271
ليس كل شيء في الكتاب المقدس سِجلاً للكلمات التي قالها الله شخصيًّا. يوثِّق الكتاب المقدس ببساطة المرحلتين السابقتين من عمل الله، وفيه جزء عبارة عن سجل لنبوات الأنبياء، وجزء عبارة عن خبرات ومعرفة كتبها أناس استخدمهم الله على مر العصور. الخبرات البشرية مشوبة بالآراء والمعرفة البشرية، وهو أمر حتمي. في العديد من أسفار الكتاب المقدس هناك تصورات بشرية وتحيزات بشرية وتفسيرات بشرية سخيفة. بالطبع معظم الكلمات ناتجة عن استنارة الروح القدس وإضاءته وهي تفسيرات صحيحة، ومع ذلك لا يمكن أن يُقال إنها تعبيرات دقيقة كليًّا عن الحق. آراؤهم عن أمور محددة ليست إلا معرفة نابعة من الخبرة الشخصية، أو استنارة الروح القدس. نبوات الأنبياء كانت بإرشاد شخصي من الله: نبوات مثل نبوات إشعياء ودانيآل وعزرا وإرميا وحزقيال أتت بإرشاد مباشر من الروح القدس؛ هؤلاء الناس كانوا رائين، ونالوا روح النبوة، وجميعهم كانوا أنبياء العهد القديم. في عصر الناموس، هؤلاء الناس – الذين نالوا وُحَى يهوه – قالوا العديد من النبوات بإرشاد مباشر من يهوه. ولماذا كان يهوه يعمل فيهم؟ لأن شعب إسرائيل كان شعب الله المختار، وكان يجب أن يتم عمل الأنبياء في وسطهم. هذا هو السبب وراء أن الأنبياء استطاعوا تلقي هذه الإعلانات. في الواقع هم أنفسهم لم يفهموا إعلانات الله لهم. تكلم الروح القدس هذه الكلمات من خلال أفواههم لكي يستطيع الشعب في المستقبل استيعاب هذه الأشياء، ويرى أنها كانت حقًّا عمل روح الله، أي الروح القدس، ولم تأتِ من إنسان، ولتقدم لهم تأكيدًا على عمل الروح القدس. أثناء عصر النعمة، قام يسوع بنفسه بكل هذا العمل بدلاً منهم، ولذلك لم يعد الشعب يتكلم بالنبوة. هل كان يسوع نبيًّا إذًا؟ بالطبع يسوع كان نبيًّا لكنه كان أيضًا قادرًا على القيام بعمل الرسل: كان بإمكانه قول النبوة وكذلك الكرازة وتعليم الناس في الأرض. ومع ذلك فإن العمل الذي قام به والهوية التي مثَّلها لم يكونا كمثل تلك التي للأنبياء والرسل. فقد جاء من أجل فداء البشرية جمعاء، فداء الإنسان من الخطية؛ لقد كان نبيًّا ورسولاً، ولكن أكثر من ذلك كان المسيح. يمكن للنبي قول نبوة، ولكن لا يمكن أن يُقال عنه إنه المسيح. آنذاك قال يسوع الكثير من النبوات، ولذلك يمكن أن يُقال إنه نبي، ولكن لا يمكن أن يُقال إنه كان نبيًّا لذلك لم يكن المسيح. هذا لأنه مثَّل الله نفسه في تنفيذ مرحلة العمل، وهويته كانت مختلفة عن هوية إشعياء: لقد أتى لاستكمال عمل الفداء وقدم أيضًا الحياة للإنسان وروح الله حل عليه مباشرةً. في العمل الذي قام به لم يكن هناك وحي من روح الله أو إرشادات من يهوه. بدلاً من ذلك، عمل الروح مباشرةً، وهذا كافٍ لإثبات أن يسوع لم يكن مثل نبي. العمل الذي قام به كان عمل الفداء في المقام الأول ثم بعد ذلك أتى التحدث بالنبوة. كان نبيًّا ورسولاً والأكثر من ذلك كان الفادي. في هذه الأثناء كان يستطيع الأنبياء فقط التكلم بالنبوات ولم يقدروا على تمثيل روح الله في القيام بأي عمل آخر. ولأن يسوع قام بالكثير من العمل الذي لم يقم به إنسان أبدًا من قبل، وأتم عمل فداء البشرية، كان مختلفًا عن أشباه إشعياء.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (3)
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.