هل للثالوث وجود؟ (الجزء الأول)
لم يدرك الإنسان أنه "لا يوجد فقط الآب في السماء، لكن هناك أيضًا الابن والروح القدس" إلا بعد أن أصبح تجسد يسوع حقيقةً. هذا هو التصور التقليدي الذي يعتنقه الإنسان، أنه ثمة إله في السماء هكذا: ثالوث وهو الآب والابن والروح القدس، إله واحد. كل البشرية لديها هذا التصور: الله هو إله واحد، لكنه يتكون من ثلاثة أجزاء، وكل ما رسخه أولئك بشدة في التصورات التقليدية يَعتبر أنه الآب والابن والروح القدس، ولا يصبح الله واحدًا إلا بهذه الأجزاء الثلاثة. فمن دون الآب القدوس، لا يكون الله كاملاً. وبالمثل، لا يكون الله كاملاً من دون الابن أو الروح القدس. فهم يؤمنون – بحسب اعتقاداتهم – أنَّ أيًا من الآب وحده أو الابن وحده لا يمكن اعتباره الله ذاته. فقط الآب والابن والروح القدس معًا يمكن اعتبارهم الله ذاته. والآن، يعتنق جميع المؤمنين المتدينين بمن فيهم كل تابع منكم هذا الاعتقاد، لكن ليس بوسع أحد أن يوضح ما إذا كان هذا الاعتقاد صحيحًا أم لا؛ لأنكم دوماً في التباسٍ بشأن أمور الله ذاته. وعلى الرغم من أن هذه عبارة عن تصورات، فإنكم لا تدرون ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة؛ لأنكم أصبحتم متأثرين تأثرًا خطيرًا بالتصورات الدينية. لقد قبلتم تلك التصورات الدينية التقليدية بعمقٍ، وقد تسرب هذا السم بعمقٍ إلى داخلكم؛ ومن ثم، فقد استسلمتم في هذا الأمر أيضًا لهذا التأثير الضار؛ ذلك لأن الثالوث ببساطة غير موجود، أي أن ثالوث الآب والابن والروح القدس ببساطة غير موجود. هذه كلها تصورات تقليدية لدى الإنسان، ومعتقداتٌ خاطئة لديه. لطالما ظل الإنسان طوال هذه السنوات الكثيرة يعتقد في هذا الثالوث الذي تستحضره تصورات في ذهن الإنسان اختلقها الإنسان، لكنه لم يرها مطلقاً من قبل. ظهرت على امتداد هذه السنوات شخصيات روحية عظيمة تشرح "المعنى الحقيقي" للثالوث، لكن ظلت هذه التفسيرات للثالوث – بوصفه ثلاثة أشخاص متمايزين ومتحدين في الجوهر – مبهمة وغير واضحة، وبات الجميع في حيرة بشأن "تركيب" الله. لم يتمكن إنسان عظيم مطلقًا من أن يقدم تفسيرًا جامعًا؛ فمعظم التفسيرات مقبولة من حيث التعليل وعلى الورق، لكن لا أحد يفهم معناها فهمًا واضحًا تمامًا؛ ذلك لأن هذا الثالوث العظيم الذي يحتفظ به الإنسان في قلبه غير موجود؛ حيث لم ير أحد مطلقًا ملامح الله الحقيقية، ولم يكن أحدٌ محظوظًا بما يكفي ليصعد إلى مسكن الله لزيارته حتى يفحص بنفسه الأشياء الموجودة في مكان وجود الله، ويحدد بالضبط عدد عشرات الآلاف أو مئات الملايين من الأجيال الموجودة في "بيت الله" أو ليتحقق من عدد الأجزاء التي يتألف منها التركيب الأصلي لله. ما يحتاج أساسًا إلى الفحص هو: عصر الآب والابن وأيضًا الروح القدس، وظهور كل واحد منهم، وكيف انفصلوا بالضبط، وكيف جُعلوا واحداً. للأسف، لم يتمكن أحد طوال هذه السنين الكثيرة من اكتشاف حقيقة هذه الأمور؛ فهي كلها مُجرد تخمينات؛ لأن أحدًا لم يصعد مطلقًا إلى السماء للزيارة وعاد "بتقرير استقصائي" لأجل البشرية جمعاء حتى يخبر كل أولئك المؤمنين المتدينين الورعين الغيورين والمهتمين بالثالوث بحقيقة الأمر. بالطبع، لا يمكن الرجوع باللوم على الإنسان في رسم تلك التصورات، فلماذا لم يجعل يهوه الآب يسوعَ الابن يرافقه عندما خلق البشر؟ لو كانت كل الأمور في البداية قد جرت باسم يهوه، لكانت أفضل. إن كان لا بد من توجيه لومٍ، فإنه يوجه إلى تلك الهفوة اللحظية التي لم يستدعِ فيها يهوه اللهُ الابنَ والروحَ القدسَ أمامه وقت الخلق، لكنه قام بعمله منفردًا. لو أنهم قد عملوا كلهم معًا، ألا يكونون بذلك قد أصبحوا واحدًا؟ لو ظل اسم يهوه وحده موجودًا من البداية وحتى النهاية وليس اسم يسوع من عصر النعمة، أو لو ظل يُسمَّى يهوه حينذاك، أما يكون الله قد وفَّر على نفسه مكابدة البشرية لذلك الانقسام؟ بالطبع، لا يمكن أن يلام يهوه على كل هذا، وإن كان لا بد من توجيه لومٍ، فليُوجَّه إلى الروح القدس الذي ظل لآلاف السنين يواصل عمله تحت اسم يهوه أو يسوع أو حتى الروح القدس، فحيَّرَ وأربك الإنسان حتى عجز الإنسان عن أن يعرف مَنْ هو الله تحديدًا. لو أن الروح القدس نفسه قد عمل دون هيئة أو صورة، بل وأيضًا دون اسم كاسم يسوع، ولم يكن باستطاعة الإنسان أن يلمسه أو يراه، بل يسمع أصوات الرعد فقط، أما كان عملٌ من هذا النوع أكثر فائدة للبشرية؟ فماذا يمكن إذن أن يُفعَل الآن؟ لقد تراكمت تصورات الإنسان فَعَلَتْ كجبلٍ، واتسعت كالبحر حتى لم يعد إله اليوم يستطيع أن يتحملها وأصبح تائهًا كليًا. في الماضي، لمّا لم يكن هناك سوى يهوه ويسوع والروح القدس بين الاثنين، كان الإنسان حائرًا بالفعل في كيفية التعامل، والآن أُضيف الله القدير الذي أصبح حتى يُقال عنه إنه أيضًا جزء من الله. مَنْ يعرف مَنْ يكون الله وفي أي أقنوم من الثالوث ظل متحدًا أو مختفيًا تلك السنوات الطويلة؟ كيف يحتمل الإنسان هذا؟ كان الثالوث وحده كافيًا ليقضي الإنسان في تفسيره عمره كله، لكن الآن أصبح هناك "إله واحد بأربعة أقانيم"؟ كيف يُفسَّر ذلك؟ هل يمكنك أنت أن تفسره؟ أيها الأخوة والأخوات! كيف ظللتم تؤمنون بإله كهذا حتى اليوم؟ إنني أخلع لكم قبعتي تقديراً لكم. كان الثالوث وحده كافيًا بالفعل لتحمله، ومع ذلك ظل لديكم حتى الآن هذا الإيمان غير المتزعزع في هذا الإله الواحد المُربَّع الأقانيم. تم حثكم على الخروج، لكنكم رفضتم. يا له من أمر لا يُصدَّق! أنتم حقًا مدهشون! بإمكان شخص بالفعل أن يؤمن إلى هذا الحد بأربعة آلهة دون أن يفهم شيئًا. ألا ترون في هذا معجزة؟ لم أكن أعرف أنه بوسعكم اجتراح معجزة عظيمة كهذه! دعوني أخبركم أن الثالوث في الحقيقة غير موجود في أي مكان في هذا الكون. ليس لله آبٌ ولا ابن، وبالتأكيد لا يوجد مفهوم لأداة يستخدمها الآب والابن معًا، أعني الروح القدس. هذا كله أكبر مغالطة، وهو ببساطة غير موجود في هذا العالم! بيد أن تلك المغالطة لها أصل وليست بلا أساس بالكلية؛ لأن عقولكم ليست بسيطة إلى هذا الحد، وأفكاركم ليست بلا منطق، بل هي مناسبة وحاذقة للغاية، لدرجة أنها عصية حتى على أي شيطان. لكن للأسف، كل هذه الأفكار محض مغالطات ولا وجود لها! إنكم لم تروا الحق الواقعي مطلقًا، بل أنتم تخمنون وتتصورون فقط، ثم تختلقون منها قصة لتكسبوا بها ثقة الآخرين بشكل مخادع، وتهيمنوا بها على حمقى البشر دون عقلٍ أو منطق، حتى يؤمنوا "بتعاليمكم المتبحرة" العظيمة والمشهورة. هل هذا حق؟ هل هذا نظام الحياة الذي يجب أن يحصل عليه الإنسان؟ إنه كله هُراء! ليست هناك كلمة واحدة مناسبة! طوال هذه السنوات الطويلة، ظل الله مُقسمًا هكذا بواسطتكم، وظل يُقسَّم أكثر فأكثر مع كل جيلٍ حتى إنَّ إلهًا واحدًا قُسِّم صراحة إلى ثلاثة آلهة. والآن أصبح ببساطة من المستحيل على الإنسان أن يعيد تجميع الله في واحد؛ لأنكم قسمتموه إلى قطعٍ صغيرة جدًا! لولا عملي الآني قبل أن يفوت الأوان، لكان من الصعب القول كم كنتم ستستمرون بوقاحة على هذا النحو! كيف مازال هو إلهكم إن كنتم تستمرون في تقسيمه على هذا النحو؟ أما زلتم تميزون الله؟ أما زلتم ترجعون إليه؟ لو كنتُ قد تأخرتُ، لربما كنتم قد أعدتم "الآب والابن"، يهوه ويسوع، إلى إسرائيل وادعيتم أنكم أنتم أنفسكم جزءٌ من الله. لكن لحُسن الحظ أن الآن هو الأيام الأخيرة. أخيرًا جاء هذا اليوم الذي طالما انتظرته، ولم يتوقف تقسيمكم لله ذاته إلا بعد أن قمتُ بيدي بهذه المرحلة من العمل. ربما لولا هذا، لكنتم تماديتم، بل حتى لوضعتم جميع الشياطين الموجودة بينكم على مذابح لعبادتها. هذه حيلتكم! وسيلتكم لتقسيم الله! هل ستستمرون في القيام بهذا الآن؟ دعوني أسألكم: كم هناك من آلهة؟ أي إله سيمنحكم الخلاص؟ هل هو الإله الأول أم الثاني أم الثالث الذي تصلون إليه دائمًا؟ أي منهم تؤمنون به دائمًا؟ هل هو الآب؟ أم الابن؟ أم هو الروح القدس؟ أخبرني بمن تؤمن؟ رغم أنك تقول مع كل كلمة إنك تؤمن بالله، فإن ما تؤمنون به فعلاً هو عقلكم أنتم! الله ببساطة غير موجود في قلوبكم! لكن في عقولكم يوجد عدد من تلك "الثالوثات"! ألا توافقون؟
إذا تم تقييم مراحل العمل الثلاثة بحسب مفهوم الثالوث هذا، فلا بد إذًا من وجود ثلاثة آلهة حيث إن العمل الذي يقوم به كل منهم ليس العمل نفسه الذي يقوم به الآخر. إن كان بينكم من يقول إن الثالوث موجود حقًا، فاشرحوا إذًا ما الذي يعنيه بالضبط إله واحد في ثلاثة أقانيم. ما الآب القدوس؟ ما الابن؟ ما الروح القدس؟ هل يهوه هو الآب القدوس؟ هل يسوع هو الابن؟ فما هو الروح القدس إذًا؟ أليس الآب روحًا؟ أليس جوهر الابن أيضًا روحًا؟ ألم يكن عمل يسوع هو عمل الروح القدس؟ ألم يكن عمل يهوه في ذلك الوقت قد تم بواسطة روحٍ كمثل روح يسوع؟ كم روحًا يمكن أن تكون لله؟ وفقًا لتفسيرك، فإن الأقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح القدس، هي واحد؛ فإن كان الأمر كذلك، توجد ثلاثة أرواح، لكنَّ وجود ثلاثة أرواح يعني وجود ثلاثة آلهة، وهذا يعني عدم وجود إله حقيقي واحد؛ فكيف مازال هذا النوع من الآلهة يمتلك الجوهر الأصلي لله؟ إذا قبلتَ بوجود إله واحد فقط، فكيف يكون له ابنٌ وكيف يكون هو أبًا؟ أليست هذه كلها تصوراتك؟ يوجد إله واحد فقط، وليس إلا شخص واحد في هذا الإله وروح واحدة لله تمامًا كما هو مكتوب في الكتاب المقدس أنه "يوجد روح قدس واحد وإله واحد فقط". بغض النظر عما إذا كان الآب والابن اللذان تتكلم عنهما موجودين، فليس هناك إلا إله واحد في النهاية، وجوهر الآب والابن والروح القدس الذين تؤمن بهم هو نفسه جوهر الروح القدس. بعبارة أخرى، الله روح لكنه قادر على أن يتجسد ويعيش بين الناس وأيضًا أن يكون فوق كل الأشياء. روحه شامل وكلي الوجود. يستطيع أن يكون في الجسد وأن يكون – في الوقت ذاته – مالئ الكون. لما كان الناس كلهم يقولون إن الله هو الإله الواحد الحقيقي الوحيد، فإنه إذًا يوجد إله واحد غير منقسم بإرادة أحد! الله روحٌ واحدٌ فقط وشخصٌ واحدٌ فقط، وهذا الروح هو روح الله. لو كان الأمر كما تقول، الآب والابن والروح القدس، أفلا يكونون ثلاثة آلهة؟ حيث يكون الروح القدس جوهرًا، والابن جوهرًا آخر، والآب جوهرًا آخر كذلك، وبذلك يكونون ثلاثة أشخاص متمايزين من مواد مختلفة، فكيف إذًا يكون كل واحد منهم جزءًا من إلهٍ واحد؟ الروح القدس روح، هذا يسهل على الإنسان فهمه. إن كان الأمر كذلك، فإن الآب كذلك من باب أولى روحٌ؛ فهو لم ينزل على الأرض ولم يتجسد. إنه يهوه الله في قلب الإنسان، وهو أيضًا روح بالتأكيد. فما العلاقة إذًا بينه وبين الروح القدس؟ هل هي علاقة بين أبٍ وابنه؟ أم أنها العلاقة بين الروح القدس وروح الآب؟ هل مادة كلا الروحين واحدة؟ أم أن الروح القدس هو أداة للآب؟ كيف يمكن تفسير ذلك؟ ثم، ما العلاقة بين الابن والروح القدس؟ هل هي علاقة بين روحين أم علاقة بين إنسان وروح؟ هذه كلها أمور لا يمكن أن يكون لها تفسير! إذا كانوا كلهم روحًا واحدًا، فلا مجال للحديث عن ثلاثة أشخاص؛ لأن لهم روحًا واحدًا. ولو كانوا أشخاصًا متمايزين، لكانت أرواحهم متفاوتة في القوة، ولا يمكنهم – ببساطة – أن يكونوا روحًا واحدًا. إن هذا المفهوم للآب والابن والروح القدس بمنتهى العبث! فهذا يُجزِّئ الله ويقسمه إلى ثلاثة أشخاص، لكلٍّ منهم حالة وروح؛ فكيف يمكن إذًا أن يظل روحًا واحدًا وإلهًا واحدًا؟ أخبروني، هل خُلِقَت السموات والأرض وكل ما فيها بواسطة الآب أم الابن أم الروح القدس؟ البعض يقول إنهم خلقوها معًا. إذًا فمَنْ افتدى البشرية؟ أهو الروح القدس أم الابن أم الآب؟ البعض يقول إن الابن هو مَنْ افتدى البشرية. إذًا فمَنْ هو الابن في جوهره؟ أليس هو تجسُّد روح الله؟ المُتجسِّد يدعو الله الذي في السماء باسم الآب من منظور إنسان مخلوق. أما تدري أن يسوع وُلِدَ من حَبَلٍ عن طريق الروح القدس؟ في داخله الروح القدس، لذلك، فمهما قلتَ، فإنه يظل واحدًا مع الله في السماء؛ لأنه تجسد روح الله. إن فكرة الابن هذه ببساطة غير حقيقية. إنه روح واحد، وهو الذي يقوم بكل العمل؛ الله ذاته فقط، الذي هو روح الله، هو الذي يقوم بعمله. فمَنْ هو روح الله؟ أليس هو الروح القدس؟ أليس الروح القدس هو الذي يعمل في يسوع؟ لو لم يكن العمل قد تم بواسطة الروح القدس (الذي هو روح الله)، فهل كان عمله يمثل الله ذاته؟ عندما نادى يسوع الله الذي في السماء في صلاته باسم الآب، كان ذلك فقط من منظور إنسان مخلوق؛ ذلك فقط لأن روح الله ألبس نفسه صورة إنسان عادي وطبيعي وكان له الغطاء الخارجي لكائن مخلوق. حتى إن كان روح الله داخله، ظل مظهره الخارجي مع ذلك مظهر إنسان عادي. بعبارة أخرى، إنه أصبح "ابن الإنسان" الذي تحدث عنه كل البشر، بمَنْ فيهم يسوع نفسه. وبالنظر إلى أنه يُدعى ابن الإنسان، فهو شخص (سواء كان رجلاً أو امرأة، فهو في كلتا الحالتين شخص له شكل خارجي لإنسان) وُلِدَ في أسرة طبيعية لناسٍ عاديين؛ ومن ثم، كانت مناداة يسوع لله الذي في السماء بالآب كمثل ما ناديتموه أولاً أبًا؛ لأنه فعل ذلك من منظور إنسان من الخليقة. هل ما زلتم تذكرون الصلاة الربانية التي علمها لكم يسوع لتحفظوها؟ "أَبَانَا ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ..."، لقد طلب من كل إنسان أن يدعو الله الذي في السماء باسم أب. ولما كان هو ذاته قد دعاه أبًا أيضًا، فإنه فعل ذلك من منظور شخص يقف على قدم المساواة معكم جميعاً. وحيث إنكم دعوتم الله الذي في السماء باسم الآب، فإن هذا يوضح أن يسوع رأى نفسه مساويًا لكم وأنه إنسان اختاره الله على الأرض (هذا معنى ابن الله). إذا دعوتم الله "أبًا"، أليس هذا لأنكم مخلوقون؟ مهما كان عِظَم سلطان يسوع على الأرض، فإنه لم يكن قبل الصلب سوى ابن الإنسان يهيمن عليه الروح القدس (الذي هو الله)، وأحد المخلوقين الأرضيين، لأنه لم يكن قد أتم عمله بعد؛ ومن ثم، لم تكن دعوته لله الذي في السماء أبًا إلا طاعة وتواضعًا منه. لكنَّ مخاطبته لله (وهو الروح الذي في السماء) بتلك الطريقة لا تثبت أنه ابن روح الله الذي في السماء. لكنها بالأحرى توضح أن منظوره ببساطة مختلفٌ، وليس أنه شخصٌ مختلفٌ. إن وجود أشخاصٍ متمايزين مغالطة! كان المسيح قبل صلبه ابن الإنسان خاضعاً لقيود الجسد، ولم يكن يمتلك سلطة الروح بشكل كامل، لهذا كان يطلب فقط إرادة الله الآب من منظور كائن مخلوق، فهكذا صلى ثلاث مرات في جَثْسَيْماني: "لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ". لم يكن قبل وضعه على الصليب إلا ملك اليهود. كان المسيح ابن الإنسان، لكنه لم يكن جسداً مُمجَّداً؛ ولهذا السبب دعا اللهَ الآب من منظور كائن مخلوق. الآن لا تستطيع أن تقول إن كل مَنْ يدعون الله الآب هُم الابن. لو كان الأمر كذلك، أما كنتم تصبحون كلكم الابن بمجرد أن علمكم يسوع الصلاة الربانية؟ إن لم تقتنعوا بعد، فأخبروني مَنْ هو ذاك الذي تدعونه أبًا؟ إذا كنتم تشيرون إلى يسوع، فمَنْ هو الآب ليسوع بالنسبة إليكم؟ بعد أن رحل يسوع، لم تعد فكرة الآب والابن موجودة. كانت هذه الفكرة مناسبة فقط للسنوات التي تجسد فيها يسوع، أما في باقي الأحوال الأخرى، فالعلاقة كانت بين رب الخليقة ومخلوق عندما تدعون الله الآب. لا يوجد وقت تستطيع فيه فكرة الثالوث من الآب والابن والروح القدس أن تصمد؛ فهي مغالطة نادرًا ما تُرى على مر العصور وغير موجودة!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.