معرفة المراحل الثلاث لعمل الله هي السبيل إلى معرفة الله (الجزء الثاني)

إن عمل الله نفسه يمثل الرؤية التي يجب أن يعرفها الإنسان، ذلك أن عمل الله لا يمكن للإنسان أن يحققه ولا أن يمتلكه. إن المراحل الثلاث للعمل هي مجمل تدبير الله، وليس هناك من رؤية أكبر يجب على الإنسان معرفتها. إذا لم يعرف الإنسان هذه الرؤية القوية، فلن يكون من السهل معرفة الله ولن يكون من السهل فهم مشيئة الله، وعلاوة على ذلك سيصبح الطريق الذي يسلكه الإنسان شاقًا على نحو متزايد. بدون رؤى، لن يكون الإنسان قادرًا على الوصول إلى هذا الحد. إنها الرؤى التي حمت الإنسان حتى اليوم، والتي أمدت الإنسان بأعظم حماية. في المستقبل، يجب أن تصبح معرفتكم أعمق، ويجب أن تعرفوا مجمل مشيئته وجوهر عمله الحكيم في المراحل الثلاث للعمل. فقط هذه هي قامتكم الحقيقية. لا تأتي المرحلة الأخيرة من العمل منفصلة، وإنما هي جزء مكمِّل للمرحلتين السابقتين، مما يعني أنه من المستحيل اكتمال عمل الخلاص بالكامل من خلال القيام بمرحلة واحدة فقط من المراحل الثلاث للعمل. على الرغم من أن المرحلة الأخيرة من العمل قادرة على تخليص الإنسان كلية، إلا أن هذا لا يعني أنه من الضروري تنفيذ هذه المرحلة الوحيدة بمفردها فقط وأن المرحلتين السابقتين للعمل غير مطلوبتين لتخليص الإنسان من تأثير الشيطان. لا يمكن اعتبار مرحلة واحدة من المراحل الثلاث هي الرؤية الوحيدة التي يجب أن تعرفها كل البشرية، لأن مجمل عمل الخلاص يعني المراحل الثلاث للعمل لا مرحلة واحدة من بينها. طالما لم يُنجز عمل الخلاص، فلن يكتمل تدبير الله. يُعبَّر عن ماهية الله وشخصيته وحكمته في مجمل عمل الخلاص الذي لم يُكشف للإنسان عنه في البداية، ولكن جاء التعبير عنه بالتدريج في عمل الخلاص. تعبِّر كل مرحلة من مراحل عمل الخلاص عن جزء من شخصية الله، وجزء من ماهيته؛ إذ لا يمكن لكل مرحلة من مراحل العمل أن تعبر عن ماهية الله على نحو مباشر وكامل. وعلى هذا النحو، لا يمكن الفراغ من عمل الخلاص بالكامل إلا بعد اكتمال المراحل الثلاث من العمل، ومن ثمَّ فإن معرفة الإنسان الكاملة بالله لا تنفصل عن المراحل الثلاث لعمل الله. إن ما يناله الإنسان من مرحلة واحدة من العمل هو مجرد شخصية الله التي يُعبَّر عنها في جزء واحد من عمله، ولا يمكن أن تمثل الشخصية والماهية التي يُعبَّر عنها في المراحل السابقة أو اللاحقة؛ ذلك أن عمل تخليص البشرية لا يمكن أن ينتهي على الفور خلال فترة واحدة، أو في مكان واحد، وإنما يصبح أعمق تدريجيًا وفقًا لمستوى تطور الإنسان في أوقات وأماكن مختلفة. إنه العمل الذي يتم على مراحل ولم يكتمل في مرحلة واحدة. وهكذا تتبلور حكمة الله الكاملة في المراحل الثلاث، وليس في مرحلة فردية واحدة. تكمن ماهيته الكاملة وحكمته الكاملة في هذه المراحل الثلاث، وتضم كل مرحلة ماهيته وتُعد سجلاً للحكمة من عمله. يجب على الإنسان أن يعرف الشخصية الكاملة لله المُعبَّر عنها في هذه المراحل الثلاث. تحظى كل ماهية الله هذه على الأهمية القصوى لجميع البشرية، وإذا لم يكن لدى البشرية هذه المعرفة عند عبادة الله، فلن يختلفوا عن أولئك الذين يعبدون بوذا. إن عمل الله بين البشر ليس خافيًا على الإنسان، ويجب أن يكون معلومًا لجميع مَنْ يعبدون الله. بما أن الله قد نَفَّذ المراحل الثلاث لعمل الخلاص بين البشر، فيجب على الإنسان أن يعرف تأويل ما كان وما يكون خلال المراحل الثلاث للعمل. هذا ما يجب على الإنسان أن يفعله. ما يخفيه الله عن الإنسان هو ما لا يستطيع الإنسان تحقيقه وما لا يجب على الإنسان معرفته، في حين أن ما أظهره الله للإنسان هو ما يجب عليه معرفته وما يجب أن يحصل عليه. تُنفَّذ كل مرحلة من مراحل العمل الثلاث فور تأسيس المرحلة السابقة؛ ولا تُنفَّذ على نحو مستقل بمعزلٍ عن عمل الخلاص. على الرغم من وجود اختلافات كبيرة في العصر الذي يجري فيه العمل ونوع العمل، إلا أن جوهره لا يزال هو خلاص البشرية، وكل مرحلة من مراحل عمل الخلاص أعمق من التي سبقتها. تستمد كل مرحلة من العمل استمراريتها من تأسيس المرحلة الأخيرة التي لم تُلغَ، وبهذه الطريقة، يُعبِّر الله باستمرار في عمله الذي يكون دومًا جديدًا وليس قديمًا مطلقًا عن جانب من شخصيته التي لم يُعبَّر عنها من قبل للإنسان، ويكشف دومًا للإنسان عن عمله الجديد وماهيته الجديدة، وحتى على الرغم من مقاومة حرَّاس الدين القدامى لهذا بكل قوة ومعارضتهم لذلك صراحة، إلا أن الله دائمًا ما يقدم على العمل الجديد الذي نوى القيام به. ودائمًا ما يكون عمله متغيرًا، وبسبب هذا دائمًا ما يجد معارضة من الإنسان. ولذلك أيضًا فإن شخصيته دائمًا ما تتغير وفقًا للعصر الذي يجري فيه عمله والمتلقين له. علاوة على ذلك، فإنه دائمًا ما يقوم بالعمل الذي لم يقم به من قبل، حتى عند القيام بالعمل الذي يبدو للإنسان متعارضًا مع العمل الذي قام به من قبل، ليتعارض معه. يستطيع الإنسان فقط قبول نوع واحد من العمل أو طريقة واحدة للتنفيذ. ويصعب على الإنسان قبول العمل، أو طريق التنفيذ، الذي لا يتماشى معه أو الأعلى منه – لكن الروح القدس دائمًا ما يقوم بعمل جديد، وهكذا تظهر جماعة تلو أخرى من الخبراء الدينيين تعارض العمل الجديد لله. لقد أصبح هؤلاء خبراء لأن الإنسان ليس لديه على وجه التحديد علم بالكيفية التي يكون بها الله دائمًا جديدًا وليس بقديم، وليس لديه معرفة بمبادئ عمل الله، وفوق كل ذلك، ليس لديه معرفة بالطرق العديدة التي يخلِّص بها الله الإنسان. على هذا النحو، لا يستطيع الإنسان معرفة ما إذا كان هو العمل الذي يأتي من الروح القدس أم أنه عمل الله نفسه. يتشبث كثير من الناس بموقف حيال ذلك، فإن كان العمل موافقًا للكلمات التي جاء بها من قبل قبلوه، وإن كانت هناك أوجه اختلاف مع العمل الذي يسبقه عارضوه ورفضوه. واليوم، ألا تلتزمون جميعًا بهذه المبادئ؟ لم يظهر للمراحل الثلاث من عمل الخلاص أي أثر عظيم عليكم، وهناك مَنْ يؤمنون بأن المرحلتين السابقتين من العمل تمثلان عبئًا ليس من الضروري معرفته ببساطة. إنهم يظنون أنه ينبغي عدم الكشف عن هذه المراحل الثلاث للعامة ويجب أن تتراجع في أقرب وقت ممكن حتى لا يشعر الناس بالجهد من المرحلتين السابقتين من المراحل الثلاث للعمل. يعتقد معظم الناس أن التعريف بمرحلتي العمل السابقتين خطوة أبعد من اللازم، ولا تساعد على معرفة الله – هذا هو ما تعتقدونه أنتم. فأنتم تعتقدون اليوم أنه من الصواب العمل بهذه الطريقة، ولكن سيأتي اليوم الذي تدركون فيه أهمية عملي: اعلموا أنني لا أقوم بأي عمل غير ذي أهمية. فمعنى أنني أعلن عن المراحل الثلاث للعمل أمامكم، أنه يجب أن تكون مفيدة لكم؛ وبما أن هذه المراحل الثلاث من العمل تصب في جوهر التدبير الكامل لله، لذا يجب أن تصبح محور اهتمام الجميع في جميع أنحاء الكون. ويومًا ما، ستدركون جميعًا أهمية هذا العمل. اعلموا أنكم تعارضون عمل الله أو تستخدمون تصوراتكم الخاصة لقياس عمل اليوم، ذلك لأنكم لا تعلمون مبادئ عمل الله ولأنكم لا تأخذون عمل الروح القدس مأخذ الجد بالقدر الكافي. إن معارضتكم لله وعرقلتكم لعمل الروح القدس سببها تصوراتكم وغطرستكم المتأصلة. ليس لأن عمل الله خطأ، لكن لأنكم عصاة جدًا بالفطرة. لا يمكن لبعض الناس، بعد اكتشاف إيمانهم بالله، القول من أين جاء الإنسان على وجه اليقين، لكنهم يجرؤون على إلقاء الخطب العامة ليقيِّمون أوجه الصواب والخطأ في عمل الروح القدس. حتى أنهم يعظون الرسل الذين نالوا العمل الجديد للروح القدس، فيعلِّقون ويتحدثون بحديث في غير محله؛ فبشريتهم ضحلة للغاية وليس لديهم أدنى إحساس بهم. ألن يأتي اليوم الذي يرفض فيه عمل الروح القدس هؤلاء الناس ويحرقهم في نار الجحيم؟ إنهم لا يعرفون عمل الله لكنهم ينتقدون عمله ويحاولون أيضًا توجيه الله في عمله. كيف يمكن لمثل هؤلاء الناس غير المنطقيين أن يعرفوا الله؟ يتجه الإنسان لمعرفة الله أثناء البحث عنه وتجربته؛ وليس من خلال انتقاده بدافع أن يأتي لمعرفة الله من خلال استنارة الروح القدس. كلما كانت معرفة الناس بالله دقيقة أكثر، كانت معارضتهم له أقل. وعلى النقيض من ذلك، كلما قلَّ عدد الأشخاص الذين يعرفون الله، زاد احتمال معارضتهم له. إن تصوراتك وطبيعتك القديمة وطبيعتك البشرية وشخصيتك ونظرتك الأخلاقية هي "الوقود" الذي يشعل بداخلك مقاومة الله، كلما كنت فاسدًا ومتدهورًا ومنحطًا أكثر، كنت أشد عداوة لله. إن أولئك الذين لديهم تصورات بالغة الخطورة ولديهم شخصية ترى أنها أكثر برًا من الآخرين، هم ألد أعداء لله المتجسد وأولئك هم أضداد المسيح. إذا لم تخضع تصوراتك للتصحيح، فستكون دومًا ضد الله؛ ولن تكون متوافقًا مع الله، وستكون دومًا بمعزلٍ عنه.

يمكنك فقط من خلال نبذ تصوراتك القديمة أن تحصل على المعرفة الجديدة، وليس بالضرورة أن تكون معرفتك القديمة عبارة عن تصورات قديمة. تشير "التصورات" إلى الأشياء التي ظنَّ الإنسان أنها غير متماشية مع الواقع. فإذا كانت المعرفة القديمة قد عفا عليها الزمن بالفعل ووقفت حجر عثرة أمام دخول الإنسان إلى العمل الجديد، فإن هذه المعرفة تكون أيضًا تصورًا. أما إذا كان الإنسان قادرًا على انتهاج المنهج الصحيح نحو هذه المعرفة وكان بإمكانه معرفة الله من عدة جوانب مختلفة عن طريق الجمع بين القديم والحديث، فإن المعرفة القديمة تصبح عونًا للإنسان وأساسًا يستطيع من خلاله الدخول إلى العصر الجديد. تتطلب منك العبرة من معرفة الله أن تتقن العديد من المبادئ: كيف تسلك طريق معرفة الله، وأي الحقائق يجب عليك فهمها حتى تعرف الله، وكيف تُخضع تصوراتك وطبيعتك القديمة لجميع تنظيمات العمل الجديد لله. إذا استخدمت هذه المبادئ كأساس للدخول إلى العبرة من معرفة الله، فستصبح معرفتك أعمق وأعمق. إذا كانت لديك معرفة واضحة بالمراحل الثلاث للعمل – أي بخطة تدبير الله الكاملة – وإذا كنت تستطيع أن تربط المرحلتين السابقتين من عمل الله بالمرحلة الحالية ربطًا محكمًا، ويمكنك أن ترى أن مَنْ قام بالعمل إله واحد، فلن يكون لديك أساس أكثر ثباتًا من هذا. إن المراحل الثلاث للعمل نفذها إله واحد؛ هذه هي الرؤية الأكبر وهذا هو السبيل الوحيد لمعرفة الله. لم يكن بالإمكان القيام بالمراحل الثلاث للعمل إلا من خلال الله نفسه، ولا يمكن لأي إنسان أن يقوم بمثل هذا العمل نيابة عنه – وهذا يعني أن الله وحده يستطيع أن يقوم بعمله منذ البداية وحتى اليوم. على الرغم من أن المراحل الثلاث لعمل الله قد نُفذت في عصور وأماكن مختلفة، وعلى الرغم من أن عمل كل منها مختلف، إلا أن العمل كله ينفذه إله واحد. من بين كل الرؤى، تُعد هذه هي أعظم رؤية يجب أن يعرفها الإنسان، وإذا كان بإمكان الإنسان أن يفهمها تمامًا، فسيكون قادرًا على الوقوف بثبات. تُعد أكبر معضلة تواجه جميع الطوائف الدينية هي أن أصحابها لا يعرفون عمل الروح القدس، وأنهم غير قادرين على التمييز بين عمل الروح القدس والعمل الذي لا يأتي من الروح القدس – ولذا فإنهم لا يستطيعون القول إن كانت مرحلة العمل هذه يقوم بها يهوه الله مثل المرحلتين السابقتين من العمل أم لا. على الرغم من أن الناس يتبعون الله، إلا أن أكثرهم لا يزالون غير قادرين على القول بأنه هو الطريق الصحيح. يساور الإنسان القلق حول ما إذا كان هذا الطريق هو الطريق الذي يقوده الله بنفسه، وما إذا كان تجسد الله حقيقة، ولا يزال معظم الناس لا يجيدون التمييز عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الأمور. إن أولئك الذين يتبعون الله غير قادرين على تحديد الطريق، ولذا فإن للرسائل الشفهية أثر جزئي فقط في هؤلاء الناس، وهي غير قادرة على أن تكون فعالة بشكل كامل، ومن ثمَّ يؤثر هذا في حياة هؤلاء الناس. إذا كان الإنسان يستطيع أن يرى في المراحل الثلاث للعمل التي قام الله فيها بالعمل بنفسه في أوقات مختلفة، وفي أماكن مختلفة، وفي أناس مختلفين، فعندئذٍ سيرى الإنسان أنه(1) على الرغم من أن العمل مختلف، إلا أن الذي قام به كله إله واحد. وبما أن الذي قام بالعمل كله إله واحد، فلا بد أن يكون صحيحًا وبدون أخطاء، وعلى الرغم من أنه يتعارض مع تصورات الإنسان، إلا أنه ليس هناك مَنْ ينكر أنه عمل إله واحد. إذا كان الإنسان يستطيع أن يقول على وجه اليقين إنه عمل إله واحد، فإن تصورات الإنسان ستصبح مجرد تفاهات، وغير جديرة بالذكر. لأن رؤى الإنسان غير واضحة، ولأن الإنسان لا يعرف إلا يهوه باعتباره الله، ويسوع باعتباره الرب، ويقف حائرًا بشأن الله المتجسد اليوم، فلا يزال العديد من الناس مُكرَّسين لعمل يهوه ويسوع، ومحاطين بتصورات حول عمل اليوم، ودائمًا ما يساور الشك معظم الناس ولا يأخذون عمل اليوم على محمل الجد. لا يحمل الإنسان أي تصورات تجاه مرحلتي العمل الأخيرتين اللتين كانتا غير مرئيتين. وذلك أن الإنسان لا يفهم واقع المرحلتين الأخيرتين من العمل، ولم يشهدهما بنفسه. والسبب في عدم إمكانية رؤيتهما أن الإنسان يتخيل وفق ما يحب؛ وبغض النظر عما توصل إليه، فلا توجد أي حقائق لإثبات ذلك ولا يوجد أحد يتولى تصحيحه. يطلق الإنسان لغريزته الطبيعية العنان متخليًا عن الحذر مما قد تأتي به الرياح ومطلقًا لخياله العنان لأنه لا توجد حقائق لإثبات ذلك، ومن ثمَّ تصبح تصورات الإنسان "حقيقة" بغض النظر عن وجود ما يثبتها. هكذا يؤمن الإنسان بالإله الذي يتصوره في ذهنه، ولا يسعى لإله الواقع. إذا كان للشخص الواحد نوع واحد من الاعتقاد، فسيكون هناك مائة نوع من الاعتقاد من بين مائة شخص. يمتلك الإنسان مثل هذه المعتقدات لأنه لم ير حقيقة عمل الله، لأنه لم يسمعها إلا بأذنيه ولم يبصرها بعينيه. لقد سمع الإنسان الأساطير والقصص – ولكن نادراً ما سمع بمعرفة حقائق عمل الله. إن الذين مر على إيمانهم عام واحد هم فقط يؤمنون بالله وفق تصوراتهم الخاصة، وينطبق الشيء نفسه على أولئك الذين آمنوا بالله طوال حياتهم. إن أولئك الذين لا يستطيعون رؤية الحقائق لن يتمكنوا أبداً من الهروب من عقيدة بها تصورات عن الله. يعتقد الإنسان أنه حرّر نفسه من قيود تصوراته القديمة، وأنه دخل منطقة جديدة. ألا يعلم البشر أن المعرفة التي لدى مَنْ لا يستطيعون رؤية وجه الله الحقيقي ليست إلا تصورات وهرطقة؟ يظن الإنسان أن تصوراته صحيحة وبدون أخطاء ويظن أن هذه التصورات تأتي من الله. واليوم، عندما يشهد الإنسان عمل الله، فإنه يطلق التصورات التي تراكمت على مر سنوات عديدة. أصبحت تصورات الماضي وأفكاره عقبة أمام عمل هذه المرحلة، ويُصبِح من الصعب على الإنسان أن يتخلى عن هذه التصورات ويدحض مثل هذه الأفكار. لقد أصبحت التصورات تجاه هذا العمل التدريجي لدى العديد من أولئك الذين اتبعوا الله حتى اليوم أكثر خطورة، وقد كوَّن هؤلاء الناس بالتدريج عداءً مستعصيًا تجاه الله المتجسد، ومصدر هذه الكراهية تصورات الإنسان وتخيلاته. يرجع السبب في هذا تحديدًا إلى أن الحقائق لا تسمح للإنسان بأن يطلق العنان لخياله، وعلاوة على ذلك لا يمكن للإنسان أن يدحضها بسهولة، ولا تحتمل تصورات الإنسان وخيالاته وجود الحقائق، فضلاً عن أن الإنسان لا يفكر في صحة الحقائق ودقتها، ويطلق فقط تصوراته على نحو أحادي، ويوظِّف خياله، ذلك أن تصورات الإنسان وخيالاته أصبحت في عداوة مع عمل اليوم، العمل الذي لا يتماشى مع تصورات الإنسان. يمكن القول فقط بأنه قصور في تصورات الإنسان ولا يمكن القول بأنه قصور في عمل الله. قد يتخيل الإنسان ما يشاء، لكنه ليس حرًا في مناقشة أي مرحلة من مراحل عمل الله أو أي شيء منها؛ فحقيقة عمل الله لا يمكن للإنسان أن ينتهكها. يمكنك أن تطلق لخيالك العنان، بل ويمكنك تأليف القصص الجميلة حول عمل يهوه ويسوع، لكن ليس بإمكانك دحض الحقيقة الكامنة وراء كل مرحلة من مراحل عمل يهوه ويسوع؛ إنه مبدأ ومرسوم إداري أيضًا ويجب عليكم فهم أهمية هذه الأمور. يعتقد الإنسان أن هذه المرحلة من العمل لا تتوافق مع تصورات الإنسان، وأن هذا ليس هو الحال بالنسبة لمرحلتي العمل السابقتين. يعتقد الإنسان في تصوره أن عمل المرحلتين السابقتين ليس بالتأكيد هو نفسه عمل اليوم – لكن هل فكرت في أن مبادئ عمل الله كلها واحدة وأن عمله دائمًا عملي وأنه سيكون هناك دائمًا، بغض النظر عن العصر، سواد عظيم من الناس الذين يقاومون حقيقة عمله ويعارضونها؟ إن كل أولئك الذين يقاومون هذه المرحلة من العمل ويعارضونها كانوا بلا شك سيعارضون الله في الماضي، لأن مثل هؤلاء الناس سيكونون دائماً أعداء لله. إن الذين يعلمون حقيقة عمل الله سينظرون إلى المراحل الثلاث للعمل على أنها عمل إله واحد وسيتخلون عن تصوراتهم. أولئك هم الذين يعرفون الله وأولئك هم الذين يتبعون الله حقًا. عندما يوشك تدبير الله الكامل على الانتهاء، سيصنِّف الله كل شيء وفق النوع. إن الإنسان من صنع يدي الخالق، وفي النهاية يجب أن يعيد الإنسان بالكامل تحت سيادته؛ وتلك هي خاتمة المراحل الثلاث للعمل. إن مرحلة العمل في الأيام الأخيرة، والمرحلتين السابقتين في إسرائيل واليهودية، هي خطة تدبير الله في الكون كله. لا أحد يستطيع أن ينكر هذا، وهذه هي حقيقة عمل الله. على الرغم من أن الناس لم يختَبِروا أو يشهدوا الكثير من هذا العمل، إلا أن الحقائق لا تزال هي الحقائق، وهذا ما لا يمكن لأحد من البشر إنكاره. سَيَقبَل جميع الذين يؤمنون بالله في كل بقعة من الكون المراحل الثلاث للعمل. إذا كنت لا تعلم إلا مرحلة واحدة بعينها من العمل ولا تستوعب المرحلتين الأخريين من العمل ولا تستوعب عمل الله في الماضي، فأنت غير قادر على الحديث عن الحقيقة الكاملة لخطة الله الكاملة للتدبير ومعرفتك بالله أحادية الجانب، لأن في إيمانك بالله أنت لا تعرفه ولا تفهمه، ومن ثمَّ فأنت لا تصلح للشهادة لله. بغض النظر عما إذا كانت معرفتكم الحالية بهذه الأمور عميقة أم سطحية، فيجب أن تكون لديكم المعرفة في النهاية ويجب أن تكونوا مقتنعين تمامًا، وسيرى جميع الناس مجمل عمل الله ويخضعون لسيادة الله. ستتحد جميع الديانات في ديانة واحدة، وستعود جميع الخليقة تحت سيادة الخالق، وستعبد جميع الخليقة الإله الحق الواحد، وستذهب جميع البدع سُدى، ولن تظهر مجددًا.

لمَ هذه الإشارة المستمرة إلى المراحل الثلاث للعمل؟ إن تعاقب العصور والتطور الاجتماعي وتغير وجه الطبيعة تستتبع كل هذه حدوث تغيرات في المراحل الثلاث للعمل. تتغير البشرية في الوقت المناسب بما يتماشى مع عمل الله ولا تتطور من تلقاء نفسها. إن ذكر المراحل الثلاث لعمل الله يهدف إلى إحضار جميع المخلوقات والناس من كل ديانة تحت سيادة إله واحد. بغض النظر عن الدين الذي تنتمي إليه، فستخضع مع الجميع تحت سيادة الله في نهاية المطاف. يمكن لله وحده أن ينفذ هذا العمل بنفسه؛ ولا يمكن لأي زعيم ديني أن يقوم به. هناك العديد من الأديان الكبرى في العالم، ولكلٍ منها قائد أو زعيم، وينتشر الأتباع في مختلف الدول والمناطق في جميع أرجاء العالم؛ ففي كل بلد، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، أديان مختلفة. ومع ذلك، بغض النظر عن عدد الأديان الموجودة في جميع أنحاء العالم، فجميع مَنْ في الكون موجود بتوجيه من إله واحد في نهاية الأمر، ووجودهم لا يخضع لأي قادة أو زعماء دينيين. وهو ما يعني أن البشرية لا تُوجَّه بقائد أو زعيم ديني معين، وإنما تُقاد البشرية كلها بالخالق الذي خلق السماء والأرض وكل شيء وخلق الإنسان أيضًا – وهذه حقيقة. على الرغم من أن العالم يعج بالعديد من الأديان الكبرى، بغض النظر عن مدى عظمتها، إلا أنها كلها موجودة تحت سيادة الخالق، ولا يمكن لأي منها أن يتجاوز نطاق هذه السيادة. إن نمو البشرية والتقدم الاجتماعي وتطور العلوم الطبيعية – جزء لا يتجزأ من تنظيمات الخالق، ولا يُعد هذا العمل شيئًا يمكن لأي زعيم ديني بعينه أن يقوم به. إن الزعماء الدينيين هم مجرد قادة لدين بعينه، ولا يمكن أن يمثلوا الله أو الواحد الذي خلق السماء والأرض وكل شيء. يمكن للزعماء الدينيين قيادة جميع من يدينون بالدين كله، لكن لا يمكنهم السيطرة على جميع الخليقة تحت السماء – وهذه حقيقة مُعترف بها عالميًا. الزعماء الدينيون هم مجرد قادة، ولا يمكنهم الوقوف على قدم المساواة مع الله (الخالق). كل شيء في يدي الخالق، وفي النهاية سيعود الجميع إلى يدي الخالق. كان البشر في الأصل من صنع الله، وبغض النظر عن الدين، سيعود كل إنسان تحت سيادة الله – وهذا أمر لا مفر منه. الله وحده هو الأعلى بين جميع الأشياء، والحاكم الأعلى بين جميع الخليقة يجب أن يعود أيضًا تحت سيادته. بغض النظر عن مدى رفعة الإنسان، إلا أنه ليس في إمكانه أن يقود البشرية إلى مصير مناسب، ولا يستطيع أحد أن يصنِّف جميع الأشياء وفقًا للنوع. خلق يهوه بنفسه البشر وصنَّف كل واحد على حسب النوع، وعندما يحين وقت النهاية سيظل يقوم بعمله بنفسه، ويصنِّف كل الأشياء حسب النوع – ولا يمكن لهذا أن يحدث بمعزل عن الله. إن المراحل الثلاث للعمل التي نُفِّذت من البداية وحتى اليوم نفذها كلها الله بنفسه، فقد نفذها الإله الواحد. إن حقيقة المراحل الثلاث للعمل هي حقيقة قيادة الله لجميع البشر، حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها. في نهاية المراحل الثلاث للعمل، سيُصنَّف كل شيء حسب النوع ويعود تحت سيادة الله، لأنه في جميع أنحاء الكون بأكمله لا يوجد سوى هذا الإله الواحد، وليس هناك أي أديان أخرى. مَنْ لم يكن بمقدوره خلق العالم لن يكون بمقدوره أن ينهي العالم، في حين أن مَنْ خلق العالم هو مَنْ سينهيه بكل تأكيد، وهكذا إذا كان أحدهم غير قادر على إنهاء العصر ويمكنه بالكاد مساعدة الإنسان على تنمية عقله، فلن يكون إلهًا بكل تأكيد، ولن يكون رب البشر بكل تأكيد، فسيكون غير قادر على القيام بمثل هذا العمل العظيم؛ فهناك واحد فقط هو مَنْ يستطيع تنفيذ هذا العمل؛ وكل مَنْ لا يكون بمقدورهم القيام بهذا العمل هم بالتأكيد أعداء من دون الله. إذا كانوا بدعًا، فإنهم غير متوافقين مع الله، وإذا كانوا غير متوافقين مع الله، فإنهم إذًا أعداء الله. كل عمل يقوم به هذا الإله الحق الواحد، والكون بأكمله يأتمر بأمر هذا الإله الواحد. بغض النظر عما إذا كان يعمل في إسرائيل أو الصين، وبغض النظر عما إذا كان ينفذ العمل بالروح أو الجسد، فإن كل شيء يقوم به الله بنفسه، ولا يمكن لأحد غيره القيام به. ويرجع السبب في هذا تحديدًا إلى أنه إله كل البشر وأنه يعمل بحرية وغير مقيَّد بأي شروط – وهذه أعظم الرؤى كلها. باعتبارك مخلوقًا من خليقة الله، إذا أردت القيام بما يجب على المخلوق فعله تجاه الله وفهمت مشيئة الله، فيجب عليك أن تفهم عمل الله، ويجب أن تفهم مشيئة الله للخليقة، ويجب أن تفهم خطته في التدبير، ويجب أن تفهم كل دلالة يحملها العمل الذي يقوم به. إن الذين لا يفهمون هذا غير مؤهلين لأن يكونوا خليقة لله! فباعتبارك مخلوقًا لله، إذا لم تفهم من أين جئت، ولم تفهم تاريخ البشرية وكل عمل قام به الله، ولم تفهم أيضًا كيف تطورت البشرية حتى يومنا هذا، ولم تفهم مَنْ الذي يحكم البشرية كلها، فأنت إذًا غير قادر على القيام بواجبك. لقد قاد الله البشرية حتى يومنا هذا، ومنذ أن خلق الإنسان على الأرض لم يتركه أبدًا. لا يتوقف الروح القدس عن العمل أبدًا، ولم يتوقف عن قيادة البشرية قط، ولم يترك البشرية قط. لكن الإنسان لم يدرك أن هناك إلهًا، ناهيك عن أن يعرف الله، فهل هناك ما هو أكثر مهانة من هذا لجميع خليقة الله؟ يقود الله بنفسه الإنسان، لكن الإنسان لا يفهم عمل الله. إنك مخلوق لله، لكنك لا تعي تاريخك، وغير مدرك لكُنْه مَنْ يقودك في رحلتك، فأنت غافل عن العمل الذي قام به الله، ومن ثمَّ فأنت غير قادر على معرفة الله. فإذا لم تعرف الآن، فلن تكون مؤهلاً للشهادة لله أبدًا. واليوم، يقود الخالق بنفسه جميع الناس مرة أخرى، ويجعل جميع الناس ينظرون إلى حكمته وقدرته وخلاصه وروعته. ومع ذلك فإنك لا تزال غير مدرك أو واعٍ – أفلست أنت ذلك الشخص الذي لن ينال الخلاص؟ إن الذين ينتمون إلى الشيطان لا يفهمون كلمات الله، أما الذين ينتمون إلى الله فيمكنهم أن يسمعوا صوت الله. إن جميع مَنْ يدركون ما أقول ويفهمونه هم أولئك الذين سينالون الخلاص ويشهدون لله؛ وأما جميع مَنْ لا يفهمون ما أقول فلا يمكنهم الشهادة لله وأولئك مَنْ سيتم القضاء عليهم. إن أولئك الذين لا يفهمون مشيئة الله ولا يدركون عمل الله غير قادرين على تحقيق معرفة الله، ولن يشهد هؤلاء لله. فإذا كنت ترغب في أن تشهد لله، فعليك أن تعرف الله، وتتحقق معرفة الله من خلال عمل الله. وإجمالاً، إذا كنت ترغب في معرفة الله، فعليك أن تعرف عمل الله: إن لمعرفة الله أهمية قصوى. عندما تنتهي المراحل الثلاث من العمل، ستكون هناك جماعة من الناس يشهدون لله، جماعة من الناس الذين يعرفون الله. كل هؤلاء الناس سيعرفون الله وسيكونون قادرين على ممارسة الحقيقة. إنهم سيمتلكون الإنسانية والحس، وسيعرف الجميع المراحل الثلاث لعمل الله في الخلاص. هذا هو العمل الذي سيُنجَز في النهاية، وسيُشكِّل هؤلاء الناس بلورة عمل تدبير الله في 6000 عام، وهم أقوى شهادة للهزيمة النهائية للشيطان. إن أولئك الذين يستطيعون الشهادة لله سيكونون قادرين على تلقي وعد الله وبركته، وسيكونون هم الجماعة التي تبقى في النهاية، وسيملكون سلطان الله ويشهدون لله. ولعل جميعكم يمكنهم أن يصيروا ضمن هذه الجماعة، أو ربما نصف عددكم فقط أو القليل منكم – فهذا يعتمد على رغبتكم وسعيكم.

الحواشي:

(1) يُسقط النص الأصلي "فعندئذٍ سيرى الإنسان أنه".

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.