الله ذاته، الفريد (و)

قداسة الله (ج) الجزء الثاني

لقد تحدَّثنا للتوّ عن كيفيّة استخدام الشيطان المعرفة لإفساد الإنسان، ولذلك دعونا نشارك بعد ذلك حول كيفيّة استخدام الشيطان العلم لإفساد الإنسان. أوّلاً، يستخدم الشيطان اسم العلم لإرضاء فضول الإنسان وتلبية رغبة الإنسان لاستكشاف العلم والبحث في الألغاز. يُلبِّي الشيطان باسم العلم أيضًا احتياجات الإنسان الماديّة وطلب الإنسان المستمرّ لتحسين نوعيّة حياته. وبالتالي، يستخدم الشيطان بهذا الاسم طريق العلم لإفساد الإنسان. هل يُفسِد الشيطان تفكير الإنسان أو عقول البشر فقط باستخدام طريق العلم هذا؟ من بين الناس والأحداث والأشياء في محيطنا التي يمكننا رؤيتها والتي نتواصل معها، ما الذي يستخدمه الشيطان أيضًا للإفساد؟ (البيئة الطبيعيّة). أنتم على حقٍّ. يبدو أنكم تضرَّرتم بشدٍّةٍ من هذا، وتأثَّرتم به تأثّرًا كبيرًا أيضًا. إلى جانب استخدام جميع نتائج واستنتاجات العلم المُتنوِّعة لخداع الإنسان، يستخدم الشيطان أيضًا العلم كوسيلةٍ لتنفيذ التدمير المُتعمَّد واستغلال البيئة المعيشيّة التي وهبها الله للإنسان. إنه يفعل ذلك بحُجَّة أنه إذا أجرى الإنسان البحث العلميّ، فسوف تتحسَّن بيئة حياة الإنسان بمقدارٍ أكبر وسوف تستمرّ مستويات معيشة الإنسان في التحسُّن باستمرارٍ، بالإضافة إلى أن ذلك التطوّر العلميّ يتمّ من أجل تلبية الاحتياجات الماديّة اليوميّة المتزايدة للإنسان وحاجته للحفاظ على الاستمرار في رفع نوعيّة حياته. إن لم يكن الأمر لهذه الأسباب، فلماذا تطوير العلم؟ هذا هو الأساس النظريّ لتطوّر العلم عند الشيطان. ومع ذلك، ماذا جلب العلم للبشريّة؟ ما الذي تتكوّن منه بيئتنا المُحيطة؟ ألم يتلوَّث الهواء الذي يتنفَّسه البشر؟ هل الماء الذي نشربه ما زال نقيَّا حقًّا؟ (لا). ماذا عن الطعام الذي نأكله إذًا، هل غالبيّته طبيعيٌّ؟ (لا). ما هو إذًا؟ إنه يُزرَع باستخدام السماد ويُنَمّى باستخدام التعديل الوراثيّ، وتوجد أيضًا طفراتٌ تُنتَج باستخدام أساليب علميّةٍ مختلفة لدرجة أنه حتَّى الخضروات والفاكهة التي نأكلها لم تعد طبيعيّة. ليس من السهل الآن أن يجد الناس بيضةً طبيعيّة يأكلونها. كما أن البيض لم يعد بالمذاق نفسه كما كان بعد معالجته بالفعل بسبب ما يُسمَّى بعلم الشيطان. بالنظر إلى الصورة الكبيرة، تعرَّض الغلاف الجويّ بأكمله للدمار والتلوّث؛ كما تعرَّضت الجبال والبحيرات والغابات والأنهار والمحيطات وكلّ ما فوق الأرض أو تحتها للدمار بسبب ما يُسمَّى بإنجازات الشيطان العلميّة. يعني هذا أن علم البيئة بأكمله والبيئة المعيشيّة بأكملها التي وهبها الله للإنسان تعرَّضت للخراب والدمار بسبب ما يُسمَّى بالعلم. على الرغم من أنه يوجد العديد من الأشخاص الذين قد حصلوا على ما توقَّعوه من حيث نوعيّة الحياة التي يسعون إليها، مُشبعين بذلك شهواتهم وجسدهم، فإن البيئة التي يعيش فيها الإنسان خُرّبت ودُمِّرَت بسبب "الإنجازات" المُتنوِّعة التي تسبَّب بها العلم. وحتَّى في الهواء الطلق أو في منازلنا لم يعد لدينا الآن الحقّ في تنفُّس نفسٍ واحد من الهواء النظيف. هل هذا حزن البشر؟ هل لا تزال توجد أيّة سعادةٍ يمكن الحديث عنها للإنسان للعيش في هذه المساحة المعيشيّة؟ يعيش الإنسان في هذه المساحة المعيشيّة، ومنذ البداية خلق الله هذه البيئة المعيشيّة من أجل الإنسان. الماء الذي يشربه الناس، والهواء الذي يتنفَّسه الناس، والطعام الذي يأكله الناس، والنباتات والأشجار والمحيطات – هذه البيئة المعيشيّة هي التي وهبها الله كلّها للإنسان؛ إنها طبيعيّة وتعمل وفقًا للقانون الطبيعيّ الذي وضعه الله. لو لم يكن يوجد علمٌ، لكان الناس سعداء، ولكان بإمكانهم الاستمتاع بكلّ شيءٍ في أروع حالاته الأصليّة، وفقًا لطريقة الله ووفقًا لما وهبه الله لهم بما يمكنهم التمتُّع به. ومع ذلك، فقد خرَّب الشيطان الآن هذا كلّه ودمَّره؛ لم تعد مساحة المعيشة الأساسيّة للإنسان في أروع حالاتها الأصليّة. ولكن لا يستطيع أحدٌ أن يُدرِك ما الذي تسبَّب في هذا النوع من العواقب أو كيف حدث هذا، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المزيد من الناس يفهمون العلم ويتعاملون معه من خلال استخدام الأفكار التي غرسها فيهم الشيطان. أليس هذا بغيضًا ومثيرًا للشفقة للغاية؟ بما أن الشيطان أخذ الآن المساحة التي يوجد فيها البشر وبيئتهم المعيشيّة وأفسدهم في هذه الحالة، وبما أن البشر مُستمرّون في التطوّر بهذه الطريقة، هل توجد أيّة حاجةٍ ليد الله لمحو هذا الجنس البشريّ على الأرض؟ هل توجد أيّة حاجةٍ ليد الله لتدمير الجنس البشريّ؟ (لا). إذا استمرّ الجنس البشريّ في التطوّر بهذه الطريقة، فما الاتّجاه الذي سيتّخذه؟ (الخراب). كيف سيخرُب الجنس البشريّ؟ بالإضافة إلى بحث الإنسان الجَشِع عن الشهرة والربح، فإنه يستمرّ في إجراء الاستكشاف العلميّ والبحث المُتعمِّق، ثم يُلبِّي احتياجاته وشهواته الماديّة دون توقُّفٍ؛ فما العواقب إذًا على الإنسان؟ أوّلاً وقبل كلّ شيءٍ، لم يعد يوجد أيّ توازنٍ بيئيّ، وارتباطًا بهذا، فإن أجسام البشر قد تعرَّضت كلّها للفساد والتلف بسبب هذا النوع من البيئة، وانتشرت أمراضٌ وأوبئةٌ مُعدِية مُتنوِّعة في كلّ مكانٍ. هذا وضعٌ لا يمكن للإنسان السيطرة عليه الآن، أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). الآن بعد أن تفهموا هذا، إذا لم يتبع البشر الله بل يتبعون الشيطان دائمًا بهذه الطريقة – مُستخدِمين المعرفة لإثراء أنفسهم باستمرارٍ، ومُستخدِمين العلم بلا توقُّفٍ لاستكشاف حياة الإنسان، ومُستخدِمين هذا الأسلوب لمواصلة العيش – فهل يمكنك التعرُّف إلى ما ستكون عليه النهاية الطبيعيّة للبشر؟ ماذا ستكون النتيجة النهائيّة الطبيعيّة؟ (الخراب). سوف تكون النتيجة هي الخراب: الاقتراب إلى الخراب خطوةً واحدة في كلّ مرّةٍ. الاقتراب إلى الخراب خطوةً واحدة في كلّ مرّةٍ! يبدو الآن كما لو أن العلم نوعٌ من الجُرعة السحريّة التي أعدَّها الشيطان للإنسان بحيث إنكم عندما تحاولون تمييز الأشياء فإنكم تفعلون ذلك في غشاوةٍ ضبابيّة، وبغضّ النظر عن مدى حدّة بصرك فإنه لا يمكنك رؤية الأشياء بوضوحٍ، ومهما حاولت بجدّيّةٍ، لا يمكنك معرفتها. ومع ذلك، لا يزال الشيطان يستخدم اسم العِلم لإثارة شهيّتك ولقيادتك بالإكراه في الاتّجاه نفسه على طول الطريق، نحو الهاوية ونحو الموت. أليس الأمر كذلك؟ (بلى). هذه هي الطريقة الثانية.

ما الطريقة الثالثة؟ إنها الكيفيّة التي يستخدم بها الشيطان الثقافة التقليديّة لإفساد الإنسان. توجد العديد من أوجه التشابه بين الثقافة التقليديّة والخرافة، إلّا أن الثقافة التقليديّة لها قصصٌ وتلميحات ومصادر مُعيّنة. لقد اختلق الشيطان واخترع العديد من القصص الشعبيّة أو القصص في كتب التاريخ وترك للناس انطباعات عميقة عن الشخصيّات الثقافيّة التقليديّة أو الخرافيّة. فكِّر على سبيل المثال في الحكايات الخرافيّة الصينيّة: الخالدون الثمانية الذين يعبرون البحر، ورحلةٌ إلى الغرب، وإمبراطور اليشم، ونيزها ينتصر على الملك التِنّين، وتنصيب الآلهة. ألم تصبح هذه مُتجذِّرةً بعمقٍ في عقول الإنسان؟ حتَّى إذا كان بعضكم لا يعرف جميع التفاصيل، فأنتم ما زلتم تعرفون القصص العامّة، وهذا المحتوى العامّ هو الذي يلتصق بقلبك ويلتصق بعقلك ولا يمكن أن تنساه. هذه هي الأشياء التي أعدَّها الشيطان للإنسان منذ زمنٍ بعيد، بعد أن نشر أفكاره أو أساطيره المُتنوِّعة في أوقاتٍ مختلفة. تضرّ هذه الأشياء أرواح الناس ضررًا مباشرًا وتهدرها وتضع الناس تحت تعويذةٍ تلو الأخرى. يعني هذا أنه بمُجرَّد قبولك هذه الأشياء التي تنشأ من الثقافة التقليديّة أو القصص أو الخرافة، بمُجرَّد أن تترسَّخ هذه الأشياء في عقلك، وبمُجرَّد أن تلتصق بقلبك، فإنها تكون مثل التعويذة – فتصبح متوِّرطًا ومُتأثِّرًا بهذه الثقافات وبهذه الأفكار والقصص التقليديّة. إنها تُؤثِّر في حياتك ونظرتك للحياة وتُؤثِّر أيضًا في حُكمك على الأشياء. والأكثر من ذلك أنها تُؤثِّر على سعيك للطريق الحقيقيّ في الحياة: هذه في الواقع تعويذةٌ. تحاول ولكن لا يمكنك التخلُّص منها؛ تقطع أطرافها ولكن لا يمكنك أن تستأصِّل جذورها؛ تحاول أن تتغلَّب عليها ولكن لا يمكنك التغلُّب عليها. أليس الأمر كذلك؟ (بلى). بالإضافة إلى ذلك، بعد أن يوضع الإنسان دون درايةٍ تحت تأثير هذا النوع من التعويذة، فإنه يبدأ دون عمدٍ في عبادة الشيطان ممّا يُعزِّز صورة الشيطان في قلبه. يعني هذا أنه ينصب الشيطان صنمًا له وكائنًا ليعبده ويتطلَّع إليه بل ويتمادى حتَّى لدرجة أنه يعتبره الله. ودون درايةٍ، تتحكِّم هذه الأشياء التي في قلوب الناس في كلماتهم وأفعالهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنك أوّلاً تعتبر هذه القصص والأساطير زائفة، ثم تعترف دون درايةٍ بوجود هذه القصص، ممّا يجعل منها شخصيّات حقيقية وتُحوِّلها إلى أشياءٍ حقيقيّة موجودة. تتلقَّى هذه الأفكار ووجود هذه الأشياء في جهالةٍ وبطريقةٍ لا شعوريّة. وتتلقَّى أيضًا بطريقةٍ لا شعوريّة الأبالسة والشيطان والأصنام في منزلك وفي قلبك – هذه في الواقع تعويذةٌ. هل تشعرون بالشيء نفسه؟ (نعم). هل يوجد بينكم من قد أحرق بخورًا وتعبَّد لبوذا؟ (نعم). ماذا كان الغرض إذًا من حرق البخور وعبادة بوذا؟ (الصلاة من أجل السلام). عند التفكير في الأمر الآن، هل من السخافة الصلاة إلى الشيطان من أجل السلام؟ هل يجلب الشيطان السلام؟ (لا). هل كنتم جهلةً في ذلك الوقت؟ (نعم). ذلك النوع من السلوك سخيفٌ وجاهلٌ وساذجٌ، أليس كذلك؟ لا يُفكِّر الشيطان سوى في كيفيّة إفسادك ولا يمكنه أن يمنحك السلام؛ لا يمكنه سوى أن يمنحك راحةً مُؤقَّتة. ولكن ينبغي أن تقطع نذرًا وإذا نقضتَ عهدَك أو نكثتَ بنذرك فسوف ترى كيف يُعذِّبك. عندما يجعلك تقطع نذرًا، فإنه يريد فعلاً التحكُّم بك. عندما صلَّيتم من أجل السلام، هل حصلتم على السلام؟ (لا). لم تحصلوا على السلام، بل على العكس لم يجلب سوى سوء الحظ والكوارث بلا نهايةٍ – محيطٌ لا حدود له من المرارة حقًّا. السلام ليس ضمن مجال الشيطان، وهذه هي الحقيقة. هذه هي العاقبة التي تجنيها البشريّة من الخرافة البالية والثقافة التقليديّة.

الموضوع الأخير هو كيفيّة استفادة الشيطان من الاتّجاهات الاجتماعيّة لإفساد الإنسان. تشمل هذه الاتّجاهات الاجتماعيّة أشياءَ كثيرة. يقول بعض الناس: "هل تتعلَّق بالملابس التي نرتديها؟ هل تتعلَّق بأحدث الموضات ومستحضرات التجميل وتصفيف الشعر وطعام الذَّوّاقة؟" هل تتعلَّق بهذه الأشياء؟ هذه جزءٌ من الاتّجاهات، لكننا لا نرغب في الحديث عن هذه هنا. نودّ فقط أن نتحدَّث عن الأفكار التي تجلبها الاتّجاهات الاجتماعيّة للناس، والطريقة التي تجعل الناس يتصرَّفون بها في العالم، وأهداف الحياة والتوقَّعات التي تُحدِثها في الناس. هذه مُهمّةٌ جدًّا. يمكنها التحكُّم بالحالة العقليّة للإنسان والتأثير عليها. تحمل كل هذه الاتجاهات واحد تلو الآخر تأثيرًا شريرًا يؤدي باستمرار إلى تدهور الإنسان، وإلى فقدان ضميره وإنسانيته وعقله باستمرار، وانحطاط أخلاقه، ونوعية شخصيته أكثر فأكثر، حتى أنه يمكننا القول إن غالبية الناس لا يتمتعون الآن بأي نزاهة أو إنسانية، ولا يمتلكون أي ضمير، ولا حتى أي عقل. ما هذه الاتجاهات إذًا؟ لا يمكنك رؤيتها بالعين المجردة. عندما تهب رياح أحد هذه الاتجاهات، ربما لا يصبح سوى عدد قليل من الناس مروجين لهذا الاتجاه. إنهم يندفعون في فعل هذا النوع من الأشياء، أو يقبلون هذا النوع من الأفكار، أو هذا النوع من وجهات النظر. ومع ذلك، سيظل هذا النوع من الاتجاه يصيب غالبية الناس في ظل عدم درايتهم، ويشغلهم ويجذبهم باستمرار، حتى يتقبلوه جميعًا لا إراديًا دون أن يدروا، ويغمرهم جميعًا ويسيطر عليهم. تدفع هذه الأنواع من الاتجاهات واحد تلو الأخر الإنسان الذي ليس له جسد وعقل سليمين، ولا يعرف أبدًا ما هو الحق، ولا يستطيع أن يميِّز بين الأشياء الإيجابية والسلبية، أن يقبل طواعية هذه الاتجاهات، ووجهة نظر الحياة، وفلسفات الحياة، والقيم التي تأتي من الشيطان. إنه يقبل ما يخبره به الشيطان عن كيفية التعامل مع الحياة وطريقة العيش التي "يمنحها" له الشيطان. ليس لديه القوة، ولا القدرة، ولا حتى الوعي للمقاومة. ما هذه الاتّجاهات إذًا؟ لقد اخترتُ مثالاً بسيطًا قد تفهمونه. على سبيل المثال، كان الناس في الماضي يديرون أعمالهم بطريقةٍ لم تكن تغشّ الكبار أو الصغار، وكانت تبيع السلع بالسعر نفسه بغضّ النظر عمّن كان يشتريها. ألا يرد هنا تلميحٌ عن الضمير والإنسانيّة؟ عندما استخدم الناس هذا النوع من العقيدة عند إجراء أعمالهم، فإنه يُظهِر أنه كان لا يزال لديهم قدرٌ من الضمير وقدرٌ من الإنسانيّة في ذلك الوقت. ولكن مع طلب الإنسان للمبالغ المتزايدة من الأموال بدأ الناس يُحبّون المال دون درايةٍ ويُحبّون الربح ويُحبّون التمتُّع أكثر فأكثر. هل بدأ الناس يرون المال على أنه أكثر أهميّة؟ عندما يرى الناس المال على أنه أكثر أهميّة، فإنهم يُهمِلون سُمعتهم وشُهرتهم ومكانتهم ونزاهتهم دون درايتهم؛ يُهمِلون جميع هذه الأشياء، أليس كذلك؟ عندما تنخرط في الأعمال التجاريّة فإنك ترى شخصًا آخر يتّخذ نُهجًا مختلفة ويستخدم وسائل مُتنوِّعة لخداع الناس ولتحقيق الثراء. على الرغم من أن المال المُكتسَب هو مكاسبُ غير مشروعةٍ، فإنهم يصبحون أكثر فأكثر ثراءً. ينخرطون في العمل التجاريّ نفسه مثلك، ولكن عائلتهم بأكملها تتمتَّع بالحياة أكثر منك فتشعر بالحزن وتقول: "لماذا لا يمكنني عمل ذلك؟ لماذا لا يمكنني كسب ما يكسبونه؟ ينبغي أن أُفكِّر في طريقةٍ للحصول على المزيد من المال ولإنجاح عملي التجاريّ". ثم تتأمَّل في ذلك طويلًا. وفقًا للطريقة المعتادة لكسب المال، إن تجنبت غشّ الكبير أو الصغير وبعت الأشياء بالسعر نفسه للجميع، فإن المال الذي تربحه يكون بضميرٍ مرتاح، لكنه لا يمكنه أن يجعلك تُحقِّق الثراء السريع. لكنك في ظلّ الرغبة لتحقيق ربحٍ، يخضع تفكيرك لتحوِّلٍ تدريجيّ. وأثناء هذا التحوّل تبدأ مبادئ سلوكك في التغيّر أيضًا. عندما تغشّ شخصًا ما للمرَّة الأولى، وعندما تحتال على شخصٍ ما للمرَّة الأولى، تكون لديك تحفُّظاتك فتقول: "هذه هي المرَّة الأخيرة التي أغشّ فيها شخصًا ما ولن أفعل ذلك مرَّةً أخرى. لا أستطيع غشّ الناس. فغشّ الناس لن يُسبِّب لي سوى الانتقام وسيجلب علىَّ الكارثة! هذه هي المرَّة الأخيرة التي أغشّ فيها شخصًا ما ولن أفعل ذلك مرَّةً أخرى". عندما تخدع شخصًا ما، تساور قلبك بعض الهواجس؛ هذه وظيفة ضمير الإنسان – أن تكون به هواجس وأن يُوبِّخك حتَّى يبدو الأمر غير طبيعيٍّ عندما تغشّ شخصًا ما. ولكن بعد أن تكون قد نجحت في خداع شخصٍ ما ترى أنه لديك الآن أموالٌ أكثر ممَّا كان لديك من قبل فتعتقد أن هذه الطريقة يمكن أن تكون مفيدة جدًّا لك. على الرغم من الوجع المُضجِر في قلبك، ما زلت تشعر بأنك تُهنِّئ نفسك على نجاحك وتشعر بالقليل من الرضا عن نفسك. تستحسن سلوكك الخاصّ وتستحسن خداعك للمرَّة الأولى. وبعد ذلك، بُمجرَّد أن يتلوَّث الإنسان بهذا الغشّ فإنه يكون مثل الشخص الذي يتورَّط في القِمار ثم يصبح مقامرًا. إنه يستحسن سلوكه الغاشّ دون درايةٍ ويقبله. ودون درايةٍ يعتبر الغشّ سلوكًا تجاريًّا شرعيًّا ويعتبر الغشّ الوسيلة الأكثر فائدة لبقائه ولحياته؛ يعتقد أنه بعمل ذلك يمكنه تحقيق الثراء بسرعةٍ. لا يستطيع الناس في بداية هذه العمليّة قبول هذا النوع من السلوك، فهم ينظرون نظرةً مُتدنيّة إلى هذا السلوك وهذه الطريقة لعمل الأشياء، ثم يُجرِّبون هذا السلوك شخصيًّا، ويُجرِّبونه بطريقتهم الخاصّة، فتبدأ قلوبهم في التحوّل تدريجيًّا. ما هذا التحوّل إذًا؟ إنه موافقةٌ على هذا الاتّجاه وقبولٌ له، وهو قبولٌ وموافقة على هذه الفكرة التي غرسها فيك الاتّجاه الاجتماعيّ. ودون درايةٍ، تشعر أنك إذا كنت لا تغشّ في العمل التجاريّ فسوف تعاني من الخسائر، وأنك إذا لم تغشّ فسوف تكون قد خسرت شيئًا. ودون درايةٍ، يصبح هذا الغشّ روحك نفسها ودِعامتك ويصبح أيضًا نوعًا من السلوك يُعدّ قاعدةً لا غنى عنها لحياتك. بعد أن يكون الإنسان قد قَبِلَ هذا السلوك وهذا التفكير، هل يخضع قلب الإنسان لتغييرٍ؟ لقد تغيَّر قلبك، فهل تغيَّرت نزاهتك؟ هل تغيَّرت إنسانيّتك؟ (نعم). هل تغيَّر ضميرك إذًا؟ (نعم). يخضع الإنسان بجملته لتغييرٍ نوعيّ، من قلبه إلى أفكاره، لدرجة أنه يتغيرَّ من الداخل إلى الخارج. يُبعِدك هذا التغيير أكثر فأكثر عن الله وتصبح أكثر فأكثر توافقًا مع الشيطان وأكثر فأكثر شَبَهًا به.

من السهل عليك الآن فهم هذه الاتّجاهات الاجتماعيّة. اِخترتُ مثالاً بسيطًا، أي مثالاً شائعًا سوف يكون الناس على درايةٍ به. هل لهذه الاتّجاهات الاجتماعيّة تأثيرٌ كبير على الناس؟ (نعم). هل تُؤثِّر هذه الاتّجاهات الاجتماعيّة تأثيرًا عميقًا على الناس إذًا؟ (نعم). تأثيرٌ ضارّ جدًّا على الناس. يستخدم الشيطان واحدًا من هذه الاتّجاهات الاجتماعيّة بعد الآخر لإفساد ماذا في الإنسان؟ (الضمير والعقل والإنسانيّة والأخلاق). ماذا أيضًا؟ (نظرة الإنسان للحياة). هل تُسبِّب انحطاطًا تدريجيًّا في الناس؟ (نعم). يستخدم الشيطان هذه الاتجاهات الاجتماعية لجذب الناس تدريجيًا نحو عُشّ للشياطين، حتى أن الناس المتورِّطين في الاتجاهات الاجتماعية يدافعون بلا وعي عن المال والرغبات المادية، وكذلك الشر والعنف. وحالما دخلت هذه الأشياء قلب الإنسان، فماذا يصبح الإنسان بعد ذلك؟ يصبح الإنسان الشيطان الشرير! هل هذا بسبب الميل النفسي في قلب الإنسان؟ ما الذي يدافع عنه الإنسان؟ يبدأ الإنسان في حُب الشر والعنف، ولا يحب الجمال أو الخير، فضلاً عن السلام. لا يرغب الناس في أن يعيشوا حياة إنسانية عادية بسيطة، بل يرغبون بدلاً من ذلك في التمتع بالمكانة الرفيعة والثروة العظيمة، وأن ينغمسوا في متعة الجسد، باذلين كل ما في وسعهم لإرضاء جسدهم، دون وجود قيود أو التزامات تردعهم، وبعبارة أخرى، فإنهم يفعلون ما يشاؤون. لذا عندما يصبح الإنسان منغمسًا في هذه الأنواع من الاتجاهات، هل يمكن للمعرفة التي تعلمتها أن تساعدك على التحرر؟ هل يمكن للثقافة التقليدية والخرافات التي تعرفها أن تساعدك على التخلص من هذا المأزق المأسوي؟ هل يمكن للأخلاق والشعائر التقليدية التي يفهمها الإنسان أن تساعده على ممارسة ضبط النفس؟ على سبيل المثال، خذ كتاب الثلاثيَّات الكلاسيكيَّة Three Character Classic. هل يمكنه أن يساعد الناس على سحب أقدامهم من الرمال المتحركة لهذه الاتجاهات؟ (لا، لا يمكنه). بهذه الطريقة، سيزداد الإنسان أكثر فأكثر في الشر والغرور، والانحطاط والأنانية والخباثة. لم تعد توجد أي عاطفة بين الناس، ولم يعد يوجد أي حب بين أفراد العائلة، ولم يعد يوجد أي تفاهم بين الأقارب والأصدقاء. أصبحت العلاقات الإنسانية مليئة بالغش، ومليئة بالعنف. يريد كل شخص استخدام وسائل الغش وأساليب العنف للعيش وسط غيره من البشر. فها هو يكذب ويغش ويتبنى العنف من أجل الحصول على معيشته، ويستخدم العنف ليفوز بمنصبه ويحصل على أرباحه، ويفعل كل ما يريده باستخدام طرق عنيفة وشريرة. أليست هذه البشرية مُرعبة؟ (نعم). بعد سماعي أتحدَّث عن هذه الأشياء الآن، ألا تعتقدون أنه من المُرعِب العيش بين هذا النوع من الحشود، في هذا العالم وفي هذه البيئة، التي أفسدها الشيطان كلّها؟ (نعم). هل شعرتم إذًا أن أنفسكم جديرةٌ بالرثاء؟ لا بدّ أنكم تشعرون بهذا قليلاً الآن، أليس كذلك؟ (بلى). بعد سماع نغمة صوتكم، يبدو كما لو أنكم تُفكِّرون قائلين: "يستخدم الشيطان الكثير من الطُرق المختلفة لإفساد الإنسان. إنه ينتهز كلّ فرصةٍ وهو في كلّ مكانٍ ننتقل إليه. هل لا يزال من الممكن خلاص الإنسان؟" هل لا يزال من الممكن خلاص الإنسان؟ هل يمكن للإنسان خلاص نفسه؟ (لا). هل يستطيع إمبراطور اليشم خلاص الإنسان؟ هل يستطيع كونفوشيوس خلاص الإنسان؟ هل يستطيع كوانيون المستنير خلاص الإنسان؟ (لا). من يستطيع خلاص الإنسان إذًا؟ (الله). ومع ذلك، سوف يثير بعض الناس في قلوبهم أسئلةً مثل: "الشيطان يؤذينا أشدّ أذى وبدرجةٍ مسعورة حتَّى إنه لا أمل لنا في العيش ولا ثقة لدينا في العيش. نعيش كلّنا في وسط الفساد وكلّ شخصٍ يقاوم الله على أيّ حالٍ، وقد غرقت قلوبنا الآن إلى أدنى مستوىً ممكن. أين الله إذًا بينما يُفسِدنا الشيطان؟ ما الذي يفعله الله؟ أيًّا كان ما يفعله الله من أجلنا، فإننا لا نشعر بهذا أبدًا!" يشعر بعض الناس حتمًا بالحزن ويشعرون بالإحباط إلى حدٍّ ما لا محالة. وبالنسبة إليكم، هذا الشعور عميقٌ جدًّا لأن كلّ ما كنتُ أقوله كان لجعل الناس يفهمون ببطءٍ، وليشعروا أكثر فأكثر بأنهم بلا أملٍ، وليشعروا أكثر فأكثر بأن الله قد تخلّى عنهم. ولكن لا تقلقوا. موضوع شركتنا اليوم "شرّ الشيطان"، ليس موضوعنا الحقيقيّ. لكن للحديث عن جوهر قداسة الله، ينبغي علينا أوّلاً أن نتحدَّث عن الكيفيّة التي يُفسِد بها الشيطان الإنسان وعن شرّ الشيطان لنوضِّح للناس أكثر نوع الحالة التي عليها الإنسان الآن. أحد أهداف التحدُّث عن هذا هو السماح للناس بمعرفة شرّ الشيطان، في حين أن الهدف الآخر هو السماح للناس بفهم القداسة الحقيقيّة فهمًا أعمق.

هل هذه الأشياء التي قد تحدَّثتُ عنها للتوّ أكثر تفصيلاً من المرَّة السابقة؟ (نعم). هل فهمكم الآن إذًا أعمق قليلاً؟ (نعم).

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.