استعادة الحياة الطبيعية للإنسان وأخذه إلى غاية رائعة (الجزء الأول)

يفهم الإنسان القليل من عمل اليوم وعمل المستقبل، لكنه لا يفهم الغاية التي ستؤول إليها البشرية. يجب على الإنسان كمخلوق أداء الواجب المطلوب من مخلوق: وهو أنه ينبغي عليه كإنسان أن يتبع الله في كل ما يفعل، وينبغي عليكم المضي قدمًا في أي طريق أطلب منكم أن تسيروا فيه. ليس لديك القدرة على عمل ترتيبات لنفسك، وأنت غير قادر على السيطرة على نفسك؛ فيجب أن تترك كل شيء لرحمة الله، فكل شيء خاضع لسيطرته. إذا كان عمل الله يقدم للإنسان نهاية، وغاية رائعة، قبل الأوان، وإذا استخدم الله هذا لجذب الإنسان وحثه على أن يتبعه – أي إذا أبرم صفقة مع الإنسان – فإن هذا لن يكون إخضاعًا، ولن يكون عملاً في حياة الإنسان. لو استخدم الله النهاية للسيطرة على الإنسان وكسب قلبه، فإن هذه ليست الطريقة التي يُكمِّل بها الإنسان، ولن يكون قادرًا بها على اقتناء الإنسان، ولكن بدلاً من ذلك سيكون قد استخدم الغاية للسيطرة عليه. لا يهتم الإنسان بشيء أكثر من النهاية المستقبلية، والغاية النهائية، وما إذا وُجد شيء جيد يرتجي حدوثه. إذا مُنح الإنسان رجاءً جميلاً أثناء عمل الإخضاع، وإذا مُنح، قبل إخضاعه، الغاية المناسبة ليسعَ إليها، فلن يقتصر الأمر على عدم تحقيق تأثير عمل إخضاع الإنسان فحسب، ولكن سينعكس ذلك على تأثير العمل أيضًا. وهذا يعني أن عمل الإخضاع يحقق أثره بإبعاد مصير الإنسان وتطلعاته، وتوبيخ شخصية الإنسان المتمردة ودينونتها. لا يتحقق ذلك من خلال إبرام صفقة مع الإنسان، أي من خلال منح الإنسان بركات ونعمة، ولكن من خلال الكشف عن إخلاص الإنسان بتجريده من حريته والقضاء على تطلعاته. هذا هو جوهر عمل الإخضاع. إذا أُعطي الإنسان رجاءً جميلاً في البداية، وأُجري عمل التوبيخ والدينونة بعد ذلك، فإن الإنسان سيقبل هذا التوبيخ وتلك الدينونة على أساس أنه كان يحظى بتطلعات، وفي النهاية، لا تتحقق الطاعة غير المشروطة للخالق وعبادته من كل مخلوقاته؛ ولن توجد سوى طاعة عمياء وجاهلة، وإلا فسيطلب الإنسان مطالب عمياء من الله، وهكذا يكون من المستحيل إخضاع قلب الإنسان إخضاعًا تامًا. ومن ثمَّ، فإن عمل الإخضاع هذا سيكون غير قادر على اقتناء الإنسان، وبالإضافة إلى هذا، لن يشهد لله. لن تكون هذه المخلوقات قادرة على أداء واجبها، وفقط ستعقد صفقات مع الله؛ ولكن لن يكون هذا عمل إخضاع، بل عمل رحمة وبركة. إن أكبر مشكلة تواجه الإنسان هي أنه لا يفكر في شيء سوى مصيره وتطلعاته، ويمارس عبادة هذه الأمور. يسعى الإنسان إلى الله من أجل مصيره وتطلعاته؛ ولا يعبد الله بسبب محبته له. وهكذا، في عمل إخضاع الإنسان، يجب نزع أنانية الإنسان وجشعه وكل ما يعيق عبادته لله. وبذلك، ستتحقق آثار إخضاع الإنسان. ونتيجة لذلك، فإنه في مرحلة مبكرة من إخضاع الإنسان يكون من الضروري أولاً تطهير طموحاته الجامحة وأوجه ضعفه الشديدة، ومن خلال ذلك، تظهر محبة الإنسان لله، وتتغير معرفته بحياته، ونظرته إلى الله، ومعنى وجوده. بهذه الطريقة، تتطهر محبة الإنسان لله، وهذا يعني أن قلب الإنسان قد أُخضع. لكن في موقف الله تجاه كل المخلوقات، فإنه لا يُخضعها بغرض الإخضاع فحسب؛ بل يخضعها أيضًا من أجل اقتناء الإنسان، ومن أجل مجده، ومن أجل استعادة الصورة الأصلية الأولى للإنسان. لو كان هدفه الإخضاع من أجل الإخضاع، فستضيع أهمية عمل الإخضاع. وهذا يعني أنه إذا تخلى الله عن الإنسان بعد إخضاعه، ولم يكترث بحياته أو مماته، فهذا ليس تدبير البشرية، ولا يكون الهدف من إخضاع الإنسان هو خلاصه. إن ربح الإنسان فقط بعد إخضاعه ووصوله النهائي إلى غاية رائعة هو صميم كل عمل الخلاص، ولا يمكن إلا لهذا أن يحقق هدف خلاص الإنسان. بعبارة أخرى، فإن وصول الإنسان إلى الغاية الجميلة ودخوله إلى الراحة وحدهما هما التطلعان اللذان ينبغي أن يمتلكهما جميع المخلوقات، والعمل الذي ينبغي أن يعمله الخالق. إذا كان الإنسان هو مَنْ سيقوم بهذا العمل، فإنه سيكون محدودًا جدًا: فقد يأخذ الإنسان إلى نقطة معينة، ولكنه لن يتمكن من الإتيان بالإنسان إلى الغاية الأبدية. لا يستطيع الإنسان أن يقرّر مصير الإنسان، كما لا يمكنه ضمان تطلعات الإنسان وغايته المستقبلية. إن العمل الذي يعمله الله مختلف. منذ أن خلق الله الإنسان وهو يقوده؛ وبما أنه يُخلِّص الإنسان، فإنه سيخلِّصه خلاصًا تامًا، وسيقتنيه اقتناءً تامًا؛ وبما أنه يقود الإنسان، فإنه سيأتي به إلى الغاية المناسبة؛ ولأنه خلق الإنسان ويدبِّر أمره، فإنه يتحمل مسؤولية مصير الإنسان وتطلعاته. هذا هو العمل الذي عمله الخالق. ومع أن عمل الإخضاع يتحقق من خلال تطهير الإنسان من تطلعاته، فيجب أن يؤتى بالإنسان في النهاية إلى الغاية المناسبة التي أعدها له الله. ولأن الإنسان هو بالتحديد فلاحة الله، فإنه يحظى بغاية، ومصيره مضمون. إن الغاية المناسبة المُشار إليها هنا ليست آمال الإنسان وتطلعاته التي تطهّرت في الأوقات الماضية؛ فالاثنان مختلفان. إن ما يرتجيه الإنسان ويسعى إليه هو اشتياقه لسعيه وراء رغبات الجسد المبالغ فيها، وليس للغاية التي يستحقها الإنسان. ومع هذا، فإن ما أعده الله للإنسان هو البركات والوعود التي يستحقها الإنسان بمجرد أن يصير نقيًا، والتي أعدها الله للإنسان بعد خلق العالم، والتي لا يلوثها اختيار الإنسان أو مفاهيمه أو خياله أو جسده. هذه الغاية ليست مُعَدة لشخص معين، بل هي موضع راحة جميع البشر. ومن ثمَّ، فهذه الغاية هي الغاية الأنسب للبشرية.

ينوي الخالق تنظيم جميع المخلوقات. يجب ألا تتجاهل أو تعصي أي شيء يفعله، ولا يجب أن تكون متمردًا عليه. العمل الذي يعمله سيحقق أهدافه في النهاية، وبهذا يتمجَّد. لماذا لا يُقال اليوم إنك نسل موآب، أو ذرية التنين الأحمر العظيم؟ لماذا لا يوجد حديث عن أشخاص مختارين، ولا حديث إلا عن المخلوقات؟ المخلوق – كان هذا هو العنوان الأصلي للإنسان، وهذه هي هويته الفطرية. ولا تختلف الأسماء إلا بسبب اختلاف العصور وفترات العمل؛ في الواقع، الإنسان مخلوق عادي. يجب أن تؤدي جميع المخلوقات، سواء أكانت الأكثر فسادًا أم الأكثر قداسة، واجبها كمخلوقات. عندما ينفّذ الله عمل الإخضاع، فإنه لا يسيطر عليك باستخدام تطلعاتك أو مصيرك أو غايتك، فلا توجد في الواقع حاجة للعمل بهذه الطريقة؛ فالهدف من عمل الإخضاع هو دفع الإنسان ليقوم بواجبه كمخلوق، وأن يعبد الخالق، وبعد ذلك فقط يمكنه أن يدخل الغاية الرائعة. إن يديّ الله تتحكمان في مصير الإنسان. فلا يمكنك التحكم في نفسك: ومع أن الإنسان يهرع وينشغل دائمًا من أجل نفسه، إلا أنه يبقى غير قادر على السيطرة على نفسه. إذا كنت تستطيع معرفة تطلعاتك الخاصة، وإن كان بإمكانك التحكم في مصيرك، فهل كنت ستبقى مخلوقًا؟ باختصار، وبغض النظر عن الكيفية التي يعمل بها الله، فإن كل عمله هو من أجل الإنسان. على سبيل المثال، خذ السماء والأرض وكل الأشياء التي خلقها الله لخدمة الإنسان: القمر والشمس والنجوم التي صنعها للإنسان، والحيوانات والنباتات، والربيع والصيف والخريف والشتاء، وغيرها – جميعها ​​مخلوقة من أجل وجود الإنسان. وهكذا، وبغض النظر عن الكيفية التي يوبِّخ بها الإنسان ويدينه، فإن هذا جميعه من أجل خلاص الإنسان. ومع أنه يجرّد الإنسان من آماله الجسدية، فإن هذا من أجل تطهير الإنسان، وتطهير الإنسان هو من أجل وجوده. إن غاية الإنسان في يديّ الخالق، فكيف يمكن للإنسان أن يتحكم في نفسه؟

سوف يُؤتى بالإنسان إلى عالم جميل حالما يكتمل عمل الإخضاع. ستكون هذه الحياة بالطبع على الأرض، لكنها لن تكون مشابهة بأي صورة من الصور لحياة الإنسان اليوم. إنها الحياة التي ستعيشها البشرية بعد أن تُخضَع بأسرها، وستكون بداية جديدة للإنسان على الأرض، وهكذا عندما تحيا البشرية مثل هذه الحياة، فسيكون هذا دليلاً على أن البشرية قد دخلت عالمًا جديدًا وجميلاً. ستكون بداية حياة الإنسان والله معًا على الأرض. يجب أن تكون المقدمة المنطقية لهذه الحياة الجميلة هي أن الإنسان سيخضع أمام الخالق بعد تطهيره وإخضاعه. وهكذا، فإن عمل الإخضاع هو المرحلة الأخيرة من عمل الله قبل أن يدخل الإنسان الغاية الرائعة. مثل هذه الحياة هي حياة الإنسان المستقبلية على الأرض، إنها أجمل حياة على الأرض، نوعية من الحياة يشتاق إليها الإنسان، نوعية لم يتمتع بها الإنسان من قبل في تاريخ العالم. إنها المُحصّلة النهائية بعد ستة آلاف سنة من عمل التدبير، وهي أهم ما يتوق إليه البشر، وهي أيضًا وعد الله للإنسان. لكن هذا الوعد لا يمكن أن يتحقق على الفور: فالإنسان لن يدخل إلى الغاية المستقبلية إلا بعد اكتمال عمل الأيام الأخيرة وإخضاعه إخضاعًا تامًا، أي بمجرد هزيمة الشيطان هزيمة ساحقة. سيتخلص الإنسان من طبيعته الآثمة بعد أن يخضع للتنقية، لأن الله سيكون قد هزم الشيطان، مما يعني أنه لن يوجد أي تعدٍ من قوى معادية، ولا من القوى المعادية التي يمكنها مهاجمة جسد الإنسان. وهكذا سيكون الإنسان حرًا ومقدسًا – وسيكون قد دخل الأبدية. لن يكون الإنسان حرًا حيثما ذهب، وبدون تمرد أو معارضة، إلا إذا كانت قوى الظلام المعادية مقيدة. ولن يكون الإنسان على ما يرام إلا إذا كان الشيطان مقيدًا؛ اليوم، لا ينعم الإنسان بخير لأن[1] الشيطان لا يزال يثير المشكلات في كل مكان على الأرض، ولأن عمل تدبير الله بأكمله لم يصل بعد إلى نهايته. بمجرد هزيمة الشيطان، سيتحرر الإنسان بالكامل؛ وعندما يربح الإنسان الله ويخرج من تحت مُلك الشيطان، سوف يعاين شمس البر. سوف تُستعاد الحياة التي يستحقها الإنسان العادي؛ سوف يُستعاد كل ما يجب أن يمتلكه الإنسان العادي، مثل القدرة على تمييز الخير من الشر، وفهم كيفية تناول الطعام وتغطية نفسه، والقدرة على العيش بطريقة طبيعية. حتى لو لم تكن حواء قد استجابت لإغواء الحية، لكان ينبغي على الإنسان أن يتمتع بمثل هذه الحياة الطبيعية بعد أن خُلق في البداية. كان ينبغي عليه أن يأكل ويلبس ويعيش حياة الإنسان العادي على الأرض. ومع ذلك، بعد أن أصبح الإنسان فاسدًا، أصبحت هذه الحياة وهمًا يستحيل تحقيقه، وحتى اليوم لا يجرؤ الإنسان على تخيل مثل هذه الأمور. في الواقع، هذه الحياة الجميلة التي يشتاق إليها الإنسان هي ضرورة: إذا كان الإنسان بدون غاية من هذا القبيل، فإن حياته الفاسدة على الأرض لن تتوقف أبدًا، وإذا لم توجد حياة جميلة مثل هذه، فلن توجد نهاية لمصير الشيطان أو نهاية للعصر الذي تسيَّد فيه الشيطان على الأرض. يجب أن يصل الإنسان إلى عالم لا يمكن لقوى الظلام أن تصل إليه، وعندما يفعل ذلك، سيثبت ذلك أن الشيطان قد هُزم. بهذه الطريقة، عندما لا يوجد أي إزعاج من الشيطان، سيضبط الله البشرية بنفسه، وسوف يقود حياة الإنسان بأسرها ويضبطها؛ وستُعد هذه وحدها هزيمة للشيطان. حياة الإنسان اليوم في أغلبها حياة دنس، ولا تزال حياة معاناة وضيق. لا يمكن أن تُسمى هذه هزيمة للشيطان؛ فلم يهرب الإنسان بعد من بحر الضيق، ولم يهرب بعد من مشقة حياة الإنسان أو تأثير الشيطان، ولا يزال لا يمتلك إلا معرفة ضئيلة عن الله. لقد تسبب الشيطان في كل مشقة الإنسان، وهو الذي جلب المعاناة إلى حياة الإنسان، ولن يستطيع الإنسان الهروب هروبًا كليًا من بحر الضيق إلا بعد أن يُقيد الشيطان. ومع ذلك، يتحقق تقييد الشيطان من خلال إخضاع قلب الإنسان واقتنائه، بالفوز بالإنسان في المعركة مع الشيطان.

إن سعي الإنسان اليوم ليصبح غالبًا وكاملاً هما الأمران المطلوبان قبل أن يعيش حياة إنسان عادي على الأرض، وهما الهدفان اللذان يسعى إليهما الإنسان قبل تقييد الشيطان. من حيث المضمون، يعني سعي الإنسان ليصبح غالبًا وكاملاً، أو لاستخدامه استخدامًا عظيمًا، الهروب من تأثير الشيطان، بمعنى أن سعي الإنسان هو أن يصبح غالبًا، لكن المُحصِّلة النهائية ستكون هروبه من تأثير الشيطان. ولا يمكن للإنسان أن يحيا حياة الإنسان العادي على الأرض، أي حياة عبادة الله، إلا بالهروب من تأثير الشيطان. إن سعي الإنسان اليوم ليصبح غالبًا وكاملاً هما الأمران المطلوبان قبل أن يحظى بحياة إنسان عادي على الأرض. السعي لهذين الأمرين هو في المقام الأول من أجل التطهير وممارسة الحق، ومن أجل تحقيق عبادة الخالق. إذا امتلك الإنسان حياة شخص عادي على الأرض، أي حياة بدون مشقة أو ضيق، فلن ينشغل الإنسان بالسعي لأن يصبح غالبًا. "أن يصبح غالبًا" و"أن يصير كاملاً" هما الهدفان اللذان يعطيهما الله للإنسان، ومن خلال السعي وراء هذين الهدفين، فإنه يدفع الإنسان ليمارس الحق ويحيا حياة ذات مغزى. والهدف هو تكميل الإنسان واقتناؤه، والسعي إلى أن يصبح غالبًا وكاملاً هو مجرد وسيلة. إذا دخل الإنسان في المستقبل إلى الغاية الرائعة، فلن توجد أية إشارة إلى أن يصبح غالبًا وينال الكمال؛ لن توجد سوى مخلوقات تؤدي واجباتها. واليوم، يُجبر الإنسان على السعي إلى هذه الأمور ببساطة من أجل تحديد نطاق للإنسان، بحيث يكون سعي الإنسان أكثر تحديدًا وعملي بدرجة أكبر. وبدون ذلك، فإن سعي الإنسان لدخول الحياة الأبدية سيكون غامضًا ومجرّدًا، وإن كان الأمر كذلك، فهل سيكون الإنسان أكثر رعبًا؟ ألا يكون السعي بهذه الطريقة من دون أهداف أو مبادئ خداعًا ذاتيًا؟ أخيرًا، من الطبيعي أن يكون هذا السعي بلا ثمر؛ وفي النهاية، سيظل الإنسان يحيا تحت مُلك الشيطان، ولن يكون قادرًا على تحرير نفسه منه. لماذا يُخضع نفسه لمثل هذا السعي الذي بلا هدف؟ عندما يدخل الإنسان إلى الغاية الأبدية، فسيعبد الخالق، ولأن الإنسان قد نال الخلاص ودخل إلى الأبدية، فإنه لن يسعى لأي أهداف، بل ولن يحتاج إلى القلق لكونه محاصرًا من الشيطان. في هذا الوقت، سيعرف الإنسان موضعه، وسيؤدي واجبه، وحتى لو لم يجتز التوبيخ والدينونة، فسوف يؤدي كل شخص واجبه. في ذلك الوقت، سيكون الإنسان مخلوقًا من ناحية الهوية والحالة. لن يوجد تمييز بين مَنْ هو أعلى ومَنْ هو أدنى؛ بل سيؤدي كل شخص ببساطة وظيفة مختلفة. وهكذا، سيظل الإنسان يحيا في غاية بشرية مناسبة ومنظمة، وسيؤدي الإنسان واجبه من أجل عبادة الخالق، وستكون البشرية في هذا الوضع هي البشرية في حالتها الأبدية. في ذلك الوقت، سيكون الإنسان قد نال حياة مستنيرة بالله، حياة في ظل رعاية الله وحمايته، وحياة في معية الله. ستعيش البشرية حياة طبيعية على الأرض، وستدخل البشرية بأسرها إلى الطريق الصحيح. ستكون خطة التدبير التي دامت ستة آلاف سنة قد هزمت الشيطان تمامًا، مما يعني أن الله سيكون قد استرد الصورة الأصلية للإنسان بعد خلقه، ومن ثمَّ فإن الهدف الأصلي لله سيكون قد تحقق. قبل أن يُفسد الشيطان البشرية، عاشت البشرية في البداية حياة طبيعية على الأرض. وعندما أفسد الشيطان الإنسان فيما بعد، فقد الإنسان هذه الحياة الطبيعية، وهكذا بدأ عمل تدبير الله، وبدأت المعركة مع الشيطان لاستعادة الحياة الطبيعية للإنسان. عندما ينتهي عمل تدبير الله الذي امتد لستة آلاف سنة، فحينها فقط ستبدأ حياة البشرية بأسرها رسميًا على الأرض، وحينها فقط سيحظى الإنسان بحياة رائعة، وسيستعيد الله الغرض من خلق الإنسان في البدء، وسيسترد أيضًا الصورة الأصلية للإنسان. وهكذا، عندما يحظى الإنسان بالحياة الطبيعية للبشر على الأرض، لن يسعى إلى أن يصبح غالبًا أو أن يصير كاملاً، لأنه سيكون مقدسًا. إن الغلبة والكمال اللذين يتحدث بهما الإنسان هما الهدفان الممنوحان للإنسان ليسعَ إليهما خلال المعركة بين الله والشيطان، ووجودهما ليس إلا بسبب أن الإنسان قد فسد. إن هزيمة الشيطان تتحقق من خلال منحك هدفًا، ودفعك للسعي إلى هذا الهدف. فمطالبتك بأن تكون غالبًا أو أن تكون كاملاً أو أن تُستخدم يتطلب منك أن تقدّم شهادة حتى تخزي الشيطان. سيعيش الإنسان في النهاية حياة إنسان عادي على الأرض، وسيكون الإنسان مقدسًا، وعندما يحدث هذا، هل سيظل يسعى إلى أن يصير غالبًا؟ أليس جميعهم مخلوقات؟ أن تصبح غالبًا وكاملاً هو أمر موجه ضد الشيطان، وضد دنس الإنسان. ألا تتعلق هذه "الغلبة" بتحقيق الانتصار على الشيطان والقوى المعادية؟ عندما تقول بأنك قد أصبحت كاملاً، فما الذي تكمَّل فيك؟ أليس كونك قد تجردت من الشخصية الشيطانية الفاسدة حتى تتمكن من تحقيق المحبة الأسمى لله؟ تُقال مثل هذه الأشياء فيما يتعلق بالأمور الدنسة داخل الإنسان، وفيما يتعلق بالشيطان، وتُقال عن أمور تتعلق بالله.

إذا كنت لا تسعى اليوم إلى أن تصبح غالبًا أو كاملاً، ففي المستقبل، عندما تعيش البشرية حياة طبيعية على الأرض، لن توجد فرصة لمثل هذا السعي. في ذلك الوقت، ستظهر نهاية كل نوع من الأشخاص. وستتضح في ذلك الوقت نوعيتك التي أنت عليها، وسيكون من المستحيل أن ترغب في أن تكون غالبًا أو كاملاً. وبسبب تمرد الإنسان فقط فإنه سيعاقب بعد أن يكون قد كُشف. في ذلك الوقت، لن يكون لسعي الإنسان مكانة أعلى من الآخرين، لأن البعض سيكونون غالبين، والبعض الآخر كاملين، أو أن يكون البعض أبكار الله والآخرين أولاد الله. ولن يسعوا إلى هذه الأشياء. فجميعهم سيكونون مخلوقات الله، وسوف يعيشون على الأرض، حيث يعيشون جميعًا في معية الله على الأرض. الآن هو وقت المعركة بين الله والشيطان، إنه وقت لم تنته فيه هذه المعركة بعد، وهو وقت لم يُقتن فيه الإنسان بعد اقتناءً كاملاً، فهي فترة انتقالية. وهكذا، يتعيّن على الإنسان أن يسعى إلى أن يصبح غالبًا أو واحدًا من شعب الله. فيوجد اليوم فرق في المكانة، لكن عندما يحين الوقت لن توجد مثل هذه الفروق: ستكون حالة جميع أولئك الذين أصبحوا منتصرين هي الحالة نفسها، سيكونون جميعًا بشرًا مؤهلين، وسيعيشون متساوون على الأرض، أي أنهم سيكونون جميعًا مخلوقات مؤهلة، وكل ما سيُمنح لهم سيكون هو الشيء نفسه. ولأن أزمنة عمل الله مختلفة، وأهداف عمله أيضًا مختلفة، فلو أُنجز هذا العمل فيكم، فستكونون مؤهلين لأن تصيروا كاملين وغالبين؛ ولكن إن أُنجز في الخارج، فسيكونون هم مؤهلون ليصبحوا أول جماعة من الناس الذين يجتازون الإخضاع، وأول جماعة من الناس الذين يحظون بالكمال. واليوم، لا يتم هذا العمل في الخارج، لذا فهم غير مؤهلين ليكونوا كاملين وغالبين، ومن المستحيل لهم أن يصبحوا الجماعة الأولى. ولأن هدف عمل الله مختلف، فإن زمن عمله مختلف، ونطاقه مختلف، لذا ستوجد الجماعة الأولى، أي جماعة الغالبين، وكذلك ستوجد الجماعة الثانية التي ستنال الكمال. وبمجرد أن توجد الجماعة الأولى التي ستحظى بالكمال، سيوجد نموذج وعينة، وهكذا في المستقبل ستوجد جماعة ثانية وثالثة من أولئك الذين يناولون الكمال، ولكن في الأبدية سوف يكونون جميعهم متشابهين، ولن توجد تصنيفات بحسب الحالة. ببساطة، سيكونون قد نالوا الكمال في أوقات مختلفة، ولن يوجد اختلاف في الحالة. عندما يحين الوقت الذي يصير فيه الجميع كاملين، ويكون العمل في الكون بأسره قد انتهى، فلن يوجد أي تمييز في الحالة، وسيكون الجميع متساوين. واليوم، يتم هذا العمل بينكم حتى تصيروا أنتم الغالبين. لو تم ذلك في إنجلترا، فستكون الجماعة الأولى في إنجلترا، بالطريقة نفسها التي ستكونون أنتم عليها. إنني كريم بصفة خاصة لقيامي بعملي بينكم اليوم، وإن لم أقم بهذا العمل بينكم، فستكونون كذلك الجماعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة. هذا فقط بسبب الاختلاف في ترتيب العمل؛ لا يشير تعبير الجماعة الأولى والجماعة الثانية إلى أن المرء يحظى بمكانة أعلى أو أدنى من الآخر، بل يشير ببساطة إلى الترتيب الذي يحظى فيه هؤلاء الأشخاص بالكمال. اليوم تُقال هذه الكلمات لكم، ولكن لماذا لم تُبلغوا بها في وقت سابق؟ لأنه بدون وجود عملية محددة، يميل الناس إلى التطرف. على سبيل المثال، قال يسوع في ذلك الوقت: "مثلما رحلت، أعود أيضًا". واليوم، فُتن الكثيرون بهذه الكلمات، ولا يريدون إلا أن يرتدوا الثياب البيض وينتظروا اختطافهم إلى السماء. وهكذا، توجد العديد من الكلمات التي لا يمكن أن تُقال قبل الأوان؛ وإذا قيلت قبل الأوان فسوف يذهب الإنسان إلى التطرف. إن قامة الإنسان ضئيلة جدًا، وهو غير قادر على إدراك حقيقة هذه الكلمات.

الحواشي:

1. يرد النص الأصلي هكذا: "اليوم، إن هذا بسبب".

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.