الله ذاته، الفريد (و)

قداسة الله (ج) الجزء الثالث

أعرف أن الكثير من الناس الآن يتوقَّعون مني أن أقول بالضبط ما هي قداسة الله، ولكن عندما أتحدَّث عن قداسة الله سوف أتحدَّث أوّلاً عن الأعمال التي يعملها الله. يجب أن تُنصِتوا كلّكم بانتباهٍ، وبعد ذلك سوف أسألكم عمّا هي بالضبط قداسة الله. لن أخبركم مباشرةً، ولكني بدلاً من ذلك سوف أدعكم تحاولون اكتشافها، مُعطيًا لكم مجالًا لاكتشافها. ما رأيكم في هذه الطريقة؟ (جيّدةٌ). أنصِتوا بانتباهٍ إذًا.

حينما يُفسد الشيطان الإنسان أو يورطه في أذى جامح، لا يقف الله مكتوف الأيدي، فهو لا ينبذ أولئك الذين اختارهم أو يهملهم. كل ما يفعله الشيطان واضح تمامًا لله ويفهمه جيدًا. ومهما كان ما يفعله الشيطان، وبغض النظر عن الاتجاه الذي يُسببه، يعرف الله كل ما يحاول الشيطان القيام به، ولا يتخلى الله عن أولئك الذين اختارهم. بل بدلاً من ذلك، يقوم الله بكل ما هو ضروري سرًا وبصمت ودون لفت الأنظار. عندما يبدأ الله بالعمل على شخصٍ ما، عندما يكون قد اختار شخصًا ما، فإنه لا يُعلِن هذا لأحدٍ، ولا يُعلِنه للشيطان، كما أنه لا يُقدِّم أيّة إشارةٍ واضحة. إنه يفعل ما هو ضروريٌّ بكلّ هدوءٍ وبصورةٍ طبيعيّة جدًّا. أوّلاً، يختار عائلةً لك؛ ونوع الخلفيّة التي للعائلة، وشخصيّة والديك، وشخصيّة أسلافك – هذه كلّها قرّرها الله بالفعل. يعني هذا أن هذه الأمور لم تكن قرارات ارتجاليّة اتّخذها، ولكن هذا كان بالأحرى عملاً بدأ منذ فترةٍ طويلة. وبمُجرَّد أن اختار الله عائلةً لك، فإنه يختار أيضًا التاريخ الذي سوف تولد فيه. يراقبك الله في الوقت الحاضر فيما تولد وتخرج باكيًا إلى الدنيا، ويشاهد ولادتك ويشاهدك فيما تنطق كلماتك الأولى، ويشاهدك فيما تتعثَّر وتخطو خطواتك الأولى وتتعلَّم كيفيّة المشي. تخطو خطوةً واحدة في البداية ثم تخطو خطوةً أخرى... يمكنك الآن الركض، ويمكنك الآن القفز، ويمكنك الآن التكلُّم، ويمكنك الآن التعبير عن مشاعرك. عندما ينمو الإنسان يُثبِّت الشيطان نظره عليه، مثل نمرٍ يراقب فريسته. ولكن بينما يعمل الله عمله لم يُعانِ قط أيًّا من قيود الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء، أو قيود المكان أو الزمان؛ إنه يفعل ما يجب عليه عمله ويفعل ما ينبغي عليه عمله. قد تصادف في عمليّة النموّ أشياءَ كثيرة لا ترضيك وتواجه الأمراض والإحباطات. ولكن بينما تسير في هذا الطريق، تكون حياتك ومستقبلك تحت رعاية الله. يمنحك الله ضمانًا حقيقيًّا يدوم طوال حياتك لأنه موجودٌ بجانبك ويحرسك ويعتني بك. وأنت تنمو غير مُدرِكٍ لهذا. تبدأ في التواصل مع أشياءٍ جديدة وتبدأ في معرفة هذا العالم وهذا الجنس البشريّ. كلّ شيءٍ ناضرٌ وجديد لك. تُحبّ عمل الشيء الخاصّ بك وتُحبّ عمل ما تريد. تعيش في نطاق إنسانيّتك الخاصّة، تعيش في بيئتك المعيشيّة الخاصّة وليس لديك أدنى تصوّرٍ عن وجود الله. لكن الله يراقبك في كلّ خطوةٍ على الطريق بينما تنمو، ويراقبك فيما تخطو كلّ خطوةٍ إلى الأمام. وحتَّى عندما تتعلَّم المعرفة أو تدرس العلم لم يتركك الله ولا لخطوةٍ واحدة. أنت مثل الآخرين في ذلك، في سياق معرفة العالم والاتّصال به، فإنك وضعت مُثُلك الخاصّة ولديك هواياتك الخاصّة واهتماماتك الخاصّة كما أن لديك مُثُلك العليا. تُفكِّر غالبًا في مستقبلك الخاصّ، وترسم غالبًا مُلخَّصًا للكيفيّة التي سوف يبدو عليها مستقبلك. ولكن بغضّ النظر عمَّا يحدث على طول الطريق، فإن الله يرى كلّ شيءٍ بعينين ثاقبتين. ربّما تكون قد نسيت ماضيك، ولكن بالنسبة إلى الله، لا يوجد أحدٌ يستطيع أن يفهمك أفضل منه. أنت تعيش تحت نظر الله وتنمو وتنضج. تكون مُهمّة الله الأهمّ خلال هذه الفترة شيئاً لا يُدرِكه أحدٌ أبدًا، شيءٌ لا يعرفه أحدٌ. لا يخبرك الله عنه بالتأكيد. ما هذا الشيء الأكثر جوهريّة؟ يمكن للمرء أن يقول إنه ضمان أن الله سوف يُخلِّص شخصًا ما. يعني هذا أن الله يريد أن يُخلِّص هذا الشخص، ولذلك ينبغي أن يفعل هذا، وهذه المُهمّة لها أهميّةٌ حيويّة لكلٍّ من الإنسان والله. هل تعرفون هذا؟ يبدو أنه ليس لديكم أيّ شعورٍ حول هذا أو أيّ مفهومٍ عنه، ولذلك سوف أخبركم. من الوقت الذي وُلِدَتَ فيه إلى الآن، صنع الله الكثير من العمل عليك، لكنه لا يُقدِّم لك تقريرًا تفصيليًّا عن كلّ شيءٍ قد فعله. لم يسمح لك الله بأن تعرف ولم يُخبِرك، أليس كذلك؟ ومع ذلك، بالنسبة إلى الإنسان، فإن كلّ ما يفعله مُهمٌّ. وبالنسبة إلى الله، فهو شيءٌ ينبغي أن يفعله. يوجد في قلبه شيءٌ مُهمّ يحتاج أن يفعله يتجاوز بكثيرٍ أيًّا من هذه الأشياء. ما ذلك؟ أي أن الله يضمن سلامة كل إنسان منذ أن وُلد وحتى الآن. بعد سماع هذه الكلمات، قد تشعرون كما لو أنكم لا تفهمونها تمامًا، وتقولون: "هل هذه السلامة مُهمّةٌ جدًّا؟" ما المعنى الحرفيّ إذًا "للسلامة"؟ ربّما تفهمون أنها تعني السلام أو ربّما تفهمون أنها تعني عدَم التعرُّض أبدًا لأيّة كارثةٍ أو بلوى، والعيش بطريقةٍ جيّدة، والعيش حياةً طبيعيّة. ولكن ينبغي أن تعرفوا في قلوبكم أن الأمر ليس بتلك البساطة. ما هذا الشيء الذي تحدَّثتُ عنه إذًا الذي ينبغي أن يفعله الله؟ ماذا تعني السلامة بالنسبة إلى الله؟ هل هي ضمانٌ حقًّا لسلامتكم؟ مثل الآن؟ لا. ما الذي يفعله الله إذًا؟ تعني هذه السلامة أن لا يلتهمك الشيطان. هل هذا مهم؟ فهل يعني أن لا يلتهمك الشيطان سلامتك أم لا؟ هذا يعني بالفعل سلامتك الشخصية، ولا يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر أهمية من ذلك. حالما يلتهمك الشيطان، فلا نفسك ولا جسدك يعودان ملكًا لله. لن يُخلِّصك الله بعد الآن. يتخلى الله عن أرواح كهذه ويترك مثل هؤلاء الناس. لذلك أقول إن أهم ما يجب أن يفعله الله هو ضمان سلامتك، وضمان أن الشيطان لن يلتهمك. هذا مهم جدًا، أليس كذلك؟ لماذا لا تقدرون إذًا على الإجابة؟ يبدو أنه لا يمكنكم الشعور بلُطف الله العظيم!

يفعل الله المزيد إلى جانب ضمان سلامة الناس، وضمان ألّا يبتلعهم الشيطان؛ كما أنه يُجري الكثير من العمل استعدادًا لاختيار شخصٍ ما ولخلاصه. أوّلاً، نوع شخصيّتك، ونوع عائلتك التي سوف تولد فيها، ووالداك، وعدد إخوتك وأخواتك، ووضعك العائليّ ومكانتك الاقتصاديّة، وأوضاع عائلتك – هذا كلّه مُرتَّبٌ بشقّ الأنفس لك من الله. هل تعرفون أيّ نوعٍ من العائلة التي يُولَد فيها بالأكثر شعب الله، بقدر ما يتعلَّق الأمر بمعظم الناس؟ هل توجد عائلاتٌ شهيرة؟ قد توجد بعضها. لا يمكننا القول على وجه اليقين إنه لا يوجد أيٌّ منها، لكنها قليلةٌ جدًّا. هل هي عائلاتٌ تتمتَّع بالثراء الاستثنائيّ، مثل أصحاب المليارات أو الملايين؟ إنها تكاد لا تكون من هذا النوع من العوائل أبدًا. ما نوع العائلة التي يُرتِّبها الله إذًا بالأكثر لهؤلاء الناس؟ (عائلات عاديّة). أيّ العائلات هي عائلات عاديّة إذًا؟ توجد عائلاتٌ عاملة. يعتمد العُمَّال على راتبهم للعيش ويمكنهم تحمُّل الضروريّات الأساسيّة. لن يسمحوا لك بالجوع في أيّة حالةٍ، ولكن لا يمكنك توقُّع تلبية جميع احتياجاتك الماديّة. توجد أيضًا عائلاتٌ زراعيّة. يعتمد المزارعون على زراعة المحاصيل من أجل طعامهم، ولديهم حبوبٌ يأكلون منها، وبغضّ النظر عمَّا يحدث لن تجوع، ولكن لا يمكنك الحصول على ملابس أنيقة جدًّا. توجد أيضًا بعض العائلات المُشارِكة في أعمالٍ تجاريّة أو التي تدير أعمالاً تجاريّة صغيرة، وبعضها يكون فيها الوالدان مُثقَّفين، ويمكن أيضًا اعتبار أنها عائلات عاديّة. يوجد أيضًا بعض الوالدين الذين هم عُمَّال مكتبيّون أو مسؤولون حكوميّون صغار على الأكثر، ولا يمكن اعتبارهم عائلات شهيرة أيضًا. يُولد المزيد من الناس في عائلاتٍ عاديّة، وهذا كله مُرتَّبٌ من الله. يعني هذا أنه أوّلاً وقبل كلّ شيءٍ، هذه البيئة التي تعيش فيها ليست عائلة الوسائل الأساسيّة التي تتخيَّلها، بل هي عائلةٌ قرَّرها الله لك، وسوف يعيش معظم الناس ضمن حدود هذا النوع من العائلة؛ لن نناقش الاستثناءات هنا. ماذا عن الوضع الاجتماعيّ إذًا؟ تُعتبَر الظروف الاقتصاديّة لأغلبيّة الوالدين متوسطة ولا يتمتّعون بوضعٍ اجتماعيّ عالٍ – فمن الجيّد بالنسبة لهم الحصول على وظيفةٍ وحسب. هل يوجد من هم حُكَّامٌ؟ هل يوجد من هم رؤساءٌ؟ (لا). إنهم على الأكثر أشخاصٌ مثل مديري أعمالٍ صغيرة أو رؤساء عملٍ عاديّين. وضعهم الاجتماعيّ ضعيفٌ وأحوالهم الاقتصاديّة مُتوسّطةٌ. البيئة المعيشيّة للعائلة عاملٌ آخر. أوّلاً، لا يوجد والدان يُؤثِّران على أطفالهما بوضوحٍ في السير على طريق العِرافة وقراءة الطالع؛ هذه قليلةٌ جدًّا أيضًا. معظم الوالدين طبيعيّون جدًّا ويشبهونكم. يُهيّئ الله هذا النوع من البيئة للناس في الوقت نفسه الذي يختارهم فيه، وهو مفيدٌ للغاية في عمله في خلاص الناس. من الخارج، يبدو أن الله لم يفعل شيئًا بالغ الأهميّة للإنسان؛ إنه يفعل كلّ شيءٍ سرًّا وفي تواضعٍ وصمتٍ. ولكن في الواقع، الغرض من كلّ ما يفعله الله هو وضع الأساس لخلاصك، وإعداد الطريق، وإعداد جميع الظروف الضروريّة لخلاصك. وعلى الفور في الوقت المُحدَّد لكلّ شخصٍ، يُحضِرهم الله أمامه – عندما يحين وقت سماعك صوت الله، فهذا هو الوقت الذي تأتي فيه أمامه. في الوقت الذي يحدث فيه هذا يكون بعض الناس قد أصبحوا والدين بالفعل، في حين يكون آخرون أطفالاً لآخرين. يعني هذا أن بعض الناس قد تزوّجوا ورُزِقوا بأطفالٍ في حين أن البعض ما زالوا عُزّاباً ولم يبدأوا بعد تكوين عائلتهم الخاصّة. ولكن بغضّ النظر عن مواقف الناس، فإن الله حدَّد بالفعل الأوقات التي سيجري فيها اختيارك والوقت الذي سوف يصلك فيه إنجيله وكلامه. لقد حدَّد الله الظروف وقرَّر شخصًا مُعيّنًا أو سياقًا مُعيّنًا يصل من خلاله الإنجيل إليك حتَّى يمكنك سماع كلام الله. لقد أعدّ الله لك بالفعل جميع الظروف الضروريّة حتَّى تأتي أمامه دون درايتك وتعود إلى عائلة الله. أنت أيضًا تُلاحِق الله دون درايتك وتدخل في عمله المتدرّج، وتدخل في طريقة عمل الله التي أعدَّها لك خطوةً خطوة. ما أنواع الطُرق التي يستخدمها الله عندما يفعل أشياءَ للإنسان في هذا الوقت؟ أوّلاً، على أقلّ تقديرٍ، الرعاية والحماية اللتان يتمتَّع بهما الإنسان. يُقرِّر الله إلى جانب ذلك أشخاصًا وأحداثًا وأشياءَ مُتنوِّعة حتَّى يرى الإنسان وجوده وأفعاله في داخلها. على سبيل المثال، يوجد بعض الناس الذين يؤمنون بالله لأن أحد أفراد عائلتهم مريضٌ، ويقولون "أحد أفراد عائلتنا مريضٌ، ماذا نفعل؟" ثم يقول بعض الناس: "آمنوا بالرّبّ يسوع". فيبدأون الإيمان بالله وهذا الإيمان بالله قد نتج بسبب الموقف. من رتَّب هذا الموقف إذًا؟ (الله). من خلال هذا المرض، يكون جميع أفراد بعض العائلات، صغارًا وكبارًا، مؤمنين، في حين توجد بعض العائلات التي يكون فيها الإيمان فرديًّا. أنت تؤمن بالله على ما يبدو بسبب المرض، ولكنها في الحقيقة حالةٌ تنالها حتَّى تأتي أمام الله – وهذا لُطف الله. ولأن الحياة العائليّة لبعض الناس صعبةٌ ولا يمكنهم التمتُّع بالسلام، فإن الفرصة تأتي عندما يشارك شخصٌ ما بالإنجيل ويقول: "إن وضع عائلتكم صعبٌ. آمنوا بالرّبّ يسوع. آمنوا بالرّبّ يسوع وسوف تنعمون بالسلام". يؤمن هذا الشخص دون درايةٍ بالله في ظروفٍ طبيعيّة جدًّا، أليس هذا إذًا نوعًا من الحالات؟ (بلى). ألا تكون عائلته نعمةً ممنوحة له من الله في سلامٍ؟ (بلى). يوجد أيضًا بعضٌ ممّن يؤمنون بالله لأسبابٍ أخرى. توجد أسبابٌ مختلفة وطُرقٌ مختلفة للإيمان، ولكن بغضّ النظر عن السبب الذي يجعلك تؤمن به، فإن كلّ شيءٍ مُرتَّبٌ ومُوجَّهٌ من الله. يستخدم الله في البداية طُرقًا مُتنوِّعة لاختيارك ولإحضارك إلى عائلته. هذه هي النعمة التي يمنحها الله لكلّ شخصٍ بعينه.

الآن مع عمل الله في الأيَّام الأخيرة، لم يعد يمنح الإنسان النعمة والبركات مثلما فعل في البداية ولا يُقنِع الناس بالتقدُّم للأمام. خلال هذه المرحلة من العمل، ما الذي رآه الإنسان من جميع جوانب عمل الله التي قد اختبرها؟ لقد رأى مَحبَّة الله ودينونة الله وتوبيخه. في هذا الوقت، وبالإضافة إلى ذلك، يُزوِّد الله الإنسان ويدعمه وينيره ويرشده، بحيث يتعرَّف تدريجيًّا على مقاصده ويعرف الكلام الذي يتكلَّم به والحقّ الذي يمنحه للإنسان. عندما يكون الإنسان ضعيفًا، وعندما يكون كئيبًا، وعندما لا يكون لديه مكانٌ يلجأ إليه، سوف يستخدم الله كلامه للتعزية ويُقدِّم النصيحة ويُشجِّعه، حتَّى يتمكَّن الإنسان ذو المكانة الصغيرة من إيجاد قوّته تدريجيًّا ويتقدَّم في الإيجابيّة ويصبح راغبًا في التعاون مع الله. ولكن عندما يعصي الإنسان الله أو يقاومه، أو يكشف الإنسان عن فساده، لن يُظهِر له الله رحمةً في تزكيته وتأديبه. ومع ذلك، بسبب غباء الإنسان وجهله وضعفه وعدم نُضجه، سوف يُظهِر الله التسامح والصبر. وبهذه الطريقة، من خلال كلّ العمل الذي يعمله الله للإنسان، ينضج الإنسان تدريجيًّا وينمو ويتعرَّف على مقاصد الله، ويعرف قدرًا من الحقّ، ويعرف الأشياء الإيجابيَّة والأشياء السلبيَّة، ويعرف الشرّ والظلام. لا يُزكِّي الله الإنسان ويُؤدِّبه دائمًا، كما أنه لا يُظهِر له التسامح والصبر دائمًا. ولكنه يرعى كلّ شخصٍ بطُرقٍ مختلفة، في مراحله المختلفة وطبقًا لاختلاف قامته ومستواه. إنه يفعل أشياءَ كثيرة للإنسان وبتكلفةٍ باهظة؛ لا يُدرِك الإنسان أيّ شيءٍ من هذه التكلفة أو هذه الأشياء التي يفعلها الله، ولكن كلّ ما يفعله إنّما يجري في الواقع على كلّ شخصٍ. مَحبَّة الله حقيقيّةٌ: يتجنَّب الإنسان من خلال نعمة الله كارثةً تلو الأخرى، بينما بالنسبة لضعف الإنسان يُظهِر الله تسامحه مرَّة تلو الأخرى. أمَّا دينونة الله وتوبيخه فيسمحان للناس بالتعرُّف تدريجيًّا على فساد البشر وجوهرهم الشيطانيّ. يسمح جميع ما يُوفِّره الله وتنويره وإرشاده للبشر أن يعرفوا أكثر فأكثر جوهر الحقّ، وأن يعرفوا على نحوٍ متزايد ما يحتاج إليه الناس، والطريق الذي يجب أن يسلكوه، وما يعيشون من أجله، وقيمة حياتهم ومعناها، وكيفيّة السلوك في الطريق إلى الأمام. لا تنفصل جميع هذه الأشياء التي يفعلها الله عن هدفه الأصليّ الوحيد. ما هذا الهدف إذًا؟ هل تعرفونه؟ لماذا يستخدم الله هذه الطُرق لتنفيذ عمله على الإنسان؟ ما النتيجة التي يريد تحقيقها؟ أي ماذا يريد أن يرى في الإنسان ويحصل عليه منه؟ ما يريد الله أن يراه هو أن قلب الإنسان يمكن إحياؤه. تَهدُف هذه الطُرق التي يستخدمها في العمل على الإنسان لإيقاظ قلب الإنسان باستمرارٍ، ولإيقاظ روح الإنسان، وللسماح للإنسان بمعرفة من أين جاء ومن يُرشِده ومن يدعمه ومن يرعاه، ومن قد سمح للإنسان بالعيش إلى الآن؛ كما تَهدُف للسماح للإنسان بأن يعرف الخالق، ومن يجب على الإنسان عبادته، وأيّ نوعٍ من الطريق يجب أن يسلكه، وبأيَّة طريقةٍ يجب على الإنسان أن يتقدَّم أمام الله؛ إنها تُستخدَم لإحياء قلب الإنسان تدريجيًّا حتَّى يعرف الإنسان قلب الله ويفهم قلب الله، ويستوعب العناية الفائقة والمراعاة وراء عمل الله لخلاص الإنسان. عند إحياء قلب الإنسان، لا يعود يرغب في أن يعيش حياةً شخصيّةٍ مُنحطّة فاسدة، ولكنه يرغب بدلاً من ذلك في البحث عن الحقّ في إرضاء الله. عندما يكون قلب الإنسان قد استيقظ، يكون الإنسان عندئذٍ قادرًا على نزع نفسه انتزاعًا تامًّا من الشيطان، ولا يعود يتضرَّر من الشيطان، ولا يعود موضع سيطرةٍ أو خداعٍ منه. بدلاً من ذلك، يمكن للإنسان أن يتعاون في عمل الله وفي كلامه بطريقةٍ إيجابيّة لإرضاء قلب الله، وبالتالي يصل إلى اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. هذا هو الهدف الأصليّ لعمل الله.

الحديث عن شرّ الشيطان الآن جعل الجميع يشعرون كما لو أن الناس يعيشون حياةً تعيسة للغاية، وأن حياة الإنسان تكتنفها البليَّة. ولكن كيف تشعرون الآن بعد أن قد تحدَّثتُ عن قداسة الله والعمل الذي يُؤدِّيه على الإنسان؟ (سعداءُ جدًّا). يمكننا أن نرى الآن أن كلّ ما يفعله الله، وكلّ ما يُرتِّبه بشقّ الأنفس للإنسان لا تشوبه شائبةٌ. كلّ شيءٍ يفعله الله هو دون خطأ، بمعنى أنه لا عيب فيه، ولا يحتاج إلى أيّ أحدٍ للتصحيح أو تقديم المشورة أو إجراء أيّ تغييرٍ. كلّ ما يفعله الله لكلّ فردٍ لا جدال فيه؛ إنه يقود كلّ شخصٍ من يده، ويرعاك في كلّ لحظةٍ، ولم يتركك قطّ. عندما ينمو الناس في هذا النوع من البيئة، وينمون مع هذا النوع من الخلفيّة، هل يمكن أن نقول إن الناس في الواقع ينمون براحة كف الله؟ (نعم). هل ما زال يراودكم الآن الشعور بالخسارة؟ (لا). هل ما زال أيّ واحدٍ منكم يشعر بالاكتئاب؟ (لا). هل يشعر أيّ شخصٍ أن الله قد ترك البشر؟ (لا). ما الذي قد فعله الله إذًا؟ (إنه يحافظ على البشر). المراعاة والرعاية العظيمتان وراء كلّ ما يفعله الله فوق مستوى الشبهات. بالإضافة إلى ذلك، بينما يعمل الله هذا العمل، فإنه لم يضع قطّ أيّ شرطٍ أو مُتطلَّبٍ على أيّ واحدٍ منكم لمعرفة الثمن الذي يدفعه من أجلك حتَّى تشعر بالامتنان العميق له. هل فعل الله شيئًا مثل هذا من قبل؟ (لا). واجه كلّ فردٍ في الأساس على مدى حياتكم الطويلة العديد من المواقف الخطيرة ومرَّ بالعديد من التجارب. هذا لأن الشيطان يوجد بجانبك وعيونه مُثبّتةٌ عليك باستمرارٍ. إنه يُحِبُّك عندما تُصيبك الكارثة، وعندما تداهمك الشدائد، وعندما تسوء أمورك، ويُحبّ أن تسقط في شَرَكِ الشيطان. أمَّا بالنسبة إلى الله، فهو يحميك باستمرارٍ، ويحفظك من بليَّةٍ تلو الأخرى ومن كارثةٍ تلو الأخرى. ولهذا أقول إن كلّ شيءٍ يملكه الإنسان – السلام والفرح والبركات والسلامة الشخصيَّة – كلّه في الواقع تحت سيطرة الله، وهو يُرشِد ويُقرِّر حياة كلّ فردٍ ومصيره. ولكن هل لدى الله مفهومٌ مُضخَّم عن شخصيّته كما يقول بعض الناس؟ هل يقول لك: "أنا أعظم الجميع، أنا أتولَّى مسؤوليّتك، ينبغي عليكم جميعًا أن تطلبوا مني الرحمة، والعصيان سوف يُعاقب بالموت". هل هدَّد الله البشر بهذه الطريقة من قبل؟ (لا). هل سبق وقال: "البشر فاسدون ولذلك لا يهمّ كيف أعاملهم، فأيَّة معاملةٍ تعسفيَّة سوف تنجح؛ لا أحتاج لترتيب الأمور ترتيبًا جيّدًا لهم". هل يُفكِّر الله بهذه الطريقة؟ (لا). هل تصرَّف الله بهذه الطريقة إذًا؟ (لا). على العكس، فإن معاملة الله لكلّ شخصٍ مُخلِصةٌ ومسؤولة، وأكثر مسؤوليَّة حتَّى من مسؤوليتك تجاه نفسك. أليس الأمر كذلك؟ لا يتكلَّم الله من فراغٍ، ولا يقف على ارتفاعٍ مُتباهيًا بسيادته، ولا يكتفي بإلهاء الناس. وبدلاً من ذلك يعمل الأشياء التي يحتاج هو نفسه لعملها بأمانةٍ وبصمتٍ. تجلب هذه الأشياء البركات والسلام والفرح للإنسان، وتضع الإنسان في سلامٍ وسعادة أمام نظر الله وفي عائلة الله، وتُقدِّم للإنسان العقل الصحيح، والتفكير الصحيح، والحُكم الصحيح، والإطار الصحيح للعقل الذي يحتاج إليه للتقدُّم أمام الله، وقبول خلاص الله. هل كان الله إذًا مُنافِقًا مع الإنسان في عمله في أيّ وقتٍ؟ (لا). هل سبق وأبدى في أيّ وقتٍ استعراضًا زائفًا للُّطف مُسترضيًا الإنسان بالقليل من المجاملات ثم أدار ظهره للإنسان؟ (لا). هل سبق وقال الله شيئًا ثم فعل شيئًا آخر؟ (لا). هل سبق وقطع الله وعودًا فارغة وتفاخر وأخبرك بأنه يستطيع أن يفعل هذا من أجلك أو يساعدك على فعل ذاك من أجلك ثم اختفى؟ (لا). لا يوجد خداعٌ ولا زيفٌ عند الله. الله أمينٌ وكلّ ما يفعله حقيقيٌّ. إنه الكائن الوحيد الذي يمكن للناس الاعتماد عليه، والكائن الوحيد الذي يمكن للناس أن يعهدوا له بحياتهم وبكيانهم كلّه. بما أنه لا يوجد خداعٌ عند الله، هل يمكننا القول إن الله هو الأكثر أمانةً؟ (نعم). يمكننا بالطبع، أليس كذلك؟ بالحديث عن هذه الكلمة الآن، على الرغم من أنه عند تطبيقها على الله تكون ضعيفة للغاية وبشريَّة للغاية، فإنه لا يوجد شيءٌ يمكننا عمله بخصوصها؛ لأن هذه هي حدود اللغة البشريَّة. من غير اللائق بعض الشيء هنا أن ندعو الله صادقًا، ولكننا سوف نستخدم هذه الكلمة في الوقت الحاليّ. الله أمينٌ وصادقٌ. ماذا نعني إذًا بالحديث عن هذه الجوانب؟ هل نقصد الاختلافات بين الله والإنسان والاختلافات بين الله والشيطان؟ يمكننا قول هذا. والسبب هو أن الإنسان لا يمكن أن يرى أثرًا واحدًا لشخصيَّة الشيطان الفاسدة عند الله. هل أنا على صوابٍ في قول هذا؟ هل يمكنني سماع كلمة آمين منكم على هذا؟ (آمين!) لا نرى شيئًا من شرّ الشيطان مُنكشِفًا في الله. فكلّ ما يفعله الله ويكشف عنه نافعٌ ومفيد تمامًا للإنسان، ويُعمَل بالتمام لرعاية الإنسان، كما أنه مُفعَمٌ بالحياة ويمنح الإنسان طريقًا يتبعه وتوجيهًا يأخذ به. الله ليس فاسدًا، وبالإضافة إلى ذلك، بالنظر الآن إلى كلّ شيءٍ يفعله الله، هل يمكننا القول إن الله قُدّوسٌ؟ (نعم). بما أن الله ليس لديه أيّ قدرٍ من فساد البشر، وليس لديه ما يشبه أو يماثل الشخصيَّة الفاسدة للبشر أو جوهر الشيطان، يمكننا القول من وجهة النظر هذه إن الله قُدّوسٌ. لا يُظهِر الله أيّ فسادٍ، والكشف عن جوهره الخاصّ في عمله هو مُجمَل التأكيد الذي نحتاجه بأن الله نفسه قُدّوسٌ. هل ترون هذا؟ الآن، لمعرفة جوهر الله القُدّوسٌ، دعونا في الوقت الحاليّ ننظر إلى هذين الجانبين: 1) لا توجد شخصيّةٌ فاسدة في الله. 2) جوهر عمل الله على الإنسان يسمح للإنسان برؤية جوهر الله الخاصّ؛ وهذا الجوهر إيجابيٌّ تمامًا. فالأشياء التي تجلبها كلّ طريقةٍ من عمل الله للإنسان جميعها أشياءُ إيجابيَّة. أوّلاً، يتطلَّب الله من الإنسان أن يكون أمينًا – أليس هذا أمرًا إيجابيًّا؟ الله يمنح الإنسان الحكمة – أليس هذا أمرًا إيجابيًّا؟ الله يجعل الإنسان قادرًا على التمييز بين الخير والشرّ – أليس هذا أمرًا إيجابيًّا؟ يسمح للإنسان بفهم معنى الحياة الإنسانيَّة وقيمتها – أليس هذا أمرًا إيجابيًّا؟ يسمح للإنسان بفحص جوهر الناس والأحداث والأشياء وفقًا للحقّ – أليس هذا أمرًا إيجابيًّا؟ (بلى، إنه كذلك). والنتيجة من هذا كلّه هي أن الإنسان لم يعد يخدعه الشيطان، ولم يعد عليه التعرُّض المُستمرّ لأذى الشيطان أو سيطرته. وهذا يعني أنها تسمح للناس بأن يُحرِّروا أنفسهم تمامًا من فساد الشيطان، وبالتالي يسلكون تدريجيًّا في طريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. إلى أيّ مدى سلكتم في هذا الطريق الآن؟ من الصعب قول هذا، أليس كذلك؟ ولكن على أقلّ تقديرٍ، هل لديكم الآن فهمٌ مبدئيّ للكيفيّة التي يُفسِد بها الشيطان الإنسان، وأي الأشياء شرّيرة وأي الأشياء سلبيَّة؟ (نعم). بهذا الفهم المبدئيّ، أنتم على الأقل تسلكون الآن في الطريق الصحيح. هل يمكننا قول ذلك؟ (نعم).

سوف نُنهي الآن الحديث عن قداسة الله، ولذلك من منكم، من بين كلّ ما سمعتموه وتلقَّيتموه، يمكنه تعريف قداسة الله؟ ما الذي تشير إليه قداسة الله التي أتحدَّث عنها؟ فكِّر في هذا للحظاتٍ. هل صِدق الله هو قداسته؟ هل أمانة الله هي قداسته؟ هل إنكار الله ذاته هو قداسته؟ هل تواضع الله هو قداسته؟ هل مَحبَّة الله للإنسان هي قداسته؟ الله يمنح الإنسان الحقّ والحياة مجَّانًا – هل هذه هي قداسته؟ (نعم). كلّ القداسة التي يكشف عنها الله فريدةٌ من نوعها؛ إنها لا توجد داخل البشريَّة الفاسدة، ولا يمكن رؤيتها هناك. لا يمكن رؤية أيّ أثرٍ بسيط لها خلال عمليَّة إفساد الشيطان للإنسان، ولا في الشخصيَّة الفاسدة للشيطان، ولا في جوهر الشيطان أو طبيعته. كلّ ما لدى الله ومن هو الله فريدٌ من نوعه ولا أحد سوى الله ذاته لديه هذا النوع من الجوهر، ولا أحد سوى الله ذاته يملك هذا النوع من الجوهر. بعد أن ناقشنا هذا حتَّى الآن، هل رأى أيّ واحدٍ منكم أيّ شخصٍ بهذه القداسة بين البشر؟ (لا). هل يوجد إذًا أيّ شخصٍ بهذه القداسة بين المشاهير والعظماء والأصنام التي تعبدونها في البشر؟ (لا). يمكننا أن نقول الآن إذًا إن قداسة الله فريدةٌ من نوعها، هل هو يُجسِّد هذا بالاسم كما هو في الحقيقة؟ (نعم). إنه يُجسِّد هذا. بالإضافة إلى ذلك، يوجد أيضًا الجانب العمليّ. هل يوجد أيّ تناقضٍ بين القداسة التي أتحدَّث عنها الآن والقداسة التي فكَّرتم بها سابقًا وفهمتموها وتخيَّلتموها؟ (نعم). ما مقدار هذا التباين إذًا؟ (كبيرٌ جدًّا!) ما مقدار الكبير جدًّا؟ استخدموا كلماتكم الخاصّة لوصفه. ما الذي يقصده الناس عادةً عندما يتحدَّثون عن القداسة؟ (شيءٌ من السلوك الخارجيّ). السلوك، أو كطريقةٍ لوصف شيءٍ ما، يقولون إنه مُقدَّسٌ. هل هذا الوصف "للقداسة" نظريَّةٌ إذًا؟ إنه مُجرَّد شيءٍ يبدو نظيفًا وجميلاً، مُجرَّد شيءٍ يبدو أو يظهر جيّدًا للناس، ولا شيء به أيّ مضمونٍ حقيقيّ للقداسة. هذه هي النظريَّة. إلى جانب هذا، ما الذي يشير إليه الجانب العمليّ "للقداسة" التي يُفكِّر فيها الناس ويشيرون إليها؟ هل هو في أغلبه ما يتخيَّلونه أو يحكمون عليه؟ على سبيل المثال، يموت بعض البوذيّين أثناء الممارسة ويرحلون بينما يجلسون هناك وهم نائمون. يقول بعض الناس إنهم قد أصبحوا مُقدَّسين وطاروا إلى السماء. هذا أيضًا نوعٌ من الخيال. يوجد أيضًا بعضٌ ممن يعتقدون أن الجِنيَّة النازلة من السماء مُقدَّسةٌ. في الواقع، كان مفهوم الناس عن كلمة "مُقدَّس" على الدوام مُجرَّد نوعٍ من الخيال الأجوف والنظريَّة الجوفاء في ظلّ عدم وجود جوهرٍ حقيقيّ في الأساس لها، بالإضافة لعدم وجود علاقةٍ لها بجوهر القداسة. جوهر القداسة مَحبَّةٌ حقيقيَّة، ولكن الأكثر من هذا هو جوهر الحقّ والبرّ والنور. لا تكون كلمة "قُدّوس" ملائمةً إلّا عند تطبيقها على الله؛ فلا شيء في الخليقة يستحقّ أن يُطلَق عليه قُدّوس. ينبغي على الإنسان أن يفهم ذلك. ومن الآن فصاعدًا لا نُطبِّق كلمة " قُدّوس" إلّا على الله. هل هذا ملائمٌ؟ (نعم، إنه كذلك).

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.