ماذا يعني السعي إلى الحق (13) الجزء الثالث
بالنسبة لمسألة مصير البلد، هل يجب أن يفهم الناس كيف يرى الله هذه المسألة، وكيف يجب أن يراها الناس بشكل صحيح؟ (نعم). يجب أن يفهم الناس بالضبط وجهة النظر التي يجب أن يتبنوها عند التعامل مع هذه المسألة، وذلك للتخلص من الآثار المقوِّضة لفكرة: "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" وتأثيرها عليهم. دعونا ننظر أولاً فيما إذا كان مصير بلد ما يمكن أن يتأثر بشخص واحد أو أي قوة أو أي مجموعة عرقية. مَن يقرر مصير البلد؟ (يقرره الله). صحيح، يجب فهم هذا السبب الجذري. يرتبط مصير البلد ارتباطًا وثيقًا بسيادة الله، وليس له علاقة بأي شخص آخر. لا يمكن لأي قوة أو فكرة أو شخص أن يغيروا قدر بلد ما. ما الذي يتضمنه قدر البلد؟ ازدهار البلد وانحداره. سواء كان البلد متطورًا أو متخلفًا، وبصرف النظر عن موقعه الجغرافي، ومقدار الأراضي التي يمتد عليها، وحجمه، وجميع موارده – مقدار الموارد الموجودة على الأرض وتحت الأرض وفي الهواء – ومَن يكون حاكم البلاد، ونوع الأشخاص الذين يشكلون التسلسل الهرمي الحاكم، والمبادئ السياسية التوجيهية للحاكم وطريقة الحكم، وما إذا كان الحاكم يقر بالله، ويخضع له، وموقفه تجاه الله، وما إلى ذلك – كل هذه الأمور لها تأثير على مصير البلد. هذه الأشياء لا يحددها شخص واحد، ناهيك عن أي قوة. لا يوجد شخص واحد له القول الفصل ولا قوة واحدة، ولا الشيطان. فمن له القول الفصل؟ الله وحده له القول الفصل. البشر لا يفهمون هذه الأشياء، ولا الشيطان يفهمها، لكنه مُتَحَدٍّ. إنه يرغب باستمرار في تولي زمام البشر والسيطرة عليهم، لذلك يستخدم باستمرار بعض الأفكار والآراء المثيرة والمضللة للترويج لأشياء مثل السلوك الأخلاقي والأعراف الاجتماعية، وجعل الناس يتقبلون هذه الأفكار، ومن ثمَّ استغلال الناس لخدمة الحكام، وإبقاء الحكام في السلطة. ولكن في الواقع، مهما يفعل الشيطان، فإن مصير البلد ليس له علاقة بالشيطان، ولا أي علاقة بمدى قوة انتشار أفكار الثقافة التقليدية هذه وعمق انتشارها واتساع نطاقه. الظروف المعيشية وشكل وجود أي بلد في أي حقبة – سواء كان غنيًا أو فقيرًا، أو كان متخلفًا أو متقدمًا، وكذلك ترتيبه بين دول العالم الكثيرة – كل هذا لا علاقة له على الإطلاق بقوة حكم الحكام، ولا بجوهر أفكار هؤلاء المفكرين، ولا بالقوة التي ينشرون بها أفكارهم. لا يرتبط مصير البلد إلا بسيادة الله والفترة التي يدير فيها الله البشرية جمعاء. في أي فترة يحتاج فيها الله إلى القيام بأي عمل، وحكم وترتيب أي شيء، وقيادة المجتمع بأسره في أي اتجاه، وتحقيق أي شكل من أشكال المجتمع – خلال تلك الفترة، سيظهر بعض الأبطال المتميزين، وستحدث بعض الأشياء العظيمة والمميزة. على سبيل المثال، الحرب، أو أن تضم بعض الدول أراضي دول أخرى، أو ظهور بعض التقنيات الناشئة، أو حتى حركة جميع محيطات الأرض والصفائح القارية، وما إلى ذلك – كل هذه الأشياء تخضع لسيادة وترتيبات يد الله. من الممكن أيضًا أن يؤدي ظهور شخص عادي إلى دفع الجنس البشري بأكمله إلى اتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام. وبالقدر نفسه من الممكن أن يؤدي وقوع حدث عادي للغاية وغير مهم إلى هجرة جماعية للبشرية، أو ربما قد يطرأ على البشرية كلها تحول كبير في ظل آثار حدث غير مهم، أو تكون هناك درجات متفاوتة من التغييرات من حيث الاقتصاد أو الشؤون العسكرية أو التجارة أو العلاج الطبي، وما إلى ذلك. تؤثر هذه التغييرات على مصير أي بلد على وجه الأرض، وكذلك على ازدهار أي بلد وانحداره. لهذا السبب فإنَّ قدر أي بلد وصعوده وسقوطه، سواء كان قويًا أو ضعيفًا، يرتبط بتدبير الله بين البشرية وبسيادته. لماذا إذن يريد الله أن يفعل الأشياء بهذه الطريقة؟ إن مقاصده هي أصل كل شيء. باختصار، بقاء أي بلد أو أمة وصعودها وسقوطها لا علاقة له على الإطلاق بأي عرق أو أي سلطة أو أي طبقة حاكمة أو أي نمط أو طريقة للحكم أو أي فرد. كل هذا لا يرتبط إلا بسيادة الخالق، وبالفترة التي يدير فيها الخالق البشرية، وبالخطوة التالية التي سيتخذها الخالق في إدارة البشرية وقيادتها. لذلك، كل ما يفعله الله يؤثر على قدر أي بلد أو أمة أو عرق أو جماعة أو فرد. من وجهة النظر هذه، يمكن القول إن أقدار أي فرد أو عرق أو أمة أو بلد مترابطة في الواقع وترتبط ارتباطًا وثيقًا بعضها ببعض، وثمة علاقة لا تنفصم بينها. ورغم ذلك، فإن العلاقة بين هذه الأشياء لا تتحقق بسبب الفكرة والرأي القائل بأن "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، بل تتحقق بسبب سيادة الخالق. إنه بالتحديد لأن أقدار هذه الأشياء تحت سيادة الإله الحق الوحيد، الخالق، توجد علاقة لا تنفصم بينها. هذا هو السبب الجذري وجوهر مصير البلد.
إذًا، إذا نظرنا إلى الأمر من منظور غالبية السكان، فما هي وجهة النظر التي يجب أن يتبناها المرء فيما يتعلق بمصير بلده؟ بادئ ذي بدء، يجب على المرء أن ينظر إلى مقدار ما يفعله البلد لحماية غالبية السكان وإرضائهم. إذا كانت غالبية السكان تعيش بشكل جيد، وتتمتع بالحرية والحق في التحدث بحرية، وإذا كانت جميع السياسات التي تصدرها حكومة الدولة عقلانية للغاية ويعتبرها الناس عادلة ومعقولة، وإذا كان من الممكن حماية حقوق الإنسان للناس العاديين، وإذا لم يُجرَّد الناس من حقهم في الحياة، فسيكون من الطبيعي أن يعتمد الناس على هذا البلد، وسيشعرون بالسعادة للعيش فيه، وسيحبونه من أعماق قلوبهم. حينها، ستكون لدى الجميع مسؤولية تجاه مصير هذا البلد، وسيكون الناس على استعداد حقيقي لتتميم مسؤوليتهم تجاه هذا البلد، وسيرغبون في أن يوجد إلى الأبد لأنه يفيد حياتهم وكل شيء مرتبط بهم. إذا كان هذا البلد لا يستطيع حماية حياة الناس العاديين، ولا يمنحهم حقوق الإنسان التي يستحقونها، ولم تكن لديهم حتى حرية التعبير، وإذا كان أولئك الذين يعبرون عن آرائهم يخضعون للقيود والقمع، وإذا كان الناس ممنوعين حتى من التحدث بشأن ما يريدون أو مناقشته، وإذا كان البلد لا يهتم عندما يتعرض الناس للتنمر والإذلال والاضطهاد، وإذا لم تكن هناك حرية على الإطلاق، وإذا كان الناس محرومين من حقوقهم الإنسانية الأساسية ومن حقهم في الحياة، وإذا كان أولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه يتعرضون للقمع والاضطهاد لدرجة أنهم لا يتمكنون حتى من العودة إلى ديارهم، وإذا كان المؤمنون يُقتلون دون خشية من العقوبة، فإن هذا البلد هو بلد أبالسة، بلد للشيطان، وليس بلدًا حقيقيًا. في تلك الحالة، هل يجب أن يظل الجميع مسؤولين عن مصيره؟ إذا كان الناس يبغضون هذا البلد بالفعل ويكرهونه في قلوبهم، فحتى لو اعترفوا بمسؤوليتهم عنه من الناحية النظرية، فلن يكونوا مستعدين لتتميم هذه المسؤولية. إذا جاء عدو قوي لغزو هذا البلد، فإن معظم الناس سيُضْمِرون آمالًا بانهيار البلاد الوشيك، حتى يتمكنوا من أن يعيشوا حياة سعيدة. ومن ثَمَّ، فإن ما إذا كان الجميع مسؤولين عن مصير البلد يعتمد على كيفية معاملة حكومته للشعب. صُلْب الأمر هو ما إذا كانت الحكومة تتمتع بالدعم الشعبي؛ يتحدد الأمر بشكل أساسي بناءً على هذا الجانب. الجانب الآخر، بشكل جوهري، هو أنه وراء أي شيء يحدث لأي بلد، ثمة عدد من الأسباب والعوامل التي تسبب حدوث هذا الشيء، وهو ليس شيئًا يمكن أن يتأثر بشخص عادي أو تافه. لذلك، عندما يتعلق الأمر بمصير بلد ما، لا يوجد شخص فردي أو أي مجموعة عرقية لها القول الفصل، أو سلطة التدخل. أليست هذه حقيقة؟ (بلى). فلنقل، على سبيل المثال، إن الطبقة الحاكمة في بلدك تريد توسيع أراضي البلد والاستيلاء على الأراضي الجيدة التابعة لبلدٍ مجاور وكذلك بنيتها التحتية ومواردها. بعد اتخاذ القرار، تبدأ الطبقة الحاكمة في إعداد القوات العسكرية، وجمع الأموال، وتخزين جميع أنواع الإمدادات، ومناقشة موعد إطلاق التوسع البري. هل يحق لعامة الناس معرفة كل ذلك؟ إنك لا تملك حتى الحق في المعرفة. كل ما تعرفه هو أنه في السنوات الأخيرة زادت ضرائب الدولة، وزادت الضرائب والرسوم المفروضة تحت ذرائع مختلفة، وزاد الدَّيْن الوطني. والتزامك الوحيد هو دفع الضرائب. بالنسبة إلى ما سيحدث للبلد وما سيفعله الحكام، هل لهذا أي علاقة بك على الإطلاق؟ حتى اللحظة التي يقرر فيها البلد خوض الحرب، فإن البلد والأراضي التي سيغزوها البلد، وكيفية غزوه لها، هي أشياء لا يعرفها سوى الطبقة الحاكمة، ولا حتى الجنود الذين سيُرسَلون إلى المعركة يعرفونها. ليس لديهم حتى الحق في معرفة ذلك. عليهم أن يقاتلوا أينما يشير الحاكم. أما عن سبب قتالهم، ومدة القتال، وما إذا كان بإمكانهم الانتصار أم لا، ومتى يمكنهم العودة إلى ديارهم، فهم لا يعرفون، ولا يعرفون أي شيء على الإطلاق. إنَّ بعض الناس يُرْسَل أبناؤهم إلى الحرب، لكن الآباء لا يمكنهم حتى معرفة ذلك. والأسوأ أنه عندما يُقتل أبناؤهم، فلا يمكنهم حتى معرفة ذلك. لا يكتشفون أن أبناءهم قد ماتوا إلا حينما يُعاد إليهم رماد الأبناء. لذا أخبرني، هل مصير بلدك، والأشياء التي سيفعلها بلدك، والقرارات التي سيتخذها، لها أي علاقة بك كشخص عادي؟ هل تخبرك الدولة، بصفتك شخصًا عاديًا، عن هذه الأشياء؟ هل لديك الحق في المشاركة في صنع القرار؟ ليس لديك الحق في المعرفة، فضلًا عن الحق في المشاركة في صنع القرار. مهما تكن بلدك بالنسبة إليك، فهل كيفية تطوره، والاتجاه الذي يتجه فيه، وكيفية حكمه، لها أي علاقة بك؟ ليس لها علاقة بك. لماذا؟ لأنك شخص عادي، وكل هذه الأشياء مرتبطة فقط بالحكام. يؤول القول الفصل إلى الحكَّام والطبقة الحاكمة، وأولئك الذين لديهم مصالح مكتسبة، لكنه لا علاقة له بك على الإطلاق بصفتك شخصًا عاديًا. لذلك، يجب أن يكون لديك القليل من الوعي الذاتي. لا تفعل أشياء غير عقلانيّة؛ لا حاجة لأن تتخلى عن حياتك أو تجعل نفسك عرضة لأذى الحاكم. لنفترض أن حكام البلد ديكتاتوريون، وأن السلطة في أيدي أبالسة لا يؤدون واجباتهم الصحيحة، ويقضون أيامهم في الانغماس في الشرب والفجور، ويعيشون بإسراف، ولا يفعلون شيئًا من أجل الشعب. يغرق البلد في الديون والفوضى، والحكام فاسدون وغير أكفاء، مما يؤدي إلى غزوه من قِبَل عدو أجنبي. عندها فقط يفكر الحكام في عامة الناس، ويدعونهم ويقولون: "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" إذا هلك البلد، فإن حياة من المشقة تنتظركم جميعًا. البلد حاليًّا في ورطة، والغزاة قد دخلوا حدودنا. من أجل حماية البلد، أسرعوا إلى ساحة المعركة، فقد حان وقت احتياج البلد إليكم!" تمعنُ التفكير في الأمر، وتفكر: "هذا صحيح، "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" أخيرًا، يحتاج البلد إليَّ مرةً، لذلك بما أنني أتحمل هذه المسؤولية، يجب أن أتخلى عن حياتي لحماية البلد. لا يمكن لبلدنا أن ينتقل إلى سيطرة أحدٍ آخر، وبدون وجود هذا الحاكم في السلطة سينتهي أمرنا!". هل من الحماقة التفكير بهذه الطريقة؟ إنَّ حكام هذه الديكتاتوريات ينكرون الله ويعارضونه، وهم يأكلون ويشربون ويستمتعون طوال الوقت، ويتصرفون بتهور، ويتطاولون على عامة الناس، ويؤذون الجماهير ويعاملونها بوحشية. إذا هرعت بشجاعة وإقدام إلى حماية حكام مثل هؤلاء، وكنت بمثابة طعمة لمدافعهم في ساحة المعركة، مهدِرًا حياتك من أجلهم، فأنت أحمق قطعًا، وتتعهد بالولاء الأعمى! لماذا أقول إنك أحمق قطعًا؟ مِنْ أجل مَنْ بالضبط يقاتل الجنود في ساحة المعركة؟ مِنْ أجل مَن يُهدرون حياتهم؟ لمن يعملون بمثابة طُعْمَةٍ للمدافع؟ وإذا شاركت أنت – العاميَّ الضعيف الواهن – من بين جميع الناس في المعركة، فليس هذا سوى مظهر من الطيش وإهدار للحياة. إذا جاءت الحرب، فيجب عليك أن تصلي إلى الله وتطلب منه حمايتك حتى تتمكن من الفرار إلى مكان آمن، بدلاً من تقديم تضحية ومقاومة لا جدوى منهما. بمَ تعرَّف التضحية التي لا جدوى منها؟ تُعرَّف بالطيش. سيكون لدى البلد بصورة طبيعية أشخاص يرغبون في الالتزام بروح القول: "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، من أجل حماية الحكام وسيضعون حياتهم على المحك من أجل الحكام. مصير البلد له تأثير كبير على مصالح مثل أولئك الناس وبقائهم، لذلك دعهم يعتنون بشؤون البلد. أنت شخص عادي، وليس لديك أي سلطة لحماية البلاد، وهذه الأشياء ليس لها علاقة بك. ما هو بالضبط نوع البلد الذي يستحق الدفاع عنه؟ إذا كان بلدًا ذا أنظمة حرة وديمقراطية، وكان الحاكم يقوم بالفعل بأشياء من أجل الناس ويمكن أن يضمن لهم حياة طبيعية، فإن مثل هذا البلد يستحق الدفاع عنه وحمايته. يشعر عامة الناس أن حماية مثل هذا البلد تُعَادِل حماية بيتهم الخاص، وهي مسؤولية لا يمكن التنصل منها، لذلك هم على استعداد للعمل من أجل البلد وتتميم مسؤوليتهم. ولكن إذا سيطرت الأبالسة أو الشيطان على هذا البلد، وكان الحكام أشرارًا وغير أكفاء إلى حد أن حكم هؤلاء الملوك الأبالسة يفقد زخمه ويجب عليهم التنحي، فإن الله سيقيم بلدًا قويًا يغزوه. هذه إشارة للبشر من السماء، تخبرهم أن حكام هذا النظام يجب أن يتنحوا، وأنهم لا يستحقون امتلاك مثل هذه السلطة، أو السيطرة على هذه الأرض، أو إرغام شعب هذا البلد على إعالتهم، لأنهم لم يفعلوا شيئًا على الإطلاق لتوفير الرفاه لسكان البلاد، كما أن حكمهم لم يُفِد عامة الناس بأي شكل من الأشكال أو جلب أي سعادة إلى حياتهم. هم فقط أوجعوا عامة الناس، وآذوهم، وعذبوهم وأساءوا معاملتهم. لذلك، يجب على هؤلاء الحكام التنحي والتخلي عن مناصبهم. إذا استُبْدِلَ بهذا النظام آخرُ ديمقراطي يتولى الحكم فيه أشخاصٌ فاضلون، فإن هذا سيحقق آمال السكان وتوقعاتهم، وسيكون أيضًا متوافقًا مع إرادة السماء. أولئك الذين يمتثلون لطرق السماء سوف يزدهرون، أما أولئك الذين يقاومون السماء سوف يهلكون. بوصفك مواطنًا عاديًا، إذا كنت تُضلَّل باستمرار بفكرة أن "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، ودائمًا ما تؤلِّه الطبقة الحاكمة وتتبعها، فمن المؤكد أنك ستموت موتًا مبكرًا ويُحتمَل أن تصبح أضحية فداء وأداة جنائزية للطبقة الحاكمة. إذا كنت تسعى إلى الحق، وتتجنب أن يضللك الشيطان وتستطيع الإفلات من تأثيره والحفاظ على حياتك، فلديك الأمل في أن ترى نشأة بلدٍ إيجابي، وأن ترى مُعَلِّمين حكماء وحكَّامًا حكماء يتولون السلطة، وأن تشهد إنشاء نظام اجتماعي جيد، وسيكون لديك الحظ السعيد في عيش حياة سعيدة. أليس هذا اختيار الشخص الذكي؟ لا تظن أن كل من يغزو البلد أعداء أو أبالسة؛ هذا خطأ. إذا كنت تنظر دائمًا إلى الحكام على أنهم الأعلى وأنهم فوق الجميع، وتعاملهم على أنهم السادة الأبديون لهذه الأرض بغض النظر عن عدد الأشياء السيئة التي يفعلونها، أو مدى مقاومتهم لله وتعاملهم مع المؤمنين بوحشية، فهذا خطأ فادح. فكر في الأمر؛ حينما قُضِيَ على تلك السلالات الحاكمة الإقطاعية في الماضي، وعاش البشر في ظل مجموعة متنوعة من الأنظمة الاجتماعية الديمقراطية نسبيًا، أصبحوا أكثر حرية وسعادة إلى حد ما، وكانت حياتهم أفضل ماديًّا من ذي قبل، وأصبح اتساع رؤية البشرية وبصيرتها وآرائها حول أشياء مختلفة أكثر تقدمًا من ذي قبل. لو كان الناس جميعًا رجعيين في تفكيرهم، واعتقدوا باستمرار أنَّ "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، وظلوا راغبين في إحياء التقاليد القديمة، واستعادة حكم الأباطرة، والعودة إلى النظام الإقطاعي، فهل كان يمكن للبشرية أن تتطور بقدر ما تطورت؟ هل كانت بيئة معيشتهم ستصبح كما هي الآن؟ بالتأكيد لا. لذا، عندما يكون البلد في ورطة، إذا كانت قوانين البلد تنص على أنه لا بد لك من تتميم واجباتك المدنية وأداء الخدمة العسكرية، فيجب عليك أداء الخدمة العسكرية وفقًا للقانون. إذا كان يجب عليك خوض معركة في أثناء فترة خدمتك العسكريّة، فيجب عليك بالمثل تتميم مسؤوليتك، لأن هذا ما يتعين عليك القيام به بموجب القانون. لا يمكنك خرق القانون، ويجب عليك الالتزام به. إذا كان القانون لا يتطلب ذلك، فأنت حر في الاختيار. إذا كان البلد الذي تُقيم فيه يعترف بالله ويتبعه ويعبده وينال بركاته، فيجب الدفاع عنه. إذا كان البلد الذي تُقيم فيه يقاوم الله ويضطهده، ويعتقل المسيحيين ويضطهدهم، فإن ذلك البلد بلدٌ شيطانيّ يحكمه أبالسة. إن ذلك البلد بمقاومته لله باستمرار وبغضب جنوني قد أساء بالفعل إلى شخصية الله، وصار ملعونًا منه. عندما يواجه مثل هذا البلد غزوًا من قبل عدو أجنبي، وتحدق به المشاكل من داخل حدوده ومن خارجها، فهذا وقت استياء واسع النطاق ونقمة وسخط بين الله والبشرية. أليس ذلك هو الوقت الذي يريد فيه الله أن يهيئ بيئة لتدمير ذلك البلد؟ ذلك هو الوقت الذي يبدأ فيه الله في التصرف. لقد سمع الله صلوات الناس، وقد حان الوقت له لإصلاح المظالم التي لحقت بشعب الله المختار. هذا أمر جيد، وهي أيضًا أنباءٌ طيبة. الوقت الذي يكون فيه الله على وشك محو الأبالسة والشيطان هو أيضًا الوقت لأن يكون شعب الله المختار في غاية الحماس وينشر الأخبار في كافة الأنحاء. في هذا الوقت، يجب ألا تخاطر بحياتك من أجل الطبقة الحاكمة. يجب أن تستخدم حكمتك للتخلص من القيود التي تفرضها الطبقة الحاكمة، وأن تهرب بحياتك على عجل وتنقذ نفسك على وجه الاستعجال. يقول بعض الناس: "إذا هربت، فهل سأُعَدُّ من الفارِّين؟ أليست هذه أنانية؟". بإمكانك أيضًا ألا تكون فارًّا، وما عليك سوى حراسة منزلك وانتظار أن يقصفه الغزاة ويحتلوه، وترى كيف ستكون العاقبة حينئذٍ. الحقيقة هي أنه عند وقوع أي حدث كبير ذي أهمية وطنية، لا يكون لدى الناس العاديون الحق في الاختيار لأنفسهم. ليس أمام الجميع سوى الانتظار بسلبية، ومشاهدة النتائج الحتمية لهذا الحدث وتحملها. أليست هذه حقيقة؟ (بلى). هذه حقيقة بالفعل. على أي حال، الفرار هو التصرف الأحكم. إنَّ حماية حياتك وسلامة عائلتك هي مسؤوليتك. إذا أُلْزِمَ الجميع بأن يكونوا مسؤولين عن مصير بلدهم، وتسبب ذلك في مقتلهم جميعًا، وكان كل ما تبقى من البلد عبارة عن مساحة شاسعة من الأرض، فهل سيظل جوهر البلد موجودًا؟ حينها سيكون "البلد" مجرد كلمة جوفاء، أليس كذلك؟ في نظر الحكام المستبدين، الحياة البشرية هي أقل الأشياء قيمة مقارنة بطموحاتهم ورغباتهم، وأعمالهم العدوانية، وأي من قراراتهم وأفعالهم، ولكن في نظر الله، الحياة البشرية هي أهم شيء. دع أولئك الذين يرغبون في أن يكونوا طُعْمَةً لمدافع الديكتاتوريين ويتمسكون بروح القول: "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" يقدمون مساهمات وتضحيات للحكام. أولئك الذين يتبعون الله ليسوا ملزمين بتقديم أي تضحيات من أجل بلدٍ للشيطان. يمكنك أيضًا أن تصيغ الأمر على هذا النحو: دع نسل الشيطان المطيع وأولئك الذين يتبعونه يقدمون تضحيات من أجل حكم الشيطان ومن أجل طموحاته ورغباته. من الصواب السماح لهم بأن يكونوا طُعْمَةً للمدافع. لم يجبرهم أحد على أن تكون لديهم مثل هذه الطموحات والرغبات العظيمة. هم يحبون اتباع الحكام فحسب، وهم عازمون على التعهد بالولاء للأبالسة، حتى لو كان في ذلك حَتْفُهُم. وفي النهاية، يصبحون أضاحي فداء وحليًّا جنائزية للشيطان، وهو ما يستحقونه.
عندما يغزو أي بلد بلدًا آخر، أو عندما تؤدي بعض المعاملات غير المتكافئة مع بلد آخر إلى الحرب، فإن الضحايا في نهاية المطاف هم عامة الناس، كل من يعيش في هذه الأرض. في الواقع، بعض الحروب يمكن تجنبها لو كان أحد الأطراف قادرًا على التسوية، والتخلي عن طموحاته ورغباته وسلطته، والتفكير في بقاء عامة الناس. العديد من الحروب ناتجة في الواقع عن تشبث الحكام بحكمهم، وعدم رغبتهم في التخلي عن السلطة التي في أيديهم أو فقدانها، بل التمسك بعناد بمعتقداتهم، والتشبث بالسلطة، والتمسك بمصالحهم الخاصة. حالما تندلع الحرب، يصبح عامة الناس، الناس العاديون، هم الضحايا. إنهم يتشتتون في كل الاتجاهات في أوقات الحرب، وهم الأقل قدرة على مقاومة كل هذا. هل يراعي هؤلاء الحكام عامة الناس؟ تخيل لو أنَّ ثمة حاكمًا قال: "إذا تمسكت بمعتقداتي ونظرياتي الخاصة، فقد ينتهي بي الأمر إلى إشعال حرب، وسيكون الضحايا هم الأشخاص العاديون. حتى لو انتصرت، فإنَّ الأسلحة والذخيرة ستدمر هذه الأرض، وستُدَمَّرُ المنازل التي يعيش فيها الناس، لذلك فإن الناس الذين يقيمون في هذه الأرض لن يعيشوا حياة سعيدة في المستقبل. من أجل حماية عامة الناس، سأتنحى وأنزع السلاح وأستسلم وأصل إلى تسوية"، ومن ثَمَّ، اجتُنِبَت الحرب. هل يوجد حاكمٌ كهذا؟ (لا). في الواقع، لا يريد عامة الناس القتال، ولا يريدون المشاركة في السجال أو التنافس بين القوى السياسية. لكن الحاكم يُرسلهم جميعًا وبلا مقاومةٍ منهم إلى ساحة المعركة وإلى لوح التقطيع. كل هؤلاء الناس الذين يُرْسَلون إلى ساحة المعركة، سواء ماتوا أو نجوا، هم في نهاية المطاف من أجل إبقاء الحاكم في السلطة. إذًا هل الحاكم هو المستفيد النهائي؟ (نعم). ما الذي يمكن أن يكسبه عامة الناس من الحرب؟ ليس لعامة الناس إلا أن تدمرِّهم الحرب، وأن يعانوا من تدمير منازلهم ومواطن معيشتهم التي يعتمدون عليها. يفقد البعض عائلاتهم، وأكثر حتى من ذلك ينزحون ويصبحون بلا مأوى، دون أي احتمال للعودة. ورغم ذلك، يدعي الحاكم في غرورٍ أن الحرب شُنَّت لحماية منازل الناس وبقائهم على قيد الحياة. هل هذا الادعاء سليم؟ أليس هذا هراءً مخادعًا؟ في النهاية، فإن عامة الناس، الشعب، هم الذين يتحملون كل التبعات الضارة لهذا، والمستفيد الأكبر هو الحاكم. يمكنه الاستمرار في السيطرة على الشعب، والسيطرة على الأرض، والاحتفاظ بالسلطة في يديه، والاستمرار في شَغْل مكان الحاكم وإعطاء الأوامر، بينما يعيش الناس العاديون في حالٍ يرثى لها بلا مستقبل ولا أمل. يعتقد بعض الناس أن فكرة أنَّ "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" صحيحة تمامًا. بالنظر إليها الآن، هل هي صحيحة؟ (لا، ليست صحيحة). لا يوجد شيء من الصحة في هذا القول. وسواء نظرنا إليها من منظور دوافع الشيطان في غرس هذه الفكرة في الناس، أو من منظور مخططات الحكام ورغباتهم وطموحاتهم في مختلف المراحل عبر تاريخ التطور البشري، أو أي حقيقة تتعلق بمصير بلد ما، فإن حدوث هذه الأحداث لا يمكن السيطرة عليه من قبل أي شخص عادي أو فرد أو مجموعة عرقية. في النهاية، الضحايا هم الجماهير المطمئنة وعامة الناس، بينما أولئك الذين يستفيدون أكثر هم الطبقة الحاكمة في البلد، وعلى رأسها الحكام. عندما يكون البلد في ورطة، يرسلون عامة الناس إلى الخطوط الأمامية لاستخدامهم طُعْمَةً للمدافع. عندما لا يكون البلد في ورطة، فإن عامة الناس هم اليد التي تطعمهم. إنهم يستغلون عامة الناس، ويستنزفونهم ويعيشون عليهم، ويجبرون الناس على إعالتهم، وفي النهاية يغرسون في الناس فكرة أنَّ "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، ويجبرونهم على قبولها. ومن لا يقبلها يوصف بأنه غير وطني. الرسالة التي ينقلها هؤلاء الحكام هي: "الغرض من حكمي هو أن تعيشوا حياة سعيدة. بدون حكمي، لن تتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، لذلك يجب عليكم أن تفعلوا كما أقول، وأن تكونوا مواطنين مطيعين، وأن تكونوا دائمًا على استعداد لتكريس أنفسكم والتضحية بأنفسكم من أجل مصير بلدكم". مَنْ هو البلد؟ من هو المرادف للبلد؟ الحكام مرادفون للبلد. من خلال غرس هذه الفكرة بأن "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" في الناس، فإنهم، بمعنى ما، يجبرون الناس على تتميم مسؤولياتهم دون اختيار أو تردد أو أي اعتراض. وبمعنى آخر، فهم يخبرون الناس أن مصير البلد ومسألة ما إذا كان حكامه يبقون في السلطة أو يُخلعون منها هي مسألة ذات أهمية كبيرة للسكان، لذلك يجب عليهم الاهتمام كثيرًا بالدفاع عن كل من البلد وحكامه، من أجل ضمان وجودهم الطبيعي. هل هذا هو الحال بالفعل؟ (لا). من الواضح أن هذا ليس هو الحال. الحكام الذين لا يستطيعون الخضوع لله، أو اتباع مشيئته، أو العمل من أجل عامة الناس لن يفوزوا بالدعم الشعبي، ولن يكونوا حكامًا صالحين. إذا كان الحكام، بدلًا من العمل من أجل عامة الناس، لا يسعون إلا إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، والتطاول على الناس، وامتصاص جهدهم وكدهم مثل الطفيليات، فإن مثل هؤلاء الحكام هم شياطين وأبالسة، ولا يستحقون دعم الناس، مهما بلغت قوتهم. إذا لم يكن لدى البلد مثل هؤلاء الحكام، فهل سيكون موجودًا؟ هل ستكون حياة الناس موجودة؟ ستكون كلها موجودة على أي حال، بل إنَّ الناس قد يعيشون حياة أفضل. إذا رأى الناس بوضوح جوهر مسألة ما يجب أن تكون عليه التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه بلدهم، فمهما كان البلد الذي يعيشون فيه، يجب أن تكون لديهم آراء صحيحة عن القضايا الرئيسية في ذلك البلد، وعن القضايا المتعلقة بالسياسة ومصير ذلك البلد. عندما تتكون هذه الآراء الصحيحة، ستتمكن من اتخاذ الخيار الصحيح في الأمور التي تنطوي على مصير البلد. فيما يتعلق بمصير البلد، هل تفهمون بشكل أساسي الحق الذي يجب أن يفهمه الناس؟ (نعم).
لقد عقدتُ الشركة كثيرًا حول القول المتعلق بالسلوك الأخلاقي "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده". فيما يتعلق بمفهوم البلد، وتأثير مصطلح "البلد" على الناس في المجتمع، وماهية المسؤوليات التي يجب أن يتحملها الناس تجاه بلدهم وأمتهم فيما يتعلق بمصير ذلك البلد، وماهية الخيارات التي يجب أن يتخذوها، وما يطلبه الله من البشرية في هذا الأمر، هل عقدت الشركة عن كل هذا بوضوح؟ (نعم). إذًا هنا تنتهي شركتنا لهذا اليوم.
11 يونيو 2022
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.