كيفية معرفة شخصيّة الله والنتائج التي يحققها عمله

الجزء الثاني

سِرْ في طريق الله: اتقِ الله وحِدْ عن الشر

هناك مقولة ينبغي أن تلاحظوها. أرى أن هذه المقولة مهمة للغاية؛ لأنها ترد إلى ذهني كثيرًا جدًا في اليوم الواحد. لماذا؟ لأنني في كل مرة أواجه فيها شخصًا، وكل مرة أستمع لقصة أحدهم، وكل مرة أستمع لاختبار شخصٍ أو شهادته عن الإيمان بالله، كنت دائمًا أستخدم هذه المقولة لأقيس إن كان هذا الفرد هو الشخص الذي يريده الله ويحبه أم لا. ما هي هذه المقولة إذًا؟ جميعكم تنتظرون بلهفةٍ الآن. عندما أعلن المقولة، ربما ستشعرون بخيبة أمل؛ لأنه يوجد مَنْ كانوا يؤيدونها بالكلام لسنواتٍ عديدة. أما من جهتي فلم أؤيدها قط بالكلام، بل تسكن هذه المقولة في قلبي. فما هي هذه المقولة؟ إنها: "سِرْ في طريق الله: اتقِ الله وحِدْ عن الشر". أليست هذه جملة بسيطة للغاية؟ ومع أن المقولة قد تكون بسيطة، فإن الشخص الذي لديه فهم عميق حقًا عنها سيشعر أن لها ثقلاً عظيمًا، وأن بها قيمة كبيرة للممارسة، وأنها لغة الحياة بواقعية الحق، وأنها هدف مستمر مدى الحياة، يناضل من أجله أولئك الذين يسعون لإرضاء الله، وهي طريق دائم مدى الحياة، يتبعه أي شخص يهتم بمقاصد الله. ماذا تظنون إذًا: هل هذه المقولة حق؟ هل لها هذا النوع من الأهمية؟ ربما يوجد بعض الناس الذين يفكرون في هذه المقولة محاولين فهمها، والبعض الآخر المتشكك فيها: هل هذه المقولة مهمة حقًّا؟ هل هي مهمة للغاية؟ هل هي ضرورية وجديرة بالاهتمام؟ لعلّ بعض الناس لا يحبون هذه المقولة كثيرًا؛ لأنهم يظنون أن اتخاذ طريق الله واختزاله في هذه المقولة هو تبسيط مُخلٌّ للغاية. أخْذ كل ما قاله الله واختزاله في مقولة واحدة؛ ألا يُعد هذا تصغيرًا لله وجعله شيئًا ضئيلاً؟ ألا يبدو الأمر هكذا؟ ربما لا يفهم معظمكم تمامًا المعنى العميق وراء هذه الكلمات. مع أنكم لاحظتم هذه المقولة، فإنكم لا تنوون أن تضعوها في قلوبكم. لقد دونتموها فقط في مفكّرتكم، وأعدتم النظر فيها وتأملتموها في وقت فراغكم. يوجد بعض الناس الآخرين الذين لن يزعجوا حتى أنفسهم بحفظ هذه المقولة عن ظهر قلب، فضلاً عن أنهم لن يحاولوا استخدامها جيدًا. لكن لماذا أناقش هذه المقولة؟ بغض النظر عن منظوركم أو ما ستفكرون فيه، عليَّ أن أناقش هذه المقولة؛ لأنها ذات صلة كبيرة بكيفية تأسيس الله لعواقب الإنسان. مهما كان فهمكم الحالي لهذه المقولة، أو كيفية تعاملكم معها، فما زلت أقول لكم: إذا استطاع أحد ممارسة هذه المقولة كما يليق، وبلوغ معيار اتقاء الله والحيدان عن الشر، فهو بالتأكيد من الناجين، وبالتأكيد له عاقبة جيدة. إن كنت لا تستطيع بلوغ المعيار الذي تُرسيه هذه المقولة فمن الممكن أن يُقال إن عاقبتك مجهولة. وهكذا أتحدث إليكم عن هذه المقولة من أجل إعدادكم فكريًّا، ولكي تعرفوا ما هو نوع المعيار الذي يستخدمه الله لقياسكم. كما ناقشت سابقًا، هذه المقولة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بخلاص الله للإنسان، وكيفية تأسيسه لعاقبته. أين يكمن هذا الارتباط؟ ستحبون حقًّا أن تعرفوا الإجابة، لذلك سنتحدث عنها اليوم.

يستخدم الله تجارب مختلفة لاختبار ما إذا كان الناس يتقونه ويحيدون عن الشر أم لا

في كل عصر ينعم الله على الإنسان ببعض الكلمات عندما يعمل في العالم، ويخبره ببعض الحقائق. هذه الحقائق هي مثل طريق على الإنسان الالتزام به؛ طريق يسلكه الإنسان ويمكّنه من اتقاء الله والحيدان عن الشر، وهو الطريق الذي ينبغي للناس ممارسته والالتزام به في حياتهم وعلى مدار رحلة الحياة. لهذه الأسباب يُنعم الله بهذه الكلمات على الإنسان. ينبغي للإنسان أن يلتزم بهذه الكلمات التي تأتي من الله، والالتزام بها هو نيل حياة. إن كان شخص ما لا يلتزم بها، ولا يمارسها، ولا يحيا بحسب كلمات الله في حياته، فهذا الشخص لا يمارس الحق. وإن كان لا يمارس الحق، فهو لا يتقي الله ولا يحيد عن الشر، ولا يمكنه إرضاء الله. إن كان أحد لا يمكنه إرضاء الله، فلن ينال مديح الله؛ هذا النوع من الأشخاص ليس له عاقبة. كيف إذًا يؤسس الله عاقبة الإنسان في مسار عمله؟ ما هي الوسيلة التي يستخدمها الله لتأسيس عاقبة الإنسان؟ ربما لا تشعر بوضوح بشأن هذا الأمر الآن، ولكن عندما أخبرك بالعملية سيصير الأمر واضحًا جدًّا؛ هذا لأن العديد من الناس قد اختبروه بالفعل بأنفسهم.

على مدار عمل الله، من البداية وحتى النهاية، وضع الله تجارب لكل شخص – أو يمكنكم القول، لكل شخص يتبعه – وهذه التجارب تأتي بأحجام مختلفة. يوجد أشخاص اختبروا تجربة أن يكونوا منبوذين من عائلتهم؛ ويوجد مَنْ اختبروا تجربة الحياة في بيئة معادية؛ ويوجد مَنْ اختبروا تجربة أن يُقبض عليهم ويُعذبوا؛ ويوجد مَنْ اختبروا تجربة مواجهة اختيار ما، ويوجد مَنْ واجهوا تجربة المال والمكانة. عمومًا، اختبر كل واحد منكم شتى أنواع التجارب. لماذا يعمل الله بهذه الكيفية؟ لماذا يعامل الله كل شخص هكذا؟ ما نوع النتيجة التي يريد أن يراها؟ هذه نقطة مهمة فيما أريد أن أخبركم إياه: يريد الله أن يرى إن كان هذا هو نوع الأشخاص الذين يتقون الله ويحيدون عن الشر أم لا. هذا يعني أنه عندما يعطيك الله تجربة ويجعلك تواجه بعض الظروف، فهو يريد أن يختبر إن كنتَ أنت ذلك الشخص الذي يتقي الله ويحيد عن الشر أم لا. إن واجه شخص واجب الحفاظ على ذبيحة، وتواصل مع ذبيحة الله، فهل تعتقد أن هذا شيء قد رتّبه الله؟ بلا شك! فكل شيء تواجهه هو شيء قد رتّبه الله. عندما تواجه هذا الأمر، سيراقبك الله في الخفاء، ويراقب كيفية اختياراتك، وكيفية ممارستك، وما تفكر فيه. النتيجة النهائية هي أكثر ما يهتم به الله، حيث إنها هي النتيجة التي ستدعه يقيس إن كنت بلغت معياره في هذه التجربة أم لا. ومع ذلك عندما يواجه الناس أمرًا ما، غالبًا لا يفكرون بشأن السبب وراء مواجهتهم إياه، أو المعيار الذي يطلبه الله. لا يفكرون بشأن ما يريد الله أن يراه فيهم، وما يريد الحصول عليه منهم. عندما يواجهون هذا الأمر، فإن هذا النوع من الأشخاص يفكر فقط قائلاً: "هذا شيء أواجهه؛ يجب أن أكون حذرًا، لا أن أكون غير مبالٍ! بغض النظر عن أي شيء هذه هي ذبيحة الله ويجب ألا ألمسها". يؤمن هذا الشخص أن بإمكانه أداء مسوؤليته معتنقًا هذا التفكير البسيط للغاية. هل سيرضى الله بنتيجة هذه التجربة؟ أم لن يرضى؟ يمكنكم مناقشة هذا. (إن اتقى شخص الله في قلبه؛ فعندما يواجهه الواجب الذي يسمح له بالتواصل مع ذبيحة الله، سيفكر في مدى سهولة الإساءة لشخصية الله، وسيحرص على المضي قدمًا بحذر). إجابتك في المسار الصحيح، ولكنها لم تصب هدفها حتى الآن. لا يتعلق السير في طريق الله بالحفاظ على القواعد ظاهريًا، بل يعني أنه عندما تواجه أمرًا ما، فأنت في المقام الأول تراه كظرف رتبه الله، ومسؤولية أنعم بها عليك أو شيء ائتمنك عليه، وبذلك عندما تواجه هذا الأمر، ينبغي أن تراه تجربة من الله. عندما تواجه هذا الأمر يجب أن يكون لديك معيار ويجب أن تفكر في أنه قد أتى من عند الله. يجب أن تفكر في كيفية التعامل مع هذا الأمر بطريقة تجعلك تؤدي مسؤوليتك وتكون أمينًا لله؛ أي كيف تفعله ولا تُغضب الله أو تسيء إلى شخصيته. تكلمنا عن الحفاظ على الذبائح. يتضمن هذا الأمر الذبائح، كما يتضمن أيضًا واجبك ومسؤوليتك. أنت ملتزم بواجب هذه المسؤولية. ولكن عندما تواجه هذا الأمر، هل توجد أية غواية؟ نعم توجد غواية! من أين تأتي هذه الغواية؟ تأتي من الشيطان وتأتي من شر الإنسان وشخصيته الفاسدة. وبما أنه توجد غواية، فإن هذا يتضمن التمسك بالشهادة؛ والتمسك بالشهادة هو أيضًا مسؤوليتك وواجبك. يقول بعض الناس: "إنه أمر صغير؛ هل من الضروري حقًّا إعطاؤه أكبر من حجمه؟" نعم من الضروري! لأنه لكي نسير في طريق الله، لا يمكننا أن نترك أي شيء له علاقة بأنفسنا أو أي شيء يحدث حولنا يمرّ دون فحصه بجدية، حتى الأمور الصغيرة. لا يهم إن كنا نفكر أنه ينبغي لنا أن نعير انتباهًا إليه أم لا، ما دام يوجد أي أمر يواجهنا فعلينا ألا نتركه. يجب أن ننظر إلى الأمر بجملته على أنه تجربة من الله لنا. ما هو نوع هذا التوجّه؟ إن كان لديك هذا النوع من المواقف، فهذا يؤكد على حقيقة واحدة: قلبك يتقي الله، ويرغب في الحيدان عن الشر. إن كانت لديك هذه الرغبة في إرضاء الله، فإن ما تمارسه ليس بعيدًا عن اتقاء الله والحيدان الشر.

يوجد دائمًا أولئك الذين يؤمنون أن هذه الأمور – التي لا يهتم بها الناس كثيرًا، والتي لا تُذكر في العادة – هي مجرد تفاهات صغيرة، وليس لها أية علاقة بممارسة الحق. عندما يواجه هؤلاء الناس أمرًا كهذا، لا يفكرون فيه كثيرًا، ويدعونه يمرّ. ولكن في الواقع، هذا الأمر هو درس ينبغي لك تعلُّمه؛ إنه درس عن كيف تتقي الله وتحيد عن الشر، بالإضافة إلى أن ما ينبغي لك الاهتمام به أكثر هو معرفة ما يفعله الله عندما يظهر هذا الأمر لمواجهتك. الله إلى جانبك، يلاحظ كل كلمة من كلامك وفعل من أفعالك، ويلاحظ أعمالك، وتغيراتك الفكرية؛ هذا هو عمل الله. يقول بعض الناس: "فلماذا لا أشعر به إذًا؟" لمْ تَشعرْ به لأن طريق مخافة الله والحيدان عن الشر لم يكن بالنسبة إليك أهم طريق تلتزم به. لذلك لا يمكنك أن تشعر بعمل الله البارع في الإنسان، والذي يظهر وفقًا لمعتقدات وأعمال الناس المختلفة. إنما أنت غافل! ما هو الأمر الكبير؟ ما هو الأمر الصغير؟ كل الأمور التي تتضمن السير في طريق الله لا تنقسم إلى أمور صغيرة أو كبيرة. هل يمكنكم قبول ذلك؟ (يمكننا قبول ذلك). من حيث الأمور اليومية، توجد بعض الأمور التي يراها الناس كبيرة ومهمة للغاية، وتوجد بعض الأمور الأخرى التي تُرى على أنها تفاهات صغيرة. غالبًا ما ينظر الناس إلى هذه الأمور الكبيرة على أنها هي الأمور المهمة للغاية، ويعتبرونها مُرسلة من الله. لكن أثناء عمل هذه الأمور الكبيرة، وبسبب قامة الإنسان غير الناضجة ومقدرته الضعيفة، غالبًا ما لا يرتقي إلى مقاصد الله ولا يمكنه الحصول على أية رؤى، أو معرفة فعلية ذات قيمة. بقدر ما يتعلق الأمر بالأمور الصغيرة، يتغاضى الإنسان ببساطة عن هذه، ويتركها تمر رويدًا رويدًا. وهكذا يفقد الناس فرصًا عديدة في أن يُفحصوا أمام الله ويُختبروا منه. إن تغاضيت دائمًا عن الناس والأشياء والأمور والظروف التي رتبها الله لك، فماذا سيعني هذا؟ يعني أنك في كل يوم، وكل لحظة، تتنصل من تكميل وقيادة الله لك. وريثما يرتب الله ظرفًا لك، فإنه يراقب في الخفاء، وينظر إلى قلبك، وإلى أفكارك واعتباراتك، ينظر إلى كيف تفكر وكيف ستتصرف. إن كنت شخصًا مُهْمِلاً – شخصًا لم يكن جادًّا قط بشأن طريق الله أو كلمته أو الحق – فأنت لن تنتبه ولن تبالي بما يريد الله إتمامه وما يطلبه منك، عندما يرتب ظروفًا لك. لن تعرف أيضًا كيف تتعلق الناس والأمور والأشياء التي تواجهها بالحق أو بمقاصد الله. بعد أن تواجه ظروفًا وتجارب متكررة مثل هذا، وعندما لا يرى الله أي إنجازات تضاف إلى اسمك، كيف سيمضي الله قُدمًا؟ بعد تكرار مواجهتك للتجارب، ها أنت لا تُمجّد الله في قلبك، ولا تتعامل مع الظروف التي يرتبها الله من أجلك كما هي – سواء كانت تجارب أو اختبارات من الله. بل ترفض الفرص التي يمنحها لك الله واحدةً تلو الأخرى وتدعها تفلت من يدك مرةً بعد مرةً، أوليس هذا عصيانًا كبيرًا من الإنسان؟ (نعم إنه كذلك). هل سيحزن الله بسبب هذا؟ (نعم سيحزن). لن يحزن الله! سماعكم إيايَ وأنا أتحدث بهذه الطريقة قد صدمكم مرةً أخرى. على أية حال، ألم نقل سابقًا إن الله يحزن دائمًا؟ ألن يحزن الله؟ متى سيحزن الله إذًا؟ على أية حال، لن يحزن الله من هذا الموقف. ما هو موقف الله إذًا تجاه هذا النوع من السلوك الموضح أعلاه؟ عندما يرفض الناس التجارب والاختبارات التي يرسلها لهم الله، وعندما يتهرّبون منها فإنه يوجد موقف واحد يتّخذه الله تجاه هؤلاء الناس. ما هو هذا الموقف؟ يرفض الله هذا النوع من الأشخاص من عمق قلبه. يوجد شقان لمعنى فعل "يرفض". كيف سأشرحهما؟ يحمل هذا الفعل في عمقه دلالة ضمنية على الاشمئزاز والكراهية. وما هو الشق الثاني من المعنى؟ إنه الجزء الذي يعني ضمنيًّا التخلي عن شيء ما. جميعكم تعرفون معنى "التخلي"، أليس كذلك؟ باختصار، يرفض تعني رد فعل الله النهائي وموقفه تجاه أولئك الناس الذين يتصرفون بهذه الطريقة. إنها كراهية مفرطة تجاههم واشمئزاز، ويتبع ذلك قرار هجرانهم. هذا هو قرار الله النهائي تجاه الشخص الذي لم يسر مطلقًا في طريقه ولم يتَّقِهِ ويحد عن الشر قط. هل يمكنكم جميعًا الآن رؤية أهمية هذا القول الذي قلته؟

هل تفهمون الآن الوسيلة التي يستخدمها الله لتأسيس عاقبة الإنسان؟ (ترتيب ظروف مختلفة يوميًّا). ترتيب ظروف مختلفة يوميًّا؛ هذا هو ما يمكن للناس أن يشعروا به ويلمسوه. ما هو دافع الله وراء هذا إذًا؟ الدافع هو أن الله يريد أن يعطي كل الأشخاص تجارب بطرق مختلفة، وأوقات مختلفة، وفي أماكن مختلفة. ما الجوانب التي تُختبر في الإنسان في تجربة ما؟ يختبر الله ما إذا كنت ذلك النوع من الأشخاص الذي يتقي الله ويحيد عن الشر في كل أمر تواجهه أو تسمع عنه أو تراه أو تختبره شخصيًّا. سيواجه كل شخص هذا النوع من التجربة؛ لأن الله عادل تجاه جميع الناس. يقول بعض الناس: "آمنت بالله لسنين عديدة، فكيف لم أواجه تجربة؟" أنت تشعر أنك لم تواجه تجربة لأنه عندما رتب الله ظروفًا من أجلك، لم تأخذها على محمل الجدية ولم ترد السير في طريق الله. لذلك ليس لديك أي إحساس بتجارب الله. يقول بعض الناس: "واجهت تجارب قليلة، لكني لا أعرف طريق الممارسة السليم. ومع أنني مارست، لا زالت لا أعرف إن كنت قد صمدت أثناء التجارب أم لا". من المؤكد أن الناس الذين يتبنون هذا النوع من المواقف ليسوا أقلية بلا شك. إذًا ما هو المعيار الذي يقيس الله به الناس؟ إنه مثلما قلت منذ لحظات: كل ما تفعله، وكل ما تفكر فيه، كل ما تعبر عنه، هل فيه مخافة الله والحيدان عن الشر؟ هكذا تُحدّد ما إذا كنت شخصًا يخاف الله ويحيد عن الشر أم لا. هل هذا مفهوم بسيط؟ من السهل أن نقوله ولكن هل من السهل ممارسته؟ (ليس سهلاً). لماذا ليس بهذه السهولة؟ (لأن الناس لا يعرفون الله ولا يعرفون كيف يُكمِّل الله الإنسان، ولذلك عندما يواجهون أمورًا لا يعرفون كيف يسعون وراء الحق لحل مشكلتهم. يجب على الناس اجتياز تجارب وتنقيات وتوبيخات ودينونات متنوعة، قبل أن تكون لديهم حقيقة مخافة الله). أنت تقولها بهذه الكيفية، ولكن بقدر اهتمامك ومخافتك لله وحيدانك عن الشر، يبدو الأمر سهل التحقيق الآن. لماذا أقول هذا؟ لأنكم استمعتم للعديد من العظات وتلقيتم قدرًا ليس بقليل من الارتواء من واقعية الحق. لقد مكّنكم هذا من فهم كيفية اتقاء الله والحيدان عن الشر من حيث النظرية والتفكير. فيما يتعلق بممارستكم لاتقاء الله والحيدان الشر، كان الأمر بجملته مفيدًا وجعلكم تشعرون كما لو أنه أمر يسهل تحقيقه. فلماذا إذًا لا يستطيع الناس أبدًا تحقيقه على أرض الواقع؟ هذا لأن جوهر طبيعة الإنسان لا يتقي الله، ويحب الشر. هذا هو السبب الحقيقي.

عدم اتقاء الله والحيدان عن الشر هو مقاومة لله

لنبدأ بتناول منبع هذه المقولة: "يتقي الله ويحيد عن الشر". (سفر أيوب). الآن وقد ذكرتم أيوب، دعونا نناقشه. في زمن أيوب، هل كان الله يعمل من أجل إخضاع الإنسان وخلاصه؟ كلا، أليس كذلك؟ وبقدر ما يتعلق الأمر بأيوب، ما هو مدى معرفته بالله آنذاك؟ (ليس الكثير من المعرفة). إلى أي مدى يمكن مقارنة تلك المعرفة بالله آنذاك بالمعرفة التي لديكم الآن؟ كيف لا تجرؤون على الإجابة عن هذا السؤال؟ هل كانت معرفة أيوب أكثر أم أقل من معرفتكم الآن؟ (أقل). هذا سؤال تسهل إجابته. أقل! هذا مؤكد! أنتم الآن تواجهون الله وجهًا لوجه وكذلك كلمته. معرفتكم عن الله أكثر من معرفة أيوب. لماذا أثرت هذا الموضوع؟ لماذا أتكلم هكذا؟ أودّ أن أشرح حقيقةً لكم، ولكن قبل ذلك، أريد أن أسألكم سؤالاً: عرف أيوب القليل عن الله، لكنه استطاع أن يتقي الله ويحيد عن الشر. فلماذا يخفق الناس في هذه الأيام في فعل الشيء نفسه؟ (بسبب الفساد العميق). الفساد العميق؛ هذا هو السؤال من الناحية الظاهرية، لكنني لن أنظر للأمر هكذا أبدًا. كثيرًا ما تتخذون الحروف والتعاليم التي تتحدثون عنها عمومًا، مثل "الفساد العميق" و "التمرد على الله" و "عدم الولاء لله" و "العصيان" و "عدم محبة الحق"، وتستخدمون هذه العبارات لشرح جوهر كل سؤال. هذه طريقة ممارسة معيبة. استخدام الإجابة نفسها لشرح أسئلة ذات طبائع مختلفة حتمًا يُنشئ شبهات تجديف على الحق وعلى الله. لا أحب سماع هذا النوع من الإجابات. فكّروا في الأمر! لا أحد منكم فكّر في هذا الأمر، ولكنني في كل يوم أراه، وفي كل يوم أشعر به. وهكذا أنتم تفعلون وأنا أشاهد. عندما تفعلون هذا الأمر، لا يمكنكم الشعور بجوهره. ولكن عندما أراه، أرى جوهره، وأشعر به أيضًا. فما هو هذا الجوهر إذًا؟ لماذا لا يستطيع الناس في هذه الأيام اتقاء الله والحيدان عن الشر؟ إجابتكم غير قادرة تمامًا على شرح جوهر هذا السؤال، ولا حلّ جوهره. هذا لأن ثمة مصدرًا هنا لا تعلمون عنه شيئًا. ما هو هذا المصدر؟ أعرف أنكم تريدون أن تسمعوا عنه، لذلك سأخبركم بمصدر هذا السؤال.

في بداية عمل الله، كيف كان ينظر إلى الإنسان؟ لقد أنقذ الله الإنسان، واعتبره عضوًا في عائلته، وهدفًا لعمله، وأراد أن يُخضعه ويُخلِّصه ويُكمّله. كان هذا موقف الله تجاه الإنسان في مستهل عمله. ولكن ماذا كان موقف الإنسان من الله آنذاك؟ كان الله غريبًا عن الإنسان، واعتبره الإنسان غريبًا. يمكن أن يُقال إن موقف الإنسان من الله لم يحقق النتائج الصحيحة، ولم يكن يملك الإنسان فهمًا واضحًا بشأن كيف ينبغي أن يعامل الله. لذلك عامل الله كيفما شاء، وفعل ما أراد. هل كان للإنسان وجهة نظر عن الله؟ في البداية، لم يكن لدى الإنسان أية وجهة نظر عن الله. كان ما يُدعى وجهة نظر الإنسان مجرد بعض المفاهيم والتخيلات المتعلقة بالله. تلك المفاهيم والتخيلات التي كانت متوافقة مع مفاهيم الناس كانت تُقبل، وما لم تكن متوافقة معها كانت تُطاع طاعةً ظاهريةً، ولكن كان الناس في قلوبهم يقاومونها ويعارضونها بشدة. كانت هذه هي علاقة الإنسان بالله في البداية؛ اعتبر الله الإنسان عضوًا من العائلة، ولكن عامل الإنسان الله كغريب. ولكن بعد مدة من عمل الله، بدأ الإنسان يفهم ما يحاول الله تحقيقه، وعرف الناس أن الله هو الإله الحقيقي، وعرفوا ما يستطيع الإنسان الحصول عليه من الله. كيف كان ينظر الإنسان إلى الله آنذاك؟ اعتبر الإنسان الله حبل نجاة، وترجّى الحصول على النعمة والبركات والوعود. وماذا اعتبر الله الإنسان في هذه المرحلة؟ اعتبر الله الإنسان هدفًا لإخضاعه. أراد الله أن يستخدم الكلمات لإدانة الإنسان واختباره وإعطائه تجارب. ولكن بقدر اهتمام البشرية آنذاك، كان الله شيئًا يستخدمه الإنسان لتحقيق أهدافه. رأى الناس أن الحق الصادر من الله يمكنه إخضاعهم وتخليصهم، وكانت لديهم فرصة للحصول على الأشياء التي يريدونها من الله، والغاية التي يبتغونها. بسبب هذا، تشكّل قدر ضئيل من الإخلاص بداخل قلوبهم، وصاروا راغبين في اتباع هذا الإله. مر بعض الوقت، واكتسب الناس بعض المعرفة العقائدية والسطحية عن الله. يمكن أن يُقال إنهم كانوا يصيرون أكثر "أُلفةً" شيئًا فشيئًا مع الله. من خلال الكلمة التي نطقها الله ووعظه والحق الذي أعلنه وعمله، صار الناس أكثر "ألفةً" رويدًا رويدًا. لذلك يظن الناس خطأً أن الله لم يعد غريبًا وأنهم بالفعل كانوا يسيرون في طريق التوافق مع الله. حتى الآن، استمع الناس إلى الكثير من العظات عن الحق، واختبروا الكثير من عمل الله. لكن في ظل حدوث تدخلات وعراقيل بسبب العديد من العوامل والظروف المختلفة، لا يمكن لمعظم الناس الوصول إلى ممارسة الحق، ولا يمكنهم الوصول إلى إرضاء الله. يزداد الناس في تراخيهم، ويزداد افتقارهم إلى الثقة. يزداد شعورهم بأن عاقبتهم مجهولة. لا يجرؤون على امتلاك أية أفكار متهورة، ولا يسعون وراء أي تقدُّم؛ هم فقط يسيرون ويمضون قدمًا خطوة بخطوة بدون حماس. أما فيما يتعلق بحالة الإنسان الحالية، ما هو موقف الله من الإنسان؟ لا يرغب الله إلا في أن يقدّم هذه الحقائق للإنسان، ويزرع طريقه داخل الإنسان، ثم بعد ذلك يرتب ظروفًا معينة لكي يختبر الإنسان بطرق مختلفة. هدفه هو أخذ هذه الكلمات وهذه الحقائق وعملَه وأن يُحدث عاقبةً حيث يتقي الإنسان الله ويحيد عن الشر. يأخذ معظم الناس الذين رأيتهم كلمة الله فقط ويعتبرونها تعاليم، يعتبرونها حروفًا، ويعتبرونها لوائح يجب الالتزام بها. عندما يخوضون في شيء ويتكلمون، أو يواجهون تجارب، لا ينظرون إلى طريق الله على أنه الطريق الذي ينبغي لهم الالتزام به. يكون هذا الأمر صحيحًا على نحو خاص عندما يواجه الناس تجارب كبيرة. لم أرَ شخصًا يمارس ساعيًا نحو مخافة الله والحيدان الشر. لهذا السبب، موقف الله تجاه الإنسان مملوء بالاشمئزاز والكراهية المفرطة. بعد أن قدم الله تجارب بطريقة متكررة للناس، حتى لمئات المرات، ما زال الناس بلا موقف واضح لإظهار عزمهم، بالقول: أريد أن أتقي الله وأحيد عن الشر! حيث إن الناس ليس لديهم هذا العزم، ولا يقدّمون هذا النوع من العروض، لم يعد موقف الله الحالي تجاههم كما كان في الماضي، عندما كان يظهر لهم الرحمة والتسامح والصبر وطول الأناة. بل خاب ظنه في الإنسان كثيرًا. مَنْ سبب خيبة الأمل هذه؟ على مَنْ يتوقف نوع الموقف الذي يتخذه الله تجاه الإنسان؟ يتوقف على كل شخص يتبع الله. على مدار سنوات عمل الله، قدم الكثير من المتطلبات من الإنسان، ورتّب العديد من الظروف من أجله. ولكن مهما كان أداء الإنسان، ومهما كان موقف الإنسان من الله، لا يستطيع الإنسان الممارسة بوضوح وفقًا لهدف اتقاء الله والحيدان عن الشر. وهكذا، سأختصر الأمر برمته في مقولة واحدة، وأستخدم هذه المقولة لشرح كل شيء تكلمنا عنه فيما يتعلق بالسبب وراء عدم قدرة الناس على السير في طريق الله – اتقاء الله والحيدان عن الشر. ما هي هذه المقولة؟ هذه المقولة هي: ينظر الله للإنسان على أنه هدف لخلاصه، هدفًا لعمله، أما الإنسان فينظر إلى الله على أنه عدو له، على أنه نقيضه. هل اتضح هذا الأمر لك الآن؟ ماهية موقف الإنسان، وماهية موقف الله، وماهية العلاقة بين الإنسان والله: هذه جميعها أمور واضحة. بغض النظر عن كم الوعظ الذي استمعتم له، وتلك الأشياء التي قمتم بتلخيصها بأنفسكم، مثل الأمانة تجاه الله وطاعته والسعي وراء طريق التوافق مع الله، وابتغاء قضاء العمر من أجله، والعيش له، لا أنظر إلى تلك الأمور على أنها السير في طريق الله بوعي، أي اتقاء الله والحيدان عن الشر. بل هي قنوات يمكنكم من خلالها تحقيق أهداف معينة. ولتحقيق هذه الأهداف، فإنكم تلتزمون على مضض ببعض اللوائح. وهذه اللوائح بالتحديد هي التي تبعد الناس أكثر عن طريق اتقاء الله والحيدان عن الشر، وتضع الله في مواجهة مع الإنسان مرةً أخرى.

السؤال الذي أنتم بصدد مناقشته الآن ثقيل بعض الشيء، وبغض النظر عن أي شيء، ما زلت أرجو أنه حين تجتازون التجارب المقبلة، والأوقات القادمة، يمكنكم أن تفعلوا ما أخبرتكم إياه توًّا. لا تتجاهلوا الله ولا تروه هواءً فارغًا، حيث تشعرون كأنه موجود في الأوقات التي يكون ذا منفعة لكم فيها، ولكن عندما يكون بلا منفعة لكم تشعرون أنه غير موجود. حين يكون لديك هذا النوع من الفهم لا شعوريًا، فقد أغضبت الله بالفعل. قد يوجد بعض الناس الذين يقولون: "لا أرى الله هواءً فارغًا، أنا أصلّي له دائمًا، وأرضيه دائمًا، وكل شيء أفعله يقع ضمن النطاق والمعيار والمبادئ المطلوبة التي يطلبها الله. من المؤكد أني لا أتحدث وفقًا لأفكاري الخاصة". نعم، الأسلوب الذي تتناول به الأمور صحيح. ولكن كيف تفكر حين تواجه أمرًا ما وجهًا لوجه؟ كيف تمارس عندما تواجه أمرًا ما؟ يشعر بعض الناس أن الله موجود عندما يصلّون له ويناجونه. ولكن عندما يواجههم أمر ما، يأتون بأفكارهم الشخصية ويريدون أن يلتزموا بها. هذا بمنزلة اعتبار الله هواءً فارغًا. هذا النوع من المواقف يجعل الله غير موجود. يظن الناس أن الله ينبغي أن يكون موجودًا عندما يحتاجون إليه، وعندما لا يحتاجون إليه لا ينبغي أن يكون موجودًا. يظن الناس أن المضي قدمًا بأفكارهم الشخصية للممارسة كافٍ. يؤمنون أن بإمكانهم فعل الأمور كما يحلو لهم، ويظنون ببساطة أنهم لا يحتاجون إلى السعي وراء طريق الله. أليس الناس الذين هم حاليًا في حالة مثل هذه وفي موقف مثل هذا هم على حافة الخطر؟ يقول بعض الناس: "بغض النظر عما إذا كنت على حافة الخطر أو لا، لقد آمنت لسنين عديدة، وأؤمن أن الله لن يهجرني، لأنه لا يطيق هجراني". يقول آخرون: "منذ أن كنت في رحم أمي، آمنت بالرب، طول الوقت وحتى الآن، أربعين أو خمسين عامًا في المجمل. من حيث الوقت، أنا أكثر الناس المؤهلين لأن ينالوا خلاص الله؛ أنا أكثر الناس المؤهلين لأن أنجو. طول فترة الأربعة أو الخمسة عقود هذه، تركت أسرتي ووظيفتي، وتخلّيت عن كل ما أملك، مثل المال والمكانة والمتعة وقضاء الوقت مع الأسرة، ولم آكل العديد من الأطعمة اللذيذة، ولم أستمتع بالكثير من الأمور المسلية، ولم أزر العديد من الأماكن الشيّقة. لقد تعرضت للمعاناة التي لا يستطيع الناس العاديون احتمالها. إن لم يقدر الله أن يخلّصني بسبب كل هذا، فمعنى هذا أنني أُعامَل بظلم ولا أستطيع أن أؤمن بإله مثل هذا". هل يوجد عدد كبير من الناس الذين لديهم هذا النوع من الآراء؟ (يوجد العديد منهم). إذًا اليوم سأساعدكم على فهم حقيقةٍ: كل واحد من هؤلاء الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من الآراء يسببون لأنفسهم المتاعب؛ وهذا لأنهم يستخدمون تخيلاتهم لتغطية أعينهم. إن خيالاتهم بالتحديد واستنتاجاتهم هي التي تحل محل ما يطلبه الله من البشر، وتعيقهم عن قبول مقاصد الله الصحيحة، وتجعلهم لا يشعرون بوجود الله الحقيقي، ويخسرون فرصتهم في أن يُكمَّلوا من الله، ولا يكون لهم نصيب أو شركة في وعده.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.