كلمات حول القيام بواجب (اقتباس 36)

كلمات الترنيمة "يا لها من سعادة أن تكون شخصًا صادقًا" جميعها عملية جدًا، وقد اخترت منها بضعة أبيات لنعقد شركة حولها. لنعقد الشركة أولًا حول هذا البيت: "أنا أتمسك بواجبي من كل قلبي وعقلي، وليست لديَّ شواغل متعلقة بالجسد". ما هذه الحالة؟ وما نوع الشخص الذي يستطيع التمسك بواجبه من كل قلبه وعقله؟ هل لديه ضمير؟ هل أدى مسؤوليته بوصفه كائنًا مخلوقًا؟ هل وَفَّى الله بأي طريقة؟ (نعم). حقيقة أنه يمكنه التمسك بواجبه من كل قلبه وعقله تعني أنه يفعل ذلك بجدية ومسؤولية دون أن يكون لا مباليًا أو ماكرًا ومتراخيًا، ودون أن يتهرب من المسؤولية. إنَّ لديه موقفًا سليمًا؛ وحالته وعقليته طبيعيتان. لديه أيضًا عقل وضمير، وهو يراعي الله ويخلِص لواجبه ويكرس نفسه له. ماذا يعني: "ليست لديَّ شواغل متعلقة بالجسد"؟ توجد بعض الحالات هنا أيضًا. هذا يعني في المقام الأول أنه لا يهتم بمستقبل جسده، ولا يضع خططًا لما سيحدث له. ويعني أيضًا أنه لا يفكر فيما سيفعله لاحقًا عندما يكبر، أو فيمَن سيعتني به، أو في الكيفية التي سيعيش بها عندئذ. فهو لا يراعي تلك الأشياء، بل يخضَع، بدلًا من ذلك، إلى تنظيمات الله وترتيباته في كل الأشياء. إنَّ تتميم واجبه جيدًا هو مهمته الأولى والأهم؛ فالتمسك بواجبه والتمسك بإرسالية الله هما أهم شيئان. ألا يكون لدى الناس قدر من شبه الإنسان عندما يتممون واجباتهم جيدًا بوصفهم كائنات مخلوقة؟ هذا هو امتلاك شبه الإنسان. يجب على الناس على الأقل أن يؤدوا واجبهم بشكل جيد وأن يكونوا مخلصين ويضعوا قلبهم وعقلهم بالكامل فيه. ما معنى أن "يتمسك المرء بواجبه"؟ معناه ألا يتخلى الناس عن واجبهم أو يصبحوا مارقين أو يتهربوا من مسؤوليتهم أيًا كانت الصعوبات التي يواجهونها، بل يفعلون كل ما في وسعهم؛ ذلك ما يعنيه أن يتمسك المرء بواجبه. لنقل، على سبيل المثال، أنه قد رُتِّبَ لك أن تقوم بشيء ما، ولم يكن هناك من يراقبك أو يشرف عليك أو يحثك؛ فكيف سيبدو التمسك بواجبك؟ (قبول تمحيص الله والعيش في محضره). قبول تمحيص الله هو الخطوة الأولى، أي جزء واحد من هذا الأمر، والجزء الآخر هو أن تؤدي واجبك من كل قلبك وعقلك. ماذا عليك أن تفعل لتكون قادرًا على أدائه من كل قلبك وعقلك؟ يجب عليك أن تقبل الحق وتمارسه، أي أنه عليك أن تقبل أي شيء يأمر به الله وتخضع له؛ فعليك أن تتعامل مع واجبك مثلما تتعامل مع شؤونك الشخصية، فلا تتطلب شخصًا آخر ليراقبك أو يشرف عليك أو يتحقق للتأكد من أنك تقوم به بشكل صحيح أو يلح عليك أو يشرف على ما تفعله أو حتى يهذبك. عليك أن تفكر بينك وبين نفسك، قائلًا: "أداء هذا الواجب هو مسؤوليتي. إنه دوري، وحيث إنه وُكِّلَ إليَّ لأقوم به، وقد أُخْبِرْتُ بالمبادئ واستوعبتها، فسأستمر في القيام به بعزم وطيد. سأفعل كل ما في وسعي للتأكد من القيام به جيدًا". عليك المثابرة في أداء هذا الواجب وألا يقيدك أي شخص أو حدث أو شيء. هذا هو معنى أن تتمسك بواجبك من كل قلبك وعقلك، وهذا هو الشبه الذي يجب أن يكون لدى الناس. إذن، بماذا يجب أن يتمتع الناس كي يتمسكوا بواجبهم من كل قلبهم وعقلهم؟ يجب أولًا أن يكون لديهم الضمير الذي ينبغي أن تتمتع به الكائنات المخلوقة؛ وهذا هو الحد الأدنى. إضافةً إلى ذلك، عليهم أيضًا أن يكونوا مخلِصين. على المرء أن يكون مخلِصًا لكي يقبل إرسالية الله كإنسان. على المرء أن يكون مخلصًا تمامًا لله وحده، ولا يمكن أن يكون فاترًا أو أن يعجز عن تحمُّل المسؤولية؛ ذلك لأنَّه من الخطأ أن يتصرف المرء بناءً على اهتماماته أو حالاته المزاجية؛ هذا ليس إخلاصًا. ماذا يعني أن تكون مخلِصًا؟ يعني أن تؤدي واجباتك من دون أن تؤثر فيك أو تقيدك حالتك المزاجية أو البيئة أو الآخرون والأحداث والأشياء. يجب أن تفكر بينك وبين نفسك: "لقد قبلتُ هذه الإرسالية من الله؛ أعطاها الله لي. هذا هو ما يُفترَض بي فعله، لذا سأقوم بها كما أقوم بشؤوني الخاصة، بأي طريقة تسفر عن نتائج جيدة، موليًّا أهمية كبيرة لإرضاء الله". عندما تكون في هذه الحالة، لا يكون ضميرك مسيطرًا فحسب، بل يكون الإخلاص حاضرًا داخلك أيضًا. إن كنت قانعًا بأداء المهمة فحسب، ولا تطمح إلى أن تكون فعالًا أو تحقق نتائج، وتشعر أنه يكفي فحسب أن تبذل فيها كل جهدك، فليس هذا سوى تلبية لمعيار ضمير الناس، ولا يمكن اعتباره إخلاصًا. الإخلاص لله مطلب ومعيار أسمى من معيار الضمير. الأمر لا يقتصر على أن تبذل كلَّ جهدك في المهمة؛ بل يجب أيضًا أن تضع كل قلبك فيها. ففي قلبك، عليك دائمًا النظر إلى واجبك باعتباره وظيفتك التي عليك القيام بها، وعليك أن تتحمل أعباء هذه المهمة، وأن تُحس بالتبكيت إن ارتكبت أدنى خطأ أو كنت في حالة تقصير؛ يجب أيضًا أن تشعر أنه لا يمكنك التصرف بهذه الطريقة لأنها تجعلك مدينًا لله بالكثير جدًا. الناس الذين لديهم حقًا ضمير وعقل، يؤدون واجبهم كما لو كان وظيفتهم التي عليهم القيام بها، بصرف النظر عما إن كان هناك مَن يراقبهم أو يشرف عليهم، أم لا. إنهم دائمًا ما يطالبون أنفسهم مطالبة صارمة بأداء واجباتهم جيدًا وإكمال الإرسالية التي عهد بها الله إليهم، سواء كان الله سعيدًا بهم أم لا، وأيًا كانت كيفية معاملته لهم. وهذا ما يُسمى الإخلاص. أليس هذا معيارًا أسمى من معيار الضمير؟ إذا تصرف الناس وفقًا لمعيار الضمير، فإنهم غالبًا ما يتأثرون بأشياء خارجية، أو يعتقدون أنه من الكافي فقط أن يبذلوا كلَّ جهدهم في واجبهم؛ فلا يكون مستوى النقاء عاليًا جدًا. لكن عند الحديث عن الإخلاص وعن قدرة المرء على التمسك بواجبه بإخلاص، فإنَّ مستوى النقاء يكون أعلى. إن الأمر لا يتعلق فقط ببذل المجهود؛ بل يتطلب منك أن تلقي بكل قلبك وعقلك وجسدك في واجبك. لكي تؤدي واجبك جيدًا، عليك أن تتحمل شيئًا من المشقات الجسدية. يجب أن تدفع ثمنًا، وأن تكرس أفكارك كلها لأداء واجبك. مهما كانت الظروف التي تواجهها، فإنها لا تؤثر في واجبك أو تؤخرك عن أدائه، وأنت قادرٌ على إرضاء الله. لكي تفعل ذلك، لا بد أن تكون قادرًا على دفع ثمن. عليك أن تنبذ عائلتك الجسدية وأمورك الشخصية ومصالحك الذاتية. يجب أن تتخلى عن غرورك وكبريائك ومشاعرك وملذاتك الجسدية وحتى أشياء مثل زهرة شبابك وزواجك ومستقبلك ومصيرك وتنبذهم جميعًا، ويجب أن تؤدي واجبك جيدًا عن طيب خاطر. حينئذٍ، ستكون قد حققت الإخلاص، وسيكون لديك شبه الإنسان من خلال العيش على هذا النحو. مثل هؤلاء الأشخاص لا يملكون ضميرًا فحسب، إنما يستخدمون معيار الضمير أساسًا يطلبون من أنفسهم – وفقًا له – الإخلاص الذي يطلبه الله من الإنسان، ويستخدمون هذا الإخلاص وسيلةً ليقيموا أنفسهم من خلالها. إنهم يسعون نحو هذا الهدف بكل اجتهاد. مثل هؤلاء الأشخاص نادرون على الأرض؛ فمن بين كل ألف من مختاري الله أو عشرة آلاف، يوجد واحدٌ فقط. هل يعيش مثل هؤلاء الأشخاص حيوات ذات قيمة؟ هل هم ناس يثمنهم بهم الله؟ إنهم بالطبع يعيشون حيوات ذات قيمة وهم ناس يثمنهم بهم الله.

يقول البيت التالي من الترنيمة: "رغم أنَّ مستوى قدراتي منخفض، لدي قلب صادق". تبدو هذه الكلمات حقيقية للغاية، وهي تتحدث عن مطلب يطلبه الله من الناس. ما هذا المطلب؟ إن كان الناس يفتقرون إلى مستوى القدرات، فليس ذلك بنهاية العالم، لكن يجب أن يتمتعوا بقلب صادق، وإن كان لديهم هذا القلب، فسيمكنهم أن ينالوا استحسان الله. مهما كان وضعك أو خلفيتك، عليك أن تكون شخصًا صادقًا وأن تتحدث بصدق وتتصرف بصدق، وأن تكون قادرًا على أداء واجبك من كل قلبك وعقلك، وأن تكون مخلصًا لواجبك، وألا تتطلع إلى أداء العمل بتعجل وإهمال، وألا تكون شخصًا مراوغًا أو مخادعًا، وألا تكذب أو تخدع، وألا تتحدث في حلقة مفرغة. عليك أن تتصرف وفقًا للحق وأن تكون شخصًا يسعى إلى الحق. يعتقد الكثير من الناس أن مستوى قدراتهم ضعيف، وأنهم لن يتمكنوا أبدًا من أداء واجبهم جيدًا أو وفقًا للمستوى القياسي. إنهم يقدمون أفضل ما لديهم فيما يفعلون، لكن لا يستطيعون استيعاب المبادئ أبدًا، ويظلون غير قادرين على تحقيق نتائج جيدة جدًا. وكل ما يمكنهم فعله، في نهاية المطاف، هو الشكوى من أن مستوى قدراتهم ضعيف جدًا، وبعد ذلك يصبحون سلبيين. أليس هناك إذن أي طريق للتقدم عندما يكون مستوى قدرات الشخص ضعيفًا؟ إنَّ مستوى القدرات الضعيف ليس مرضًا قاتلًا، ولم يقل الله قط إنه لا يخلِّص الناس الذين يكون مستوى قدراتهم ضعيفًا. ومثلما قال الله قبل ذلك، فإنه يحزن بسبب مَن هم مخلِصون لكن جهلاء. ماذا يعني أن تكون جاهلًا؟ يأتي الجهل في كثير من الأحيان من ضعف مستوى القدرات. عندما يكون مستوى قدرات الناس ضعيفًا، يكون لديهم فهم ضحل للحق. إنه فهم ليس محددًا أو عمليًا بما يكفي، وغالبًا ما يقتصر على فهم سطحي أو حرفي؛ إذ يقتصر على التعليم والأنظمة. ذلك هو السبب في أنهم لا يستطيعون فهم الكثير من المشكلات، ولا يمكنهم أبدًا استيعاب المبادئ بينما يؤدون واجبهم أو يقومون به جيدًا. هل الله إذن لا يريد الناس ذوي مستوى القدرات الضعيف؟ (بلى، إنه يريدهم). إلى أي مسار واتجاه يوجه الله الناس؟ (أن يكونوا أشخاصًا صادقين). هل يمكنك أن تكون شخصًا صادقًا بقول ذلك فقط؟ (لا؛ عليك أن تتحلى بمظاهر الشخص الصادق). ما مظاهر الشخص الصادق؟ أولًا، ألا تكون لديه أي شكوك في كلمات الله. هذه هي إحدى مظاهر الشخص الصادق. وبخلاف هذا، فإن أهم مظهر هو طلب الحق وممارسته في كل الأمور؛ وهذا هو أهم مظهر. إنك تقول إنك صادق، لكنك دائمًا ما تتجنب التفكير في كلمات الله ولا تفعل إلا ما يحلو لك. هل هذا مظهر من مظاهر الشخص الصادق؟ إنك تقول: "على الرغم من ضعف مستوى قدراتي، لدي قلب مخلص" لكن إذا أُسنِد إليك واجبٌ، فإنك تخشى المعاناة وتحمُّل المسؤولية إذا لم تقم به جيدًا، فتختلق الأعذار لتتهرب من واجبك أو تشير إلى أن يقوم به شخصٌ آخر. هل هذا مظهر من مظاهر الشخص المخلِص؟ من الجلي أنه ليس كذلك. كيف ينبغي إذن أن يتصرف الشخص الصادق؟ ينبغي أن يخضع لترتيبات الله، وأن يكون مخلِصًا للواجب المفترض به أن يؤديه، وأن يسعى إلى إرضاء مقاصد الله. ويتجلى هذا بكثير من الطرق: أن تقبل واجبك بقلب صادق، وألا تفكر في اهتماماتك الجسدية، وألا تكون فاترًا بشأن أداء واجبك، وألا تخطط لمنفعتك الشخصية. هذه هي مظاهر الصدق. وثمة مظهر آخر هو أن تضع كل قلبك وقوتك في أداء واجبك بشكل جيد، وأن تقوم بالأشياء على نحو صحيح، وأن تضع قلبك ومحبتك في واجبك لترضي الله. هذه هي المظاهر التي على الشخص الصادق أن يتحلى بها بينما يؤدي واجبه. إن لم تنفذ ما تعرفه وتفهمه، وإن بذلت من جهدك 50 بالمائة فقط أو 60 بالمائة، فأنت إذن لا تضع كل قلبك وقوتك في أداء واجبك؛ إنما أنت ماكر ومتراخٍ. هل الناس الذين يؤدون واجباتهم بهذا الشكل صادقون؟ بالطبع لا. الله لا يستخدم مثل هؤلاء الناس المراوغين والمخادعين؛ ولهذا يجب إقصاؤهم. الله لا يستخدم إلا الناس الصادقين ليؤدوا واجبات. حتى عاملي الخدمة المخلِصين يجب أن يكونوا صادقين. إن الناس الذين يتسمون على الدوام باللا مبالاة والمكر ويبحثون عن طرق للتراخي، جميعهم مخادعون وشياطين. لا أحد منهم يؤمن بالله حقًا، وسيُقصَوْن جميعًا. يفكر بعض الناس على النحو التالي: "إنَّ كون المرء شخص صادق يقتصر على قول الحق وعدم الكذب. من السهل حقًا أن تكون شخصًا صادقًا". ما رأيكم في هذا الشعور؟ هل كون المرء شخص صادق أمرٌ محدود النطاق إلى هذه الدرجة؟ بالطبع لا. عليك أن تكشف قلبك وتعطيه لله؛ هذا هو الموقف الذي يجب أن يتحلى به الشخص الصادق. وهذا هو السبب في أن القلب الصادق ثمينٌ جدًا. علامَ يدل ذلك؟ أن القلب الصادق يمكنه أن يتحكم في سلوكك ويغير حالتك؛ ويمكنه أن يقودك إلى اتخاذ الاختيارات الصحيحة، والخضوع لله وربح استحسانه. إن مثل هذا القلب ثمينٌ حقًا. إن كان لديك قلب صادق مثل هذا، فتلك هي الحالة التي ينبغي أن تعيش فيها، وتلك هي الطريقة التي ينبغي أن تتصرف بها، وتلك هي الطريقة التي ينبغي أن تعطي بها من نفسك. عليكم تأمل هذه الكلمات بعناية. فلا جملة منها ببساطة معناها الحرفي، وستكونون قد ربحتم شيئًا إن فهمتموها حقًا بعد أن تتأملوها.

دعونا ننظر إلى بيت آخر من أبيات الترنيمة: "في كل الأشياء أَرْضِ مقاصد الله بكل إخلاصك". ثمة مسار لممارسة هذه الكلمات. بعض الناس يصبحون سلبيين إذا واجهوا صعوبات أثناء أداء واجبهم، وهذا يجعلهم غير راغبين في أدائه. ثمة خطب ما في هؤلاء الناس. هل هم حتى يبذلون أنفسهم بصدق من أجل الله؟ عليهم أن يتأملوا في سبب أنهم يصبحون سلبيين عندما يواجهون صعوبات، وسبب أنهم لا يستطيعون طلب الحق لعلاج المشكلات. إن كان بإمكانهم التأمل في أنفسهم وطلب الحق، فسيكونون قادرين على رؤية ما لديهم من المشكلات. الواقع أنَّ أكبر صعوبة تواجه الناس غالبًا ما تكون مشكلة شخصية فاسدة. إن كنت تستطيع أن تطلب الحق، فسيكون من السهل إصلاح شخصيتك الفاسدة. وحالما تصلح شخصيتك الفاسدة، ستكون قادرًا على أن تعطي كل إخلاصك في جميع الأشياء لترضي مقاصد الله. "كل الأشياء" تعني أنه أيًا كان الشيء، سواء كان شيئًا أعطاه الله لك، أو شيئًا رتبه لك قائد أو عامل، أو شيئًا واجهته بالصدفة، ما دام أنه ما يفترض بك فعله ويمكنك تتميم مسؤوليتك، فإنك تمنح هذا الشيء كل إخلاصك، وتتمم ما عليك من المسؤوليات والواجب، وتجعل إرضاء مقاصد الله مبدأك. يبدو هذا المبدأ كبيرًا بعض الشيء وصعبًا بعض الشيء على الناس أن يحيوا بمقتضاه. وإن تحدثنا بعبارات عملية بدرجة أكبر، فإنه يعني أن تتمم واجبك جيدًا. إن التمسك بواجبك وتتميمه جيدًا ليسا بالأمرين اللذين يسهل فعلهما. وسواء أكان واجبك أن تكون قائدًا أو عاملًا، أو أي واجب آخر، عليك أن تفهم بعض الحقائق. هل يمكنك تتميم واجبك جيدًا دون فهم الحق؟ هل يمكنك أداءه جيدًا دون التمسك بمبادئ الحق؟ إن كنت تفهم جميع جوانب الحق ويمكنك الممارسة وفقًا لمبادئ الحق، فستكون قد أديت واجبك جيدًا، وتمسكت بواجبك، ودخلت إلى واقع الحق، ويمكنك إرضاء مقاصد الله. هذا هو مسار الممارسة. هل هذا أمر يسهل فعله؟ إن كان الواجب الذي تؤديه أمرًا تجيده وتحبه، فستشعر أنه مسؤوليتك والتزامك، وأن القيام به شيء طبيعي ومبرر للغاية. إنك ستشعر بالفرح والسعادة والراحة؛ فهو شيء ترغب في القيام به، ويمكنك أن تعطيه كل إخلاصك، وأنت تشعر أنك ترضي الله. لكنك عندما تواجه في أحد الأيام واجبًا لا تحبه أو لم تؤده من قبل قط، فهل ستكون قادرًا أن تعطيه كل إخلاصك؟ سيمتحن هذا ما إذا كنت تمارس الحق، أم لا. إن كان واجبك، مثلًا، في مجموعة الترانيم، وكنت قادرًا على الترنُّم وتستمتع به، فسترغب في أداء هذا الواجب. لكن إذا أُعْطِيتَ واجبٌ آخر طُلِب منك فيه أن تنشر الإنجيل، وكانت المهمة صعبة بعض الشيء، فهل ستكون قادرًا على الطاعة؟ ستتأمل الواجب وتقول: "إنني أحب الغناء". ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أنك لا تريد نشر الإنجيل. هذا هو ما يعنيه الأمر بوضوح. ستظل تقول: "إنني أحب الترنُّم". وإن تفاهم معك قائد أو عامل، قائلًا: "لماذا لا تتدرب على نشر الإنجيل وتزوِّد نفسك بالمزيد من الحقائق؟ ذلك سيكون أكثر فائدة لنموك في الحياة"، فإنك ستظل مُصرًا وتقول: "إنني أحب الترنُّم، وأحب الرقص". إنك لا تريد أن تذهب وتنشر الإنجيل مهما قالوا. لماذا لا تريد أن تذهب؟ (بسبب الافتقار إلى الاهتمام). أنت تفتقر إلى الاهتمام ولذلك لا تريد أن تذهب؛ فما المشكلة هنا؟ المشكلة أنك تختار واجبك بناءً على تفضيلاتك الشخصية وذوقك، ولا تخضع. ليس لديك خضوع، وهذه هي المشكلة. إذا لم تطلب الحق لعلاج هذه المشكلة، فأنت لا تظهر قدرًا كبيرًا من الخضوع الحقيقي. ماذا ينبغي أن تفعل في هذا الموقف لتظهر خضوعًا حقيقيًا؟ ماذا يمكنك أن تفعل لإرضاء مقاصد الله؟ هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه إلى أن تتأمل هذا الجانب من الحق وتعقد شركة حوله. إذا كنت ترغب في إعطاء كل إخلاصك في جميع الأشياء لترضي مقاصد الله، فلا يمكنك فعل ذلك بأداء واجب واحد؛ بل يجب أن تقبل أي إرسالية يمنحها الله لك. سواء كانت الإرسالية توافق أذواقك وتطابق اهتماماتك، أو كانت شيئًا لا تستمتع به أو لم تقم به من قبل أو كانت مهمة صعبة، فلا يزال يتعين عليك أن تقبلها وتخضع. لا ينبغي أن تقبلها فحسب، بل عليك أيضًا أن تبادر إلى التعاون، وتتعلم عنها، بينما تختبر وتدخل. حتى إذا عانيت المشقة، أو تعبت أو تعرضت للإهانة أو النبذ، فلا يزال عليك أن تعطي الواجب كل إخلاصك. فقط من خلال الممارسة بهذه الطريقة سيمكنك بذل كل إخلاصك في كل الأشياء وإرضاء مقاصد الله. يجب أن تعتبر المهمة واجبًا عليك أن تؤديه، لا عملًا شخصيًا. كيف ينبغي أن تفهم الواجبات؟ كشيء يعطيه الخالق – الله – إلى شخص ما ليفعله؛ وهذه هي الطريقة التي تتحقق بها واجبات الناس. الإرسالية التي يعطيها لك الله هي واجبك، ومن الطبيعي والمبرر للغاية أن تؤدي واجبك كما يطلب الله. إن كان من الواضح لك أن هذا الواجب هو إرسالية الله، وأن هذه هي محبة الله وبركته تنزلان عليك، فستكون قادرًا على قبول واجبك بقلب محب لله، وستكون قادرًا على أن تراعي مقاصد الله بينما تؤدي واجبك، وستكون قادرًا على التغلب على كافة الصعوبات لترضي الله. إنَّ مَن يبذلون أنفسهم حقًا من أجل الله لا يستطيعون أبدًا أن يرفضوا إرسالية الله؛ فهم لا يمكنهم أبدًا رفض أي واجب. أيًا كان الواجب الذي يعهد به الله إليك، وبغض النظر عن الصعوبات التي ينطوي عليها، عليك ألا ترفضه، بل تقبله. هذا هو طريق الممارسة، أي أن تمارس الحق وتعطي كل إخلاصك في كل الأشياء، لكي ترضي الله. علامَ ينصب التركيز هنا؟ على كلمات عبارة "في كل الأشياء". " كل الأشياء" لا تعني بالضرورة الأشياء التي تحبها أو تجيدها، ناهيك عن الأشياء المألوفة لديك. في بعض الأحيان، ستكون أشياء لا تجيدها أو تحتاج إلى أن تتعلمها أو أشياء صعبة أو يجب أن تعاني فيها. رغم ذلك، أيًا كان هذا الشيء، ما دام الله قد عهد به إليك، يجب أن تقبله منه؛ يجب أن تقبله وتؤدي الواجب جيدًا، معطيًا إياه كل إخلاصك ومرضيًا فيه مقاصد الله. هذا هو طريق الممارسة. مهما يحدث، فعليك أن تطلب الحق دائمًا، وحالما تتيقن من نوع الممارسة الذي يتماشى مع مقاصد الله، فتلك هي الطريقة التي عليك أن تمارس بها. بهذه الطريقة وحدها تمارس الحق؛ وبها وحدها يمكنك الدخول إلى واقع الحق.

ثمة بيتٌ آخر من الترنيمة، يقول: "إنني منفتح ومستقيم وبلا خداع، وأنا أعيش في النور". من يعطي للإنسان هذا المسار؟ (الله). إذا كان الشخص صريحًا ومستقيمًا، فهو شخص صادق. مثل هؤلاء الأشخاص قد فتحوا قلوبهم وأرواحهم تمامًا لله، وليس لديهم ما يخفونه ولا ما يخافون منه. لقد سلموا قلوبهم لله وأظهروها لله، مما يعني أنهم وهبوا أنفسهم بالكامل له. فهل يمكن أن يظلوا بعيدين عن الله؟ كلا، لا يمكن أن يظلوا كذلك؛ ولهذا من السهل عليهم الخضوع لله. إذا قال الله إنهم مخادعون، فسوف يقرُّون بذلك. إذا قال الله إنهم متعجرفون وأبرار في أعين ذواتهم، فسوف يقرُّون بذلك أيضًا. وهم لا يقِرُّون بهذه الأشياء فحسب ثم يطوون هذه الصفحة، بل هم قادرون على التوبة، والسعي إلى مبادئ الحق، وعلى تصويب هذه الأشياء عند إدراكها. وسرعان ما سيكونون قد قاموا بتقويم العديد من طرقهم الخاطئة؛ وبدرجة أكبر فأكبر، سيقل ما لديهم من خداع وغدر وإهمال ولا مبالاة. كلما طالت مدة عيشهم وفق هذه الطريقة، أصبحوا أكثر صراحة وشرفًا، وزاد اقترابهم من هدف أن يصبحوا أشخاصًا صادقين. ذلك ما يعنيه العيش في النور؛ وهذا المجد كله يعود إلى الله! عندما يعيش الناس في النور، فهذا من عمل الله؛ وليس لهم فيه ما يتفاخرون به. عندما يعيشون في النور، يفهمون جميع الحقائق، ويمتلكون قلوبًا تخاف الله، ويعرفون أن يطلبوا الحق ويمارسوه في كل قضية يواجهونها، ويعيشون بضمير وعقل. صحيحٌ أنه لا يمكن تسميتهم أشخاصًا بارِّين، لكنهم في نظر الله لديهم بعضًا من شبه الإنسان؛ وعلى أقل تقدير، فإنَّ أقوالهم وأفعالهم لا تتحدى الله، ويمكنهم طلب الحق عندما تصيبهم الأشياء، ولديهم قلب خاضع لله. لهذا هم سالمون وآمنون نسبيًا وليس من الممكن أبدًا أن يخونوا الله. وعلى الرغم من أنهم لا يمتلكون فهمًا عميقًا للحق، فهم قادرون على الطاعة والخضوع؛ إذ إنَّ لديهم قلبًا يخاف الله، ويمكنهم الحيدان عن الشر. عندما يُكلَّفون بمهمة أو واجب، فإنهم قادرون على أدائها من قلوبهم وعقولهم كليًا، والقيام بذلك بأفضل ما لديهم. هذا النوع من الأشخاص جدير بالثقة والله يثق بهم؛ مثل هؤلاء الناس يعيشون في النور. فهل أولئك الذين يعيشون في النور قادرون على قبول تمحيص الله؟ أيمكن أن يظلوا يخفون قلوبهم عن الله؟ ألا تزال لديهم أسرار لا يستطيعون إخبار الله بها؟ هل لا تزال في جعبتهم أي حيل مريبة؟ كلا. لقد فتحوا قلوبهم تمامًا لله، ولم يعد ثمة شيء يخفونه أو يحتفظون به بعيدًا في أعماقهم. يمكنهم إخبار الله بأسرارهم بكل صراحة، وعقد شركة معه حول أي شيء، وإعلامه بكل شيء. ما من شيء لن يقولوه لله ولا شيء لن يظهروه له. تصبح حياة الناس سهلة وحرة ومتحررة عندما يتمكنون من بلوغ هذا المستوى من الانفتاح.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.