كيفية ممارسة الخلوات التعبدية اليومية: ثلاثة أسس للنمو في الحياة
هل سبق أن واجهت هذه المعضلة، أنك ما زلت لا تربح الكثير من أي شيء ولا تتحرك مشاعرك، رغم ممارستك لخلواتك التعبدية، وصلاتك كل يوم؟ لماذا هذا حقًا؟ كيف يمكننا أن نحصل على نتائج من خلواتنا التعبدية اليومية؟ ما دمنا نتبع مبادئ الممارسة الثلاثة أدناه، فيمكننا تحسين ما ننتفع به من حياتنا الروحية، وسننمو في حياتنا بشكل أسرع.
المحتويات
- 1. ركِّز على تهدئة نفسك أمام الله في الخلوات التعبدية
- 2. ركِّز على التأمل في كلام الله في الخلوات التعبدية
- 3. فكِّر في المشكلات والصعوبات في خلواتك التعبدية
1. ركِّز على تهدئة نفسك أمام الله في الخلوات التعبدية
إن العثور على النهج الصحيح للخلوات التعبدية هو أمر ضروري لكي تثمر حياتنا الروحية. أولًا: إننا بحاجة إلى تهدئة أنفسنا أمام الله. كلما فعلنا هذا صار من الأيسر أن نربح استنارة الروح القدس وإضاءته. إذا لم يمكننا عمل ذلك، فستظل لدينا حينها أمور مثل العمل والمدرسة والأسرة في أذهاننا. وبعد ذلك سنمارس العبادات شكليًا فحسب، ونسترضي الله في خلواتنا التعبدية، لأننا لا نركِّز فقط على عبادة الله ولا نقرأ كلامه بروح الصلاة. يجعل هذا من غير المحتمَل أن ننال أي استنارة من الروح القدس، حتى إذا فهمنا المعنى الحرفي لكلام الله.
تقول كلمات الله: "الحياة الروحية العادية هي حياة يعيشها المرء أمام الله. عند الصلاة، يستطيع المرء أن يهدّئ قلبه أمام الله، وعبر الصلاة، يستطيع السعي إلى استنارة الروح القدس ومعرفة كلام الله وفهم مشيئة الله. وبأكل كلام الله وشربه، يستطيع الناس أن يربحوا فهمًا أوضح وأكثر شموليةً لعمله الحالي. يستطيعون أيضًا أن يربحوا طريق ممارسة جديدًا، ولن يتمسّكوا بالطريق القديم. سيكون الهدف من كل ما يمارسونه هو تحقيق النمو في الحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. فيما يتعلق بحياة روحية عادية). "إذا كنتم ترغبون في جعل قلبكم في سلام حقيقي أمام الله، فيجب عليكم القيام بعمل التعاون عن قصدٍ. وهذا يعني أنه يجب على كل واحد منكم أن يخصص وقتًا لعباداتكم، وقتًا تضعون فيه جانبًا الناس والحوادث والأشياء، أقِرّوا قلوبكم وهدّئوا أنفسكم أمام الله. يجب أن يحتفظ كلٌّ منكم بملاحظات تعبدية فردية؛ حيث تقومون بتسجيل معرفتكم بكلمة الله، وكيف تحركت روحكم، بغض النظر عمّا إذا كان ما دونتموه عميقًا أو سطحيًا. يجب أن يهدّئ كل شخص قلبه أمام الله عن قصدٍ. إذا كنت تستطيع تخصيص ساعة أو ساعتين لحياة روحية حقيقية كلَّ يوم، فستشعر بازدهار في حياتك في ذلك اليوم وسيكون قلبك مشرقًا وصافيًا. إن كنت تعيش هذا النوع من الحياة الروحية يوميًا، فسوف يكون قلبك قادرًا على العودة إلى حوزة الله، وتزداد روحك قوة، وتتحسن حالتك باستمرار، وتصبح أكثر قدرةً على السير في الطريق الذي يقوده الروح القدس، وسيمنحك الله المزيد من البركات. إن الغرض من حياتكم الروحية هو كسب حضور الروح القدس عن وعي؛ وليس هو التقيد بالقواعد أو إجراء الطقوس الدينية، بل التصرف حقًا بتناغم مع الله وإخضاع جسدكم. هذا ما يجب على الإنسان فعله، لذلك يجب عليكم أن تفعلوا هذا بأقصى جهد" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. حياة روحية طبيعية تقود الناس إلى المسار الصحيح). يمكننا أن نرى من كلمات الله أن ممارسة تهدئة قلوبنا أمام الله ضرورية من أجل حياة روحية جيدة. نحتاج، قبل الخلوات التعبدية، إلى الابتعاد بوعي عن أي شيء من شأنه أن يقاطعنا، بعيدًا عن كل الناس والأحداث والأشياء التي يمكن أن تُبعِد قلوبنا عن الله. تكون قلوبنا بشكل عام أكثر راحة في الصباح، قبل أن نتعامل مع الأشياء الصغيرة التي لا تُعَد ولا تُحصى التي تظهر في حياتنا وفي العمل. يمكننا أن نصلّي لله في هذا الوقت ونخبره بكل شيء عن مصاعبنا ونواقصنا. ويمكننا أن نقرأ كلام الله باهتمام، ونتأمل ونسعى لمشيئته وسبيل الممارسة. كلما هدأنا أنفسنا أمام الله بهذه الطريقة، زاد احتمال أن نربح عمل الروح القدس. هذه طريقة أفضل للخروج بفائدة من خلواتنا التعبدية، وسيستمر وضعنا الروحي في التحسُّن.
2. ركِّز على التأمل في كلام الله في الخلوات التعبدية
الطريقة الثانية للحصول على استفادة أكبر من خلواتنا التعبدية هي التركيز على التأمل في كلام الله. يقرأ الكثير من الناس كلام الله في خلواتهم التعبدية، لكنهم لا يفكرون فيها حقًا؛ إنهم لا يقرؤونها إلا على عجل، ويكتفون بفهم معنى المستوى السطحي. ومع ذلك، فإنهم لا يربحون أي فهم حقيقي لمشيئة الله أو متطلباته. بهذا النهج، مهما قرأوا كلام الله، لن يفهموا الحق. نعلم جميعًا أن كلام الله هو الحق، وهو تعبير عن شخصيته، ويعلن حياته الواقعية. إنه زاخر بمشيئة الله، لذا فهو ليس شيئًا يمكننا فهمه حقًا بمجرد التفكير فيه للحظة. علينا أن نقرأه بروح الصلاة ونتأمل فيه كثيرًا، بقلوب تقيّة تتوق لربح الاستنارة والإضاءة من الروح القدس. هذا هو السبيل الوحيد لفهم الحقائق في كلام الله، لفهم ما يقوله لنا حقًا. يقول الله: "ويعني التفاني والإخلاص لكلام الله، في الدرجة الأولى، السعي إلى الحقيقة وإلى معرفة قصد الله في كلامه والتركيز على إدراك إرادة الله وفهم واكتساب المزيد من الحقيقة من كلام الله. عند قراءة كلام الله، لم يركّز بطرس على فهم العقائد ولا حتى على اكتساب المعرفة اللاهوتية؛ بل ركّز على فهم الحقيقة وإدراك إرادة الله واكتساب فهمٍ لشخصية الله وجماله. لقد حاول أيضًا أن يفهم من كلام الله حالات الفساد المتنوعة لدى الإنسان وطبيعة الإنسان الفاسدة وعيوبه الحقيقية، ملبّيًا كل جوانب مطالب الله التي يوجّهها إلى الإنسان بهدف إرضاء الله. لقد كانت لديه العديد من الممارسات الصحيحة التي تندرج ضمن كلام الله؛ وهذا أكثر ما يتطابق مع إرادة الله وأفضل تعاون يُبديه الإنسان في اختباره لعمل الله" ("كيف تسير في طريق بطرس؟" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). يمكننا أن نرى هنا أنه عند قراءة كلام الله، علينا النظر في قصد الله وراء قول هذا، ما هي مشيئة الله، وماذا يمكن أن تحققه فينا، وبأي الأشكال نكون متمردين أو ضعفاء، وكيفية ممارسة الحق لمعالجة هذه المشكلات. عندما نسعى ونتأمل بهذه الطريقة، فإننا سرعان ما سننال استنارة الله، مما يسمح لنا بفهم ما يقوله كلام الله حقًا، وما هو غرض الله ومقاصده. بعد ذلك، عندما نتصرف بحسب متطلبات كلام الله، سنتمكَّن من فهم الحق تدريجيًا والدخول إلى الواقع. سيجعل هذا الحصول على منفعة من خلواتنا التعبدية أمر أيسر.
لنأخذ آية الكتاب المقدَّس هذه كمثال: "وَتُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلْأُولَى" (مرقس 12: 30). نفهم من ذلك أن الله يطلب منا أن نحبه من كل قلوبنا ومن كل فكرنا: لماذا يطلب منا ذلك؟ ما هي مشيئة الله؟ يمكننا أن نتأمل في ذلك وندرك أن الله يعلم أنه بما الشيطان قد أفسدنا، فلدينا جميعًا طبيعة أنانية. نحن نفكر دائمًا في كيفية إرضاء مصالحنا الخاصة في كل شيء، لذلك عندما نبذل أنفسنا من أجل الله، فإننا نعقد صفقة مع الله فحسب، ونحاول الحصول على بَرَكات ونعمة منه، وقد نشكو إلى الله عندما لا تتحقَّق رغباتنا. نحن لا نعيش إلا بحسب شخصياتنا الشيطانية. هذه هي مقاوَمة الله وغشِّه. إن شخصية الله قدّوسة وبارة، لذلك إذا واصلنا هذا النوع من السعي، فإننا لن ننال قبول الله ونصل إلى ملكوته، مهما كانت صعوبة العمل من أجل الله. لقد صنع الله هذا المطلب بحسب عيوبنا واحتياجاتنا، آملًا أنه عندما نقوم بواجباتنا، فلا يشوبها الغش أو المصالح. إنه يأمل ألا نحيا بحسب شخصياتنا الفاسدة الأنانية الحقيرة، ولكن نكون سعداء بالعمل وبذل أنفسنا بسبب محبتنا لله، والحياة بحسب شبَه إنساني حقيقي. وحده هذا سيربَح قبول الله. عندما نفكِّر في هذه الأشياء وندركها، فإن العزم على الظمأ إلى الحق وإهمال الجسد يمكن أن ينشأ في داخلنا، ونصبح مستعدين لمحبة الله من كل قلوبنا وفكرنا. هذا ما يتحقق من خلال قراءة كلام الله بروح الصلاة. عندما نقترب من كلام الله بهذه الطريقة طوال الوقت، ونحيا أمام الله، ستستمر حياتنا الروحية في التحسُّن.
3. فكِّر في المشكلات والصعوبات في خلواتك التعبدية
من أجل تحقيق نتائج في حياتنا الروحية، علينا أن نتحمَّل المسؤولية في أكل كلام الله وشربه، ونحتاج أن نربط هذا بحالتنا الحقيقية ونسعى للحق. هذا مهم جدًا. تمامًا كما تقول كلمات الله: "عندما تأكل وتشرب كلام الله، يجب أن تقيس واقع حالتك عليه، أي عندما تكتشف عيوبك أثناء اختبارك الحقيقي، يجب أن تكون قادرًا على العثور على مسار للممارسة، والتخلي عن دوافعك ومفاهيمك غير الصحيحة. إذا كنت تسعى دائمًا باجتهاد من أجل هذه الأشياء وتجتهد بكل قوتك لتحقيقها، فسيكون لك مسار لتتبعه، ولن تشعر بالخواء، ومن ثمَّ ستتمكن من الحفاظ على حالة طبيعية. عندها فقط ستكون شخصًا يحمل عبئًا في حياته، ويتمتع بإيمان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (7)).
"وبما أنك تَمثُل أمام الله حاملاً ثقلاً وتشعر دائمًا بأنك تعاني نقصًا بطرق عديدة، وتحتاج إلى معرفة العديد من الحقائق، وتحتاج إلى اختبار جانب كبير من الواقع، وأن عليك توجيه كل الاهتمام لإرادة الله – فهذه الأشياء دائمًا ما تشغل عقلك. يبدو الأمر كما لو أنها تضغط عليك بشدة بحيث لا يمكنك التنفس؛ وبالتالي تشعر بثقل في القلب (رغم أنك لست في حالة سلبية). مثل هؤلاء الأشخاص هم وحدهم المؤهلون لقبول استنارة كلام الله وتأثير روح الله فيهم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. من المهم جدًا إقامة علاقة طبيعية مع الله). يعبِّر الله عن الحقائق ليكشف عيوب البشر واحتياجاتهم، لذلك فإننا نحتاج إلى السعي للحق لمعالجة مشكلاتنا الفعلية، عندما نقرأ كلام الله. نحن بحاجة إلى البحث في مشكلاتنا الفعلية وصعوباتنا في ضوء كلام الله حتى يمكننا أن نربح استنارة الروح القدس. على سبيل المثال، إذا اكتشفنا أننا دائمًا ما نظهر الغطرسة، متشبثين بآرائنا الخاصة، ونجعل الآخرين يستمعون إلينا، وربما حتى نلقي المحاضرات ونكبت الآخرين، عندما نكون مع إخوة وأخوات أو نتعاون مع شخص ما في واجبنا، فإننا يجب أن نفكِّر مليًا في هذه المشكلة في خلواتنا التعبدية. لماذا دائمًا ما نظهر هذا النوع من الفساد ولا يمكن أن يبدو أننا نتغيِّر؟ لماذا لا نستطيع الهروب من عبودية الخطية ونتوقف عنها؟ وكثيرًا لا يسعنا إلا أن نكذب ونخدع للحفاظ على ماء وجهنا ومكانتنا؛ لماذا هذا؟ لماذا من الصعب أن تكون شخصًا صادقًا؟ لقد غَفَر الرَّب يسوع خطايانا، فلماذا نخطئ باستمرار؟ هل يمكن لأناس مثلنا، الذين يخطئون دائمًا، أن يدخلوا حقًا ملكوت السموات؟ اطرح هذه الأسئلة وأكثر. لا سيما الآن بعد أن دمَّرت الجائحة العالم، وتحل بنا الكوارث، ما زلنا لم نر الرَّب يأتي على سحابة، لذلك فإنه من المحتَّم لنا أن نرضخ للكوارث عاجلًا أم آجلًا. لا يمكننا أن نضيّع أي وقت دون صلاة للرَّب والسعي لمشيئته الآن بعد أن حلَّت الكوارث. نحتاج إلى التأمل الكامل في بعض الأسئلة العملية: أين سيظهر الرَّب ويعمل عندما يأتي في الأيام الأخيرة؟ أين سيتكلَّم الروح القدس مع الكنائس؟ كيف نكون عذارى حكيمات ونرحِّب بالرَّب؟ أي نوع من الكنيسة هي كنيسة فيلادلفيا التي ستُختَطَف؟ من خلال جلب هذه الأسئلة العملية إلى خلواتنا التعبدية وقراءة كلام الله، والسعي لمشيئة الله الفعلية، يمكننا أن نربح بسهولة أكثر استنارة الله وإرشاده. يمكن لهذا أن يعالج مشكلاتنا وصعوباتنا، ويمنحنا مسار الممارسة. إذا قرأنا الكتاب المقدَّس بشكل آلي وصليَّنا، وعاملنا خلواتنا التعبدية كمهمة أخرى، نؤديها شكليًا، ستعاني حياتنا الروحية ولن تصبح سوى طقسًا أو تقليدًا دينيًا.
هذه هي المبادئ الثلاثة لممارسة ما علينا أن نُلم به من أجل خلواتنا التعبدية. ما دمنا نطبِّق هذه المبادئ، ونمارسها في حياتنا الروحية، سنربح استنارة أكثر من الروح القدس، وسنرى تحسنًا مستمرًا في حياتنا الروحية، وسنختبر نموًا تدريجيًا في حياتنا.
تعليق المحرِّر: هل كانت هذه المبادئ لممارسة الخلوات التعبدية نافعة لك؟ إن كانت كذلك، فلا تتردَّد في مشاركته مع إخوتك وأخواتك حتى يمكن للمزيد من الناس أن يجدوا طريقًا افضل لممارسة خلواتهم التعبدية. إذا وجدت أن لديك أي مشكلات أو أسئلة في إيمانك، فنرجو أن تتواصل معنا عبر ماسنجر أو واتساب، وسيسعدنا أن نناقشها معك.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.