدث علانيةً. لن يجرؤوا على التمسك بمبادئ الحق ولن يجرؤوا على الإصرار على التصرف وفقًا لمتطلبات كلمة الله، وبالطبع لن يجرؤوا على الدفاع عن مصالح بيت الله. هل ينتج هذا عن عدم تمييز أفكار الشيطان وأقواله؟ (نعم). من الواضح أن هذا هو السبب. لا يسري مصطلحا "النبيل" و"الحقير" في الكنيسة. يجيد غير المؤمنين التظاهر والعيش وراء الأقنعة. إنهم يدافعون عن كونهم نبلاء وليسوا حقراء، وينتهجون هذه الأقنعة في حياتهم. إنهم يستخدمون هذه الأشياء لإرساء أنفسهم بين الناس، وخداع الآخرين ليضفوا عليهم الهيبة والسمعة الطيبة، وليحصلوا على الشهرة والربح. يجب استبعاد جميع هذه الأشياء في بيت الله وتحريمها. يجب عدم السماح لها بالانتشار في بيت الله أو بين شعب الله المختار، وينبغي عدم منح هذه الأشياء الفرصة لإزعاج شعب الله المختار وتضليله. هذا لأن جميع هذه الأشياء تأتي من الشيطان، ولا أساس لها في كلمة الله، وهي بالتأكيد ليست مبادئ الحق التي ينبغي على الناس مراعاتها فيما يخص كيف ينظرون إلى الناس والأشياء وكيف يسلكون ويفعلون. لذلك، فإن "النبيل" و"النبيل المزيف" و"الحقير" ليست هي المصطلحات الصحيحة لتعريف جوهر الشخص. هل شرحتُ مصطلح "النبيل" بوضوح؟ (نعم).
دعونا نلقي نظرةً أخرى على مقولة "كلمة النبيل سنده" لنرى ما تعنيه حقًا. المعنى الحرفي لهذه العبارة هو أن النبيل ينبغي أن يأخُذ كلامه على محمل الجد. حيث إن المقولة تنصّ على أن: الشخص جيد بقدر ما تكون كلمته جيدةً؛ والنبيل ينبغي أن يعني ما يقوله وأن يفي بوعوده. لذلك، ينبغي على الشخص أن يتصرف وفقًا لمقولة "كلمة النبيل سنده" ليصبح نبيلًا ذا طابع أخلاقيٍّ سامٍ، ومحبوبًا ومحترمًا للغاية. هذا يعني أن النبيل ينبغي أن يكون جديرًا بالثقة. ينبغي أن يتحمل مسؤولية ما يقوله ويَعِد به، وأن يتأكد من متابعته. لا يمكنه التراجع عن كلمته أو الفشل في الوفاء بوعوده للآخرين. الشخص الذي يفشل غالبًا في الوفاء بوعوده للآخرين ليس نبيلًا أو شخصًا جيدًا، بل حقيرًا. هذه هي الطريقة التي يمكن بها تفسير عبارة "كلمة النبيل سنده". إنها تؤكد بشكل أساسي على كلام النبيل وأفعاله من حيث الأخلاق والجدارة بالثقة. أولًا، دعني أسأل: ماذا تعني "الكلمة" في تعبير "كلمة النبيل"؟ إنها تعني شيئين: وعد يقطعه أو تعهُّد بفعل شيء ما. كما سبق وقلتُ، النبلاء ليسوا أناسًا جيدين لكنهم أناس عاديون أفسدهم الشيطان بشدة. إذًا، فيما يخص جوهر الناس، ما الطرق الرئيسية التي يُظهِر بها الناس أنفسهم في الأشياء التي يعدون بها؟ التحدث بغطرسة، والمبالغة، والإشادة بأنفسهم، وقول أشياء كاذبة عن أنفسهم، وقول أشياء لا تتطابق مع الحقائق، والكذب، والتحدث بقسوة، والتنفيس عن النفس. يمكن إيجاد جميع هذه الأشياء فيما يقوله الناس ويعدون به. لذلك، بعد أن يقول الشخص هذه الأشياء، فإنك تطلب منه أن يفي بوعده، ويحترم ما قاله وألا يتراجع عن كلمته، وإذا اتبع كلامه، فأنت تعتقد أنه نبيل وشخص جيد. أليس ذلك سخيفًا؟ إذا خضعت الأشياء التي يقولها الناس الفاسدون كل يوم للتدقيق والفحص بعناية، فسوف تجد أنها أكاذيب بنسبة مائة بالمائة، أو كلمات جوفاء، أو أنصاف حقائق. لا توجد كلمة واحدة دقيقة أو صحيحة أو واقعية. بدلًا من ذلك، فإن أقوالهم تشوّه الحقائق وتخلط بين الأسود والأبيض، بل وإن بعضها تضمر نوايا شريرة أو حيلًا شيطانية. إذا تمّ احترام جميع هذه الكلمات، فسوف يؤدي ذلك إلى فوضى عارمة. دعنا لا نتحدث عما يمكن أن يحدث في مجموعة كبيرة من الناس، بل دعنا نتحدث فقط عما إذا كان يوجد ما يُسمَّى بالنبيل في عائلة، ممن يُبدي باستمرار ملاحظات عشوائية وتبدر عنه الكثير من النظريات التي بلا معنى والكلمات المتكبرة والخاطئة والخبيثة والحقودة. إذا أخِذ كلامه على محمل الجد وكانت كلمته هي سنده، فماذا ستكون العواقب؟ إلى أي مدى ستصبح هذه العائلة فوضوية؟ هذا أشبه تمامًا بالملك الإبليس لبلد التنين العظيم الأحمر. بصرف النظر عن مدى سخافة سياساته أو شرّها، فإنه لا يزال يضعها في المقدمة ومرؤوسيه ينفذون السياسات ويطبقونها بالضبط؛ لا أحد يجرؤ على معارضتها أو إيقافها مما يؤدي إلى فوضى وطنية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مختلف الكوارث تُحاصر البلد، وقد بدأ الاستعداد للحرب. والبلد كله غارق في ارتباك تام. إذا حكم قائد إبليس في دولة أو أمة لفترة طويلة، فسوف يواجه شعب تلك الدولة مشكلةً خطيرةً. إلى أي مدى ستصبح الأشياء فوضويةً؟ إذا نفَّذ الناس كل الهراء والمغالطات والأكاذيب غير المعقولة التي يُصدِرها ملوك الأبالسة وطبَّقوها، فهل سيأتي منها شيء مفيد للبشرية؟ سوف تصبح البشرية فقط أكثر فأكثر فوضويةً وظلامًا وشرًا. لحسن الحظ، فإن "كلمة النبيل سنده" ليست أكثر من كلمات جوفاء؛ إنها مجرد عبارة رنّانة، والشيطان عاجز عن تحقيقها، وعاجز عن تحقيق ما تقوله. بالتالي، لا يزال ثمّة القليل من النظام في العالم ولا يزال الناس مستقرين نسبيًا. إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن كل ركن من أركان عالم البشر وكل مكان يوجد فيه "نبلاء"، سوف يكون في فوضى. هذا أحد الجوانب المغلوطة في مقولة "كلمة النبيل سنده". من منظور جوهر الناس، يمكننا أن نرى أن تصريحاتهم والأشياء التي يقولونها ووعودهم غير جديرة بالثقة. أحد الجوانب الأخرى للخطأ فيها، هو أن البشرية مُقيَّدة بفكرة ورأي "كلمة النبيل سنده". إنهم يعتقدون: "ينبغي أن نحترم كلمتنا ونفعل ما نقول لأن هذه هي الطريقة التي نكون بها نبلاء". تهيمن الفكرة والرأي هذا على تفكير الناس وتصبح المعيار الذي ينظرون من خلاله إلى الشخص ويحكمون عليه ويوصِّفونه. هل هذا مناسب ودقيق؟ (لا، إنه ليس دقيقًا). لماذا هو غير دقيق؟ أولًا، لأن ما يقوله الناس قليل القيمة ومجرد كلمات جوفاء وأكاذيب ومبالغات. ثانيًا، من الظلم استخدام هذه الفكرة والرأي للسيطرة على الناس ومطالبتهم باحترام كلمتهم. يستخدم الناس عبارة "كلمة النبيل سنده" غالبًا لقياس سمو الشخص أو دونيته. ومن دون وعي، يقلق الناس غالبًا بشأن كيفية الوفاء بوعودهم، وهذا يقيدهم. إذا لم يتمكنوا من الوفاء بوعودهم، فإنهم يتعرضون للتمييز واللوم من الآخرين ويصعب عليهم إثبات أنفسهم في المجتمع إذا لم يتمكنوا من متابعة شيء تافه. هذا غير عادل لهؤلاء الناس وغير إنساني. بسبب الشخصيات الفاسدة للناس، فإنهم يتكلمون وفقًا لتفضيلاتهم قائلين ما يريدون قوله؛ ولا يهتمون بمدى سخافة تعبيراتهم أو تناقضها مع الحقائق. هكذا هم الأشخاص الفاسدون. من الطبيعي أن يتصرف كل شيء وفقًا لشخصيته الخاصة: فالدجاجة يجب أن تتعلم كيفية القرقرة، والكلب يجب أن يتعلم كيفية النباح، والذئب يجب أن يتعلم كيفية العواء. إذا كان شيء ما غير بشري، ومع ذلك كان مطلوبًا منه بشدّة أن يقول ويفعل أشياءَ بشرية، فسوف يجد ذلك صعبًا للغاية. الناس لديهم شخصية الشيطان الفاسدة، وهي شخصية متكبرة ومخادعة، ولذلك من الطبيعي أن يكذبوا ويبالغوا ويتكلموا بكلمات جوفاء. إذا كنت تفهم الحق ويمكنك أن ترى الناس على حقيقتهم، فينبغي أن يبدو هذا كله طبيعيًا وعاديًا لك. ينبغي ألا تستخدم الفكرة والمنظور المضللين المتمثلين في "كلمة النبيل سنده" للنظر إلى الناس والأشياء، والحكم عليهم وتوصيف ما إذا كانوا جيدين أو جديرين بالثقة أم لا. طريقة التقييم هذه غير صحيحة وينبغي عدم تبنِّيها. ما هي الطريقة الصحيحة؟ لدى الناس شخصية فاسدة، لذلك من الطبيعي أن يبالغوا ويقولوا أشياء لا تعكس وضعهم الفعلي. ينبغي أن تتعامل مع هذا بشكل صحيح. ينبغي ألا تطلب من أي شخص أن يفي بوعوده وفقًا لمعايير النبيل، وبالتأكيد ينبغي ألا تربط الآخرين أو نفسك بفكرة ورأي أن "كلمة النبيل سنده". فهذا ليس صحيحًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكم على إنسانية الشخص وطابعه الأخلاقي من خلال ما إذا كان نبيلًا أم لا لهو خطأ جوهري، وليس النهج الصحيح. فأساسه خاطئ ولا يتوافق مع كلام الله أو الحق. لذلك، بصرف النظر عن نوع الأفكار والآراء التي يستخدمها العالم غير المؤمن للحكم على الشخص، وبصرف النظر عما إذا كان العالم غير المؤمن يدافع عن كون المرء نبيلًا أو حقيرًا، فإن مقولة "كلمة النبيل سنده" لا تلقى تأييدًا في بيت الله، ولا يُوصَى بأن يكون أي شخص نبيلًا، كما أنك بالتأكيد غير مطالب بالتصرف وفقًا لمقولة "كلمة النبيل سنده". حتى إذا ألزمتَ نفسك بصرامة أن تكون نبيلًا وأن تُجسِّد مقولة "كلمة النبيل سنده"، فماذا إذًا؟ ربما تفعل هذا بشكل جيد جدًا وتصبح نبيلًا متواضعًا يفي بوعوده ولا يفشل أبدًا في الوفاء بكلمته. مع ذلك، إذا لم تنظر مطلقًا إلى الناس والأشياء، ولم تسلك وتعمل وفقًا لكلام الله، ولم تتبع مبادئ الحق، فأنت عديم الإيمان تمامًا. وحتى إذا اتفق معك العديد من الناس ودعموك، وقالوا إنك نبيل وإنك لا تفشل أبدًا في الوفاء بكلمتك، وإنك تأخذ وعودك على محمل الجد، فماذا إذًا؟ هل يعني هذا أنك تفهم الحق؟ هل يعني أنك تتبع طريق الله؟ بصرف النظر عن مدى اتباعك لمقولة "كلمة النبيل سنده" عن السلوك الأخلاقي جيدًا وبشكل مناسب، إذا كنت لا تفهم كلمة الله ولا تراعي مبادئ الحق وتتصرف وفقًا لها، فلن تنال استحسان الله.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.