الله ذاته، الفريد (د)

قداسة الله (أ) الجزء الثالث

بعد أن انتهينا الآن من الحديث عن الشيطان، دعونا نعود إلى الحديث عن إلهنا. خلال خطّة تدبير الله المستمرّة على مدى ستّة آلاف سنةٍ، لم يُسجَّل سوى القليل جدًّا من حديث الله المباشر في الكتاب المُقدّس، وما جرى تسجيله بسيطٌ جدًّا. ولذلك دعونا نبدأ في البداية. خلق الله الإنسان وقاد حياة البشر منذ ذلك الحين. سواء في منح البشر البركات، أو إعطائهم النواميس ووصاياه، أو وضع القواعد المُتنوّعة للحياة، هل تعرفون هدف الله المنشود من عمل هذه الأشياء؟ أوّلاً، هل يمكنكم القول بكلّ تأكيدٍ إن كلّ ما يفعله الله لخير البشر؟ (نعم، يمكننا ذلك). قد تعتقدون أن هذه الجملة عامّةٌ وجوفاء نسبيًّا، ولكن على وجه التحديد، كلّ ما يفعله الله يهدف لقيادة الإنسان وإرشاده ليعيش حياةً طبيعيّة. سواء كان الهدف أن يحفظ الإنسان قواعد الله أو يحفظ نواميسه، فإن هدف الله هو ألّا يعبد الإنسان الشيطان، وألّا يتضرّر من الشيطان؛ هذا هو الأهمّ وهذا ما تم عمله في البداية. ففي البداية، عندما لم يكن الإنسان يفهم مشيئة الله، أخذ الله بعض القوانين والقواعد البسيطة وصاغ أحكامًا تشمل كلّ جانبٍ يمكن تصوّره. هذه الأحكام بسيطةٌ للغاية، ولكنها تحتوي في داخلها على مشيئة الله. الله يُقدّر البشر ويعتزّ بهم ويُحبّهم محبّةً صادقة. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). ولذلك هل يمكن أن نقول إن قلبه قُدّوسٌ؟ هل يمكن أن نقول إن قلبه طاهرٌ؟ (نعم). هل الله لديه أيّة نوايا خفيّة؟ (كلا). هل ينبع هذا الهدف إذًا من حقّه وإيجابيّته؟ (نعم). بغضّ النظر عن الأحكام التي وضعها الله، فإن لها جميعًا في سياق أعماله آثارٌ إيجابيّة على الإنسان، كما أنها تقود الطريق. هل توجد إذًا أيّة أفكارٍ في عقل الله لخدمة المصالح الذّاتيّة؟ هل الله لديه أيّة أهدافٍ إضافيّة تخصّ الإنسان أو يريد أن يستخدم الإنسان بطريقةٍ ما؟ (كلا). كلا على الإطلاق. الله يفعل ما يقوله، كما أنه يُفكِّر بهذه الطريقة في قلبه. لا يوجد غرضٌ مختلط ولا أفكار لخدمة المصالح الذّاتيّة. إنه لا يفعل أيّ شيءٍ لنفسه، ولكنه يفعل كلّ شيءٍ بالفعل من أجل الإنسان دون أيّة أهدافٍ شخصيّة. ومع أن لديه خططٌ ومقاصد للإنسان، إلّا أنه لا يفعل أيّ شيءٍ لنفسه. كلّ شيءٍ يعمله يكون بمعنى الكلمة لمصلحة البشر ولحماية البشر وللحفاظ على البشر من الضلال. أليس هذا القلب ثمينٌ إذًا؟ (بلى). هل يمكن أن ترى حتّى أصغر إشارةٍ لهذا القلب الثمين في الشيطان؟ هل يمكن أن تراها؟ (كلا). لا يمكنك رؤية إشارة واحدة لهذا في الشيطان. كلّ شيءٍ يفعله الله ينكشف بطريقةٍ طبيعيّة. بالنظر إلى الطريقة التي يعمل بها الله، كيف يعمل؟ هل يأخذ الله هذه النواميس وكلماته ويربطها بإحكامٍ على رأس كلّ شخصٍ مثل تعويذة الطوق الذهبيّ، ويفرضها على كلّ إنسانٍ؟ هل يعمل بهذه الطريقة؟ (كلا). بأيّة طريقةٍ إذًا يعمل الله؟ (إنه يُرشِدنا). (إنه ينصح ويُشجّع). هذا جانبٌ ثانٍ. هل توجد أيّة جوانب أخرى؟ هل يُهدِّد؟ هل يتحدّث إليكم في دوائر مفرغة؟ (كلا). عندما لا تفهم الحقّ، كيف يُرشِدك الله؟ (ينير لك نورًا). ينير لك ويُخبِرك بوضوحٍ أن هذا لا يتماشى مع الحقّ، وما يجب عليك فعله. من هذه الطرق التي يعمل بها الله، ما نوع العلاقة التي تشعر بها مع الله؟ هل تجعلك تشعر بأن الله بعيدٌ عنك؟ (كلا). كيف تجعلك تشعر إذًا؟ تُشعرك بأن الله قريبٌ على نحو خاص منك ولا توجد مسافةٌ بينكما. عندما يُرشِدك الله، وعندما يعولك، وعندما يساعدك ويدعمك، فأنت تشعر بلطف الله وبوجوب احترامه، وتشعر بمدى جماله وقربه. ولكن عندما يُوبِّخك الله على فسادك، أو عندما يدينك ويُؤدِّبك بسبب تمرّدك عليه، ما الطريقة التي يستخدمها الله؟ هل يُؤدِّبك بالكلمات؟ هل يُؤدِّبك من خلال بيئتك ومن خلال الناس والأحوال والأشياء؟ (نعم). ما المستوى الذي يصل إليه هذا التأديب؟ (إلى المستوى الذي يمكن للإنسان تحمّله). هل يصل مستوى تأديب الله إلى النقطة نفسها التي يضرّ بها الشيطان الإنسان؟ (كلا). يعمل الله بطريقةٍ لطيفة مملوءة بالحب والرقة والعناية، أي بطريقةٍ معتدلة وملائمة على نحو خاصّ. لا تجعلك طريقته تشعر بمشاعر حادة مثل أن تقول: "ينبغي أن يسمح لي الله بعمل هذا" أو "ينبغي أن يسمح لي الله بعمل ذلك". لا يعطيك الله أبدًا مثل هذا النوع من العقليّة الحادّة أو المشاعر الحادّة التي تجعل الأشياء لا تُطاق. أليس هذا صحيحًا؟ حتّى عندما تقبل كلمات دينونة الله وتوبيخه، كيف تشعر بعد ذلك؟ عندما تشعر بسلطان الله وبقوّته، كيف تشعر بعد ذلك؟ هل تشعر أن الله كائنٌ سماويّ لا يمكن انتهاك خصوصيّته؟ (نعم). هل تشعر بأنك بعيدٌ عن الله في هذه الأوقات؟ هل تشعر بالذعر من الله؟ (كلا). كلا، ولكنك بدلاً من ذلك تشعر بالمخافة الخاشعة من الله. هل يشعر الناس بجميع هذه الأشياء فقط بسبب عمل الله؟ (نعم). هل ستكون لديهم إذًا هذه المشاعر إذا عمل الشيطان في الإنسان؟ (كلا). يستخدم الله كلماته وحقّه وحياته من أجل إعالة الإنسان ودعمه باستمرارٍ. عندما يكون الإنسان ضعيفًا، وعندما يشعر الإنسان بالإحباط، فإن الله بالتأكيد لا يتحدّث بخشونةٍ قائلاً: "لا تشعر بالإحباط. ما سبب إحباطك؟ ما سبب ضعفك؟ لماذا أنت ضعيفٌ؟ أنت ضعيفٌ جدًّا ومُحبطٌ دائمًا. ما الهدف من العيش؟ مُتْ وحسب!" هل يعمل الله بهذه الطريقة؟ (كلا). هل يملك الله السلطان للعمل بهذه الطريقة؟ (نعم). ولكن هل يتصرّف الله بهذه الطريقة؟ (كلا). يرجع السبب في عدم تصرّف الله بهذه الطريقة إلى جوهره، أي جوهر قداسة الله. فمحبّته وتقديره للإنسان واعتزازه به لا يمكن التعبير عنها بوضوحٍ في جملةٍ واحدة أو جملتين فقط. فهذا ليس شيئًا ناتجًا عن تفاخر الإنسان، ولكنه شيءٌ يُحدِثه الله في ممارسةٍ فعليّة؛ وهو إعلان جوهر الله. هل يمكن لجميع هذه الطرق التي يعمل بها الله أن تسمح للإنسان برؤية قداسة الله؟ في جميع هذه الطرق التي يعمل بها الله، بما في ذلك مقاصد الله الصالحة، وبما في ذلك الآثار التي يرغب الله في تحقيقها في الإنسان، وبما في ذلك الطرق المختلفة التي يستخدمها الله للعمل على الإنسان، ونوع العمل الذي يعمله، وما يريده من الإنسان أن يفهمه – هل رأيت أيّ شرٍّ أو مكرٍ في نوايا الله الطيّبة؟ (كلا). إذًا في كلّ شيءٍ يفعله الله، وكلّ شيءٍ يقوله الله، وكلّ ما يُفكِّر به في قلبه، وكذلك جوهر الله الذي يكشف عنه، هل يمكننا أن ندعو الله قُدّوسًا؟ (نعم). هل رأى أيّ إنسانٍ هذه القداسة في العالم أو في نفسه؟ باستثناء الله، هل سبق ورأيتها في أيّ إنسانٍ أو في الشيطان؟ (كلا). هل يمكننا من ما تحدّثنا عنه حتّى الآن أن نصف الله بأنه الله الفريد القدّوس نفسه؟ (نعم). فكلّ ما يمنحه الله للإنسان، بما في ذلك كلام الله، والطرق المختلفة التي يعمل بها الله في الإنسان، وما يقوله الله للإنسان، وما يُذكِّر الله الإنسان به، وما ينصحه به ويُشجّعه عليه، فإن هذا كلّه ينشأ من جوهرٍ واحد: ينبع هذا كلّه من قداسة الله. إذا لم يكن يوجد مثل هذا الإله القُدّوس، فلا يمكن لأيّ إنسانٍ أن يأخذ مكانه لأداء العمل الذي يعمله. وإذا أخذ الله هؤلاء الناس وسلّمهم بالكامل إلى الشيطان، فهل سبق وفكّرتم في الحالة التي ستكونون عليها اليوم؟ هل ستكونون جالسين جميعًا هنا، في حالة اكتمالٍ وابتعادٍ عن الأذى؟ (كلا). كيف سيكون حالكم إذًا؟ هل ستقولون أيضًا: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". هل ستتعجرفون وتتفاخرون وتتباهون دون خجلٍ أمام الله، وتتبخترون مُتحدّثين بهذه الطريقة؟ (نعم). سوف تفعلون هذا بالتأكيد! سوف تفعلون هذا حتمًا! يسمح موقف الشيطان تجاه الإنسان بأن يرى أن طبيعة الشيطان تختلف تمامًا عن الله. وجوهره يختلف تمامًا عن الله. ما جوهر الشيطان الذي هو عكس قداسة الله؟ (شرّه). طبيعة الشيطان الشرّيرة عكس قداسة الله. والسبب في أن غالبية الناس لا يُميِّزون هذا التعبير عن الله وجوهر قداسة الله هذا هو أنهم يعيشون تحت مُلك الشيطان وضمن فساد الشيطان وداخل قفص الشيطان. إنهم لا يعرفون معنى القداسة ولا يعرفون كيفيّة تعريف القداسة. وحتّى عندما تُدرِك قداسة الله، فأنت لا تزال غير قادرٍ على تعريفها على أنها قداسة الله بأيّ قدرٍ من التأكيد. وهذا تفاوتٌ في معرفة الإنسان لقداسة الله.

ما نوع السمة التمثيليّة التي يُظهِرها عمل الشيطان في الإنسان؟ يجب أن تعرفوها من اختباراتكم الشخصيّة – السمة الأكثر تمثيلاً للشيطان هي الشيء الذي يفعله بالأكثر والشيء الذي يحاول عمله مع كلّ شخصٍ. لديه سمةٌ ربّما لا يمكنكم رؤيتها، بحيث لا تعتقدون بمدى رعب الشيطان وبُغضه. هل يعرف أحدٌ هذه السمة؟ أخبروني. (كلّ ما يفعله يهدف لإيذاء الإنسان). إنه يفعل أشياءً لإيذاء الإنسان. كيف يؤذي الإنسان؟ هل يمكنك أن تُبيِّن لي بطريقة أكثر تحديدًا وبمزيدٍ من التفاصيل؟ (إنه يغوي الإنسان ويغريه ويُجرِّبه). هذا صحيحٌ، وهو يُظهِر عدّة جوانب. هل يوجد المزيد؟ (إنه يُضلِّل الإنسان). إنه يُضلِّل ويهاجم ويتّهم. نعم، هذه كلّها. هل يوجد المزيد؟ (يختلق الأكاذيب). يرتبط الغشّ والكذب ارتباطًا طبيعيًّا بالشيطان. إنه يفعل ذلك كثيرًا جدًّا لدرجة أن الأكاذيب تسيل من فمه دون الحاجة إلى التفكير. هل يوجد المزيد؟ (إنه يزرع الخصومة). هذه ليست مُهمّةٌ جدًّا. سوف أصف لكم شيئًا سوف يُرعِبكم، ولكنني لا أفعل ذلك لإخافتكم. يعمل الله على الإنسان والإنسان موضع اعتزازٍ في كلٍّ من موقف الله وقلبه. وعلى العكس، هل يعتزّ الشيطان بالإنسان؟ إنه لا يعتزّ بالإنسان. ما الذي يريده للإنسان؟ يريد إيذاء الإنسان، فكلّ ما يُفكِّر فيه هو إيذاء الإنسان. أليس ذلك صحيحًا؟ عندما يُفكِّر في إيذاء الإنسان، هل يفعل ذلك في حالةٍ ذهنيّة مُلحّة؟ (نعم). ولذلك عندما يتعلّق الأمر بعمل الشيطان على الإنسان، لديَّ كلمتان يمكنهما وصف طبيعة الشيطان الخبيثة الشرّيرة بوضوحٍ، ويمكنهما السماح لكم حقًّا بمعرفة بُغض الشيطان: ففي طريقة اقتراب الشيطان من الإنسان يريد دائمًا أن يحتلّه ويتملّكه بالقوّة، كلّ إنسانٍ، حتّى يتمكّن من الوصول إلى الهدف وهو السيطرة التامّة على الإنسان وإيذائه كي يُحقِّق هذا الهدف والطموح الجامح. ماذا يعني "الاحتلال بالقوّة"؟ هل يحدث بموافقتك أم بدون موافقتك؟ هل يحدث بعلمك أم بدون علمك؟ إنه بدون علمك تمامًا! في المواقف التي لا تكون فيها واعيًا، ربّما عندما لا يكون قد قال أيّ شيءٍ أو ربّما عندما لا يكون قد فعل أيّ شيءٍ، عندما لا توجد فرضيّةٌ ولا يوجد سياقٌ فإنه يكون حولك محيطًا بك. يبحث عن فرصةٍ لاستغلالها، ثم يحتلّك بالقوّة ويتملّكك مُحقِّقًا هدفه المُتمثِّل في التحكّم الكامل فيك وإيذائك. وهذه هي النيّة والسلوك الأكثر شيوعًا في حرب الشيطان ضدّ الله من أجل الإنسان. كيف تشعرون عندما تسمعون هذا؟ (نشعر بالرعب والخوف في قلوبنا). هل تشعرون بالاشمئزاز؟ (نعم). عندما تشعرون بالاشمئزاز، هل تعتقدون أن الشيطان وقحٌ؟ (نعم). عندما تعتقدون أن الشيطان وقحٌ، هل تشعرون حينها بالاشمئزاز من هؤلاء الأشخاص حولكم الذين يريدون دائمًا التحكّم فيكم، أولئك الذين لديهم طموحاتٌ جامحة للحصول على المكانة والمصالح؟ (نعم). ما الطرق التي يستخدمها الشيطان إذًا لامتلاك الإنسان واحتلاله بالقوّة؟ هل هذا واضحٌ لكم؟ عندما تسمع هاتين العبارتين "الاحتلال بالقوّة" و"الامتلاك"، يكون لديك شعورٌ غريب وتشعر بالاشمئزاز، أليس كذلك؟ هل تتذوّق نكهة شرّهم؟ إنه يتملّكك بدون موافقتك أو معرفتك ويحتلّك ويُفسِدك. ما الذي يمكنك تذوّقه في قلبك؟ الكراهية؟ (نعم). الاشمئزاز؟ (نعم). عندما تشعر بهذه الكراهية والاشمئزاز من هذه الطريقة التي يستخدمها الشيطان، ما الشعور الذي تملكه تجاه الله؟ (الشكر). الشكر لله على خلاصك. هل لديك الآن في هذه اللحظة إذًا الرغبة أو الإرادة للسماح لله بأن يتولّى مسؤوليّة كلّ ما في حياتك ويملكك بجملتك؟ (نعم). في أيّ سياقٍ؟ هل تقول نعم لأنك خائفٌ من أن يحتلّك الشيطان بالقوّة ويتملّكك؟ (نعم). لا يمكن أن يكون لديك هذا النوع من العقليّة، فهذا ليس صحيحًا. لا تخف، فالله هنا. لا يوجد شيءٌ يمكن أن تخاف منه، أليس كذلك؟ بمُجرّد أن تفهم الجوهر الشرّير للشيطان، يجب أن يكون لديك فهمٌ أدقّ أو اعتزازٌ أعمق لمحبّة الله ومقاصد الله الصالحة وشفقة الله وتسامحه مع الإنسان وشخصيّته البارّة. الشيطان بغيضٌ جدًّا، ولكن إذا كان هذا لا يزال لا يُلهِم محبّتك لله واتّكالك على الله وثقتك بالله، فأيّ نوعٍ من الأشخاص أنت؟ هل أنت على استعدادٍ للسماح للشيطان بإيذائك هكذا؟ بعد رؤية شرّ الشيطان وبشاعته، فإننا نصحّح الوضع وننظر إلى الله. هل مرّت معرفتك بالله الآن بأيّ تغييرٍ؟ (نعم). ما نوع التغيير؟ هل نستطيع أن نقول إن الله قدّوسٌ؟ هل نستطيع أن نقول إن الله كاملٌ؟ "الله قداسةٌ فريدة" – هل يمكن أن يتحمّل الله هذا اللقب؟ (نعم). وهكذا فإنه في العالم وبين جميع الأشياء، هل الله وحده هو الذي يمكنه أن يتحمّل فهم الإنسان هذا؟ هل يوجد آخرين؟ (كلا). ما الذي يمنحه الله للإنسان بالضبط؟ هل يمنحك مُجرّد القليل من العناية والاهتمام والمراعاة عندما لا تكون مُهتمًّا؟ ماذا أعطى الله الإنسان؟ أعطى الله الإنسان الحياة، وأعطاه كلّ شيءٍ ويُقدّم للإنسان دون قيدٍ أو شرطٍ ودون أن يطلب من الإنسان أيّ شيءٍ، ودون أيّة نيّةٍ خفيّة. إنه يستخدم الحقّ، ويستخدم كلماته، ويستخدم حياته لقيادة الإنسان وتوجيهه ولإبعاد الإنسان عن أذى الشيطان، بعيدًا عن إغراءات الشيطان، وبعيدًا عن إغواء الشيطان ممّا يسمح للإنسان بأن يرى بوضوحٍ طبيعة الشيطان الشرّيرة ووجهه القبيح. هل محبّة الله واهتمامه بالبشر صادقين؟ هل هو شيءٌ يمكن لكلّ واحدٍ منكم اختباره؟ (نعم).

تأمّل حياتك حتّى الآن فيما يتعلق بجميع الأشياء التي عملها الله معك في كلّ سنوات إيمانك. سواء كنت تشعر بذلك شعورًا عميقًا أو لا، ألم يكن الأكثر ضرورة؟ ألم يكن أكثر ما كنت بحاجةٍ إلى الحصول عليه؟ (بلى). أليست هذه هي الحقيقة؟ أليست هذه هي الحياة؟ (بلى). هل سبق وأنارك الله حتى تُرجع أيّ شيءٍ مرّةً أخرى أو تردّ أيّ شيءٍ بعد أن أعطاك هذه الأشياء؟ (كلا). ما هدف الله إذًا؟ لماذا يفعل الله هذا؟ هل لدى الله أيضًا هدفٌ لاحتلالك؟ (كلا). هل يريد الله أن يسكن بعرشه في قلب الإنسان؟ (نعم). ما الفرق إذًا بين سُكنى الله بعرشه واحتلال الشيطان بالقوّة؟ يريد الله أن يكسب قلب الإنسان، يريد أن يشغل قلب الإنسان، فماذا يعني هذا؟ هل هذا يعني أن الله يريد من الإنسان أن يصبح دميته وماكينته؟ (كلا). ما هدف الله إذًا؟ هل يوجد فرقٌ بين الله الذي يرغب في أن يشغل قلب الإنسان واحتلال الشيطان الإنسان وامتلاكه بالقوّة؟ (نعم). ما الفرق؟ هل يمكن أن تُخبِرني بوضوحٍ؟ (الشيطان يفعل ذلك بالقوّة بينما يتيح الله للإنسان التطوّع). الشيطان يفعل ذلك بالقوّة بينما يسمح لك الله بالتطوّع. هل هذا هو الفرق؟ ماذا يريد الله من قلبك؟ وإلى جانب ذلك، لماذا يريد الله أن يشغلك؟ كيف تفهمون في قلوبكم "الله يشغل قلب الإنسان"؟ ينبغي أن نكون منصفين لله هنا، وإلّا فسوف يُسيء الناس الفهم دائمًا فيقول كلٌّ منهم: "الله يريد دائمًا أن يشغلني. لماذا يريد أن يشغلني؟ لا أريد أن يشغلني أحدٌ، أريد فقط أن أكون كما أنا. أنت تقول إن الشيطان يحتلّ الناس، لكن الله يشغل الناس أيضًا: أليس الأمران الشيء نفسه؟ لا أريد السماح لأيّ شخصٍ بأن يشغلني. فأنا أنا!" ما الفرق هنا؟ فكِّر في الأمر قليلاً. إني أسألكم: هل عبارة "الله يشغل الإنسان" عبارةٌ فارغة؟ هل إشغال الله الإنسان يعني أنه يعيش في قلبك ويهيمن على كلّ كلمةٍ وكلّ حركةٍ؟ إذا طلب منك الجلوس، فهل لا تجرؤ على الوقوف؟ وإذا طلب منك الذهاب إلى الشرق، فهل لا تجرؤ على الذهاب إلى الغرب؟ هل هو إشغالٌ بمثل هذا المعنى؟ (كلا). ما هو إذًا؟ (إنه يعني أن يحيا الإنسان بحسب ما لدى الله ومَنْ هو الله). خلال هذه السنوات التي دبّر فيها الله الإنسان، وفي عمله على الإنسان حتّى الآن في هذه المرحلة الأخيرة، ما التأثير المنشود على الإنسان من كلّ الكلمات التي تحدّث بها؟ هل التأثير هو أن يحيا الإنسان بحسب ما لدى الله ومَنْ هو الله؟ بالنظر إلى المعنى الحرفيّ لعبارة "الله يشغل قلب الإنسان"، يبدو كما لو أن الله يأخذ قلب الإنسان ويشغله ويعيش فيه ولا يخرج مرّةً أخرى؛ أي يعيش داخله ويصبح سيّد قلب الإنسان ليهيمن عليه ويُدبِّر قلب الإنسان وقتما شاء، ولذلك ينبغي على الإنسان أن يذهب إلى أيّ مكانٍ يطلب منه الله أن يذهب إليه. عند هذا المستوى من المعنى، يبدو كما لو أن كلّ شخصٍ قد أصبح الله، وامتلك جوهر الله وامتلك شخصيّة الله. في هذه الحالة إذًا، هل يمكن للإنسان أيضًا أداء أفعال الله وأعماله؟ هل يمكن تفسير "الإشغال" بهذه الطريقة؟ (كلا). ما هو إذًا؟ إني أسألكم هذا: هل جميع الكلمات والحقّ الذي يُزوِّد به الله الإنسان هو إعلانٌ عن جوهر الله وما لديه ومَنْ هو؟ (نعم). هذا أمرٌ مُؤكّدٌ. ولكن هل جميع الكلمات التي يُزوِّد بها الله الإنسان مُخصّصةٌ لله نفسه كي يعمل بها ومُخصّصةٌ لله نفسه كي يمتلكها؟ فكّر في الأمر قليلاً. عندما يدين الله الإنسان، لأي سبب يفعل هذا؟ من أين جاءت هذه الكلمات؟ ما محتوى هذه الكلمات التي يتحدّث بها الله عندما يدين الإنسان؟ إلى ماذا تستند؟ هل تستند إلى شخصيّة الإنسان الفاسدة؟ (نعم). إذًا هل يستند التأثير الذي تُحقِّقه دينونة الله على الإنسان إلى جوهر الله؟ (نعم). إذًا هل إشغال الله الإنسان عبارةٌ فارغة؟ إنها بالتأكيد ليست كذلك. إذًا لماذا يقول الله هذه الكلمات؟ ما هدفه من قول هذه الكلمات؟ هل يريد استخدام هذه الكلمات لحياة الإنسان؟ (نعم). يريد الله استخدام هذا الحقّ كلّه الذي تكلّم به لحياة الإنسان. عندما يأخذ الإنسان هذا الحقّ كلّه وكلمة الله ويُحوِّلها إلى حياته، هل يمكن للإنسان إذًا أن يطيع الله؟ هل يمكن للإنسان إذًا أن يتّقي الله؟ هل يمكن للإنسان إذًا أن يحيد عن الشرّ؟ عندما يصل الإنسان إلى هذه النقطة، هل يمكنه إذًا أن يطيع سيادة الله وتدبيره؟ هل يكون الإنسان إذًا في وضعٍ يسمح له بالخضوع لسلطان الله؟ عندما يصل أشخاصٌ مثل أيُّوب أو مثل بطرس إلى نهاية طريقهم، عندما يمكن اعتبار أن حياتهم قد وصلت مرحلة النضوج، عندما يكون لديهم فهمٌ حقيقيّ لله – هل لا يزال بإمكان الشيطان أن يُضلِّلهم؟ هل لا يزال بإمكان الشيطان أن يحتلّهم؟ هل لا يزال بإمكان الشيطان أن يتملّكهم بالقوّة؟ (كلا). إذًا، أيّ نوعٍ من الأشخاص هذا؟ هل هذا شخصٌ ربحه الله بالكامل؟ (نعم). عند هذا المستوى من المعنى، كيف ترون مثل هذا الشخص الذي ربحه الله بالكامل؟ من ناحية الله، وفي هذه الظروف، يكون قد شغل بالفعل قلب هذا الشخص. ولكن كيف يشعر هذا الشخص؟ هل يشعر بأن كلمة الله وسلطان الله وطريق الله صارت حياةً في الإنسان ثم تشغل هذه الحياة كيان الإنسان بجملته وتجعل ما يحياه وكذلك جوهره كافيان لإرضاء الله؟ من ناحية الله، هل يشغل قلب الإنسان في هذه اللحظة؟ (نعم). كيف يمكنكم فهم هذا المستوى من المعنى الآن؟ هل روح الله هو من يشغلكم؟ (كلا). ما الذي يشغلكم بالضبط؟ (كلمة الله). إنها طريق الله وكلمة الله. إنها الحقّ التي أصبحت حياتك، وكلمة الله التي أصبحت حياتك. في هذا الوقت، يكون الإنسان لديه الحياة النابعة من الله، لكننا لا نستطيع أن نقول إن هذه الحياة هي حياة الله. وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نقول إن الحياة التي يستمدّها الإنسان من كلمة الله هي حياة الله. ولذلك بغضّ النظر عن مدّة اتّباع الإنسان الله، وبغضّ النظر عن عدد الكلمات التي يحصل عليها الإنسان من الله، لا يمكن للإنسان أبدًا أن يصبح الله. أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). حتّى إذا قال الله يومًا: "لقد شغلت قلبك، وأنت الآن تمتلك حياتي"، فهل ستشعر حينها أنك الله؟ (كلا). ماذا ستصبح حينها؟ ألن تكون لديك طاعةٌ مطلقة لله؟ ألن يفيض جسمك وقلبك بالحياة التي وهبها لك الله؟ هذا مظهرٌ طبيعيّ جدًّا عندما يشغل الله قلب الإنسان. هذه هي الحقيقة. إذا نظرنا إليها من هذا الجانب، فهل يمكن للإنسان أن يصبح الله؟ (كلا). عندما يكون الإنسان قد حصل على كلمة الله بكاملها، وعندما يستطيع الإنسان أن يتّقي الله ويحيد عن الشرّ، هل يمكن للإنسان حينها أن يمتلك هويّة الله؟ (كلا). هل يمكن للإنسان إذًا أن يمتلك جوهر الله؟ (كلا). بغضّ النظر عمّا يحدث، لا يزال الإنسان هو الإنسان عندما يكون كلّ شيءٍ قد قيل واكتمل. أنت مخلوقٌ؛ وعندما تتلقّى كلمة الله من الله وتتلقّى طريق الله، فأنت لا تملك سوى الحياة التي تنبع من كلمة الله، ولا يمكنك أبدًا أن تصبح الله.

بالعودة إلى موضوعنا الآن، سألتكم سؤالاً: هل إبراهيم قُدّوسٌ؟ (كلا). إنه ليس كذلك، وأنتم تفهمون هذا الآن، أليس كذلك؟ هل أيُّوب قُدّوسٌ؟ (كلا). فضمن هذه القداسة يكمن جوهر الله. الإنسان ليس لديه جوهر الله أو شخصيّة الله. حتّى عندما يختبر الإنسان كلام الله كلّه ويمتلك جوهر كلمة الله، لا يمكن أبدًا أن يُدعَى الإنسان قُدّوسًا؛ فالإنسان إنسانٌ. أنتم تفهمون هذا، أليس كذلك؟ كيف تفهمون إذًا عبارة "الله يشغل قلب الإنسان" هذه الآن؟ (كلمات الله وطريق الله وحقّه أصبحت حياة الإنسان). لقد حفظتَم هذه الكلمات. آمل أن يكون لديكم فهمٌ أعمق. قد يسأل بعض الناس: "لماذا القول بأن رسل الله وملائكته ليسوا قُدّوسين؟" ما رأيكم في هذا السؤال؟ ربّما لم تُفكِّروا فيه من قبل. سوف أستخدم مثالاً بسيطًا: عندما تُشغِّل إنسانًا آليًا، فمن الممكن أن يرقص ويتحدّث، ويمكنك أن تفهم ما يقوله، ولكن هل يمكنك أن تدعوه جميلاً؟ هل يمكنك أن تدعوه نشيطًا؟ يمكنك أن تقول ذلك، ولكن لن يفهم الإنسان الآلي ما تقوله لأنه يفتقر إلى الحياة. عندما تُوقِف تشغيله، هل يمكنه الاستمرار في التحرّك؟ عند تنشيط هذا الإنسان الآلي، يمكنك أن ترى أنه نشيطٌ وجميل. تُجري تقييمًا له، سواء كان ذلك تقييمًا جوهريًّا أو تقييمًا سطحيًّا، ولكن مهما كانت الحالة يمكن أن تراه عيناك يتحرّك. ولكن عندما تُوقِف تشغيله، فهل ترى فيه أيّ نوعٍ من الشخصيّة؟ هل ترى أنه يملك أيّ نوعٍ من الجوهر؟ هل تفهم معنى ما أقوله؟ (نعم). هذا يعني أنه مع أن هذا الإنسان الآلي يمكنه أن يتحرّك ويمكنه أن يتوقّف، فلا يمكنك أبدًا أن تصفه على أساس أنه يحمل أيّ نوعٍ من الجوهر. أليست هذه حقيقةٌ؟ لن نستفيض أكثر عن هذا. يكفي أن يكون لديكم فهمٌ عامّ للمعنى. دعونا ننهي شركتنا هنا. وداعًا!

17 ديسمبر/كانون الأول 2013

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.