الله ذاته، الفريد (و)

قداسة الله (ج) الجزء الرابع

دعونا نعود للحديث عن الوسائل التي يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان. لقد تحدَّثنا للتوّ عن الطُرق المختلفة التي يعمل بها الله على الإنسان، والتي يمكن لكلّ واحدٍ منكم أن يختبرها بنفسه، ولذلك لن أخوض في الكثير من التفاصيل. ولكن قد يكتنف الغموض قلوبكم بخصوص الوسائل التي يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان، أو على أقلّ تقديرٍ قد تكون التفاصيل غائبة. هل من المفيد لكم أن أفحص هذا مرَّة أخرى؟ (نعم.) هل ترغبون في فهمه؟ (نعم.) ربّما يسأل بعضكم: "لماذا نتحدَّث عن الشيطان مرَّة أخرى؟ في اللحظة التي نتحدَّث فيها عن الشيطان نصبح غاضبين، وعندما نسمع اسمه نشعر بعدم الارتياح تمامًا". بغضّ النظر عن مدى عدم الارتياح الذي يُسبِّبه هذا لك، ينبغي أن تواجه الحقائق، وينبغي التحُّدث عن هذه الأشياء بوضوحٍ وتوضيحها لمصلحة فهمك؛ وإلّا لن يمكنك حقًّا الإفلات من تأثير الشيطان.

لقد ناقشنا من قبل الطُرق الخمس التي يُفسِد بها الشيطان الإنسان. من ضِمن هذه الطُرق الخمس الوسائل التي يستخدمها. الطُرق التي يُفسِد بها الشيطان الإنسان مُجرَّد غطاءٍ؛ فالأكثر مكرًا هي الوسائل التي تختبئ وراء هذه الواجهة ويريد استخدام هذه الوسائل لتحقيق أهدافه. ما هذه الوسائل؟ لخِّصوها لي. (إنه يغشّ ويغوي ويُهدِّد.) كُلَّما أدرجتم أكثر اقتربتم من الوصف. يبدو كما لو كنتم قد تضرَّرتم منه بشدّةٍ ولديكم مشاعر قوّيّة حول هذا الموضوع. (إنه يستخدم أيضًا الحديث الحلو والأكاذيب، ويُؤثِّر، ويخدع، ويحتلّ بالقوّة.) يحتلّ بالقوّة – هذا يعطي انطباعًا عميقًا للغاية. يخاف الناس من الاحتلال بالقوّة من الشيطان. هل توجد طُرقٌ أخرى؟ (إنه يؤذي الناس بعنفٍ، ويستخدم كلًّا من التهديدات والإغراءات، ويكذب.) الأكاذيب جوهر أفعاله وهو يكذب ليخدعك. ما طبيعة الكذب؟ ألا يشبه الكذب الغشّ؟ الهدف من التقوُّل بالأكاذيب هو في الواقع خداعك. هل توجد طُرقٌ أخرى؟ عبِّروا. قولوا لي جميع الطُرق التي تعرفونها. (إنه يُغري ويؤذي ويُعمي ويخدع.) يشعر معظمكم الشعور نفسه حول هذا الخداع، أليس كذلك؟ (إنه يستخدم التملُّق المُتودِّد، ويتحكَّم بالإنسان، ويسيطر على الإنسان، ويُرعِب الإنسان، ويُبعِد الإنسان عن الإيمان بالله). أعرفُ إلى حدٍّ كبير ما تقصدونه وكُلّها أمورٌ جيّدة بالمثل. أنتم جميعًا تعرفون شيئًا عن هذا، ولذلك دعونا نُلخِّصها الآن.

توجد سِتّ وسائل أساسيّة يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان.

الأولى هي التحكُّم والإكراه. يعني هذا أن الشيطان سوف يفعل كلّ شيءٍ ممكن للتحكُّم بقلبك. ماذا يعني "الإكراه"؟ (إنه يعني الإجبار). إنه يُهدِّدك ويُجبِرك على الانتباه له، ممّا يجعلك تُفكِّر في العواقب إذا كنت لا تطيع. أنت خائفٌ ولا تجرؤ على تحدّيه، ولذلك تخضع له.

الثانية هي الغشّ والخداع. ما معنى "الغشّ والخداع"؟ يختلق الشيطان بعض القصص والأكاذيب ويخدعك لتصديقها. إنه لا يُخبِرك أبدًا أن الإنسان خلقه الله، ولكنه لا يقول مباشرةً إن الله لم يخلقك. إنه لا يستخدم كلمة "الله" على الإطلاق، بل يستخدم بدلاً من ذلك شيئًا آخر كبديلٍ، مُستخدِمًا هذا الشيء لخداعك حتَّى لا تكون لديك أيّة فكرةٍ عن وجود الله. يشمل هذا الخداع بالطبع العديد من الجوانب، وليس هذا الجانب فقط.

الثالثة هي التلقين بالقوّة. هل يوجد تلقينٌ بالقوّة؟ (نعم.) بماذا يكون التلقين بالقوّة؟ هل يتمّ التلقين بالقوّة من خلال اختيار الإنسان نفسه؟ هل يتمّ بموافقة الإنسان؟ (لا.) لا يهمّ ما إذا كنت لا توافق عليه. إنه يُسكَب فيك دون درايتك ويغرس فيك تفكير الشيطان وقواعد حياته وجوهره.

الرابعة هي التهديدات والإغواءات. يعني هذا أن الشيطان يستخدم وسائل مختلفة حتَّى تقبلها وتتبعه وتعمل في خدمته؛ يحاول تحقيق أهدافه بأيّة وسيلةٍ ضروريّة. يمنحك أحيانًا بعض النِعم الصغيرة ولكنه لا يزال يُغريك لارتكاب الخطيّة. إذا لم تتبعه فسوف يجعلك تعاني ويعاقبك وسوف يستخدم طُرقًا مُتنوِّعة لمهاجمتك وإيقاعك في الفخّ.

الخامسة هي الخداع والشلل. يعني "الخداع والشلل" أن الشيطان يُقدِّم بعض التصريحات والأفكار ذات الإيقاع الحلو التي تتماشى مع تصوّرات الناس كي يجعلها تبدو وكأنها تأخذ أجسام الناس بعين الاعتبار أو تُفكِّر في حياتهم ومستقبلهم، بينما لا تهدف في الحقيقة سوى لخداعك. ثم يشلّك بحيث لا تعرف ما الصواب وما الخطأ، وبحيث تُخدَع دون درايتك، وبالتالي تصبح تحت سيطرته.

السادسة هي إهلاك الجسد والعقل. ما الذي يُهلِكه الشيطان في الإنسان؟ (عقله وكيانه بجملته). يُهلِك الشيطان عقلك، ممّا يجعلك عاجزًا عن المقاومة، وهذا يعني أن قلبك يتحوَّل ببطءٍ نحو الشيطان رغمًا عن نفسك. إنه يغرس هذه الأشياء فيك كلّ يومٍ، كلّ يومٍ باستخدام هذه الأفكار والثقافات للتأثير عليك وتنشئتك، ويُدمِّر إرادتك ببطءٍ شديد، ممّا يجعلك لا تريد أن تكون شخصًا صالحًا فيما بعد، ولا تعود ترغب في الدفاع عمّا تُسمّيه البرّ. لا تعود تملك دون درايتك قوّة الإرادة لتسبح ضدّ التيّار، ولكنك بدلاً من ذلك تسايره. "الإهلاك" معناه أن الشيطان يُعذِّب الناس كثيرًا لدرجة أنهم لا يصبحون بشرًا ولا أشباحًا، ثم ينتهز الفرصة لابتلاعهم.

من الممكن لكلّ واحدةٍ من هذه الطُرق التي يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان أن تجعل الإنسان عاجزًا عن المقاومة؛ وأيّة واحدةٍ منها يمكن أن تكون قاتلةً للناس. يعني هذا أن أيّ شيءٍ يفعله الشيطان وأيّة وسيلةٍ يستخدمها يمكن أن تُسبِّب انحطاطك، ويمكن أن تجعلك تحت سيطرة الشيطان، ويمكن أن توحلك في مستنقع الشرّ. هذه هي الوسائل التي يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان.

يمكننا القول إن الشيطان شرّيرٌ، ولكن من أجل التأكيد على هذا ينبغي علينا أن ننظر إلى عواقب إفساد الشيطان الإنسان والشخصيّات وحالات الجوهر التي يجلبها للإنسان. تعرفون جميعًا بعضًا من هذا، ولذلك تحدَّثوا عنه. بمُجرَّد أن يكون الشيطان قد أفسد الناس، ما الشخصيّات التي يُعبِّرون عنها ويكشفونها؟ (مُتكبِّرون ومُتعجرِفون، وأنانيّون وحقيرون، ومُعوّجون ومُخادِعون، وماكرون وخبيثون، وبلا إنسانيّةٍ). يمكننا بالإجمال القول إنهم بلا إنسانيّةٍ، أليس كذلك؟ دعوا الإخوة والأخوات الآخرين يتحدَّثون. (مُتكبِّرون ومُخادِعون وخبيثون وأنانيّون وطمّاعون وسطحيّون وزائفون). لا تقولوا ما ينكشف عن بعض جوانب الشخصيّة؛ ينبغي أن تقولوا ما جوهر تلك الشخصيّة. (بمُجرَّد أن يكون الشيطان قد أفسد الإنسان، يكون الإنسان في الغالب مُتكبِّرًا وبارًّا في عينَيْ ذاته ومُختالاً ومغرورًا وطمّاعًا وأنانيًّا. هذه هي الأخطر.) (بعد أن يكون الشيطان قد أفسد الإنسان، يتصرَّف الإنسان بلا ضميرٍ على المستويين الماديّ والروحيّ. ثم يصبح معاديًا لله ويقاوم الله ويعصي الله ويفقد الضمير والعقل اللذين يجب أن يكونا لدى الإنسان.) ما قلتموه في الأساس هو الشيء نفسه مع اختلافاتٍ طفيفة فقط، فبعضكم مُهتمٌ أكثر بالتفاصيل الدقيقة. للتلخيص، كانت كلمة "مُتكبِّرون" هي الأكثر ورودًا – مُتكبِّرون ومُخادِعون وخبيثون وأنانيّون. ولكنكم جميعًا قد تغاضيتم عن الشيء نفسه. فالأشخاص الذين ليس لديهم ضميرٌ والذين فقدوا عقلهم والذين ليست لديهم إنسانيّةٌ – لا يزال يوجد لديهم شيءٌ لا يقلّ أهميّة لم يذكره أيٌّ منكم. ما ذلك إذًا؟ (خائنون.) صحيحٌ. لم يقل أحدٌ "خائنون". العاقبة النهائيّة لهذه الشخصيّات التي توجد في أيّ إنسانٍ بعد أن يكون قد أفسده الشيطان هي خيانتهم لله. بغضّ النظر عمّا يقوله الله للإنسان أو عن العمل الذي يعمله عليهم، فإنه لا يعترف بما يعرف أنه الحقّ، أي أنه لا يعود يُميِّز الله فيخونه: هذه هي عاقبة إفساد الشيطان للإنسان. ينطبق الشيء نفسه على جميع الشخصيّات الفاسدة للإنسان. من بين الطُرق التي يستخدمها الشيطان لإفساد الإنسان – المعرفة التي يتعلَّمها الإنسان، والعلم الذي يعرفه، والخرافات والثقافات التقليديّة والاتّجاهات الاجتماعيّة التي يفهمها – هل يوجد أيٌّ منها يمكن أن يستخدمه الإنسان لتحديد ما هو بارٌ وما هو غير بارٍّ؟ هل توجد أيّة معاييرٍ للعمل من هنا؟ (لا.) هل يوجد أيّ شيءٍ يمكن أن يساعد الإنسان على معرفة ما هو مُقدَّسٌ وما هو شرّيرٌ؟ (لا.) لا توجد معاييرٌ ولا أساسٌ يمكنها مساعدة الإنسان. حتَّى إن كان الناس يعرفون كلمة "مُقدَّس"، فلا يوجد أحدٌ يعرف بالفعل ما هو مُقدَّسٌ. هل هذه الأشياء التي يجلبها الشيطان للإنسان تسمح له إذًا بمعرفة الحقّ؟ هل يمكنها أن تسمح للإنسان بالعيش بإنسانيّةٍ متزايدة؟ هل يمكنها أن تسمح للإنسان بأن يعيش حياةً يكون فيها أكثر قدرة على عبادة الله؟ (لا.) من الواضح أنها لا تستطيع السماح للإنسان بعبادة الله أو فهم الحقّ، ولا يمكنها أن تسمح للإنسان بمعرفة معنى القداسة والشرّ. بالعكس، يصبح الإنسان أكثر تدهورًا وأكثر ابتعادًا عن الله. وهذا هو السبب وراء قولنا إن الشيطان شرّيرٌ. بعد أن فحصنا بدقّةٍ الكثير جدًّا من صفات الشيطان الشرّيرة، هل رأيتم أن الشيطان يملك أيّ عنصرٍ من القداسة سواء في صفاته أو في فهمكم لجوهره؟ (لا.) هذا أكيدٌ. هل رأيتم إذًا أيّ جوهرٍ للشيطان يتشارك مع الله في أيّ تشابهٍ؟ (لا.) هل أيّ تعبيرٍ عن الشيطان يتشارك مع الله في أيّ تشابهٍ؟ (لا.) أريد الآن إذًا أن أسألكم، باستخدام كلماتكم الخاصّة، ما هي قداسة الله بالضبط؟ أوّلاً، ما هي قداسة الله التي قيلت فيما يتعلَّق بهذا؟ هل تُقال فيما يتعلَّق بجوهر الله؟ أم تُقال فيما يتعلَّق بأحد جوانب شخصيّته؟ (إنها تُقال فيما يتعلَّق بجوهر الله.) ينبغي أن يكون موقفنا واضحًا في موضوعنا المنشود. إنها تُقال فيما يتعلَّق بجوهر الله. أوّلاً، لقد استخدمنا شرّ الشيطان كتباينٍ لجوهر الله، فهل رأيت أيّ جانبٍ من جوهر الشيطان في الله؟ ماذا عن أيّ جانبٍ من جوهر البشر؟ فليُخبرني شخصٌ ما. (قداسة الله فريدةٌ من نوعها وأمينة وصادقة ولا توجد شخصيّةٌ فاسدة في الله. الله إيجابيٌّ تمامًا، كما هو الحال في كلّ ما يجلبه للإنسان). (جوهر الله إيجابيٌّ بجُملته، وكل ما يكشف عنه هو لخلاص الإنسان ولكي يعيش الإنسان حياةً بشريّة طبيعيّة. وبالتالي يمكنه حقًّا أن يحمي الإنسان ويمكن للإنسان أن يعيش إنسانيّةً عاديّة.) هل يقتصر الأمر على أن الإنسان يعيش إنسانيّةً عاديّة؟ (حتَّى يمكن للإنسان أن يعرف الحقّ في الواقع؛ قداسته هي مَحبَّته الحقيقيّة وخلاصه للبشر.) (كلّ ما ينكشف من جوهر الله إيجابيٌّ. صدق الله وأمانته ونُكرانه للذّات وتواضعه ومَحبَّته للبشر تُعبِّر كُلّها عن جوهر قداسة الله.) (الله ليس مُتكبِّرًا ولا أنانيًّا ولا يخون، وفي هذا الجانب يُرى أيضًا الجوهر المُقدَّس لله.) آه. هل يمكن إضافة أيّة جوانب أخرى؟ (الله ليس لديه أيّ أثرٍ للشخصيّة الفاسدة للشيطان. فما لدى الشيطان سلبيٌّ بالكامل، في حين أن الله لا يملك سوى ما هو إيجابيٌّ. يمكننا أن نرى أن الله دائمًا بجانبنا. منذ كنا صغارًا للغاية وحتَّى الآن، وخصوصًا عندما كُنّا نضلّ طريقنا، كان دائمًا هناك، يرعانا ويحفظنا. لا يوجد خداعٌ في الله، ولا غشٌّ. إنه يتكلَّم بوضوحٍ وصراحة، وهذا هو أيضًا الجوهر الحقيقيّ لله.) جيّدٌ جدًّا! (لا نستطيع أن نرى أيًّا من شخصيّة الشيطان الفاسدة في عمل الله، لا ازدواجيّة ولا تفاخر ولا وعود فارغة ولا غشّ. الله هو الكائن الوحيد الذي يمكن للإنسان أن يؤمن به وعمل الله أمينٌ وصادق. يمكننا أن نرى من عمل الله أن الله يطلب من الناس أن يكونوا صادقين وأن تكون لديهم حكمةٌ وأن يكونوا قادرين على التمييز بين الخير والشرّ وأن يكون لديهم تمييزٌ لمختلف الناس والأحداث والأشياء. يمكننا في هذا أن نرى قداسة الله.) هل انتهيتم؟ (نعم). هل أنتم راضون عمّا قد قلتموه؟ ما مقدار الفهم الذي تملكونه في قلوبكم عن الله حقًّا؟ وما مقدار ما تستوعبونه عن قداسة الله؟ أعلم أن كلّ واحدٍ منكم لديه في قلبه مستوىً معين من الفهم المتبصر؛ لأن كلّ فردٍ يمكنه أن يشعر بعمل الله عليه، وأنه يحصل، بدرجاتٍ متفاوتة، على أشياءَ كثيرة من الله؛ إنه ينال النعمة والبركات، ويحظى بالتنوير والاستنارة، ويتلقّى دينونة الله وتوبيخه حتَّى يكون لدى الإنسان قدرٌ من الفهم البسيط لجوهر الله.

على الرغم من أن قداسة الله التي نناقشها اليوم قد تبدو غريبةً لمعظم الناس، وبغضّ النظر عن كيف يبدو أننا قد بدأنا هذا الموضوع، سوف يكون لديكم فهمٌ أعمق فيما تسيرون في طريقكم إلى الأمام. إنه يتطلَّب منكم الشعور والفهم تدريجيًّا من داخل اختباركم الخاصّ. لا يزال فهمكم المتبصر لجوهر الله يتطلَّب الآن فترةً طويلة من الوقت لتتعلَّموه وتُؤكِّدوه وتشعروا به وتختبروه إلى أن تعرفوا يومًا ما من أعماق قلبكم أن قداسة الله هي جوهر الله الذي لا تشوبه شائبةٌ، ومَحبَّة الله الخالصة، وأن كلّ ما يمنحه الله للإنسان ناكرٌ للذّات، وسوف تعرفون أن قداسة الله لا تشوبها شائبةٌ ولا عيب فيها. مظاهر جوهر الله هذه ليست مُجرَّد كلماتٍ يستخدمها لإظهار هويّته، ولكن الله بدلاً من ذلك يستخدم جوهره للتعامل في صمتٍ وإخلاص مع كلّ فردٍ. يعني هذا أن جوهر الله ليس فارغًا أو نظريًّا أو عقائديًّا كما أنه بالتأكيد ليس نوعًا من المعرفة. إنه ليس نوعًا من التعليم للإنسان، ولكنه بدلاً من ذلك الإعلان الحقيقيّ لأفعال الله الخاصّة، وهو الجوهر المُوحى به لما لدى الله ومن هو الله. يجب أن يعرف الإنسان هذا الجوهر ويفهمه؛ لأن كلّ ما يفعله الله وكلّ كلمةٍ يقولها لها قيمةٌ عظيمة وأهميّة كبيرة لكلّ شخصٍ. عندما تستوعب قداسة الله يمكنك حينها أن تؤمن حقًّا بالله؛ وعندما تستوعب قداسة الله يمكنك حينها أن تُدرِك حقًّا المعنى الحقيقيّ لتعبير "الله ذاته، الفريد". لن تتصوَّر فيما بعد أنه يمكنك اختيار السير في طُرقٍ أخرى، ولن تكون على استعدادٍ فيما بعد لخيانة كلّ شيءٍ قد رتَّبه الله لك. لأن جوهر الله قدوس، فهذا يعني أنه لا يمكنك السير على الطريق الصحيح والمشرق في الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا يمكنك أن تعرف معنى الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا تستطيع أن تحيا حياة حقيقية، وتقتني الحق، وتعرف الحق إلا من خلاله، ومن خلال الله وحده يمكنك اقتناء الحياة من الحق. يستطيع الله وحده بذاته أن يساعدك على نبذ الشر، وأن ينجيك من الأذى ومن سيطرة الشيطان. لا يستطيع أحد أو شيء سوى الله أن يخلصك من بحر العذاب، فلا تتألم مجددًا: هذا ما يحدده جوهر الله. يُخلِّص الله بذاته وحده نفسك بلا أنانية، فالله وحده هو المسؤول في النهاية عن مستقبلك، وعن مصيرك، وعن حياتك، وهو يرتب كل شيء لك. هذا أمر لا يمكن لشيء مخلوق أو غير مخلوق أن يحققه، لأنه لا شيء مخلوق أو غير مخلوق يمتلك جوهرًا مثل جوهر الله هذا، ولا يوجد شخص أو شيء لديه القدرة على أن يُخلِّصك أو يقودك. هذه هي أهميّة جوهر الله للإنسان. ربّما تشعرون أن هذه الكلمات التي قُلتَها قد تساعد قليلاً في الواقع من حيث المبدأ. ولكن إذا كنت تبحث عن الحقّ، وإذا كنت تُحبّ الحقّ، فإنه في اختبارك فيما بعد لن تُغيِّر هذه الكلمات مصيرك وحسب، ولكن الأكثر من ذلك سوف تأتي بك إلى الطريق الصحيح للحياة. أنتم تفهمون هذا، أليس كذلك؟ (بلى.) هل لديكم الآن قدرٌ من الاهتمام بالتعرُّف على جوهر الله؟ (نعم.) من الجيّد أن تكونوا مُهتمّين. سوف نُنهي هنا مناقشة موضوعنا اليوم بشأن التعرُّف على قداسة الله.

أودّ التحدُّث معكم عن شيءٍ فعلتموه وأدهشني في بداية اجتماعنا اليوم. ربّما كان بعضكم يشعر بالامتنان الآن أو يشعر بالشكر، ولذلك أردتم التعبير عمّا كان يدور في عقولكم تعبيرًا ماديَّا. هذا أبعد من اللوم، وهو ليس صحيحًا وليس خاطئًا. ولكني أودّ منكم أن تفهموا شيئًا. ما هو؟ أوّلاً، أودّ أن أسألكم عمّا فعلتموه الآن. هل كان السجود أو الركوع للعبادة؟ هل يمكن لأيّ أحدٍ أن يُخبرني؟ (نعتقد أنه كان السجود.) تعتقدون أنه كان السجود، فما معنى السجود إذًا؟ (العبادة). ما هو الركوع للعبادة إذًا؟ لم أتشارك هذا معكم من قبل، ولكنني أشعر اليوم أنه من الضروريّ أن أتشارك معكم هذا الموضوع. هل تسجدون في تجمُّعاتكم المعتادة؟ (لا.) هل تسجدون عندما تتلون صلواتكم؟ (نعم.) هل تسجدون في كلّ مرَّةٍ تُصلّون فيها، عندما تسمح الظروف؟ (نعم.) هذا رائعٌ. ولكن ما الذي أودّ أن تفهموه اليوم؟ إنه نوعا الناس الذين يقبل الله ركوعهم. لسنا بحاجةٍ للرجوع إلى الكتاب المُقدَّس أو سلوكيّات أيّة شخصيَّاتٍ روحيّة، وسوف أخبركم شيئًا صحيحًا هنا والآن. أوّلاً، السجود والركوع للعبادة ليسا الشيء نفسه. لماذا يقبل الله ركوع أولئك الذين يسجدون؟ ذلك لأن الله يدعو شخصًا ما إليه ويستدعي هذا الشخص ليقبل مأموريّة الله، ولذلك يسجد الشخص أمام لله. هذا هو النوع الأوّل من الأشخاص. النوع الثاني هو الركوع للعبادة من شخصٍ ما يتّقي الله ويحيد عن الشرّ. يوجد فقط هذان النوعان من الناس. فما النوع الذي يخصّكم؟ هل أنتم قادرون على القول؟ هذه حقيقةٌ واقعيَّة، رغم أنها قد تؤذي مشاعركم قليلاً. لا يوجد ما يُقال عن ركوع الناس أثناء الصلاة – هذا ملائمٌ ويجب أن يكون كذلك؛ لأنه عندما يُصلِّي الناس فإنهم في الغالب يُصلّون من أجل شيءٍ ما؛ إذ يفتحون قلوبهم لله ويتقابلون معه وجهًا لوجهٍ. إنه التواصل والتبادل، من القلب إلى القلب مع الله. إذا كنتم تفعلون ذلك كإجراءٍ شكليّ وحسب، فلا يجب أن يكون الأمر كذلك. لا أقصد توبيخكم على ما فعلتموه اليوم. تعرفون أنني أريد فقط أن أُوضِّح هذا لكم حتَّى تفهموا هذا المبدأ، أليس كذلك؟ (نحن نعلم.) وذلك حتَّى لا تستمرّوا في عمل ذلك. هل لدى الناس إذًا أيَّة فرصةٍ للسجود والركوع أمام وجه الله؟ سوف توجد دائمًا فرصةٌ. عاجلاً أم آجلاً سوف يأتي يومٌ، ولكن الوقت ليس الآن. هل ترون؟ (نعم.) هل يجعلكم هذا تشعرون بالحزن؟ (لا.) هذا جيّدٌ. ربّما سوف تُحفِّزكم هذه الكلمات أو تُلهِمكم بحيث يمكنكم أن تعرفوا في قلوبكم المحنة الحالية بين الله والإنسان ونوع العلاقة القائمة بينهما الآن. على الرغم من أننا قد تحدَّثنا مُؤخّرًا وتبادلنا الكثير، فإن فهم الإنسان لله لا يزال بعيدًا عن أن يكون كافيًا. ما زال أمام الإنسان طريقٌ طويل في مُهمّة البحث عن فهم الله. لا أقصد أن أجعلكم تفعلون ذلك بشكلٍ عاجل أو تتسرّعون في التعبير عن هذه الأنواع من الطموحات أو المشاعر. فما فعلتموه اليوم قد يكشف عن مشاعركم الحقيقيّة ويُعبِّر عنها، وقد أدركتُ ذلك. ولذلك بينما كنتم تفعلون هذا، أردتُ أن أقف وأُقدِّم لكم تمنياتي الطيّبة؛ لأنني أتمنى لكم جميعًا أن تكونوا على ما يرام. وبالتالي فإنني في كلّ كلمةٍ وكلّ عملٍ أبذل أقصى ما بوسعي لمساعدتكم وإرشادكم؛ بحيث يمكن أن يكون لديكم الفهم الصحيح والرؤية الصحيحة لجميع الأشياء. يمكنكم فهم هذا، أليس كذلك؟ (بلى.) هذا عظيمٌ. على الرغم من أن الناس لديهم قدرٌ من الفهم لشخصيَّات الله المُتنوِّعة، وجوانب ما لدى الله ومن هو الله، فإن أغلبيّة هذا الفهم لا تتجاوز قراءة كلماتٍ على إحدى الصفحات أو فهمها من حيث المبدأ أو مُجرَّد التفكير فيها. أمَّا أكثر ما يفتقر إليه الناس فهو الفهم والرؤية الحقيقيان اللذان يأتيان من الاختبار الفعليّ. على الرغم من أن الله يستخدم طُرقًا مُتنوِّعة لإيقاظ قلوب الناس، لا يزال يوجد طريقٌ طويل يجب السير فيه قبل أن تستيقظ أخيرًا قلوب الناس. لا أريد أن أرى أيّ شخصٍ يشعر كما لو أن الله قد تركه في البرد، أو أن الله قد تركه أو أدار ظهره له. أودّ فقط أن أرى كلّ واحدٍ على طريق طلب الحقّ وطلب فهم الله، وأن يسير بجرأةٍ إلى الأمام بإرادةٍ لا تتزعزع دون أيّ شكوكٍ ودون تحمُّل أيّ أعباءٍ. بغضّ النظر عن الأخطاء التي قد ارتكبتها، وبغضّ النظر عن مدى ضلالتك أو مدى تَعدّيك، لا تدع هذه الأمور تصبح أعباءً أو أمتعةً زائدة تحملها معك في سعيك لفهم الله: واصل السير إلى الأمام. بغضّ النظر عن الوقت الذي يحدث فيه هذا، فإن قلب الله الذي هو خلاص الإنسان لا يتغيَّر: هذا هو الجزء الأكثر قيمة في جوهر الله. هل تشعرون بقدرٍ من التحسُّن الآن؟ (نعم.) آمل أن تتمكَّنوا من اتّخاذ النهج الصحيح لجميع الأشياء والكلمات التي تحدَّثتُ بها. دعونا ننهي هذه الشركة هنا إذًا. وداعًا للجميع! (وداعًا!)

11 يناير/كانون الثاني 2014

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.